الحجة في القراءات السبع

ومن سورة آل عمران
قوله تعالى: الم اللَّهُ «5». يقرأ بإسكان الميم، وقطع الألف التي بعدها، وبفتح الميم، ووصل الألف. فالحجّة لمن أسكن وقطع الألف: أنّ الحروف التي في أوائل السور علم لها «6»، فوجب أن تأتي ساكنة فقطعت الألف، لأنها عوض من الهمزة في (إله).
ولمن فتح الميم وجهان: أحدهما: أنه نقل إليها فتحة الهمزة، وليّنها، فعادت ألف وصل كما يجب لها، أو فتح الميم لسكون الياء قبلها، ووصل الألف على أصلها.
قوله تعالى: وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ «7». يقرأ بالتفخيم، والإمالة، وبين ذلك. فالحجّة لمن
__________
(1) البقرة: 283.
(2) البقرة: 285.
(3) البقرة: 286.
(4) انظر: 79 عند قوله تعالى: نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ
(5) آل عمران: 1، 2.
(6) أي للسور.
(7) آل عمران: 3.

(1/105)


فخم: أنه أتى بالكلام على أصله. والحجة لمن أمال: أنه دلّ بالإمالة على الياء المنقلبة، ومجيء الراء في الكلمة، لأن الأصل (وورية) «1»، وأبدلت الواو الأولى تاء، والثانية ياء «2»، وقلب الياء ألفا، لأنها مأخوذة من: ورى الزند «3». ومن قرأ بين ذلك أتى بأعدل اللفظين، وقارب بين اللغتين.
قوله تعالى: سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ «4»، وتَرَوْنَهُمْ «5». يقرأن بالتاء والياء. فالحجة لمن قرأهن بالتاء: أنه أراد: قل لهم يا محمد مواجها بالخطاب: ستغلبون. وهذا من أدلّ دليل على نبوته صلى الله عليه، لأنه أخبرهم عن الغيب بما لم يكن أنه سيكون، فكان كما قال، والحجة لمن قرأ بالياء: أنه خاطب نبيّه بذلك، وهم غيّب، فكانت الياء أولى لمكان الغيبة.
والاختيار في «ترونهم» التاء كقوله: قَدْ كانَ لَكُمْ «6» ولم يقل: لهم، لأن الرؤية للكفار، والهاء والميم كناية عن المسلمين.
قوله تعالى: وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ «7». يقرأ بكسر الراء وضمها. فالحجة لمن كسرها:
أنه مصدر، والأصل فيه رضيت رضى، ثم زيدت الألف والنون، فردّت الياء إلى أصلها، كما كان الأصل في «كفران»: كفرا.
ولمن ضم حجتان: إحداهما: أنه فرّق بين الاسم والمصدر. والثانية أنّ الضمّ في المصادر مع زيادة الألف والنون أكثر وأشهر كقوله: فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ «8»، والشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ «9».
فإن قيل: فإن من قرأ بالضّم هاهنا قرأ بالكسر في قوله: مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ «10» فقل:
إنما أتى باللغتين ليعلمك جوازهما.
__________
(1) وقيل أصلها تورية على وزن (تفعلة)، والتاء زائدة وتحركت الياء وقبلها فتحة، فقلبت ألفا.
(2) هكذا في الأصل وهي زيادة لا معنى لها.
(3) وروي أيضا: لغتان.
(4) آل عمران: 12.
(5) آل عمران: 13.
(6) آل عمران: 13.
(7) آل عمران: 15.
(8) الأنبياء: 94.
(9) الرحمن: 5.
(10) المائدة: 16.

(1/106)


