التصاريف لتفسير القرآن مما اشتبهت أسمائه وتصرفت معانيه

تفسير الطعام على أربعة وجوه
الوجه الأول: الطعام يعني الطعام الذي يأكله الناس
وذلك قوله: {الذي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ} . وقال في سورة الأَنعام: {وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ} . وقال في سورة الأَحزاب: {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فانتشروا} . ونحوه كثير.

الوجه الثاني: الطعام يعني الذبائح
وذلك قوله / في سورة المائدة: {وَطَعَامُ الذين أُوتُواْ الكتاب حِلٌّ لَّكُمْ} يعني ذبائحهم، {وَطَعَامُكُمْ} يعني وذبائحكم {حِلٌّ لَّهُمْ} .

الوجه الثالث: الطعام يعني مليح السمك
وذلك قوله في سورة. المائدة: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ البحر وَطَعَامُهُ} يعني مليح السّمك منفعة لكم.

الوجه الرابع: الطعام يعني الشراب
وذلك قوله في سورة المائدة: {لَيْسَ عَلَى الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات جُنَاحٌ فِيمَا طعموا} يعني شربوا من الخمر قبل أن تُحرّم. وكقوله في سورة البقرة: {وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ} يعني ومن لم يشربه {فَإِنَّهُ مني} .

(1/225)


تفسير في على سبعة وجوه
الوجه الأول: في يعني مع
وذلك قوله في الأَعراف {قَالَ ادخلوا في أُمَمٍ} يعني مع أمم {قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ مِّن الجن والإنس فِي النار} وكقوله في سورة الأَحقاف: {أولائك الذين حَقَّ عَلَيْهِمُ القول في أُمَمٍ} مع أمم. وكقول سليمان في النَّمل: {وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصالحين} مع عبادك الصّالحين، وهم أهل الجنَّة. وقال في سورة العنكبوت: {والذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصالحين} يعني مع الصَّالحين، يعني أهل الجنَّة. وكقوله في الفجر: {فادخلي فِي عِبَادِي} يعني مع عبادي {وادخلي جَنَّتِي} . وقال في النَّمل: {فِي تِسْعِ آيَاتٍ} مع تسع آيات. وقال في سورة نوح: {وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً} يعني معهنَّ نورا.

الوجه الثاني: في يعني على
وذلك قوله في طه: {وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النخل} يعني على جذوع النَّخل. وكقوله في الكهف:

(1/226)


{فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَآ أَنْفَقَ فِيهَا} يعني على ما أنفق عليها. وقال في طه: {يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ} يعني يمرّون على مساكنهم، يعني قراهم.

الوجه الثالث: في يعني إلى
وذلك قوله في النِّساء: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ الله وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا} يعني إِليْها، يعني إِلى المدينة.

الوجه الرابع: في يعني عن
وذلك قوله في بني إِسرائيل: {وَمَن كَانَ فِي هاذه أعمى} يعني عن هذه أعمى، يعني هذه النعماء الَّتي ذكر الله في هذه الآية: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِيءَادَمَ} إِلى آخر الآية، {أعمى} ، قال: {فَهُوَ فِي الآخرة} يعني فهو عمّا ذكر الله من أمر بالآخرة {أعمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً} .

الوجه الخامس: في يعني من
وذلك قوله في النَّحل: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ} يعني من كلِّ أمّة {شَهِيداً} وهم الأَنبياء.

الوجه السادس: في يعني عند
وذلك قوله في الشُّعراء: {وَلَبِثْتَ فِينَا} يعني عندنا {مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ} . وقولهم لشعيب: {وَإِنَّا لَنَرَاكَ

(1/227)


فِينَا ضَعِيفاً} يعني عندنا ضعيفا. وقولهم {ياصالح قَدْ كُنتَ فِينَا} يعني عندنا، {مَرْجُوّاً قَبْلَ هاذا} .

الوجه السابع: في يعني لنا
وذلك قوله في آخر الحجِّ: {وَجَاهِدُوا فِي الله} يعني لله، يعني اعملوا لله. وقوله: {حَقَّ جِهَادِهِ} يعني حق عمله. وقال في العنكبوت: {والذين جَاهَدُواْ فِينَا} يعني عملوا لنا.

