المفردات في غريب القرآن كتاب الرّاء
رب
الرَّبُّ في الأصل: التربية، وهو إنشاء الشيء حالا فحالا إلى
حدّ التمام، يقال رَبَّهُ، وربّاه ورَبَّبَهُ. وقيل: (لأن
يربّني رجل من قريش أحبّ إليّ من أن يربّني رجل من هوازن) «1»
. فالرّبّ مصدر مستعار للفاعل، ولا يقال الرّبّ مطلقا إلا لله
تعالى المتكفّل بمصلحة الموجودات، نحو قوله: بَلْدَةٌ
طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ [سبأ/ 15] .
وعلى هذا قوله تعالى: وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا
الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً
[آل عمران/ 80] أي:
آلهة، وتزعمون أنهم الباري مسبّب الأسباب، والمتولّي لمصالح
العباد، وبالإضافة يقال له ولغيره، نحو قوله: رَبِّ
الْعالَمِينَ [الفاتحة/ 1] ، ورَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ
الْأَوَّلِينَ [الصافات/ 126] ، ويقال: رَبُّ الدّار، ورَبُّ
الفرس لصاحبهما، وعلى ذلك قول الله تعالى:
اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ
رَبِّهِ [يوسف/ 42] ، وقوله تعالى: ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ
[يوسف/ 50] ، وقوله: قالَ مَعاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي
أَحْسَنَ مَثْوايَ [يوسف/ 23] ، قيل:
عنى به الله تعالى، وقيل: عنى به الملك الذي ربّاه «2» ،
والأوّل أليق بقوله. والرَّبَّانِيُّ قيل: منسوب إلى الرّبّان،
ولفظ فعلان من: فعل يبنى نحو:
عطشان وسكران، وقلّما يبنى من فعل، وقد جاء نعسان. وقيل: هو
منسوب إلى الرّبّ الذي هو المصدر، وهو الذي يربّ العلم
كالحكيم، وقيل: منسوب إليه، ومعناه، يربّ نفسه بالعلم، وكلاهما
في التحقيق متلازمان، لأنّ من ربّ نفسه بالعلم فقد ربّ العلم،
ومن ربّ العلم فقد ربّ نفسه به. وقيل: هو منسوب إلى الرّبّ،
__________
(1) هذا من حديث صفوان بن أمية لأبي سفيان يوم حنين قالها لما
انهزم الناس أول المعركة من المسلمين انظر:
الروض الأنف 4/ 124، والنهاية لابن الأثير 2/ 180.
(2) وهو قول أكثر المفسرين، ويرجّحه قوله: «أكرمي مثواه» .
(1/336)
أي: الله تعالى، فالرّبّانيّ كقولهم:
إلهيّ، وزيادة النون فيه كزيادته في قولهم: لحيانيّ، وجسمانيّ
«1» . قال عليّ رضي الله عنه: (أنا ربّانيّ هذه الأمّة) والجمع
ربّانيّون. قال تعالى:
لَوْلا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ [المائدة/
63] ، كُونُوا رَبَّانِيِّينَ [آل عمران/ 79] ، وقيل: ربّانيّ
لفظ في الأصل سريانيّ، وأخلق بذلك «2» ، فقلّما يوجد في
كلامهم، وقوله تعالى:
رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ
[آل عمران/ 146] ، فالرِّبِّيُّ كالرّبّانيّ. والرّبوبيّة
مصدر، يقال في الله عزّ وجلّ، والرِّبَابَة تقال في غيره، وجمع
الرّبّ أرْبابٌ، قال تعالى: أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ
أَمِ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ [يوسف/ 39] ، ولم يكن من
حقّ الرّبّ أن يجمع إذ كان إطلاقه لا يتناول إلّا الله تعالى،
لكن أتى بلفظ الجمع فيه على حسب اعتقاداتهم، لا على ما عليه
ذات الشيء في نفسه، والرّبّ لا يقال في التّعارف إلّا في الله،
وجمعه أربّة، وربوب، قال الشاعر:
173-
كانت أربّتهم بهز وغرّهم ... عقد الجوار وكانوا معشرا غدرا
«3» وقال آخر:
174-
وكنت امرأ أفضت إليك ربابتي ... وقبلك ربّتني فضعت ربوب
«4» ويقال للعقد في موالاة الغير: الرِّبَابَةُ، ولما يجمع فيه
القدح ربابة، واختصّ الرّابّ والرّابّة بأحد الزّوجين إذا
تولّى تربية الولد من زوج كان قبله، والرّبيب والرّبيبة بذلك
الولد، قال تعالى:
وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ
[النساء/ 23] ، وربّبت الأديم بالسّمن، والدّواء بالعسل، وسقاء
مربوب، قال الشاعر:
175-
فكوني له كالسّمن ربّت بالأدم
«5» والرَّبَابُ: السّحاب، سمّي بذلك لأنّه يربّ
__________
(1) راجع: تفسير القرطبي 4/ 122، وعمدة الحفاظ: ربّ.
(2) قال السمين: فقد اختار غير المختار. عمدة الحفاظ: ربّ.
(3) البيت لأبي ذؤيب الهذلي، وهو في ديوان الهذليين 1/ 44،
والمجمل 2/ 371، واللسان (ربب) .
قال ابن فارس: والمعاهدون أربة. وبهز: حيّ من سليم. [.....]
(4) البيت لعلقمة بن عبدة، وهو في ديوانه ص 43، والمجمل 2/
371، واللسان (ربب) ، والمفضليات ص 394.
ومطلع القصيدة:
طحا بك قلب في الحسان ... بعيد الشباب عصر حان مشيب
(5) هذا عجز بيت لعمرو بن شأس، يخاطب امرأته، وكانت تؤذي ابنه
عرارا، فقال لها:
فإنّ عرارا إن يكن غير واضح ... فإني أحبّ الجون ذا المنكب
الغمم
فإن كنت مني، أو تريدين صحبتي ... فكوني له كالسّمن ربّ له
بالأدم
أراد بالأدم النحي، يقول لزوجته: كوني له كسمن ربّ أديمه، أي:
طلي بربّ التمر. انظر: اللسان (ربب) ، والتمثيل والمحاضرة ص
282، وسمط اللآلئ 2/ 803.
(1/337)
النبات، وبهذا النّظر سمّي المطر درّا،
وشبّه السّحاب باللّقوح. وأَرَبَّتِ السّحابة: دامت، وحقيقته
أنها صارت ذات تربية، وتصوّر فيه معنى الإقامة فقيل: أَرَبَّ
فلانٌ بمكان كذا تشبيها بإقامة الرّباب، وَ «رُبَّ» لاستقلال
الشيء، ولما يكون وقتا بعد وقت، نحو: رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ
كَفَرُوا
[الحجر/ 2] .
ربح
الرّبح: الزّيادة الحاصلة في المبايعة، ثمّ يتجوّز به في كلّ
ما يعود من ثمرة عمل، وينسب الرّبح تارة إلى صاحب السّلعة،
وتارة إلى السّلعة نفسها، نحو قوله تعالى: فَما رَبِحَتْ
تِجارَتُهُمْ
[البقرة/ 16] وقول الشاعر:
176-
قروا أضيافهم ربحا ببحّ
«1» فقد قيل: الرُّبَحُ: الطائر، وقيل: هو الشجر.
وعندي أنّ الرُّبَحَ هاهنا اسم لما يحصل من الرّبح، نحو:
النّقص، وبحّ: اسم للقداح التي كانوا يستقسمون بها، والمعنى:
قروا أضيافهم ما حصّلوا منه الحمد الذي هو أعظم الرّبح، وذلك
كقول الآخر: 177-
فأوسعني حمدا وأوسعته قرى ... وأرخص بحمد كان كاسبه الأكل
«2»
ربص
التّربّص: الانتظار بالشيء، سلعة كانت يقصد بها غلاء، أو رخصا،
أو أمرا ينتظر زواله أو حصوله، يقال: تربّصت لكذا، ولي
رُبْصَةٌ بكذا، وتَرَبُّصٌ، قال تعالى: وَالْمُطَلَّقاتُ
يَتَرَبَّصْنَ
[البقرة/ 228] ، قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ
الْمُتَرَبِّصِينَ
[الطور/ 31] ، قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى
الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ
[التوبة/ 52] ، وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ
[التوبة/ 98] .
ربط
رَبْطُ الفرس: شدّه بالمكان للحفظ، ومنه:
رِبَاطُ الخيل «3» ، وسمّي المكان الذي يخصّ بإقامة حفظة فيه:
رباطا، والرِّبَاط مصدر رَبَطْتُ ورَابَطْتُ، والمُرَابَطَة
كالمحافظة، قال الله تعالى:
وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ
وَعَدُوَّكُمْ
[الأنفال/ 60] ، وقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا
[آل
__________
(1) هذا شطر بيت، وعجزه:
تجيء بعبقريّ الودق سمر.
وهو لخفاف بن ندبة في شعره ص 474، ومعاني الشعر للأشنانداني ص
107، والجمهرة 1/ 220، وأساس البلاغة ص 15، والمجمل 2/ 413.
(2) البيت في محاضرات الراغب 2/ 650 دون نسبة، وقبله:
وقمت إليه مسرعا فغنمته ... مخافة قومي أن يفوزوا به قبل
وهو في كتاب الكامل للمبرد ص 38، وشرح الحماسة للتبريزي 4/ 63.
(3) في نسختي عارف حكمت: ومنه: ربط الجيش.
(1/338)
عمران/ 200] ، فالمرابطة ضربان: مرابطة في
ثغور المسلمين، وهي كمرابطة النّفس البدن، فإنها كمن أقيم في
ثغر وفوّض إليه مراعاته، فيحتاج أن يراعيه غير مخلّ به، وذلك
كالمجاهدة وقد قال عليه السلام: «من الرِّبَاطِ انتظار الصّلاة
بعد الصّلاة» «1» ، وفلان رَابِطُ الجأش: إذا قوي قلبه، وقوله
تعالى: وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ
[الكهف/ 14] ، وقوله: لَوْلا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها
[القصص/ 10] ، وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ
[الأنفال/ 11] ، فذلك إشارة إلى نحو قوله: هُوَ الَّذِي
أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ [الفتح/ 4]
، وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ [المجادلة/ 22] ، فإنّه لم تكن
أفئدتهم كما قال: وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ [إبراهيم/ 43] ،
وبنحو هذا النّظر قيل: فلان رابط الجأش.
ربع
أربعة، وأربعون، وربع، ورباع كلّها من أصل واحد، قال الله
تعالى: ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ
[الكهف/ 22] ، وأَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ
[المائدة/ 26] ، وقال:
أَرْبَعِينَ لَيْلَةً [البقرة/ 51] ، وقال: وَلَهُنَّ
الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ
[النساء/ 12] ، وقال:
مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ
[النساء/ 3] ، ورَبَعْتُ القومَ أَرْبَعُهُمْ: كنت لهم رابعا،
وأخذت ربع أموالهم، ورَبَعْتُ الحبلَ: جعلته على أربع قوى،
والرِّبْعُ من أظماء الإبل، والحمّى «2» ، وأَرْبَعَ إِبِلَهُ:
أوردها رِبْعاً، ورجل مربوع، ومُرْبَع:
أخذته حمّى الرّبع. والأربعاء في الأيّام رابع الأيّام من
الأحد، والرّبيع: رابع الفصول الأربعة. ومنه قولهم: رَبَعَ
فلان وارْتَبَعَ: أقام في الربيع، ثم يتجوّز به في كلّ إقامة،
وكلّ وقت، حتى سمّي كلّ منزل ربعا، وإن كان ذلك في الأصل
مختصّا بالرّبيع. والرُّبَعُ، والرُّبَعِيّ: ما نتج في
الرّبيع، ولمّا كان الرّبيع أولى وقت الولادة وأحمده استعير
لكلّ ولد يولد في الشّباب فقيل:
178-
أفلح من كان له رَبَعِيُّون
«3»
__________
(1) الحديث عن أبي هريرة أن رسول الله قال: «ألا أدلكم على ما
يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات» ؟ قالوا:
بلى يا رسول الله، قال: «إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة
الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط،
فذلكم الرباط، فذلكم الرباط» . أخرجه مالك 1/ 326، ومسلم،
والنسائي 1/ 90، وانظر:
الترغيب والترهيب 1/ 97.
(2) الرّبع في الحمّى: إتيانها في اليوم الرابع.
(3) هذا عجز بيت، وشطره:
إنّ بنيّ صبية صيفيّون
وهو لسعد بن مالك بن ضبيعة، وقيل: لأكثم بن صيفي، وهو الأشهر.
والرجز في اللسان (ربع) ، والمجمل 2/ 415، والنوادر ص 87،
والحيوان 1/ 109.