قوله تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ «1». يقرأ بفتح همزة إنّ وكسرها. فالحجة فتح: أنه أوقع عليها الشهادة «2» فجعلها بدلا من الأولى.
ومن كسرها جعلها مبتدأة لأن الكلام قد تمّ دونها بوقوع الشهادة على الأولى.
قوله تعالى: وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ «3» قرئت بألف من المقاتلة، وبغير ألف من القتل.
فالحجة لمن قرأه بالألف: أن المشهور من أفعالهم كان المقاتلة لا القتل. والحجة لمن قرأه بغير ألف: ما أخبر الله تعالى عنهم في قوله: فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللَّهِ «4»، لأن ذلك أبلغ في ذمّهم، وأثبت للحجّة عليهم.
قوله تعالى: وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ «5». يقرأ بالتشديد والتخفيف. فالحجة لمن شدد: أن الأصل فيه عند (الفرّاء): «مويت» وعند سيبويه: (ميوت) فلما اجتمعت الواو والياء، والسابق منهما ساكن قلبت الواو ياء، وأدغمت في الياء فالتّشديد لأجل ذلك، ومثله: «صيّب» و «سيّد» و «هيّن» و «ليّن». والحجّة لمن خفف: أنه كره الجمع بين ياءين، والتشديد ثقيل فخفف باختزال إحدى الياءين، إذ كان اختزالها لا يخلّ بلفظ الاسم، ولا يحيل معناه.
قوله تعالى: تُقاةً «6». يقرأ بالإمالة والتفخيم. فالحجّة لمن أمال: أنه دلّ بالإمالة على أن أصل الألف الياء، لأنها (تقية) فانقلبت الياء ألفا لتحركها، وانفتاح ما قبلها كما قالوا: سار، وباع. والحجة لمن فخّم: أنّ لفظ الياء قد زال بانقلابها فزال حكمها كما قالوا: قضاة ورماة.
فإن قيل: فلم أمال (حمزة) هذه، وفتح قوله: حَقَّ تُقاتِهِ «7»؟ فقل: له في ذلك حجّتان: إحداهما: أنه اتبع بلفظه خطّ السّواد، فأمال ما ثبت فيه بالياء، وفخّم ما ثبت فيه بالألف. والأخرى أنه أتى باللغتين لجوازهما عنده.
__________
(1) آل عمران: 19.
(2) في قوله تعالى: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ آل عمران: 18.
(3) آل عمران: 21.
(4) البقرة: 91.
(5) آل عمران: 27.
(6) آل عمران: 28.
(7) آل عمران: 102.

(1/107)


قوله تعالى: بِما وَضَعَتْ «1» يقرأ بإسكان التاء وضمّها. فالحجة لمن أسكن: أنه جعله من إخبار الله تعالى عن أم مريم، والتّاء دليل على التأنيث وليست باسم. والحجة لمن ضم:
أنه حكى عن أم مريم ما أخبرت به عن نفسها، فالتاء هاهنا اسم. وإنما بني على الحركة لضعفه بأنه حرف واحد.
قوله تعالى: وَكَفَّلَها «2». يقرأ بتشديد الفاء وتخفيفها. فالحجة لمن شدد: أنه عدّى بالتشديد الفعل إلى مفعولين: إحداهما: الهاء والألف المتصلتان بالفعل. والثاني: (زكريا) وبه ينتصب (زكريّا) في قراءة من شدد الفاء، لأنه عطفه على قوله: (فتقبلها ربّها) وكفلها. والحجة لمن خفف الفاء: أنه جعل الفعل ل (زكريا)، فرفعه بالحديث عنه، وجعل ما اتصل بالفعل من الكناية مفعولا له. ودليله على ذلك قوله: أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ «3».
و (زكريا) يمدّ، ويقصر ولا يجرى «4» للتعريف والعجمة.
قوله تعالى: فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ «5». يقرأ بالتاء، والألف. فالحجة لمن قرأ بالتاء: أن الملائكة جماعة، فدل بالتاء على معنى: الجماعة. والدليل على ذلك قوله: وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ «6». والحجّة لمن قرأ بالألف: أن الفعل مقدّم «7»، فأثبت بالألف كما أقول:
رماه القوم، وعاداه الرجال. ومع ذلك فالملائكة هاهنا: جبريل، فذكّر الفعل للمعنى.
قوله تعالى: أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ «8». يقرأ بضم الياء مع التشديد، وبفتحها مع التخفيف.
__________
(1) آل عمران: 36.
(2) آل عمران: 37.
(3) آل عمران: 44.
(4) لا يجري: لا ينون: قال الطبري: «الصواب عندنا إذا مد زكريا أن ينصب بغير تنوين لأنه اسم من اسماء العجم لا يجري. (الطبري 3: 163) وانظر في معنى الإجراء: (المعجم الوسيط 1: 120 والقاموس المحيط مادة:
جرى).
(5) آل عمران: 39.
(6) آل عمران: 42.
(7) قال الطبري «والصواب من القول عندي في قراءة ذلك أنهما قراءتان معروفتان أعني: التاء والياء، فبأيهما قرأ القارئ فمصيب .. وذلك أن الملائكة إن كان مرادا بها: جبريل كما روي عن عبد الله، فإن التأنيث في فعلها فصيح في كلام العرب للفظها إن تقدمها فعل، وجائز فيه التذكير لمعناها. وإن كان مرادا بها: جمع الملائكة فجائز في فعلها التأنيث وهو من قبلها للفظها، وذلك أن العرب إذا قدّمت على الكثير من الجماعة فعلها انثته، فقالت:
قالت النساء، وجائز التذكير في فعلها بناء على الواحد إذا تقدم فعله فيقال: «قال الرجال» الطبري: 3: 169.
(8) آل عمران: 39.

