أحكام القرآن للكيا الهراسي

إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77)

(بسم الله الرّحمن الرّحيم)

سورة الواقعة
قوله تعالى: (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ، فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ، لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) ، الآية/ 77- 79.
يدل على منع مس المصحف من غير وضوء «1» .
__________
(1) لأن هذه الآية الكريمة نص صريح في الموضوع، لا تحتاج الى تأويل. وعليه فمن تهاون في ذلك فهو يعد بحق مخالف لكتاب الله تعالى.

(4/399)


وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10)

(بسم الله الرّحمن الرّحيم)

سورة الحديد
قوله تعالى: (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ) ، الآية/ 10.
عنى به فتح الحديبية، ودل به على أن فضيلة العمل على قدر رجوع منفعته إلى الإسلام والمسلمين، أو لكثرة المحنة به لقلة المسلمين وكثرة الكفار، وهو مثل قوله تعالى: (الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ) «1» .
__________
(1) سورة التوبة آية 117.

(4/401)


قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1)

(بسم الله الرّحمن الرّحيم)

سورة المجادلة
قوله تعالى: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها) ، الآية/ 1.
وهي مفتتحة بذكر الظهار، وكان طلاقا جاهليا، فجعله الشرع على حكم آخر.
وروى أصحاب الأخبار: جاءت خولة بنت ثعلبة إلى النبي وزوجها أوس بن الصامت فقالت:
إن زوجها جعلها عليه كظهر أمه، فقال النبي عليه الصلاة والسلام:
ما أراك إلا حرمت عليه، وهو حينئذ يغسل رأسه فقالت: أنظر جعلني الله فداك يا رسول الله، فقال: ما أراك إلا حرمت عليه، فكرر ذلك مرارا، فأنزل الله تعالى:
(قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها) «1» .
وقوله عليه الصلاة والسلام: «حرمت عليه» ، ظاهره يعني به تحريم الطلاق، وإلا فحكم الظهار بينه الله تعالى من بعد، وهذا يحتج به من يجوز
__________
(1) أخرجه الحافظ ابن كثير في تفسيره، والواحدي النيسابوري في أسباب النزول، والسيوطي في الدر المنثور ج 6.

(4/403)


الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2)

رفع الحكم بعد ثبوته في الشيء الواحد في الوقت الواحد، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال لها: «حرمت عليه» ، ثم حكم فيها بعينها بالظهار بعد حكمه بالطلاق، وذلك القول بعينه في شخص واحد بعينه، والنسخ عند من يخالف هؤلاء، يوجب الحكم في المستقبل بخلاف الأول في الماضي.
وغاية جواب المخالف، أن من الممكن أن الله تعالى وعد رسوله بذلك، فلم يحكم بالطلاق جزما، وإنما ذكره معلقا.
قوله تعالى: (وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ) ، الآية/ 2.
يدل على أن ذلك منكرا لأنه كذب.
قوله تعالى: (ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا) ، الآية/ 3.
اعتبر العود، وقد اختلف الناس فيه، وأبو حنيفة، يقول: هو استباحة الوطء، فعليه الكفارة قبل الاستباحة، ومعنى الاستباحة العزم على الوطء «1» .
والشافعي يقول: هو أن يمسكها بعد الظهار مدة يمكنه أن يطلقها فيه فلا تطلق.
ورأى الشافعي أن ذلك أشبه بالعود، لأنه إذا رآها، كالأم فلم يمسكها، فإن الأم لا تمسك بالنكاح، وأما العزم على الفعل، فهو عزم على محرم، فلا أثر له قبل مواقعة المحرم «2» .
__________
(1) أحكام القرآن للجصاص ج 5.
(2) راجع أحكام القرآن للقرطبي تفسير سورة المجادلة.

