الحجة للقراء السبعة

ذكر اختلافهم في سورة الفتح
[الفتح: 9]
قرأ ابن كثير وأبو عمرو: ليؤمنوا بالله ورسوله ويعزروه ويوقروه ويسبحوه [9] أربعتهنّ بالياء «1».
حجّة الياء أنّه لا يقال: لتؤمنوا بالله ورسوله. وهو الرسول فإذا لم يسهل ذلك كانت القراءة بالياء ليؤمنوا*.
ومن قرأ بالتاء فعلى قوله: قل لهم: إنا أرسلناك شاهدا [الفتح/ 8] ... لتؤمنوا بالله [الفتح/ 9].

[الفتح: 6]
قال: قرأ ابن كثير وأبو عمرو: دائرة السوء* [6] بضمّ السّين.
الباقون: السوء «2».
قال أبو علي: من قال: عليهم دائرة السوء ففتح، فالمعنى عليهم دائرة السّوء، كما ظنّوا ظنّ السّوء، وفي أخرى: وظننتم ظن السوء [الفتح/ 12] وظنّهم ظنّ السّوء هو ظنّهم: أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا [الفتح/ 12] فالتّقدير: عليهم
__________
(1) السبعة ص 603.
(2) السبعة ص 603.

(6/200)


دائرة السوء كما ظنّوا ظنّ السّوء. ومن قال: دائرة السوء* فلأنّهم ظنّوا ظنّ السّوء بالمسلمين، وأرادوه بهم، فقيل عليهم دائرة السّوء الذي أرادوه بالمسلمين، وتمنّوه لهم، وكان الفتح أشدّ مطابقة في اللّفظ وإن كان المعنيان متقاربين. قال: وقال أبو زيد: سوّأت عليه ما صنع تسويئا إذا عبت عليه رأيه وعمله، فهذا يمكن أن يتأوّل من كلّ واحدة من الكلمتين وقد تقدّم ذكر ذلك.

[الفتح: 10]
اختلفوا في الياء والنّون من قوله عزّ وجلّ: فسيؤتيه أجرا [الفتح/ 10] فقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر: فسنؤتيه بالنون وروى أبان عن عاصم بالنون.
عبيد عن هارون عن أبي عمرو بالنون، وعبيد عن أبي عمرو بالياء.
[الفتح: 10]
وقرأ عاصم وأبو عمرو وحمزة والكسائي بالياء «1».
حجّة الياء تقدّم قوله: ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه [الفتح/ 10] على تقدّم ذكر الغيبة.
وزعموا أنّ في حرف عبد الله: فسوف يؤتيه الله فهذا يقوّي الياء فيكون الكلام بالياء من وجه واحد، والنون على الانصراف من الأفراد إلى لفظ الكثرة، وذلك كثير.
حفص عن عاصم: عليه الله [الفتح/ 10] بضمّ الهاء.
الباقون: عليه الله، قال أحمد: وهو قياس رواية أبي بكر عن عاصم «2».
__________
(1) السبعة ص 603.
(2) السبعة ص 603.

(6/201)


قد تقدّم القول في ذلك «1».

[الفتح: 11]
قال: قرأ حمزة والكسائي: ضرا* [الفتح/ 11] بضمّ الضّاد.
وقرأ الباقون: ضرا نصبا «2».
قال أبو علي: الضرّ بالفتح خلاف النّفع، وفي التنزيل: ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا [المائدة/ 76]، والضرّ: سوء الحال، وفي التنزيل: فكشفنا ما به من ضر [الأنبياء/ 84] هذا الأبين في هذا الحرف. ويجوز أن يكونا لغتين معنى: كالفقر والفقر، والضّعف والضّعف.