(1/339)
والمِرْبَاع: ما نتج في الرّبيع، وغيث
مُرْبِع:
يأتي في الرّبيع. ورَبَعَ الحَجَرَ والحمل: تناول جوانبه
الأربع، والمِرْبَع: خشب يربع به، أي:
يؤخذ الشيء به، وسمي الحجر المتناول ربيعة.
وقولهم: ارْبَعْ على ظلعك «1» ، يجوز أن يكون من الإقامة، أي:
أقم على ظلعك، ويجوز أن يكون من ربع الحجر، أي: تناوله على
ظلعك «2» .
والمِرْبَاع: الرُّبُعُ الذي يأخذه الرّئيس من الغنم، من
قولهم: رَبَعْتُ القومَ، واستعيرت الرِّبَاعَة للرّئاسة،
اعتبارا بأخذ المرباع، فقيل: لا يقيم رِبَاعَةَ القومِ غَيْرُ
فلانٍ. والرَّبْعَةُ: الجونة «3» ، لكونها في الأصل ذات أربع
طبقات، أو لكونها ذات أربع أرجل. والرَّبَاعِيتان قيل: سمّيتا
لكون أربع أسنان بينهما، واليربوع: فأرة لجحرها أربعة أبواب.
وأرض مَرْبَعَة: فيها يرابيع، كما تقول:
مضبّة في موضع الضّبّ.
ربو
رَبْوَة ورِبْوَة ورُبْوَة ورِبَاوَة ورُبَاوَة، قال تعالى:
إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ
[المؤمنون/ 50] ، قال (أبو الحسن) «4» : الرَّبْوَة أجود
لقولهم ربى، ورَبَا فلان: حصل في ربوة، وسمّيت الرّبوة رابية
كأنّها ربت بنفسها في مكان، ومنه:
رَبَا: إذا زاد وعلا، قال تعالى: فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا
الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ
[الحج/ 5] ، أي: زادت زيادة المتربّي، فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ
زَبَداً رابِياً
[الرعد/ 17] ، فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً
[الحاقة/ 10] ، وأربى عليه: أشرف عليه، ورَبَيْتُ الولد
فَرَبَا من هذا، وقيل: أصله من المضاعف فقلب تخفيفا، نحو:
تظنّيت في تظنّنت. والرِّبَا: الزيادة على رأس المال، لكن خصّ
في الشرع بالزيادة على وجه دون وجه، وباعتبار الزيادة قال
تعالى: وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ
النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ
[الروم/ 39] ، ونبّه بقوله: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا
وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ
[البقرة/ 276] ، أنّ الزيادة المعقولة المعبّر عنها بالبركة
مرتفعة عن الرّبا، ولذلك قال في مقابلته: وَما آتَيْتُمْ مِنْ
زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ
الْمُضْعِفُونَ [الروم/ 39] ، والأُرْبِيَّتَان: لحمتان
ناتئتان في أصول الفخذين من باطن، والرَّبْوُ: الانبهار،
__________
(1) قال ابن فارس: اربع على ظلعك، أي: تمكّث، ويقال: انتظر.
المجمل 2/ 415، والأمثال ص 323.
(2) الظّلع كالغمز، ظلع الرجل والدابة في مشيه، عرج وغمز في
مشيه.
وفي النوادر: فلان يرقأ على ظلعه، أي: يسكت على دائه وعيبه.
وقيل معنى: ارق على ظلعك، أي: تصعّد في الجبل، وأنت تعلم أنك
ظالع لا تجهد نفسك. انظر: اللسان (ظلع) .
(3) انظر: اللسان (ربع) 8/ 107. وهي سلّة مستديرة مغشّاة أدما
يجعل فيها الطّيب. وقيل: مولّدة.
(4) أبو الحسن الأخفش.
(1/340)
سمّي بذلك تصوّرا لتصعّده، ولذلك قيل: هو
يتنفّس الصّعداء، وأما الرّبيئة للطّليعة فبالهمز، وليس من هذا
الباب.
رتع
الرَّتْعُ أصله: أكل البهائم، يقال: رَتَعَ يَرْتَعُ رُتُوعاً
ورِتَاعاً ورِتْعاً، قال تعالى: يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ
[يوسف/ 12] ، ويستعار للإنسان إذا أريد به الأكل الكثير، وعلى
طريق التشبيه قال الشاعر:
179-
وإذا يخلو له لحمي رتع
«1» ويقال: رَاتِعٌ ورِتَاعٌ في البهائم، ورَاتِعُونَ في
الإنسان.
رتق
الرَّتْقُ: الضمّ والالتحام، خلقة كان أم صنعة، قال تعالى:
كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما [الأنبياء/ 30] ، أي: منضمّتين،
والرَّتْقَاءُ: الجارية المنضمّة الشّفرين، وفلان رَاتِقٌ
وفاتق في كذا، أي: هو عاقد وحالّ.
رتل
الرَّتَلُ: اتّساق الشيء وانتظامه على استقامة، يقال: رجل
رَتَلُ الأسنان، والتَّرْتِيلُ: إرسال الكلمة من الفم بسهولة
واستقامة. قال تعالى:
وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا
[المزمل/ 4] ، وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا
[الفرقان/ 32] .
رج
الرَّجُّ: تحريك الشيء وإزعاجه، يقال: رَجَّهُ فَارْتَجَّ، قال
تعالى: إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا
[الواقعة/ 4] ، نحو: إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها
[الزلزلة/ 1] ، والرَّجْرَجَةُ:
الاضطراب، وكتيبة رَجْرَاجَةٌ، وجارية رَجْرَاجَةٌ، وارْتَجَّ
كلامه: اضطرب، والرِّجْرِجَةُ: ماء قليل في مقرّه يضطرب
فيتكدّر.
رجز
أصل الرِّجْزِ: الاضطراب، ومنه قيل: رَجَزَ البعيرُ رَجَزاً،
فهو أَرْجَزُ، وناقة رَجْزَاءُ: إذا تقارب خطوها واضطرب لضعف
فيها، وشبّه الرّجز به لتقارب أجزائه وتصوّر رِجْزٍ في اللسان
عند إنشاده، ويقال لنحوه من الشّعر أُرْجُوزَةٌ وأَرَاجِيزُ،
ورَجَزَ فلان وارْتَجَزَ إذا عمل ذلك، أو أنشد، وهو رَاجِزٌ
ورَجَّازٌ ورِجَّازَةٌ. وقوله: عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ
[سبأ/ 5] ، فَالرِّجْزُ هاهنا كالزّلزلة، وقال تعالى: إِنَّا
مُنْزِلُونَ عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ
السَّماءِ [العنكبوت/ 34] ، وقوله:
__________
(1) هذا عجز بيت، وشطره:
ويحيّيني إذا لاقيته
وهو في اللسان (رتع) بلا نسبة، والبيت لسويد بن أبي كاهل
اليشكري من مفضليته، وهو في المفضليات ص 198، والشعر والشعراء
ص 270.
(1/341)
وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ
[المدثر/ 5] ، قيل: هو صنم، وقيل: هو كناية عن الذّنب، فسمّاه
بالمآل كتسمية النّدى شحما. وقوله: وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ
مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ
رِجْزَ الشَّيْطانِ
[الأنفال/ 11] ، والشّيطان عبارة عن الشّهوة على ما بيّن في
بابه. وقيل: بل أراد برجز الشّيطان: ما يدعو إليه من الكفر
والبهتان والفساد. والرِّجَازَةُ: كساء يجعل فيه أحجار فيعلّق
على أحد جانبي الهودج إذا مال «1» ، وذلك لما يتصوّر فيه من
حركته، واضطرابه.
رجس
الرِّجْسُ: الشيء القذر، يقال: رجل رجس، ورجال أَرْجَاسٌ. قال
تعالى: رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ
[المائدة/ 90] ، والرِّجْسُ يكون على أربعة أوجه: إمّا من حيث
الطّبع، وإمّا من جهة العقل، وإمّا من جهة الشرع، وإمّا من كلّ
ذلك كالميتة، فإنّ الميتة تعاف طبعا وعقلا وشرعا، والرِّجْسُ
من جهة الشّرع: الخمر والميسر، وقيل: إنّ ذلك رجس من جهة
العقل، وعلى ذلك نبّه بقوله تعالى: وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ
نَفْعِهِما [البقرة/ 219] ، لأنّ كلّ ما يوفي إثمه على نفعه
فالعقل يقتضي تجنّبه، وجعل الكافرين رجسا من حيث إنّ الشّرك
بالعقل أقبح الأشياء، قال تعالى: وَأَمَّا الَّذِينَ فِي
قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ
[التوبة/ 125] ، وقوله تعالى: وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى
الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ [يونس/ 100] ، قيل: الرِّجْسُ:
النّتن، وقيل: العذاب «2» ، وذلك كقوله: إِنَّمَا
الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ [التوبة/ 28] ، وقال: أَوْ لَحْمَ
خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ [الأنعام/ 145] ، وذلك من حيث
الشرع، وقيل: رِجْسٌ ورجز للصّوت الشديد، وبعير رَجَّاسٌ: شديد
الهدير، وغمام رَاجِسٌ ورَجَّاسٌ: شديد الرّعد.
رجع
الرُّجُوعُ: العود إلى ما كان منه البدء، أو تقدير البدء مكانا
كان أو فعلا، أو قولا، وبذاته كان رجوعه، أو بجزء من أجزائه،
أو بفعل من أفعاله. فَالرُّجُوعُ: العود، والرَّجْعُ: الإعادة،
والرَّجْعَةُ والرِّجْعَةُ في الطّلاق، وفي العود إلى الدّنيا
بعد الممات، ويقال: فلان يؤمن بِالرَّجْعَةِ.
والرِّجَاعُ: مختصّ برجوع الطّير بعد قطاعها «3» .
فمن الرّجوع قوله تعالى: لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ
[المنافقون/ 8] ، فَلَمَّا رَجَعُوا إِلى أَبِيهِمْ
[يوسف/ 63] ، وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ
__________
(1) انظر: المجمل 2/ 420. [.....]
(2) وهذا قول قتادة، انظر: الدر المنثور 4/ 394.
(3) انظر: المجمل 2/ 422.
(1/342)
[الأعراف/ 150] ، وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ
ارْجِعُوا فَارْجِعُوا
[النور/ 28] ، ويقال: رَجَعْتُ عن كذا رَجْعاً، ورَجَعْتُ
الجواب «1» نحو قوله:
فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ [التوبة/ 83]
، وقوله: إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ
[المائدة/ 48] ، وقوله: إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى
[العلق/ 8] ، وقوله تعالى: ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ
[الأنعام/ 164] ، يصحّ أن يكون من الرُّجُوعِ، كقوله: ثُمَّ
إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
«2» ، ويصحّ أن يكون من الرّجع، كقوله: ثُمَّ إِلَيْهِ
تُرْجَعُونَ «3» ، وقد قرئ: وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ
فِيهِ إِلَى اللَّهِ «4» بفتح التّاء وضمّها، وقوله:
لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
[الأعراف/ 168] ، أي: يرجعون عن الذّنب، وقوله: وَحَرامٌ عَلى
قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ [الأنبياء/
95] ، أي: حرّمنا عليهم أن يتوبوا ويرجعوا عن الذّنب، تنبيها
أنه لا توبة بعد الموت كما قال: قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ
فَالْتَمِسُوا نُوراً [الحديد/ 13] ، وقوله: بِمَ يَرْجِعُ
الْمُرْسَلُونَ [النمل/ 35] ، فمن الرّجوع، أو من رجع الجواب،
كقوله:
يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ
[سبأ/ 31] ، وقوله: ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ ماذا
يَرْجِعُونَ
[النمل/ 28] ، فمن رجع الجواب لا غير، وكذا قوله: فَناظِرَةٌ
بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ [النمل/ 35] ، وقوله:
وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ
[الطارق/ 11] ، أي: المطر «5» ، وسمّي رجعا لردّ الهواء ما
تناوله من الماء، وسمي الغدير رَجْعاً إمّا لتسميته بالمطر
الذي فيه، وإمّا لِتَرَاجُعِ أمواجه وتردّده في مكانه. ويقال:
ليس لكلامه مَرْجُوعٌ، أي: جواب. ودابة لها مرجوع:
يمكن بيعها بعد الاستعمال، وناقة رَاجِعٌ: تردّ ماء الفحل فلا
تقبله، وأَرْجَعَ يده إلى سيفه ليستلّه، والارْتِجَاعُ:
الاسترداد، وارْتَجَعَ إبلا إذا باع الذّكور واشترى إناثا،
فاعتبر فيه معنى الرّجع تقديرا، وإن لم يحصل فيه ذلك عينا،
واسْتَرْجَعَ فلان إذا قال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون.
