الحجة للقراء السبعة [بسم اللَّه] «1»
ذكر اختلافهم في سورة يس
[يس: 2، 1]
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وحفص عن عاصم:
يس [1] ونون* [القلم/ 1] نونهما ظاهرة.
الحلواني عن هشام بن عمّار عن ابن عامر: لا يبيّن النون.
الأعشى عن أبي بكر [عن عاصم]: يبيّن النون. الكسائي عن أبي بكر
عن عاصم: لا يبيّن النون فيهما، وروى حسين الجعفي عن أبي بكر
عن عاصم: يبيّن النون، والكسائي لا يبين النون.
وكان حمزة والكسائي: يميلان الياء في يس غير مفرطين.
وحمزة إلى الفتح أقرب من الكسائي في يس وقياس قول أبي بكر عن
عاصم يس بالإمالة.
وكان ابن كثير ونافع وعاصم في رواية حفص وأبو عمرو وابن عامر
يقرءون يس مفتوحة الياء، نافع قراءته وسط من ذلك. وقال ورش،
وقالون: الياء مفتوحة شيئا. وقال محمد بن إسحاق وابن
__________
(1) سقطت من ط.
(6/34)
جمّاز: الياء مفتوحة والنون مبيّنة في
السّورتين جميعا. وقال يعقوب بن جعفر [عن نافع]: النون فيهما
غير مبيّنة «1».
قال أبو علي: من بين النون في «2» يس فإنّما جاز ذلك، وإن كانت
النون الساكنة تخفى مع حروف الفم ولا تبيّن، فإنّما بيّنه لأنّ
هذه الحروف مبينة على الوقف، وممّا يدلّك على ذلك استجازتهم
فيها الجمع بين ساكنين، كما يجتمعان في الكلم التي يوقف عليها،
ولولا ذلك لم يجز فيها التبيين «3»، فكما جاز فيها الجمع بين
الساكنين من حيث كان التقدير فيهما «4» الوقف، كذلك استجيز
معها تبيين النون في الدّرج، لأنّ التقدير فيهما الوقف. فكما
جاز التبيين في الوقف، كذلك جاز التبيين في هذه «5» الحروف من
حيث كان في تقدير الوقف.
وأمّا قول من لم يبين فلأنّه، وإن كان في تقدير الوقف، لم يقطع
فيه همزة الوصل، وذلك قولهم: الم الله [آل عمران/ 1]. ألا ترى
أنّهم حذفوا همزة الوصل، ولم يثبتوها كما لم يثبتوها مع غيرها
من الكلم التي توصل؟ فلا يكون التقدير فيها الوقف عليها. وكذلك
قالوا «6» واحد اثنان، فحذفوا همزة الوصل، فكذلك لم يبين النون
من لم يبين، لأنّها قد صارت في تقدير الوصل من حيث حذفت معها
همزة الوصل، فإذا صار في تقدير الوصل، وجب أن لا تبين معها
النون، كما
__________
(1) السبعة ص 538، وما بين المعقوفين زيادة منه.
(2) في ط: من.
(3) في ط: الجمع بينهما.
(4) في ط: فيها.
(5) سقطت من ط.
(6) كذا في ط وسقطت من م.
(6/35)
لم تبين مع سائر الكلم التي ليست بحروف
هجاء، وأمّا القول في انتحاء فتحة الياء من يس نحو الكسرة فقد
مضى القول فيه. وممّا يحسن إمالة الفتحة فيها نحو الكسرة أنّهم
قالوا: يا زيد. في النداء، فأمالوا الفتحة نحو الكسرة، والألف
نحو الياء، وإن كان قولهم يا* حرف على حرفين، والحروف التي على
حرفين لا يمال منها شيء نحو لا، وما. فإذا كانوا قد أمالوا ما
لا يمال من الحروف من أجل الياء، فأن يميلوا الاسم الذي هويا*
من يس أجدر. ألا ترى أنّ هذه الحروف أسماء لما يلفظ به «1»؟.
ومن لم يمل فلأنّ كثيرا من الناس لا يميلون.
