إعراب القرآن للباقولي منسوب خطأ للزجاج الباب الثالث
والأربعون
هذا باب ما جاء في التنزيل من المصادر المنصوبة بفعل مضمر دل
عليه ما قبله فمن ذلك قوله تعالى: (وَقالُوا سَمِعْنا
وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ) «1» ، أي:
نسألك غفرانك، ونستغفر غفرانك، واغفر لنا غفرانك.
ومن ذلك قوله تعالى: (لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ
وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) «2» . أي: لأثيبنهم
ثوابا، فدل على ذلك «لأكفرن» .
ومثله: (لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ) «3» إلى قوله:
(نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) «4» .
لأنه يدل على: أنزلهم إنزالاً.
ومن ذلك قوله: (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا
بِإِذْنِ اللَّهِ كِتاباً مُؤَجَّلًا) «5» ، لأن قوله: «وما
كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله» «6» دل على أنه كتب ذلك، أي:
كتب ذلك عليهم كتاباً مؤجلاً.
ومن ذلك قوله: (كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ) «7» لأن قبله
(حُرِّمَتْ) «8» ، وقد نقدم ذلك.
ومن ذلك قوله: (ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ)
«9» فيمن نصب، أي: أقول قول الحق.
ومنه قوله تعالى: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً
لَكَ) «10» لأن معنى «تهجد» «وتنفل» واحد.
__________
(1) البقرة: 285.
(2) آل عمران: 195.
(4- 3) آل عمران: 198.
(6- 5) آل عمران: 145.
(7) النساء: 24.
(8) النساء: 23.
(9) مريم: 34.
(10) الإسراء: 79.
(2/767)
ومن ذلك قوله: (وَتَرَى الْجِبالَ
تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ صُنْعَ
اللَّهِ) «1» . لأن معنى هذه الجملة: صنع الله ذلك صنعاً.
ومثله قوله: (بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ
الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ وَعْدَ اللَّهِ) «2» لأن معنى «ينصر» و
«يعد» واحد.
ومثله، (لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ
مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهارُ وَعْدَ اللَّهِ) «3» لأن ما قبله يدل على «يعد
الله» .
فهذا قياس ما يرد عليك مما قد فاتني منه، والله أعلم.
وأما قوله تعالى: (اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ
السَّيِّئِ) «4» . أي: استكبروا ومكروا المكر السيء، ألا ترى
أن بعده، (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا
بِأَهْلِهِ) «5» كما أن «السيء» صفة «للمكر» ، كذلك الذي قبل،
تقديره: ومكر المكر السيئ. وكذلك: (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ
مَكَرُوا السَّيِّئاتِ) «6» . أي: مكروا المكرات، السيئات فحذف
الموصوف هذا وأقام صفته، فوقعت الإضافة إليه، كما تقع على
موصوفه الذي هو المصدر، وأجرى مجراه.
__________
(1) النمل: 88.
(2) الروم: 5. [.....]
(3) الزمر: 20.
(5- 4) فاطر: 43.
(6) النمل: 45.
(2/768)
|