الحجة للقراء السبعة [بسم الله] «1»
ذكر اختلافهم في سورة الأحزاب
[الاحزاب: 2]
اختلفوا في الياء والتاء من قوله تعالى «2»: (إن الله كان بما
يعملون خبيرا) [2] فقرأ أبو عمرو وحده: (بما يعملون خبيرا)
بالياء، وقرأ الباقون: (بما تعملون خبيرا) بالتاء «3».
(بما يعملون) على: (لا تطع الكافرين) [الأحزاب/ 1] إنّه بما
يعملون. والتاء على الخطاب «4»، ويدخل فيه الغيب.
[الاحزاب: 4]
اختلفوا في قوله جلّ وعزّ: (اللائي تظاهرون) [الأحزاب/ 4] فقرأ
ابن كثير ونافع: (اللاء) ليس بعد الهمزة ياء كذلك، وقرأت على
قنبل. وأخبرني إسحاق الخزاعي عن ابن فليح عن أصحابه عن ابن
كثير: (اللاء) يكسر ولا يثبت ياء «5» مخففة بغير همز، ولا مدّ
في كلّ القرآن، وكذلك أبو عمرو، وحدّثني محمد «6» بن مضر عن
ابن أبي
__________
(1) سقطت من ط.
(2) في ط: عزّ وجلّ.
(3) السبعة ص 518.
(4) في ط: المخاطبة.
(5) في ط: الياء.
(6) في السبعة: مضر بن محمد.
(5/465)
بزّة عن أصحابه عن ابن كثير مثل أبي عمرو.
قال ابن مخلد: عن ابن أبي بزّة [اللائي] «1» مشددة مكسورة وهو
غلط. وقال في الطلاق:
(واللائي يئسن) [4] مثقلة، (واللائي لم يحضن) [الطلاق/ 4]
مثلها.
وروى «2» ورش عن نافع مثل قراءة أبي عمرو. وقرأ عاصم وابن عامر
وحمزة والكسائي: اللائي بياء بعد الهمزة، وكذلك اختلافهم في
[اللائي] «3» قد سمع الله [المجادلة/ 2]، وفي الطلاق «4».
قال أبو علي: اللائي: وزنه فاعل مثل شائي فالقياس أن تثبت
الياء فيه كما تثبت في الشائي، والنائي ونحوه. وقد حذفوا الياء
من فاعل في حروف من ذلك قولهم: ما باليت
به بالة «5»، ومنه حانة، فكذلك إذا حذفت من اللائي يصير
(اللاء) فإن خفّفت الهمزة فالقياس أن تجعل بين بين. وقد حكى
سيبويه: حذف الياء من اللائى، فقال:
من قال في «6» (اللاء) قال «7» (لاء) لأنّه يصير بمنزلة باب،
صار حرف الإعراب العين، يريد: عين الفعل التي هي همزة من
اللائي. فأمّا قبل الحذف من اللائي فإنّ اللّائي واللّاتي قال
فيهما: إنهما «7» بمنزلة شاري وضاري «9»، ومن ردّ الفاء في
«يضع» اسم رجل إذا صغّر،
__________
(1) زيادة من السبعة.
(2) سقطت من ط.
(3) كذا في ط وسقطت من م. وهي في السبعة أيضا.
(4) السبعة ص 518 - 519.
(5) في اللسان (بلا): أصل بالة: بالية. مثل عافاه عافية،
فحذفوا الياء تخفيفا.
انظر سيبويه 4/ 406.
(6) سقطت من ط.
(7) في (ط): قال إذا سمى.
(9) في ط: شائي وصاري.
(5/466)
فقال: «يويضع» ردّ اللّام هنا أيضا، فقال:
لويىء، ومن لم يرد قال:
لويىء مثل: لويع، فإن خفّفت الهمزة قلت: لويّ، وزنه من الفعل:
فويع. ومن أمثلة التحقير: فعيل. وقال بعض أصحاب أحمد: يعني أنّ
ابن كثير وأبا عمرو يقرءان: اللّاي يريد اللاء بهمزة ليس بعدها
ياء «1» ثم يخفّف الهمزة فتصير ياء ساكنة، وزعم أنّه كذلك ضبط،
قال: وهو تخفيف إبدال على غير قياس، قال أبو علي: ومثل هذا
البدل من الهمز لا يقدم عليه إلا بسمع.
