إعراب القرآن للباقولي منسوب خطأ للزجاج

الباب الثاني والعشرون
هذا باب ما جاء في التنزيل من «هو» و «أنت» فصلا، ويسميه الكوفيون ب «العماد» وذلك يجئ بين المبتدأ والخبر، وبين اسم كان وخبره، وبين اسم، «إن» وخبره، وبين مفعولي «ظننت» وبابه، وهو كثير في التنزيل.
فمن ذلك قوله تعالى: (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) «1» ، ف «أولئك» مبتدأ و «المفلحون» خبر، و «هم» فصل. والكوفيون يقولون: عماد.
ويجوز أن يكون «هم» ابتداء ثانيا، و «المفلحون» خبر، والجملة خبر «أولئك» .
ومن ذلك: قوله تعالى: (إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) «2» ، فالكاف نصب اسم «إن» و «أنت» مبتدأ. وما بعده خبر. والجملة خبر «إن» .
ويجوز أن يكون «أنت» فصلاً في الكلام، والخبر «العليم» .
ويجوز أن يكون «أنت» نصباً صفة للكاف «3» ، وإن كان ضميرا مرفوعا.
__________
(1) البقرة: 5.
(2) البقرة: 32. [.....]
(3) بهامش الأصل بقلم دقيق مغاير ما نصه: «فيه ما فيه فإن الضمير يوصف ولا يوصف به، فهلا كان تريد من الصفة المعنوية، إن كان غيرها فلا بد من بيان» .

(2/539)


قال «1» سيبويه:
لو قلت: مررت بأنت، أو بإياك؟ لم يجز، لأن هذه علامات المنصوب والمرفوع.
إن قال قائل: إذا جاز: مررت بك أنت. ورأيتك أنت، ونحوه وفي التنزيل: (إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) «2» ، فجاز أن يتبع هذه العلامات التي تختص بالرفع المجرور، كما فعل ذلك في قولك: مررت بك أنت، و: رأيتك أنت، ونحو ذلك.
فلم لا يجوز: مررت بأنت. ورأيت أنت؟ فالقول في ذلك: أنه يجوز في التابع ما لا يجوز في المتبوع، نحو: يا زيد والحارث. و: رب رجل وأخيه.
و: مررت بهم أجمعين. و: يا زيد الطويل، والطويل. وقوله:
فعلفتها تبناً وماءً بارداً «3»
ومن ثم كان الصفة عند أبي الحسن معمول التبعية، وهذا كثير جداً.
ومثله قوله تعالى: (إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) «4» . و (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ) «5» .
و (لا إِلهَ إِلَّا أَنَا) «6» . في «أنا» الأوجه الثلاثة، وكذلك: (إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ) «7» ، ويجوز فيه الصفة، والفصل دون الابتداء، لانتصاب قوله: «أقلّ» .
__________
(1) الكتاب (1: 377)
(2) البقرة: 128.
(3) صدر بيت، عجزه:
حتى شتت همالة عيناها
(البحر المحيط 5: 179) .
(4) البقرة: 37.
(6- 5) طه: 14.
(7) الكهف: 39.

(2/540)


وقال الله تعالى: (إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ) «1» . «هو» على الفصل والوصف.
وقال: (كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ) «2» .
وقال: (وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ) «3» . ف «الذي أنزل» بصلته. المفعول الأول، و «الحق» هو المفعول الثاني، و «هو» فصل لا غير، كقوله: (هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ) «4» .
وقال: (وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ) «5» ف «هم» فصل.
وقال: (وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً) «6» ف «هو» فصل، أو وصف للهاء في «تجدوه» .
وقال الله تعالى: (إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) «7» ، وقال: (إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ) «8» فأدخل اللام على الفصل.
وكذلك قوله: (وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ) «9» فيمن جعل اللام لام الابتداء في قوله: «لهم المنصورون» وارتفع «هم» بالابتداء.
وقوله: «كأنهم» مع اسمه وخبره خبر «هم» ، وكأن الوقف على قوله:
«ولا تستعجل» . ومن جعل اللام جارة من صلة «تستعجل» ، وقف [على] «10» «من نهار» .
__________
(1) الأنفال: 32.
(2) المائدة: 117.
(3) سبأ: 6.
(4) الأنفال: 32.
(5) الزخرف: 76.
(6) المزمل: 20.
(7) الصافات: 60. [.....]
(8) الصافات: 172.
(9) الأحقاف: 35.
(10) تكملة يقتضيها السياق.