والتَّرْجِيعُ: ترديد الصّوت باللّحن في القراءة وفي الغناء،
وتكرير قول مرّتين فصاعدا، ومنه: التَّرْجِيعُ في
__________
(1) قال ابن منظور: ورجعان الكتاب: جوابه، يقال: رجع إليّ
الجواب يرجع رجعا ورجعانا. انظر: اللسان (رجع) .
(2) سورة البقرة: آية 28، وهي قراءة يعقوب، وما جاء منه إذا
كان من رجوع الآخرة بفتح حروف المضارعة وكسر الجيم. راجع:
إرشاد المبتدي وتذكرة المنتهي ص 215.
(3) وهي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وعاصم وأبي جعفر.
انظر: الإتحاف ص 131، والآية رقمها 281 من سورة البقرة.
(4) سورة البقرة: آية 281.
قرأ تُرْجَعُونَ يعقوب وأبو عمرو، والباقون ترجعون انظر: إرشاد
المبتدي ص 215، والإتحاف ص 131.
(5) قال ابن عباس في الآية: المطر بعد المطر. انظر: الدر
المنثور 8/ 476.
(1/343)
الأذان «1» . والرَّجِيعُ: كناية عن أذى
البطن للإنسان والدّابّة، وهو من الرُّجُوعِ، ويكون بمعنى
الفاعل، أو من الرَّجْعِ ويكون بمعنى المفعول، وجبّة رَجِيعٌ،
أعيدت بعد نقضها، ومن الدابّة: ما رَجَعْتَهُ من سفر إلى سفر
«2» ، والأنثى رَجِيعَةٌ. وقد يقال: دابّة رَجِيعٌ، ورجْعُ
سفر: كناية عن النّضو «3» ، والرَّجِيعُ من الكلام:
المردود إلى صاحبه أو المكرّر.
رجف
الرَّجْفُ: الاضطراب الشديد، يقال: رَجَفَتِ الأرض ورَجَفَ
البحر، وبحر رَجَّافٌ. قال تعالى: يَوْمَ تَرْجُفُ
الرَّاجِفَةُ
[النازعات/ 6] ، يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ
[المزمل/ 14] ، فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ
[الأعراف/ 78] ، والإِرْجَافُ: إيقاع الرّجفة، إمّا بالفعل،
وإمّا بالقول، قال تعالى: وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ
«4» ، ويقال: الْأَرَاجِيفُ ملاقيح الفتن.
رجل
الرَّجُلُ: مختصّ بالذّكر من الناس، ولذلك قال تعالى: وَلَوْ
جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلًا
[الأنعام/ 9] ، ويقال رَجْلَةٌ للمرأة: إذا كانت متشبّهة
بالرّجل في بعض أحوالها، قال الشاعر:
180-
لم يبالوا حرمة الرّجلة
«5» ورجل بيّن الرُّجُولَةِ والرُّجُولِيَّةِ، وقوله: وَجاءَ
مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى
[يس/ 20] ، وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ
[غافر/ 28] ، فالأولى به الرّجوليّة والجلادة، وقوله:
أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ [غافر/
28] ، وفلان أَرْجَلُ الرَّجُلَيْنِ. والرِّجْلُ: العضو
المخصوص بأكثر الحيوان، قال تعالى:
وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ
[المائدة/ 6] ، واشتقّ من الرِّجْلِ رَجِلٌ ورَاجِلٌ للماشي
__________
(1) قيل: هو تقارب ضروب الحركات في الصوت، وقد حكى عبد الله بن
المغفّل ترجيعه بمدّ الصوت في القراءة، نحو آء آء آء. انظر:
اللسان (رجع) ، والنهاية 2/ 202، ومعالم السنن 1/ 153.
(2) قال ابن فارس: والرّجيع من الدواب: ما رجعته من سفر إلى
سفر. انظر: المجمل 2/ 422.
(3) النّضو: البعير المهزول.
(4) سورة الأحزاب: آية 60، والمرجفون: هم الذين يولّدون
الأخبار الكاذبة التي يكون معها اضطراب في الناس.
(5) الشطر قبله:
كلّ جار ظلّ مغتبطا ... غير جيران بني جبله
خرقوا جيب فتاتهم ... لم يبالوا حرمة الرّجله
عنى بجيبها هنها.
انظر: اللسان (رجل) ، وإعراب ثلاثين سورة ص 44، ونسبه الفارسي
لطرفة في التكملة ص 353، وابن يعيش 5/ 98، وتذكرة النحاة لأبي
حيان 617.
(1/344)
بالرِّجْل، ورَاجِلٌ بيّن الرُّجْلَةِ «1»
، فجمع الرَّاجِلُ رَجَّالَةٌ ورَجْلٌ، نحو: ركب، ورِجَالٌ
نحو: ركاب لجمع الرّاكب. ويقال: رَجُلٌ رَاجِلٌ، أي: قويّ على
المشي، جمعه رِجَالٌ، نحو قوله تعالى:
فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً [البقرة/ 239] ، وكذا رَجِيٌل
ورَجْلَةٌ «2» ، وحرّة رَجْلَاءُ: ضابطة للأرجل بصعوبتها،
والْأَرْجُلُ: الأبيض الرِّجل من الفرس، والعظيم الرّجل،
ورَجَلْتُ الشاةَ:
علّقتها بالرّجل، واستعير الرِّجْلَ للقطعة من الجراد، ولزمان
الإنسان، يقال: كان ذلك على رِجْلِ فلان، كقولك: على رأس فلان،
ولمسيل الماء «3» ، الواحدة رِجْلَةٌ وتسميته بذلك كتسميته
بالمذانب «4» . والرِّجْلَةُ: البقلة الحمقاء، لكونها نابتة في
موضع القدم. وارْتَجَلَ الكلام: أورده قائما من غير تدبّر،
وارْتَجَلَ الفرس في عدوه «5» ، وتَرَجَّلَ الرّجل: نزل عن
دابّته، وتَرَجَّلَ في البئر تشبيها بذلك، وتَرَجَّلَ النهار:
انحطّت الشمس عن الحيطان، كأنها تَرَجَّلَتْ، ورَجَّلَ شعره،
كأنّه أنزله إلى حيث الرّجل، والْمِرْجَلُ: القدر المنصوبة،
وأَرْجَلْتُ الفصيل: أرسلته مع أمّه، كأنما جعلت له بذلك
رِجْلًا.
رجم
الرِّجَامُ: الحجارة، والرَّجْمُ: الرّمي بالرِّجَامِ.
يقال: رُجِمَ فهو مَرْجُومٌ، قال تعالى: لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ
يا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ
[الشعراء/ 116] ، أي: المقتولين أقبح قتلة، وقال:
وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ
[هود/ 91] ، إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ
يَرْجُمُوكُمْ
[الكهف/ 20] ، ويستعار الرّجم للرّمي بالظّنّ، والتّوهّم،
وللشّتم والطّرد، نحو قوله تعالى: رَجْماً بِالْغَيْبِ
«6» ، قال الشاعر:
181-
وما هو عنها بالحديث المرجّم
«7» وقوله تعالى: لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا
[مريم/ 46] ، أي: لأقولنّ فيك ما تكره «8» ،
__________
(1) انظر: المجمل 2/ 422.
(2) يقال: هو راجل ورجل، ورجل، ورجيل، ورجل، ورجلان، والجمع:
رجال ورجّالة، ورَجْلة، ورَجِلَة. انظر:
اللسان (رجل) . [.....]
(3) قال ابن منظور: والرّجلة: مسيل الماء من الحرّة إلى السهل،
وجمعها: الرّجل.
(4) في اللسان: المذنب: مسيل الماء إلى الأرض، وجمعها: مذانب.
اللسان: (ذنب) .
(5) ارتجل الفرس: إذا خلط العنق بالهملجة.
(6) سورة الكهف: آية 22، قال قتادة: قذفا بالظنّ.
(7) هذا عجز بيت، وشطره:
وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم
وهو لزهير بن أبي سلمى، في ديوانه ص 81، وشرح المعلقات 1/ 112.
والمرجّم هاهنا: الذي ليس بمستيقن.
(8) انظر غريب الحديث لأبي عبيد 4/ 290.
(1/345)
والشّيطان الرَّجِيمُ: المطرود عن الخيرات،
وعن منازل الملإ الأعلى. قال تعالى: فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ
مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ [النحل/ 98] ، وقال تعالى:
فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ [الحجر/ 34] ، وقال في
الشّهب: رُجُوماً لِلشَّياطِينِ
[الملك/ 5] ، والرَّجْمَةُ والرُّجْمَةُ: أحجار القبر، ثم
يعبّر بها عن القبر وجمعها رِجَامٌ ورُجَمٌ، وقد رَجَمْتُ
القبر: وضعت عليه رِجَاماً. وفي الحديث (لا تَرْجُمُوا قبري)
«1» ، والْمُرَاجَمَةُ: المسابّة الشّديدة، استعارة كالمقاذفة.
والتَّرْجُمَانُ تفعلان من ذلك.
رجا
رَجَا البئرِ والسماءِ وغيرِهِمَا: جانبها، والجمع أَرْجَاءٌ،
قال تعالى: وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها
[الحاقة/ 17] ، والرَّجَاءُ ظنّ يقتضي حصول ما فيه مسرّة،
وقوله تعالى: ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً
[نوح/ 13] ، قيل: ما لكم لا تخافون «2» ، وأنشد:
182-
إذا لسعته النّحل لم يَرْجُ لسعها ... وحالفها في بيت نوب
عوامل
«3» ووجه ذلك أنّ الرَّجَاءَ والخوف يتلازمان، قال تعالى:
وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ
[النساء/ 104] ، وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ
[التوبة/ 106] ، وأَرْجَتِ النّاقة: دنا نتاجها، وحقيقته: جعلت
لصاحبها رجاء في نفسها بقرب نتاجها. والْأُرْجُوَانَ: لون أحمر
يفرّح تفريح الرّجاء.
رحب
الرُّحْبُ: سعة المكان، ومنه: رَحَبَةُ المسجد، ورَحُبَتِ
الدّار: اتّسعت، واستعير للواسع الجوف، فقيل: رَحْبُ البطن،
ولواسع الصدر، كما استعير الضيّق لضدّه، قال تعالى:
ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ [التوبة/ 118] ،
وفلان رَحِيبُ الفناء: لمن كثرت غاشيته.
وقولهم: مَرْحَباً وأهلا، أي: وجدت مكانا رَحْباً.
قال تعالى: لا مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ
قالُوا بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ
[ص/ 59- 60] .
رحق
قال الله تعالى: يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ
[المطففين/ 25] ، أي: خمر.
__________
(1) قال الجوهري: المحدّثون يروونه: «لا ترجموا قبري» مخفّفا،
والصحيح: «لا ترجّموا قبري» مشدّدا، أي: لا تجعلوا عليه
الرّجم، وهي جمع رجمة، أي: الحجارة الضخام. انظر: النهاية 2/
205.
[استدراك] وهذا من كلام عبد الله بن المغفّل في وصيته. انظر:
غريب الحديث 4/ 289، والفائق 2/ 47.
(2) انظر: مجاز القرآن 2/ 271.
(3) البيت لأبي ذؤيب الهذلي، وهو في ديوان الهذليين 1/ 143،
ومجاز القرآن 1/ 275، وتفسير القرطبي 8/ 311، وتفسير الطبري
11/ 56.
(1/346)
رحل
الرَّحْلُ ما يوضع على البعير للرّكوب، ثم يعبّر به تارة عن
البعير، وتارة عمّا يجلس عليه في المنزل، وجمعه رِحَالٌ.
وَقالَ لِفِتْيانِهِ اجْعَلُوا بِضاعَتَهُمْ فِي رِحالِهِمْ
[يوسف/ 62] ، والرِّحْلَةُ: الِارْتِحَالُ. قال تعالى:
رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ
[قريش/ 2] ، وأَرْحَلْتُ البعير:
وضعت عليه الرّحل، وأَرْحَلَ البعيرُ: سمن، كأنّه صار على ظهره
رحل لسمنه وسنامه، ورَحَلْتُهُ:
أظعنته، أي: أزلته عن مكانه. والرَّاحِلَةُ: البعير الذي يصلح
لِلِارْتِحَالِ. ورَاحَلَهُ: عاونه على رِحْلَتِهِ،
والْمُرَحَّلُ برد عليه صورة الرّحال.
رحم
الرَّحِمُ: رَحِمُ المرأة، وامرأة رَحُومٌ تشتكي رحمها. ومنه
استعير الرَّحِمُ للقرابة، لكونهم خارجين من رحم واحدة، يقال:
رَحِمٌ ورُحْمٌ.