[الاحزاب: 4]
اختلفوا في قوله تعالى: (تظاهرون) [الأحزاب/ 4] فقرأ ابن كثير
ونافع وأبو عمرو (تظّهّرون) بفتح التاء والتثقيل. وفي المجادلة
[2] مثله غير أن تلك بالياء «2». وقرأ عاصم: (تظاهرون) بألف،
مضمومة التاء خفيفة، وقرأ حمزة والكسائي: هاهنا (تظاهرون)
خفيفة الظاء بفتح التاء وألف بعد الظاء، وفي المجادلة بياء
مشددة [الظاء] «3» (يظاهرون)، وقرأهما ابن عامر بتشديد «4»
الظاء مع الألف.
[قال أبو علي] «5»: (يظّهّرون) معناه: يتظهرون، فأدغم التاء في
الظاء، وتقديره: يتفعّلون من الظهر «6»، وفي المجادلة مثله،
غير أنّ تلك بالياء، والذين يظّهّرون تقديره: يتظهّرون، فأدغم
التاء في الظّاء.
وقول عاصم: (تظاهرون) بألف مضمومة التاء. خفيفة فهذا من ظاهر
من امرأته. ويقوي ذلك قولهم في مصدر ظاهر: اظّهار، ولا يمتنع
أن
__________
(1) في (م): «اللائي بهمزة بعدها ياء» وما في (ط) هو الوجه.
(2) في م: بالتاء. المثبت من ط والسبعة.
(3) زيادة من السبعة.
(4) في ط: مشددة.
(5) سقطت من ط.
(6) في ط: الظهيرة.
(5/467)
يقال: ظاهر لقولهم: الظّهار في مصدره وإن
كان الظّهار قد جاء في نحو قوله: وأنزل الذين ظاهروهم
[الأحزاب/ 26] وفي قوله:
تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان [البقرة/ 85]، أي: تتعاونون،
فلا يمتنع أن يستعمل في قولهم ظاهر من امرأته كالأشياء التي
تتفق ألفاظها وتختلف معانيها، وكلّ ذلك من الظّهار «1». وقول
حمزة والكسائي (تظاهرون) خفيفة الظّاء، معناها: تتظاهرون،
فحذفا تاء تتفاعلون التي أدغمها غيرهما.
وقولهما في المجادلة: (تظاهرون) أدغما في المجادلة التاء الّتي
حذفاها من تظاهرون، والمعنى واحد.
وقول ابن عامر بتشديد الظّاء مع الألف (تظّاهرون)، مثل قول «2»
حمزة والكسائي في المجادلة، إنّما هو يتظاهرون.
[الاحزاب: 10]
اختلفوا في قوله تعالى «3»: (الظنونا) [الأحزاب/ 10]، و
(الرسولا) [الأحزاب/ 66]، و (السبيلا) [الأحزاب/ 67].
فقرأ ابن كثير وعاصم في رواية حفص والكسائي بألف إذا وقفوا
عليهنّ وبطرحها في الوصل.
وقال هبيرة: عن حفص عن عاصم وصل أو وقف بألف. وقرأ عاصم في
رواية أبي بكر ونافع وابن عامر بألف «4» فيهنّ في الوصل
والوقف. وقرأ أبو عمرو بغير ألف في الوصل والوقف هذه رواية
__________
(1) في ط: الظهرة.
(2) كذا في ط وسقطت من م.
(3) سقطت من ط.
(4) في ط: بالألف.