(1/228)


تفسير من على أربعة وجوه
الوجه الأول: من صِلَةٌ في الكلام
وذلك قوله في سورة نوح: {يَغْفِرْ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ} من هاهنا صلة. يعني يغفر لكم ذنوبكم كلَّها. وقال في حمعاساقا: {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدين} يعني شرع لكم الدين. ومن هاهنا صلة. وقال في سورة النُّور: {قُلْ لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ} يعني يغُضُّوا أبصارهم عن جميع المعاصي. ومن هاهنا صلة. وكذلك: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} من هاهنا صلة، يعني يغضضن أبصارهن. وكذلك قول يوسف: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الملك} يعني أعطيتني الملك. من هاهنا صلة. ونحوه كثير.

الوجه الثاني: من ومعناها على معنى الباء
وكذلك قوله في حمالمؤمن: {يُلْقِي الروح مِنْ أَمْرِهِ} . وكقوله في النَّحل: {يُنَزِّلُ الملائكة بالروح مِنْ أَمْرِهِ} يعني بأمره. وكقوله: {تَنَزَّلُ الملائكة والروح فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ} يعني بكلِّ أمر. وكقوله: {وَأَنزَلْنَا مِنَ

(1/229)


المعصرات} المُعْصِرات يعني بالمعصرات. وكقوله في سورة الرّعد: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ الله} يعني بأمر الله.

الوجه الثالث: من يعني في
وذلك قوله في البقرة: {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ} في حيث أمركم الله، يعني الفرج. وكقوله في فَاطر: {مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ الأرض} .

الوجه الرابع: من يعني على
وذلك قوله في الأَنبياء: {وَنَصَرْنَاهُ مِنَ القوم} يعني على القوْم، يعني نوحا.

(1/230)


تفسير أمر على ثلاثة عشر وجها
الوجه الأول: أمر يعني الدين
وذلك قوله في براءة: {حتى جَآءَ الحق وَظَهَرَ أَمْرُ الله} يعني دين الله، يعني الإِسلام. وقال في سورة المؤمنون: {فتقطعوا أَمْرَهُمْ} يعني دينهم الإِسلام الَّذِي أَمر الله به نبيّهم فدخلوا في غيره. ومثلها في سورة الأَنبياء قال: {وتقطعوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ} يعني تفرَّقُوا دينهم / الإِسلام الَّذِي أمروا به فدخلوا في غيره.

الوجه الثاني: أمر يعني قولا
وذلك قوله في الكهف: {إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ} يعني قولهم. وكقوله في طه: {فتنازعوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ} يعني قولهم فيما بينهم. وقال في سورة هود: {حتى إِذَا جَآءَ أَمْرُنَا} يعني قولنا، {وَفَارَ التنور} . وكذلك في هود وصالح.

(1/231)


الوجه الثالث: أمر يعني العذاب
وذلك قوله في سورة إبراهيم: {وَقَالَ الشيطان لَمَّا قُضِيَ الأمر} يعني لمَّا وجب العذاب لأَهل النَّار. قال في كاهيعاصا: {إِذْ قُضِيَ الأمر} يعني وجب العذاب. وقال في هود: {وَغِيضَ المآء وَقُضِيَ الأمر} يعني وجب العذاب، وهو الغرَق.

الوجه الرابع: الأمر يعني عيسى بن مريم
وذلك قوله في مريم: {سُبْحَانَهُ إِذَا قضى أَمْراً} يعني عيسى، كان في علمه أَنَّه يكون من غير أب، قال: {فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ} . ومثلها في البقرة: {بَدِيعُ السماوات والأرض وَإِذَا قضى أَمْراً} يعني عيسى كان في علمه أَنَّهُ يكون من غير أب، قال: {فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} .

الوجه الخامس: الأمر يعني القتل
وذلك قوله في الأَنفال {لِيَقْضِيَ الله أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً} يعني قتل كفَّار مكَّة ببدر، وقال في حمالمؤمن: {فَإِذَا جَآءَ أَمْرُ الله قُضِيَ بالحق} .

الوجه السادس: أمر يعني الفتح
وذلك قوله في براءة: {فَتَرَبَّصُواْ حتى يَأْتِيَ الله بِأَمْرِهِ} يعني فتح مكَّة.

الوجه السابع: الأمر يعني الجلاء والقتل
وذلك قوله في سورة البقرة: {لْحَقُّ فاعفوا واصفحوا حتى يَأْتِيَ الله بِأَمْرِهِ} يعني قتل قريظة

(1/232)


وإِجلاء النضير. ومثلها في المائدة.