قال تعالى: وَأَقْرَبَ رُحْماً [الكهف/ 81] ، والرَّحْمَةُ
رقّة تقتضي الإحسان إلى الْمَرْحُومِ، وقد تستعمل تارة في
الرّقّة المجرّدة، وتارة في الإحسان المجرّد عن الرّقّة، نحو:
رَحِمَ الله فلانا. وإذا وصف به الباري فليس يراد به إلّا
الإحسان المجرّد دون الرّقّة، وعلى هذا روي أنّ الرَّحْمَةَ من
الله إنعام وإفضال، ومن الآدميّين رقّة وتعطّف. وعلى هذا قول
النّبيّ صلّى الله عليه وسلم ذاكرا عن ربّه «أنّه لمّا خلق
الرَّحِمَ قال له: أنا الرّحمن، وأنت الرّحم، شققت اسمك من
اسمي، فمن وصلك وصلته، ومن قطعك بتتّه» «1» فذلك إشارة إلى ما
تقدّم، وهو أنّ الرَّحْمَةَ منطوية على معنيين: الرّقّة
والإحسان، فركّز تعالى في طبائع الناس الرّقّة، وتفرّد
بالإحسان، فصار كما أنّ لفظ الرَّحِمِ من الرّحمة، فمعناه
الموجود في الناس من المعنى الموجود لله تعالى، فتناسب معناهما
تناسب لفظيهما. والرَّحْمَنُ والرَّحِيمُ، نحو: ندمان ونديم،
ولا يطلق الرَّحْمَنُ إلّا على الله تعالى من حيث إنّ معناه لا
يصحّ إلّا له، إذ هو الذي وسع كلّ شيء رَحْمَةً، والرَّحِيمُ
يستعمل في غيره وهو الذي كثرت رحمته، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ
غَفُورٌ رَحِيمٌ [البقرة/ 182] ، وقال في صفة النبيّ صلّى الله
عليه وسلم: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ
عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ
رَؤُفٌ رَحِيمٌ [التوبة/ 128] ، وقيل: إنّ الله تعالى: هو رحمن
الدّنيا، ورحيم الآخرة، وذلك أنّ إحسانه في الدّنيا يعمّ
المؤمنين والكافرين، وفي الآخرة يختصّ بالمؤمنين، وعلى هذا
قال:
__________
(1) الحديث، عن عبد الرحمن بن عوف قال: سمعت رسول الله صلّى
الله عليه وسلم يقول: «قال الله: أنا الله، وأنا الرحمن، خلقت
الرحم، وشققت لها من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته»
أخرجه الترمذي وقال: حديث صحيح، انظر: عارضة الأحوذي 8/ 10،
وأخرجه الحاكم 4/ 157 وصححه، ووافقه الذهبي، وأحمد برقم 1680،
وأبو داود في الزكاة برقم 1694، باب صلة الرحم. وانظر: شرح
السنة 1/ 179- 180.
(1/347)
وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ
فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ [الأعراف/ 156] ، تنبيها
أنها في الدّنيا عامّة للمؤمنين والكافرين، وفي الآخرة مختصّة
بالمؤمنين.
رخا
الرُّخَاءُ: اللّيّنة. من قولهم: شيء رِخْوٌ، وقد رَخِيَ
يَرْخَى «1» ، قال تعالى: فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي
بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ
[ص/ 36] ، ومنه: أَرْخَيْتُ السّتر، وعن إِرْخَاءِ السّتر
استعير:
183-
إِرْخَاءُ سِرْحَان
«2» وقول أبي ذؤيب:
184-
وهي رخو تمزع
«3» أي: رخو السّير كريح الرّخاء، وقيل: فرس مِرْخَاءٌ، أي:
واسع الجري بعيد الخطو، من خيل مِرَاخٍ، وقد أَرْخَيْتُهُ:
خلّيته رخوا.
رد
الرَّدُّ: صرف الشيء بذاته، أو بحالة من أحواله، يقال:
رَدَدْتُهُ فَارْتَدَّ، قال تعالى: وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ
الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ
[الأنعام/ 147] ، فمن الرّدّ بالذّات قوله تعالى: وَلَوْ
رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ
[الأنعام/ 28] ، ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ
[الإسراء/ 6] ، وقال:
رُدُّوها عَلَيَ
[ص/ 33] ، وقال: فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ [القصص/ 13] ، يا
لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ
[الأنعام/ 27] ، ومن الرّدّ إلى حالة كان عليها قوله:
يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ [آل عمران/ 149] ، وقوله:
وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ
[يونس/ 107] ، أي: لا دافع ولا مانع له، وعلى ذلك: عَذابٌ
غَيْرُ مَرْدُودٍ
[هود/ 76] ، ومن هذا الرَّدُّ إلى الله تعالى، نحو قوله:
وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها
مُنْقَلَباً
[الكهف/ 36] ، ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ
وَالشَّهادَةِ
[الجمعة/ 8] ، ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ
الْحَقِّ [الأنعام/ 62] ، فالرّدّ كالرّجع في قوله: ثُمَّ
إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [البقرة/ 28] ، ومنهم من قال: في
الرَّدُّ قولان: أحدهما ردّهم إلى ما أشار إليه بقوله: مِنْها
خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ [طه/ 55] ، والثاني: ردّهم
إلى
__________
(1) انظر: الأفعال 3/ 46.
(2) وذلك جاء في شعر امرئ القيس:
له أيطلا ظبي وساقا نعامة ... وإرخاء سرحان وتقريب تتفل
وهو في ديوانه ص 119، والأفعال 3/ 46، وشرح المعلقات 1/ 36.
قال النحاس: وكأنّ الإرخاء عدو في سهولة.
(3) البيت تمامه:
تعدو به خوصاء يفصم جريها ... حلق الرّحاله فهي رخو تمزع
وهو في ديوان الهذليين 2/ 16، والمجمل 2/ 426.
(1/348)
الحياة المشار إليها بقوله: وَمِنْها
نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى [طه/ 55] ، فذلك نظر إلى حالتين
كلتاهما داخلة في عموم اللفظ. وقوله تعالى:
فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ
[إبراهيم/ 9] ، قيل: عضّوا الأنامل غيظا، وقيل: أومأوا إلى
السّكوت وأشاروا باليد إلى الفم، وقيل: ردّوا أيديهم في أفواه
الأنبياء فأسكتوهم، واستعمال الرّدّ في ذلك تنبيها أنهم فعلوا
ذلك مرّة بعد أخرى. وقوله تعالى: لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ
بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً
[البقرة/ 109] ، أي:
يرجعونكم إلى حال الكفر بعد أن فارقتموه، وعلى ذلك قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ
كافِرِينَ [آل عمران/ 100] ، والارْتِدَادُ والرِّدَّةُ:
الرّجوع في الطّريق الذي جاء منه، لكن الرّدّة تختصّ بالكفر،
والارتداد يستعمل فيه وفي غيره، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ
ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ
[محمد/ 25] ، وقال:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ
دِينِهِ
[المائدة/ 54] ، وهو الرّجوع من الإسلام إلى الكفر، وكذلك:
وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ
كافِرٌ
[البقرة/ 217] ، وقال عزّ وجلّ: فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما
قَصَصاً
[الكهف/ 64] ، إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ
مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى
[محمد/ 25] ، وقال تعالى: وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا
[الأنعام/ 71] ، وقوله تعالى: وَلا تَرْتَدُّوا عَلى
أَدْبارِكُمْ
[المائدة/ 21] ، أي: إذا تحقّقتم أمرا وعرفتم خيرا فلا ترجعوا
عنه. وقوله عزّ وجلّ:
فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ
فَارْتَدَّ بَصِيراً
[يوسف/ 96] ، أي: عاد إليه البصر، ويقال: رَدَدْتُ الحكم في
كذا إلى فلان: فوّضته إليه، قال تعالى: وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى
الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ
[النساء/ 83] ، وقال: فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ
فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ [النساء/ 59] ، ويقال:
رَادَّهُ في كلامه. وقيل في الخبر: «البيّعان يَتَرَادَّانِ»
«1» أي: يردّ كلّ واحد منهما ما أخذ، ورَدَّةُ الإبل: أن
تَتَرَدَّدَ إلى الماء، وقد أَرَدَّتِ النّاقة «2» ،
واسْتَرَدَّ المتاع: استرجعه.
ردف
الرِّدْفُ: التابع، ورِدْفُ المرأة: عجيزتها، والتَّرَادُفُ:
التتابع، والرَّادِفُ: المتأخّر، والمُرْدِفُ: المتقدّم الذي
أَرْدَفَ غيره، قال تعالى: فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي
مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ
__________
(1) أخرجه مالك في المدونة بلاغا 4/ 188، وأحمد 1/ 466، وابن
الجارود في المنتقى ص 159. [.....]
(2) قال في اللسان: الرّدّة: أن تشرب الإبل الماء عللا فترتدّ
الألبان في ضروعها. وأردّت الناقة: ورمت أرفاغها وحياؤها من
شرب الماء.
(1/349)
الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ
[الأنفال/ 9] ، قال أبو عبيدة: مردفين: جائين بعد «1» ، فجعل
رَدِفَ وأَرْدَفَ بمعنى واحد، وأنشد:
185-
إذا الجوزاء أَرْدَفَتِ الثّريّا
«2» وقال غيره: معناه مردفين ملائكة أخرى، فعلى هذا يكونون
ممدّين بألفين من الملائكة، وقيل:
عنى بِالْمُرْدِفِينَ المتقدّمين للعسكر يلقون في قلوب العدى
الرّعب. وقرئ مُرْدِفِينَ «3» أي:
أُرْدِفَ كلّ إنسان ملكا، (ومُرَدَّفِينَ) «4» يعني
مُرْتَدِفِينَ، فأدغم التاء في الدّال، وطرح حركة التاء على
الدّال. وقد قال في سورة آل عمران:
أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ
آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ بَلى إِنْ تَصْبِرُوا
وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ
رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ.
وأَرْدَفْتُهُ: حملته على رِدْفِ الفرس، والرِّدَافُ: مركب
الرّدف، ودابّة لا تُرَادَفُ ولا تُرْدَفُ «5» ، وجاء واحد
فأردفه آخر.
وأَرْدَافُ الملوكِ: الذين يخلفونهم.
ردم
الرَّدْمُ: سدّ الثّلمة بالحجر، قال تعالى:
أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً
[الكهف/ 95] ، والرَّدْمُ: الْمَرْدُومُ، وقيل: المُرْدَمُ،
قال الشاعر:
186-
هل غادر الشّعراء من مُتَرَدَّمٍ
«6» وأَرْدَمْتُ عليه الحمّى «7» ، وسحاب مُرَدَّمٌ «8» .
ردأ
الرِّدْءُ: الذي يتبع غيره معينا له. قال تعالى:
فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي
[القصص/ 34] ، وقد أَرْدَأَهُ، والرَّدِيءُ في الأصل مثله،
__________
(1) انظر: مجاز القرآن 1/ 241.
(2) هذا شطر بيت، وعجزه:
ظننت بآل فاطمة الظّنونا
وهو لخزيمة بن نهد، والبيت في العباب (ردف) ، واللسان (ردف) ،
والبصائر 3/ 63.
(3) وبها قرأ نافع وأبو جعفر ويعقوب.
(4) وهي قراءة شاذّة، قرأ بها الخليل عن أهل مكة. انظر: مختصر
ابن خالويه ص 49، وإعراب القرآن للنحاس 1/ 667، والآية رقمها
124 من سورة آل عمران.
(5) قال الصاغاني: يقال: هذه دابّة لا ترادف، أي: لا تحمل
رديفا، وجوّز الليث: لا تردف، وقال الأزهري: لا تردف مولّد من
كلام أهل الحضر. العباب (ردف) .
(6) هذا شطر بيت، وعجزه:
أم هل عرفت الدار بعد توهّم
وهو لعنترة من مطلع معلقته، وهو في ديوانه ص 15، وشرح المعلقات
2/ 5.
(7) أي: دامت، انظر: المجمل 2/ 427.
(8) انظر: المجمل 2/ 427، واللسان: ردم.
(1/350)
لكن تعورف في المتأخّر المذموم. يقال:
رَدُأَ «1» الشيء رَدَاءَةً، فهو رَدِيءٌ، والرَّدَى: الهلاك،
والتَّرَدِّي: التّعرّض للهلاك، قال تعالى: وَما يُغْنِي
عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى
[الليل/ 11] ، وقال:
وَاتَّبَعَ هَواهُ فَتَرْدى
[طه/ 16] ، وقال:
تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ
[الصافات/ 56] ، والمرداة: حجر تكسر بها الحجارة فَتُرْدِيهَا.
رذل
الرَّذْلُ والرُّذَالُ: المرغوب عنه لرداءته، قال تعالى:
وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ
[النحل/ 70] ، وقال: إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ
الرَّأْيِ
[هود/ 27] ، وقال تعالى: قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ
الْأَرْذَلُونَ
[الشعراء/ 111] ، جمع الْأَرْذَلِ.