(5/468)
اليزيدي وعبد الوارث وروى عبّاس عن أبي
عمرو بألف فيهنّ في الوصل والوقف. وروى علي بن نصر عن أبي
عمرو: السبيلا يقف «1» عندها بألف. أبو زيد عن أبي عمرو:
الظنونا، والرسولا. والسبيلا، يقف ولا يصل ووقفه بألف. عبيد عن
هارون عن أبي عمرو يقف عندها الرسولا «2». وحدّثني الجمال «3»
عن الحلواني عن روح عن أحمد بن موسى عن أبي عمرو بألف فيهنّ
وصل أو قطع «4».
قال أبو علي: وجه قول من أثبت في الوصل الألف «5» أنّها في
المصحف كذلك، وهي رأس آية. ورءوس الآي تشبّه بالفواصل «6» من
حيث كانت مقاطع، كما كانت القوافي مقاطع، فكما شبّه أكرمن
[الفجر/ 15] وأهانن [الفجر/ 16] بالقوافي. في حذف الياء منهنّ
نحو «7»:
من حذر الموت أن يأتين و: إذا ما انتسبت له أنكرن كذلك يشبّه
هذا في إثبات الألف بالقوافي. فأمّا في الوصل، فلا
__________
(1) في م: لا يقف. والمثبت من ط والسبعة.
(2) في ط: السبيلا.
(3) هو الحسين بن حماد، وقيل: أبو علي الجمال الأزرق الرازي ثم
القزويني المقرئ ثبت محقّق. قرأ على أحمد بن يزيد الحلواني.
انظر طبقات القرّاء 1/ 244.
(4) السبعة ص 520.
(5) سقطت من ط.
(6) في ط: بالقوافي.
(7) هذان عجزا بيتين للأعشى سبقا في 3/ 219.
(5/469)
ينون، ويحمل «1» على لغة من لم «2» ينوّن
ذلك إذا وصل في الشعر لأنّ من لم «3» ينوّن أكثر. وقال أبو
الحسن: وهي لغة أهل الحجاز، فكذلك، فأضلونا السبيلا [الأحزاب/
67]، وأطعنا الرسولا [الأحزاب/ 66]. فأمّا من طرح الألف في
الوصل كابن كثير والكسائي، فإنّهم ذهبوا إلى أنّ ذلك في
القوافي، وليس رءوس الآي بقواف، فتحذف في الوقف كما، تحذف في
«4» غيرها، ممّا يثبت في الوقف نحو التشديد الذي يلحق الحرف
الموقوف عليه، وهذا إذا ثبت في الخطّ فينبغي أن لا يحذف، كما
لا تحذف هاء الوقف من حسابيه [الحاقة/ 20] وكتابيه [الحاقة/
19] وأن يجري مجرى الموقوف عليه، ولا يوصل، وكذلك الهاء التي
تلحق في الوقف، فهو وجه، فإذا ثبت ذلك في القوافي في الوصل
فيما حكاه أبو الحسن، لأنّه «5» زعم أن هذه اللّغة أكثر، فثبات
ذلك في الفواصل، كما يثبت «6» في القوافي حسن.
[الاحزاب: 9]
قال: قرأ أبو عمرو وحده (وكان الله بما يعملون بصيرا)
[الأحزاب/ 9] بالياء. وقرأ الباقون بالتاء، أبو زيد عن أبي
عمرو بالياء والتاء، وعبيد «7» عن أبي عمرو مثله «8».
__________
(1) كذا في ط، وفي من ولا يحمل.
(2) في ط: لا.
(3) في ط: لا.
(4) سقطت من ط.
(5) سقطت من ط.
(6) في ط: ثبت.
(7) في ط: وعتبة، وفي السبعة: وروى أبو زيد وهارون وعبيد.
(8) السبعة ص 519.
(5/470)
[قال أبو علي] «1»: حجّة التاء: فأرسلنا
عليهم ريحا وجنودا لم تروها [الأحزاب/ 9] فالوجه فيما عطف عليه
الخطاب، كما أنّ الذي عطف عليه كذلك، والياء على معنى فأرسلنا
عليهم ريحا وجنودا، وكان الله بما يعملون، أي يعمل الجنود، أو
يعمل الأحزاب من تألبهم عليكم أيّها المسلمون.