[الفتح: 15]
قال قرأ حمزة والكسائي: كلم الله* [الفتح/ 15] بكسر اللّام.
وقرأ الباقون: كلام الله «3».
قال أبو علي: وجه من قرأ: كلام الله أنّهم قيل لهم: لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا [التوبة/ 83] والأخص بالمفيد، وبما كان حديثا، الكلام، فقال: كلام الله، لذلك فالمعنى:
أنّ هؤلاء المنافقين يريدون بقولهم: ذرونا نتبعكم، فصدّهم تبديل كلام الله الذي ذكرنا.
ومن قرأ: كلم الله* فإنّ الكلم قد يقع على ما يقع عليه الكلام، وعلى غيره، وإن كان الكلام بما ذكرنا أخصّ، ألا ترى أنّه قال: وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل [الأعراف/ 137]، وإنّما هو والله أعلم: ونريد أن نمن على الذين
__________
(1) انظر 1/ 177
(2) السبعة ص 604.
(3) السبعة ص 604.

(6/202)


استضعفوا في الأرض [القصص/ 5]، وما بعده ممّا يتصل بهذه القصّة.

[الفتح: 17]
وقرأ نافع وابن عامر: ندخله جنات [الفتح/ 17] ونعذبه بالنون جميعا.
وقرأ الباقون بالياء «1».
وجه الياء: تقدّم الاسم المظهر، والنون في المعنى كالياء.

[الفتح: 26]
قرأ أبو عمرو وحده: وكان الله بما يعملون بصيرا [الفتح/ 24] بالياء.
والباقون: بالتاء «2».
وجه قول أبي عمرو: وكان الله بما عمل الكفّار من كفرهم وصدّهم عن المسجد الحرام، ومنعهم لكم من دخوله بصيرا فيجازي عليه.
ووجه التاء: أنّ الخطاب قد جرى للقبيلين في قوله: وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم [الفتح/ 24] فالخطاب لتقدّم هذا الخطاب.

[الفتح: 29]
قال: قرأ ابن كثير وابن عامر: شطأه [الفتح/ 29] مفتوحة الطاء والهمزة.
وقرأ الباقون: شطأه ساكنة الطاء، وكلّهم يقرأ: بهمزة مفتوحة «3».
__________
(1) السبعة ص 604.
(2) السبعة ص 604.
(3) السبعة ص 604.

(6/203)


وقال أبو زيد: أشطأت الشجرة بغصونها إذا أخرجت غصونها.
أبو عبيدة: أخرج شطأه: فراخه «1».
ويقال: أشطأ الزرع فهو مشطئ مفرخ «2»، قول ابن كثير وابن عامر: شطأه، بفتح الطاء، يشبه أن يكون لغة في الشطء. كالشّمع والشّمع، والنّهر والنّهر، ومن حذف الهمزة في شطأه حذفها وألقى حركتها على الطاء. ومن قال: الكماة والمراة قال: شطاه.

[الفتح: 29]
قال: قرأ ابن عامر: فأزره [الفتح/ 29] على فعله مقصور بالهمزة.
الباقون: فآزره على فاعله «3»، أبو عبيدة: فأزره، ساواه، صار مثل الأمّ «4».
قال أبو علي: وفاعل آزر: الشّطء، أي: آزر الشّطء الزرع، فصار في طوله قال:
بمحنيّة قد آزر الضّال نبتها مضمّ رجال غانمين وخيّب «5»
__________
(1) مجاز القرآن 2/ 218.
(2) الشطء: فرخ النخل والزرع. وفي التنزيل: كزرع أخرج شطأه: أي طرفه وجمعه شطوء. انظر اللسان (شطأ).
(3) السبعة ص 605.
(4) مجاز القرآن 2/ 218.
(5) البيت لامرئ القيس. في ديوانه/ 51 وفيه: مجرّ جيوش بدل مضم رجال وفي شرح الأبيات المشكلة ص 332. والضالّ: السدر البري واحدته ضالة. اللسان (ضيل).

