الحجة في القراءات السبع

ومن سورة المائدة
قوله تعالى: شَنَآنُ قَوْمٍ «9». يقرأ بإسكان النون وفتحها. فالحجة لمن أسكن: أنه بنى المصدر على أصله قبل دخول الألف والنون عليه. والحجة لمن فتح: أنه أتى به على
__________
(1) النساء: 114 وفي الأصل سوف نؤتيه.
(2) النساء: 162 وفي الأصل: أولئك سوف نؤتيهم.
(3) انظر: 97 عند قوله تعالى: يُبَيِّنُها.
(4) النساء: 154
(5) المراد: تشديد الدال.
(6) عبد القيس: قبيلة عظيمة تنتسب إلى عبد القيس بن أفصى بن دعميّ بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معدّ
(7) ابن عدنان: (معجم قبائل العرب 2: 276).
النساء: 163.
(8) في الأصل: ودبرته بالدال، وصحتها (وذبرته بالذال) انظر: (المعجم الوسيط مادة: ذبر).
(9) المائدة: 2.

(1/128)


ما تأتي أمثاله من المصادر المزيد فيها كقولك: الضّربان والهملان «1».
ومعنى قوله: (ولا يجرمنكم) يريد: لا يكسبنكم «2»، من قولهم: فلان جريمة أهله، أي كاسبهم.
قوله تعالى: أَنْ صَدُّوكُمْ «3». يقرأ بفتح الهمزة، وكسرها. فالحجة لمن فتح: أنه أراد: لا يكسبنكم بعض قوم، لأن صدّوكم، أي لصدهم إيّاكم. والحجة لمن كسر:
أنه جعلها حرف شرط، وجعل الماضي بعدها بمعنى المضارع.
قوله تعالى: وَأَرْجُلَكُمْ «4». يقرأ بالنصب والخفض. فالحجة لمن نصب: أنه ردّه بالواو على أول الكلام، لأنه عطف محدودا على محدود، لأن ما أوجب الله غسله فقد حصره بحدّ، وما أوجب مسحه أهمله بغير حدّ. والحجة لمن خفض: أن الله تعالى أنزل القرآن بالمسح على الرأس والرّجل، ثم عادت السّنة للغسل. ولا وجه لمن ادّعى أنّ الأرجل مخفوضة بالجوار، لأن ذلك مستعمل في نظم الشعر للاضطرار وفي الأمثال. والقرآن لا يحمل على الضرورة، وألفاظ الأمثال.
قوله تعالى: قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً «5». يقرأ بإثبات الألف والتخفيف، وبطرحها والتشديد «6».
فالحجة لمن خفف: أنه قال أصله: (قاسوة) لأنه من القسوة، فانقلبت «7» ياء لكسرة السين.
والحجة لمن شدد: أنه قال: أصلها: (قسيوة) فلما اجتمعت الياء والواو، والسابق ساكن قلبوا الواو ياء وأدغموها، فالتشديد لذلك.
وقال بعض اللغويين: معنى قاسية: شديدة- ومعنى قسّية: رديئة، من قولهم:
درهم قسّى أي بهرج. وقيل: معناهما: لا يرقّ بالرحمة.
__________
(1) قال النيسابوري: «الشنآن بالتحريك والتسكين: مصدر شنأته أشنؤه، وكلاهما شاذ، فالتحريك شاذ في المعنى، لأن فعلان من بناء الحركة والاضطراب كالضّربان، والخفقان، والتسكين شاذ في اللفظ، لأنه لم يجئ شيء من المصادر عليه. قاله الجوهري: (تفسير غرائب القرآن، ورغائب الفرقان) هامش تفسير الطبري 5: 48».
(2) أي لا يكسبنكم بغض قوم الاعتداء، أو لا يحملنكم بغضهم على الاعتداء.
(3) المائدة: 2
(4) المائدة: 6.
(5) المائدة: 13.
(6) أي تشديد الياء.
(7) أي الواو.

