المحكم في نقط المصاحف بَاب ذكر الدارة الَّتِي تجْعَل على
الْحُرُوف الزَّوَائِد والحروف المخففة واصلها وَمَعْنَاهَا
اعْلَم ان نقاط سلف اهل المدنية واهل بلدنا اصْطَلحُوا على جعل
دارة صغرى بالحمراء على الْحُرُوف الزَّوَائِد فِي الْخط
المعدومة فِي اللَّفْظ وعَلى الْحُرُوف المخففة بِاتِّفَاق
اَوْ اخْتِلَاف عَلامَة لذَلِك وَدلَالَة على حَقِيقَة
النُّطْق بِهِ
فالحروف الزَّوَائِد نَحْو الالف فِي قَوْله مائَة
وَمِائَتَيْنِ وَلَا تايئسوا وانه لَا يايئس وافلم يايئس
وَكَذَلِكَ تفتوا ويعبؤا ويبدؤا وَكَذَلِكَ لن ندعوا وليبلوا
وَكَذَلِكَ انا وَمن اتبعني وانا ورسلي وانا رَبك وَشبهه
وَنَحْو الْيَاء فِي قَوْله من نبإى
(1/193)
الْمُرْسلين وأفإين مت وأفإين مَاتَ وملإيه
وملإيهم وَشبهه على مَذْهَب من جعل الالف قبلهَا هِيَ الْهمزَة
وَنَحْو الْوَاو فِي قَوْله اولئك واولى واولوا واولت وَشبهه
والحروف المخففة بِاتِّفَاق نَحْو قَوْله العادون وَمن العالين
وَصدق المُرْسَلُونَ وقطعنا دابر وَترى الَّذين كذبُوا وربت
ومكروا ومكرنا وَمن ثُلثي الَّيْلِ وَيَا صَاحِبي السجْن
وَتَعيهَا وحملناه وحملت الارض وَشبهه
والمخففة باخْتلَاف نَحْو وخرقوا لَهُ وامن هُوَ قَانِت
(1/194)
وَمَا كذب الْفُؤَاد وفقدرنا وَعرف بعضه
وفقدر عَلَيْهِ ووجمع مَالا وَشبهه
وَقد كَانَ بعض شُيُوخنَا من اهل النقط لَا يجْعَلُونَ الدارة
الا على الْحُرُوف الزَّوَائِد لَا غير لعدمها فِي النُّطْق
وَلَا يجعلونها على الْحُرُوف المخففة من حَيْثُ كَانَ عدمهَا
من عَلامَة التَّشْدِيد دَلِيلا على تخفيفها فَلم تحتج لذَلِك
الى عَلامَة اخرى وَهُوَ مَذْهَب حسن
غير اني بقول اهل الْمَدِينَة اقول وَبِمَا جرى عَلَيْهِ
استعمالهم انقط كَمَا حَدثنَا احْمَد بن عمر قَالَ نَا
مُحَمَّد بن احْمَد قَالَ نَا عبد الله بن عِيسَى قَالَ نَا
قالون قَالَ فِي مصاحف اهل الْمَدِينَة مَا كَانَ من حرف مخفف
فَعَلَيهِ دارة حمرَة
قَالَ ابو عَمْرو وَهَذِه الدارة الَّتِي تجْعَل على الْحُرُوف
الزَّوَائِد وعَلى الْحُرُوف المخففة هِيَ الصفر اللَّطِيف
الَّذِي يَجعله اهل الْحساب على الْعدَد الْمَعْدُوم فِي
حِسَاب
(1/195)
الْغُبَار دلَالَة على عَدمه لعدم الْحَرْف
الزَّائِد فِي النُّطْق وَعدم التَّشْدِيد فِي الْحَرْف المخفف
سَوَاء فَمن الصفر اخذت الدارة وَهُوَ اصلها
وَلَيْسَ شَيْء من الرَّسْم وَلَا من النقط اصْطلحَ عَلَيْهِ
السّلف رضوَان الله عَلَيْهِم الا وَقد حاولوا بِهِ وَجها من
الصِّحَّة وَالصَّوَاب وقصدوا فِيهِ طَرِيقا من اللُّغَة
وَالْقِيَاس لموضعهم من الْعلم ومكانهم من الفصاحة علم ذَلِك
من علمه وجهله من جَهله وَالْفضل بيد الله يؤتيه من يَشَاء
وَالله ذُو الْفضل الْعَظِيم
(1/196)
بَاب ذكر اللَّام الف واي الطَّرفَيْنِ
مِنْهُ هِيَ الْهمزَة