الوجه الثامن: أمر يعني القيامة
وذلك قوله في سورة النَّحل: {أتى أَمْرُ الله} يعني القيامة. وكقوله في سورة الحديد: {وَغرَّتْكُمُ الأماني حتى جَآءَ أَمْرُ الله} يعني القيامة.

الوجه التاسع: أمر يعني القضاء
وذلك قوله في الرّعد: {يُدَبِّرُ الأمر} يعني يقضي القضاء وحده. وقال في سورة يونس: {يُدَبِّرُ الأمر} يَعْنِي يَقْضِي القضاء وحده. وقال في الأَعراف: {أَلاَ لَهُ الخلق والأمر} يعني القضاء في الخلق بما يشاء.

الوجه العاشر: أمر يعني الوحي
وذلك قوله في تنزيل السَّجدة: {يُدَبِّرُ الأمر مِنَ السمآء إِلَى الأرض} يعني ينزِّل الوحي من السَّماء إلى / الأَرض. وكقوله في سورة النِّساء القصرى: {يَتَنَزَّلُ الأمر} يعني الوحي، {بَيْنَهُنَّ} .

الوجه الحادي عشر: أمر يعني الأمر بعينه
وذلك قوله في حمعاساقا: {أَلاَ إِلَى الله تَصِيرُ الأمور} يعني أمور الخلائق.

(1/233)


الوجه الثاني عشر: أمر يعني النصر
وذلك قوله في آل عمران: {يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأمر مِن شَيْءٍ} يعنون النَّصر، {قُلْ إِنَّ الأمر} يعني النصر.

الوجه الثالث عشر: الأمر يعني الذنب
وذلك قوله في سورة النِّساء القصرى: {فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا} يعني جزاء ذنبها. وقال في سورة الحشر: {كَمَثَلِ الذين مِن قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذَاقُواْ وَبَالَ أَمْرِهِمْ} يعني جزاء ذنبهم. وقال في سورة المائدة: {لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} يعني جزاء ذنبه.

(1/234)


تفسير الولي على أحد عشر وجها
الوجه الأول: الولي يعني الولد
وذلك قول زكرياء في سورة مريم: {فَهَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً} يعني الولد.

الوجه الثاني: الولي يعني الصاحب
وذلك قوله في سورة بني إِسرائيل: {وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذل} يعني لم يكن له صاحب يتعزَّز به من ذلٍّ. وقال فيها أيضا: {فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَآءَ} يعني أصحابا من دونه يرشدونه. وكقوله في سورة الكهف: {وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً} يعني صاحبا مرشدا.

الوجه الثالث: الولي يعني القرابة
وذلك قوله في حمالسجدة: {كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} يعني قريبا. وفي حمالدخان: {يَوْمَ لاَ يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً} يعني لا يغني قريب عن قريبه الكافر شيئا. وكقوله في حمعاساقا: {وَمَا كَانَ لَهُم مِّنْ أَوْلِيَآءَ} يعني قرابة، {يَنصُرُونَهُم}

(1/235)


يعني يمنعونَهُمْ، {مِّن دُونِ الله} يعني الكفَّار. وقال في العنكبوت: {وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ الله مِن وَلِيٍّ} يعني من قريب يمنعكم، يعني الكفَّار.

الوجه الرابع: الولي يعني الربّ

وذلك قوله في سورةِ الأَنعام: {قُلْ أَغَيْرَ الله أَتَّخِذُ وَلِيّاً} يعني ربّا، {فَاطِرِ السماوات والأرض} . وكقوله في سورة الأَعراف: {وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ} يعني أربابا. وقال في حمعاساقا: {أَمِ اتخذوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ} يعني الرّب. وقال في سورة الأَعراف: {إِنَّهُمُ اتخذوا الشياطين أَوْلِيَآءَ} يعني أربابا فأطاعوهم {مِن دُونِ الله} . وكقوله في سورة الأَنعام: {ثُمَّ ردوا إلى الله مَوْلاَهُمُ الحق} . وقال في يونس: {وردوا إِلَى الله مَوْلاَهُمُ الحق} يعني ربّهم.

الوجه الخامس: الولي يعني العون
وذلك / في الذين كفروا: {ذَلِكَ بِأَنَّ الله مَوْلَى الذين آمَنُواْ} يعني وليّهم في العون لهم.