رزق
الرِّزْقُ يقال للعطاء الجاري تارة، دنيويّا كان أم أخرويّا،
وللنّصيب تارة، ولما يصل إلى الجوف ويتغذّى به تارة «2» ،
يقال: أعطى السّلطان رِزْقَ الجند، ورُزِقْتُ علما، قال:
وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ
أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ
[المنافقون/ 10] ، أي: من المال والجاه والعلم، وكذلك قوله:
وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ [البقرة/ 3] ، كُلُوا مِنْ
طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ [البقرة/ 172] ، وقوله:
وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ [الواقعة/
82] ، أي:
وتجعلون نصيبكم من النّعمة تحرّي الكذب.
وقوله: وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ
[الذاريات/ 22] ، قيل: عني به المطر الذي به حياة الحيوان «3»
. وقيل: هو كقوله: وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً
[المؤمنون/ 18] ، وقيل: تنبيه أنّ الحظوظ بالمقادير، وقوله
تعالى: فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ [الكهف/ 19] ، أي:
بطعام يتغذّى به. وقوله تعالى: وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها
طَلْعٌ نَضِيدٌ رِزْقاً لِلْعِبادِ [ق/ 10- 11] ، قيل:
عني به الأغذية، ويمكن أن يحمل على العموم فيما يؤكل ويلبس
ويستعمل، وكلّ ذلك ممّا يخرج من الأرضين، وقد قيّضه الله بما
ينزّله من السماء من الماء، وقال في العطاء الأخرويّ:
وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ
أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ
[آل عمران/ 169] ، أي: يفيض الله عليهم النّعم الأخروية، وكذلك
قوله: وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا [مريم/
62] ، وقوله: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ
[الذاريات/ 58] ، فهذا محمول على العموم.
والرَّازِقُ يقال لخالق الرّزق، ومعطيه، والمسبّب له، وهو الله
تعالى «4» ، ويقال ذلك للإنسان الذي
__________
(1) انظر: الأفعال 3/ 49، والبصائر 3/ 65.
(2) وردّه الرازي في تفسيره 2/ 30.
(3) وهو قول الضحاك، انظر: الدر المنثور 7/ 619.
(4) انظر: الأسماء والصفات ص 86.
(1/351)
يصير سببا في وصول الرّزق. والرَّزَّاقُ لا
يقال إلّا لله تعالى، وقوله: وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ
وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ [الحجر/ 20] ، أي:
بسبب في رزقه، ولا مدخل لكم فيه، وقوله:
وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ
رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً وَلا
يَسْتَطِيعُونَ [النحل/ 73] ، أي: ليسوا بسبب في رزق بوجه من
الوجوه، وسبب من الأسباب. ويقال: ارْتَزَقَ الجند: أخذوا
أرزاقهم، والرَّزْقَةُ: ما يعطونه دُفْعة واحدة.
رس
أَصْحابَ الرَّسِ
«1» قيل: هو واد، قال الشاعر:
187-
وهنّ لوادي الرَّسِّ كاليد للفم
«2» وأصل الرَّسِّ: الأثر القليل الموجود في الشيء، يقال: سمعت
رَسّاً من خبر «3» ، ورَسُّ الحديث في نفسي، ووجد رَسّاً من
حمّى «4» ، ورُسَّ الميّتُ: دفن وجعل أثرا بعد عين.
رسخ
رُسُوخُ الشيء: ثباته ثباتا متمكّنا، ورَسَخَ الغدير: نضب
ماؤه، ورَسَخَ تحت الأرض، والرَّاسِخُ في العلم: المتحقّق به
الذي لا يعرضه شبهة. فَالرَّاسِخُونَ في العلم هم الموصوفون
بقوله تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ
لَمْ يَرْتابُوا [الحجرات/ 15] ، وكذا قوله تعالى:
لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ
[النساء/ 162] .
رسل
أصل الرِّسْلِ: الانبعاث على التّؤدة ويقال:
ناقة رِسْلَةٌ: سهلة السّير، وإبل مَرَاسِيلُ: منبعثة انبعاثا
سهلا، ومنه: الرَّسُولُ المنبعث، وتصوّر منه تارة الرّفق،
فقيل: على رِسْلِكَ، إذا أمرته بالرّفق، وتارة الانبعاث فاشتقّ
منه الرّسول، والرَّسُولُ يقال تارة للقول المتحمّل كقول
الشاعر:
188-
ألا أبلغ أبا حفص رسولا
«5»
__________
(1) الآية كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحابُ
الرَّسِّ وَثَمُودُ سورة ق: آية 12. [.....]
(2) هذا عجز بيت، وشطره:
بكرن بكورا واستحرن بسحرة
وهو لزهير بن أبي سلمى من معلقته، انظر: ديوانه ص 77، وشرح
المعلقات 1/ 105.
(3) انظر: الأساس 162، والمجمل 2/ 366، والبصائر 3/ 68.
(4) قال الزمخشري: به رسّ الحمى ورسيسها: ابتداؤها قبل أن
تشتدّ، وتقول:
بدأت برسّها، وأخذت في مسّها. الأساس ص 162.
(5) شطر بيت، عجزه:
فدى لك من أخي ثقة إزاري
وهو لأبي المنهال الأشجعي، وقد تقدّم في مادة (أزر) .
(1/352)
وتارة لمتحمّل القول والرِّسَالَةِ.
والرَّسُولُ يقال للواحد والجمع، قال تعالى: لَقَدْ جاءَكُمْ
رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ
[التوبة/ 128] ، وللجمع:
ُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ
[الشعراء/ 16] ، وقال الشاعر:
189-
ألكني إليها وخير الرّسو ... ل أعلمهم بنواحي الخبر «1»
وجمع الرّسول رُسُلٌ. ورُسُلُ الله تارة يراد بها الملائكة،
وتارة يراد بها الأنبياء، فمن الملائكة قوله تعالى: إِنَّهُ
لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ [التكوير/ 19] ، وقوله: إِنَّا
رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ [هود/ 81] ، وقوله:
وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ [هود/ 77] ،
وقال: وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى
[العنكبوت/ 31] ، وقال: وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً
[المرسلات/ 1] ، بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ
[الزخرف/ 80] ، ومن الأنبياء قوله:
وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ
[آل عمران/ 144] ، يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ
إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ
[المائدة/ 67] ، وقوله: وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا
مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ
[الأنعام/ 48] ، فمحمول على رسله من الملائكة والإنس.
وقوله: يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ
وَاعْمَلُوا صالِحاً
[المؤمنون/ 51] ، قيل: عني به الرّسول وصفوة أصحابه، فسمّاهم
رسلا لضمّهم إليه «2» ، كتسميتهم المهلّب «3» وأولاده:
المهالبة. والْإِرْسَالُ يقال في الإنسان، وفي الأشياء
المحبوبة، والمكروهة، وقد يكون ذلك بالتّسخير، كإرسال الريح،
والمطر، نحو:
وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً
[الأنعام/ 6] ، وقد يكون ببعث من له اختيار، نحو إِرْسَالِ
الرّسل، قال تعالى: وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً
[الأنعام/ 61] ، فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدائِنِ
حاشِرِينَ
[الشعراء/ 53] ، وقد يكون ذلك بالتّخلية، وترك المنع، نحو
قوله: أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى
الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا [مريم/ 83] ، والْإِرْسَالُ
يقابل الإمساك. قال تعالى: ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ
رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ
مِنْ بَعْدِهِ
[فاطر/ 2] ، والرَّسْلُ من الإبل والغنم: ما يَسْتَرْسِلُ في
السّير، يقال: جاءوا أَرْسَالًا، أي:
متتابعين، والرِّسْلُ: اللّبن الكثير المتتابع الدّرّ.
__________
(1) البيت لأبي ذؤيب الهذلي، وهو في ديوان الهذليين 1/ 146،
والبصائر 3/ 70، واللسان (ألك) .
(2) وقال بعض العلماء: الخطاب في هذه الآية للنبي صلّى الله
عليه وسلم، وأنه أقامه مقام الرسل. راجع: القرطبي 12/ 127.
(3) هو المهلّب بن أبي صفرة، كان والي خراسان من جهة الحجاج بن
يوسف الثقفي، وأولاده يقال لهم المهالبة، وله يد طولى في قتال
الخوارج، توفي سنة 83 هـ.
انظر: أخباره في وفيات الأعيان 5/ 350، والكامل لابن الأثير،
وشذرات الذهب 1/ 95.
(1/353)
رسا
يقال: رَسَا الشيء يَرْسُو: ثبت، وأَرْسَاهُ غيره، قال تعالى:
وَقُدُورٍ راسِياتٍ
[سبأ/ 13] ، وقال: رَواسِيَ شامِخاتٍ
[المرسلات/ 27] ، أي: جبالا ثابتات، وَالْجِبالَ أَرْساها
[النازعات/ 32] ، وذلك إشارة إلى نحو قوله تعالى: وَالْجِبالَ
أَوْتاداً [النبأ/ 7] ، قال الشاعر:
190-
ولا جبال إذا لم تَرْسِ أوتاد
«1» وألقت السّحابة مَرَاسِيهَا، نحو: ألقت طنبها «2» ، وقال
تعالى: ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها
«3» من: أجريت، وأَرْسَيْتُ، فالمُرْسَى يقال للمصدر، والمكان،
والزمان، والمفعول، وقرئ: (مجريها ومرسيها) «4» وقوله:
يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها [الأعراف/
187] ، أي: زمان ثبوتها، ورَسَوْتُ بين القوم، أي: أثبتّ بينهم
إيقاع الصّلح.
رشد
الرَّشَدُ والرُّشْدُ: خلاف الغيّ، يستعمل استعمال الهداية،
يقال: رَشَدَ يَرْشُدُ، ورَشِدَ «5» يَرْشَدُ قال: لَعَلَّهُمْ
يَرْشُدُونَ
[البقرة/ 186] ، وقال: قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِ
[البقرة/ 256] ، وقال تعالى: فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ
رُشْداً
[النساء/ 6] ، وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ
قَبْلُ
[الأنبياء/ 51] ، وبين الرّشدين- أعني: الرّشد المؤنس من
اليتيم، والرّشد الذي أوتي إبراهيم عليه السلام- بون بعيد.
وقال:
هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ
رُشْداً [الكهف/ 66] ، وقال: لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً
[الكهف/ 24] ، وقال بعضهم: الرَّشَدُ أخصّ من الرُّشْدِ، فإنّ
الرُّشْدَ يقال في الأمور الدّنيوية والأخرويّة، والرَّشَدُ
يقال في الأمور
__________
(1) هذا عجز بيت، وشطره:
البيت لا يبتنى إلا له عمد
وهو للأفوه الأودي، من قصيدة له، وفيها يقول:
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ... ولا سراة إذا جهّالهم
سادوا
تلفى الأمور بأهل الرأي ما صلحت ... فإن تولوا فبالأشرار تنقاد
وهو في الحماسة البصرية 2/ 69، والاختيارين ص 76، وأمالي
القالي 2/ 225، والطرائف الأدبية ص 9.
(2) ألقت السحابة مراسيها: استقّرت وجادت.
والطّنب: حبل الخباء والسرادق. وانظر: المجمل 2/ 377، والبصائر
3/ 74.
(3) سورة هود: آية 41، وهي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو
ويعقوب وابن عامر وشعبة.
(4) قرأ بفتح الميمين المطوّعي، وهي قراءة شاذة.
وقرأ حفص مَجْراها وَمُرْساها بفتح الميم الأولى، وضم الثانية،
انظر: الإتحاف 256.
(5) انظر: الأفعال 3/ 85، والبصائر 3/ 75.
(1/354)
الأخرويّة لا غير. والرَّاشِدُ والرَّشِيدُ
يقال فيهما جميعا، قال تعالى: أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ
[الحجرات/ 7] ، وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ
[هود/ 97] .
رص
قال تعالى: كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ
[الصف/ 4] ، أي: محكم كأنما بني بالرَّصَاصِ، ويقال:
رَصَصْتُهُ ورَصَّصْتُهُ، وتَرَاصُّوا في الصلاة. أي: تضايقوا
فيها. وتَرْصِيصُ المرأة: أن تشدّد التّنقّب، وذلك أبلغ من
التَّرَصُّصُ.
رصد
الرَّصَدُ: الاستعداد للتّرقّب، يقال: رَصَدَ له، وتَرَصَّدَ،
وأَرْصَدْتُهُ له. قال عزّ وجلّ: وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ
اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ
[التوبة/ 107] ، وقوله عز وجل: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ
[الفجر/ 14] ، تنبيها أنه لا ملجأ ولا مهرب.
والرَّصَدُ يقال لِلرَّاصِدِ الواحد، وللجماعة الرَّاصِدِينَ،
ولِلْمَرْصُودِ، واحدا كان أو جمعا.