اعْلَم ان الْمُتَقَدِّمين من عُلَمَاء الْعَرَبيَّة اخْتلفُوا
فِي أَي الطَّرفَيْنِ من اللَّام الف هِيَ الْهمزَة
فحكي عَن الْخَلِيل بن احْمَد رَحمَه الله انه قَالَ الطّرف
الاول فِي الصُّورَة هُوَ الْهمزَة والطرف الثَّانِي هُوَ
اللَّام
وَذهب الى هَذَا القَوْل عَامَّة اهل النقط من الْمُتَقَدِّمين
والمتأخرين وَاسْتَدَلُّوا على صِحَة ذَلِك بأَشْيَاء قَاطِعَة
مِنْهَا ان رسم هَذِه الْكَلِمَة كَانَ اولا كَمَا ترى
لاما ممطوطة فِي طرفها الف كنحو رسم مَا اشبه ذَلِك مِمَّا
هُوَ على حرفين الثَّانِي مِنْهُمَا الف من سَائِر حُرُوف
المعجم نَحْو (يَا) و (هَا) و (مَا)
(1/197)
وَشبهه فاستثقلوا رسم ذَلِك كَذَلِك وكرهوه
فِي اللَّام الف خَاصَّة لاعتدال طَرفَيْهِ وقيامهما مستويين
اذ هُوَ بذلك كصورتين متفقتين مَعَ اشتباهه فِي الصُّورَة
بِكِتَاب غير الْعَرَب من الاعاجم وَغَيرهم فغيروا صورته
لذَلِك وحسنوا رسمه بالتضفير فضموا اُحْدُ الطَّرفَيْنِ الى
الآخر فَأَيّهمَا ضم الى صَاحبه كَانَت الْهمزَة اولا ضَرُورَة
وَتعْتَبر حَقِيقَة ذَلِك بِأَن يُؤْخَذ شَيْء فيضفر وَيخرج كل
وَاحِد من الطَّرفَيْنِ الى جِهَة ثمَّ يُقَام الطرفان فيتبين
فِي الْوَجْهَيْنِ ان الاول هُوَ الثَّانِي فِي الاصل وان
الثَّانِي هُوَ الاول لَا محَالة
قَالُوا وايضا فَإِن من اتقن صناعَة الْخط من الْكتاب
الْمُتَقَدِّمين وَغَيرهم انما يبتدىء برسم الطّرف الايسر قبل
الطّرف الايمن وَمن خَالف ذَلِك وابتدا برسم الطّرف الايمن قبل
الطّرف الايسر فجاهل بصناعة الرَّسْم اذهو بِمَنْزِلَة من
ابتدا برسم الالف قبل الْيَاء وَالْهَاء وَالْمِيم فِي (يَا) و
(هَا) و (مَا) وَشبه ذَلِك مِمَّا هُوَ على حرفين فَلَا
يلْتَفت الى رسمه وَلَا يَجْعَل ذَلِك دَلِيلا على تَرْجِيح
اُحْدُ قَوْلَيْنِ مُخْتَلفين فصح بذلك ايضا ان الطّرف الاول
هُوَ الْهمزَة وان الطّرف الثَّانِي هُوَ اللَّام اذ الاول فِي
اصل الْقَاعِدَة هُوَ الثَّانِي وَالثَّانِي هُوَ الاول وانما
اخْتلف طرفاهما فصارا كَذَلِك للتضفير الَّذِي لحقهما
وَقَالَ الاخفش سعيد بن مسْعدَة بعكس ذَلِك فَزعم ان الطّرف
الاول هُوَ اللَّام وان الطّرف الثَّانِي هُوَ الْهمزَة
وَاسْتدلَّ على صِحَة مَا ذهب اليه من
(1/198)
ذَلِك بِأَن الملفوظ بِهِ من حُرُوف
الْكَلم اولا هُوَ المرسوم فِي الْكِتَابَة اولا وان الملفوظ
بِهِ من حروفهن آخرا هُوَ المرسوم آخرا قَالَ وَنحن اذا قرانا
لَأَنْتُم ولأمرنهم ولأتينهم وَشبهه لفظنا بِاللَّامِ اولا
ثمَّ بِالْهَمْزَةِ بعد
قَالَ ابو عَمْرو وَهَذَا القَوْل لَا يتَحَقَّق عِنْد امعان
النّظر وَلَا يَصح عِنْد التفتيش بل يبطل عِنْد ذَلِك بِمَا
قدمْنَاهُ من الدَّلَائِل وأوردناه من الْحجَج مَعَ ان
الْقَائِل بِهِ قد يتْركهُ وَيرجع الى قَول مخالفه فِيمَا تتفق