(1/129)


قوله تعالى: وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا «1». يقرأ بإثبات الياء، وحذفها. فالحجة لمن أثبت:
أنه أتى به على الأصل. والحجة لمن حذف: أنه اتبع الخط. وهذا في كتاب الله عز وجل في ثلاثة مواضع: في البقرة: وَاخْشَوْنِي «2»، وصله ووقفه بالياء. وفي المائدة: وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ «3»، وصله ووقفه بغير ياء. وفيها: وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا «4». قرئ وصلا بالياء ووقفا بغير ياء.
قوله تعالى: مِنْ أَجْلِ ذلِكَ «5». أجمع القراء على إسكان النون، وتحقيق الهمزة إلّا ما رواه (ورش) «6» عن نافع من فتح النون، وحذف الهمزة، وطرح حركتها على النون.
والحجة له: أنه استثقل الهمزة محققة فلما وقع قبلها ساكن استروح إلى نقل حركتها إليه وإلقائها، لأنه قد صار عليها دليل من حركة الساكن. ومثله في قراءته: قَدْ أَفْلَحَ «7».
ومعنى من أجل ذلك: من أجل قتل ابن آدم أخاه.
قوله تعالى: لِلسُّحْتِ «8». يقرأ بضم الحاء، وإسكانها. وقد ذكرنا الحجة للقارئ بها فيما سلف «9».
قوله تعالى: أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ «10». يقرأ بنصب النفس فقط، ورفع ما بعدها.
وبنصب النفس وما بعدها إلى آخر الكلام. وبنصب النفس، وما بعدها إلى قوله: وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ فإنه رفع. فالحجة لمن نصب النفس، ورفع ما بعدها: أن النفس منصوبة بأنّ و (بالنفس) خبرها. وإذا تمت أن باسمها وخبرها كان الاختيار فيما أتى بعد ذلك الرفع، لأنه حرف دخل على المبتدأ وخبره. ودليله على ذلك قوله تعالى: أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ «11». والحجّة لمن نصب إلى آخر الكلام: أنّ (أنّ) وإن كانت حرفا فهي شبيهة
__________
(1) المائدة: 44.
(2) البقرة: 150
(3) المائدة: 3
(4) المائدة: 44.
(5) المائدة: 32.
(6) ورش: 13
(7) المؤمنون: 1
(8) المائدة: 42.
(9) المائدة: 45
(10) انظر: 85 عند قوله تعالى: «بِرُوحِ الْقُدُسِ».
(11) التوبة: 3 وذلك برفع المعطوف وهو (رسوله).

(1/130)


بالفعل الماضي لبنائها على فتح آخرها كبنائه، وصحة كناية الاسم المنصوب فيها كصحة كنايته في الفعل إذا قلت: (ضربني وأنني). فلما كانت بهذه المنزلة، وكان الاسم الأول منصوبا بها كان حق المعطوف بالواو أن يتبع لفظ ما عطف عليه إلى انتهائه. والحجّة لمن نصب الكلام، ورفع الجروح: أن الله تعالى كتب في (التوراة) على بني إسرائيل: أن النفس بالنفس إلى قوله: (والسّن بالسن) ثم كأنه قال- والله أعلم- ومن بعد ذلك:
(الجروح قصاص). والدليل على انقطاع ذلك من الأول: أنه لم يقل فيه: والجروح بالجروح قصاص فكان الرفع بالابتداء أولى، لأنه لما فقد لفظ (أنّ) استأنف لطول الكلام.
قوله تعالى: وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ «1» يقرأ بضم الذال، وإسكانها. فالحجة لمن ضم: أنه أتى ذلك ليتبع الضم الضم، والأصل عنده: الإسكان.
ومن أسكن فالحجة له: أنه خفف لثقل توالي الضمتين، والأصل عنده: الضم.
ويمكن أن يكون الضم والإسكان لغتين.
قوله تعالى: وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ «2». يقرأ بإسكان اللام وكسرها. فالحجة لمن أسكن: أنه جعلها لام الأمر فجزم بها الفعل، وأسكنها تخفيفا، وإن كان الأصل فيها الكسر. والحجة لمن كسر: أنه جعلها لام كي فنصب بها الفعل. وتقدير الكلام:
وآتيناه الإنجيل ليحكم أهله بما أنزل الله فيه.
والوجه أن يكون لام الأمر، لأنها في حرف عبد الله «3» وأبيّ «4» وأن ليحكم «5».
قوله تعالى: أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ «6» يقرأ بالتاء والياء. فالحجة لمن قرأ بالتاء:
أن معناه والله أعلم: قل يا محمد للكفرة: إذا كنتم لا تحكمون بما في كتب الله عز وجل أفتبغون حكم الجاهلية؟ والحجة لمن قرأه بالياء: أنه إخبار من الله تعالى عنهم في حال الغيبة فدل بالياء على ذلك.
قوله تعالى: وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا «7». يقرأ بالرفع، والنصب. فالحجة لمن رفع:
__________
(1) المائدة: 45.
(2) المائدة: 47.
(3) انظر: 72
(4) انظر: 87.
(5) فلو كانت لام كي لما دخلت عليها أن المصدرية حتى لا يتسلط عاملان ناصبان على فعل واحد.
(6) المائدة: 50.
(7) المائدة: 53