(6/204)


أي: ساوى نبته الضّال فصار في قامته، لأنّه لا يرعاه أحد.
ويجوز أن يكون فاعل آزر: الزرع، أي: آزر الزرع شطأه، ومن الناس من يفسّر آزره: أعانه وقوّاه، فعلى هذا يكون: آزر الزرع الشطأ، قال أبو الحسن: آزره: أفعله وأفعل فيه هو الأشبه ليكون قول ابن عامر أزره: فعله، فيكون فيه لغتان: فعل وأفعل، لأنّهما كثيرا ما يتعاقبان على الكلمة، كما قالوا: ألته وآلته يولته «1»، فيما حكاه
التوّزي، وكذلك: آزره وأزره.

[الفتح: 29]
قال قرأ ابن كثير: على سؤقه [الفتح/ 29] مهموز.
الباقون: بلا همزة.
أبو عبيدة: الساق: حاملة الشجرة «2».
وهمز سؤقه يجوز على حدّ قول من قال:
لحبّ المؤقدان إلي مؤسى «3» وإذا كان الساق حامل الشجرة فاستعماله في الزّرع اتساع واستعارة كقوله:
على البكر يمريه بساق وحافر «4»
__________
(1) الألت: الحلف. وألته بيمين ألتا: شدّد عليه. انظر اللسان (ألت).
(2) مجاز القرآن 2/ 218.
(3) سبق في 1/ 239 (وعدة مواطن أخرى من الكتاب).
(4) عجز بيت صدره:
فما رقد الولدان حتى رأيته وعزاه في اللسان إلى جبيهاء الأسدي. وقبله بيت آخر يصف فيهما ضعيفا طارقا أسرع إليه:

(6/205)


وقال:
لا حملت منك كراع حافرا والكراع: لذي الظلف دون ذي الحافر.
__________
فأبصر ناري وهي شقراء أو قدت بليل فلاحت للعيون النواظر ومعنى يمريه: يستخرج ما عنده من الجري. اللسان/ حفر/.

(6/206)


ذكر اختلافهم في سورة الحجرات
[الحجرات: 10]
قرأ ابن عامر وحده: وأصلحوا بين إخوتكم [الحجرات/ 10] بالتاء جماعة، كذا في كتابي عن أحمد بن يوسف عن ابن ذكوان عن أيوب بن تميم عن يحيى بن الحارث عن عبد الله بن عامر. وروى هشام بن عمّار عن سويد بن عبد العزيز وأيوب بن تميم عن يحيى بن الحارث عن عبد الله بن عامر أنّه قرأ:
أخويكم مثل النّاس.
وقرأ الباقون بين أخويكم على اثنين «1».
الأخ من النّسب، والأخ الصّديق. قال:
أخاك أخاك إنّ من لا أخا له كساع إلى الهيجا غير سلاح «2» وقالوا لمن عانى شيئا: هو أخوه، قال:
__________
(1) السبعة ص 606.
(2) البيت لإبراهيم بن هرمة في الكتاب 1/ 129، والخصائص 2/ 480 والخزانة 1/ 465.

(6/207)


أخا الحرب لبّاسا لديها جلالها «1» وقال:
كأنّه أخو فجرة عالى به الجذع صالبه «2» وأنشد أبو زيد:
أخو الذّئب يعوي والغراب ومن يكن شريكيه تطمع نفسه كلّ مطمع «3» وأكثر الاستعمال في جمع الأخ من النّسب إخوة وآخاء، وفي التنزيل: فإن كان له إخوة [النساء/ 11]، وقال الشاعر:
وجدتم أخاكم دوننا إذ نسبتم وأيّ بني الآخاء تنبو مناسبه «4»
__________
(1) صدر بيت للقلاخ بن حزن المنقري، وعجزه:
وليس بولّاج الخوالف أعقلا انظر الكتاب 1/ 57، والفارسي في المسائل الحلبيات ص 18، والمقتضب 2/ 113، والعيني 3/ 535، والأشموني 2/ 296.
(2) من بيت لذي الرّمة تمامه كما في ديوانه ص 846، والمسائل الحلبيات ص 18 ويشبح بالكفّين شبحا ... ، والبيت يصف فيه الحرباء من قصيدة طويلة.
(3) البيت الغضوب وهي امرأة من رهط ربيعة بن مالك أخي حنظلة تهجو سبيعا من أبيات ثلاثة في النوادر ص 371، وأنشده في شرح الأبيات المشكلة ص 349، وانظر الخصائص 2/ 423، والمحتسب 2/ 180، وابن الشجري 1/ 309.
(4) البيت في اللسان (أخا) وفيه: بنيكم بدل أخاكم وأنشده عن أبي علي.