(1/108)


وهما لغتان فصيحتان. والتشديد «1» أكثر. والتخفيف «2» حسن مستعمل.
فإن قيل: لم خالف أبو عمرو أصله، فخفف قوله: ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ «3»؟
فقل: إن أبا عمرو فرّق بين البشارة والنضارة، فما صحبته الباء «4» شدّد فيه، لأنه من البشرى، وما سقطت منه الباء خففه «5»، لأنه من الحسن والنّضرة، وهذا من أدل الدليل على معرفته بتصاريف الكلام، غير أن التخفيف لا يقع إلّا فيما سرّ. والتشديد يقع فيما سرّ وضرّ.
فإن قيل: فما وجه قوله تعالى: وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ؟ «6» فقل: كلّ فعل جاز فيه فعل وفعّل اعترض بينهما أفعل.
قوله تعالى: وَيُعَلِّمُهُ «7» يقرأ بالنون والياء. فالحجّة لمن قرأه بالنون: أنه جعله من إخبار الله تعالى عن نفسه عاطفا به على قوله: «نُوحِيهِ إِلَيْكَ».
فإن قيل: فالنون إخبار عن الجماعة، فقل: هذه النون لا يخبر بها عن نفسه إلّا ذو الممالك والأتباع، لأن من تحويه يده لا يخرج عن أمره، فكان إخباره بالنون عن نفسه وعنهم. والحجّة لمن قرأ بالياء: أنه من أخبار الملك عن الله عز وجل بما يفعله به عطفا على قوله: كَذلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ «8».
قوله تعالى: أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ «9». يقرأ بكسر همزة (إنّ)، وفتحها. فالحجة لمن كسر: أنه أضمر القول، يريد (ورسولا) يقول: إني، أو يبتدئها مستأنفا من غير إضمار. والحجة لمن فتح: أنه جعلها بدلا من قوله: أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ «10».
__________
(1) وهو قراءة عامة قراء أهل المدينة والبصرة وذلك على وجه تبشير الله زكريا بالولد من قول الناس: بشرت فلانا البشرى بكذا وكذا، أي أتته بشارات البشرى بذلك.
(2) وهو قراءة جماعة من قراء الكوفة بمعنى: أن الله يسرّك بولد يهبه لك، من قول الشاعر:
بشرت عيالي إذ رأيت صحيفة ... أتتك من الحجّاج يتلى كتابها
انظر (في الموضعين: تفسير الطبري 3: 170، ص 171، المطبعة الأميرية.
(3) الشورى: 23.
(4) يقصد إذا تعدى بالباء كقوله تعالى: يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ.
(5) كقوله تعالى: ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ.
(6) فصلت: 30.
(7) آل عمران: 48.
(8) آل عمران: 47.
(9) آل عمران: 49.
(10) آل عمران: 49.

(1/109)


