الحجة في القراءات السبع

ومن سورة القصص
قوله تعالى: وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما «3». يقرأ بالنون والنصب. وبالياء والرفع.
فالحجة لمن قرأه بالنون والنصب: أنه ردّه على قوله تعالى: وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ «4» و «أن نرى» فأتى بالكلام على سنن واحد، ونصب «فرعون» ومن بعده بتعدّي الفعل إليهم، والله هو الفاعل بهم عز وجل، لأنه بذلك أخبر عن نفسه. والحجة لمن قرأه بالياء: أنه استأنف الفعل بالواو، ودلّ بالياء على الإخبار عن (فرعون) ونسب الفعل إليه فرفعه به، وعطف من بعده بالواو عليه.
قوله تعالى: وَحَزَناً «5». يقرأ بضم الحاء وإسكان الزاي وبفتحهما معا. وقد تقدّمت الحجة فيه فيما سلف مستقصاة «6».
قوله تعالى: حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ «7» يقرأ بفتح الياء وضم الدّال، وبضم الياء وكسر الدّال، وبإشمام الصّاد الزّاي، وخلوصها صادا. فالحجة لمن ضمّ الياء: أنه جعله فعلا هم فاعلوه يتعدّى إلى مفعول. معناه: حتى يصدر الرعاء مواشيهم. والحجة لمن فتح الياء:
أنه جعله فعلا لهم غير متعدّ إلى غيرهم. والحجة لمن أشم الصّاد الزاي: أنه قرّبها بذلك من الدّال لسكون الصاد ومجيء الدّال بعدها.
والرعاء بكسر الراء والمد: جمع راع. وفيه وجهان آخران: راعون على السلامة، ورعاة على التكسير، وهو جمع مختص به الاسم المعتل فأصله عند البصريين: (رعية)
__________
(1) انظر: 136 عند قوله تعالى: هذا يَوْمُ يَنْفَعُ.
(2) النمل: 93.
(3) القصص: 6.
(4) القصص: 5.
(5) القصص: 8.
(6) انظر: 116.
(7) القصص: 23.

(1/276)


انقلبت ياؤه ألفا، لتحركها وانفتاح ما قبلها. وأصله عند الكوفيين رعى «1» فحذفوا حرفا كراهة للتشديد وألحقوا الهاء عوضا مما حذفوا فانقلبت الياء ألفا، لأن ما قبل الهاء لا يكون إلّا مفتوحا.
قوله تعالى: أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ «2». يقرأ بكسر الجيم، وفتحها، وضمّها. وهن لغات كما قالوا في اللبن: رغوة ورغوة، ورغوة، والكسر أفصح. ومعنى الجذوة:
عود في رأسه نار.
قوله تعالى: مِنَ الرَّهْبِ «3». يقرأ بضم الراء، وفتحها، وبفتح الهاء وإسكانها فقيل:
هن لغات. ومعناهن: الفزع. و «الجناح» «4» من الإنسان: اليد.
والمعنى: إنه لما ألقى العصا، فصارت جانا فزع منها، فأمر بضم يده إلى أضلاعه ليسكّن من روعه.
وقيل الرّهب: هاهنا «الكمّ» «5» تقول العرب: أعطني ما في رهبتك: فإن صح ذلك فإسكانه غير واجب، لأن العرب تسكّن المضموم والمكسور، ولا تسكن المفتوح، ألا ترى إلى حكاية «الأصمعي» «6» عن «أبي عمرو» وقال: قلت له: أنت تميل في قراءتك إلى التخفيف فلم لم تقرأ: «يدعوننا رغبا ورهبا» بالإسكان؟ فقال لي: ويلك! أجمل أخف أم جمل؟.
قوله تعالى: فَذانِكَ بُرْهانانِ «7». يقرأ بتشديد النون، وتخفيفها. قد ذكرت علله في سورة النساء «8».
فأما البرهانان: فاليد البيضاء من غير سوء أي من غير برص، والعصا المنقلبة جانّا.
__________
(1) وذهب أبو حنيفة إلى أن رعىّ: جمع رعاة، لأن (رعاة) وإن كان جمعا، فإنّ لفظه لفظ الواحد، فصار ك (مهاة)، ومهى. انظر: (لسان العرب: رعى).
(2) القصص: 29.
(3) القصص: 32.
(4) في قوله تعالى: وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ آية: 32.
(5) القاموس: الرهب بالتحريك: الكم.
(6) انظر: 205.
(7) القصص: 32.
(8) انظر: 121.