(1/236)


وكقوله في التَّحريم: {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ} يعني وليّه في العون له، {وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} .

الوجه السادس: الولي يعني الالهة
وذلك قوله في سورة العنكبوت: {مَثَلُ الذين اتخذوا مِن دُونِ الله أَوْلِيَآءَ} يعني آلهة. وكقوله في حمالجاثية: {وَلاَ يُغْنِي عَنْهُم مَّا كَسَبُواْ شَيْئاً وَلاَ مَا اتخذوا مِن دُونِ الله أَوْلِيَآءَ} يعني آلهة. وقال في سورة الزُّمر: {والذين اتخذوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ} يعني آلهة. وكقوله في حمعاساقا: {والذين اتخذوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ} يعني آلهة، {الله حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ} .

الوجه السابع: الولي يعني العصبة
وذلك قوله في سورة مريم: {وَإِنِّي خِفْتُ الموالي مِن وَرَآئِي} يعني العصبة من بعدي. وكقوله في سورة النِّساء: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} يعني العصبة.

(1/237)


الوجه الثامن: الولي يعني الولاية في دين الكفر
وذلك قوله في سورة المجادلة: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين تَوَلَّوْاْ قَوْماً غَضِبَ الله عَلَيْهِم} يعني المنافقين تولّوا اليهود في الدِّين. وقال في سورة المائدة: {ياأيها الذين آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ اليهود والنصارى أَوْلِيَآءَ} يعني في الدِّين. قال: {وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ} في الدِّين، {فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} .

الوجه التاسع: الولي يعني الولاية في دين الإسلام
وذلك قوله في سورة المائدة: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ الله وَرَسُولُهُ} . وقال في براءة: {والمؤمنون والمؤمنات بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ} يعني في الدِّين.

الوجه العاشر: الولي يعني المولى الذي تعتقه
وذلك قوله في سورة الأَحزاب: {فَإِخوَانُكُمْ فِي الدين وَمَوَالِيكُمْ} يعني المولى الذي تعتقه.

الوجه الحادي عشر: الولي يعني الولي في النصح
وذلك قوله في سورة الممتحنة: {لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ} يعني في

(1/238)


النَّصيحة. وكقوله في سورة النِّساء: {يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الكافرين أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ المؤمنين} يعني أولياء في النَّصيحة. وقال في آل عمران: {لاَّ يَتَّخِذِ المؤمنون الكافرين أَوْلِيَآءَ} يعني في النَّصيحة، {مِن دُونِ المؤمنين} .

(1/239)


تفسير صيحة على ثلاثة وجوه
الوجه الأول: صيحة يعني صيحة جبريل في الدنيا بالعذاب
وذلك قوله في سورة هود لقوم صالح: {وَأَخَذَ الذين ظَلَمُواْ الصيحة} يعني صيحة / جبريل. وقال في سورة الحجر: {فَأَخَذَتْهُمُ الصيحة مُشْرِقِينَ} يعني صيحة جبريل.

الوجه الثاني: صيحة يعني النفخة الأولى نفخة إسرافيل
وذلك قوله في يس: {مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً} يعني النَّفخة الأُولى من إِسرافيل. وقال في ص: {وَمَا يَنظُرُ هاؤلآء إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً} يعني النفخة الأُولى.

الوجه الثالث: صيحة يعني النفخة الثانية من إسرافيل
وذلك قوله في يس: {إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً} من إِسرافيل يعني النَّفخة الثَّانية، يعني القيامة {فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ} . وقال في ق: {يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصيحة بالحق} يعني النفخة الثَّانية، نفخة إِسرافيل.

(1/240)


تفسير الزبر على خمسة وجوه
الوجه الأول: الزبر يعني الحديث
حديث الأَوّلين، وأمرهم الَّذِي في الكتاب، وذلك قوله في سورة آل عمران: {بالبينات} يعني الآيات الَّتِي كانت تجيء بها الأَنبياء إِلى قومهم. قال: {والزبر} يعني وحديث الكتاب وما كان قبلهم من المواعظ، {والكتاب المنير} يعني الْمُضِيء في أمره ونهيه. وقال في سورة الملائكة. وفي سورة النَّحل مثل ذلك.