[يس: 5]
اختلفوا في الرّفع والنصب من قوله تعالى «2»: تنزيل العزيز
الرحيم [يس/ 5] فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم في رواية
يحيى [بن آدم] عن أبي بكر: تنزيل العزيز رفعا، حفص عن عاصم
والكسائي عن أبي بكر عن عاصم وحمزة وابن عامر والكسائي:
تنزيل العزيز نصبا «3» [قال أبو علي] «4»: من رفع فعلى: هو
تنزيل العزيز، أو على:
تنزيل العزيز الرحيم هذا، والنصب على نزّل تنزيل العزيز.
[يس: 9]
اختلفوا في ضمّ السّين وفتحها من قوله تعالى «5»: سدا
__________
(1) في ط: بها.
(2) في ط: عزّ وجلّ.
(3) السبعة 539 وما بين معقوفين منه. وفي النص اختلاف يسير.
(4) سقطت من ط.
(5) في ط: عزّ وجلّ.
(6/36)
[يس/ 9] فقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم:
سدا ومن خلفهم سدا مفتوحة «1» السين.
وقرأ الباقون وأبو بكر عن عاصم: سدا* وسدا* مضمومتي السين «2».
[قال أبو علي] «3»: قال أبو الحسن الضّمّ «4» أكثر القراءتين
واللّغتين، وحكي عن بعض المفسّرين ما كان من الخلق، فهو سد
بالضّمّ، وما كان من البناء مفتوح، وقال غيره: السّدّ بالضّمّ
في كل ما صنع الله والعباد، وهما سواء، وقال العجّاج:
سيل الجراد السدّ يرتاد الخضر «5» يريد: زعموا قطعة من الجراد
سدّ بطيرانه الأفق.
قال أبو علي: فقوله: السّدّ، يجوز أن يجعله صفة كالحلو والمرّ،
ويجوز أن يكون يريد: ذي السّدّ، أي: يسدّ الأفق كما يسدّ
السّدّ، فحذف المضاف. وإن كان السّدّ مصدرا جاز أن تصفه به.
والمصدر فيما زعم بعض أهل اللّغة السّدّ سددته سدّا، وقال
بعضهم:
السّدّ: فعل الإنسان وخلقه المسدود: السّدّ، وقيل في تفسيره
قولان:
أحدهما: أنّ جماعة أرادوا بالنبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلم
سوءا، فحال اللَّه بينهم وبينه،
__________
(1) في السبعة مفتوحتي السين.
(2) السبعة 539.
(3) سقطت من ط.
(4) سقطت من ط.
(5) وبعده: آواه ليل غرضا ثمّ ابتكر انظر ديوانه 1/ 81.
(6/37)
فجعلوا بمنزلة من هذه حاله، والآخر: أنّ
اللَّه سبحانه «1» وصف ضلالتهم، فقال: إنا جعلنا في أعناقهم
أغلالا [يس/ 8] فأمسكوا أيديهم عن الإنفاق، كما قيل «2» في
اليهود: غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا [المائدة/ 64] ويقوّي هذا
الوجه [قوله سبحانه] «3»: وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم
[يس/ 10].
[يس: 14]
اختلفوا في التخفيف والتثقيل من قوله جلّ وعزّ: فعززنا بثالث
[يس/ 14].
فقرأ عاصم في رواية أبي بكر والمفضل [عن عاصم]:
فعززنا خفيفة.
وقرأ الباقون، وحفص عن عاصم: فعززنا مشدّدة الزاي.
[قال أبو علي] «4» قال بعضهم: عزّزنا: قوّينا وكثّرنا. وأمّا
عززنا: فغلبنا من قوله: وعزني في الخطاب [ص/ 23] وقال جرير:
أعزّك بالحجاز وإن تسهّل بغور الأرض تنتهب انتهابا «5»
[يس: 19]
المفضل عن عاصم: أين ذكرتم [يس/ 19] بهمزة بعدها ياء والكاف
مشددة، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي وابن عامر أئن
__________
(1) في ط: عزّ وجلّ.
(2) في ط: قال.
(3) سقطت من ط.
(4) سقطت من ط.
(5) ديوانه 2/ 825.
(6/38)
بهمزتين وقرأ نافع وأبو عمرو وابن كثير
بهمزة بعدها ياء، وكان أبو عمرو يمدّ، وابن كثير لا يمدّ.
واختلف عن نافع وقد بيّن «1».