(4/404)


هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ (2)

(بسم الله الرّحمن الرّحيم)

سورة الحشر
قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ) ، الآية/ 2.
وعنى به جلاء بني النضير من اليهود، فمنهم من خرج إلى خيبر، ومنهم من خرج إلى الشام.
ومصالحة أهل الحرب على الجلاء من ديارهم من غير سبي لا تجوز الآن، وإنما جاز في أول الإسلام ثم نسخ، والآن فلا بد من قتالهم أو سبيهم أو ضرب الجزية عليهم «1» .
قوله تعالى: (ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها) ، الآية/ 5.
قال مجاهد: كل نخلة لينة.
وقيل: اللينة كرام النخيل.
وقيل: إنه نهى بعض المهاجرين عن القطع، وقال: إنما هي مغانم للمسلمين، فنزل القرآن بتصديق من نهى وتحليل من قطعها عن الإثم،
__________
(1) أنظر تفسير الطبري، والفخر، والدر المنثور للسيوطي، وأسباب النزول للواحدي.

(4/405)


وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6)

وهو يدل على أن كل مجتهد مصيب، وإن كان الاجتهاد يبعد في مثله مع وجود الرسول عليه الصلاة والسلام بين أظهرهم.
ولا شك أنّ النبي عليه الصلاة والسلام رأى ذلك فسكت، فيؤخذ الحكم من تقريره فقط، ويجوز لنا إحراق زرعهم إذا لم يمكنا نقله، والمواشي تذبح وتحرق على هذا الوجه «1» .
قوله تعالى: (وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ) ، الآية/ 6.
كانت لرسول الله عليه الصلاة والسلام خاصة، وكان ينفق على أهله نفقة سنة، وما بقي يجعله في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله، ولم يكن لأحد فيه حق إلا لمن جعله النبي عليه الصلاة والسلام.
ولما ذكر ما لم يوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب، ذكر ما أوجف عليه المسلمون «2» .
فقال تعالى: (ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ) ، الآية/ 7.
وذلك يمنع تنزيها للغانمين، ثم نسخ ذلك بقوله: (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ) «3» .
ولما فتح عمر العراق، سأل قوم من الصحابة قسمتها بينهم، فقال:
إن قسمتها بينهم بقي آخر الناس لا شيء لهم، واحتج عليهم بهذه الآية
__________
(1) أحكام القرآن للجصاص ج 5، وابن عربي ج 4.
(2) أنظر تفسير القرطبي سورة الحشر.
(3) سورة الأنفال آية 41

(4/406)


إلى قوله: (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ) «1» ، الآية/ 10، وشاور عليا في ذلك، فأشار عليه بترك القسمة، وأن يقر أهلها عليها، وأن يضع الخراج عليها، ففعل، فقال أصحاب أبي حنيفة: فالآية غير منسوخة إذا، فإنها غير مضمومة إلى آية الغنيمة في الأراضي المفتتحة، فإن رأى قسمتها أصلح وأعود على المسلمين فعل، ثم قال: وتقدير الآيتين: واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه في الأموال سوى الأرضين، وفي الأرضين إذا اختار الإمام ذلك.
والذي ذكروه بعيد جدا، فإن قوله: (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ) ، ليس لهم حقا في الغنيمة، وأن غير من شهد الوقعة يستحق، والعجب أن الذين هم في الحياة لا يستحقون إذا لم يشهدوا الوقعة، فكيف يستحق من جاء بعدهم، فدل أن معنى الآية ظاهرها وهو قوله: (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ) ، الآية/ 10، وهو ندب الآخرين إلى الثناء على الأولين، فدل أن الحق ما قاله الشافعي، إن ما كان غنموه من الأراضي وغيرها فخمسها لأهله وأربعة أخماسها للغانمين، فمن طابت نفسه عن حقه فللإمام أن يجعلها وقفا عليهم، ومن لم تطب نفسه فهو أحق بما له، وعمر رضي الله عنه استطاب نفوس الغانمين واشتراها منهم «2» .
قوله تعالى: (وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ
__________
(1) أنظر تفسير الطبري، وابن كثير، والدر المنثور للسيوطي.
(2) راجع تفسير القرطبي تفسير سورة الحشر. [.....]