قوله تعالى: فَيُوَفِّيهِمْ «1». يقرأ بالياء، والنون. فالحجة لمن قرأ بالنون: أنه ردّه على قوله: فَأُعَذِّبُهُمْ «2». والحجة لمن قرأ بالياء: قوله بعد ذلك: وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ «3» قوله تعالى: كُنْ فَيَكُونُ «4». يقرأ بالرفع، والنصب. وقد تقدمت الحجة للقراءتين في البقرة «5».
وجملة القول فيه: أن الماضي إذا صلح لفظه بعد الجواب بالفاء لم يجز فيه إلا الرفع لأنه واجب، وإنما يصح النصب فيما لم يجب. وليس يمتنع في قوله تعالى أن يقول: «كُنْ» فكان.
قوله تعالى: ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ «6» يقرأ بالمد والقصر والهمز «7»، وبالمد من غير همز.
فالحجة لمن مدّ وهمز: أنه جعل «ها» تنبيها ثم اتى بعدها بقوله: «أنتم» على طريق الإخبار من غير استفهام، ومدّ حرفا لحرف «8». أو يكون أراد: الاستفهام «9»، والتفرقة بين الهمزتين بمدة، ثم قلب من الهمزة الأولى هاء كما قالوا: هياك أردت، وبقّى الكلام على ما كان عليه. والحجة لمن قصر وهمز: أنه أراد: (أأنتم)، بهمزتين، فقلب الأولى هاء كراهية للجمع بينهما، وبقّى همزة: (أنتم) بحالها. والحجة لمن مدّ من غير همز أنه أراد: (آنتم) بهمزة ومدة، فقلب الهمزة هاء، وبقّى المد. وهذا الوجه ضعيف، لأنه إنما جعل الهمزة مدة لاجتماع همزتين، فإذا قلب الأولى فقد زال الثقل.
قوله تعالى: أَنْ يُؤْتى «10». يقرأ بالمد، والقصر. فالحجة لمن مد: أنه أراد: التقرير والتوبيخ بلفظ الاستفهام، فمد مليّنا للهمزة الثانية «11». والحجّة لمن قصر: أنه أتى بلفظ
__________
(1) آل عمران: 57.
(2) آل عمران: 56.
(3) آل عمران: 57.
(4) آل عمران: 59.
(5) انظر: 88.
(6) آل عمران: 66.
(7) أي أن الهمز يكون في قراءة المد، وفي قراءة القصر.
(8) أي مد حرف الهاء لحرف الهمزة.
(9) والأصل في «ها أَنْتُمْ» في هذا الوجه: (أأنتم) فأبدل من الهمزة الأولى هاء، لأنها أختها، روي هذا عن أبي عمرو بن العلاء والأخفش، قال النحاس: وهذا قول حسن. انظر: (القرطبي 4: 108).
(10) آل عمران: 73.
(11) قال أبو حاتم: «آن» معناه (ألأن) فحذفت لام الجر استخفافا، وأبدلت الهمزة مدة. (القرطبي 4: 108).

(1/110)


(أن) على جهة الإخبار. ومعناه: إن الهدى هدى الله لأن يؤتى وبأن يؤتى.
قوله تعالى: يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ «1». يقرأ بإشباع كسرة الهاء، ولفظ ياء بعدها، وباختلاس، الحركة من غير ياء، وبإسكان الهاء من غير حركة. فالحجة لمن أشبع، وأتى بالباء: أنه لما سقطت الياء للجزم أفضى الكلام إلى هاء قبلها كسرة، فأشبع حركتها، فردّ ما كان يجب في الأصل لها. والحجّة لمن اختلس الحركة: أنّ الأصل عنده (يؤديه إليك)، فزالت الياء للجزم، وبقيت الحركة مختلسة على أصل ما كانت عليه. والحجة لمن أسكن: أنه لما اتّصلت الهاء بالفعل اتصالا صارت معه كبعض حروفه، ولم ينفصل منه، وكان كالكلمة الواحدة خففه بإسكان الهاء، كما خفف (يأمركم) و (ينصركم) وليس بمجزوم.
وقد عيب «2» بذلك في غير موضع عيب. فهذا أصل لكل فعل مجزوم اتصلت به هاء.
فإن كان قبل الهاء كسرة فاكسره واختلس وأسكن. وإن كان قبل الهاء فتحة فاضمم الهاء، وألحق الواو، واختلس أو أسكن. والحجة في ذلك: ما قدمناه «3» فاعرفه فإنه أصل لما يرد من إشكاله إن شاء الله.
قوله تعالى: وَلا يَأْمُرَكُمْ «4». يقرأ بالرفع، والنصب، والإسكان. فالحجة لمن نصب: أنه ردّه على قوله: أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتابَ «5». والحجة لمن رفع: أنه استأنف مبتدئا. ودليله: أنه في قراءة عبد الله: «ولن يأمركم». فلما فقد الناصب عاد إلى أعراب ما وجب له بالمضارعة. والحجّة لمن أسكن تخفيفا في ذوات الراء فقد أتينا عليها فيما مضى «6».
قوله تعالى: لَما آتَيْتُكُمْ. يقرأ بكسر اللام، وفتحها. فالحجة لمن كسر: أنه جعلها خافضة، وجعل (ما) بمعنى الذي «7» والمعنى: للّذي أتيتكم. والحجة لمن فتح: أنه جعلها لام التأكيد، وجعل (ما) فاصلة كقوله: فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ «8»، أو تكون لام اليمين وما
__________
(1) آل عمران: 75.
(2) لعل ابن خالويه يقصد بذلك أبا عمرو بن العلاء، فقد قال أبو عبيد: «واتفق أبو عمرو والأعمش، وعاصم وحمزة في رواية أبي بكر على وقف الهاء فقرءوا: (يؤده إليك).
قال النحاس: بإسكان الهاء لا يجوز إلّا في الشعر عند بعض النحويين، وبعضهم لا يجيزه البتة، ويرى أنه غلط ممن قرأ به، وأنه توهّم أن الجزم يقع على الهاء، وأبو عمرو أجل من أن يجوز عليه مثل هذا (القرطبي: 4: 116).
(3) انظر: 71 عند قوله، «مشوا فيه».
(4) آل عمران: 80.
(5) آل عمران: 79.
(6) انظر: 66. 70. 78.
(7) آل عمران: 81.
(8) آل عمران: 159.

