المحكم في نقط المصاحف

بَاب ذكر نقط مَا اجْتمع فِيهِ واوان فحذفت إِحْدَاهمَا تَخْفِيفًا
اعْلَم أَن الْمَصَاحِف اجْتمعت على حذف إِحْدَى الواوين فِي أَربع كلم وَهن قَوْله فِي سُبْحَانَ ليسئوا وُجُوهكُم وَقَوله فِي الاحزاب وتئوى إِلَيْك وَقَوله فِي المعارج الَّتِي تئويه وَقَوله فِي كورت وَإِذا الموءدة
فَأَما لَيْسُوا فَإِن كَانَ مرسوما على قِرَاءَة من قَرَأَهُ بِالْيَاءِ على التَّوْحِيد أَو بالنُّون على الْجمع فَذَلِك حَقِيقَة رسمه إِلَّا أَن الالف رسمت فِي آخِره على الْقِرَاءَتَيْن كَمَا رسمت فِي قَوْله أَن تبوأ صُورَة للهمزة وَإِن كَانَ مرسوما على قِرَاءَة من قَرَأَ بِالْيَاءِ على الْجمع فقد حذفت من رسمه إِحْدَى

(1/168)


الواوين اللَّتَيْنِ الْهمزَة المضمومة بَينهمَا من حَيْثُ كَانَت الْهمزَة غير فاصلة لخفائها وَعدم صورتهَا
وَيجوز أَن تكون المحذوفة مِنْهُمَا الاولى الَّتِي هِيَ عين من الْفِعْل إِذْ هِيَ السَّابِقَة وَيجوز ان تكون الثَّانِيَة الَّتِي هِيَ عَلامَة الْجمع من حَيْثُ كَانَت حرفا زَائِدا دخيلا وَكَانَت الاولى من سنخ الْحَرْف وَالْمذهب الاول أوجه لَان معنى الْجَمِيع يخْتل بِسُقُوط علامته وَعدم دَلِيله
فَإِذا نقط ذَلِك على الاول الْمُخْتَار جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء وحركتها نقطة بالحمراء أمامها قبل الْوَاو السَّوْدَاء ورسمت وَاو بالحمراء قبل الْهمزَة وَبعد السِّين فَتحصل الْهمزَة بَين الواوين الْحَمْرَاء والسوداء وَإِن شَاءَ الناقط لم يرسم تِلْكَ الْوَاو وَجعل مطة فِي موضعهَا بَين السِّين والهمزة وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى ليسئوا
وَإِذا نقط على الْوَجْه الثَّانِي جعلت الْهمزَة وحركتها بعد الْوَاو السَّوْدَاء ورسمت وَاو بالحمراء قبل الْهمزَة وَبعد السِّين فَتحصل الْهمزَة بَين الواوين الْحَمْرَاء والسوداء وان شَاءَ الناقط لم يرسم تِلْكَ الْوَاو وَجعل مطة فِي موضعهَا بَين السِّين والهمزة وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى ليسئوا
واذا نقط على الْوَجْه الثَّانِي جعلت الْهمزَة وحركتها بعد الْوَاو السَّوْدَاء ورسمت وَاو بالحمراء بعْدهَا لَا بُد من ذَلِك ليتأدى بهَا الْمَعْنى الَّذِي جَاءَت لَهُ فَتحصل الْهمزَة بَين الواوين السَّوْدَاء والحمراء وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى ليسوءا
واذا نقط ذَلِك على قِرَاءَة من قراه بِالْيَاءِ على التَّوْحِيد وَالنُّون على الْجمع جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء وحركتها عَلَيْهَا نقطة بالحمراء فِي الالف المرسومة لانها صُورَة لَهَا ذَكرْنَاهُ وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى لَيْسُوا
واما وتئوي اليك وَالَّتِي تئويه فَإِنَّهُمَا رسما بواو وَاحِدَة وَهِي الثَّانِيَة الْمَكْسُورَة الَّتِي هِيَ عين الْفِعْل لَا الاولى الَّتِي هِيَ همزَة سَاكِنة وَفَاء من الْفِعْل

(1/169)