(1/131)


أنه ابتدأ بالفعل فأعربه بما وجب له بلفظ المضارعة. والحجة لمن نصب: أنه ردّه على قوله: أَنْ يَأْتِيَ «1»، وأن يقول:
قوله تعالى: مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ «2» يقرأ بالإدغام والفتح، وبالإظهار والجزم. فالحجة لمن أدغم: أنه لغة أهل الحجاز، لأنهم يدغمون الأفعال لثقلها كقوله تعالى: إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا «3»، ويظهرون الأسماء لخفتها كقوله: عَدَدَ سِنِينَ «4»، ليفرّقوا بذلك بين الاسم والفعل. والحجة لمن أظهر: أنه أتى بالكلام على الأصل، ورغب- مع موافقة اللغة- في الثواب إذ كان له بكل حرف عشر حسنات.
قوله تعالى: وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ «5» يقرأ بالنصب، والخفض. فالحجة لمن نصب:
أنه ردّه على قوله: لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ «6» والكفار؛ لأن معنى الألف واللام في الكفار بمعنى الذي.
ويجوز أن يكون معطوفا على موضع (من) في قوله: (من الذين)، لأن موضعه نصب فيكون كقول الشاعر «7»:
معاوي إنّنا بشر فأسجح ... فلسنا بالجبال ولا الحديدا
«8» فعطف «الحديد» على موضع الباء والجبال، لأن موضعهما نصب بخبر ليس.
والحجة لمن خفض أنه عطفه على قوله: (من الذين) (لفظا) يريد: ومن الكفار، لأنه كذلك في حرف عبد الله وأبيّ. والحجة لمن أماله كسر الراء في آخره. والحجة لمن فخمه:
أنه جمع، والجمع يستثقل فيه ما يستخفّ في الواحد.
قوله تعالى: وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ «9» يقرأ بفتح الباء ونصب التاء، وبضم الباء وخفض
__________
(1) المائدة: 52.
(2) المائدة: 54.
(3) مريم: 84.
(4) المؤمنون: 112.
(5) المائدة: 57
(6) الآية 57 من سورة المائدة.
(7) هو لعقيبة الأسدي.
(8) استشهد بهذا البيت الفرّاء في معاني القرآن 2: 348 وذكره البغدادي في خزانة الأدب 1: 343. وذكره سيبويه في الكتاب: 1: 34، 352، 375، 448.
(9) المائدة: 60.

(1/132)


