الحجة في القراءات السبع ومن سورة الحج
قوله تعالى: وَتَرَى النَّاسَ سُكارى. وَما هُمْ بِسُكارى «3»
يقرءان بضم السين وإثبات الألف، وبفتحها وطرح الألف، وهما
جمعان «لسكران» وسكرانة». فالحجة لمن ضم السين وأثبت الألف:
أنه لما كان السّكر يضعف حركة الإنسان شبّه بكسلان وكسالى.
والحجة لمن فتح وحذف الألف: أنه لما كان السكر آفة داخلة على
الإنسان شبه بمرضى وهلكى.
فإن قيل: فما وجه النفي بعد الإيجاب؟ فقل: وجهه: أنهم سكارى
خوفا من العذاب وهول المطلع وما هم بسكارى كما كانوا يعهدون من
الشراب في دار الدنيا.
قوله تعالى: وَلُؤْلُؤاً «4». يقرأ بالخفض، والنّصب، وبهمزتين،
وبهمزة واحدة.
فالحجة لمن خفض أنه ردّه بالواو على أول الكلام، لأن الاسم
يعطف على الاسم. والحجة لمن نصب: أنه أضمر فعلا كالأول معناه:
ويحلّون لؤلؤا، وسهل ذلك عليه كتابها في السّواد هاهنا وفي
(الملائكة) «5» بألف. والحجة لمن همز همزتين: أنه أتى بالكلمة
على أصلها. ولمن قرأه بهمزة واحدة: أنه ثقل عليه الجمع بينهما،
فخفّف الكلمة بحذف إحداهما، وقد اختلف عنه في الحذف. فقيل:
الأولى، وهي أثبت، وقيل: الثانية، وهي أضعف.
قوله تعالى: ثُمَّ لْيَقْضُوا «6». يقرأ بكسر اللام وإسكانها
مع ثمّ، والواو، والفاء.
__________
(1) الأنبياء: 112.
(2) الأنبياء: 112.
(3) الحج: 2.
(4) الحج: 23.
(5) فاطر: 33.
(6) الحج: 29.
(1/252)
والكسر مع ثمّ أكثر. فالحجة لمن كسر: أنه
أتى باللام على أصل ما وجب لها قبل دخول الحرف عليها. والحجة
لمن أسكن: أنه أراد: التخفيف لثقل الكسر. وإنما كان الاختيار
مع (ثمّ) الكسر ومع (الواو) و (الفاء) الإسكان أن (ثمّ) حرف
منفصل يوقف عليه، والواو والفاء لا ينفصلان، ولا يوقف عليهما.
وكلّ من كلام العرب.
قوله تعالى: سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ «1». يقرأ
بالرفع والنصب «2». فالحجة لمن رفع: أنه أراد الابتداء،
والعاكف الخبر. والحجة لمن نصب: أنه أراد: مفعولا ثانيا لقوله:
(جعلناه) ورفع العاكف بفعل يريد به: (استوى) العاكف فيه
والبادي.
قوله تعالى: هذانِ «3» يقرأ بتشديد النون وتخفيفها. وقد ذكرت
علله آنفا «4».
قوله تعالى: وَالْبادِ «5» يقرأ بإثبات الياء وحذفها. وقد ذكرت
الحجة فيه «6».
قوله تعالى: وَلْيُوفُوا «7». يقرأ بتشديد الفاء، وتخفيفها،
فالحجة لمن شدد: أنه استدل بقوله: وَإِبْراهِيمَ الَّذِي
وَفَّى «8». والحجة لمن خفف: أنه استدل بقوله:
أَوْفُوا بِالْعُقُودِ «9» وقد ذكرت علته آنفا «10».
قوله تعالى: فَتَخْطَفُهُ «11». يقرأ بفتح الخاء وتشديد الطاء.
وبإسكان الخاء وتخفيف الطاء. فالحجة لمن شدد أنه أراد:
(فتختطفه) فنقل فتحة التاء إلى الخاء وأدغم التاء في الطاء
فشدّد لذلك. والحجة لمن خفف: أنه أخذه من قوله تعالى: إِلَّا
مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ «12» وهما لغتان فصيحتان.