فِيهِ حَرَكَة اللَّام والهمزة بِالْكَسْرِ نَحْو قَوْله
لاخوانهم ولابراهيم ولايلف قُرَيْش وَشبهه وَفِيمَا تخْتَلف
فِيهِ نَحْو لأقتلك ولأهله وفلأمه ولأبين وَشبهه من حَيْثُ
يلْزمه على مَا قَالَه وَأَصله وَقطع بِصِحَّتِهِ ان تجْعَل
الكسرة اولا فِي ذَلِك ثمَّ تجْعَل الْهمزَة بعد واذا جَعلهمَا
فِي ذَلِك كَذَلِك ترك قَوْله ونبذ مذْهبه وَرجع الى مَذْهَب
الْخَلِيل وَمن تَابعه من سَائِر اهل النقط اذ الاول فِي ذَلِك
هُوَ طرف اللَّام وَالثَّانِي هُوَ طرف الْهمزَة بِإِجْمَاع
(1/199)
فَإِن قَالَ بل اقود اصلي وَلَا ازول عَن
مذهبي وَاجعَل الْهمزَة فى ذَلِك اولا اذ هُوَ طرفها وَاجعَل
الْحَرَكَة بعد اذ هُوَ طرف اللَّام قيل لَهُ اذا فعلت ذَلِك
تركت ايضا قَوْلك وزلت عَن مذهبك بَان الملفوظ بِهِ اولا هُوَ
اللَّام وان الملفوظ بِهِ اخرا هُوَ الْهمزَة بجعلك الْهمزَة
ابْتِدَاء ثمَّ الْحَرَكَة اخرا وَرجعت الى قَول من خالفك واذا
كَانَ تبين فَسَاد قَوْلك واضطراب مذهبك وَتحقّق قَول مخالفك
واطراد مذْهبه لانه جَامع للباب عَام فِي جَمِيع الاصل فَكَانَ
لذَلِك اولى بِالصَّوَابِ وأحق بالاتباع
فَإِن قيل لم قرنت الالف بِاللَّامِ وخلطت بهَا هلا افردت
بِالْكِتَابَةِ كَسَائِر الْحُرُوف قيل لم يفعل ذَلِك من
حَيْثُ كَانَت سَاكِنة والابتداء بالساكن مُتَعَذر فَجعل
قبلهَا حرف متحرك يُوصل بِهِ الى النُّطْق بهَا فَجعلت اللَّام
فَقيل لَا
فَإِن قيل من ايْنَ خصت اللَّام بِأَن تقرن بهَا دون غَيرهَا
من الْحُرُوف قيل وَجب تخصيصها بذلك من جِهَتَيْنِ احداهما
المشابهة الَّتِي بَينهمَا فِي الصُّورَة اذ كَانَتَا على
صُورَة وَاحِدَة فقرنت بهَا لشبهها بهَا فِي ذَلِك والاخرى ان
وَاضع الهجاء انما قصد الى تَعْرِيف كَيْفيَّة رسم الالف اذا
اتَّصَلت بِاللَّامِ طرفا اذ هِيَ فِي تِلْكَ الْحَال مختلطة
بهَا وَلَيْسَ شَيْء من الْحُرُوف مَعهَا كَذَلِك فَلذَلِك
قرنها بهَا
فَإِذا نقطت اللَّام الف على مَذْهَب الْخَلِيل واهل النقط
جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء فِي الطّرف الأول من الطَّرفَيْنِ
لانه الالف الَّتِي هِيَ صورتهَا وَجعلت الفتحة نقطة بالحمراء
عَلَيْهَا ان كَانَت مَفْتُوحَة وَجعلت حَرَكَة اللَّام على
(1/200)
الطّرف الثَّانِي ان كَانَت اللَّام
مَفْتُوحَة وَذَلِكَ نَحْو لارينكهم ولانتم اشد وولأملئن
ولارجمنك ولاقتلنك وَشبهه
وان كَانَت الالف الَّتِي هِيَ الطّرف الاول آتِيَة بعد
الْهمزَة جعلت الْهمزَة وحركتها قبلهَا على ذَات الْيَمين فِي
الْبيَاض نَحْو لاية ولايتنهم ولادم والاخرة والافلين والاكلين
وَشبهه
وان كَانَت الْهمزَة مَضْمُومَة سَوَاء اتى بعْدهَا وَاو اَوْ
لم يَأْتِ جعلت النقطة بالصفراء فِي وسط الطّرف الاول وَجعلت
الضمة امامها نَحْو لاوتين وَلَا منينهم ولاصلبنهم ولاغوينهم
ولاولي الالباب وَشبهه