(4/407)


خَصاصَةٌ) . الآية/ 9 «1» .
والخصاصة الحاجة، فأثنى الله تعالى عليهم بإيثارهم المهاجرين على أنفسهم فيما ينفقون عليهم، وإن كانوا هم محتاجين إليه، ووردت أخبار صحيحة في النهي عن التصدق بجميع ما يملكه الإنسان، ولكن إنما كره ذلك في حق من لا يوثق منه بالصبر على الفقر، وخاف أن يتعرض للمسألة إذا فقد ما ينفقه، ألا ترى أنه قال: يأتيني أحدكم بجميع ما يملكه فيتصدق به ثم يقعد يتكفف وجوه الناس، فإنما كره الإيثار لمن كانت هذه صفته، فأما الأنصار الذين أثنى الله عليهم فلم يكونوا على هذه الصفة، بل كانوا كما قال تعالى: (وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ) «2» .
فكان الإيثار منهم أفضل من الإمساك، والإمساك لمن لا يصبر ويتعرض للمسألة أولى من الإيثار.
__________
(1) والمؤلف لم يراع هنا ترتيب الآيات كما جاء في السورة، وتركنا ذلك على ما هو عليه للأمانة واكتفينا بهذا التنبيه.
(2) سورة البقرة آية 177.

(4/408)


يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1)

(بسم الله الرّحمن الرّحيم)

سورة الممتحنة
قوله تعالى: (لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ) ، الآية/ 1.
فيه دلالة على أن خوف الجائحة على المال والولد لا يبيح التقية في دين الله تعالى، وأن العذر الذي أبرزه حاطب بن أبي بلتعه لا أثر له «1» .
ويحتمل أن يقال إن ذلك لم يكن إكراما، وإنما كان توددا إليهم، لما كان يأمل من نفع من جهتهم.
قوله تعالى: (لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ) ، الآية/ 8.
فيه دليل على جواز التصدق على أهل الذمة دون أهل الحرب، ووجوب النفقة للأب الكافر الذمي، وأما الحربي فيجب قتله.
قوله تعالى: (إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ) ، الآية/ 10.
كان الشرط في صلح الحديبية أن يرد على المشركين من هاجر إلى المدينة، ممن كان مسلما «2» ، ونزلت سورة الممتحنة عن الصلح فكان من
__________
(1) أنظر تفسير ابن جرير الطبري ج 28 طبعة الحلبي.
(2) أي من أسلم من أهل مكة بعد الصلح وهاجر الى المدينة.

(4/409)


يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12)

أسلم من نسائهن تسأل: ما أخرجك؟ فإن كانت خرجت هربا من زوجها ردت عليه، وإن كانت خرجت رغبة في الإسلام أمسكت وردت على زوجها ما أنفق عليها.
وقوله تعالى: (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ) ، الآية/ 10، أو بظاهر قولها.
وفيه دليل على ارتفاع النكاح، فإنه تعالى منع ردها إلى زوجها، وأوجب عليها رد ما أنفق عليها.
وفيه تنبيه على أن المنع من الرد لمكان الإسلام، فإنه تعالى قال:
(فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ) ، فلم يجعل الفرقة لاختلاف الدارين على ما قاله أبو حنيفة، وإنما جعل للإسلام.
قوله تعالى: (وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ) ، الآية/ 12.
قال ابن عباس: لا يلحقن بأزواجهن غير أولادهم.
قوله تعالى: (وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ) ، الآية/ 12.
هو عموم في جميع طاعات الله تعالى، وقد علم الله تعالى أن النبي عليه الصلاة والسلام لا يأمر إلا بمعروف، إلا أنه شرط في النهي عن عصيانه إذا أمرهن بالمعروف، لئلا يترخص أحد في طاعة السلاطين إذا لم تكن طاعة لله تعالى، إذ شرط في طاعة خير العالمين أن يأمر بالمعروف، وهو معنى قوله عليه الصلاة والسلام: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

(4/410)


وكذلك لا يجب طاعة أئمة العلم فيما يتعلق بالأغراض المتأولة، ولا يسوغ لمسلم اتباعهم.
وقال عليه الصلاة والسلام: «من اتبع مخلوقا في معصية الخالق سلط الله عليه ذلك المخلوق» . وفي لفظ آخر: «عاد حامده من الناس ذاما» «1» .
__________
(1) أخرجه الامام أحمد في مسنده والطبراني في معجمه الكبير.

(4/411)