قال أبو الحسن: معناه حيث ذكّرتم، قال: وفي بعض الحروف:
ولا يفلح الساحر أين أتى [طه/ 69]. ومن قال: أإن ذكرتم فإنّما
هي إن التي «2» للجزاء دخلت عليها ألف الاستفهام، والمعنى «3»:
أإن تشاءمتم، لأن تطيرنا بكم معناه: تشاءمنا بكم، فكأنّهم
قالوا: أئن ذكّرتم تشاءمتم! فحذف الجواب لتقدم ما يدلّ عليه،
وأصل تطيّرنا:
تفعلنا، من الطائر عند العرب الذي به يتشاءمون، ويتيمّنون، وقد
تقدّم ذكر ذلك. وقد قرأ من غير السبعة أأن ذكرتم بفتح أن،
والمعنى:
ألأن ذكّرتم تشاءمتم، وأمّا الهمزة وتخفيفها وتحقيقها فقد مرّ
ذكرها في مواضع.
[يس: 39]
اختلفوا في نصب الرّاء ورفعها من قوله سبحانه «4»: والقمر
قدرناه [يس/ 39] فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو: والقمر* رفعا.
وقرأ الباقون: والقمر نصبا «5».
قال أبو علي: الرّفع على قوله وآية لهم القمر قدّرناه منازل،
مثل قوله: وآية لهم الليل نسلخ منه النهار [يس/ 37] وكأن
التقدير:
وآية لهم اللّيل نسلخ منه النهار، وآية لهم القمر قدّرناه
منازل، فهو
__________
(1) السبعة ص 540.
(2) كذا في ط وسقطت من م.
(3) سقطت من ط.
(4) في ط: عزّ وجلّ.
(5) السبعة ص 540.
(6/39)
على هذا أشبه بالجمل التي قبلها. والقول في
آية* أنّها ترتفع بالابتداء، ولهم صفة للنكرة، والخبر مضمر
تقديره: وآية لهم في المشاهد أو في الوجود، وقوله: الليل نسلخ
منه النهار، والقمر قدرناه منازل: تفسير للآية، كما أنّ قوله:
لهم مغفرة [المائدة/ 9] تفسير للوعد وللذكر مثل حظ الانثيين
[النساء/ 11] تفسير للوصية، ومن نصب فقد حمله سيبويه على: زيدا
ضربته، قال: وهو عربي، ويجوز في نصبه وجه آخر، وهو أن تحمله
على نسلخ الذي هو خبر المبتدأ على ما أجازه سيبويه من قولهم:
زيد ضربته وعمرو أكرمته [وعمرا أكرمته] «1» على أن تحمله مرة
على الابتداء، ومرة على الخبر الذي هو جملة من فعل وفاعل، وهي
«2» تجري من قوله سبحانه «3»:
والشمس تجري لمستقر لها [يس/ 38] والقمر قدرناه «4» [يس/ 39].
[يس: 35]
اختلفوا في إثبات الهاء وإسقاطها من قوله عزّ وجلّ: وما عملته
أيديهم [يس/ 35].
فقرأ عاصم في رواية أبي بكر وحمزة والكسائي وما عملت بغير هاء،
وقرأ الباقون، وحفص عن عاصم: عملته بالهاء «5».
__________
(1) سقطت من م.
(2) في ط: هو.
(3) في ط: تعالى.
(4) جاء في نسخة (م) قوله:
«واللَّه سبحانه وتعالى أعلم، نجز الجزء السادس من كتاب الحجة
للقرّاء، واللَّه الموفق».
والكلام في ط متصل ليس فيه هذا الفصل.
وبعد هذا توقفت المقابلة بين النسختين (ط) و (م) لعدم وجود (م)
بين أيدينا، وأصبحت نسخة طاهر بن غلبون هي المعتمدة وحدها.
(5) السبعة ص 540.
(6/40)
القول أن أكثر ما جاء في التنزيل من هذا
على حذف الهاء، كقوله: أهذا الذي بعث الله رسولا [الفرقان/ 41]
وسلام على عباده الذين اصطفى [النحل/ 59] وأين شركائي الذين
كنتم تزعمون [الأنعام/ 22] ولا عاصم اليوم من أمر الله إلا من
رحم [هود/ 43] فكلّ على إرادة الهاء وحذفها.