(1/201)
وان كَانَت مَكْسُورَة جعلت الصَّفْرَاء
فِي الطّرف الثَّانِي من الْقَاعِدَة لانه طرف الالف الَّتِي
تتقدم صورتهَا وَجعلت الكسرة تحتهَا نَحْو الى الملا وبالملا
ولألى الله ولالى الْجَحِيم وللايمان والانجيل وَشبهه
وان كَانَت اللَّام مَفْتُوحَة جعلت الفتحة نقطة بالحمراء على
الطّرف الثَّانِي الْأَعْلَى لانه طرف اللَّام الَّتِي تتأخر
صورتهَا بالتضفير
وان كَانَت مَكْسُورَة جعلت الكسرة نقطة بالحمراء تَحت الطّرف
الاول من الْقَاعِدَة لانه طرف اللَّام وَذَلِكَ نَحْو قَوْله
لاخوانهم ولاهله وَشبهه
وان كَانَت الْهمزَة آتِيَة بعد الالف وَكَانَت الالف حرف مد
جعلت فِي الْبيَاض بعد الطَّرفَيْنِ وَلم تجْعَل بَينهمَا اصلا
وَذَلِكَ انها لما وَقعت طرفا فِي الْكَلِمَة وَلَفظ بهَا
لذَلِك بعد الْفَرَاغ من اللَّام الف وانقضاء النُّطْق بِهِ
واستقرت الْعين الَّتِي يعْتَبر موضعهَا بهَا هُنَاكَ ضَرُورَة
تحقق ان ذَلِك موضعهَا الَّذِي تلْزمهُ ومكانها الَّذِي تستحقه
لَا غير وَتجْعَل حركتها من فَوْقهَا ان كَانَت مَفْتُوحَة
وَمن اسفلها ان كَانَت مَكْسُورَة وَمن امامها ان كَانَت
مَضْمُومَة
(1/202)
وَذَلِكَ نَحْو ءالاء الله والجلاء وفبأي
ءالاء رَبكُمَا والاخلاء وَمَا اشبهه
قد أَتَيْنَا فِي كتَابنَا هَذَا على مَا اشترطناه وتحرينا
وَجه الصَّوَاب فِيمَا اوردناه وَنحن نَسْتَغْفِر الله من زلل
كَانَ منا وَمن تَقْصِير لحقنا وَهُوَ حَسبنَا وَنعم الْوَكِيل
(1/203)
مُلْحق فِي ذكر مَذَاهِب مُتَقَدِّمي النقط
من النُّحَاة
(1/205)
بَاب
ذكر الْبَيَان عَن مَذَاهِب مُتَقَدِّمي أهل الْعَرَبيَّة
وتابعيهم من النقاط واهل الاداء فِي النقط
اعْلَم ارشدك الله انهم اتَّفقُوا على نقط المتحرك من
الْحُرُوف بالحركات الثَّلَاث ونقط الْمنون والمشدد والمهموز
لَا غير نقطا مدورا بالحمرة خَاصَّة دون غَيرهَا من سَائِر
الالوان
وَاقْتصر اكثرهم فِي نقط المتحرك على اواخر الْكَلم وَهُوَ
مَوضِع الْأَعْرَاب اذ فِيهِ يَقع الاشكال وَيدخل الالتباس
وَفِي الْخَبَر الَّذِي روينَاهُ عَن ابي الاسود مبتدىء النقط
دَلِيل على صِحَة مَا اقتصروا عَلَيْهِ من ذَلِك اذ اتبع فِيهِ
ذكر الحركات بِذكر التَّنْوِين الَّذِي هُوَ مَخْصُوص بمتابعة
حَرَكَة الاعراب وعَلى ذَلِك اكثر الْعلمَاء
قَالَ ابْن مُجَاهِد لَيْسَ يَقع الشكل على كل حرف انما يَقع
على مَا اذا لم يشكل الْتبس قَالَ وَلَو شكل الْحَرْف من اوله
الى آخِره أَعنِي الْكَلِمَة لاظلم الْكتاب وَلم تكن فَائِدَة
اذ كَانَ بعضه يُؤَدِّي عَن بعض
وَقَالَ ابْن الْمُنَادِي النقط والشكل انما جعلا للضرورات
المشكلات يسرا لَا ان ينقط كل حرف من الْكَلِمَة سكن اَوْ
تحرّك فَإِذا ركب ناقط ذَلِك فقد خرج عَن الْحَد الى غَيره
وَلَا طائل فِي ذَلِك كُله
(1/210)
قَالَ ابْن مُجَاهِد فِي نقط الْمَصَاحِف