(1/277)


وأما قوله: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ «1» فقيل خمس في الأعراف، قوله:
فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ «2» واليد، والعصا، وحلّ عقد لسانه، وفلق البحر له، ولأمته.
قوله تعالى: رِدْءاً يُصَدِّقُنِي «3». يقرأ بإسكان الدّال وتحقيق الهمزة، وبفتح الدّال وتخفيف الهمزة. فالحجة لمن حقّق: أنه أتى بالكلام على أصله. ومعناه: العون. والحجة لمن خفّف: أنه نقل حركة الهمزة إلى الدّال فحرّكها وليّن الهمزة تخفيفا.
فأما يصدقني فأجمع على جزمه خمسة من الأئمة جوابا للطلب. ورفعه (حمزة) و (عاصم). ولهما فيه وجهان: أحدهما: أنهما جعلاه صلة «4» للنكرة. والثاني: أنهما جعلاه حالا من الهاء. وقد ذكر ذلك مشروحا في أول سورة مريم «5».
قوله تعالى: وَقالَ مُوسى رَبِّي أَعْلَمُ «6». يقرأ بإثبات الواو وحذفها. فالحجة لمن أثبتها: أنه ردّ بها القول على ما تقدّم من قولهم. والحجة لمن حذفها: أنه جعل قول موسى منقطعا من قولهم.
قوله تعالى: وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ «7». يقرأ بالياء والتاء. والحجة فيه ما قدمناه في أمثاله.
قوله تعالى: لا يُرْجَعُونَ «8» يقرأ بضم الياء على معنى يردّون. وبفتحها على معنى يصيرون.
قوله تعالى: سِحْرانِ تَظاهَرا «9». يقرأ بإثبات الألف وطرحها. فالحجة لمن أثبتها:
أنهم كنوا بذلك عن (موسى) و (محمّد) عليهما السلام. والحجة لمن طرحها: أنه أراد:
كنايتهم بذلك عن التّوراة: والفرقان.
قوله تعالى: يُجْبى إِلَيْهِ «10». يقرأ بالياء والتاء على ما بيناه آنفا.
__________
(1) الإسراء: 101.
(2) الأعراف: 133.
(3) القصص: 34.
(4) المراد بها صفة للنكرة.
(5) أنظر: 234 عند قوله تعالى: وَلِيًّا يَرِثُنِي.
(6) القصص: 37.
(7) القصص: 37، وفي الأصل من غير واو.
(8) القصص: 39.
(9) القصص: 48.
(10) القصص: 57.

(1/278)


قوله تعالى: لَخَسَفَ «1» يقرأ بضم الخاء دلالة على بناء ما لم يسمّ فاعله. وبفتحها دلالة على الإخبار بذلك عن الله عز وجل. ومعنى قوله: وَيْكَأَنَّهُ «2»: ألم تر أنه؟
وفيها وجهان: فأهل البصرة يختارون الوقف على (وي)، لأنها عندهم كلمة حزن ثم يبتدئون: (كأنه) وأهل الكوفة يختارون وصلها لأنها عندهم كلمة واحدة، أصلها:
ويلك أنّه»، فحذفت اللام، ووصلت بقوله: أنّه.