وقد جاء الإثبات في قوله: إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان
[البقرة/ 275] وكذلك قوله: وما عملته أيديهم [يس/ 35] وموضع
ما* على هذا جرّ تقديره: ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم.
ويجوز أن تقدّر ما* نافية فيكون المعنى: ليأكلوا من ثمره، ولم
تفعله أيديهم، ويقوّي ذلك: أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم
نحن الزارعون [الواقعة/ 63 - 64] ومن قدّر هذا التقدير لم يكن
صلة، وإذا لم يكن صلة لم يقتض الهاء الراجعة إلى الموصول.
[يس: 49]
اختلفوا في قوله عزّ وجلّ: يخصمون [يس/ 49].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو: يخصمون بفتح الياء والخاء غير أنّ
أبا عمرو كان يختلس حركة الخاء قريبا من قول نافع. وقرأ عاصم
والكسائي وابن عامر: يخصمون بفتح الياء وكسر الخاء، وهذه رواية
خلف وغيره عن يحيى «1» عن أبي بكر، وقرأ نافع: يخصمون ساكنة
الخاء مشددة الصاد، وورش يخصمون: بفتح الياء والخاء مشددة
الصاد، وقرأ حمزة: يخصمون ساكنة الخاء خفيفة الصاد.
حدّثني أحمد بن محمد بن صدقة، قال: حدّثنا أحمد بن جبير، قال
__________
(1) هو ابن آدم كما في السبعة.
(6/41)
حدّثني أبو بكر عن عاصم أنه قرأ: يخصمون
بكسر الياء والخاء ويهدي* [يونس/ 35] بكسر الياء والهاء «1».
من قرأ يخصمون حذف الحركة من الحرف المدغم، وألقاها على الساكن
الذي قبلها، وهذا أحسن الوجوه بدلالة قولهم: ردّ، وفرّ، وعضّ،
فألقوا حركة العين على الساكن.
ومن قال يخصمون حذف الحركة إلّا أنّه لم يلقها على الساكن كما
ألقاها الأوّل، وجعله بمنزلة قولهم: لمسنا «2» السماء فوجدناها
[الجن/ 8] حذف الكسرة من العين، ولم يلقها على الحرف الذي
قبلها، فلمّا لم يلقها على ما قبلها التقى ساكنان، فحرّك الحرف
الّذي قبل المدغم.
ومن قال: يخصمون جمع بين الساكنين الخاء والحرف المدغم.
ومن زعم أنّ ذلك ليس في طاقة اللّسان ادّعى ما يعلم فساده بغير
استدلال، فأمّا من قرأ يخصمون فتقديره: يخصم بعضهم بعضا، فحذف
المضاف، وحذف المفعول به كثير في التنزيل وغيره. ويجوز أن يكون
المعنى: يخصمون مجادلهم عند أنفسهم، فحذف المفعول به، ومعنى
يخصمون: يغلبون في الخصام خصومهم. فأمّا يخصمون فعلى قول من
قال: أنت تخصم تريد: تختصم، فحذف الحركة وحرّك الخاء لالتقاء
الساكنين، لأنّه لم يلق الحركة المفتوحة
__________
(1) السبعة ص 541 وفي النص اختلاف يسير، وأضاف: وكلّهم فتح
الياء. إلّا ما ذكرت لك عن ابن جبير.
(2) في الأصل: مسنا.
(6/42)
على الفاء، وكسر الياء الّتي للمضارعة
ليتبعها كسرة الخاء، كما قالوا:
أجوءك، وأنبؤك «1»، وهو منحدر من الجبل.
وقالوا في هذا الباب: مردفين [الأنفال/ 9]، فأتبعوا حركة الراء
حركة الميم فضمّوها، وهذا ينبغي أن يكون على من قال: ردّ فحذف
الحركة ولم يلقها على ما قبلها، وهذه اللّغة رواها سيبويه عن
الخليل وهارون، فإن قلت: إنّ الهاء لا تكسر كما تكسر الحروف
الأخر التي للمضارعة، ألا ترى أن من قال نعلم لم يقل يعلم،
قيل: إن هذه الياء قد كسرت في مواضع: فمن ذلك أن سيبويه حكى هو
يئبى فكسر الياء، وقالوا: هو ييجل. فصيروها من قولهم يوجل
للياء فكذلك قولهم يخصمون وعلى هذا قوله:
تكتّبان في الطّريق لام الف «2» فهذا من الحركات التي للإتباع.