المدور الرّفْع وَالنّصب والخفض وَالتَّشْدِيد والتنوين
وَالْمدّ وَالْقصر وَلَوْلَا ان ذَلِك كُله فِيهِ مَا كَانَ
لَهُ معنى قَالَ والساكن من الْحُرُوف لَا ينقط فِي الْمُصحف
نَحْو كل من عَلَيْهَا فان كل يَوْم هُوَ فِي شَأْن لَا يطْرَح
على الف فان شَيْء وتنقط الالف الَّتِي فِي شَأْن لانها هِيَ
الْهمزَة
وَقَالَ ابْن اشته الْهمزَة الساكنة ينقط عَلَيْهَا وَلَا ينقط
على غَيرهَا من السواكن قَالَ وَاصل النقط أَن ينقط على كل
مِيم وياء وتاء وَنون مضمومات وتترك الْمَفْتُوحَة دون عَلامَة
من ذَلِك الْمُؤْمِنُونَ ويؤمنون ويوقنون ويورثها وَمَا اشبهه
وَمَا ترك من نَحْو ان الله لَا يستحيي ان يضْرب مثلا واياك
نعْبد واياك نستعين نقطوا المضمومة وَتركُوا الْمَفْتُوحَة
فصلا بَينهمَا قَالَ وَهَذَا اصل حسن
فَأَما الميمات فَكَانَت تنقط اولا نَحْو عَلَيْهِم ولديهم
واليهم وَقد تَركهَا بعض الناقطين وَتركهَا اجود واحب الي الا
مَا استقبلته الف سَاكِنة نَحْو عَلَيْهِم الذلة وَلَهُم
اللَّعْنَة
(1/211)
وَبِأَن لَهُم الْجنَّة وانهم اتَّخذُوا
وبأنكم اتخذتم وبهم الْأَسْبَاب وانهم هم الفائزون هَذِه لَا
بُد من نقطها
قَالَ وينقط الا وَلَا ذمَّة وَقَوله منا وَلَا اذى لِئَلَّا
يشْتَبه يَعْنِي بِمثل قَوْله الا وَلها وَمَا منا الا لَهُ
قَالَ وينقط اذا كَقَوْلِه واذا لاتخذوك خَلِيلًا لانها
تَلْتَبِس ب إِذا
وينقط وليكونا من الصاغرين ولنسفعا بالناصية ينقط على الالف
لانها نون خَفِيفَة فَصَارَت النقطة بَدَلا من النُّون
وينقط من وَيتْرك من
وينقط ثمَّ وَيتْرك ثمَّ
وينقط ءامنوا وَيتْرك ءامنوا كَقَوْلِه يأيها الَّذين ءامنوا
وينقط ونعمة فِي الدُّخان واولي النِّعْمَة فِي المزمل وتترك
نقطة الْمَكْسُورَة النُّون
(1/212)
قَالَ وَهَذِه كلهَا عَلَامَات ليعرف
بَعْضهَا من بعض وَهِي اعون للناقط والقارىء
وينقط على لَام لكم وَلَهُم وَله وَلَكِن وَلَا ينقط على مَا
خلف وَاو الْجمع مثل قَالُوا وموتوا واسمعوا وكلوا وَاشْرَبُوا
وانظروا وابشروا وءامنوا وَمثله كثير
قَالَ وَمن الْكَلم مَا ينقط حروفها كلهَا مثل قَوْله لنبين
لكم ونقر ويعلمكم واتعلمون الله وَيُعلمهُم وتمت كلمة رَبك
وَكَبرت كلمة وينقط نظائرها مثل يَوْم تولون وتولوا واعينهم
ويتولوا ويتولون
(1/213)
قَالَ واما قَوْله وتول عَنْهُم وفتول
عَنْهُم فَمَا كَانَ من الْكَلم الْبَاقِيَة ثَابِتَة فدعها
وَمَا كَانَ بِاللَّامِ خَاصَّة فانقط
وينقط مثل فلننبئن كلهَا وَكَذَلِكَ فينبئكم وتنبئهم وانبئكم
قَالَ والحروف الْخَفِيفَة لَا تنقط الا فِي مَوَاضِع الاعراب
نَحْو الَّذين كذبُوا على الله ومكروا مكرا ومكرنا وربت ان
الَّذِي لَا تنقط الذَّال وَلَا الْكَاف وَلَا الْبَاء
واما الْحُرُوف الْمُشَدّدَة مثل كذبت ثَمُود وكذبت عَاد وَكذب