(1/111)


بعدها شرط، والجواب (لتؤمنن به).
قوله تعالى: آتَيْتُكُمْ «1» يقرأ بالنون والألف، وبالتاء من غير ألف. فالحجة لمن قرأ بالنون: أن الله تعالى أخبر عن نفسه بنون الملكوت على ما قدمناه «2». والحجة لمن قرأ بالتاء: أنه أتى بالكلام على ما يوجبه الإخبار عن المتكلم إذا أخبر بفعله عن نفسه. ومثله في (الحج): فَكَأَيِّنْ «3» مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها «4» وأَهْلَكْناها. والخبران باللفظين عن الله عز وجل.
قوله تعالى: بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ «5». يقرأ بضم التاء والتّشديد، وبفتحها والتخفيف.
فالحجة لمن شدّد: أنه أبلغ وأمدح، لأنهم ما علّموا حتى علموا، فعلّموا غيرهم، ودرسوا لأنفسهم. والحجة لمن خفف: أنه أتى باللفظ الأول ليوافق به اللفظ الثاني «6». وهذا من شرطه أن يحمل بعض الكلام على بعض للموافقة.
قوله تعالى: أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ «7». وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ «8». يقرءان بالياء والتاء. فالحجة لمن قرأهما بالتاء: أنه أراد: قل لهم يا محمد مخاطبا: أفغير دين الله تبغون؟ أي تطلبون، ب أنتم عالمون أنكم إليه ترجعون. والحجة لمن قرأ بالياء أنه إخبار من الكفار كأن الله عز وجل عجّب نبيّه عليه السلام منهم فقال له: «أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ» مع علمهم أنهم إليه يرجعون؟
والحجّة لمن قرأ الأول بالياء، والثاني بالتاء: أنه فرق بين المعنيين فجعل الأول للكفّار، وأشرك المؤمنين في الرجوع معهم. وهذا حذق بالقراءة ومعرفة بمعانيها.
قوله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ «9». يقرأ بكسر الحاء، وفتحها. فالحجة لمن كسر: أنه أراد: الاسم. والحجة لمن فتح: أنه أراد: المصدر. ومعناهما في اللغة:
القصد.
__________
(1) آل عمران: 81.
(2) انظر: 97 عند قوله تعالى: يُبَيِّنُها.
(3) في الأصل (وكأين) وهو تحريف
(4) الحج: 45
(5) آل عمران: 79.
(6) وهو قوله تعالى: تَدْرُسُونَ الآية نفسها. آل عمران: 79.
(7) آل عمران: 83.
(8) آل عمران: 83.
(9) آل عمران: 97.

(1/112)