قوله تعالى: مَنْسَكاً «13» يقرأ بفتح السين وكسرها. فالحجة
لمن فتح: أنه أتى بالكلمة على أصلها، وما أوجبه القياس لها،
لأن وجه: فعل يفعل بضم العين أن يأتي المصدر منه والموضع
(مفعلا) بالفتح كقولك: مدخلا ومخرجا، ومنسكا. وما كان مفتوح
العين أتى المصدر منه بالفتح، والاسم بالكسر، كقولك: ضربت
مضربا، وهذا مضربي.
__________
(1) الحج: 25.
(2) أي سواء.
(3) الحج: 19.
(4) انظر: 121.
(5) الحج: 25.
(6) انظر: 169.
(7) الحج: 29.
(8) النجم: 37.
(9) المائدة: 1.
(10) انظر: 87 عند قوله تعالى: فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا.
(11) الحج: 31.
(12) الصافات: 10
(13) الحج: 34.
(1/253)
والحجة لمن كسر السين: أنه أخذه من الموضع
الذي تذبح فيه النسيكة، وهي: الشاة الموجبة لله.
قوله تعالى: لَهُدِّمَتْ «1». يقرأ بتشديد الدال وتخفيفها.
فالحجة لمن شدد: أنه أراد: تكرير الفعل. والحجة لمن خفف: أنه
أراد: المرّة الواحدة من الفعل. وهما لغتان فاشيتان.
قوله تعالى: وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ «2» وإِنَّ اللَّهَ
يُدافِعُ «3» يقرءان بفتح الدال من غير ألف، وبكسرها وإثبات
الألف. وقد ذكرت علته في البقرة «4».
قوله تعالى: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ «5» يقرأ بضم
الهمزة وفتحها. فالحجة لمن ضم:
أنه دلّ بذلك على بناء الفعل لما لم يسمّ فاعله. والحجة لمن
فتح: أنه جعل الفعل لله عز وجل.
قوله تعالى: يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ «6». يقرأ بفتح التاء
وكسرها على لما قدمناه من بناء الفعل لفاعله بالكسر، ولما لم
يسمّ فاعله بالفتح.
قوله تعالى: أَهْلَكْناها «7» يقرأ بالتاء، وبالنون والألف.
فالدليل لمن قرأ بالتاء قوله: فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ «8»، ولم
يقل: نكيرنا. والحجة لمن قرأ بالنون والألف: أنه اعتبر ذلك
بقوله تعالى: قَسَمْنا بَيْنَهُمْ «9» وهو المتولي لذلك.
قوله تعالى: وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ «10». يقرأ بالهمز على
الأصل، وبتركه تخفيفا.
قوله تعالى: مِمَّا تَعُدُّونَ «11». يقرأ بالياء والتاء على
ما قدمنا القول في أمثاله.
قوله تعالى: مُعاجِزِينَ «12» يقرأ بتشديد الجيم من غير ألف،
وبتخفيفها وإثبات الألف. فالحجة لمن قرأه بالتشديد: أنه أراد:
مبطئين مثبطين. والحجة لمن قرأه بالتخفيف:
أنه أراد: معاندين، فالتثبيط والتعجيز خاص لأنه في نوع واحد،
وهو: الإبطاء عن الرسول عليه السلام، والعناد عام، لأنه يدخل
فيه الكفر. والمشاقّة. على أن معناهما قريب عند النظر، لأن من
أبطأ عن الرسول فقد عانده وشاقّه.
__________
(1) الحج: 40.
(2) الحج: 40.
(3) الحج: 38.
(4) انظر: 99.
(5) الحج: 39.
(6) الحج: 39.
(7) الحج: 45.
(8) الحج: 44.
(9) الزخرف: 32.
(10) الحج: 45.
(11) الحج: 47.
(12) الحج: 51.
(1/254)
فأمّا قوله تعالى: أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا
مُعْجِزِينَ «1» لأنه يصير بمعنى: لم يكونوا معاندين، وهذا
خطأ. ومعنى معجزين: سابقين فائتين. ومنه: أعجزني الشيء.