[الاحزاب: 13]
حفص عن عاصم: لا مقام لكم [الأحزاب/ 13] مضمومة الميم.
الباقون: (لا مقام لكم) مفتوحة الميم «2».
[قال أبو علي] «3»: المقام: يحتمل أمرين، يجوز: لا موضع إقامة
لكم، وهذا أشبه، لأنّه في معنى من فتح فقال: (لا مقام لكم) أي:
ليس لكم موضع تقومون فيه، ومن ذلك قول الشاعر:
فأيّي ما وأيّك كان شرّا ... فقيد إلى المقامة لا يراها
«4» ودخلتها التاء كما دخلت على المنزلة. والمقامة موضع ثواء
ولبث. ويحتمل قول عاصم: لا مقام لكم لا إقامة لكم فأمّا
المقام:
فاسم الموضع، قال: مقام إبراهيم [البقرة/ 125]: مصلّاه، وقيل
للمجلس والمشهد: مقام ومقامة.
[الاحزاب: 14]
اختلفوا في قوله سبحانه «5»: ثم سئلوا الفتنة لأتوها
__________
(1) سقطت من ط.
(2) السبعة ص 520 وفيه: وكذلك أبو بكر عن عاصم.
(3) سقطت من ط.
(4) البيت للعباس بن مرداس، في الكتاب 1/ 399. وانظره في
اللسان (أيا) وسقطت (ما) من نسخة (م) سهوا من الناسخ.
(5) في ط: عزّ وجلّ.
(5/471)
[الأحزاب/ 14] في المدّ والقصر، فقرأ ابن
كثير ونافع وابن عامر لأتوها قصيرة، وروى ابن فليح عن أصحابه
عن ابن كثير: (لآتوها) ممدودة، وكذلك قرأ عاصم وأبو عمرو وحمزة
والكسائي: (لآتوها) ممدودة «1».
[قال أبو علي] «2»: أمّا من قصر فلأنّك تقول: أتيت الشيء: إذا
فعلته. تقول: أتيت الخير، وتركت الشر، أي: فعلت الخير، ومعنى:
ثم سئلوا الفتنة: سئلوا فعل الفتنة [لأتوها، أي: لفعلوها. ومن
قرأ:
(لآتوها) بالمدّ فالمعنى: ثم سئلوا فعل الفتنة] «3» لأعطوها،
أي: لم يمتنعوا منها، ومما يحسّن المدّ قوله سبحانه «4»: ثم
سئلوا الفتنة، فالإعطاء مع السؤال حسن، والمعنى: لو قيل لهم:
كونوا على المسلمين مع المشركين لفعلوا ذلك.
[الاحزاب: 21]
اختلفوا في ضمّ الألف وكسرها من قوله تعالى «5»: أسوة حسنة
[الأحزاب/ 21] فقرأ عاصم: أسوة بضمّ الألف حيث وقعت، وقرأ
الباقون: (إسوة) بكسر الألف حيث وقعت «6».
[قال أبو علي] «7»: أسوة وإسوة لغتان، ومعناهما قدوة.
[الاحزاب: 30]
اختلفوا في قوله جلّ وعزّ: يضاعف لها العذاب ضعفين
__________
(1) السبعة ص 520 مع اختلاف يسير.
(2) سقطت من ط.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من م.
(4) سقطت من ط.
(5) في ط: عزّ وجلّ.
(6) السبعة ص 520.
(7) سقطت من ط.
(5/472)
[الأحزاب/ 30] فقرأ ابن كثير وابن عامر:
(نضعّف) بالنّون (العذاب) نصبا. وقرأ أبو عمرو: (يضعّف) بالياء
(العذاب) رفعا. وقرأ نافع وعاصم وحمزة والكسائي: يضاعف بألف
لها العذاب رفعا، على ما لم يسمّ فاعله «1».