قوله تعالى: وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ «1». يقرأ بالياء، والتاء. والأمر فيهما قريب.
فمن قرأهما بالتاء جعل الخطاب للحاضرين وأدخل الغيّب في الجملة.
ومن قرأ بالياء وجه الخطاب إلى الغيّب، وأدخل الحاضرين في الجملة، ولهذا المعنى كان أبو عمرو يخير بينهما.
قوله تعالى: وَلا يَضُرُّكُمْ «2». يقرأ بكسر الضاد وإسكان الراء والتخفيف، وبضم الضاد والراء والتشديد، فالحجّة لمن كسر وخفف: أنه أخذه من (الضير)، ودليله قوله تعالى: لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ «3». وسكون الراء علامة للجزم لأنه جواب للشرط «4».
والحجة لمن شدد: أنه أخذه من (الضّرّ) «5» الذي هو ضد النفع. وأصله: «يضرركم» فنقل حركة الرّاء إلى الضاد، وأسكن الراء الأولى، ودخل الجازم، فأسكن الثانية، فصارتا راء مشددة، وحركت لالتقاء الساكنين، فلا علامة للجزم فيها. وشاهد ذلك قول الشّمّاخ:
متى ما تقع أرساغه مطمئنة ... على حجر يرفضّ أو يتدحرج
«6» قوله تعالى: مُنْزَلِينَ «7». يقرأ بالتشديد، والتخفيف. فالحجة لمن شدد أنه: أخذه من نزّل فهو منزّل، والملائكة منزّلون. والحجة لمن خفّف: أنه أخذه من: أنزل فهو منزل، والملائكة منزلون إلّا أن التشديد لتكرير الفعل ومداومته كما ذكرت لك «8».
قوله تعالى: مُسَوِّمِينَ «9». يقرأ بكسر الواو، وفتحها. فالحجّة لمن كسر: أنه جعل التسويم للخيل، والملائكة مسوّمة لها. والحجة لمن فتح أنه: جعل التسويم للملائكة والله عز وجل فاعل بها. والتسويم: الإعلام فهو في الخيل: صوف أحمر. وقيل: أبيض في أذنابها، وآذانها. وفي الملائكة بعمائم صفر، ولذلك أعلم حمزة في ذلك اليوم بريشة
__________
(1) آل عمران: 115.
(2) آل عمران: 120.
(3) الشعراء: 50.
(4) في قوله تعالى: وَإِنْ تَصْبِرُوا ....
(5) قال الأزهري: كل ما كان سوء حال وفقر وشدة في بدن فهو ضرّ بالضم وما كان ضد النفع فهو بفتحها.
(6) ديوان الشمّاخ: مخطوط رقم (548 ب) - دار الكتب المصرية.
(7) آل عمران: 124.
(8) انظر: 87 عند قوله تعالى: فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا.
(9) آل عمران: 125.

(1/113)


نعام. ومنه قوله عز وجل: سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ «1».
قوله تعالى: إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ «2». يقرأ بفتح القاف، وضمها. فالحجة لمن فتح أنه:
أراد الجرح بأعيانها. والحجة لمن ضم: أنه أراد ألم الجراح. وقيل هما لغتان فصيحتان كالجهد والجهد.
قوله تعالى: وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ «3». يقرأ: وكأيّن على وزن: (كعيّن). ويقرأ: وكائن على وزن (كاعن) وهما لغتان معناهما معنى: (كم) التي يسأل بها عن العدد إلا أنها لم تقو على نصب التمييز قوة (كم) فألزمت (من) لضعفها عن العمل.
قوله تعالى: قاتَلَ مَعَهُ «4». يقرأ بفتح القاف وإثبات الألف، وبضمها وحذف الألف.
فالحجة لمن أثبت الألف: أنه جعل الفعل للربّيّين «5»، فرفعهم به، لأنه حديث عنهم.
والحجة لمن ضم القاف: أنه جعله فعل ما لم يسم فاعله، وأخبر به عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورفع الربيون بالابتداء، والخبر: معه ودليله قوله: أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ «6».
قوله تعالى: الرُّعْبَ «7». يقرأ بإسكان العين، وضمّها. فالحجة لمن أسكن: أن الأصل الضم فثقل عليه الجمع بين ضمّتين متواليتين، فأسكن. والحجة لمن ضم: أن الأصل عنده الإسكان فأتبع الضم الضم، ليكون اللفظ في موضع واحد، كما قرأ عيسى بن عمر «8»:
تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ «9» بضمتين. وكيف كان الأصل فهما لغتان.
قوله تعالى: يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ «10». يقرأ بالياء، والتاء. فالحجة لمن قرأه بالياء:
__________
(1) الفتح: 29.
(2) آل عمران: 140.
(3) آل عمران: 146.
(4) آل عمران: 146.
(5) في الأصل (للربانيين) وهو تحريف: والرّبّي: واحد الربيّين وهم الألوف من الناس. انظر: (الصحاح للجوهري)
(6) آل عمران: 144.
(7) آل عمران: 151.
(8) عيسى بن عمر: أبو عمر الهمذاني الكوفي القارئ الأعمى مقرئ الكوفة بعد حمزة. ذكر الأهوازي والنقاش أنه قرأ على أبي عمرو. قال سفيان الثوري: أدركت الكوفة وما بها أحد أقرأ من عيسى الهمذاني: قيل: إنه مات سنة ست وخمسين ومائة. وقيل سنة خمسين. (غاية النهاية 1: 613).
(9) الملك: 1.
(10) آل عمران: 154.