(2/541)


والفصل يفارق حكمه حكم ما كان صفة للأول، ويفارق أيضاً حكم ما كان مبتدأ وخبراً في موضع خبر الأول.
فأما مفارقته للصفة، فإن الصفة إذا كانت ضميراً، لم يجز أن يوصف به غير المضمر.
تقول: قمت أنت، ورأيتك أنت، ومررت بك أنت ولا يكون صفة للظاهر، لا تقول: قام زيد هو، ولا: قام الزيدان هما.
وليس الفصل كذلك، لأنه يدخل بعد الظاهر، ومفارقة البدل له أنك إذا أردت البدل قلت: ظننتك أنت خيراً من زيد وظننته هو خيراً منه ومما يفصل بين الفصل والصفة والبدل: أن الفصل يدخل عليه اللام، ولا يدخل على الصفة والبدل، كما تقول في الفصل: إن كان كذلك لهو الظريف.
وفي التنزيل: (إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ) «1» ، «وإن كنا لنحن الصالحين» .
فنصب: «الظريف» ، و «الغالبين» ، و «الصالحين» .
وقال الله تعالى: (وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) «2» ، (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ) «3» .
__________
(1) الشعراء: 41.
(2) الحج: 58.
(3) الصافات: 165.

(2/542)


ولا يجوز أن تقول: إن كنا لنحن الصالحين، في الصفة والبدل، لأن اللام تفصل بين الصفة والموصوف، والبدل والمبدل منه.
وأما مفارقته لما كان مبتدأ وخبراً فإن الفصل لا يغير الإعراب عما كان قبل دخوله والمبتدأ يغير، تقول إذا أردت الفصل: كان زيداً هو خيراً منك.
/ وإذا جعلت «هو» مبتدأ قلت: كان زيدا هو خير منك. وليس للفصل موضع من الإعراب.
واعلم أنه لا يقع الفصل إلا بين معرفتين، أو بين معرفة وما قارب منها.
ولا يقع بين نكرتين، ولا بين معرفة ونكرة.
فقوله: (تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً) «1» «خيراً» مقارب للمعرفة لأن «خيراً» «أفعل» ، و «أفعل» يستعمل معها «من كذا» ظاهراً أو مضمراً، فيخصصه ويوضحه.
وأما قوله تعالى: (هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) «2» ، ف «هؤلاء» مبتدأ، و «بناتي» عطف بيان، و «هنّ» فصل، و «أطهر لكم» خبر، و «هؤلاء بناتي» معرفتان جميعا، و «أطهر لكم» منزلته منزلة المعرفة في باب الفصل لأنه من باب: زيد هو خير منك.
__________
(1) المزمل: 20.
(2) هود: 78.

(2/543)


