المفردات في غريب القرآن كتاب التّاء
تبَ
التَبُّ والتَّبَابُ: الاستمرار في الخسران، يقال: تَبّاً له
وتَبٌّ له، وتَبَبْتُهُ: إذا قلت له ذلك، ولتضمن الاستمرار
قيل: اسْتَتَبَّ لفلان كذا، أي: استمرّ، وتَبَّتْ يَدا أَبِي
لَهَبٍ
[المسد/ 1] ، أي: استمرت في خسرانه، نحو: ذلِكَ هُوَ
الْخُسْرانُ الْمُبِينُ [الزمر/ 15] ، وَما زادُوهُمْ غَيْرَ
تَتْبِيبٍ [هود/ 101] ، أي:
تخسير، وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ [غافر/ 37] .
تابوت
التَّابُوت فيما بيننا معروف، أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ
[البقرة/ 248] ، قيل: كان شيئا منحوتا من الخشب فيه حكمة.
وقيل: عبارة عن القلب، والسكينة عمّا فيه من العلم، وسمّي
القلب سفط العلم، وبيت الحكمة، وتابوته، ووعاءه، وصندوقه، وعلى
هذا قيل: اجعل سرّك في وعاء غير سرب «1» . وعلى تسميته
بالتابوت قال عمر لابن مسعود رضي الله عنهما: (كنيف مليء علما)
«2» .
تبر
التَّبْر: الكسر والإهلاك، يقال: تَبَرَهُ وتَبَّرَهُ.
قال تعالى: إِنَّ هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِيهِ
[الأعراف/ 139] ، وقال: وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً
[الفرقان/ 39] ، وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً
[الإسراء/ 7] ، وقوله تعالى: وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا
تَباراً [نوح/ 28] ، أي: هلاكا.
تبع
يقال: تَبِعَهُ واتَّبَعَهُ: قفا أثره، وذلك تارة بالجسم،
وتارة بالارتسام والائتمار، وعلى ذلك
__________
(1) انظر المستقصى 1/ 50.
(2) عن زيد بن وهب قال: إني لجالس مع عمر بن الخطاب، إذ جاء
ابن مسعود، فكان الجلوس يوارونه من قصره، فضحك عمر حين رآه،
فجعل عمر يكلّمه ويهلل وجهه ويضاحكه وهو قائم عليه، ثم ولى
فأتبعه عمر بصره حتى توارى فقال: كنيف مليء علما. انظر: سير
أعلام النبلاء 1/ 491، وطبقات ابن سعد 1/ 110، والحلية 1/ 129.
(1/162)
قوله تعالى: فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا
خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة/ 38] ، قالَ
يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ اتَّبِعُوا مَنْ لا
يَسْئَلُكُمْ أَجْراً [يس/ 20- 21] ، فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ
[طه/ 123] ، اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ
[الأعراف/ 3] ، وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ [الشعراء/ 111] ،
وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي [يوسف/ 38] ، ثُمَّ جَعَلْناكَ
عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها وَلا تَتَّبِعْ
أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ [الجاثية/ 18] ،
وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ [البقرة/ 102] ، وَلا
تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ [البقرة/ 168] ، إِنَّكُمْ
مُتَّبَعُونَ [الدخان/ 23] ، وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى
فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [ص/ 26] ، هَلْ أَتَّبِعُكَ
عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ [الكهف/ 66] ، وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ
أَنابَ إِلَيَّ [لقمان/ 15] .
ويقال: أَتْبَعَه: إذا لحقه، قال تعالى:
فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ [الشعراء/ 60] ، ثُمَّ أَتْبَعَ
سَبَباً [الكهف/ 89] ، وَأَتْبَعْناهُمْ فِي هذِهِ الدُّنْيا
لَعْنَةً [القصص/ 42] ، فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ [الأعراف/
175] ، فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ بَعْضاً [المؤمنون/ 44] .
يقال: أَتْبَعْتُ عليه، أي: أحلت عليه، ويقال: أُتْبِعَ فلان
بمال، أي: أحيل عليه، والتَّبِيع خصّ بولد البقر إذا تبع أمه،
والتَّبَعُ: رِجْلُ الدابة، وتسميته بذلك كما قال:
79-
كأنّما اليدان والرجلان ... طالبتا وتر وهاربان
«1» والمُتْبِعُ من البهائم: التي يتبعها ولدها، وتُبَّعٌ
كانوا رؤساء، سمّوا بذلك لاتباع بعضهم بعضا في الرياسة
والسياسة، وقيل: تُبَّع ملك يتبعه قومه، والجمع التَّبَابِعَة
قال تعالى: أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ [الدخان/ 37] ،
والتُّبَّعُ: الظل.