وَذَلِكَ لخمسة معَان احدها ان الاولى هِيَ السَّابِقَة مِنْهُمَا وَالثَّانِي انها سَاكِنة وَالثَّانيَِة متحركة وَالثَّالِث انها قد تَسْتَغْنِي عَن الصُّورَة لانها حرف قَائِم بِنَفسِهِ من حَيْثُ اشتركت مَعَ الْهَاء والالف فِي الْمخْرج ولحقتها الحركات والسكون وَالرَّابِع انها قد تبدل واوا سَاكِنة لاجل ضمة التَّاء قبلهَا ثمَّ تُدْغَم فِي الْوَاو الَّتِي بعْدهَا للتمائل فَيمْتَنع تصويرها لذَلِك كَمَا يمْتَنع تَصْوِير الاول من المثلين فِي كلمة وَاحِدَة اذا ادغم فِي الثَّانِي نَحْو قَوْله عدوى وَولي وَعَدُوكُمْ ووليكم وَشبهه وَالْخَامِس ثُبُوت الْيَاء الساكنة فِي اللَّفْظ والرسم الَّتِي لَا تَلِيهَا الا كسرة لَا غير وَهِي كسرة الْوَاو الَّتِي هِيَ عين
فَدلَّ ذَلِك كُله على ان الثَّابِتَة فِي الرَّسْم هِيَ الْوَاو الثَّانِيَة وان الساقطة هِيَ الْوَاو الاولى الَّتِي هِيَ همزَة سَاكِنة فِي حَال التَّحْقِيق
فَإِذا نقط ذَلِك جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء وعلامة السّكُون عَلَيْهَا بَين التَّاء وَالْوَاو السَّوْدَاء فِي بَيَاض السطر وَجعلت تَحت الْوَاو السَّوْدَاء نقطة بالحمراء عَلامَة لكسرها وان شَاءَ الناقط رسم بعد التَّاء وَقبل الْوَاو السَّوْدَاء بالحمراء واوا وَجعل الْهمزَة فِيهَا والا يرسمها احسن وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى تئوي وتئويه
واما الموءدة فرسمت فِي جَمِيع الْمَصَاحِف بواو وَاحِدَة وتحتمل ان تكون المرسومة الْوَاو الاولى الَّتِي هِيَ فَاء من الْفِعْل والمحذوفة الْوَاو الثَّانِيَة

(1/170)


الَّتِي جَاءَت لبِنَاء مفعولة وتحتمل ان تكون المرسومة الثَّانِيَة والمحذوفة الاولى من حَيْثُ كَانَت السَّابِقَة مِنْهُمَا
وان تكون المرسومة الاولى الَّتِي هِيَ فَاء اولى من ثَلَاثَة اوجه احدها ان الاولى من نفس الْكَلِمَة وَالثَّانيَِة زَائِدَة فِيهَا والاصلي اولى بالاثبات من الزَّائِد وَالثَّانِي ان ضمة الْهمزَة الْوَاقِعَة بَين الواوين تدل على الْوَاو الثَّانِيَة اذا حذفت من الرَّسْم وَلَا شَيْء فِي الْكَلِمَة يدل على الاولى اذا حذفت فَلَزِمَ رسمها دون الثَّانِيَة اذا وَجب حذف صُورَة احداهما وَالثَّالِث ان من الْعَرَب من اذا سهل الْهمزَة فِي ذَلِك اسقطها وَالْوَاو الَّتِي بعْدهَا طلبا للتَّخْفِيف فَيَقُول الْمَوَدَّة على لفظ الجوزة والموزة وَهِي قِرَاءَة الاعمش فِي ذَلِك قرات على عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد عَن ابي طَاهِر بن ابي هَاشم قَالَ نَا قَاسم الْمُطَرز والخثعمي قَالَا حَدثنَا ابو كريب قَالَ نَا ابو بكر قَالَ قرا الاعمش واذا الْمَوَدَّة بِغَيْر همز مخففا
فَإِذا نقطت هَذِه الْكَلِمَة على الْمَذْهَب الاول الْمُخْتَار جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء وحركتها امامها نقطة بالحمراء بعد الْوَاو السَّوْدَاء ورسمت وَاو بالحمراء بعد الْهمزَة فَتحصل الْهمزَة بذلك بَين واوين سَوْدَاء وحمراء وان شَاءَ الناقط لم يرسم تِلْكَ الْوَاو من حَيْثُ كَانَت ضمة الْهمزَة دَالَّة عَلَيْهَا وَصُورَة نقط ذَلِك كَمَا ترى الموءدة
واذا نقطت على الْمَذْهَب الثَّانِي جعلت الْهمزَة وحركتها قبل الْوَاو السَّوْدَاء ورسمت وَاو بالحمراء بعد الْمِيم وَقبل الْهمزَة فَتحصل الْهمزَة ايضا بَين واوين

(1/171)


وَاو حَمْرَاء وواو سَوْدَاء وَلَا بُد من تَصْوِير الْوَاو فِي هَذَا الْوَجْه ضَرُورَة لَان اللَّفْظ وَالْمعْنَى يختلان بحذفها وَصُورَة نقط ذَلِك كَمَا ترى المئودة - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فصل
وكل همزَة مَضْمُومَة جَاءَت قبل وَاو مرسومة سَوَاء كَانَت للْجمع اَوْ للْبِنَاء وَسَوَاء تحرّك مَا قبل الْهمزَة اَوْ سكن فَإِن الْمَصَاحِف اتّفق رسمها على حذف صُورَة الْهمزَة لما تقدم من كَرَاهَة توالي صُورَتَيْنِ متفقتين فِي الرَّسْم
وَجَائِز ان تحذف وَاو الْجمع وواو الْبناء وان تثبت صُورَة الْهمزَة والاول اقيس لما قدمْنَاهُ من اسْتغْنَاء الْهمزَة عَن الصُّورَة وَمن اختلال اللَّفْظ وَالْمعْنَى جَمِيعًا بِحَذْف مَا يدل على الْجمع اَوْ على الْبناء
فالتي للْجمع نَحْو قَوْله فادرءوا ويدرءون وَلَا يطئون وتطئوهم ومستهزءون ومتكئون وفما لئون وليواطئوا وليطفئوا وأنبئوني ويستنبئونك وَشبهه
وَالَّتِي للْبِنَاء نَحْو قَوْله يئوسا ومذءوما ومسئولا وَشبهه