وقرأ محمد بن مروان من أهل المدينة: «أطهر» بالنصب. وقد روي عن عيسى بن عمر بأسانيد جياد مختلفة أنه قرأها: «هن أطهر لكم» بالنصب.
فقال: احتبى في لحنه.
وقد روي عن سعيد بن جبير أنه قرأ: «هن أطهر لكم» بالنصب.
ومعنى قول أبي عمر «1» : «احتبى في لحنه» : كقولك: اشتمل بالخطأ، وتمكن في الخطأ ونحو هذا مما يوجب تثبيت الخطأ عليه، وإحاطته به.
قال أبو عثمان: وجه النصب في «أطهر لكم» : أن تجعل «هنّ» أحد جزءى الجملة، وتجعله خبر «بناتي» كقولك: زيد أخوك هو.
وتجعل «أطهر» حالاً من «هن» أو من «بناتي» والعامل فيه معنى الإشارة كقولك: هذا زيد هو قائماً، أو جالساً، أو نحو ذلك.
وإنما لحن من لحن لأنه لم ير قوله «هن» تمام الكلام، وإنما رأى قوله «هن» فصلاً، ورأى «أطهر» الخبر. فلم ير ذلك ... «2» تم به الكلام.
ومن طريف ما ذكرنا:
أن «3» سيبويه قال: وأما أهل المدينة فينزلون «هو» هاهنا منزلة قوله:
ما أظن أحداً هو خيراً منك، ويجعلونها فصلا في هذا الموضع.
__________
(1) كنية عيسى بن عمرو الثقفي المتقدم.
(2) بياض بالأصل.
(3) الكتاب (1: 397) .

(2/544)


وزعم يونس: أن أبا عمرو رواه لحناً وقال: احتبى ابن مروان في ذه «1» ، في اللحن.
وذلك أنه كان يقرأ: (هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) .
وكان الخليل يقول: والله [إنه ل] عظيم جعلهم «هو» فصلاً في المعرفة، وتصييرهم إياها بمنزلة «ما» إذا كانت «ما» لغواً لأن «هو» بمنزلة/ «أبوه» ، ولكنهم جعلوها في ذلك الموضع لغواً [كما جعلوا «ما» في بعض المواضع بمنزلة «ليس» ، وإنما قياسها أن تكون بمنزلة «كأنما» و «إنما» .
ومما يقوي ترك ذلك في النكرة: أنه لا يستقيم أن تقول: رجل خير منك، ولا أظن رجلاً خيراً منك، حتى تنفي وتجعله بمنزلة «أحد» فلما خالف المعرفة في الواجب الذي هو بمنزلة الابتداء، وفي الابتداء لم يجر في النكرة مجراه، لأنه قبيح في الابتداء، وفيما أجري مجراه من الواجب، فهذا مما يقوي ترك الفصل] «2» .
وهذه الآية ما وقع «هن» فيها بين نكرتين وليس بحجة لأهل المدينة ولكنه وقع في «الكتاب هاهنا موقعه في باب آخر، وقد بينا هذا.
وأما قوله تعالى: (وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً) «3» يرتفع «مولود» بالعطف على «والد» لإعادة العاطف مؤكدا.
__________
(1) الكتاب (1: 397) : «هذه» .
(2) التكملة من الكتاب.
(3) لقمان: 33. [.....]

(2/545)


ولأن كونه مبتدأ، ممتنع لتنكيره، فيستدعي التخصيص بالوصف، ولو كانت الجملة وصفاً، احتاج إلى الخبر، ولا خبر هنا، وهو تأكيد لما فى «مولود» أو مبتدأ، و «جاز» خبره، والجملة وصف له، ولا يكون «هو» فصلاً لأن ما هو بينهما نكرتان.
وأما قوله تعالى: (وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ) «1» فإن «هو» فصل، و «يبور» خبر المبتدأ الذي هو «مكر أولئك» ، و «أولئك» جر بالإضافة.
قال أبو عثمان: زيد هو يقول ذاك، «هو» فصل، ولا أجيز: زيد هو قال ذاك لأنى أجيز الفصل بين الأسماء والأفعال «2» .
ولا يجوز في الماضية، كما جاز في المضارعة وذلك أن سيبويه قد قال: إني لأمر بالرجل خير منك وبالرجل يكرمني وهما صفة، على توهم الألف واللام، فكذلك في الفصل أتوهم الألف واللام في الفعل، ويكون بمنزلة الغاية بين المعرفتين.
كما أقول: «كان زيد هو خيرا منك» على توهم الألف واللام في «خير منك» .
ولا يجوز: كان زيد هو منطلقاً. لأني أقدر على الألف واللام، وإنما يجوز هذا فيما لا يقدر فيه على الألف واللام.
__________
(1) فاطر.
(2) مقتضى الكلام أن يقول: لأني أجيز الفصل في الفعل المضارع ولا أجيزه في الفصل الماضي، وبذلك يصح الاستدلال بالمثالين.