(6/208)


وقال في الذي ليس من النسب إخوانا على سرر متقابلين [الحجر/ 47] وقال: فإخوانكم في الدين ومواليكم [الأحزاب/ 5]، وإذا كان هذا فقول الجمهور: أخويكم أبين من قول ابن عامر، لأنّ المراد النسب، وإن كان لا ينكر استعمال بعض ذا في موضع بعض، ألا ترى أنّ قوله: إنما المؤمنون إخوة لا يراد به النسب؟ إنما هو أخوّة الدّين، فإن قلت: فلم لا يكون قول ابن عامر: فأصلحوا بين إخوتكم أرجح من قول من قال: أخويكم، لأنّ المراد هنا الجمع وليس التثنية، وقد يوضع الجمع القليل موضع الجمع الكثير، نحو:
الأقدام، والأرسان، والتثنية ليست كالجمع في هذا؟
قيل: إنّ التثنية قد تقع موقع الكثرة في نحو ما حكاه من قولهم:
«لا يدين بها لك» «1»، ليس يريد نفي قوّتين اثنتين، إنّما يريد الكثرة، كذلك قولهم: لبّيك، وقولهم: نعم الرجلان زيد، وكذلك قوله: بل يداه مبسوطتان [المائدة/ 64] يريد: بل نعمتاه، وليس هذه النعم بنعمتين اثنتين، إنما يراد نعم الدّنيا، ونعم الآخرة، فكذلك يكون قوله: فأصلحوا بين أخويكم يراد به الطائفتان، والفريقان ونحوهما، ممّا يكون كثرة، وإن كان اللّفظ لفظ التثنية، كما أنّ لفظ ما ذكرنا لفظ التثنية، والمراد به الكثرة والعموم. وقال:
فاعمد لما تعلو فما لك بالّذي لا تستطيع من الأمور يدان «2»
__________
(1) أورد سيبويه 2/ 279 (ت. هارون) هذا المثال مستشهدا به لغير ما جاء به المصنف هنا.
(2) البيت لكعب بن سعد الغنوي في اللسان/ يدي/ والبيت مع آخر قبله في المسائل الحلبيات للفارسي ص 28 وشرح الأبيات المشكلة ص 151 ونسبهما لعلي بن الغدير الغنويّ، والبيت السابق عندهما هو

(6/209)


وروي أنّ الحسن قرأ: بين إخوتكم وبين أخويكم، وبين إخوانكم، وقد جاء الإخوان في جمع الأخ من النسب وهو قوله: أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم [النور/ 61].

[الحجرات: 14]
قال: قرأ أبو عمرو وحده لا يالتكم مهموز، وقرأ الباقون:
لا يلتكم «1» [الحجرات/ 14].
قال أبو زيد: ألته السلطان حقّه يألته ألتا مثل: ضربه يضربه ضربا: إذا نقصه، قال: وقوم يقولون: لات يليت ليتا، وقال: لتّ الرجل أليته ليتا، إذا عمّيت عليه الخبر فأخبرته بغير ما سألت عنه «2».
وقال أبو عبيدة: لا يألتكم من أعمالكم شيئا: لا ينقصكم، من ألت يألت، وقوم يقولون: لات يليت. قال رؤبة:
وليلة ذات هوى سريت ولم يلتني عن هواها ليت «3» قال: وقوم يقولون: ألاتني عن حقّي، وألاتني عن حاجتي، إذا صرفه عنها «4».
__________
وإذا رأيت المرء يشعب أمره شعب العصا، ويلجّ في العصيان وهو رابع أبيات ستة في أمالي القالي 2/ 314 لكعب وفي الأضداد للأصمعي ص 7 والسجستاني ص 108، وابن السكّيت ص 166: البيتان لعلي بن الغدير الغنوي.
(1) النوادر لأبي زيد ص 516.
(2) السبعة ص 606.
(3) والبيت كما قال لرؤبة وليس في ديوانه وهو في الطبري 15/ 2 و 26/ 143، والقرطبي 16/ 349. واللسان (ليت) مع اختلاف في الرواية.
(4) مجاز القرآن ص 221.