(1/172)


فَإِذا نقط ذَلِك جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء وحركتها أمامها نقطة بالحمراء قبل الْوَاو السَّوْدَاء فِي بَيَاض السطر على مَا ترَاهُ فِي الْحُرُوف الْمُتَقَدّمَة
وكل وَاو مَضْمُومَة جَاءَ بعْدهَا وَاو سَاكِنة للْجمع كَانَت أَو للْبِنَاء فَالْقَوْل فِي حذف إِحْدَاهمَا وَإِثْبَات الثَّانِيَة كالقول فِي جَمِيع مَا تقدم
فالتي للْجمع نَحْو قَوْله الغاون وَلَا تلون وَلَا يستون وفأوا الى الْكَهْف وَشبهه
وَالَّتِي للْبِنَاء نَحْو قَوْله مَا وري وَدَاوُد وَشبهه
وَالْأَوْجه هَاهُنَا أَن تكون المرسومة الْوَاو الاولى لتحركها والمحذوفة الْوَاو الثَّانِيَة لسكونها من حَيْثُ كَانَ السَّاكِن أولى بالحذف من المتحرك فِي ذَلِك لتولده مِنْهُ ولدلالة حَرَكَة المتحرك عَلَيْهِ وَذَلِكَ بِخِلَاف مَا تقدم فِي نَظَائِر ذَلِك من كَون المرسومة من إِحْدَى الواوين الثَّانِيَة دون الاولى هُوَ الاوجه وَذَلِكَ لسكونهما مَعًا هُنَاكَ فَلَمَّا اجتمعتا فِي السّكُون كَانَ الاولى بالاثبات مِنْهُمَا مَا جَاءَ لِمَعْنى لَا بُد من تاديته وَفِي الثَّانِيَة لدلاتها على الْجمع
والناقط مُخَيّر فِي رسم وَاو الْجمع وواو الْبناء فِي هَذَا الضَّرْب على مَا تستحقه وَفِي ترك رسمها لدلَالَة الضمة عَلَيْهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق

(1/173)


بَاب ذكر نقط مَا زيدت الالف فِي رسمه
اعْلَم ان كتاب الْمَصَاحِف زادوا الالف فِي الرَّسْم بِإِجْمَاع مِنْهُم فِي اصل مطرد وَخَمْسَة أحرف مفترقة فاما الاصل المطرد فَهُوَ مَا جَاءَ من لفظ مائَة وَمِائَتَيْنِ وَأما الْخَمْسَة الاحرف فأولها فِي التَّوْبَة ولأ اوضعوا خلالكم وَكَذَا فِي النَّمْل أَو لأاذبحنه وَفِي يُوسُف وَلَا تايئسوا من روح الله إِنَّه لَا يايئس من روح الله وَفِي الرَّعْد أفلم يايئس الَّذين ءامنوا
وَحكى مُحَمَّد بن عِيسَى الاصبهاني أَن فِي الْمَصَاحِف كلهَا وَلَا تقولن لشائ فِي الْكَهْف بِأَلف بَين الشين وَالْيَاء قَالَ وَكَذَلِكَ ذَلِك فِي مصاحف عبد الله فِي كل الْقُرْآن
وَفِي مصاحف أهل بلدنا الْقَدِيمَة المتبع فِي رسمها مصاحف أهل الْمَدِينَة وجاىء بالنبيين فِي الزمر وجاىء يَوْمئِذٍ بجهنم فِي

(1/174)