تترى
تَتْرَى على فعلى، من المواترة، أي: المتابعة وترا وترا،
وأصلها واو فأبدلت، نحو: تراث وتجاه، فمن صرفه جعل الألف زائدة
لا للتأنيث، ومن لم يصرفه جعل ألفه للتأنيث «2» .
قال تعالى: ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا [المؤمنون/ 44] ،
أي: متواترين.
قال الفرّاء «3» : يقال: تترى في الرفع، وتترى
__________
(1) البيت لبكر بن النطاح وانظر أخباره في الأغاني 17/ 153،
وهو في محاضرات الراغب 4/ 641، وعيار الشعر ص 30.
(2) قال شيخنا:
تترى إذا نوّنتها ألحقتا ... وإن تكن تركته منعتا
فهي للتأنيث لا الإلحاق ... فمنعت لذاك للحذّاق
(3) راجع معاني القرآن له 2/ 236، وانظر اللسان (وتر) .
[.....]
(1/163)
في الجرّ وتترى في النصب، والألف فيه بدل
من التنوين. وقال ثعلب: هي تفعل. قال أبو علي الفسوي: ذلك غلط،
لأنه ليس في الصفات تفعل.
تجر
التِّجَارَة: التصرّف في رأس المال طلبا للربح، يقال: تَجَرَ
يَتْجُرُ، وتَاجِر وتَجْر، كصاحب وصحب، قال: وليس في كلامهم
تاء بعدها جيم غير هذا اللفظ «1» ، فأمّا تجاه فأصله وجاه،
وتجوب التاء للمضارعة، وقوله تعالى: هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى
تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ [الصف/ 10] ، فقد
فسّر هذه التجارة بقوله:
تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ «2» [الصف/ 11] ، إلى آخر الآية. وقال:
اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ
[البقرة/ 16] ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ
مِنْكُمْ [النساء/ 29] ، تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها
بَيْنَكُمْ [البقرة/ 282] .
قال ابن الأعرابي «3» : فلان تاجر بكذا، أي: حاذق به، عارف
الوجه المكتسب منه.
تحت
تَحْت مقابل لفوق، قال تعالى: لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ
وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ [المائدة/ 66] ، وقوله تعالى:
جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ [الحج/ 23] ،
تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ [يونس/ 9] ، فَناداها مِنْ تَحْتِها
[مريم/ 24] ، يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ
وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ [العنكبوت/ 55] . و «تحت» :
يستعمل في المنفصل، و «أسفل» في المتصل، يقال: المال تحته،
وأسفله أغلظ من أعلاه، وفي الحديث: «لا تقوم الساعة حتى يظهر
التُّحُوت» «4» أي: الأراذل من الناس. وقيل: بل ذلك إشارة إلى
ما قال سبحانه: وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ وَأَلْقَتْ ما فِيها
وَتَخَلَّتْ [الانشقاق/ 3- 4] .
تخذ
تَخِذَ بمعنى أخذ، قال:
__________
(1) قال الحسن بن زين:
والتاء قبل الجيم أصلا لا تجي ... إلا لتجر نتجت ومرتجي
(2) وتمامها: تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ
خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ.
(3) اسمه محمد بن زياد، وانظر ترجمته في إنباه الرواة 3/ 128.
(4) الحديث تمامه: «لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والبخل،
ويخوّن الأمين، ويؤتمن الخائن، وتهلك الوعول، وتظهر التحوت»
قالوا: يا رسول الله، وما الوعول والتحوت؟ قال: «الوعول: وجوه
الناس وأشرافهم، والتحوت:
الذين كانوا تحت أقدام الناس لا يعلم بهم» أخرجه الطبراني في
الأوسط 1/ 420 انظر فتح الباري 13/ 15 باب ظهور الفتن، ورجاله
رجال الصحيح غير محمد بن الحارث، وهو ثقة، وأخرجه أبو عبيد في
غريب الحديث 3/ 125.