الوجه الثاني: الزبر يعني الكتاب
وذلك قوله في سورة الشُّعراء: {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأولين} . يقول: نعتُ محمّد وأمَّتِهِ في زبر الأَوّلِين، يعني في كتاب الأَوّلين. وكقوله في سورة الأَنبياء: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزبور} يعني في الكُتُب كلّها، {مِن بَعْدِ الذكر} يعني بعد الَّلوح المحفوظ.

الوجه الثالث: الزبر يعني اللوح المحفوظ
وذلك قوله في اقتربت: {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزبر} يعني في اللَّوح المحفوظ.

(1/241)


الوجه الرابع: زبرا يعني قطعا
وذلك قوله في سورة الكهف قال: {آتُونِي زُبَرَ الحديد} يعني قطع الحديد. وكقوله في سورة المؤمنون: {فتقطعوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً} يعني قطعا.

الوجه الخامس: الزبور يعني زبور داود
وذلك قوله في سورة النِّساء: {وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً} يعني كتابا. ومثلها في بني إِسرائيل.

(1/242)


تفسير الفرح على ثلاثة وجوه
الوجه الأول: الفرح يعني البطر والمرح
وذلك قوله في طسم القصص: {لاَ تَفْرَحْ إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ الفرحين} يعني لا تبْطر، ولا تفرح إِنَّ الله لا يُحِبُّ البطِرِين المرحين. وكقوله في سورة هود: {إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ} يعني بقوله: فرح: بطر. وكقوله في حمالمؤمن: {ذَلِكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الأرض بِغَيْرِ الحق وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ} يعني بما كنتم مرِحين، بطرين بالخيلاء والكِبْر.

الوجه الثاني: الفرح يعني به الرضى
وذلك قوله في الرّعد: {وَفَرِحُواْ بالحياة الدنيا} يعني ورضوا بالحياة الدنيا، {وَمَا الحياة الدنيا فِي الآخرة إِلاَّ مَتَاعٌ} . وكقوله في سورة الرّوم: {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} يقول: راضون. وقال في سورة المُؤمنون: {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} يقول: راضون. وكقوله في

(1/243)


حم المؤمن: {فَرِحُواْ بِمَا عِندَهُمْ مِّنَ العلم} يعني رضوا بما عندهم من العلم.

الوجه الثالث: الفرح هو الفرح بعينه
وذلك قوله في يونس: {وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا} يعني الفرح بعينه.

(1/244)


تفسير الأرض على سبعة وجوه
الوجه الأول: الأرض يعني أرض الجنة خاصة
وذلك قوله في سورة الزُّمر: {وَأَوْرَثَنَا الأرض} أرض الجنَّة، {نَتَبَوَّأُ مِنَ الجنة حَيْثُ نَشَآءُ فَنِعْمَ أَجْرُ العاملين} . وكقوله في سورة الأَنبياء: {مِن بَعْدِ الذكر أَنَّ الأرض يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصالحون} يعني أرض الجنَّة. وقوله: {مِن بَعْدِ الذكر} يعني اللَّوح المحفوظ.

الوجه الثاني: الأرض يعني الأرض المقدسة، يعني الشام خاصة
يعني الشَّام خاصَّة، وذلك قوله في الأَعراف: {وَأَوْرَثْنَا القوم الذين كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأرض وَمَغَارِبَهَا} يعني أرض الأُردن وفلسطين. وقال في سورة الرّوم: {الاما * غُلِبَتِ الروم * في أَدْنَى الأرض} يعني الأُردن وفلسطين. وقال في سورة الأَنبياء: {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى الأرض التي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} يعني الأرض المقَدَّسة.

الوجه الثالث: الأرض يعني أرض المدينة
وذلك قوله في العنكبوت: {ياعبادي الذين آمنوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ} يعني أرض المدينة،

(1/245)


{فَإِيَّايَ فاعبدون} فيها، أمرهم بالهجرة إِليها. وذلك قوله في النساء: {قالوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ [الله] وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا} يعني إِلى المدينة. وقال في سورة الزُّمر: {وَأَرْضُ الله وَاسِعَةٌ} يعني المدينة. وقال في سورة بني إِسرائيل: {وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأرض} يعني أرض المدينة، {لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا} . وقال في سورة النِّساء: {وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأرض مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً} يعني أرض المدينة.