ومن سورة العنكبوت
قوله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ «3». يقرأ: «يروا» بالياء والتاء.
فالحجة لمن قرأه بالتاء: أنه أراد: معنى المواجهة بالخطاب لما أنكروا البعث والنشور. فقيل لهم: فإنكاركم لابتداء الخلق أولى بذلك. فإمّا أن تنكروهما جميعا أو تقرّوا بهما جميعا.
والحجة لمن قرأه بالياء فعلى طريق الغيبة والبلاغ لهم.
فأما قوله: يبدئ فيقرأ بضم الياء وكسر الدال، وبفتح الياء والدّال معا. فالحجة لمن ضم:
أنه أخذه من «أبدأ»، ومن فتح أخذه من «بدأ» وهما: لغتان.
قوله تعالى: النَّشْأَةَ «4». يقرأ بالمدّ والقصر، والهمز فيهما، والقول في ذلك كالقول في رَأْفَةٌ «5» فإسكانها كقصرها، وحركتها كمدّها، وهي في الوجهين مصدر.
قوله تعالى: مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ «6» يقرأ بالإضافة والرفع معا والنصب. وبالتنوين والرفع معه والنّصب. فالحجة لمن رفع مع الإضافة: أنه جعل: (إنّما) «7» كلمتين منفصلتين (إنّ) الناصبة و (ما) بمعنى الذي (واتخذتم) صلة (ما) وفي (اتخذتم) (ها) محذوفة تعود على الذي، و (أوثانا) مفعول به (ومودة) خبر إنّ. وتلخيصه: إن الذي اتخذتموه أوثانا مودّة بينكم. ومثله قول الشاعر:
__________
(1) القصص: 82.
(2) القصص: 82.
(3) العنكبوت: 19.
(4) العنكبوت: 20.
(5) النور: 2.
(6) العنكبوت: 25.
(7) في قوله تعالى: وَقالَ: إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ، آية: 25.

(1/279)


ذريني إنّما خطئي وصوبي ... عليّ، وإنّما أهلكت مال
«1» وله في الرفع وجه آخر: أن يرفع قوله: (مودة) بالابتداء، لأن الكلام قد تمّ عند قوله:
(أوثانا). وقوله: (في الحياة الدنيا) الخبر. والحجة لمن نصب أنه جعل (المودة) مفعول (اتخذتم)، سواء أضاف أو نوّن؟ وجعل (إنما) كلمة واحدة، أو جعل (المودة) بدلا من (الأوثان). ومن نصب (بينكم) مع التنوين جعله ظرفا، ومن خفضه مع الإضافة جعله اسما بمعنى (وصلكم) وقد ذكر ذلك في الأنعام «2».
قوله تعالى: وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ. إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ «3»، أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ «4» يقرءان معا بالاستفهام. ويقرأ الأول بالإخبار، والثاني بالاستفهام، وبتحقيق الهمزتين معا.
وبتحقيق الأولى، وتليين الثانية. وقد تقدّم من القول في تعليله ما يغني عن إعادته «5».
قوله تعالى: لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ «6»، وإِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ «7» يقرءان بالتشديد والتخفيف.
وبتشديد الأول، وتخفيف الثاني. فالحجة في ذلك كله ما قدمناه من أخذ المشدّد من «نجّى» وأخذ المخفف من «أنجى». ومثله قوله: إِنَّا مُنْزِلُونَ «8» يقرأ بالتشديد والتخفيف.
قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ «9». يقرأ بالياء والتاء على ما قدمناه من القول في أمثاله.
قوله تعالى: لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ «10» يقرأ بالتوحيد والجمع. فالحجة لمن وحّد:
أنه اجتزأ بالواحد من الجمع لأنه ناب عنه وقام مقامه. والحجة لمن جمع: أنه أتى باللفظ
__________
(1) في الأصل: «ما لي» بالياء ولعله تحريف من الناسخ لآن البيت روي مرفوع اللام من قصيدة لابن غلفاء وقبله:
ألا قالت أمامة يوم غول ... تقطّع بابن غلفاء الحبال
انظر: (الدرر اللوامع 2: 69، 71 (فرائد القلائد: 318).
(2) انظر: 145.
(3) العنكبوت: 28.
(4) العنكبوت: 29.
(5) انظر: 161 عند قوله تعالى: قالُوا إِنَّ لَنا لَأَجْراً.
(6) العنكبوت: 32.
(7) العنكبوت: 33.
(8) العنكبوت: 34.
(9) العنكبوت: 42.
(10) العنكبوت: 50.