(1/164)
79-
وقد تخذت رجلي إلى جنب غرزها ... نسيفا كأفحوص القطاة المطرّق
«1» واتّخذ: افتعل منه، أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ
أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي [الكهف/ 50] ، قُلْ أَتَّخَذْتُمْ
عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً [البقرة/ 80] ، وَاتَّخَذُوا مِنْ
دُونِ اللَّهِ آلِهَةً [مريم/ 81] ، وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ
إِبْراهِيمَ مُصَلًّى [البقرة/ 125] ، لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي
وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ [الممتحنة/ 1] ، لَاتَّخَذْتَ
عَلَيْهِ أَجْراً [الكهف/ 77] .
ترب
التُّرَاب معروف، قال تعالى: أَإِذا كُنَّا تُراباً [الرعد/ 5]
، وقال تعالى: خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ [فاطر/ 11] ، الَيْتَنِي
كُنْتُ تُراباً
[النبأ/ 40] . وتَرِبَ: افتقر، كأنه لصق بالتراب، قال تعالى:
أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ
[البلد/ 16] ، أي: ذا لصوق بالتراب لفقره. وأَتْرَبَ:
استغنى، كأنه صار له المال بقدر التراب، والتَّرْبَاء: الأرض
نفسها، والتَّيْرَب واحد التَّيَارب، والتَّوْرَب
والتَّوْرَاب: التراب، وريح تَرِبَة: تأتي بالتراب، ومنه قوله
عليه السلام:
«عليك بذات الدّين تَرِبَتْ يداك» «2» تنبيها على أنه لا
يفوتنّك ذات الدين، فلا يحصل لك ما ترومه فتفتقر من حيث لا
تشعر.
وبارح تَرِبٌ «3» : ريح فيها تراب، والترائب:
ضلوع الصدر، الواحدة: تَرِيبَة. قال تعالى:
يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ [الطارق/ 7] ،
وقوله: أَبْكاراً عُرُباً أَتْراباً
[الواقعة/ 36- 37] ، وَكَواعِبَ أَتْراباً [النبأ/ 33] ،
وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ [ص/ 52] ، أي: لدات،
تنشأن معا تشبيها في التساوي والتماثل بالترائب التي هي ضلوع
الصدر، أو لوقوعهنّ معا على الأرض، وقيل:
لأنهنّ في حال الصبا يلعبن بالتراب معا.
ترث
وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ
[الفجر/ 19] ، أصله:
وراث، وهو من باب الواو.
تفث
قال تعالى: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ
[الحج/ 29] ، أي: يزيلوا وسخهم. يقال: قضى الشيء يقضي: إذا
قطعه وأزاله. وأصل التَّفْث: وسخ الظفر وغير ذلك، مما شابه أن
يزال عن البدن.
قال أعرابيّ: ما أَتْفَثَكَ وأدرنك.
__________
(1) البيت للممزق العبدي، شاعر جاهلي، وهو في الأصمعيات ص 165،
واللسان (فحص) ، والحيوان 5/ 281، والجمهرة 2/ 163، والأفعال
3/ 367.
(2) الحديث صحيح متفق على صحته برواية: «فاظفر بذات الدين تربت
يداك» . وهو في فتح الباري 9/ 115، ومسلم (1466) ، وشرح السنة
9/ 8.
(3) قال ابن منظور: البوارح: الرياح الشدائد التي تحمل التراب
في شدة الهبوات، واحدها: بارح.
(1/165)
ترف
التُّرْفَةُ: التوسع في النعمة، يقال: أُتْرِفَ فلان فهو
مُتْرَف. أَتْرَفْناهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا [المؤمنون/
33] ، وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ
[هود/ 116] ، وقال: ارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ
[الأنبياء/ 13] ، وأَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ
[المؤمنون/ 64] ، وهم الموصوفون بقوله سبحانه: فَأَمَّا
الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ
وَنَعَّمَهُ [الفجر/ 15] .
ترق
قال تعالى: كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ وَقِيلَ مَنْ
راقٍ
[القيامة/ 26] ، جمع تَرْقُوَة، وهي عظم وصل ما بين ثغرة النحر
والعاتق.