قوله تعالى: ثُمَّ قُتِلُوا «2» يقرأ بتشديد التاء وتخفيفها.
وقد ذكر «3».
وقوله: مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ «4» يقرأ بضم الميم وفتحها وقد
تقدم ذكره «5».
قوله تعالى: وَأَنَّ ما يَدْعُونَ «6» يقرأ بالتاء والياء
هاهنا وفي لقمان «7» وفي العنكبوت «8» والمؤمن «9». وقد ذكرت
الأدلة فيه مقدمة فيما سلف «10».
ومن سورة المؤمنون
قوله تعالى: لِأَماناتِهِمْ «11»، يقرأ بالتوحيد والجمع. فمن
وحّد استدل بقوله:
وَعَهْدِهِمْ «12» ولم يقل: وعهودهم. ومن جمع استدل بقوله:
أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها «13».
قوله تعالى: عَلى صَلَواتِهِمْ «14». يقرأ بالتوحيد والجمع.
فالحجة لمن وحّد: أنه اجتزأ بالواحد عن الجميع، كما قال تعالى:
أَوِ الطِّفْلِ «15». والحجة لمن جمع: أنه أراد:
الخمس المفروضات. والنوافل المؤكدات. وقد ذكر معنى الصلاة في
براءة «16».
__________
(1) هود: 20.
(2) الحج: 58.
(3) انظر: 162.
(4) الحج 59.
(5) انظر: 122.
(6) الحج: 62.
(7) لقمان: 30
(8) العنكبوت: 42.
(9) المؤمن: 20.
(10) انظر: 82 عند قوله تعالى: وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا
تَعْمَلُونَ، وهي قراءة مكرّرة أكثر من مرّة في الكتاب.
(11) المؤمنون: 8.
(12) المؤمنون: 8.
(13) النساء: 58.
(14) المؤمنون: 9.
(15) النور: 31.
(16) انظر: 177.
(1/255)
قوله تعالى: فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً
«1». يقرأ بالتوحيد والجمع على ما ذكرنا في قوله:
(صلواتهم).
قوله تعالى: سَيْناءَ «2» يقرأ بكسر السين وفتحها وهما لغتان.
وأصله: (سرياني).
فالحجة لمن كسر: قوله تعالى: وَطُورِ سِينِينَ «3». والحجة لمن
فتح: أنه يقول: لم يأت عن العرب صفة في هذا الوزن إلّا بفتح
أولها، كقولهم: (حمراء) و (صفراء) فحملته على الأشهر من
ألفاظهم. ومعناه: ينبت الثمار.
قوله تعالى: تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ «4». يقرأ بضم التاء وكسر
الباء، وبفتح التاء وبضم الباء.
فالحجة لمن ضم التاء: أنه أراد: تخرج الدهن، ولم يتعدّ بالباء،
«5» لأن أصل النبات:
الإخراج. والحجة لمن فتح التاء: أنه أراد: أن نباتها بالدّهن،
وهو كلام العرب إذا أثبتوا الألف في الماضي خزلوا الباء، وإذا
خزلوا الألف أثبتوا الباء. وعلة ذلك أنّ (نبت) فعل لا يتعدّى
إلا بواسطة، فوصلوه بالباء، ليتعدّى. و (أنبت) فعل يتعدّى بغير
واسطة، فغنوا عن الباء فيه.
قوله تعالى: نُسْقِيكُمْ «6» بضم النّون وفتحها. وقد ذكرت
علّته في النحل «7».
قوله تعالى: مُنْزَلًا مُبارَكاً «8». يقرأ بضم الميم، وفتحها،
على ما تقدم من ذكر العلّة فيه «9».
__________
(1) المؤمنون: 14.
(2) المؤمنون: 20.
(3) التين: 2.
(4) المؤمنون: 20.
(5) والباء على هذه القراءة زائدة قال أبو عبيدة في المجاز:
ومن مجاز ما يزاد في الكلام من حروف الزوائد: «إِنَّ اللَّهَ
لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً. فَما
فَوْقَها»، «فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ».
«وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ
بِالدُّهْنِ». «ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ مجاز هذا أجمع
إلقاؤهنّ. انظر: مجاز القرآن: 11 لأبي عبيدة معمر بن المثنى.
(6) المؤمنون: 21.
(7) انظر: 212.
(8) المؤمنون: 29.
(9) انظر: 122.
(1/256)
قوله تعالى: مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ
اثْنَيْنِ «1». يقرأ بالإضافة والتنوين. وعلته مستقصاة في
(هود) «2».
قوله تعالى: تَتْرا «3». يقرأ بالتنوين وتركه. فالحجة لمن
نوّن: أنه جعله مصدرا من قولك: وتر يتر وترا، ثم أبدل من الواو
تاء، كما أبدلوها في (تراث) ودليل ذلك كتابتها في السواد بألف،
وكذلك الوقوف عليه بألف. ولا تجوز الإمالة فيه إذا نوّن وصلا
ولا وقفا، لأنه جعل الألف فيه ألف إلحاق، كما جعلوها في (أرطى)
«4» و (معزى).
والحجة لمن لم ينوّن: أنه جعلها ألف التأنيث، كمثل (سكرى) ففي
هذه القراءة تجوز فيها الإمالة، والتفخيم وصلا ووقفا.
قوله تعالى: زُبُراً «5». يقرأ بضم الباء وفتحها. وقد ذكرت
علته «6».
قوله تعالى: نُسارِعُ لَهُمْ «7»، أماله الكسائي لمكان كسرة
الراء، وفخّمه الباقون.
قوله تعالى: إِلى رَبْوَةٍ «8» يقرأ بضم الراء وفتحها، وقد
ذكرت علته في البقرة «9».
قوله تعالى: وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ «10» يقرأ بفتح الهمزة
وكسرها، وبتخفيف النون وتشديدها مع الفتح. فالحجة لمن فتح: أنه
ردّه على قوله: (أني بما تعلمون عليم) وبأن هذه أو لأن هذه
«11». والحجة لمن كسر: أنه جعل الكلام تامّا عند قوله: (عليم)
ثم
__________
(1) المؤمنون: 27.
(2) انظر: 186.
(3) المؤمنون: 44.
(4) الأرطى: شجر: نوره كنوز الخلاف، وثمره، كالعنّاب، تأكله
الإبل غضة، وعروقه حمر. الواحدة أرطاة، ألفه للإلحاق. انظر:
القاموس: الأرطى.
(5) المؤمنون: 53.
(6) انظر: 128.
(7) المؤمنون: 56.
(8) المؤمنون: 51.
(9) انظر: 102.
(10) المؤمنون: 52.
(11) في كتاب سيبويه: 1: 464 وسألته عن قوله جلّ ذكره: وَإِنَّ
هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً فقال: (إنما هو على حذف
اللام، كأنه قال: ولأن هذه أمتكم أمة واحدة ثم قال سيبويه: ولو
قرءوها: وإن هذه امتكم امة واحدة كان جيّدا).
(1/257)
استأنف إنّ فكسرها. وقد ذكرت العلة في
تشديد النون وتخفيفها في (هود) «1».
قوله تعالى: تَهْجُرُونَ «2». يقرأ بفتح التاء وضم الجيم. وبضم
التاء وكسر الجيم.
فالحجة لمن فتح التاء: أنه أراد به: هجران المصادمة، لتركهم
سماع القرآن والإيمان به.
والحجة لمن ضم: أنه جعله من قولهم: أهجر المريض إذا أتى بما لا
يفهم عنه، ولا تحته معنى يحصّل، لأنهم كانوا إذا سمعوا القرآن
لغوا فيه، وتكلّموا بالفحش، وهذوا، وسبّوا فقال الله عز وجل:
مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ «3». قيل: بالقرآن، وقيل: بالبيت العتيق.
قوله تعالى: سَيَقُولُونَ لِلَّهِ «4» في الثلاثة مواضع «5»:
فالأولى، لا خلف فيها. والأخريان تقرءان بلام الإضافة والخفض،
وبطرحها والرفع. فالحجة لمن قرأهما بلام الإضافة:
أنه ردّ آخر الكلام على أوله، فكأنه قال: هي (لله). ودليلهم:
أنهما في الإمام بغير ألف.