وَالْفَجْر بِأَلف زَائِدَة بَين الْجِيم وَالْيَاء وفيهَا أَيْضا فِي آل عمرَان لإالى الله تحشرون وَفِي الصافات لإالى الْجَحِيم بِزِيَادَة الف وَلم أجد أَنا ذَلِك كَذَلِك مرسوما فِي شَيْء من مصاحف أهل الْعرَاق الْقَدِيمَة
فَأَما زيادتهم الالف فِي مائَة فلأحد أَمريْن إِمَّا للْفرق بَين مائَة وَبَين مِنْهُ من حَيْثُ اشتبهت صورتهما ثمَّ الحقت التَّثْنِيَة بِالْوَاحِدِ فزيدت فِيهَا الالف لتأتيا مَعًا على طَريقَة وَاحِدَة من الزِّيَادَة وَهُوَ قَول عَامَّة النَّحْوِيين قَالَ القتبي زادوا الالف فِي مائَة ليفصلوا بهَا بَينهمَا وَبَين مِنْهُ أَلا ترى أَنَّك تَقول اخذت مائَة واخذت مِنْهُ فَلَو لم تكن الْألف لالتبس على الْقَارئ وَإِمَّا تَقْوِيَة للهمزة من حَيْثُ كَانَت حرفا خفِيا بعيد الْمخْرج فقووها بالالف لتتحقق بذلك نبرتها وخصت الالف بذلك مَعهَا من حَيْثُ كَانَت من مخرجها وَكَانَت الْهمزَة قد تصور بصورتها وَهَذَا القَوْل عِنْدِي أوجه لانهم قد زادوا الالف بَيَانا للهمزة وتقوية لَهَا فِي كلم لَا تشتبه صورهن بصور غَيْرهنَّ فَزَالَ بذلك معنى الْفرق وَثَبت معنى التقوية وَالْبَيَان لانه مطرد فِي كل مَوضِع
فَإِذا نقط هَذَا الضَّرْب جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء وحركتها من فَوْقهَا نقطة بالحمراء فِي الْيَاء نَفسهَا وَجعل على الالف دَاره صغرى عَلامَة لزيادتها فِي الْخط وسقوطها من اللَّفْظ سَوَاء جعلت فرقا بَين مشتبهين فِي الصُّورَة أَو تَقْوِيَة وبيانا وَصُورَة نقط ذَلِك كَمَا ترى مائَة مِائَتَيْنِ

(1/175)


وَقد غلط بعض ائمتنا فِي نقط هَذَا الضَّرْب غَلطا فَاحِشا فَزعم أَن الْهمزَة تقع فِيهِ على الالف دون الْيَاء إِذْ الالف صورتهَا من حَيْثُ كَانَت متحركة بِالْفَتْح وَالْيَاء هِيَ المزيدة وَهَذَا مَا لم يتقدمه الى القَوْل بِهِ أحد من النَّاس مِمَّن علم وَمِمَّنْ جهل
هَذَا مَعَ علم هَذَا الرجل بَان الالف فِي ذَلِك زيدت للْفرق فَكيف تكون مَعَ ذَلِك صُورَة للهمزة وَبِأَن الْهَمْز إِنَّمَا ترسم صوره على حسب مَا تؤول فِي التسهيل دلَالَة على ذَلِك والهمزة فِي إِذا سهلت أبدلت يَاء مَفْتُوحَة لانكسار مَا قبلهَا فالياء صورتهَا لَا شكّ وَلَا تجْعَل بَين الْهمزَة والالف رَأْسا لِأَن الالف لَا يكون مَا قبلهَا مكسورا فَكَذَلِك لَا يكون مَا قرب بالتسهيل مِنْهَا وَهَذَا قَول جَمِيع النَّحْوِيين وَالله يغْفر لَهُ
وَأما زيادتهم الالف فِي ولأ اوضعوا وأو لأاذبحنه فلمعان أَرْبَعَة هَذَا إِذا كَانَت الزَّائِدَة فيهمَا الْمُنْفَصِلَة عَن اللَّام وَكَانَت الْهمزَة الْمُتَّصِلَة بِاللَّامِ وَهُوَ قَول اصحاب الْمَصَاحِف
فأحدها ان تكون صُورَة لفتحة الْهمزَة من حَيْثُ كَانَت الفتحة ماخوذة مِنْهَا فَلذَلِك جعلت صُورَة لَهَا ليدل على أَنَّهَا مَأْخُوذَة من تِلْكَ الصُّورَة وَأَن الاعراب قد يكون بهما مَعًا
وَالثَّانِي أَن تكون الْحَرَكَة نَفسهَا لَا صُورَة لَهَا وَذَلِكَ ان الْعَرَب لم تكن اصحاب شكل ونقط فَكَانَت تصور الحركات حروفا لِأَن الاعراب قد يكون بهَا كَمَا يكون بِهن فتصور الفتحة ألفا والكسرة يَاء والضمة واوا

(1/176)