[قال أبو علي] «2»: ضاعف وضعّف، بمعنى فيما حكاه سيبويه «3».
وقال أبو الحسن: الخفيفة لغة أهل الحجاز، والثقيلة «4» لغة بني
تميم، ومن قال: (نضعّف) «5» فالفعل مسند إلى ضمير اسم الله
تعالى، ومن قال: يضاعف فلم يسمّ الفاعل أسند الفعل إلى العذاب،
ومعنى يضاعف لها العذاب ضعفين أنّها لما تشاهد من الزّواجر،
وما يردع عن مواقعة الذنوب ينبغي أن تمتنع أكثر مما يمتنع من
لا يشاهد ذلك ولا يحضره، وقال: يضاعف لها العذاب فعاد الضمير
على معنى (من) دون لفظ (من)، ولو عاد على لفظ (من) لذكر. ومثل
يضاعف لها العذاب ضعفين، فزيد في العذاب ضعف كما زيد في الثواب
ضعف في «6» قوله تعالى «7»: نؤتها أجرها مرتين [الأحزاب/ 31]
فكما ضوعف الأجر كذلك [ضوعف العذاب] «8».
__________
(1) السبعة ص 521.
(2) سقطت من ط.
(3) انظر الكتاب 4/ 68 (ت. هارون).
(4) في ط: والمثقلة.
(5) في ط: نضاعف.
(6) سقطت من م.
(7) سقطت من ط.
(8) في ط: ضوعفت العقوبة والعذاب.
(5/473)
[الاحزاب: 31]
اختلفوا في قوله تعالى: ومن يقنت ... وتعمل صالحا نؤتها أجرها
[الأحزاب/ 31].
فقرأ ابن كثير ونافع وعاصم وأبو عمرو وابن عامر (يقنت) بالياء،
وتعمل بالتاء، نؤتها بالنون. وقرأ حمزة والكسائي كل ذلك
بالياء، ولم يختلف الناس في: يقنت أنه بالياء وكذلك من يأت
بالياء «1».
[قال أبو علي] «2»: أمّا من قرأ: (يقنت) بالياء، فلأنّ الفعل
مسند إلى ضمير (من) ولم يبيّن فاعل الفعل بعد، فلمّا ذكر ما
دلّ على «3» أنّ الفعل لمؤنث حمل على المعنى فأنّث، وذلك
كقوله: من آمن بالله [المائدة/ 69] ثمّ قال: فلا خوف عليهم
[المائدة/ 69]، وقال: ومنهم من يستمع إليك [الأنعام/ 25]، وفي
أخرى:
يستمعون إليك [يونس/ 42]، وأمّا من قرأ كلّ ذلك بالياء، فإنّه
حمل على اللفظ دون المعنى، واللّفظ (من) وهو مذكر، وممّا يقوّي
قول من حمل على المعنى فأنّث، اتفاق حمزة والكسائي معهم في
قولهم: (نؤتها) فحملا على المعنى، فكذلك قوله: (وتعمل) كان
ينبغي على هذا القياس أن يحملا على المعنى، وإنّما لم يختلف
الناس في (يقنت) و (يأت)، لأنّه إنّما جرى ذكر (من)، ولم يجر
ذكر ما يدلّ على التأنيث فيحمل الكلام على المعنى.
[الاحزاب: 33]
اختلفوا في فتح القاف وكسرها من قوله سبحانه «4»: وقرن في
__________
(1) السبعة ص 521.
(2) سقطت من ط.
(3) كذا في ط وسقطت من م.
(4) سقطت من ط.
(5/474)
بيوتكن [الأحزاب/ 33] فقرأ عاصم ونافع:
وقرن في بيوتكن بالفتح، وقرأ الباقون: وقرن بالكسر «1».
قال أبو علي: من قال «2»: قرن بكسر القاف احتمل أمرين:
أحدهما أن يكون من التوقّر في بيوتكن «3»، وأن لا يخرجن منها.