(1/280)


على حقيقته، ودليله قوله بعد ذلك: «إنما الآيات عند الله».
قوله تعالى: وَيَقُولُ ذُوقُوا «1». يقرأ بالنون والياء، وهما إخبار عن الله عز وجل، فالنّون إخباره تعالى عن نفسه، والياء إخبار نبيّه عليه السلام عنه.
قوله تعالى: يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا «2» هاهنا يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا في الزمر «3» يقرءان بإثبات الياء وحذفها. فالحجة لمن أثبت: أنه أتى بالكلام على أصله، لأن أصل كلّ (ياء) الإثبات، والفتح لالتقاء الساكنين. والحجة لمن أسكنها وحذفها لفظا: أنه اجتزأ بالكسرة منها وحذفها، لأن بناء النداء على الحذف، والاختيار لمن حرّك الياء بالفتح أن يقف بالياء، لأنها ثابتة في السّواد. فأما قوله: يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ «4» فيأتي في موضعه، إن شاء الله.
قوله تعالى: إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ «5». أجمع القراء على إسكانها إلا «ابن عامر» فإنه فتحها على الأصل.
قوله تعالى: ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ «6» يقرأ بالتاء والياء على ما قدّمناه من القول في أمثاله.
قوله تعالى: لَنُبَوِّئَنَّهُمْ «7» يقرأ بالنون، والباء، وبالنون والثاء «8» ومعناهما قريب.
فالحجة لمن قرأ بالنون والباء: أنه أراد: لننزلنهم من الجنة غرفا، ودليله قوله: وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ «9». والحجة لمن قرأ بالنون والثاء: أنه أراد: النزول والإقامة. ومنه قوله: وَما كُنْتَ ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ «10».
__________
(1) العنكبوت: 55.
(2) العنكبوت: 56.
(3) الزّمر: 53.
(4) الزخرف: 68.
(5) العنكبوت: 56.
(6) العنكبوت: 57.
(7) العنكبوت: 58.
(8) في الأصل: «والتاء» وهو تحريف. وقد قرأ حمزة والكسائي لنثوينهم بالثاء الساكنة من غير همز انظر: (التيسير 174).
(9) الحشر: 9 وفي الأصل: «من قولهم»، وهو تحريف.
(10) القصص: 45.

(1/281)


قوله تعالى: وَلِيَتَمَتَّعُوا «1» يقرأ بإسكان اللام وكسرها. فالحجة لمن أسكن: أنه جعلها لام وعيد في لفظ الأمر كقوله: اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ «2».
ولمن كسر وجهان: أحدهما: أن تكون لام الوعيد أجراها على أصلها، فكسرها مع الواو. والآخر: أن تكون لام كي، مردودة بالواو على قوله لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ «3» فيكون الفعل بها منصوبا، وبالأولى مجزوما.

