الحجة للقراء السبعة ذكر اختلافهم في
سورة الممتحنة
[الممتحنة: 3]
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو: يفصل* [3] برفع الياء وتسكين
الفاء ونصب الصاد، وقرأ عاصم بفتح الياء وكسر الصاد.
وقرأ ابن عامر: يفصل* برفع الياء وتشديد الصاد. وفتحها.
وقرأ حمزة والكسائي يفصل* برفع الياء والتشديد وكسر الصاد «1».
قال أبو علي: يذهب أبو الحسن في هذا النحو إلى أن الظرف أقيم
مقام الفاعل، وترك على الفتح الذي كان يجري عليه في الكلام
لجريه في آخر الكلام منصوبا، وكذلك يقول في قوله: وإنا منا
الصالحون ومنا دون ذلك [الجن/ 11]، وكذلك يجيء على قياس قوله:
لقد تقطع بينكم [الأنعام/ 94]، فاللفظ على قوله مفتوح، والموضع
رفع، كما كان اللفظ في قوله: كفى بالله [العنكبوت/ 52] وما
جاءني من رجل، مجرورا، والموضع موضع رفع.
والقول في قراءة ابن عامر: يفصل* مثل القول في: يعمل،
__________
(1) السبعة 633.
(6/285)
وقول عاصم: يفصل، حسن والضمير يرجع إلى اسم
اللَّه عزّ وجلّ، ودلّ عليه قوله: وأنا أعلم بما أخفيتم
[الممتحنة/ 1] وكذلك قول حمزة والكسائي: يفصل* مثل ما قرأ عاصم
في إسناد الفعل إلى الضمير الذي دلّ عليه قوله: وأنا أعلم بما
أخفيتم.
[الممتحنة: 10]
قال قرأ أبو عمرو وحده: ولا تمسكوا [الممتحنة/ 10] بالتشديد،
وقرأ الباقون: ولا تمسكوا خفيفة «1».
حجّة من قال، تمسكوا قوله: فإمساك بمعروف [البقرة/ 229]، ولا
تمسكوهن ضرارا [البقرة/ 231]، وفأمسكوهن في البيوت [النساء/
15]، وأمسك عليك زوجك [الأحزاب/ 37].
وقال أبو الحسن: تمسكوا لأنها من مسّكت بالشيء، قال: وهو كثير،
أو أكثر. قال: ومن حجّته: والذين يمسكون بالكتاب [الأعراف/
170].
[الممتحنة: 4]
قال: قرأ عاصم: أسوة [الممتحنة/ 4، 6] برفع الألف.
وقرأ الباقون: إسوة* كسرا «1».
أسوة وإسوة لغتان.
[الممتحنة: 4]
قال: حدّثني الحسن بن العباس الجمال «3» قال: حدّثني الحلواني
عن شباب «4» عن أحمد بن موسى عن أبي عمرو: برءاء [الممتحنة/ 4]
يمدّ ويهمز ولا ينوّن مثل: برعاع، قال: ولا اختلاف
__________
(1) السبعة 633.
(3) ترجمته في طبقات القراء 1/ 216.
(4) هو خليفة بن خياط أبو عمرو العصفري الحافظ شباب صاحب
التاريخ توفي سنة 240 هـ، انظر ترجمته في الطبقات 1/ 275.
(6/286)
في ذلك بين أحد من القرّاء أنها بهذا اللفظ
«1».
بريء وبرءاء: مثل فقيه وفقهاء، وظريف وظرفاء، الهمزة الأولى في
فعلاء لام الفعل، والثانية المنقلبة عن ألف التأنيث، والألف
التي قبل الهمزة زيادة لحقت مع علامة
التأنيث. ويدلّك على أن الهمزة منقلبة عن ألف التأنيث لوقوعها
طرفا بعد ألف، أنه إذا زالت هذه الصورة، زالت الهمزة وعاد حرف
اللين، وذلك قولك: صحراء وصحارى، ويدلّك على أن علامة التّأنيث
الألف المنقلبة عنها الهمزة أنّ العلامتين الأخريين، كلّ واحدة
منهما على حرف مفرد، وكذلك في هذا النحو من فعلاء ونحوها مما
لا يكون للإلحاق، والدليل على أن الألف التي قبلها زيادة، أنها
لا تخلو من أن تكون زائدة، أو للتأنيث، فلا تكون التي للتأنيث،
لأن علامته إنما تكون آخرا، ولا تكون وسطا، وقد جاء في غير
القراءة ألفاظ في جمع بريء، قالوا: بريء وبراء، كما قالوا:
ظريف وظراف، وقالوا: براء، كما قالوا: توأم وتؤام، وجاء لفظ
المصدر أيضا في موضع الجمع، قالوا: نحن البراء «2»
__________
(1) السبعة 633، 634.
(2) في اللسان (برأ) عن الأزهري: العرب تقول: نحن منك البراء
والخلاء، والواحد والاثنان والجمع من المذكر والمؤنث يقال:
براء لأنه مصدر.