[يس: 56]
قال: قرأ حمزة والكسائي في ظلل [يس/ 56] وقرأ الباقون في ظلال
بكسر الظاء «3».
أمّا الظّلل فجمع ظلّة، كغرفة وغرف، وقربه وقرب، وجورة وجور،
وفي التنزيل: هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام
[البقرة/ 210].
__________
(1) انظر سيبويه 2/ 255 وقد سبق نحو هذا في 1/ 65.
(2) البيت من الرجز من شواهد سيبويه 2/ 34. وهو في الخزانة 1/
48 وشرح شواهد الشافية ص 156 ونسبه لأبي النجم العجلي. وقد
ضبطت عندنا تكتبان بكسر التاء، وفي المراجح بضمها، ورد الشاهد
عندهم على نقل فتحة همزة ألف إلى ميم لام.
(3) السبعة ص 542.
(6/43)
وأمّا ظلال فيحتمل أمرين: يجوز أن يكون جمع
ظلة، كعلبة وعلاب، وجفرة وجفار، وبرمة وبرام، فيكون على هذا
معنى القراءتين واحدا، ويجوز أن يكون ظلال جمع ظلل، وفي
التنزيل: يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل [النحل/ 48] وقال:
تتبّع أفياء الظّلال عشيّة على طرق كأنّهنّ سبوب «1»
[يس: 61]
عاصم وأبو عمرو وحمزة والكسائي «2»: وأن اعبدوني [يس/ 61] بكسر
النون، وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر والكسائي:
وأن اعبدوني بضم النون. وكلهم قرأ بالياء وكذلك هي في كلّ
المصاحف «3».
قال أبو علي: الضّم والكسر حسنان، وقد مضى القول في ذلك، وأمّا
إثبات الياء، فإنّ الإثبات والحذف مذهبان، فإذا ثبت الياء في
الخط أخذ به دون الآخر.
[يس: 62]
اختلفوا في التّخفيف والتّثقيل من قوله عزّ وجلّ: جبلا كثيرا
[يس/ 62] فقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي: جبلا مضمومة الجيم،
والباء، مخففة اللام، وقرأ أبو عمرو وابن عامر: جبلا بضم الجيم
وتسكين الباء، وقرأ نافع وعاصم جبلا بكسر الجيم، والباء،
مشدّدة اللّام «4».
__________
(1) البيت لعلقمة الفحل، سبق في 4/ 69. وهو البيت الرابع عشر
من المفضلية رقم/ 119/ والسبوب: جمع السّب، والسّب: شقّة كتّان
رقيقة. انظر اللسان/ سبب/.
(2) كلمة والكسائي ليست في السبعة.
(3) السبعة ص 542.
(4) السبعة ص 542.
(6/44)
قال أبو عبيدة: أضل منكم جبلا كثيرا مثقل
وبعضهم لا يثقل، ويضمّ الحرف الأول، ويسكن الثاني، ومنهم من
يضمّ الأول والثاني.
ولا يثقل، قال: ومعناهنّ: الخلق والجماعة «1». وقال التّوّزي:
يقال جبلا وجبلا وجبلا وجبلا وجبلا. وحكى غير التوزي: جبلا،
وقال هو جمع جبلّة.
[يس: 68]
اختلفوا في التخفيف والتثقيل من قوله عزّ وجلّ: ننكسه في الخلق
[يس/ 68] فقرأ حمزة: ننكسه مشدّدا، واختلف عن عاصم، فروى أبو
بكر عنه مشدّدا، وكذلك روى عنه حفص أيضا وكذلك قال أبو الربيع
الزهراني عن حفص، وأبو حفص عمرو «2» بن الصباح عن حفص عن عاصم:
مشدّدا. وروى هبيرة عن حفص عن عاصم مخفّفة. علي بن نصر عن أبان
عن عاصم: ننكسه خفيف.