الَّذين فتنقط على مَوضِع التَّشْدِيد وانما نقط على
التَّشْدِيد وَلم ينقط على التَّخْفِيف لحَال الالتباس
قَالَ وَلَا ينقط على حرف التثقيل من التَّضْعِيف الا مَا
يُصِيبهُ الْجَرّ وَالرَّفْع وَالنّصب فِي اواخر الْحُرُوف
وحروف التضيف نَحْو الحاقة
(1/214)
وحقت وحافين والتضعيف يدلك على التَّشْدِيد
وَلَا تنقط مَوَاضِع التَّشْدِيد وَكَذَلِكَ حُرُوف الادغام
مثل قَوْله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَالصَّافَّات صفا
قَالَ وَمَا كَانَ مثل فارهبون وفاتقون وَمَا اشبهه من ابواب
الْفَاء مِمَّا تستقبله الف سَاكِنة بِلَا همزَة فافتح الْفَاء
وألق فَوْقهَا نقطة فَإِذا استقبلتها الف مَهْمُوزَة فانقط
الالف مَوضِع الْهمزَة وَلَا تنقط الْفَاء شَيْئا وَكَذَلِكَ
الْوَاو مَعَ الف الْوَصْل والف الْقطع
مَا حرك للساكنين بِضَم اَوْ كسر اَوْ فتح فمنقوط نَحْو ان
اعبدوا الله على قِرَاءَة من ضم وفإن اتبعتني وَخذ الْعَفو
وَلَو استطعنا والم الله وَلمن الْمُرْسلين
واما الْحُرُوف الَّتِي اصلها الالف وَلم تكْتب فِي
الْمَصَاحِف بالالف فتتركها مُجَرّدَة بِلَا نقط مثل بنينها
وزينها وحفظنها فَلَا تنقط النُّون فَإِن نقطتها اخطأت
(1/215)
قَالَ ابو عَمْرو نقطها اولى لتدل النقطة
على الالف المحذوفة من الرَّسْم تَخْفِيفًا
وَقَالَ ابْن الْمُنَادِي ان شِئْت نقطت الْيَاء من يوقنون
وَيُورث وَمَا اشبههما وان شِئْت تركتهَا وَكَذَلِكَ الصَّاد
الاولى من مرصوص واكثرهم لَا ينقط نَحْو ذَلِك
قَالَ وَقَوله فلننبئن تجْعَل فَوق اللَّام فَتْحة وَفَوق
النُّون نقطة للفتحة وَفَوق الْيَاء نقطة للهمزة الْمَفْتُوحَة
وَفَوق النُّون نقطة للاعراب الْمَنْصُوب المشدد وَلَا تطرح
على الْفَاء وَلَا على النُّون الاولى شَيْئا وان شِئْت فانقط
الْبَاء والا فاكتف بفتحة النُّون الثَّانِيَة فَإِن ذَلِك
يَنُوب عَن ذَلِك فالنقطة على عين الْفِعْل فِي نَحْو الزبر
وَالرسل تنوب عَمَّا قبلهَا وَمن شَاءَ ان ينقط الْفَاء ايضا
فَلْيفْعَل
وَكَذَلِكَ حبب وَكره وزين وَنَحْوه فالنقطة على عين الْفِعْل
تنوب عَمَّا قبل ذَلِك وَعَما بعْدهَا
(1/216)
وَالسَّمَاء رَفعهَا نقط الْعين وَحدهَا
وَوضع الْمِيزَان انقط الْعين وَحدهَا وان شِئْت فاترك الْعين
وانقط الضَّاد بدلهَا وَالْقَوْم تنقط الْمِيم فَقَط كَيفَ
تصرف اعرابها وَمثلهَا وكادوا تنقط الْكَاف
قَالَ وَمن الْكَلَام مَا ينقط بنقطتين نَحْو قَوْله بِسم نقطة
تَحت الْبَاء واخرى تَحت الْمِيم وَكَذَلِكَ سبيلي نقطة فَوق
السِّين واخرى تَحت اللَّام وَكَذَلِكَ مَا اشبهه
وَإِذا نقطت ذَلِك الْكتب وَنَحْوه فالنقطة ان شِئْت فِي طرف
الْبَاء قدامها وان شِئْت قُدَّام ابتدائها ونقطة بصائر
وَنَحْوه قُدَّام الرَّاء فِي اولها لَا فِي آخرهَا ونقطة قل
الانفال قُدَّام اللَّام فِي وَجه بدنهَا نَفسهَا وان شِئْت