(2/546)


وأما قوله تعالى: (أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ) «1» ، فموضع «أربى» رفع لأن قوله «أمة» اسم «تكون» وهي ابتداء، و «أربى» خبره، والجملة خبر «كان» ، ولا يجوز أن تكون «هي» هاهنا فاصلة لأن أمة» نكرة، و «أربى» وإن قاربت المعرفة فيستدعي كون معرفة قبلها.
وأما قوله: (قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ) «2» ، فقوله «جزاؤه» مبتدأ. وقوله «من وجد» خبر المبتدأ، والتقدير:
أخذ من وجد، أي: أخذ الإنسان الذي وجد الصاع في رحله والمضاف محذوف، وفي «وجد» ضمير «الصاع» العائد إلى «من» ، الضمير المجرور بالإضافة، «فهو جزاؤه» ذكرت هذه الجملة تأكيداً للأول، أي أخذه جزاؤه، و «من» بمعنى الذي/ على هذا، وإن جعلت «من» شرطا، و «وجد في رحله» في موضع الجزم، والفاء في قوله «فهو جزاؤه» جواب الشرط، والشرط والجزاء خبر المبتدأ، جاد وجاز.
وكان «3» التقدير: جزاؤه إن وجد الصاع في رحل إنسان فهو هو، لكنه وضع من الجملة إلى المبتدأ عائد، لأنه إذا كان «من» شرطاً، أو بمعنى «الذي» ، كان ابتداء ثانياً، ويكون الفاء مع ما بعده خبراً، وتكون الجملة خبر المبتدأ، والعائد هو الذي وضع الظاهر موضعه.
__________
(1) النحل: 92.
(2) يوسف: 75.
(3) توجيه هذا الرأي كما ساقه أبو حيان في البحر (5: 331) «جزاؤه من وجد في رحله فهو هو، فموضع الجزاء موضع هو» .

(2/547)


ويجوز أن يكون «جزاؤه» خبرا، و «هو» فصل.
وأما قوله: (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) «1» لا يجوز الفصل هنا.
فإذا لم يجز الفصل كان «هم» الثانية: إما صفة، وإما ابتداء، وجازت الصفة، لأن الأول مضمر، فيجوز أن يكون المضمر وصفاً له.
ونراها أشبه لأنك إذا جعلته ابتداء، فصلت بين اسم الفاعل وما يتصل به بمبتدأ، وهما أذهب في باب كونها أجنبيات من الصفة لأن الصفة متعلق بالأول، والمبتدأ أجنبي من اسم الفاعل.
وأما قوله: (وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ) «2» . يحتمل «هم» ثلاثة أضرب:
أحدها- أن يكون مرتفعاً بمضمر دل عليه «ينتصرون» لأن هذا الموضع فعل.
ألا ترى أن جواب «إذا» حقه أن يكون فعلاً فإن أظهرت ذلك الفعل كان «ينتصرون» لأن الضمير حقه أن يتعلق بالفعل، كما يكون «أنت» ، فانظر في بيت عدى «3» .
__________
(1) يوسف: 37- هود: 19.
(2) الشورى: 39.
(3) يريد: عدي بن زيد العبادي، وبيته هو:
فمتى واغل ينبهم يحيّو ... هـ تعطف عليه كأس السّاقي
قدم الاسم على الفعل للضرورة مع أنه مجزوم بمتى، وارتفاع الاسم بعدها بإضمار فعل يفسره الظاهر، لأن الشرط لا يكون إلا بالفعل (الكتاب ج 1: 458) .