فتدل هَذِه الاحرف الثَّلَاثَة على مَا تدل عَلَيْهِ الحركات الثَّلَاث من الْفَتْح وَالْكَسْر وَالضَّم
وَمِمَّا يدل على أَنهم لم يَكُونُوا اصحاب شكل ونقط وانهم كَانُوا يفرقون بَين المشتبهين فِي الصُّورَة بِزِيَادَة الْحُرُوف إلحاقهم الْوَاو فِي عَمْرو فرقا بَينه وَبَين عمر وإلحاقهم إِيَّاهَا فِي أُولَئِكَ فرقا بَينه وَبَين إِلَيْك وَفِي أولى فرقا بَينه وَبَين إِلَى وإلحاقهم الْيَاء فِي قَوْله وَالسَّمَاء بنيناها بأييد فرقا بَين الايد الَّذِي مَعْنَاهُ الْقُوَّة وَبَين الايدي الَّتِي هِيَ جمع يَد وإلحاقهم الالف فِي مائَة فرقا بَينه وَبَين مِنْهُ ومنة ومية من حَيْثُ اشتبهت صُورَة ذَلِك كُله فِي الْكِتَابَة
وَحكى غير وَاحِد من عُلَمَاء الْعَرَبيَّة مِنْهُم أَبُو إِسْحَق ابراهيم بن السّري وَغَيره ان ذَلِك كَانَ قبل الْكتاب الْعَرَبِيّ ثمَّ ترك اسْتِعْمَال ذَلِك بعد وَبقيت مِنْهُ اشياء لم تغير عَمَّا كَانَت عَلَيْهِ فِي الرَّسْم قَدِيما وَتركت على حَالهَا فَمَا فِي مرسوم الْمُصحف من نَحْو ولأ اوضعوا هُوَ مِنْهَا
وَالثَّالِث ان تكون دَلِيلا على إشباع فَتْحة الْهمزَة وتمطيطها فِي اللَّفْظ لخفاء الْهمزَة وَبعد مخرجها وفرقا بَين مَا يُحَقّق من الحركات وَبَين مَا يختلس مِنْهُنَّ وَلَيْسَ ذَلِك الاشباع والتمطيط بالمؤكد للحروف إِذْ لَيْسَ من مَذْهَب أحد من أَئِمَّة الْقِرَاءَة وَإِنَّمَا هُوَ إتْمَام الصَّوْت بالحركة لَا غير
وَالرَّابِع أَن تكون تَقْوِيَة للهمزة وبيانا لَهَا ليتأدى بذلك معنى خفائها والحرف الَّذِي تقوى بِهِ قد يتقدمها وَقد يتَأَخَّر بعْدهَا

(1/177)


وَإِذا كَانَت الزَّائِدَة من إِحْدَى الالفين الْمُتَّصِلَة فِي الرَّسْم بِاللَّامِ وَكَانَت الْهمزَة الْمُنْفَصِلَة عَنْهَا وَهُوَ قَول الْفراء وَأحمد بن يحيى وَغَيرهمَا من النُّحَاة فزيادتها لمعنيين
احدهما الدّلَالَة على إشباع فَتْحة اللَّام وتمطيط اللَّفْظ بهَا
وَالثَّانِي تَقْوِيَة للهمزة وتأكيدا لبيانها بهَا وَإِنَّمَا قويت بِزِيَادَة الْحَرْف فِي الْكِتَابَة من حَيْثُ قويت بِزِيَادَة الْمَدّ فِي التِّلَاوَة لخفائها وَبعد مخرجها وخصت الالف بتقويتها وتأكيد بَيَانهَا دون الْيَاء وَالْوَاو من حَيْثُ كَانَت الالف اغلب على صورتهَا مِنْهُمَا بِدَلِيل تصويرها بِأَيّ حَرَكَة تحركت من فتح أَو كسر أَو ضم بهَا دونهمَا إِذا كَانَت مُبتَدأَة هَذَا مَعَ كَونهَا من مخرجها فَوَجَبَ تخصيصها بذلك دون أختيها
فَإِذا نقط ذَلِك على الْمَذْهَب الَّذِي تكون فِيهِ الْهمزَة المختلطة بِاللَّامِ وَتَكون الالف الزَّائِدَة الْمُنْفَصِلَة عَنْهَا جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء فِي الطّرف الاول من طرفِي اللَّام الف لانه الالف الَّتِي هِيَ صُورَة الْهمزَة وَجعلت حركتها نقطة بالحمراء فِي راس الالف الزَّائِدَة الْمُنْفَصِلَة إِذا جعلت صُورَة لَهَا
وَإِذا جعلت الْحَرَكَة نَفسهَا لم تجْعَل النقطة عَلَيْهَا وَلَا على الْهمزَة وإعريتا مَعًا مِنْهَا لَان الْحَرْف لَا يُحَرك بحركتين إِحْدَاهمَا نقط وَالثَّانيَِة خطّ
وَإِذا جعلت بَيَانا للهمزة أَو عَلامَة لإشباع فتحتها جعلت النقطة الْحَمْرَاء

(1/178)


الَّتِي هِيَ الْحَرَكَة على الْهمزَة نَفسهَا وَجعل على الالف دارة صغرى عَلامَة لزيادتها فِي الْخط وسقوطها من اللَّفْظ من حَيْثُ رسمت لِمَعْنى يتَأَدَّى بصورتها فَقَط
وَصُورَة نقط ذَلِك على الاول كَمَا ترى وَلَا اوضعوا أَولا اذبحنه وعَلى الثَّانِي وَلَا أوضعوا أَو لااذبحنه وعَلى الثَّالِث وَالرَّابِع وَلَا اوضعوا أَو لااذبحنه
وَإِذا نقط ذَلِك على الْمَذْهَب الَّذِي تكون فِيهِ الْهمزَة الْمُنْفَصِلَة عَن اللَّام وَتَكون الالف الزَّائِدَة المختلطة بهَا جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء وحركتها عَلَيْهَا نقطة بالحمراء على الالف الْمُنْفَصِلَة وَجعل على الالف المختلطة بِاللَّامِ دارة صغرى عَلامَة لزيادتها سَوَاء جعلت تَقْوِيَة للهمزة اَوْ عَلامَة لاشباع حركتها وَصُورَة نقط ذَلِك كَمَا ترى وَلَا اوضعوا أَو لااذبحنه

