أسباب النزول ت الحميدان

سُورَةُ الْكَهْفِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(1) - قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ} الْآيَةَ {28} .
حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ إِمْلَاءً فِي "دَارِ السُّنَّةِ" يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي شُهُورِ سَنَةِ عَشْرٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدَوَيْهِ الْحِيرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبُوشَنْجِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مِسْرَحٍ الْحَرَّانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ الْحَرَّانِيُّ، عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيِّ، عَنْ عَمِّهِ ابْنِ مَشْجَعَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ الْجُهَنِيِّ، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، قَالَ: جَاءَ الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ وَالْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ وَذَوُوهُمْ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ لَوْ جَلَسْتَ فِي صَدْرِ الْمَجْلِسِ وَنَحَّيْتَ عَنَّا هَؤُلَاءِ وَأَرْوَاحَ جِبَابِهِمْ - يَعْنُونَ سَلْمَانَ وَأَبَا ذَرٍّ وَفُقَرَاءَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَتْ عَلَيْهِمْ جِبَابُ الصُّوفِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ غَيْرُهَا - جَلَسْنَا إِلَيْكَ وَحَادَثْنَاكَ وَأَخَذْنَا عَنْكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} حَتَّى بَلَغَ {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا} يَتَهَدَّدُهُمْ بِالنَّارِ، فَقَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَلْتَمِسُهُمْ حَتَّى إِذَا أَصَابَهُمْ فِي مُؤَخَّرِ
_________
(1) 1 - أخرجه ابن جرير (15/156) وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي في "الشعب" وأبو الشيخ (فتح القدير: 3/283) من طريق سليمان بن عطاء عن مسلمة به وإسناده ضعيف بسبب سليمان بن عطاء الحراني - أو الجزري - (تقريب التهذيب: 1/328 - رقم: 473) .

(1/297)


الْمَسْجِدِ يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُمِتْنِي حَتَّى أَمَرَنِي أَنْ أَصْبِرَ نَفْسِي مَعَ رِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي، مَعَكُمُ الْمَحْيَا وَمَعَكُمُ الْمَمَاتُ".
(1) - قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا} الْآيَةَ {28} .
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَارِثِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الشَّيْخِ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الرَّازِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا} قَالَ: نَزَلَتْ فِي أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ الْجُمَحِيِّ، وَذَلِكَ أَنَّهُ دَعَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى أَمْرٍ كَرِهَهُ مِنْ طَرْدِ الْفُقَرَاءِ عَنْهُ وَتَقْرِيبِ صَنَادِيدِ أَهْلِ مَكَّةَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا} يَعْنِي مَنْ خَتَمْنَا عَلَى قَلْبِهِ عَنِ التَّوْحِيدِ {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} يَعْنِي الشِّرْكَ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ} الْآيَةَ {83} .
قَالَ قَتَادَةُ: إِنَّ الْيَهُودَ سَأَلُوا نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَاتِ.
(2) - قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي} {109} .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَتِ الْيَهُودُ لَمَّا قَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا" كَيْفَ وقد أوتينا التوارة، ومن أوتي التوارة فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا فَنَزَلَتْ: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي} الْآيَةَ.
_________
(1) - إسناده ضعيف جدًّا بسبب جويبر (تقريب التهذيب: 1/136 - رقم: 131) والانقطاع بين الضحاك وابن عباس.
(2) - أخرجه الإمام أحمد (الفتح الرباني: 18/196 - ح: 332) والترمذي (5/304 - ح: 3140) والحاكم (لباب النقول: 144) وابن أبي حاتم (فتح الباري: 13/445) عن ابن عباس رضي الله عنهما به.
قال الحافظ ابن حجر: رجاله رجال مسلم (فتح الباري: 8/401) . تنبيه: هذا الحديث تكملة لحديث ابن عباس السابق في السؤال عن الروح. (الإسراء: 85) .

(1/298)


(1) - قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ} الْآيَةَ {110} .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ فِي جُنْدُبِ بْنِ زُهَيْرٍ الْعَامِرِيِّ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي أَعْمَلُ الْعَمَلَ لِلَّهِ فَإِذَا اطُّلِعَ عَلَيْهِ سَرَّنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَلَا يَقْبَلُ مَا شُورِكَ فِيهِ"، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
(2) - وَقَالَ طَاوُسٌ: قَالَ رَجُلٌ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي أُحِبُّ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُحِبُّ أَنْ يُرَى مَكَانِي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إِنِّي أَتَصَدَّقُ وَأَصِلُ الرَّحِمَ وَلَا أَصْنَعُ ذَلِكَ إِلَّا لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَيُذْكَرُ ذَلِكَ مِنِّي وَأُحْمَدُ عَلَيْهِ، فَيَسُرُّنِي ذَلِكَ، وَأُعْجَبُ بِهِ، فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} .
_________
(1) - أخرجه ابن مندة، وأبو نعيم في "الصحابة" وابن عساكر (فتح القدير: 3/318) من طريق السدّي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان جندب بن زهير إذا صلى أو صام أو تصدّق فذكر بخير ارتاح له، فزاد في ذلك لقالة الناس، فلا يريد به الله، فنزلت الآية.
وهذا إسناد مظلم كلهم كذابون، فالحديث باطل.
(2) - أسنده الحاكم (المستدرك: 2/111) من طريق عبد الكريم الجزري عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما به، وإسناده صحيح.