(2/548)


ومن أجاز إضمار الفاء واستدل بقوله: (وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) «1» جاز أن يرتفع «هم» على قوله بالابتداء، والتقدير: فهم ينتصرون، إلا أنه حذف الفاء «2» .
وهو على تقدير العربية أن يكون صفة «3» للضمير المنصوب في «أصابهم» ، وليس بالقوي في المعنى «4» .
ألا ترى أن البغي إذا أصابهم هم، أو أصاب أصحابهم، وجب عليهم الانتصار لهم، كما يجب انتصارهم لأنفسهم.
وإنما قلنا قياس قول سيبويه رفع قوله «هم» بمضمر، لأنه قد قال في قوله «إن يأتني زيد يضرب» : إنه يرتفع بفعل مضمر يفسره «يضرب» ، ولا فصل بين «إذا» و «إن» .
ووصل «الذين» ب «إذا» يدل على صحة ما ذهب إليه من قوله: أزيد إذا أتاك يضرب إذا جعلته جوابا ولم تقدر به التقديم- وإن ذلك كان إذا كانت خبر مبتدأ/ مضمر يفسره «يضرب» ، ولا فصل بين «إذا» و «إن» ، ووصل «الذين» ب «إذا» يدل على صحة ما ذهب إليه من قوله:
أزيد إذا أتاك يضرب- إذا جعلته جوابا ولم تقدر به التقديم، وإن ذلك كان إذا كانت خبر مبتدأ مضمر أو صلة تشبّه ب «إن» ، كما شبهت «إذا» أيضاً بها في قول من جازى بها في الشعر.
ولا يجوز ذلك في «حين» ، ولا في غير الأسماء التي تتضمن معنى الشرط والجزاء.
__________
(1) الأنعام: 121.
(2) وهذا هو الوجه الثاني في «هم» .
(3) وهذا هو الوجه الثالث في «هم» .
(4) البحر المحيط (7: 522) : «توكيدا» .

(2/549)


ولا يحمل «إذن» على اسم الزمان في وصل «الذي» بها.
هذا كله، كما ترى، درر نظمتها لك، وفي الكتاب فصل يخالف هذا «1» .
قال سيبويه: واعلم أن «هو» تكون فصلاً إلا في الفعل، ولا تكون كذلك إلا في كل فعل الاسم بعده بمنزلته في حال الابتداء، وذكر باب «حسبت» و «كان» فقط «2» .
قال أبو بكر: ولم يذكر باب «إن» هنا، ولا باب «الابتداء بإن» قال: فأذكر أنه لا يكون فصلاً إلا في الأفعال، وتأول الآية في حد «إن» على أنها مبتدأة، وهي قوله: (لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ) «3» .
ويدل أيضاً على صحة قوله: أن سيبويه لما ذكر في هذا الكتاب ما يكون «هو وأخواتها فيه فصلاً» ذكر باب «حسبت وأخواتها» ، و «كان وأخواتها» ولم يذكر «إن» .
قال أبو سعيد: ومن مذهبه أنهن يكن فصلاً في «إن» وفي «الابتداء» .
وإنما ابتدأ بالفعل وخصه لأنه لا يتبين الفصل إلا فيه و «إن» و «الابتداء» لا يتبين الفصل بهما في اللفظ، لأنك إذا قلت: زيد هو خير منك فما بعد «هو» مرفوع على كل حال، وإن جعلت «هو» فصلا، أو جعلته مبتدأ.
__________
(1) الكتاب (1: 431- 452) .
(2) الكتاب (1: 394) . [.....]
(3) هود: 22.

(2/550)


وإنما يتبين فى «كان، وأخواتها» ، و «ظننت، وأخواتها» الفصل من الابتداء لأن أخبارها منصوبة، تقول: كان زيد هو أخوك، إذا جعلت «هو» ابتداء، و «أخوك خبره، والجملة خبر زيد» وكذلك:
ظننت زيداً هو أخوك، وإذا كان فصلاً قلت: كان زيد هو أخاك، وظننت زيداً هو أخاك.

(2/551)