قُدَّام طرفها المبطوح كالباء الَّتِي فِي الْكتب سَوَاء ونقطة
النُّون من الرَّحْمَن وَالْمِيم من الرَّحِيم من التَّسْمِيَة
فِي اول التعريق مِنْهُمَا
قَالَ ونقاط مصحف اهل الْحَرَمَيْنِ ومصحف اهل الْبَصْرَة
اوقعوا نقطة قُدَّام الْمِيم من عَلَيْهِم واليهم ولديهم
واشباه ذَلِك فَأَما ناقط
(1/217)
مصحف اهل الْكُوفَة فَإِنَّهُ اخلى هَذِه
الميمات ثمَّ اتَّفقُوا كلهم على ان ينقطوها فِي نَحْو
عَلَيْهِم الذلة واليهم اثْنَيْنِ وَمَا اشبه ذَلِك
قَالَ وَحكي عَن الْخَلِيل انه قَالَ قَوْله عليما حكيما
بنقطتين فَوق الْمِيم طولا وَاحِدَة فَوق الاخرى وَقَالَ
اليزيدي انقط على الالف لاني اذا وقفت قلت عليما فَصَارَ
الْفَا على الْكتاب
قَالَ ابْن الْمُنَادِي وَمن احسن مَا ينقط قِرَاءَة ابي
عَمْرو عادا الاولى أَن ينقط على الدَّال نقطة فِي اعلاها
للنصبة وعَلى اللَّام وَاحِدَة للضمة قَالَ ابو عَمْرو وَلَا
بُد من جعل نقطتين على الالف الَّتِي بعد الدَّال احداهما
الْحَرَكَة وَالثَّانيَِة التَّنْوِين كَمَا تجْعَل فِي نَحْو
قَوْله اندادا ليضل وَشبهه دلَالَة على صرف الِاسْم
قَالَ ابْن الْمُنَادِي وَقَوله شَيْئا فريا لَا تجْعَل على
الْيَاء الْمُشَدّدَة نقطة للتشديد اسْتغْنَاء بِنُقْطَة
النصبة عَن نقطة التَّشْدِيد فريا
(1/218)
عتيا مرجوا عتوا لَا تزد على نقطتين لانك
تَسْتَغْنِي بِالَّتِي للفتحة عَن الَّتِي للتشديد
قَالَ وَلَا بُد من اثبات الالف فِي نَحْو دارست على قِرَاءَة
من اثبتها بلون نقطه
واذا اجْتمعت تشديدتان فِي كلمة نَحْو النَّبِي الامي والظانين
والضالين وَالشَّر والسيىء وَلَا يصدنك فانقط الْآخِرَة دون
الاولى اذا اخْتلفت حركاتهما فَإِذا اجْتمعت فِي كلمة ثَلَاث
تشديدات فانقط الثَّانِيَة وَالثَّالِثَة وَلَا تنقط الاولى
نَحْو الربانيون قَالَ ابو عَمْرو وَكَذَلِكَ لنصدقن
قَالَ وحروف التَّضْعِيف والادغام مِنْهُم من لَا ينقط شَيْئا
مِنْهَا وَيُخَالف كثير من الْمُتَأَخِّرين الى نقط ذَلِك كُله
لَان اكثر النَّاس يستوحشون من فقد ذَلِك كُله
(1/219)
قَالَ وحروف التهجي الَّتِي فِي اوائل
السُّور الْمُخْتَلف فِي قرَاءَتهَا لَا بُد من نقطها
وَكَذَلِكَ الْمِيم من الم الله فِي اول آل عمرَان
وَقَالَ ابْن مُجَاهِد فِي النقط التَّشْدِيد فِي الْموضع
الَّذِي يجوز ان يكون مخففا وَالتَّخْفِيف فِي الْموضع الَّذِي
يجوز ان يكون مشددا كَقَوْلِه وقاتلوا وَقتلُوا اذا لم تشدد
التَّاء ضممت الْقَاف وَلم تزد عَلَيْهَا شَيْئا واذا قَرَأت
قتلوا تقتيلا ضمت الْقَاف بِنُقْطَة وطرحت تَحت التَّاء نقطة
فَكَانَ خلوها من النقطة دَلِيلا على انها مُخَفّفَة وَكَانَ
طرحك لَهَا دَلِيلا على تشديدها
(1/220)
بَاب الْمُقَيد من الالفات بنقطتين
قَالَ ابْن اشته الالفات المقيدات مِمَّا يشْتَبه على الناقط