(1/114)


أنه ردّه على (النعاس). والحجة لمن قرأه بالتاء: أنه ردّه على (الأمنة).
وكلّ ما في كتاب الله ممّا قد رد آخره على أوله يجري على وجوه: أولها: أنه يردّ على أقرب اللفظين، كقوله: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها «1». والثاني: أن يرد إلى الأهم عندهم، كقوله: وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها «2». والثالث: أن يردّ إلى الأجلّ عندهم، كقوله: وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ «3». والرابع: أن يجتزأ بالإخبار عن أحدهما، ويضمر للآخر مثل ما أظهر كقوله: أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ «4».
قوله تعالى: قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ «5». يقرأ بالنصب والرفع. فالحجة لمن نصب:
أنه جعله تأكيدا للأمر، ولله: الخبر. والحجة لمن رفع: أنه جعله مبتدأ، ولله: الخبر.
والجملة خبر إنّ.
قوله تعالى: وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ «6». يقرأ بضم الميم وكسرها. فالحجّة لمن ضم:
أنه أجراه على أصله من ذوات الواو، كقولك: قلت تقول، وجلت تجول. والحجة لمن كسر: أنه بناه على خفت تخاف، ونمت تنام. والضم أفصح وأشهر.
قوله تعالى: وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ «7». يقرأ بالياء والتاء. وقد تقدم من الحجة في أمثاله ما يغني عن إعادته «8».
قوله تعالى: وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ «9». يقرأ بفتح الياء وضم الغين، وبضم الياء وفتح الغين. فالحجة لمن فتح الياء: أنه جعله من (الغلول) «10». ومعناه: أن يخون أصحابه بأخذ شيء من الغنيمة خفية.
__________
(1) التوبة: 34
(2) الجمعة: 11.
(3) التوبة: 62.
(4) التوبة: 3.
(5) آل عمران: 154.
(6) آل عمران: 158.
(7) آل عمران: 156.
(8) انظر: 113، آل عمران 115، وقد تكررت هذه القراءة كثيرا ولذلك كان يكتفى بالإحالة إليها.
(9) آل عمران: 161.
(10) قال أبو عبيد: الغلول: في المغنم خاصة، ولا نراه من الخيانة ولا من الحقد. ومما يبين ذلك أنه يقال من الخيانة أغلّ يغلّ، ومن الحقد غلّ يغلّ بالكسر ومن الغلول غل يغل بالضم. انظر: (الصحاح للجوهري: غلل).

(1/115)


والحجة لمن ضم الياء: أنه أراد أحد وجهين: إمّا من الغلول. ومعناه: أن (يخوّن) «1» لأنّ بعض المنافقين قال يوم بدر- وقد فقدت قطيفة حمراء من الغنيمة: خاننا محمد وغلّنا، فأكذبه الله عز وجل. وإمّا من الغلّ، وهو: قبض اليد إلى العنق. ودليله قول (ابن عباس):
«قد كان لهم أن يغلّوا النبي صلى الله عليه وأن يقتلوه» «2». والغلّ معروف «3». والغلّ: المصدر.
والغلّ: الحقد. والغلل: الماء في أصول الشجر «4». والغليل: حرارة العطش.
قوله تعالى: وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ «5». يقرأ بكسر الهمزة وفتحها. فالحجة لمن كسر: أنه جعلها مبتدأة. ودليله قراءة عبد الله: (والله لا يضيع) بغير (إنّ). والحجة لمن فتح: أنه عطف على قوله: «يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ، وأن الله، يريد: وبأن الله.
قوله تعالى: وَلا يَحْزُنْكَ «6». يقرأ بفتح الياء وضم الزاي، وبضم الياء وكسر الزاي.
فالحجة لمن فتح الياء: أنه أخذه من: حزن يحزن حزنا. والحجة لمن ضم الياء: أنه أخذه من:
أحزن يحزن حزنا. ولم يسمع إحزانا وإن كان القياس يوجبه.
وقال الخليل «7»: جاء عنهم ضم الحاء في موضع الرفع والخفض، كقوله وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ «8» وجاء عنهم الفتح في موضع النصب كقوله: أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ «9».
قوله تعالى: وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ «10» وما بعده في الأربعة مواضع «11» يقرأن بالياء والتاء.
__________
(1) بضم الياء وفتح الخاء، وتشديد الواو. قال القرطبي: ويحتمل معنيين: أحدهما: يخان أي يؤخذ من غنيمته.
والآخر: يخوّن: أن ينسب إلى الغلول (القرطبي 4: 255)، وهذا المعنى الأخير هو الذي ذكره ابن خالويه.
(2) قال خصيف. فقلت لسعيد بن جبير: ما كان لنبيّ أن يغل فقال: بل يغل ويقتل. انظر: أسباب نزول القرآن لأبي الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري: 122.
(3) وهو الحديدة التي تجمع يد الأسير إلى عنقه انظر: (النّهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير 3: 380).
(4) والجمع أغلال (انظر الصحاح للجوهري: غلل).
(5) آل عمران: 171.
(6) آل عمران: 176.
(7) الخليل له ترجمة في كتاب (القرآن الكريم وأثره في الدراسات النحوية: 82) للمحقّق.
(8) يوسف: 84.
(9) فاطر: 34.
(10) آل عمران: 178.
(11) انظر: الآيات: 169، 180، 188، من سورة آل عمران.