الوجه الرابع: الأرض يعني أرض مكة
وذلك قوله في سورة الرّعد {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأرض نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} يعني أرض مكَّة. وقال في سورة الأَنبياء: {أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الأرض نَنقُصُهَا} يعني أرض مكَّة. وقوله: {نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَآ} إِذا أَسلم أحد من الكفَّار نَقص منهم وزاد في المسلمين، وهو قوله: {أَفَهُمُ الغالبون} . وكقوله في سورة النِّساء: {قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأرض} يعني أرض مكَّة.

الوجه الخامس: الأرض يعني أرض مصر
وذلك قول يوسف: {اجعلني على خَزَآئِنِ الأرض} يعني خراج مصر، يعني أرض مصرَ. وقال فيها أيضا: {وكذلك مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأرض} يعني أرض مصر،

(1/246)


{يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَآءُ} . وقال أيضا: {وكذلك مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأرض} يعني أرض مصر. وكقوله: {فَلَنْ أَبْرَحَ الأرض} يعني أرض مصر، {حتى يَأْذَنَ لي أبيا} . وقال في طسم القصص: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي الأرض} يعني أرض مصر. وقال أيضا: {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الذين استضعفوا فِي الأرض} يعني أرض مصر. قال: {وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرض} يعني أرض مصر. وقال في الأَعراف: {إِنَّ الأرض للَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ} يعني أرض مصر. وقال: {عسى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأرض} يعني أرض مصر. وقال في حمالمؤمن: {أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الأرض الفساد} يعني أرض مصر. وقال: {ياقوم لَكُمُ الملك اليوم ظَاهِرِينَ فِي الأرض} يعني أرض مصر. ونحوه كثير.

الوجه السادس: الأرض يعني أرض الإسلام خاصة
وذلك قوله في سورة المائدة: {إِنَّمَا جَزَآءُ الذين يُحَارِبُونَ الله وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأرض فَسَاداً} إِلى قوله: {أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأرض} يعني من أرض الإِسلام

(1/247)


خاصَّة. ذلك قوله في سورة الكهف: {إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأرض} يعني أرض العرب، أرض الإِسلام.

الوجه السابع: الأرض يعني جميع الأرضين
وذلك قوله في سورة الأَنعام: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأرض} يعني جميع الأَرْضِ. وقال في سورة لقمان: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأرض مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ} يعني جميع الأَرض. وقوله: {الحمد للَّهِ فَاطِرِ السماوات والأرض} يعني جميع الأَرض. وقوله: {خَلَقَ الأرض فِي يَوْمَيْنِ} يعني جميع الأَرْضِ. ونحوه كثير.

(1/248)


تفسير الفتح على أربعة وجوه
الوجه الأول: الفتح يعين القضاء
وذلك قوله: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً} يعني إِنَّا قضينا لك قضاء بيّنا. وقال في سورة سبأ: {ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بالحق} يعني يقضي بيننا ربّنا بالحقِّ {وَهُوَ الفتاح العليم} يعني القاضي العليم. وقال في الأَعراف: {رَبَّنَا افتح بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بالحق وَأَنتَ خَيْرُ الفاتحين} يعني اقض بيننا وبين قومنا بالحقِّ، / وأنت خير القاضين. وقوله في الم تنزيل السَّجدة: {وَيَقُولُونَ متى هاذا الفتح} متى هذا القضاء {إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ يَوْمَ الفتح} يعني يوم القضاء.

الوجه الثاني: الفتح يعني الإرسال
وذلك قوله في سورة الملائكة: {مَّا يَفْتَحِ الله لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ} يعني ما يرسل الله للنَّاس من رزق: {فَلاَ مُمْسِكَ} . وقال في سورة الأَنبياء: {حتى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ} [يعني حتى إذا أرسلت يأجوج وماجوج] . وكقوله في

(1/249)


سورة المؤمنون: {حتى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ} يعني أرسلنا عليهم، {بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ} .

الوجه الثالث: الفتح يعني الفتح بعينه
وذلك قوله في الزُّمر: {حتى إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} يعني الفتح بعينه. وقال في النَّار: {فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} يعني الفتح بعينه.

الوجه الرابع: الفتح يعني النصر
وذلك قوله في سورة المائدة: {فَعَسَى الله أَن يَأْتِيَ بالفتح} يعني بالنَّصر، نصر محمّد. وقال في الصفِّ: {وَفَتْحٌ قَرِيبٌ} يعني فتح مكَّة، يعني نصرا سريعا. وقال في النِّساء: {فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ الله} [يعني النَّصر، نصرا وغنيمة] .