(6/287)
ذكر اختلافهم في
سورة الصفّ
[الصف: 6]
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر:
بعدي اسمه أحمد [6] بفتح الياء.
وقرأ عاصم في رواية حفص وابن عامر وحمزة والكسائي: من بعدي
اسمه أحمد لا يحرّكون الياء «1».
قال أبو علي: إن حرّكت الياء قلت: من بعدي اسمه فحذفت همزة
الوصل للإدراج، وإن أسكنتها قلت: من بعد اسمه فحذفت الياء
لالتقاء الساكنين، أحد الساكنين الياء من بعدي والآخر: السين
من اسمه لأن همزة الوصل تسقط في الإدراج، فإذا سقطت التقى
الساكنان، وإذا التقيا حذفت الأوّل منهما، كما تحرّك الأوّل في
نحو:
اذهب اذهب.
فأما قوله: اسمه أحمد فجعله في موضع جرّ لكونها وصفا لرسول،
فكما أن قوله: يأتي من قوله: يأتي من بعدي [الصفّ/ 6] في موضع
جرّ، كذلك ما عطف عليه من الجملة الثانية،
__________
(1) السبعة 635.
(6/288)
ويدلك على ذلك ارتفاع المفرد الذي هو مبارك
من قوله: وهذا كتاب أنزلناه مبارك [الأنعام/ 92، 155]، فأما
قوله اسمه أحمد فأحمد عبارة عن الشخص، والاسم قول والقول لا
يكون الشخص، وخبر المبتدأ ينبغي أن يكون المبتدأ في المعنى،
فذلك على إضمار تقديره:
اسمه قول أحمد، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، كما
تقول: الليلة الهلال، وأنت تريد: الليلة ليلة الهلال، فتحذف
الليلة، وكذلك قوله: يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة [الأعراف/
157]، والمعنى: يجدون ذكره مكتوبا، ألا ترى أن الشخص لا يكتب،
وهذا مذهب سيبويه. قال: تقول إذا نظرت في الكتاب: هذا زيد،
تريد هذا ذكر زيد، واسم زيد، فلما لم يكن الشخص المشار إليه،
وإنّما المشار إليه كتابه، حمله على هذا الذي ذكره بكتابه.
[الصف: 8]
قال: قرأ ابن كثير وعاصم في رواية حفص وحمزة والكسائي:
متم نوره [الصفّ/ 8] مضاف.
وقرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر وأبو عمرو وابن عامر:
متم نوره رفع منوّن «1».
قال أبو علي: الإضافة فيه يكون بها الانفصال، كما يقدر في
قوله: عارضا مستقبل أوديتهم [الأحقاف/ 24]، ومثل ذلك: ذائقة
الموت [آل عمران/ 185] وإنا مرسلو الناقة [القمر/ 27].
والنصب في: متم نوره على أنه في حال الفعل، وفيما يأتي، ومثل
ذلك: هل هن كاشفات ضره [الزمر/ 38] وكاشفات ضره.
[الصف: 10]
وقرأ ابن عامر وحده: تنجيكم من عذاب أليم [الصف/ 10]
__________
(1) السبعة 635.
(6/289)
بالتشديد. وقرأ الباقون: تنجيكم خفيف «1».
حجّة تنجيكم: بالتشديد قوله: ونجينا الذين آمنوا [فصّلت/ 18].
وحجة تنجيكم: فأنجاه الله من النار [العنكبوت/ 24].
[الصف: 14]
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو: كونوا أنصارا الله [الصف/ 14]
منوّنة.
وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائيّ: أنصار الله مضاف «1».
قال أبو علي: زعموا أن في حرف عبد اللَّه أنتم أنصار الله،
وإذا كان كذلك فليس موضع ترجية إنما هو إخبار عنهم بأنهم أنصار
اللَّه، ويكون قوله: كونوا أمرا بإدامة النصر والثبات عليه
كقوله:
يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله [النساء/ 136]، وموضع
الكاف نصب على الحمل على المعنى ممّا في أنصار اللَّه، من معنى
الفعل، كأن: نصرتم اللَّه مثل نصرة الحواريّين لدين اللَّه عزّ
وجلّ، ولا يدلّ قوله: قال الحواريون نحن أنصار الله [الصفّ/
14] على اختيار الإضافة من قوله كونوا أنصار الله، لأن أولئك
قد كان منهم ذلك، فأخبروا عن أمر كان وقع منهم، ويجوز أن يكون
غيرهم، في ترجية إلى ذلك في قول من نوّن أنصارا للَّه.
[الصف: 14]
قال: حرّك نافع في هذه السورة: من أنصاري إلى الله* [الصفّ/
14]، وأسكنها الباقون «3».
وكلا الأمرين حسن.
__________
(1) السبعة 635.
(3) السبعة 635.
(6/290)
ذكر اختلافهم في سورة الجمعة
قال أبو بكر أحمد بن موسى: لم يختلفوا في سورة الجمعة «1». |