ترك
تَرْكُ الشيء: رفضه قصدا واختيارا، أو قهرا واضطرارا، فمن
الأول: وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ
[الكهف/ 99] ، وقوله:
وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً
[الدخان/ 24] ، ومن الثاني: كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ
[الدخان/ 25] ، ومنه: تَرِكَة فلان لما يخلفه بعد موته، وقد
يقال في كل فعل ينتهي به إلى حالة ما تركته كذا، أو يجري مجرى
جعلته كذا، نحو: تركت فلانا وحيدا. والتَّرِيكَة أصله: البيض
المتروك في مفازته، ويسمى بيضة الحديد بها كتسميتهم إياها
بالبيضة.
تسعة
التِّسْعَة في العدد معروفة وكذا التِّسْعُون، قال تعالى:
تِسْعَةُ رَهْطٍ [النمل/ 48] ، تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً
[ص/ 23] ، ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً
[الكهف/ 25] ، عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ [المدثر/ 30] ،
والتِّسْع: من أظماء الإبل «1» ، والتُّسْع: جزء من تسعة «2» ،
والتُّسَعُ ثلاث ليال من الشهر آخرها التاسعة «3» ، وتَسَعْتُ
القوم: أخذت تسع أموالهم، أو كنت لهم تاسعا.
تعس
التَّعْس: أن لا ينتعش من العثرة وأن ينكسر في سفال، وتَعِسَ
«4» تَعْساً وتَعْسَةً. قال تعالى:
فَتَعْساً لَهُمْ [محمد/ 8] .
تقوى
تاء تقوى مقلوب من الواو، وذلك مذكور في بابه «5» .
__________
(1) قال ابن منظور: والتّسع من أظماء الإبل: أن ترد إلى تسعة
أيام.
(2) قال ابن مالك في مثلّثه:
وأخذ تسع تسع أمّا التّسع ... فالورد عن تسع مضت، والتّسع
من تسعة جزء كذاك السّبع ... يعود للسبعة بانتساب
(3) في اللسان: قال الأزهري: العرب تقول في ليالي الشهر: ثلاث
غرر، وبعدها ثلاث نفل، وبعدها ثلاث تسع، سمّين تسعا لأنّ
آخرتهن الليلة التاسعة.
(4) قال أبو عثمان السرقسطي: يقال: تعس تعسا فهو تعس، وتعس
بالفتح تعسا فهو تاعس. انظر الأفعال 3/ 366.
(5) في مادة: وقى.
(1/166)
تكأ
المُتَّكَأ: المكان الذي يتكأ عليه، والمخدّة:
المتكأ عليها، وقوله تعالى: وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً
[يوسف/ 31] ، أي: أترجا «1» . وقيل:
طعاما متناولا، من قولك: اتكأ على كذا فأكله، قال تعالى: قالَ
هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها
[طه/ 18] ، مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ
[الطور/ 20] ، عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ [يس/ 56] ،
مُتَّكِئِينَ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ [الواقعة/ 16] .
تلَ
أصل التَّلِّ: المكان المرتفع، والتَّلِيل:
العنق، وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ
[الصافات/ 103] ، أسقطه على التل، كقولك: ترّبه: أسقطه على
التراب، وقيل: أسقطه على تليله، والمِتَّل:
الرمح الذي يتل «2» به.
تلو
تَلَاهُ: تبعه متابعة ليس بينهم ما ليس منها، وذلك يكون تارة
بالجسم وتارة بالاقتداء في الحكم، ومصدره: تُلُوٌّ وتُلْوٌ،
وتارة بالقراءة وتدبّر المعنى، ومصدره: تِلَاوَة وَالْقَمَرِ
إِذا تَلاها [الشمس/ 2] ، أراد به هاهنا الاتباع على سبيل
الاقتداء والمرتبة، وذلك أنه يقال: إنّ القمر هو يقتبس النور
من الشمس وهو لها بمنزلة الخليفة، وقيل: وعلى هذا نبّه قوله:
وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً [الفرقان/ 61] ،
فأخبر أنّ الشمس بمنزلة السراج، والقمر بمنزلة النور المقتبس
منه، وعلى هذا قوله تعالى: جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً
وَالْقَمَرَ نُوراً [يونس/ 5] ، والضياء أعلى مرتبة من النور،
إذ كل ضياء نور، وليس كل نور ضياء. وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ
[هود/ 17] ، أي:
يقتدي به ويعمل بموجب قوله: يَتْلُونَ آياتِ اللَّهِ [آل
عمران/ 113] . والتلاوة تختص باتباع كتب الله المنزلة، تارة
بالقراءة، وتارة بالارتسام لما فيها من أمر ونهي، وترغيب
وترهيب. أو ما يتوهم فيه ذلك، وهو أخصّ من القراءة، فكل تلاوة
قراءة، وليس كل قراءة تلاوة، لا يقال: تلوت رقعتك، وإنما يقال
في القرآن في شيء إذا قرأته وجب عليك اتباعه. هنالك تتلوا كلّ
نفس ما أسلفت «3» [يونس/ 30] ، وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ
آياتُنا [الأنفال/ 31] ، أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا
أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ
__________
(1) عن مجاهد قال: من قرأ مُتَّكَأً شددها فهو الطعام، ومن قرأ
مُتَّكَأً خففها فهو الأترنج.