والحجة لمن قرأهما بالألف: أنه أراد بهن: الله. قل: هو الله،
وترك الأولى مردودة على قوله: لمن الأرض؟ قل: لله. والأمر
بينهما قريب، ألا ترى لو سأل سائل: من ربّ هذه الضّيعة؟ فإن
قلت: فلان، أردت: ربّها، وإن قلت: لفلان أردت هي لفلان.
وكلّ صواب، ومن كلام العرب.
قوله تعالى: خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ «6» مذكور بعلله في
الكهف «7»، ولا خلف في الثانية أنها بالألف، لأنها به مكتوبة
في السواد.
قوله تعالى: عالِمِ الْغَيْبِ «8» يقرأ بالرفع والخفض.
فالرّفع بالابتداء، والخفض بالرّدّ على قوله: سُبْحانَ اللَّهِ
«9» عالم الغيب.
قوله تعالى: غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا «10». يقرأ بكسر
الشين من غير ألف، وبفتح الشين وإثبات الألف. وكلاهما مصدران،
أو اسمان مشتقّان من الشقاء. فأمّا الشّقاوة، فكقولهم:
سلم سلامة. وأما الشّقوة فكقولهم: فديته فدية.
قوله تعالى: سِخْرِيًّا «11» يقرأ بكسر السين وضمّها. فالحجة
لمن كسر: أنه أخذه
__________
(1) انظر: 191 عند قوله تعالى: وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا
لَيُوَفِّيَنَّهُمْ ...
(2) المؤمنون: 67.
(3) المؤمنون: 67.
(4) المؤمنون: 85.
(5) المؤمنون: 85: 87: 89.
(6) المؤمنون: 72.
(7) انظر: 231.
(8) المؤمنون: 92.
(9) المؤمنون: 91.
(10) المؤمنون: 106.
(11) المؤمنون: 110.
(1/258)
من (السّخريّا) «1». والحجة لمن ضم: أنه
أخذه من (السّخرة) «2». وكذلك التي في (صاد) «3»، فأما التي في
الزخرف «4» فبالضم لا غير.
قوله تعالى: أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ «5». يقرأ بفتح
الهمزة، وكسرها. فالحجة لمن فتح أنه أراد: الاتصال بقوله:
إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا «6» لأنهم.
والحجة لمن كسر:
أنه جعل الكلام تامّا عند قوله: (بما صبروا) ثم ابتدأ إنّ
فكسرها.
قوله تعالى: قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ «7» قالَ إِنْ لَبِثْتُمْ
«8» يقرءان بإثبات الألف، وحذفها وبالحذف في الأول والإثبات في
الثاني. فالحجة لمن أثبت: أنه أتى به على الخبر.
والحجة لمن حذف: أنه أتى به على الأمر. ويقرءان أيضا بالإدغام
للمقاربة وبالإظهار على الأصل.
قوله تعالى: وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ «9» يقرأ بضم
التاء على معنى: تردون، وبفتحها على معنى: تصيرون.
ومن سورة النور
قوله تعالى: وَفَرَضْناها «10». يقرأ بتشديد الراء وتخفيفها.
فالحجة لمن شدد: أنه أراد: بيّنّاها وفصّلناها، وأحكمناها
فرائض مختلفة، وآدابا مستحسنة.
قال (الفراء) «11»: وجه التشديد: أن الله تعالى فرضه عليه وعلى
من يجيء بعده، فلذلك شدّده. والحجة لمن خفف: أنه جعل العمل بما
أنزل في هذه السورة لازما لجميع المسلمين
__________
(1) قال في القاموس: مادة: سخر: سخره: كمنعه سخريّا بالكسر،
ويضم: كلّفه ما لا يريد وقهره.
(2) وفي القاموس: سخر منه وبه، كفرح سخرا وسخرا، وسخرة هزئ،
كاستسخر.
(3) ص 63.
(4) الزخرف: 32.
(5) المؤمنون: 111.
(6) المؤمنون: 111.