(1/299)


سُورَةُ مَرْيَمَ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(1) - قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ - {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ} {64} .
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمُّوَيْهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ الشَّامِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الرُّسْعَنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "يَا جِبْرِيلُ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَزُورَنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورُنَا؟ " قَالَ فَنَزَلَتْ: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ} الْآيَةَ كُلَّهَا: قَالَ: كَانَ هَذَا الْجَوَابَ لِمُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ.
(2) - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: أَبْطَأَ الْمَلَكُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ: "لَعَلِّي
_________
(1) - أخرجه البخاري (فتح الباري: 8/428 - ح: 4731) والترمذي (5/316 - ح: 3158) والإمام أحمد (الفتح الرباني: 18/208 - ح: 346) وابن جرير (16/78) والطبراني (المعجم الكبير: 12/33: 12385) والنسائي وابن أبي حاتم وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه والحاكم (حاشية جامع الأصول: 2/238) والبيهقي (دلائل النبوة: 7/60) كلهم من طريق عمر بن ذر عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما به.
(2) - أخرجه سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم (فتح القدير: 3/345) عنه مرسلاً، ويشهد له:
* ما أخرجه الإمام أحمد (الفتح الرباني: 17/321 - ح: 41) والطبراني (المعجم الكبير: 11/432 - ح: 12224) من طريق أبي كعب مولى ابن عباس عن ابن عباس به, دون ذكر الآية. وأبو كعب مجهول (تعجيل المنفعة: 338 - رقم: 1384) فالإسناد ضعيف.

(1/300)


أَبْطَأْتُ؟ قَالَ: "قَدْ فَعَلْتَ"، قَالَ: "وَلِمَ لَا أَفْعَلُ وَأَنْتُمْ لَا تَتَسَوَّكُونَ وَلَا تَقُصُّونَ أَظَافِرَكُمْ وَلَا تُنَقُّونَ بَرَاجِمَكُمْ"! قَالَ: وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ، قَالَ مُجَاهِدٌ: فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ، وَالضَّحَّاكُ، وَقَتَادَةُ، وَمُقَاتِلٌ، وَالْكَلْبِيُّ: احْتَبَسَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ سَأَلَهُ قَوْمُهُ عَنْ قِصَّةِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ، وَذِي الْقَرْنَيْنِ، وَالرُّوحِ فَلَمْ يَدْرِ مَا يُجِيبُهُمْ وَرَجَا أَنْ يَأْتِيَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِجَوَابِ مَا سَأَلُوهُ فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ فَشَقَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ
- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَشَقَّةً شَدِيدَةً فَلَمَّا نَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ لَهُ: "أَبْطَأْتَ عَلَيَّ حَتَّى سَاءَ ظَنِّي وَاشْتَقْتُ إِلَيْكَ، فَقَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "إِنِّي كُنْتُ إِلَيْكَ أَشْوَقَ وَلَكِنِّي عَبْدٌ مَأْمُورٌ إِذَا بُعِثْتُ نَزَلْتُ وَإِذَا حُبِسْتُ احْتَبَسْتُ"، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ}
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا} الْآيَاتِ {66} .
قَالَ الْكَلْبِيُّ: نَزَلَتْ فِي أُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ حِينَ أَخَذَ عِظَامًا بَالِيَةً يَفُتُّهَا بِيَدِهِ وَيَقُولُ: زَعَمَ لَكُمْ مُحَمَّدٌ أَنَّا نُبْعَثُ بَعْدَمَا نَمُوتُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا} الْآيَةَ {77} .
(1) - أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعَالِبِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَكِّيُّ بْنُ عَبْدَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ قَالَ: كَانَ لِي دَيْنٌ عَلَى الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ، قُلْتُ: لَا وَاللَّهِ لَا أَكْفُرُ بِمُحَمَّدٍ حَتَّى تَمُوتَ ثُمَّ تُبْعَثَ، قَالَ: إِنِّي إِذَا مِتُّ ثم بعثت، جئني وَسَيَكُونُ لِي ثَمَّ مَالٌ وَوَلَدٌ فَأُعْطِيكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
_________
(1) - إسناده صحيح, ويشهد له الحديث الآتي.