وقوله تعالى: يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ
رَصَداً [الجن/ 27] ، يحتمل كلّ ذلك. والمَرْصَدُ: موضع
الرّصد، قال تعالى:
وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ
[التوبة/ 5] ، والْمِرْصَادُ نحوه، لكن يقال للمكان الذي اختصّ
بِالتَّرَصُّدِ، قال تعالى: إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً
[النبأ/ 21] ، تنبيها أنّ عليها مجاز الناس، وعلى هذا قوله
تعالى: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها [مريم/ 71] .
رضع
يقال: رَضَعَ المولود يَرْضِعُ «1» ، ورَضِعَ يَرْضَعُ
رَضَاعاً ورَضَاعَةً، وعنه استعير: لئيم رَاضِعٌ: لمن تناهى
لؤمه، وإن كان في الأصل لمن يرضع غنمه ليلا، لئلّا يسمع صوت
شخبه «2» ، فلمّا تعورف في ذلك قيل: رَضُعَ فلان، نحو: لؤم،
وسمّي الثّنيّتان من الأسنان الرَّاضِعَتَيْنِ، لاستعانة
الصّبيّ بهما في الرّضع، قال تعالى:
وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ
لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ
[البقرة/ 233] ، فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ
أُجُورَهُنَ
[الطلاق/ 6] ، ويقال: فلان أخو فلان من الرّضاعة، وقال صلّى
الله عليه وسلم: «يحرم من الرَّضَاعِ ما يحرم من النّسب» «3» ،
وقال تعالى: وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ
__________
(1) انظر: الأفعال 3/ 91.
(2) الشّخب: صوت اللبن عند الحلب. [.....]
(3) الحديث أخرجه ابن ماجة 1/ 623 عن عائشة، وأخرجه مالك في
الموطأ عنها أيضا أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: يحرم
من الرضاعة ما يحرم من الولادة. انظر: تنوير الحوالك 2/ 117،
وشرح الزرقاني 3/ 247.
وأخرجه الترمذي ولفظه: «إنّ الله حرّم من الرّضاعة ما حرّم من
الولادة» .
وقال: هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم من
أصحاب النبي وغيرهم، لا نعلم بينهم في ذلك اختلافا. انظر:
عارضة الأحوذي 5/ 88.
(1/355)
تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ
[البقرة/ 233] ، أي:
تسومونهنّ إرضاع أولادكم.
رضي
يقال: رَضِيَ يَرْضَى رِضًا، فهو مَرْضِيٌّ ومَرْضُوٌّ. ورِضَا
العبد عن الله: أن لا يكره ما يجري به قضاؤه، ورِضَا الله عن
العبد هو أن يراه مؤتمرا لأمره، ومنتهيا عن نهيه، قال الله
تعالى:
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ
[المائدة/ 119] ، وقال تعالى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ
الْمُؤْمِنِينَ [الفتح/ 18] ، وقال تعالى:
وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً [المائدة/ 3] ، وقال
تعالى: أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ
[التوبة/ 38] ، وقال تعالى:
يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ
[التوبة/ 8] ، وقال عزّ وجلّ: وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ
بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَ
[الأحزاب/ 51] ، والرِّضْوَانُ:
الرّضا الكثير، ولمّا كان أعظم الرِّضَا رضا الله تعالى خصّ
لفظ الرّضوان في القرآن بما كان من الله تعالى: قال عزّ وجلّ:
وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا
ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ
[الحديد/ 27] ، وقال تعالى: يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ
وَرِضْواناً [الفتح/ 29] ، وقال: يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ
بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ [التوبة/ 21] ، وقوله تعالى:
إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ
[البقرة/ 232] ، أي: أظهر كلّ واحد منهم الرّضا بصاحبه
ورَضِيَهُ.
رطب
الرَّطْبُ: خلاف اليابس، قال تعالى: وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ
إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ
[الأنعام/ 59] ، وخصّ الرُّطَبُ بالرَّطْبِ من التّمر، قال
تعالى: وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ
عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا [مريم/ 25] ، وأَرْطَبَ النّخلُ «1»
، نحو: أتمر وأجنى، ورَطَبْتُ الفرس ورَطَّبْتُهُ: أطعمته
الرّطب، فَرَطَبَ الفرس: أكله.
ورَطِبَ الرّجل رَطَباً: إذا تكلّم بما عنّ له من خطإ وصواب
«2» ، تشبيها برطب الفرس، والرَّطِيبُ:
عبارة عن النّاعم.
رعب
الرُّعْبُ: الانقطاع من امتلاء الخوف، يقال:
رَعَبْتُهُ فَرَعَبَ رُعْباً، فهو رَعِبٌ، والتِّرْعَابَةُ:
الفروق. قال تعالى: وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ
[الأحزاب/ 26] ، وقال: سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ
كَفَرُوا الرُّعْبَ [آل عمران/ 151] ، وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ
رُعْباً
[الكهف/ 18] ، ولتصوّر الامتلاء منه قيل: رَعَبْتُ الحوص:
ملأته، وسيل رَاعِبٌ: يملأ الوادي،
__________
(1) أرطب النخل: حان أوان رطبه.
(2) انظر: المجمل 2/ 382.
(1/356)
وباعتبار القطع قيل: رَعَبْتُ السّنام:
قطعته. وجارية رُعْبُوبَةٌ: شابّة شطبة تارّة «1» ، والجمع
الرَّعَابِيبُ.
رعد
الرَّعْدُ صوت السّحاب، وروي (أنه ملك يسوق السّحاب) «2» .
وقيل رَعَدَتِ السّماءُ وبرقت، وأَرْعَدَتْ وأبرقت، ويكنّى
بهما عن التّهدّد. ويقال: صلف تحت رَاعِدَةٍ «3» : لمن يقول
ولا يحقّق. والرِّعْدِيدُ: المضطرب جبنا، وقيل: أُرْعِدَتْ
فرائصه خوفا «4» .
رعى
الرَّعْيُ في الأصل: حفظ الحيوان، إمّا بغذائه الحافظ لحياته،
وإمّا بذبّ العدوّ عنه. يقال:
رَعَيْتُهُ، أي: حفظته، وأَرْعَيْتُهُ: جعلت له ما يرْعَى.
والرِّعْيُ: ما يرعاه، والْمَرْعَى: موضع الرّعي، قال تعالى:
كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ
[طه/ 54] ، أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها
[النازعات/ 31] ، وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى [الأعلى/ 4] ،
وجعل الرَّعْيُ والرِّعَاءُ للحفظ والسّياسة. قال تعالى: فَما
رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها
[الحديد/ 27] ، أي: ما حافظوا عليها حقّ المحافظة. ويسمّى كلّ
سائس لنفسه أو لغيره رَاعِياً، وروي: «كلّكم رَاعٍ، وكلّكم
مسئول عن رَعِيَّتِهِ» «5» قال الشاعر:
191-
ولا المرعيّ في الأقوام كالرّاعي
«6» وجمع الرّاعي رِعَاءٌ ورُعَاةٌ. ومُرَاعَاةُ الإنسان
للأمر: مراقبته إلى ماذا يصير، وماذا منه يكون، ومنه:
رَاعَيْتُ النجوم، قال تعالى: لا تَقُولُوا: راعِنا وَقُولُوا
انْظُرْنا
[البقرة/ 104] ، وأَرْعَيْتُهُ
__________
(1) الشّطبة: الحسنة، والتارّة: الممتلئة الجسم.
(2) أخرجه أحمد، والترمذي وصححه، والنسائي وغيرهم عن ابن عباس
قال: أقبلت يهود إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقالوا: يا
أبا القاسم، إنا نسألك عن خمسة أشياء ...
ثم قالوا: أخبرنا ما هذا الرعد؟ قال: ملك من ملائكة الله موكّل
بالسحاب، بيده مخراق من نار، يزجر به السحاب، يسوقه حيث أمره
الله ... إلخ. انظر: الدر المنثور 4/ 621، وعارضة الأحوذي 11/
284 وقال الترمذي حسن غريب، ومسند أحمد 1/ 274.
(3) هذا مثل يقال للذي يكثر الكلام ولا خير عنده. انظر: المجمل
2/ 385، والمستقصى 2/ 96.
(4) راجع: المجمل 2/ 385.
(5) الحديث عن ابن عمر يقول: قال رسول الله صلّى الله عليه
وسلم ... إلخ.
وهو حديث متفق على صحته، أخرجه البخاري في الأحكام 13/ 100،
ومسلم في الإمارة برقم (1829) ، وانظر شرح السنة 10/ 61.
(6) البيت:
ليس قطا مثل قطيّ ولا ال ... مرعيّ في الأقوام كالراعي
وهو لأبي قيس بن الأسلت الأنصاري، والبيت في المجمل 2/ 384،
واللسان (رعى) ، والمفضليات ص 285، وخاص الخاص ص 20.
(1/357)
سمعي: جعلته راعيا لكلامه، وقيل: أَرْعِنِي
سمعَك، ويقال: أَرْعِ على كذا، فيعدّى بعلى أي: أبق عليه،
وحقيقته: أَرْعِهِ مطّلعا عليه.
رعن
قال تعالى: لا تَقُولُوا راعِنا
[البقرة/ 104] ، وَراعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً
فِي الدِّينِ
[النساء/ 46] ، كان ذلك قولا يقولونه للنبي صلّى الله عليه
وسلم، على سبيل التّهكّم، يقصدون به رميه بِالرُّعُونَة «1» ،
ويوهمون أنهم يقولون راعنا، أي:
احفظنا، من قولهم: رَعُنَ الرّجل يَرْعُنُ رَعَناً، فهو رَعِنٌ
وأَرْعَنُ، وامرأة رَعْنَاءُ، وتسميته بذلك لميل فيه تشبيها
بالرّعن، أي: أنف الجبل لما فيه من الميل، قال الشاعر:
192-
لولا ابن عتبة عمرو والرّجاء له ... ما كانت البصرة
الرَّعْنَاءُ لي وطنا
«2» فوصفها بذلك، إمّا لما فيها من الخفض بالإضافة إلى البدو
تشبيها بالمرأة الرّعناء، وإمّا لما فيها من تكسّر، وتغيّر في
هوائها.
رغب
أصل الرَّغْبَةِ: السّعة في الشيء، يقال: رَغُبَ الشيء: اتّسع
«3» ، وحوض رَغِيبٌ، وفلان رَغِيبُ الجوف، وفرس رَغِيبُ العدو.
والرَّغْبَةُ والرَّغَبُ والرَّغْبَى: السّعة في الإرادة قال
تعالى:
وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً
[الأنبياء/ 90] ، فإذا قيل: رَغِبَ فيه وإليه يقتضي الحرص
عليه، قال تعالى: إِنَّا إِلَى اللَّهِ راغِبُونَ
[التوبة/ 59] ، وإذا قيل: رَغِبَ عنه اقتضى صرف الرّغبة عنه
والزّهد فيه، نحو قوله تعالى: وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ
إِبْراهِيمَ
[البقرة/ 130] ، أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي
[مريم/ 46] ، والرَّغِيبَةُ: العطاء الكثير، إمّا لكونه
مَرْغُوباً فيه، فتكون مشتقّة من الرّغبة، وإمّا لسعته، فتكون
مشتقّة من الرّغبة بالأصل، قال الشاعر:
193-
يعطي الرَّغَائِبَ من يشاء ويمنع
«4»
رغد
عيش رَغَدٌ ورَغِيدٌ: طيّب واسع، قال تعالى:
وَكُلا مِنْها رَغَداً
[البقرة/ 35] ، يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ
[النحل/ 112] ، وأَرْغَدَ القوم: حصلوا في رغد من العيش،
وأَرْغَدَ ماشيتَهُ. فالأوّل من باب جدب
__________
(1) انظر: الدر المنثور 1/ 252- 253.
(2) البيت ينسب للفرزدق، ولم أجده في ديوانه.
وهو في المجمل 2/ 383، والجمهرة 2/ 388، ومعجم البلدان 2/ 792،
والبصائر 3/ 88.
(3) قال في الأفعال: ورغب، اتّسع رأيه وخلقه. الأفعال 3/ 41.
(4) عجز بيت لعبدة بن الطبيب، وصدره: [أوصيكم بتقى الاله
فإنّه] وهو في المفضليات ص 146، والحماسة البصرية 1/ 283.
(1/358)
وأجدب «1» ، والثّاني من باب دخل وأدخل
غيره «2» ، والمِرْغَادُ من اللّبن: المختلط الدّالّ بكثرته
على رغد العيش.