(7) المؤمنون: 112.
(8) المؤمنون: 114.
(9) المؤمنون: 115.
(10) النّور: 1.
(11) الفرّاء: 60.
(1/259)
لا يفارقهم أبدا ما عاشوا فكأنه مأخوذ من
(فرض القوس) وهو الحز لمكان الوتر.
قوله تعالى: وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ «1». يقرأ
بإسكان الهمزة وفتحها، وهي مصدر في الوجهين. فالحجة لمن أسكن:
أنه حذا بها: طرف يطرف طرفا. والحجة لمن فتح:
أنه حذا بها: كرم يكرم كرما، وأدخل الهاء دلالة على المرة
الواحدة. ومعنى الرأفة:
رقّة القلب، وشدّة الرحمة.
قوله تعالى: أَرْبَعُ شَهاداتٍ «2» يقرأ بالرفع والنصب. فالحجة
لمن رفع: أنه جعله خبرا لقولهم: فشهادة أحدهم. والحجة لمن نصب:
أنه أضمر فعلا له معناه فشهادة أحدهم أن يشهد أربع شهادات.
فإن قيل: فالشهادة الأولى واحدة والثانية أربع، فقل: معناها
معنى الجمع، وإن كانت بلفظ الواحد كما تقول: صلاتي خمس وصيامي
عشر.
قوله تعالى: وَالْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ
«3» وأَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها «4» يقرءان بتشديد أنّ
ونصب اللعنة، والغضب إلّا ما قرأ به (نافع) «5» من التخفيف
والرفع للّعنة وجعله (غضب) فعلا ماضيا، والله تعالى رفع به.
فالحجة لمن شدد ونصب: أنه أتى بالكلام على أصل ما بني عليه.
والحجة لمن خفف: (أنّ) ورفع بها ما قدمناه آنفا «6»، وهو
الوجه. ولو نصب لجاز.
قوله تعالى: إِذْ تَلَقَّوْنَهُ «7». يقرأ بالإدغام والإظهار.
فالحجة لمن أدغم مقاربة الحرفين في المخرج. والحجة لمن أظهر:
أنه أتى به على الأصل، إلّا ما روي عن (ابن كثير) من تشديد
التاء وإظهار الذال، وليس ذلك بمختار في النحو لجمعه بين
ساكنين.
قوله تعالى: يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ «8». يقرأ بالتاء
والياء. فالحجة لمن قرأه بالياء قال:
__________
(1) النّور: 2.
(2) النور: 6.
(3) النور: 7.
(4) النور: 9.
(5) انظر: 61.
(6) انظر: 191 عند قوله تعالى: وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا
لَيُوَفِّيَنَّهُمْ.
(7) النور: 15.
(8) النور: 24
(1/260)
اللّسان مذكّر، فذكرت الفعل كما أقول: يقوم
الرجال، والحجة لمن قرأ بالتاء: أنه أتى به على لفظ الجماعة،
واللسان يذكر فيجمع (ألسنة) ويؤنث فيجمع (ألسن) «1» فأما قوله:
إنّي أتتني لسان لا أسرّ بها ... من علو لا عجب فيها ولا سخر
«2» فإنه أراد باللسان هاهنا: الرّسالة.
قوله تعالى: غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ «3» يقرأ بالنصب
والخفض. فالحجة لمن قرأه بالنصب:
أنه استثناه، أو جعله حالا. والحجة لمن خفض: أنه جعله وصفا
للتابعين. والإربة:
الكناية عن الحاجة إلى النساء. ومنه (وكان أملككم «4» لاربه)
أي لعضوه القاضي للحاجة.
قوله تعالى: أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ «5» يقرأ وما أشبهه من
النداء بهاء التنبيه بإثبات الألف وطرحها، وإسكان الهاء.