(1/179)


بَاب ذكر نقط مَا نقص هجاؤه
زَائِدَة وَالَّتِي بعد الرَّاء الَّتِي هِيَ همزَة سَاكِنة وَهِي لَام فللإيجاز والاختصار وتقليل صور حُرُوف الاعتلال الَّتِي هِيَ حُرُوف الْمَدّ والهمز فى هَذِه الْكَلِمَة لثقل هَذِه الْحُرُوف وتخصيصها بالتغيير مَعَ ان الالف الاولى صَوت وَقد تنوب عَنْهَا الفتحة الَّتِي هِيَ مِنْهَا وتدل عَلَيْهَا وَأَن الالف الثَّانِيَة همزَة والهمزة حرف من سَائِر الْحُرُوف والحرف مستغن عَن الصُّورَة
فَإِذا نقط ذَلِك اثبتت الالفان بالحمراء وَجعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء وعلامة السّكُون عَلَيْهَا فِي الثَّانِيَة مِنْهُمَا
وَأما رسم يبنؤم كلمة وَاحِدَة وَهُوَ فِي الاصل ثَلَاث كلم يَا كلمة وَابْن كلمة وَأم كلمة فعلى مُرَاد الْوَصْل وَتَحْقِيق

(1/181)


اللَّفْظ فَلذَلِك حذفت الف يَا والف ابْن لعدمهما فِي النُّطْق بِكَوْن الاولى سَاكِنة وَالثَّانيَِة للوصل وَقد اتصلتا بِالْبَاء الساكنة من ابْن وصورت همزَة أم المبتدأة واوا لما وصلت بِمَا قبلهَا كَمَا تصور الْهمزَة المضمومة المتوسطة فِي نَحْو يكلؤكم ويذرؤكم ونقرؤه وَشبهه سَوَاء فَصَارَ ذَلِك كلمة وَاحِدَة وَخرج رسمه على لَفْظَة دون أَصله
فَإِذا نقط جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء فِي الْوَاو وَجعلت حركتها نقطة بالحمراء امامها
وَأما رسم إِنَّا برءؤا بِالْوَاو والالف وَحذف صُورَة الْهمزَة الاولى وَصُورَة الالف بعْدهَا الَّتِي هِيَ بعد اللَّام فِي بِنَاء فعلاء فلاسباب قد ذكرنَا بَعْضهَا
أما حذف صُورَة الْهمزَة فلاستغناء الْهمزَة عَن الصُّورَة من حَيْثُ كَانَت حرفا قَائِما بنفسة كَسَائِر الْحُرُوف وَأما حذف الالف بعْدهَا فلزيادتها فِي الِاسْم إِذْ لَيست بفاء مِنْهُ وَلَا بِعَين وَلَا بلام وَأَنَّهَا صَوت فحذفت اختصارا
وَأما إِثْبَات الْوَاو فللمعاني الَّتِي ذَكرنَاهَا فِي نَظَائِر ذَلِك قبل وَمن أحْسنهَا أَن تكون صُورَة للهمزة المضمومة على مُرَاد وَصلهَا بِمَا بعْدهَا فَلذَلِك صورت

(1/182)


بالحرف الَّذِي مِنْهُ حركتها وَالَّذِي تقرب فِي حَال التسهيل مِنْهُ وَهُوَ الْوَاو كَمَا صورت بذلك فِي نَحْو قَوْله يذرؤكم ويكلؤكم وتؤزهم وَشبهه من الْمُتَّصِل من حَيْثُ كَانَ الْمُنْفَصِل بالمراد وَالنِّيَّة كالمتصل وَكَانَت الْعَرَب قد اجرته مجْرَاه فِي كثير من كَلَامهَا وحكمت للشَّيْء بِحكم الشَّيْء اذا اشتبها من بعض الْجِهَات
واما اثبات الالف بعد الْوَاو فللمعنيين الْمَذْكُورين وهما شبه هَذِه الْوَاو بواو الضَّمِير فِي الصُّورَة وَلُزُوم الطّرف وتقوية الْهمزَة بهَا فَلذَلِك اثبتت بعْدهَا وايضا فَإِنَّهُ لما حذف من هَذِه الْكَلِمَة بعد عينهَا صُورَتَانِ اختصارا وتخفيفا زيد بعد لامها صُورَتَانِ دلَالَة وتبيينا ليستوي بذلك عدد حروفها فِي الْكِتَابَة مَعَ تضمنها الْمعَانِي الْمَذْكُورَة
فَإِذا نقط ذَلِك على هَذَا الْمَذْهَب جعلت الْهمزَة فِي الْوَاو وَجعلت حركتها امامها وَجعل على الالف بعْدهَا دارة عَلامَة لزيادتها ورسم بَين الرَّاء وَالْوَاو الف بالحمراء وَجعلت الْهمزَة الْمَفْتُوحَة بَينهَا وَبَين الرَّاء فِي السطر وَجعلت فتحتها عَلَيْهَا وَجعلت مطة على تِلْكَ الالف