قال قتادة: ننكسه في الخلق لكي لا يعلم بعد علم شيئا، يعني
الهرم.
غيره، معناه: من أطلنا عمره نكّسنا خلقه، فصار بدل القوة ضعفا،
وبدل الشباب هرما، قال أبو الحسن: ننكسه، وهو كلام العرب، قال:
وقال الأعمش: ننكّسه في الخلق، قال أبو الحسن: ولا يكادون
يقولون نكّسته إلّا لما يقلب فيجعل رأسه أسفل. قال غير أبي
الحسن أنكر أبو عمرو ننكسه.
__________
(1) مجاز القرآن 2/ 164 وساقط منه قوله: «ومنهم من يضمّ الأوّل
والثاني ولا يثقل».
(2) في الأصل: عمر، والتصويب من غاية النهاية 1/ 601 والسبعة،
وعمرو هذا: ابن الصباح بن صبيح أبو حفص البغدادي الضرير مات
سنة إحدى وعشرين ومائتين. كما في غاية النهاية.
(6/45)
[يس: 68]
قرأ نافع وأبو عمرو في رواية عباس بن الفضل عنه: أفلا تعقلون
[يس/ 68] بالتاء وقرأ الباقون: بالياء أفلا يعقلون «1».
وجه الياء على: قل لهم: أفلا يعقلون. والتاء لقوله: ألم أعهد
إليكم [يس/ 60] أفلا تعقلون.
[يس: 41]
اختلفوا في الجمع والتوحيد من قوله: أنا حملنا ذريتهم في الفلك
[يس/ 41] فقرأ نافع وابن عامر: ذرياتهم* جماعا، وقرأ الباقون:
ذريتهم واحدة «2».
الذّرّيّة: تكون جمعا وتكون واحدا، فالواحد قوله: هب لي من
لدنك ذرية [آل عمران/ 38] فهذا بمنزلة هب لي من لدنك وليا
يرثني [مريم/ 5 - 6]. والجماعة يدلّ عليها قوله: ذرية ضعافا
[النساء/ 9] فمن جمع فكما جمع أسماء الجمع، ومن لم يجمع ما كان
جمعا في المعنى فكما تفرد أسماء الجمع ولا تجمع.
[يس: 67]
وقرأ عاصم وحده في رواية أبي بكر: لمسخناهم على مكاناتهم [يس/
67] جمعا جماعة، وحدّثني موسى بن إسحاق قال حدّثنا هارون بن
حاتم قال: حدّثنا عبيد اللَّه بن موسى عن شيبان عن عاصم
مكانتهم واحدة، المفضل مثله. حفص عن عاصم واحدة أيضا، وكذلك
قرأ الباقون على التوحيد أيضا مكانتهم «3».
من أفرد فلأنّه مصدر، والمصادر تفرد في موضع الجمع لأنّه يراد
__________
(1) السبعة ص 543.
(2) السبعة ص 540.
(3) السبعة ص 542 - 543.
(6/46)
به الكثرة، كما يراد ذلك في سائر أسماء
الأجناس، ومن جمع فلأنّهم قد جمعوا من المصادر شيئا نحو:
الحلوم، والألباب.
[يس: 70]
قرأ نافع: لتنذر من كان حيا [يس/ 70] بالتاء وقرأ الباقون:
لينذر بالياء «1».
وجه التاء أنّه خطاب النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم، ومن
قال: ينذر*، أراد القرآن، ومعنى من كان حيّا: من المؤمنين،
لأنّ الكفّار أموات، كما قال:
أموات غير أحياء [النحل/ 26]، وقال: أومن كان ميتا فأحييناه
[الأنعام/ 122].
[يس: 82]
قرأ ابن عامر والكسائي: كن فيكون* [يس/ 82] نصبا، وقرأ
الباقون: فيكون «2» رفعا.
أمّا الكسائي فإنّه يحمل نصب فيكون* على ما قبله من «أن» ولا
ينصب «فيكون» إذا لم يكن قبله «أن» فيحمل عليها.
وأمّا ابن عامر، فإنّه ينصب «فيكون» كان قبلها «أن» أولم يكن
وقد ذكرنا قوله فيما تقدّم.
__________
(1) السبعة ص 544.
(2) السبعة ص 544.
(6/47)
|