وقرن مثل عدن، وزن، ونحو ذلك، ممّا تحذف منه الفاء، وهي واو،
فيبقى من الكلمة علن. ويحتمل أن
يكون من قرّ في مكانه يقرّ، فإذا أمر من هذا قال: اقرر فيبدل
من العين الياء كراهية «4» التضعيف كما أبدل من قيراط ودينار،
فيصير لها حركة الحرف المبدل منه، ثم لا تلقى الحركة على
الفاء، فتسقط همزة الوصل لتحرّك ما بعدها فتقول: (قرن) لأنّ
حركة الراء كانت كسرة في يقرّ، ألا ترى أنّ القاف متحركة بها؟
فأمّا من فتح قرن فإنّ من لم يجز قررت في المكان أقرّ، وإنّما
يقول في المكان قررت أقرّ وقررت به عينا أقرّ، ولا يجوز قررت
في المكان، أقرّ، فإنّ فتح الفاء عنده لا يجوز، وذلك لأنّه
حرّك القاف بالفتحة من غير أن يلقي عليها الفتحة، ألا ترى أنّ
الفتحة إذا لم تجز في قولهم:
أنا أقرّ في المكان، لم يثبت في الكلمة، وإذا لم يثبت فيها لم
يجز أن يلقى على ما قبلها، ومن جاز عنده قررت في المكان جاز
على قوله:
قرن كما جاز قرن، حيث لم يختلف في قررت في المكان أقرّ. وأبو
عثمان يزعم أن قررت في المكان لا يجوز، وقد حكى ذلك بعض
البغداذيين، فيجوز الفتح في القاف على هذه اللّغة إذا ثبتت،
والوجه
__________
(1) السبعة ص 522.
(2) في ط: قرأ.
(3) في ط: بيوتهنّ.
(4) في ط: كراهة.
(5/475)
في القراءة الكسر (وقرن)، لأنّه يجوز من
وجهين لا إشكال في جوازه منهما «1»، وهما من القرار، والوقار،
وفتح القاف على ما ذكرت لك من الخلاف. قال أبو عثمان يقال:
قررت به عينا [وأنا أقرّ به عينا] «2» قال: ولا يقال: قررت في
هذا المعنى قال: ويقال: قررت في المكان فأنا أقرّ فيه، ويأمره
فيقول: قرّ في مكانك. انتهت الحكاية عن أبي عثمان.
[الاحزاب: 36]
اختلفوا في التاء والياء من قوله تعالى «3»: (أن تكون لهم
الخيرة) [الأحزاب/ 36] فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن
عامر (أن تكون) بالتاء. وقرأ عاصم وحمزة والكسائي أن يكون
بالياء «4».
[قال أبو علي] «5»: التأنيث والتذكير: حسنان، وقد مضى نحو ذلك
وهذه الآية تدلّ على أنّ ما في قوله: وربك يخلق ما يشاء ويختار
ما كان لهم الخيرة [القصص/ 68] يقوّي قول من قال: أن يكون لهم
بالياء. ألا ترى أنّه لم تثبت علامة التأنيث في كان؟
[الاحزاب: 40]
اختلفوا في فتح التاء وكسرها من قوله جلّ وعزّ «6»: وخاتم
النبيين الأحزاب/ 40] فقرأ عاصم وحده: وخاتم بفتح التاء، وقرأ
الباقون بالكسر «7».
__________
(1) كذا في ط وسقطت من م.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من م.
(3) في ط: عزّ وجلّ.
(4) السبعة ص 522.
(5) سقطت من ط.
(6) في ط: تعالى.
(7) السبعة ص 522.
(5/476)
[قال أبو علي] «1»: من كسر قال: لأنّه
ختمهم، فهو خاتمهم.
وزعموا أنّ الحسن قال: خاتم: هو الذي ختم به.
[الاحزاب: 49]
قال: قرأ حمزة والكسائي: (تماسوهن) [الأحزاب/ 49] بألف، وقرأ
الباقون تمسوهن بغير ألف والتاء مفتوحة «2».