(1/250)


تفسير كريم على ستة وجوه
الوجه الأول: كريم يعني حسنا
وذلك قوله في سورة النِّساء: {وَنُدْخِلْكُمْ مُّدْخَلاً كَرِيماً} يعني حسنا، وهو الجنَّة. وقال في سورة النَّمل: {إني أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ} أي كتاب حسن. وقال في سورة الشُّعراء: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى الأرض كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ} أَي حسن.

الوجه الثاني: كريم يعني كريما على الله في المنزلة
وذلك قوله في سورة الشَّمس: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} يعني أنه كريم على ربّه. وقال في سورة الحاقَّة: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} يعني على ربِّه، وهو جبريل. وقال في سورة الحجرات: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ الله} يعني إنَّ أكرمكم على الله في المنزلة {أَتْقَاكُمْ} في الدُّنيا.

(1/251)


الوجه الثالث: الكريم يعني المتكرم
وذلك قوله في حمالدُّخان: {ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الكريم} يعني المتكرّم.

الوجه الرابع: كريم يعني مسلما
وذلك قوله: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ} يعني مسلمين، {بَرَرَةٍ} . وقال: {كِرَاماً كَاتِبِينَ} يعني مسلمين.

الوجه الخامس: كريم يعني الله تبارك وتعالى
وذلك قوله في سورة المؤمنون: {رَبُّ العرش الكريم} . وقال في سورة النَّمل: {فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} يتجاوز ويصفح. وقال: {لإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الكريم} . وتفسير كريم يتجاوز ويصفح.

الوجه السادس: كريم يعني مفضلا
وذلك قوله في بني إسرائيل: {قَالَ أَرَأَيْتَكَ هاذا الذي كَرَّمْتَ عَلَيَّ} يعني فضَّلتَ عليَّ. وقال فيها أيضا: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِيءَادَمَ} يعني فضَّلنا بني آدم. وقال في سورة الفجر: {فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ} يعني فضَّلهُ ونعَّمهُ، قال: {فَيَقُولُ ربي أَكْرَمَنِ} يعني فضَّلنِي.

(1/252)


تفسير الأمثال على خمسة وجوه
الوجه الأول: الأمثال يعني الأشباه
وذلك قوله في سورة الحشر: {وَتِلْكَ الأمثال نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ} يعني الأَشباه، {لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} وقوله: {نَضْرِبُهَا} يعني نشبهها. وقوله: {ضَرَبَ الله مَثَلاً} يعني وصف الله مثلا يعني شبها. وقال: {ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التوراة} يعني شبههم فِي التَّوْراةِ {وَمَثَلُهُمْ فِي الإنجيل} يعني وشبههم في الإِنجيل.

الوجه الثاني: مثل يعني السنن
وذلك قوله في البقرة: {وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الذين خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم} يعني مؤمني الأُمم الخالية من سنن البلاء. وقال في سورة الزُّخرف: {ومضى مَثَلُ الأولين} يعني

(1/253)


سنن الأَوَّلِين. وقل في سورة النُّور: {وَمَثَلاً مِّنَ الذين خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُمْ} يعني سنن العذاب في الأُمم الخالية.

الوجه الثالث: المثل يعني عبرة
وذلك قوله في الزُّخرف: {سَلَفاً وَمَثَلاً لِّلآخِرِينَ} يعني لمن بعدكم. وكقوله لعيسى بن مريم فيها أيضا: {إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً} يعني عبرة، {لبني إِسْرَائِيلَ} .

الوجه الرابع: مثل يعني عذابا
وذلك قوله في الفرقان: {وَكُلاًّ ضَرَبْنَا لَهُ الأمثال} العذاب، يعني وصفنا له العذاب، وأنَّه نازل بهم في الدُّنيا، يعني الأُمم الخالية. ومثلها في سورة إِبراهيم قال: {وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأمثال} يعني وصفنا لكم العذاب، يعني عذاب الأُمم الخالية، نخوّف كفار مكَّة.

الوجه الخامس: مثل يعني ذكرا
وذلك قوله في سورة المدثر: {مَاذَآ أَرَادَ الله بهاذا مَثَلاً} يعني ذكرا.

(1/254)


تفسير النشور على أربعة وجوه
الوجه الأول: النشور يعني الحياة
وذلك قوله في الزُّخرف: {مَآءً بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ} يعني فأحيينا به {بَلْدَةً مَّيْتاً} . وقال في سورة الملائكة {كَذَلِكَ النشور} يعني هكذا تُحيَوْنَ بعد الموت بالماء يوم القيامة كما تحيا الأَرض بالماء فتنبت.