(1/116)


فمن قرأ بالتاء جعل الخطاب للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكان (الذين) في موضع نصب بالحسبان وهو المفعول الأول «1»، وما بعده في موضع المفعول الثاني.
ومن قرأ بالياء جعل (الذين) في موضع رفع بفعلهم. وما بعدهم مفعول لهم.
فأمّا قوله: تَحْسَبَنَّهُمْ «2» بالياء فمعناه: فلا يحسبن أنفسهم. وإنما يجوز الإخبار بالكناية عن النفس في أفعال الشك، لأنها ليست بأفعال حقيقية. فأما قولك: ضرب زيد نفسه فلا يجوز فيه (ضربها)، لأن الفاعل بالكلية لا يكون مفعولا بالكلية. وإنما جاء ذلك عن العرب (في حسبتني)، و (خلتني)، و (رأيتني) ومنه قوله: أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى «3» والمفازة «4» هاهنا: البعد، والفوز، والظّفر.
فإن قيل: فإذا كانت أفعال الظن لا بد لها من مفعولين فأين هما في قوله: أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ على قراءة من قرأ بالياء؟ فقل: لما كانت (حسب) «5» لا بد لها من اسمين، أو ما قام مقامهما، وكان الظن كذلك ناب شيئان «6» عن شيئين «7».
قوله تعالى: لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ «8». يقرأ بإدغام الدّال في السين وإظهارها. وكان الكسائي يقول: إدغامها أكثر وأفصح وأشهر، وإظهارها لكنة ولحن. وقد ذكرت العلة في الإدغام والإظهار آنفا «9».
قوله تعالى: سَنَكْتُبُ ما قالُوا «10». يقرأ بالنون مفتوحة، وبالياء مضمومة.
فمن قرأ بالنون جعله إخبارا من الله تعالى عن نفسه، وهو الفاعل لذلك و (ما) في موضع نصب بتعدّي الفعل إليها، وهي وصلتها بمعنى المصدر. «وقتلهم» عطف عليه.
ومن قرأ بالياء جعله فعل ما لم يسم فاعله، فيكون حينئذ «ما» وما عطف عليها في موضع رفع.
__________
(1) هي قراءة حمزة انظر: (القرطبي 4: 287).
(2) آل عمران: 188.
(3) العلق: 7.
(4) في قوله تعالى: بِمَفازَةٍ آية: 88.
(5) زيادة يتطلبها الأسلوب.
(6) أي أنّ وما عملت فيه.
(7) وهما المفعولان.
(8) آل عمران: 181.
(9) انظر: 63. 77، وغيرهما.
(10) آل عمران: 181.

(1/117)


قوله تعالى: حَتَّى يَمِيزَ «1». يقرأ بضم الياء والتشديد، وبفتحها والتخفيف. فالحجة لمن خفف: أنه أخذه من ماز يميز. والحجة لمن شدد: أنه أخذه من: ميّز يميّز. ومعناه:
التفرقة بين الشيئين.
قوله تعالى بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ «2». يقرأ بإثبات الباء في «الزبر» «3» وطرحها.
وهي في مصاحف أهل الشام بالباء واختلف النحويون في ذلك. فقالت طائفة: إثباتها وطرحها بمعنى واحد.
وفرق (الخليل) بينهما فقال: إذا قلت: مررت بزيد وعمرو فكأنك مررت بهما في مرور واحد. وإذا قلت مررت بزيد وبعمرو، فكأنك قد مررت بهما في مرورين حتى تقع الفائدة بإثبات الحرف، لأنه جاء لمعنى.