ومن سورة الروم
قوله تعالى: ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا «4» يقرأ بنصب (عاقبة) ورفع (السوأى) وبرفع (عاقبة) ونصب (السوأى) وبالتفخيم في (السوأى) والإمالة على ما قدّمناه من الاحتجاج في أمثاله.
ووزن: (السوأى) فعلى من السّوء، وهي هاهنا: العذاب. وقوله: (أن كذبوا) في موضع نصب، لأنه مفعول له. معناه: لكذبهم.
قوله تعالى: ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ «5» يقرأ بالياء والتاء، والفتح والضم. وقد تقدم ذكر معناه «6».
قوله تعالى: لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ «7». يقرأ بفتح اللام وكسرها. فالحجة لمن فتح: أنه جعله جمع (عالم) والعالم يحتوي على كل المخلوقات من إنس، وجانّ، وجماد، وحيوان. والحجة لمن كسر: أنه جعله جمع (عالم) لأن العالم أقرب إلى الاعتبار من الجاهل- ودليله قوله: وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ «8».
فإن قيل: فما وجه دخول الحيوان والجماد في جملة من يعتبروهما لا يعقلان ذلك؟
فقل: إن اللفظ وإن كان عاما، فالمراد به الخاص ممن يعقل. ودليله قوله تعالى: وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ «9». جاء التفسير: أنه أراد: عالم أهل زمانكم من الرّجال والنساء.
__________
(1) العنكبوت: 66.
(2) فصلت: 40.
(3) العنكبوت: 66.
(4) الروم: 10.
(5) الروم: 11 وفي الأصل «إلينا» وهو تحريف.
(6) انظر: 259.
(7) الروم: 22.
(8) العنكبوت: 43.
(9) الأعراف: 140.

(1/282)


قوله تعالى: وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ «1». يقرأ بفتح التاء، وضمّ الراء. وبضمّ التاء وفتح الراء. فالحجة لمن فتح التاء: أنه جعل الفعل لهم. والحجة لمن ضم: أنه جعله لما لم يسم فاعله.
قوله تعالى: وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً «2». يقرأ بالمدّ من الإعطاء، ودليله إجماعهم على مدّ قوله بعده: وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ «3» إلّا ما روي عن (ابن كثير) من القصر يريد به معنى المجيء.
قوله تعالى: لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ «4». أجمع القرّاء على قراءته بالياء، وفتح الواو، لأنه فعل مضارع، دخلت عليه لام كي و (الرّبا) فاعله إلّا ما انفرد به (نافع) من التاء في موضع الياء مضمومة وإسكان الواو، لأنه جعل التاء دليلا للخطاب. وضمها لأنها من أربى. وأسكن الواو لأنها للجمع، وجعل علامة النصب سقوط النّون. وحمله على ذلك كتابتها في السّواد بألف بعد الواو.
قوله تعالى: كِسَفاً «5» يقرأ بإسكان السين وفتحها. وقد ذكرت علته في سورة بني إسرائيل «6».
قوله تعالى: إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللَّهِ «7». يقرأ بالتوحيد والجمع. فالحجة لمن وحّد:
أنه اكتفى بالواحد من الجمع، لنيابته عنه. ودليله قوله: هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي «8» ولم يقل آثاري. والحجة لمن جمع: أنه أراد به: أثار المطر في الأرض مرّة بعد مرّة، والمراد بهذا من الله عز وجل تعريف من لا يقرّ بالبعث، ولا يوقن بحياة، بعد موت، فأراهم الله تعالى إحياء بعد موت، ليعرفوا ما غاب عنهم بما قد شاهدوه عيانا، فتكون أبلغ في الوعظ لهم، وأثبت للحجة عليهم.
قوله تعالى: وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ «9» يقرأ بفتح التاء والرفع وبضمها والنصب وقد ذكرت علله آنفا «10»؟
__________
(1) الروم: 19.
(2) الروم: 39.
(3) الروم: 39.
(4) الروم: 39.
(5) الروم: 48.
(6) انظر: 220.
(7) الروم: 50.
(8) طه: 84.
(9) الروم: 52.
(10) انظر: 275.

(1/283)


قوله تعالى: مِنْ ضَعْفٍ «1» يقرأ بضم الضاد وفتحها. وقد ذكر وجهه في الأنفال «2» قوله تعالى: لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ «3» يقرأ بالياء والتاء على ما ذكر في أمثاله.
قوله تعالى: لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا «4» أجمع القرّاء فيه على الياء إلّا ما رواه «قنبل» عن «ابن كثير» بالنون. يخبر بذلك الله عز وجل عن نفسه بنون الملكوت.