التاء. فالحجة لمن فتح الباء: أنه جعله فعلا ماضيا مردودا على قوله: (من لعنه الله) ومن عبد الطاغوت. والحجة لمن ضم الباء: أنه جعله جمع عبد «1»، وأضافه إلى الطاغوت.
و (عبد) يجمع على ثمانية أوجه: «2» هذا أقلها. وقال الفراء: «3» ويجوز أن يكون (عبد) هاهنا واحدا ضمت الباء منه دلالة على المبالغة كما قالوا: حذر ويقظ. ومعناه:
وخدم الطاغوت. والطاغوت يكون واحدا وجمعا ومذكرا ومؤنثا. وشاهد ذلك في القرآن موجود.
قوله تعالى: فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ «4» وحَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ «5» وعَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي «6» يقرأن بالتوحيد والجمع. فالحجة لمن وحّد: أنه جعل الخطاب للرسول عليه السلام.
والحجة لمن جمع: أنه جعل كل وحي رسالة، فالاختيار في قوله: حيث يجعل رسالته الجمع لقوله: مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ «7».
قوله تعالى: وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ «8». يقرأ بالرفع، والنصب. فالحجة لمن رفع:
أنه جعل (لا) بمعنى ليس، لأنها يجحد بها كما يجحد ب «لا» «9»، فحالت بين أن وبين النصب. وقال البصريون: (أن) هذه مخففة من المشددة، وليست (أن) التي وضعت
__________
(1) قال الجوهري: «وليس هذا بجمع لأنّ (فعلا) لا يجمع على (فعل) وإنما هو اسم يبني على فعل، مثل حذر، وندس فيكون المعنى: خادم الطاغوت. وأما قول الشاعر أوس بن حجر:
ابني لبينى إنّ أمّكم أمة، وإنّ أباكم عبد فإن الفراء يقول: إنما ضم الباء ضرورة، لأن القصيدة من الكامل، وهي حذاء انظر: الصحاح مادة: عبد.
(2) ذكر الجوهري هذه الأوجه، وهي: عبيد، وأعبد، وعباد، وعبدان، وعبدان، وعبّدّان، وعبّدا، يمد ويقصر، ومعبوداء بالمد، وحكى الأخفش عبد مثل: سقف وسقف. هذا ولم يعتد الجوهري بالجمع الذي ذكره ابن خالويه كما تقدم. (الصحاح: عبد).
الطاغوت يكون واحدا كما في هذه الآية، ويكون جمعا: كقوله تعالى: أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ ومذكّرا كقوله تعالى: يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ ومؤنثا كقوله تعالى: وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها.
(3) الفراء: 60.
(4) المائدة: 67.
(5) الأنعام: 124.
(6) الأعراف: 144.
(7) الأنعام: 124.
(8) المائدة: 71.
(9) الأوضح أن يقول: كما يجحد بليس.

(1/133)


لنصب الفعل فلا تدخل عليه إلّا بفاصلة، إمّا ب «لا» أو بالسين، ليكون لك عوضا من التشديد، وفاصلة بينها وبين غيرها: ومنه قوله تعالى: عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى «1» أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ «2». لم يختلف القراء في رفعه ولا النحويون أنها مخففة من الشديدة، وأنّ الأصل فيه: أنه لا يرجع، وأنه سيكون. والحجة لمن نصب: أنه جعل أن الناصبة للفعل، ولم يحل ب «لا» بينها وبين الفعل كما قال تعالى: ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ «3» وأَلَّا تَسْجُدَ «4».
قوله تعالى: بِما عَقَّدْتُمُ «5». يقرأ بإثبات الألف وبالتخفيف، وبطرحها والتشديد.
فالحجة لمن أثبتها: أنه فعل من اثنين فما زاد. والحجة لمن خفف: أنه أراد: فعلتم ذلك من العقد. والحجة لمن شدّد: أنه أراد: أكّدتم. وقد ذكر في النساء بأبين من هذا «6».
وكذلك (قيما) و (قياما) «7» أيضا.
قوله تعالى: فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ «8». يقرأ بالتنوين ورفع مثل. وبطرح التنوين وإضافة مثل. فالحجة لمن نون: أنه جعل قوله: فجزاء مبتدأ، وجعل قوله: (مثل) الخبر.
أو برفعه بإضمار. يريد: فعليه جزاء ويكون (مثل) بدلا من جزاء. والحجة لمن أضاف:
أنه رفعه بالابتداء، والخبر قوله: (من النعم) و (ما) هاهنا على وجهين: أحدهما:
أن يكون بمعنى: مثل الذي قتل. والثاني: أن يكون بمعنى مثل المقتول.
قوله تعالى: أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ «9». يقرأ بالتنوين ورفعهما، وبطرح التنوين والإضافة.
فالحجة لمن رفع الطعام: أنه جعله بدلا من الكفارة لأنه هي في المعنى. وهذا بدل الشيء من الشيء. وهو: هو. وفيه أنه بدل معرفة من نكرة «10». والحجة لمن أضاف: أنه أقام
__________
(1) المزمل: 20.
(2) طه: 89.
(3) ص: 75
(4) الأعراف: 12
(5) المائدة: 89
(6) في قوله تعالى: وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ آية 33» انظر: 98.
(7) في قوله تعالى: الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً آية 5 من سورة النساء.
(8) المائدة: 95.
(9) المائدة: 95.
(10) لأن «طعام» مضاف إلى «مساكين».