[قال أبو علي] «3»: وجه من قال: تمسوهن [بغير ألف] «4» ولم
يمسسني بشر [مريم/ 20] وقال: لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان
[الرحمن/ 74] (وما كان) «5» من هذا النحو جاء على فعل دون
فاعل، وقد حكى أبو عبيدة أن اللّماس: الجماع، فيمكن أن يكون
ذلك «6» مصدر فاعل وإذا جاء ذلك في اللّمس أمكن أن يكون المسّ
مثله، وقد تقدّم القول في ذلك فيما سلف من الكتاب.
[الاحزاب: 49]
قال: وقرأ ابن أبي بزّة عن ابن كثير (تعتدونها) خفيفة الدال
وروى القواس عنه تعتدونها مشددة. وقال لي قنبل: كان ابن أبي
بزّة قد أوهم في (تعتدونها) فكان يخفّفها فقال لي القواس: صر
إلى أبي الحسن فقل له ما هذه القراءة التي قرأتها لا نعرفها
فصرت إليه فقال:
قد رجعت عنها. قال قد كان غلط أيضا «7» في ثلاثة مواضع هذا
__________
(1) سقطت من ط.
(2) السبعة ص 522.
(3) سقطت من ط.
(4) كذا في ط وسقطت من م.
(5) كذا في ط وسقطت من م.
(6) سقطت من ط.
(7) سقطت من م.
(5/477)
أحدها، وهو «1» قوله: (وما هو بميت)
[إبراهيم/ 17] خفيفة (وإذا العشار عطلت) «2» [التكوير/ 4].
تعتدّونها: تفتعلون من العدّة ولا وجه للتخفيف في نحو
تشتدّونها ترتدّونها من الشّدّ والرّدّ، وليس كلّ المضاعف يبدل
من حروف التضعيف فيه، وإنّما يبدل فيما سمع، وإن شئت قلت: قد
جاء في التنزيل في هذا النحو الأمران قال سبحانه «3»: فليملل
وليه [البقرة/ 282] وقال: فهي تملى عليه بكرة وأصيلا [الفرقان/
5].
وأنشد أبو زيد:
ولا أملاه حتّى يفارقا «4» وإن شئت جعلته افتعل من عدوت الشيء
إذا جاوزته، أي: ما لكم عليهنّ من وقت عدّة تلزمكم أن تجاوزوا
عدده، فلا تنكحوا أختها ولا أربعا سواها حتى تنقضي العدّة.
[الاحزاب: 51]
وقال: قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وعاصم وفي رواية أبي
بكر (ترجئ) [الأحزاب/ 51] مهموزا، وقرأ عاصم في رواية حفص
ونافع وحمزة والكسائي بغير همز «5».
[قال أبو علي] «6»: قد جاء في هذا الحرف الهمز وغيره،
__________
(1) سقطت من م.
(2) السبعة ص 523.
(3) سقطت من ط.
(4) هذا جزء من بيت نسبه أبو زيد في نوادره ص 232 للأسود بن
يعفر النهشلي سبق في 1/ 208، وهو ثاني أبيات ثلاثة في النوادر.
(ط- الفاتح).
(5) السبعة ص 523.
(6) سقطت من ط.
(5/478)
وكذلك (أرجئه) [الأعراف/ 11، الشعراء/ 36]
وأرجه (وآخرون مرجئون) [التوبة/ 106] ومرجون.
فإذا جاء فيه الهمز وغير الهمز كانت القراءة بكلّ واحد من
الأمرين حسنة.
[الاحزاب: 52]
قال: وكلّهم قرأ: لا يحل لك النساء [الأحزاب/ 52] بالياء، غير
أبي عمرو فإنّه قرأ: (تحلّ) بالتاء. وروى القطعيّ عن محبوب عن
أبي عمرو: لا يحل بالياء «1».