وعن سلمة بن تمام أبي عبد الله القسري قال: «متكا» بكلام
الحبش، يسمون الأترنج متكا. راجع: الدر المنثور 4/ 530، وقال
أبو عبيدة: وهذا أبطل باطل في الأرض. مجاز القرآن 1/ 309.
(2) يتلّ به: يصرع به. [.....]
(3) وهذه قراءة حمزة والكسائي وخلف وقرأ الباقي تَبْلُوا.
(1/167)
[العنكبوت/ 51] ، قُلْ لَوْ شاءَ اللَّهُ
ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ [يونس/ 16] ، وَإِذا تُلِيَتْ
عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً [الأنفال/ 2] ، فهذا
بالقراءة، وكذلك: وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ
رَبِّكَ [الكهف/ 27] ، وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ
آدَمَ بِالْحَقِّ [المائدة/ 27] ، فَالتَّالِياتِ ذِكْراً
[الصافات/ 3] .
وأمّا قوله: يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ [البقرة/ 121]
فاتباع له بالعلم والعمل، ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ
الْآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ [آل عمران/ 58] أي: ننزله،
وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ
[البقرة/ 102] ، واستعمل فيه لفظ التلاوة لما كان يزعم الشيطان
أنّ ما يتلونه من كتب الله. والتِّلَاوَة والتَّلِيَّة: بقية
مما يتلى، أي: يتّبع.
وأَتليته أي: أبقيت «1» منه تلاوة، أي: تركته قادرا على أن
يتلوه، وأَتْلَيْتُ فلانا على فلان بحق، أي: أحلته عليه،
ويقال: فلان يَتْلُو على فلان ويقول عليه، أي: يكذب عليه، قال:
وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ [آل عمران/ 75] ويقال:
لا دَرِيَ ولا تَلِيَ، و «لا دَرَيْتَ ولا تَلِيتَ» «2» وأصله
ولا تلوت، فقلب للمزاوجة كما قيل:
«مأزورات غير مأجورات» «3» وإنما هو موزورات.
تمَ
تَمَام الشيء: انتهاؤه إلى حدّ لا يحتاج إلى شيء خارج عنه،
والناقص: ما يحتاج إلى شيء خارج عنه. ويقال ذلك للمعدود
والممسوح، تقول: عدد تَامٌّ وليل تام، قال: وَتَمَّتْ كَلِمَةُ
رَبِّكَ
[الأنعام/ 115] ، وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ
[الصف/ 8] ، وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ
[الأعراف/ 142] .
توراة
التوراة التاء فيه مقلوب، وأصله من الورى، وبناؤها عند
الكوفيين: ووراة، تفعلة «4» ، وقال بعضهم: هي تفعلة نحو تنفلة
«5» ، وليس في كلامهم تفعلة اسما. وعند البصريين وورية، هي
فوعلة نحو حوصلة. قال تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ
فِيها هُدىً وَنُورٌ [المائدة/ 44] ، ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي
التَّوْراةِ، وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ [الفتح/ 29] .
تارة
أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تارَةً أُخْرى
[الإسراء/
__________
(1) وفي نسخة: أتبعته من التلاوة.
(2) الحديث تقدّم ص 84.
(3) هذا حديث مرويّ عن عليّ عن النبي صلّى الله عليه وسلم، وقد
أخرجه ابن ماجة في باب ما جاء في اتباع النساء الجنائز 1/ 503
وقال في الزوائد: في إسناده دينار بن عمر وقد ضعّف، فالحديث
ضعيف. وراجع شرح السنة 5/ 465.
(4) قال في اللسان: التوراة عند أبي العباس تفعلة، وعند
الفارسي فوعلة، قال: لقلّة تفعلة في الأسماء وكثرة فوعلة.