رغم
الرَّغَامُ: التّراب الدّقيق، ورَغِمَ أنفُ فلانٍ رَغْماً: وقع
في الرّغام، وأَرْغَمَهُ غيره، ويعبّر بذلك عن السّخط، كقول
الشاعر:
194-
إذا رَغِمَتْ تلك الأنوف لم أرضها ... ولم أطلب العتبى ولكن
أزيدها
«3» فمقابلته بالإرضاء ممّا ينبّه دلالته على الإسخاط. وعلى
هذا قيل: أَرْغَمَ الله أنفه، وأَرْغَمَهُ: أسخطه، ورَاغَمَهُ:
ساخطه، وتجاهدا على أن يُرْغِمَ أحدهما الآخر، ثمّ تستعار
الْمُرَاغَمَةُ للمنازعة. قال الله تعالى: يَجِدْ فِي
الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً
[النساء/ 100] ، أي:
مذهبا يذهب إليه إذا رأى منكرا يلزمه أن يغضب منه، كقولك: غضبت
إلى فلان من كذا، ورَغَمْتُ إليه.
رف
رَفِيفُ الشّجر: انتشار أغصانه، ورَفَّ الطّير: نشر جناحيه،
يقال: رَفَّ الطّائرُ يَرُفُّ، ورَفَّ فرخَهُ يَرُفُّهُ: إذا
نشر جناحيه متفقّدا له. واستعير الرَّفُّ للمتفقّد، فقيل: (ما
لفلان حَافٌّ ولا رَافٌّ) «4» أي: من يحفّه أو يرفّه، وقيل:
(من حفّنا أو رفّنا فليقتصد) «5» .
والرَّفْرَفُ: المنتشر من الأوراق، وقوله تعالى:
عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ
[الرحمن/ 76] ، فضرب من الثّياب مشبّه بالرّياض، وقيل:
الرَّفْرَفُ:
طرف الفسطاط، والخباء الواقع على الأرض دون الأطناب والأوتاد،
وذكر عن الحسن «6» أنها المخادّ.
رفت
رَفَتُّ الشيء أَرْفُتُهُ رَفْتاً: فَتَّتُّهُ، والرُّفَاتُ
والْفُتَاتُ: ما تكسّر وتفرّق من التّبن ونحوه، قال تعالى:
وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً
[الإسراء/ 49] ، واستعير الرُّفَاتُ للحبل المنقطع قطعة قطعة.
رفث
الرَّفَثُ: كلام متضمّن لما يستقبح ذكره من ذكر الجماع،
ودواعيه، وجعل كناية عن الجماع
__________
(1) أي: فعل وأفعل بمعنى واحد. [.....]
(2) أي: من باب دخل اللازم، وأدخل المتعدي.
(3) البيت تقدّم في مادة (أنف) .
(4) الحافّ: الذي يضمّه، والرافّ: الذي يطعمه. انظر: المجمل 2/
368.
(5) هذا مثل تقدّم في مادة (حفّ) ، وهو في أمثال أبي عبيد ص
45.
(6) أخرج ابن أبي شيبة وغيره عن الحسن في قوله تعالى: عَلى
رَفْرَفٍ خُضْرٍ قال: البسط. وأخرج ابن المنذر عن عاصم الجحدري
مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ قال: وسائد. انظر: الدر المنثور 7/
723.
(1/359)
في قوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ
الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ
[البقرة/ 187] ، تنبيها على جواز دعائهنّ إلى ذلك، ومكالمتهنّ
فيه، وعدّي بإلى لتضمّنه معنى الإفضاء، وقوله: فَلا رَفَثَ
وَلا فُسُوقَ
[البقرة/ 197] ، يحتمل أن يكون نهيا عن تعاطي الجماع، وأن يكون
نهيا عن الحديث في ذلك، إذ هو من دواعيه، والأوّل أصحّ لما روي
عن ابن عباس رضي الله عنه أنه أنشد في الطّواف:
195-
فهنّ يمشين بنا هميسا ... إن تصدق الطّير ننك لميسا
«1» يقال: رَفَثَ وأَرْفَثَ، فَرَفَثَ: فَعَلَ، وأَرْفَثَ:
صار ذا رَفَثٍ، وهما كالمتلازمين، ولهذا يستعمل أحدهما موضع
الآخر.
رفد
الرِّفْدُ: المعونة والعطيّة، والرَّفْدُ مصدر، والْمِرْفَدُ:
ما يجعل فيه الرِّفْدُ من الطعام، ولهذا فسّر بالقدح، وقد
رَفَدْتُهُ: أنلته بالرّفد، قال تعالى: بِئْسَ الرِّفْدُ
الْمَرْفُودُ
[هود/ 99] ، وأَرْفَدْتُهُ: جعلت له رِفْداً يتناوله شيئا
فشيئا، فَرَفَدَهُ وأَرْفَدَهُ نحو: سقاه وأسقاه، ورُفِدَ فلان
فهو مُرْفَدٌ، استعير لمن أعطي الرّئاسة، والرَّفُودُ: الناقة
التي تملأ المرفد لبنا من كثرة لبنها، فهي فَعول في معنى فاعل.
وقيل: الْمَرَافِيدُ من النّوق والشاء:
ما لا ينقطع لبنه صيفا وشتاء، وقول الشاعر:
196-
فأطعمت العراق ورَافِدَيْهِ ... فزاريّا أحذّ يد القميص
«2» أي: دجلة والفرات، وتَرَافَدُوا: تعاونوا، ومنه:
الرِّفَادَةُ، وهي: معاونة للحاجّ كانت من قريش بشيء كانوا
يخرجونه لفقراء الحاجّ.
رفع
الرَّفْعُ يقال تارة في الأجسام الموضوعة إذا أعليتها عن
مقرّها، نحو: وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ
[البقرة/ 93] ، قال تعالى: اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ
بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها
[الرعد/ 2] ، وتارة في البناء إذا طوّلته، نحو قوله: وَإِذْ
يَرْفَعُ
__________
(1) أخرج الحاكم وصححه وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة عن أبي
العالية قال: كنت أمشي مع ابن عباس وهو محرم، وهو يرتجز بالإبل
ويقول:
وهنّ يمشين بنا هميسا ... إن يصدق الطير ننك لميسا
فقلت: أترفث وأنت محرم؟ قال: إنما الرّفث ما روجع به النساء.
انظر: الدر المنثور 1/ 528، والمستدرك 2/ 476.
(2) البيت للفرزدق يهجو عمر بن هبيرة، يقول:
أمير المؤمنين وأنت وال ... شفيق لست بالوالي الحريص
أأطعمت العراق ورافديه ... فزاريّا أحذّ يد القميص
وهو في ديوانه ص 338، والمجمل 2/ 390.
الأحذّ: المقطوع اليد، أراد أنه قصير اليدين عن طلب المعالي.
(1/360)
إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ
[البقرة/ 127] ، وتارة في الذّكر إذا نوّهته نحو قوله:
وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ
[الشرح/ 4] ، وتارة في المنزلة إذا شرّفتها، نحو قوله:
وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ
[الزخرف/ 32] ، نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ
[يوسف/ 76] ، رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ
[غافر/ 15] ، وقوله تعالى: بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ
[النساء/ 158] ، يحتمل رفعه إلى السماء، ورفعه من حيث
التّشريف. وقال تعالى: خافِضَةٌ رافِعَةٌ
[الواقعة/ 3] ، وقوله: وَإِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ
[الغاشية/ 18] ، فإشارة إلى المعنيين: إلى إعلاء مكانه، وإلى
ما خصّ به من الفضيلة وشرف المنزلة.
وقوله عز وجل: وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ
[الواقعة/ 34] ، أي: شريفة، وكذا قوله: فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ
مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ [عبس/ 13- 14] ، وقوله: فِي بُيُوتٍ
أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ
[النور/ 36] ، أي: تشرّف، وذلك نحو قوله: إِنَّما يُرِيدُ
اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ
[الأحزاب/ 33] ، ويقال: رَفَعَ البعيرُ في سيره، ورَفَعْتُهُ
أنا، ومَرْفُوعُ السّير: شديدة، ورَفَعَ فلان على فلان كذا:
أذاع خبر ما احتجبه، والرِّفَاعَةُ:
ما ترفع به المرأة عجيزتها، نحو: المرفد.
رق
الرِّقَّةُ: كالدّقّة، لكن الدقّة تقال اعتبارا بمراعاة
جوانبه، والرِّقَّةُ اعتبارا بعمقه. فمتى كانت الرّقّة في جسم
تضادّها الصّفاقة، نحو: ثوب رَقِيقٍ وصفيق، ومتى كانت في نفس
تضادّها الجفوة والقسوة، يقال: فلان رَقِيقُ القلب، وقاسي
القلب. والرَّقُّ: ما يكتب فيه، شبه الكاغد، قال تعالى: فِي
رَقٍّ مَنْشُورٍ
[الطور/ 3] ، وقيل لذكر السّلاحف: رِقٌّ «1» ، والرِّقُّ: ملك
العبيد.
والرَّقِيقُ: المملوك منهم، وجمعه أَرِقَّاءُ، واسْتَرَقَّ
فلان فلانا: جعله رقيقا. والرَّقْرَاقُ: تَرَقْرُقُ الشّراب،
والرَّقْرَاقَةُ: الصافية اللون. والرَّقَّةُ: كلّ أرض إلى
جانبها ماء، لما فيها من الرّقّة بالرّطوبة الواصلة إليها.
وقولهم: أعن صبوح تُرَقِّقُ «2» ؟
أي: تلين القول.
رقب
الرَّقَبَةُ: اسم للعضو المعروف، ثمّ يعبّر بها عن الجملة،
وجعل في التّعارف اسما للمماليك، كما عبّر بالرّأس وبالظّهر عن
__________
(1) انظر: المجمل 2/ 368، وحياة الحيوان 1/ 527.
رواه الجوهري بفتح الراء، والأكثرون بكسرها.
(2) هذا مثل يضرب لمن كنّى عن شيء وهو يريد غيره.
انظر: مجمع الأمثال 2/ 21، وأساس البلاغة ص 174، والأمثال ص
65.
(1/361)
المركوب «1» ، فقيل: فلان يربط كذا رأسا،
وكذا ظهرا، قال تعالى: وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً
فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ
[النساء/ 92] ، وقال: وَفِي الرِّقابِ
[البقرة/ 177] ، أي: المكاتبين منهم، فهم الذين تصرف إليهم
الزكاة. ورَقَبْتُهُ:
أصبت رقبته، ورَقَبْتُهُ: حفظته. والرَّقِيبُ:
الحافظ، وذلك إمّا لمراعاته رقبة المحفوظ، وإما لرفعه رقبته،
قال تعالى: وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ
[هود/ 93] ، وقال تعالى: إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق/
18] ، وقال: لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً
[التوبة/ 10] ، والْمَرْقَبُ:
المكان العالي الذي يشرف عليه الرقيب، وقيل لحافظ أصحاب الميسر
الذين يشربون بالقداح رَقِيبٌ، وللقدح الثالث رَقِيبٌ،
وتَرَقَّبَ: احترز راقبا، نحو قوله: فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً
يَتَرَقَّبُ
[القصص/ 21] ، والرَّقُوبُ: المرأة التي تَرْقُبُ موت ولدها،
لكثرة من مات لها من الأولاد، والناقة التي ترقب أن يشرب
صواحبها، ثمّ تشرب، وأَرْقَبْتُ فلانا هذه الدار هو: أن تعطيه
إيّاها لينتفع بها مدّة حياته، فكأنه يرقب موته، وقيل لتلك
الهبة: الرُّقْبَى والعمرى.
رقد
الرُّقَادُ: المستطاب من النّوم القليل. يقال: رَقَدَ
رُقُوداً، فهو رَاقِدٌ، والجمع الرُّقُودُ، قال تعالى:
وَهُمْ رُقُودٌ
[الكهف/ 18] ، وإنما وصفهم بالرّقود- مع كثرة منامهم- اعتبارا
بحال الموت، وذاك أنه اعتقد فيهم أنهم أموات، فكان ذلك النوم
قليلا في جنب الموت. وقال تعالى: يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا
مِنْ مَرْقَدِنا
[يس/ 52] ، وأَرْقَدَ الظّليم: أسرع، كأنّه رفض رُقَاده.
رقم
الرَّقْمُ: الخطّ الغليظ، وقيل: هو تعجيم الكتاب. وقوله تعالى:
كِتابٌ مَرْقُومٌ
[المطففين/ 9] ، حمل على الوجهين، وفلان يَرْقُمُ في الماء «2»
، يضرب مثلا للحذق في الأمور، وأصحاب الرَّقِيمِ «3» ، قيل:
اسم مكان، وقيل: نسبوا إلى حجر رُقِمَ فيه أسماؤهم، ورَقْمَتَا
الحمار: للأثر الذي على عضديه، وأرض مَرْقُومَةٌ: بها أثر
نبات، تشبيها بما عليه أثر الكتاب، والرُّقْمِيَّاتُ: سهام
منسوبة إلى موضع بالمدينة.