فالحجة لمن أثبت: أنها عنده (هذا) التي للإشارة، طرح منها (ذا)
فبقيت الهاء التي كانت للتنبيه، فإثبات الألف فيها واجب،
والدليل على ذلك قوله:
* ألا أيّ هذا المنزل الدارس اسلم «6» * فأتى به تامّا على
الأصل. والحجة لمن حذف، وأسكن الهاء: أنه اتّبع خطّ السّواد
واحتج بأن النداء مبني على الحذف، وإنما فتحت الهاء لمجيء ألف
بعدها فلما ذهبت الألف
__________
(1) اللّسان: جارحة الكلام، وقد يكنّى به عن الكلمة فيؤنث
حينئذ. فمن ذكره قال: ثلاثة ألسنة مثل: حمار وأحمرة، ومن أنث
قال: ثلاث ألسن: مثل ذراع وأدرع.
(2) تتفق رواية خزانة الأدب مع رواية ابن خالويه، ولكنه في
(الأصمعيات) جاء على هذه الصورة:
قد جاء من عل أنباء أنبّؤها ... إليّ لا عجب منها ولا سخر
وروي علو مثلث الواو. والبيت مطلع قصيدة لأعشى باهلة، ويكنى:
أبا قحفان واسمه عامر بن الحرث بن رباح ابن أبي خالد بن ربيعة.
انظر: خزانة الأدب للبغدادي 3: 135. الأصمعيات: 89 تثقيف
اللسان، وتلقيح الجنان: 144. وشرح المفصّل لابن يعيش 4: 90.
(3) النّور: 31.
(4) انظر: (النهاية في غريب الحديث لابن الأثير 1: 36).
(5) النور: 31.
(6) انظر: بيت الكتاب 1: 308 وشرح المفصل 2: 7.
(1/261)
عادت الهاء إلى السكون، وإنما يوقف على مثل
هذا اضطرارا لا اختيارا.
قوله تعالى: كَمِشْكاةٍ «1» يقرأ بالتفخيم إلّا ما روي عن
(الكسائي) من إمالته وقد ذكر الاحتجاج في مثله آنفا «2».
قوله تعالى: دُرِّيٌّ «3» يقرأ بكسر الدال والهمز والمدّ،
وبضمّها والهمز والمدّ، وبضمها وتشديد الياء. فالحجة لمن كسر
وهمز: أنه أخذه من الدّر وهو: الدّفع في الانقضاض وشدّة الضوء.
وكسر أوله تشبيها بقولهم: سكّيت: أي كثير السكوت. والحجة لمن
ضمّ أوّله أنه شبّهه ب «مرّيق» «4» وإن كان عجميّا، والحجة لمن
ضمّ وشدد: أنه نسبه إلى الدّر لشدة ضوئه.
قوله تعالى: اسْتَوْقَدَ «5». يقرأ بالتاء والتشديد، وبالياء
والتاء والتخفيف، والرّفع.
فالحجة لمن قرأه بالتشديد: أنه جعله فعلا ماضيا أخبر به عن
الكوكب، وأخذه من التّوقّد.
والحجة لمن قرأه بالتاء والرفع: أنه جعله فعلا للزجاجة. والحجة
لمن قرأه بالياء: أنه جعله فعلا للكوكب، وكلاهما فعل لما لم
يسمّ فاعله، مأخوذان من الإيقاد.
قوله تعالى: يُسَبِّحُ لَهُ فِيها «6». يقرأ بفتح الباء
وكسرها. فالحجة لمن فتح: أنه جعله فعلا لما لم يسمّ فاعله ورفع
(الرجال) بالابتداء، والخبر (لا تلهيهم). والحجة لمن كسر:
أنه جعله فعلا للرجال فرفعهم به، وجعل ما بعدهم وصفا لحالهم.
قوله تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَ «7». يقرأ بإثبات الألف وخفض
(كل). وبحذفها ونصب كل. فالحجة لمن أثبتها أنه أراد: الإخبار
عن الله تعالى باسم الفاعل فخفض ما بعده بالإضافة لأنه بمعنى
ما قد مضى وثبت. والحجة لمن حذف: أنه أخبر عن الله تعالى
بالفعل الماضي ونصب ما بعده بتعدّيه إليه.
__________
(1) النور: 35.
(2) انظر: 72.
(3) النور: 35.
(4) في القاموس: وكوكب درّيء كسكين، ويضم (وليس فعّيل سواه
ومرّيق): متوقّد متلألئ.