(1/183)


واتفقت الْمَصَاحِف على حذف الْوَاو الَّتِي هِيَ صُورَة الْهمزَة فِي قَوْله الرءيا ورءياك ورءياى فِي جَمِيع الْقُرْآن على مُرَاد تحقيقها دون تسهيلها وَذَلِكَ من حَيْثُ كَانَت الْهمزَة حرفا من سَائِر الْحُرُوف فاستغنت بذلك فِي حَال تحقيقها عَن الصُّورَة
فَإِذا نقط ذَلِك جعلت الْهمزَة بَين الرَّاء وَالْيَاء فِي بَيَاض السطر وَجعل عَلَيْهَا عَلامَة السّكُون جرة وان صورت الْوَاو بالحمراء وَجعلت الْهمزَة فِيهَا فَحسن
ورايت مصاحف اهل الْعرَاق واهل بلدنا قد اتّفقت على حذف الف الْبناء وَصُورَة الْهمزَة المضمومة والمكسورة بعْدهَا فِي قَوْله فِي الْبَقَرَة اوليئهم الطاغوت وَفِي الانعام وَقَالَ اوليئهم والى اوليئهم وَفِي الاحزاب الى اوليئكم وَفِي فصلت نَحن اوليئكم
فَأَما حذف الالف فلكونها متوسطة زَائِدَة اذ هِيَ للْبِنَاء لَا غير واما حذف صُورَة الْهمزَة فلكون الْهمزَة حرفا قَائِما بِنَفسِهِ لَا يحْتَاج الى صُورَة
فَإِذا نقط ذَلِك اثبتت الالف بالحمراء وَجعلت الْهمزَة بعْدهَا فِي السطر

(1/184)


وَجعلت ضمتها امامها وكسرتها تحتهَا وان صورت الْوَاو وَالْيَاء وَجعلت الْهمزَة فيهمَا فَحسن
قَالَ ابْن الْمُنَادِي فِي الْمَصَاحِف الْعتْق أوليئهم من الانس وليوحون الى اوليئهم وان اوليئه الا المتقون
قَالَ وَهَذَا عندنَا مِمَّا نظر اليه عُثْمَان رَحْمَة الله فَقَالَ ارى فِي الْمُصحف لحنا وستقيمه الْعَرَب بالسنتها فَأوجب ذَلِك من القَوْل ان من الْخط الْمَكْتُوب مَا لَا تجوز بِهِ الْقِرَاءَة من وَجه الاعراب وان حكمه ان يتْرك على مَا خطّ وَيُطلق للقارئين ان يقرؤوا بِغَيْر الَّذِي يرونه مرسوما
وَغير جَائِز عندنَا ان يرى عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ شَيْئا فِي الْمُصحف يُخَالف رسم الْكِتَابَة مِمَّا لَا وَجه لَهُ فِيهَا بحيلة فيتركه على حَاله ويقره فِي مَكَانَهُ وَيَقُول ان فِي الْمُصحف لحنا وستقيمه الْعَرَب بألسنتها اذ لَو كَانَ ذَلِك جَائِزا لم يكن للكتابة معنى وَلَا كَانَ فِيهَا فَائِدَة بل كَانَت تكون وبالا لاشتعال الْقُلُوب بهَا وَمعنى قَوْله رَحمَه الله هُوَ مَا ذَكرْنَاهُ مشروحا فِي كتَابنَا المُصَنّف فِي المرسوم

(1/185)


وَعلة هَذِه الْحُرُوف وَغَيرهَا من الْحُرُوف المرسومة على خلاف مَا يجْرِي بِهِ رسم الْكتاب من الهجاء فِي الْمُصحف الِانْتِقَال من وَجه مَعْرُوف مستفيض الى وَجه آخر مثله فِي الْجَوَاز والاستعمال وان كَانَ الْمُنْتَقل عَنهُ اظهر معنى واكثر اسْتِعْمَالا

(1/186)