(6/210)


وقال التّوزيّ: بعضهم يقول في النقصان: آلت يولت إيلاتا.
حجّة أبي عمرو في قراءته: لا يألتكم*: وما ألتناهم، فألتناهم مضارعه يألتكم.
ومن قرأ: لا يلتكم جعله من لات يليت، وقد حكاه أبو عبيدة وأبو زيد جميعا.
وحجّة من قال: لا يلتكم أنّهم زعموا أنّه ليس في الكتاب ألف ولو كانت منه. كتبت بالألف كما يكتب في: يأمر، ويأبق، ونحوه في المعنى، وإنما توفون أجوركم يوم
القيامة
[آل عمران/ 185] وقوله:
فلا تظلم نفس شيئا [الأنبياء/ 47].

[الحجرات: 18]
قال: قرأ ابن كثير وعاصم في رواية أبان والله بصير بما يعملون* [الحجر/ 18] بالياء.
وقرأ الباقون بالتاء «1».
وجه التاء أنّ قبله خطابا، وهو قوله: لا تمنوا علي إسلامكم [الحجرات/ 17] فالتاء لهذا الخطاب.
ووجه الياء أنّ قبله غيبة، وهو قوله: إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله [الحجرات/ 15] ... والله بصير بما يعلمون [الحجرات/ 18] بالياء.

[الحجرات: 12]
قال: شدّد نافع وحده: لحم أخيه ميتا.
وخفّفها الباقون «2».
__________
(1) السبعة ص 606.
(2) السبعة ص 606.

(6/211)


فالميت والميّت بمعنى، كما أن سيدا وسيّدا، وطيبا وطيّبا كذلك، وكما أنّ هارا وهائرا بمعنى، كذلك التشديد في ميت في المعنى كالتخفيف، وممّا يدلّ على ذلك قول الشاعر:
ليس من مات فاستراح بميت إنما الميت ميّت الأحياء «1» فأوقع المخففة والمشددة على شيء واحد، وكذلك قوله:
ومنهل فيه الغراب ميت «2» لو شدّد لجاز.
فأمّا الفاء في قوله: فكرهتموه [الحجرات/ 12] فعطف على المعنى، كأنّه لمّا قيل لهم: أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا قالوا: لا، فقيل لهم لما قالوا لا: فكرهتموه، أي: كرهتم أكل لحمه ميتا، فكما كرهتم أكل لحمه ميتا فكذلك فاكرهوا غيبته.
وقوله: واتقوا الله [الحجرات/ 12] معطوف على هذا الفعل المقدّر، ولا يكون قوله: فكرهتموه بمعنى فاكرهوه واتقوا الله: لأنّ لفظ الخبر لا يوضع للدعاء في كلّ موضع، ولأنّ قوله: فكرهتموه محمول على المعنى الذي ذكرناه، فمعنى الخبر فيه صحيح.
__________
(1) البيت لعدي بن رعلاء الغسّاني. من أصمعية ص 152، وهو من شواهد البغدادي في شرح أبيات المغني 3/ 197 و 7/ 16، وأمالي ابن الشجري 1/ 152، عن الفارسي في الحجّة.
(2) انظر ابن الشجري 1/ 152 ونقله عن أبي علي في الحجّة.

(6/212)