(5) انظر: معاني القرآن للزجاج 1/ 374. والتّنفلة: أنثى
الثعلب.
(1/168)
69] ، وقال تعالى: وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ
تارَةً أُخْرى [طه/ 55] ، أي مرّة وكرّة أخرى، هو فيما قيل من
تار الجرح: التأم.
تين
قال تعالى: وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ
[التين/ 1] قيل: هما جبلان، وقيل: هما المأكولان.
وتحقيق موردهما واختصاصهما يتعلق بما بعد هذا الكتاب.
توب
التَّوْبُ: ترك الذنب على أجمل الوجوه «1» ، وهو أبلغ وجوه
الاعتذار، فإنّ الاعتذار على ثلاثة أوجه: إمّا أن يقول
المعتذر: لم أفعل، أو يقول:
فعلت لأجل كذا، أو فعلت وأسأت وقد أقلعت، ولا رابع لذلك، وهذا
الأخير هو التوبة، والتَّوْبَةُ في الشرع: ترك الذنب لقبحه
والندم على ما فرط منه، والعزيمة على ترك المعاودة، وتدارك ما
أمكنه أن يتدارك من الأعمال بالأعمال بالإعادة، فمتى اجتمعت
هذه الأربع فقد كملت شرائط التوبة. وتاب إلى الله، فذكر «إلى
الله» يقتضي الإنابة، نحو: فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ
[البقرة/ 54] ، وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً [النور/ 31]
، أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ
[المائدة/ 74] ، وتَابَ الله عليه، أي: قبل توبته، منه: لَقَدْ
تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ
[التوبة/ 117] ، ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا [التوبة/
118] ، فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ [البقرة/ 187] .
والتائب يقال لباذل التوبة ولقابل التوبة، فالعبد تائب إلى
الله، والله تائب على عبده.
والتَّوَّاب: العبد الكثير التوبة، وذلك بتركه كلّ وقت بعض
الذنوب على الترتيب حتى يصير تاركا لجميعه، وقد يقال ذلك لله
تعالى لكثرة قبوله توبة العباد «2» حالا بعد حال. وقوله:
وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ
مَتاباً [الفرقان/ 71] ، أي: التوبة التامة، وهو الجمع بين ترك
القبيح وتحري الجميل. عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتابِ
[الرعد/ 30] ، إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [البقرة/
54] .
التيه
يقال: تَاهَ يَتِيهُ: إذا تحيّر، وتاه يتوه لغة في تاه يتيه،
وفي قصة بني إسرائيل: أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي
الْأَرْضِ
[المائدة/ 26] ، وتوّهه وتَيَّهَهُ: إذا حيّره وطرحه. ووقع في
التِّيهِ والتوه، أي في مواضع الحيرة، ومفازة تَيْهَاء: تحيّر
سالكوها.
__________
(1) من أراد التوسع في هذا المبحث فليرجع إلى «إحياء علوم
الدين» للغزالي، الجزء الرابع، كتاب التوبة، فقد أجاد فيه
وأفاد، وبيّن وأجمل.
(2) انظر الأسماء والصفات للبيهقي ص 99.
(1/169)
التاءات
التاء في أول الكلمة للقسم نحو: تَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ
أَصْنامَكُمْ «1» [الأنبياء/ 57] ، وللمخاطب في الفعل
المستقبل، نحو: تُكْرِهُ النَّاسَ [يونس/ 99] ، وللتأنيث، نحو:
تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ [فصلت/ 30] .
وفي آخر الكلمة تكون إمّا زائدة للتأنيث، فتصير في الوقف هاء
نحو قائمة، أو تكون ثابتة في الوقف والوصل، وذلك في أخت وبنت،
أو تكون في الجمع مع الألف نحو مسلمات ومؤمنات. وفي آخر الفعل
الماضي لضمير المتكلم، نحو قوله تعالى: وَجَعَلْتُ لَهُ مالًا
مَمْدُوداً [المدثر/ 12] ، أو للمخاطب مفتوحا نحو: أَنْعَمْتَ
عَلَيْهِمْ [الفاتحة/ 7] ، ولضمير المخاطبة مكسورا نحو: لَقَدْ
جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا [مريم/ 27] ، والله أعلم.
تمّ كتاب التاء
__________
(1) انظر: كتاب الحروف للمزني ص 62.
(1/170)
|