ورسم فِي جَمِيع الْمَصَاحِف قَوْله لَا يلف قُرَيْش بياء بعد الْهمزَة ورسم الْفَهم بِغَيْر يَاء وَلم ترسم الالف بعد اللَّام فِي الحرفين اختصارا
فإثبات فِي الْيَاء الاول على الاصل من حَيْثُ كَانَ مصدرا لِقَوْلِك آلف يؤلف ايلافا مثل آمن يُؤمن ايمانا فالياء فَاء
وَحذف الْيَاء فِي الثَّانِي من وُجُوه مِنْهَا ان يكون مصدرا ل آلف مثل الاول الا ان الْيَاء الَّتِي هِيَ فَاء حذفت اختصارا لدلَالَة الكسرة قبلهَا عَلَيْهَا وَمِنْهَا ان يكون مصدرا ل ألف على مثل فعل ومصدره فِي ذَلِك على الْوَجْهَيْنِ قد قرىء بهما وهما الافا مثل قَوْلك كتابا والفا مثل قَوْلك علما واذا كَانَ مصدرا لذَلِك لم تكن فِيهِ يَاء لَان الْهمزَة فِي اوله هِيَ فَاء الْفِعْل

(1/187)


وَقد قرا ابْن عَامر فِي الاول بِحَذْف الْيَاء جعله مصدرا لالف فَإِذا نقط الْحَرْف الاول على غير قِرَاءَة ابْن عَامر جعلت الْهمزَة فِي الالف المختلطة بِاللَّامِ وَجعلت حركتها من تحتهَا
واذا نقط على قِرَاءَة ابْن عَامر فعلى وَجْهَيْن احدهما ان تجْعَل الْهمزَة وحركتها فِي الالف ايضا وَتجْعَل على الْيَاء دارة عَلامَة لزيادتها فِي الْخط وذهابها من اللَّفْظ وَالثَّانِي ان تجْعَل الْهمزَة وحركتها فِي الْيَاء وَتجْعَل على الالف دارة عَلامَة لزيادتها وكل مَا ذَكرْنَاهُ من الْوُجُوه والمعاني فِي ملإيه وملإيهم فَهِيَ جَائِزَة فِي ذَلِك على قِرَاءَته
واذا نقط الْحَرْف الثَّانِي جعلت الْهمزَة وحركتها فِي الالف ورسمت الْيَاء بعْدهَا ليتأدى بذلك لَفظهَا على قِرَاءَة الْجَمَاعَة
ورسم فِي كل الْمَصَاحِف الصلوة والزكوة والحيوة

(1/188)


وبالغداوة وكمشكوة والنجوة ومنوة بِالْوَاو على الاصل اَوْ على لُغَة اهل الْحجاز الَّذِي يفرطون فِي تفخيم الالف وَمَا قبلهَا فِي ذَلِك
فَإِذا نقط ذَلِك جعل على الْوَاو الف بالحمراء ليدل على استقرارها فِي اللَّفْظ دون الْوَاو
وَكَذَا يفعل بِسَائِر مَا رسم من الفات التَّأْنِيث والالفات المنقلبات عَن الْيَاء بِالْيَاءِ تجْعَل على الْيَاء الف حَمْرَاء ليدل على ان لفظ الْيَاء انْقَلب اليها نَحْو قَوْله ابى وَلَا يخفى وفسويهن وسميكم وذكريهم ووذكريها والذكرى ولليسرى والموتى وَشبهه
وَهَذَا مَا لم يلق الالف المرسومة يَاء سَاكن فَإِن لقيها لم تجْعَل الالف على الْيَاء لعدمها فِي حَال الِاتِّصَال وَذَلِكَ نَحْو قَوْله نرى الله والكبرى اذْهَبْ وَشبهه

(1/189)


وَكَذَا تلْحق الالفات المحذوفات من الرَّسْم اختصارا بالحمراء فِي الْمُتَّفق عَلَيْهِ والمختلف فِيهِ
فالمتفق عَلَيْهِ نَحْو العلمين والكافرين والفاسقين واولئك والملئكة ولايلف قُرَيْش الْفَهم وَالَّتِي دَخَلْتُم والئي تظْهرُونَ وَشبهه وَهَذَا الضَّرْب كثير الدّور فِي الْقُرْآن
والمختلف فِيهِ نَحْو ملك يَوْم الدّين وَمَا يخدعون وفأزلهما وخطيئته وَدفع الله وَقتلُوا وَقتلُوا

(1/190)


وقيما وحاش لله واصلوتك وحذرون وفرهين وفكهين واليكم السّلم وذريتهم

(1/191)


ودرست وَفرقُوا وعَلى مكانتكم وَشبهه
وَهُوَ كثير جدا وَقد ذكرنَا اصل جَمِيعه فِي كتَابنَا المُصَنّف فِي المرسوم
وَكَذَا ايضا تلْحق الياءات المحذوفة على قِرَاءَة من اثبتهن فِي الْوَصْل دون الْوَقْف اَوْ فِي الْوَصْل وَالْوَقْف نَحْو قَوْله الداع اذا دعان وواتقون يأولي الالباب واخشون وَيَوْم يَأْتِ والمتعال وَشبهه مِمَّا قد ذكرنَا جَمِيعه فِي المرسوم وَغَيره وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق

(1/192)