(5) النّور: 35.
(6) النّور: 36.
(7) النّور: 45
(1/262)
قوله تعالى: وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ «1» يقرأ
بالتشديد والتخفيف. وقد ذكرت علته فيما مضى «2».
قوله تعالى: وَيَتَّقْهِ «3» يقرأ بكسر القاف وإسكان الهاء،
وبإسكان القاف وكسر الهاء بياء وباختلاس حركة الهاء. فالحجة
لمن كسر القاف وأسكن: أن الهاء لما اختلطت بالفعل اختلاطا لا
تنفصل منه في حال ثقلت الكلمة لجمعها فعلا، وفاعلا، ومفعولا
فخفف بالإسكان. والحجة لمن كسر الهاء وأتبعها ياء: أنه كسر
الهاء لمجاورة كسرة القاف، وقوّاها بالياء إشباعا لكسرتها.
والحجة لمن حذف الياء واختلس الحركة أن الأصل كان قبل الجزم
(يتقيه) فلما سقطت الياء للجزم بقيت الهاء على ما كانت عليه.
والحجة لمن أسكن القاف وكسر الهاء: أنه كره الكسر في القاف
لشدتها، وتكريرها، فأسكنها تخفيفا أو أسكن القاف والهاء معا،
فكسر الهاء لالتقاء الساكنين، أو توهّم أن الجزم وقع على القاف
لأنها آخر حروف الفعل، ثم أتى بالهاء ساكنة بعدها، فكسر
لالتقاء الساكنين، والدليل على توهّمه ذلك قول الشاعر:
ومن يتّق فإنّ الله معه ... ورزق الله مؤتاب وغاد
«4» قوله سبحانه: سَحابٌ ظُلُماتٌ «5». يقرءان معا بالتنوين
والرفع. وبرفع الأول وإضافة الثاني إليه، وبرفع الأول وتنوينه
وخفض الثاني. والحجة لمن نوّنهما ورفعه: أنّه رفع (السحاب)
بالابتداء، والخبر (من فوقه) و (ظلمات) تبيين لقوله: (موج من
فوقه موج من فوقه سحاب) فهذه ثلاث ظلمات. وحقيقة رفعها على
البدل. والحجة لمن أضاف: أنه جعل الظّلمات غير السحاب فأضافه
كما تقول ماء مطر. والحجة لمن نوّن وخفض: أنه رفع قوله: (سحاب)
بالابتداء وخفض (الظلمات) بدلا من قوله (أو كظلمات).
__________
(1) النّور: 55.
(2) انظر: 161.
(3) النّور: 52.
(4) المؤتاب: اسم فاعل من ائتاب، افتعل من الأوب. والغادي: اسم
فاعل من غدا يغدو- انظر: (شواهد الشافية لابن الحاجب 2: 299.
والخصائص لابن جني 1: 333، 337. والمحتسب لابن جني 1: 361).
(5) النّور: 40.
(1/263)
قوله تعالى: وَلا يَحْسَبَنَّ. يقرأ بالياء والتاء وكسر السين
وفتحها. وقد ذكرت علله في آل عمران «1».
قوله تعالى: إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ «2». يقرأ
بالنصب [والرفع] «3» على ما ذكرناه آنفا «4».
قوله تعالى: اسْتَخْلَفَ «5». يقرأ بضم التاء وكسر اللام.
وبفتحهما. فالحجة لمن ضم:
أنه جعله فعل ما لم يسمّ فاعله (والذين) في موضع رفع. والحجة
لمن فتح: أنه جعله فعلا لله عز وجل لتقدمه في اول الكلام، و
(الّذين) في موضع نصب.
قوله تعالى: ثَلاثُ عَوْراتٍ «6» يقرأ بالرفع والنصب. فالحجة
لمن رفع: أنه ابتدأ فرفعه بالابتداء، والخبر (لكم)، أو رفعه
لأنه خبر ابتداء محذوف، معناه: هذه الأوقات ثلاث عورات لكم.
والحجة لمن نصب: أنه جعله بدلا من قوله ثَلاثَ مَرَّاتٍ «7». |