الوجه الثاني: النشر يعني البعث
النُّشور البعث، وذلك قوله في الفرقان / {وَلاَ يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلاَ حَيَاةً وَلاَ نُشُوراً} يعني ولا بعثنا، لا يقدرون عل بعث الأَموات. وكقوله في سورة الأَنبياء: {أَمِ اتخذوا آلِهَةً مِّنَ الأرض هُمْ يُنشِرُونَ} يعني هم يبعثون، أَي يبعثون الأَموات. وقال في تبارك: {وَإِلَيْهِ النشور} يعني وإِليه البعث. وقال في الفرقان: {بَلْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ نُشُوراً} لا يخشون بعثا.

(1/255)


الوجه الثالث: النشر البسط
وذلك قوله في حمعاساقا: {وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ} يعني ويبسط رحمته، يعني نعمه وهو المطر. وقال في الكهف: {يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ} يعني يبسط لكم من رزقه. وقال في الفرقان: "نُشرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ". يقول: يبسط الرّياح والسّحاب من بين يدي رحمته، يعني المطر. وقال في الأَعراف: "وَهُوَ الذي يُرْسِلُ الرياح نُشْراً" يعني يبسط السَّحاب قدَّام المطر. وقال في سورة الرّوم {ثُمَّ إِذَآ أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ} يعني تنبسطون.

الوجه الرابع: النشر يعني التفرق
وذلك قوله في الأَحزاب {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فانتشروا} يعني فتفرّقوا. وقال في سورة الجمعة: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصلاة فانتشروا فِي الأرض} يعني فتفرّقوا، وقال في الفرقان {وَجَعَلَ النهار نُشُوراً} يعني يتفرّقونَ فيه يبتغونَ الرِّزق.

(1/256)


تفسير أرساها على وجهين
الوجه الأول: أرساها يعني أثبتها
وذلك قوله في والنَّازعات: {والجبال أَرْسَاهَا} يعني أثبت بها الأَرض لئلاَّ تزول بمن عليْها. وقوله في سبأ: {وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ} يعني ثابتات. وقال في ق: {وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ} يعني الجبال أثبت بها الأرض.

الوجه الثاني: مُرساها يعني حينها
وذلك قوله في سورة الأَعراف: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الساعة أَيَّانَ مُرْسَاهَا} يعني متى حينها. وقال في والنَّازِعَاتِ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الساعة أَيَّانَ مُرْسَاهَا} يعني متى حينها. وقال في سورة هود: {بِسْمِ الله مجراها وَمُرْسَاهَا} يعني حين تحبس.

(1/257)


تفسير "أو" على ثلاثة وجوه
الوجه الأول: أو يعني بل
وذلك قوله في والصَّافاتِ: {وَأَرْسَلْنَاهُ إلى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} بل يزيدون، وكقوله في النَّحل: {وَمَآ أَمْرُ الساعة إِلاَّ كَلَمْحِ البصر أَوْ هُوَ أَقْرَبُ} يعني بل هو أقرب. وكقوله في سورة النَّجم: {قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أدنى} يعني بل أدنى.

الوجه الثاني: أو وألفها صلة
وذلك قوله في طه: {لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يخشى} ألفها هنا صلة. يقول: / لعله يتذكر ويخشى. وقال في عبس: {لَعَلَّهُ يزكى * أَوْ يَذَّكَّرُ} يعني لعلَّه يزَّكَّى ويذَّكَّر، ألف صلة. وقال في طه: {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً} لعلَّهم يتَّقون ويحدث لهم ذكرا، يعني القرون الأُولى، والأَلف ها هنا صلة. وقال في والمُرسلات: {عُذْراً أَوْ نُذْراً} يعني عذرا ونذرا والأَلف ها هنا صلة.

(1/258)


الوجه الثالث: أو خيار، يخيرهم
وذلك قوله في سورة المائدة: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ [مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ] أَوْ كِسْوَتُهُمْ} فخيَّرهم، {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} فيه خيار، يخيّرهم. وقال أيضا في المائدة: {أَن يقتلوا أَوْ يصلبوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأرض} وهذا خيار. وقال في البقرة: {فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} وهذا خيار.

(1/259)