[قال أبو علي] «2»: التاء والياء جميعا حسنان، لأنّ النساء
تأنيثه ليس بحقيقي، إنّما هو تأنيث الجمع، نحو الجمال والجذوع
فالتذكير حسن، والتأنيث حسن «3».
[الاحزاب: 53]
قال: وكلّهم فتح النون من قوله سبحانه «4»: إناه [الأحزاب/ 53]
غير حمزة والكسائي فإنّهما أمالا النون فيها «5».
[قال أبو علي] «6»: من لم يمل فلأنّ الكثير من الناس لا يميلون
هذه الألفات، ومن أمال فلأنّ الألف منقلبة عن الياء. يدلّ على
ذلك أنّهم قالوا في المصدر: إني، وإنا، مثل: حي وحسا، وإذا صحّ
انقلاب الألف عن الياء، لم يكن في إمالته إشكال عند من أمال.
__________
(1) السبعة ص 523.
(2) سقطت من ط.
(3) في ط: كذلك.
(4) سقطت من ط.
(5) السبعة ص 523.
(6) سقطت من ط.
(5/479)
والأنى «1»: هو إدراك الشيء وبلوغه ما يراد
أن يبلغه، ومنه: ألم يأن للذين آمنوا [الحديد/ 16] وقالوا
للمتثبت في الأمور: متأنّ، ومن ذلك قولهم لما يرتفق به: إناء،
وفي جمعه: آنية، مثل إزار وآزرة.
[الاحزاب: 67]
قال: كلّهم قرأ سادتنا [الأحزاب/ 67] على التوحيد غير ابن عامر
فإنّه قرأ (ساداتنا) جماعة «2» [سادة.
قال أبو علي] «3»: سادة جمع سيّد وهو فعلة مثل كتبة وفجرة،
أنشدنا عليّ بن سليمان «4»:
سليل قروم سادة ثم قادة ... يبذّون أهل الجمع يوم المحصّب
ووجه الجمع بالألف والتاء أنّهم قد قالوا الجرزات «5»
والطّرقات والمعنات في معن جمع معين، فكذلك يجوز في هذا الجمع
سادات وقال الأعشى:
جندك التالد الطّريف من ال ... سّادات أهل القباب والآكال
«6»
__________
(1) أنى الشيء يأني أنيا وإنى وهو أنّي: حان وأدرك. انظر
اللسان (أني).
(2) السبعة ص 523.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
(4) في معجم الشعراء ص 147: ابن الطريف السلمي اليمامي اسمه
علي بن سليمان أحد شعراء العسكر. ا. هـ. ويوم المحصب: يوم منى
والمحصب موضع رمي الجمار. انظر اللسان/ حصب/.
(5) في ط: الجزرات.
(6) انظر ديوانه/ 11 وفيه العتيق بدل الطريف.
(5/480)
قال أبو الحسن: لا يكادون يقولون: سادات.
قال «1» وهي عربية، وزعموا أنّ الحسن قرأ (أطعنا ساداتنا).
[الاحزاب: 68]
اختلفوا في الباء والثاء من قوله جلّ وعزّ «2»: لعنا كبيرا
[الأحزاب/ 68] فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وحمزة والكسائي:
(لعنا كثيرا) بالثاء، وقرأ عاصم وابن عامر: كبيرا بالباء كذا
في كتابي عن أحمد بن يوسف التغلبي عن ابن ذكوان [عن ابن عامر]
«3»، ورأيت في كتاب موسى بن موسى عن ابن ذكوان عن ابن عامر
بالثاء، وقال هشام بن عمّار عن ابن عامر بالثاء «4».
قال أبو علي: الكبر مثل العظم، والكبر وصف للّعن بالكبر،
كالعظم، والكثرة أشبه بالمعنى، لأنّهم يلعنون مرّة، وقد جاء:
يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون [البقرة/ 159] فالكثرة أشبه
بالمرار المتكررة من الكبر.
__________
(1) سقطت من م.
(2) سقطت من ط.
(3) سقطت من ط ومن السبعة.
(4) السبعة ص 524.
(5/481)
|