وَذَلِكَ نَحْو قَوْله فَلَمَّا انبأهم سميت مُقَيّدَة لانها
تنقط قُدَّام ووراء وَكَذَلِكَ السَّيِّئَات ورءا المجرمون
وَهَذِه الالف انما تكون وسطا وآخرا وَلَا تكون فِي اول
الْكَلِمَة وَمثله بدا وانشأكم ونئا ورئاء النَّاس وان لَا
ملْجأ ومبوأ صدق ونبأ نوح وَاسَوْا الَّذِي والسواى والقرءان
هَذِه الْكَلِمَات مقيدات
(1/221)
وَقَالَ ابْن مُجَاهِد اذا كَانَت الْهمزَة
آخر كلمة والحرف مَقْصُورا مثل أنشأ جنَّات طرحت الْهمزَة فِي
قفا الالف ونقطة اخرى فِي وَجه الالف للفتحة
وَقَالَ ابْن الْمُنَادِي فرءاه حسنا ورءا أَيْديهم ورءا كوكبا
وَلَقَد رءاه ونئا بجانبه وسئاوي
هَذَا النَّحْو فِي نقط اهل الْبَصْرَة بنقطتين الاولى
مِنْهُمَا للهمزة وَالثَّانيَِة للنصبة وهم يسمونه الْمُقَيد
وَهُوَ مَذْهَب الْخَلِيل وَغَيره ويخالفهم اهل الْكُوفَة
فيوقعون نقطة وَاحِدَة على يافوخ الالف عَن يسارها وطرفها
وَاحْتَجُّوا بجعلهم اياها كَذَلِك بِالْهَمْزَةِ الجائية فِي
قَوْله وَبَين حميم ءان وَقَوله الئن جِئْت بِالْحَقِّ فجعلوها
بصورتها
قَالَ وَمن ذَلِك القرءان وقرءانا والظمئان وَمن ذَلِك نبأ
الَّذِي ونبأت بِهِ وامرات الْعَزِيز
(1/222)
وذرأ وبدأكم ومبوأ صدق ورءا الْمُؤْمِنُونَ
وَرَأَوا بأسنا وَبَدَأَ وفبدأ وَسَأَلَ وسألتموه وأفأمن
وأفأمنوا ولتقرأه ويتأخر وان لَا ملْجأ وفقراه وان تبوأ وان
الْمَلأ وملأه وكأين من قصر الْهمزَة قيدها بنقطتين وَمن مدها
فتحت الْيَاء نقطة وكائن
واطمئنوا كتبت بِغَيْر الف فَالْحكم ان تنقط فَوق فَوق الْمِيم
واخرى فِي طرف النُّون نَاحيَة قَلِيلا وَليكن بَين النقطتين
بِمِقْدَار الالف لَو كَانَت بَين الْمِيم وَالنُّون وَمثله
اشمئزت
(1/223)
ولاملئن تنقط خمس نقط الَّتِي عَن يَمِين
اللَّام فِي نَحْو نصفهَا مَكَان الالف لَو كَانَت مَكْتُوبَة
فَإِذا نقطت نَحْو هَذَا التَّقْيِيد فَاجْعَلْ بَينهمَا
بِمِقْدَار الالف وقارب بَينهمَا وان كنت مِمَّن ينقط ذَلِك
بِنُقْطَة وَاحِدَة جعلت النقطة عَن يسارك
والجوار المنشئت نقطت الْيَاء فَوْقهَا بعيدَة من راسها عالية
قَلِيلا لتدل على الْهمزَة الْمَفْتُوحَة ونقطها بَعضهم
بنقطتين المنشئت وَبَعْضهمْ ينقط بسؤال نقطة وَاحِدَة فِي قفا
الالف واكثرهم ينقطها بنقطتين الئن خفف الله فَمن يستمع الان
دَاخِلَة فِي التَّقْيِيد وشنئان فِيمَن سكن النُّون وفيمن
فتحهَا
قَالَ ابو عَمْرو حَدثنَا احْمَد بن عمر قَالَ نَا احْمَد بن
ابراهيم قَالَ نَا بكر بن سهل قَالَ نَا ابو الازهر عَن ورش
عَن نَافِع شنئان مُقَيّدَة وَهَذَا يدل على ان الالف انما
تقيد بنقطتين اذا تحرّك مَا قبل الْهمزَة فَإِن سكن مَا قبلهَا
لم تقيد قَالَ ابْن الْمُنَادِي الْمُقَيد لَا يكون الا فِي
كلمة همزتها مُقَيّدَة مَفْتُوحَة وعَلى ذَلِك الْعَمَل واكثر
النقاط عَلَيْهِ
(1/224)
|