(1/134)


الاسم مقام المصدر فجعل الطعام مكان الإطعام.
قوله تعالى: هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ «1». يقرأ بالياء والرفع، وبالتاء والنصب. فالحجة لمن قرأ بالرفع: أنه جعل الفعل لله تعالى فرفعه به، وهم في هذا السؤال عالمون أنه يستطيع ذلك، فلفظه لفظ الاستفهام، ومعناه معنى الطلب والسؤال. والحجّة لمن قرأ بالنصب:
أنه أراد: هل تستطيع سؤال ربك؟ ثم حذف السؤال، وأقام (ربك) مقامه كما قال:
وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ «2» يريد: أهل القرية.
ومعناه: سل ربك أن يفعل بنا ذلك فإنه عليه قادر.
قوله تعالى: إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ «3». بإثبات الألف، وطرحها في أربعة مواضع:
هاهنا. وفي أول يونس «4». وفي هود «5». وفي الصف «6». فالحجة لمن أثبت الألف:
أنه أراد به: اسم الفاعل. والحجة لمن حذفها: أنه أراد: المصدر.
قوله تعالى: مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ «7». يقرأ بضم التاء وكسر الحاء، وبفتحهما. فالحجة لمن ضم: أنه جعله فعل ما لم يسم فاعله، والحجة لمن فتح: أنه جعله فعلا لفاعل.
قوله تعالى: الْأَوْلَيانِ «8». يقرأ بالتثنية والجمع «9». فالحجة لمن قرأه بالتثنية: أنه ردّه على قوله: (وآخران) فأبدله منهما دلالة عليهما. والحجة لمن قرأه بالجمع: أنه ردّه على قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا «10».
قوله تعالى: إِنِّي مُنَزِّلُها «11» يقرأ بالتشديد، والتخفيف. فالحجة لمن شدد: أنه
__________
(1) المائدة: 112.
(2) يوسف: 82
(3) المائدة: 110
(4) يونس: 2
(5) هود: 7
(6) الصف: 6
(7) المائدة: 107.
(8) المائدة: 107.
(9) أي الأوّلين، وهو صفة (للذين استحق) أو بدل من الضمير في (عليهم) انظر العكبري في (إملاء ما من به الرحمن 1: 30).
(10) المائدة: 106
(11) المائدة: 115.

(1/135)


أخذه من: نزّل فهو منزّل. والحجة لمن خفف: أنه أخذه من أنزل فهو منزل.
قوله تعالى: فَتَكُونُ طَيْراً «1». يقرأ بإثبات الألف «2»، وطرحها. فالحجة لمن أثبت:
أنه أراد الواحد من هذا الجنس. والحجة لمن طرح: أنه أراد الجمع.
قوله تعالى: هذا يَوْمُ يَنْفَعُ «3». يقرأ بالرفع والنصب. فالحجة لمن رفع: أنه جعل (هذا) مبتدأ، و (يوم ينفع) الخبر. والحجة لمن نصب: أنه جعله ظرفا للفعل، وجعل (هذا) إشارة إلى ما تقدّم من الكلام. يريد: والله أعلم: هذا الغفران والعذاب في يوم ينفع الصادقين صدقهم، أو يكون (اليوم) هاهنا مبنيا على الفتح لإضافته (إلى أسماء الزمان) «4»، لأنه مفعول فيه. فإن قيل: فالأفعال لا تضاف ولا يضاف إليها «5»، فقل: إنّ الفعل وإن أضيف هاهنا إلى أسماء الزمان فالمراد به: المصدر دون الفعل.