(1/301)


(1) - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّاهِدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ خَبَّابٍ قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا قَيْنًا وَكَانَ لِي عَلَى
الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ دَيْنٌ، فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ فَقَالَ لِي: لَا أَقْضِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ، فقلت: لا أكفرحتى تَمُوتَ وَتُبْعَثَ، فَقَالَ: وَإِنِّي لَمَبْعُوثٌ بَعْدَ الْمَوْتِ؟ فَسَوْفَ أَقْضِيكَ إِذَا رَجَعْتُ إِلَى مَالِي، قَالَ: فَنَزَلَتْ فِيهِ: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا} رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ. وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنِ الْأَشَجِّ عَنْ وَكِيعٍ كِلَاهُمَا عَنِ الْأَعْمَشِ.
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ وَمُقَاتِلٌ: كَانَ خَبَّابُ بْنُ الْأَرَتِّ قَيْنًا، وَكَانَ يَعْمَلُ لِلْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ، وَكَانَ الْعَاصُ يُؤَخِّرُ حَقَّهُ فَأَتَاهُ يَتَقَاضَاهُ، فَقَالَ الْعَاصُ: مَا عِنْدِي الْيَوْمَ مَا أَقْضِيكَ، فَقَالَ خَبَّابٌ: لَسْتُ بِمُفَارِقِكَ حَتَّى تَقْضِيَنِي، فَقَالَ الْعَاصُ: يا خباب، مالك؟ مَا كُنْتَ هَكَذَا، وَإِنْ كُنْتَ لَتُحْسِنُ الطَّلَبَ!، فَقَالَ خَبَّابٌ: ذَاكَ أَنِّي كُنْتُ عَلَى دِينِكَ، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَأَنَا عَلَى الْإِسْلَامِ مُفَارِقٌ لدينك، قال: أو لستم تَزْعُمُونَ أَنَّ فِي الْجَنَّةِ ذَهَبًا وَفِضَّةً وَحَرِيرًا؟ قَالَ خَبَّابٌ: بَلَى، قَالَ: فَأَخِّرْنِي حَتَّى أَقْضِيَكَ فِي الْجَنَّةِ - اسْتِهْزَاءً - فَوَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا إِنِّي لَأَفْضَلُ فِيهَا نَصِيبًا مِنْكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا} يَعْنِي الْعَاصَ، الْآيَاتِ.
_________
(1) - أخرجه البخاري (فتح الباري: 8/429 - ح: 4732) ومسلم (4/2153 - ح: 2795) والإمام أحمد (الفتح الرباني: 18/210 - ح: 350) والترمذي (5/318 - ح: 3162) والنسائي (الفتح الرباني: 18/211) وعبد الرزاق (تفسير ابن كثير: 3/135) وابن جرير (16/91, 92) وابن مردويه (فتح الباري: 8/429) والطبراني (المعجم الكبير: 4/76 - ح: 4651) كلهم من طريق الأعمش به.

(1/302)


سُورَةُ طه
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ - {طه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} {1، 2} .
قَالَ مُقَاتِلٌ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ، وَالنَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "إِنَّكَ لَشَقِيٌّ بِتَرْكِ دِينِنَا. وَذَلِكَ لِمَا رَأَيَاهُ مِنْ طُولِ عِبَادَتِهِ وَشِدَّةِ اجْتِهَادِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
(1) - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَارِثِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الشَّيْخِ الْحَافِظُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَسْكَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ فَصَلَّوْا، فَقَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا لِيَشْقَى بِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {طه} يَقُولُ: يَا رَجُلُ {مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى}
(2) - قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ - {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ} الآية {131} .
أخبرنا أحمد بن
_________
(1) - إسناده ضعيف جدًّا, من أجل حال جويبر, ويشهد له:
* ما أخرجه ابن جرير (16/102) وابن مردويه (لباب النقول: 146) من طريق العوفي عن ابن عباس نحوه, وإسناه ضعيف.
(2) - أخرجه ابن جرير (16/169) والطبراني (المعجم الكبير: 1/312 - ح: 989) وابن أبي شيبة وابن راهويه والبزار وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والخرائطي وأبو نعيم (فتح القدير: 3/395) من طريق موسى بن عبيدة عن يزيد به.
وضعفه الهيثمي (مجمع الزوائد: 4/126) وهو كما قال بسبب موسى بن عبيدة (تقريب التهذيب: 2/286 - رقم: 1483) هذا من جهة الإسناد, ومن جهة المتن ضعَّفه ابن عطية بأن الآيه مكّية والحادثة مدنية في آخر عمر الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الجامع لأحكام القرآن: 11/262) .

(1/303)


مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الثَّعْلَبِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَكِّيُّ بْنُ عَبْدَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَزْهَرِ قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ ضَيْفًا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَعَانِي فَأَرْسَلَنِي إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ يَبِيعُ طَعَامًا، يَقُولُ لَكَ
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّهُ نَزَلَ بِنَا ضيف ولم يلق عِنْدَنَا بعض الذي نصلحه، فَبِعْنِي كَذَا وَكَذَا مِنَ الدَّقِيقِ أَوْ أَسْلِفْنِي إِلَى هِلَالِ رَجَبٍ، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: لَا أَبِيعُهُ وَلَا أُسْلِفُهُ إِلَّا بِرَهْنٍ، قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَأَخْبَرْتُهُ، قَالَ: "وَاللَّهِ إِنِّي لَأَمِينٌ فِي السَّمَاءِ أمين في الأض، وَلَوْ أَسْلَفَنِي أَوْ بَاعَنِي لَأَدَّيْتُ إِلَيْهِ، اذْهَبْ بِدِرْعِي"، وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ تَعْزِيَةً لَهُ عَنِ الدُّنْيَا {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ} الْآيَةَ.

(1/304)