__________
(1) قال ابن منظور: والظّهر: الرّكاب التي تحمل الأثقال في
السفر، لحملها إياها على ظهورها. انظر: اللسان (ظهر) .
(2) قال الزمخشري: ومن المجاز: هو يرقم في الماء، ويرقم حيث لا
يثبت الرقم، مثل في الذي يعمل ما لا يعمله أحد لحذقه ورفقه.
انظر: أساس البلاغة ص 174، والمجمل 2/ 393.
(3) هم الذين قال الله فيهم: أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ
الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً الكهف: 9.
وانظر أخبارهم في الدر المنثور 5/ 368- 370.
(1/362)
رقى
رَقِيتُ في الدّرج والسّلم أَرْقَى رُقِيّاً، ارْتَقَيْتُ
أيضا. قال تعالى: فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ
[ص/ 10] ، وقيل: ارْقَ على ظلعك «1» ، أي:
اصعد وإن كنت ظالعا. ورَقَيْتُ من الرُّقْيَةِ.
وقيل: كيف رَقْيُكَ ورُقْيَتُكَ، فالأوّل المصدر، والثاني
الاسم. قال تعالى: لَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ
[الإسراء/ 93] ، أي: لرقيتك، وقوله تعالى:
وَقِيلَ مَنْ راقٍ
[القيامة/ 27] ، أي: من يَرْقِيهِ تنبيها أنه لا رَاقِي
يَرْقِيهِ فيحميه، وذلك إشارة إلى نحو ما قال الشاعر:
197-
وإذا المنيّة أنشبت أظفارها ... ألفيت كلّ تميمة لا تنفع
«2» وقال ابن عباس: معناه من يَرْقَى بروحه، أملائكة الرّحمة
أم ملائكة العذاب «3» ؟ والتَّرْقُوَةُ:
مقدّم الحلق في أعلى الصّدر حيث ما يَتَرَقَّى فيه النّفس
كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ
[القيامة/ 26] .
ركب
الرُّكُوبُ في الأصل: كون الإنسان على ظهر حيوان، وقد يستعمل
في السّفينة، والرَّاكِبُ اختصّ في التّعارف بممتطي البعير،
وجمعه رَكْبٌ، ورُكْبَانٌ، ورُكُوبٌ، واختصّ الرِّكَابُ
بالمركوب، قال تعالى: وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ
لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً
[النحل/ 8] ، فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ
[العنكبوت/ 65] ، وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ
[الأنفال/ 42] ، فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً
[البقرة/ 239] ، وأَرْكَبَ المُهْرُ: حان أن يركب،
والْمُرَكَّبُ «4» اختصّ بمن يركب فرس غيره، وبمن يضعف عن
الرُّكُوبِ، أو لا يحسن أن يركب، والمُتَرَاكِبُ: ما ركب بعضه
بعضا. قال تعالى: فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ
حَبًّا مُتَراكِباً
[الأنعام/ 99] . والرُّكْبَةُ معروفة، ورَكِبْتُهُ: أصبت
رُكْبَتَهُ، نحو: فأدته ورأسته «5» ، ورَكِبْتُهُ أيضا أصبته
بِرُكْبَتِي، نحو:
يديته وعنته، أي: أصبته بيدي وعيني، والرَّكْبُ
__________
(1) هذا مثل، وقد تقدّم.
(2) البيت لأبي ذؤيب الهذلي، من مفضليته التي مطلعها:
أمن المنون وريبها تتوجع ... والدّهر ليس بمعتب من يجزع
وهي من غرر القصائد.
والبيت في المفضليات ص 422، وسمط اللآلئ 2/ 888. [.....]
(3) أخرجه ابن أبي الدنيا في ذكر الموت، وابن جرير، وابن
المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس. انظر: الدر المنثور 8/
361، وتفسير الطبري 29/ 195.
(4) في اللسان: والمركّب: الذي يستعير فرسا يغزو عليه، فيكون
نصف الغنيمة له، ونصفها للمغير.
(5) راجع: مادة (بطن) .
(1/363)
كناية عن فرج المرأة، كما يكنّى عنها
بالمطيّة، والقعيدة لكونها مقتعدة.
ركد
رَكَدَ الماء والرّيح، أي: سكن، وكذلك السّفينة، قال تعالى:
وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ
[الشورى/ 32] ، إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ
رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ
[الشورى/ 33] ، وجفنة رَكُودٌ: عبارة عن الامتلاء.
ركز
الرِّكْزُ: الصّوت الخفيّ، قال تعالى: هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ
مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً
[مريم/ 98] ، ورَكَزْتُ كذا، أي: دفنته دفنا خفيّا، ومنه:
الرِّكَازُ للمال المدفون، إمّا بفعل آدميّ كالكنز، وإمّا بفعل
إلهيّ كالمعدن، ويتناول الرِّكَازُ الأمرين، وفسّر قوله صلّى
الله عليه وسلم: «وفي الرِّكَازِ الخمس» «1» ، بالأمرين جميعا،
ويقال رَكَزَ رمحه، ومَرْكَزُ الجند: محطّهم الذي فيه رَكَزُوا
الرّماح.
ركس
الرَّكْسُ: قَلْبُ الشيء على رأسه، وردّ أوّله إلى آخره. يقال:
أَرْكَسْتُهُ فَرُكِسَ وارْتَكَسَ في أمره، قال تعالى:
وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا
[النساء/ 88] ، أي: ردّهم إلى كفرهم.
ركض
الرَّكْضُ: الضّرب بالرِّجْل، فمتى نسب إلى الرّاكب فهو إعداء
مركوب، نحو: رَكَضْتُ الفرسَ، ومتى نسب إلى الماشي فوطء الأرض،
نحو قوله تعالى: ارْكُضْ بِرِجْلِكَ
[ص/ 42] ، وقوله: لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما
أُتْرِفْتُمْ فِيهِ
[الأنبياء/ 13] ، فنهوا عن الانهزام.
ركع
الرُّكُوعُ: الانحناء، فتارة يستعمل في الهيئة المخصوصة في
الصلاة كما هي، وتارة في التّواضع والتّذلّل، إمّا في العبادة،
وإمّا في غيرها نحو: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا
وَاسْجُدُوا
[الحج/ 77] ، وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ
[البقرة/ 43] ، وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ
[البقرة/ 125] ، الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ
[التوبة/ 112] ، قال الشاعر:
198-
أخبّر أخبار القرون الّتي مضت ... أدبّ كأنّي كلّما قمت راكع
«2»
__________
(1) الحديث عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم
قال: «جرح العجماء جبار، والبئر جبار، والمعدن جبار، وفي
الركاز الخمس» أخرجه مالك في الموطأ (شرح الزرقاني 2/ 101) ،
والبخاري في الزكاة باب الركاز 3/ 364، ومسلم في الحدود برقم
(1710) ، وانظر: شرح السنة 6/ 57.
(2) البيت للبيد من قصيدة له في رثاء أخيه أربد، ومطلعها:
بلينا وما تبلى النجوم الطوالع ... وتبقى الجبال بعدنا
والمصانع
وهو في ديوانه ص 89.
(1/364)
ركم
يقال: (سحاب مَرْكُومٌ) «1» أي: متراكم، والرُّكَامُ: ما يلقى
بعضه على بعض، قال تعالى:
ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً
[النور/ 43] ، والرُّكَامُ يوصف به الرّمل والجيش، ومُرْتَكَمُ
الطّريق:
جادّتُهُ التي فيها رُكْمَةٌ، أي: أثر مُتَرَاكِمٌ.
ركن
رُكْنُ الشيء: جانبه الذي يسكن إليه، ويستعار للقوّة، قال
تعالى: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ
شَدِيدٍ
[هود/ 80] ، ورَكنْتُ إلى فلان أَرْكَنُ بالفتح، والصحيح أن
يقال: رَكَنَ يَرْكُنُ، ورَكِنَ يَرْكَنُ «2» ، قال تعالى:
وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا
[هود/ 13] ، وناقة مُرَكَّنَةُ الضّرع: له أركان تعظّمه،
والْمِرْكَنُ: الإجّانة، وأَرْكَانُ العبادات: جوانبها التي
عليها مبناها «3» ، وبتركها بطلانها.
رم
الرَّمُّ: إصلاح الشيء البالي، والرِّمَّةُ: تختصّ بالعظم
البالي، قال تعالى: مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ
[يس/ 78] ، وقال: ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ
إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ
[الذاريات/ 42] ، والرُّمَّةُ تختصّ بالحبل البالي، والرِّمُّ:
الفُتات من الخشب والتّبن.
ورَمَّمْتُ المنزل: رعيت رَمَّهُ، كقولك: تفقّدت، وقولهم:
ادفعه إليه بِرُمَّتِهِ «4» معروف، والْإِرْمَامُ:
السّكوت، وأَرَمَّتْ عظامه: إذا سحقت حتى إذا نفخ فيها لم يسمع
لها دويّ، وتَرَمْرَمَ القوم: إذا حرّكوا أفواههم بالكلام ولم
يصرّحوا، والرُّمَّانُ:
فُعْلانُ، وهو معروف.
رمح
قال تعالى: تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ
[المائدة/ 94] ، وقد رَمَحَهُ أصابه به، ورَمَحَتْهُ الدّابة
تشبيها بذلك، والسّماك الرَّامِحُ «5» ، سمّي به لتصوّر كوكب
يقدمه بصورة رُمْحٍ له. وقيل:
أخذت الإبل رِمَاحَهَا: إذا امتنعت عن نحرها بحسنها، وأخذت
البهمى رُمْحَهَا: إذا امتنعت
__________
(1) الآية 44 من سورة الطور، وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ
السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ.
(2) قال السرقسطي: ركن إلى الدنيا، وإلى الشيء، وركن ركونا:
مال.
والمضارع فيهما يركن على الشذوذ لركن، كأبى يأبى، وعلى القياس
ل: ركن. وذكر صاحب العين في لغة سفلى مضر: ركن يركن، بفتح
الكاف في الماضي، وضمّه في المضارع. انظر: الأفعال 3/ 89.
(3) قال الناظم:
الرّكن ما في ذات شيء ولجا ... والشرط عن ماهية قد خرجا
(4) أي: كلّه، وأصله أنّ رجلا باع بعيرا بحبل في عنقه، فقيل
له: ادفعه إليه برمّته. انظر: مجمل اللغة 2/ 369.
(5) قال ابن منظور: والسّماك الرامح: السّماكين، وهو معروف من
الكواكب، قدّام الفكّة، ليس من منازل القمر، سمّي بذلك لأنّ
قدّامه كوكبا كأنّ له رمح، وقيل للآخر: الأعزل، لأنه لا كوكب
أمامه. انظر: اللسان (رمح) .
(1/365)
بشوكها عن راعيها.
رمد
يقال: رَمَادٌ ورِمْدِدٌ «1» ، وأَرْمَدُ وأَرْمِدَاءُ، قال
تعالى: كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ [إبراهيم/ 18] ،
ورَمِدَتِ النارُ: صارت رَمَاداً، وعبّر بِالرَّمَدِ عن الهلاك
كما عبّر عنه بالهمود، ورَمِدَ الماء:
صار كأنّه فيه رماد لأُجُونِهِ «2» ، والْأَرْمَدُ ما كان على
لون الرّماد. وقيل للبعوض: رُمْدٌ، والرَّمَادَةُ: سَنَةُ
المَحْلِ.
رمز
الرَّمْزُ: إشارة بالشّفة، والصّوت الخفيّ، والغمز بالحاجب،
وعبّر عن كلّ كلام كإشارة بالرّمز، كما عبّر عن الشّكاية
بالغمز «3» ، قال تعالى: قالَ: آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ
النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً
[آل عمران/ 41] ، وما ارْمَازَّ، أي: لم يتكلّم رمزا، وكتيبة
رَمَّازَةٌ: لا يسمع منها إلّا رَمْزٌ من كثرتها.
رمض
شَهْرُ رَمَضانَ
[البقرة/ 185] ، هو من الرَّمْضِ، أي: شدّة وقع الشمس، يقال:
أَرْمَضَتْهُ فَرَمِضَ، أي: أحرقته الرَّمْضَاءُ، وهي شدّة حرّ
الشمس، وأرض رَمِضَةٌ، ورَمِضَتِ الغنم: رعت في الرّمضاء فقرحت
أكبادها، وفلان يَتَرَمَّضُ الظّباء، أي: يتبعها في الرّمضاء.
رمى
الرَّمْيُ يقال في الأعيان كالسّهم والحجر، نحو: وَما رَمَيْتَ
إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى
[الأنفال/ 17] ، ويقال في المقال، كناية عن الشّتم كالقذف،
نحو: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ
[النور/ 6] ، يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ
[النور/ 4] ، وأَرْمَى فلان على مائة، استعارة للزّيادة، وخرج
يَتَرَمَّى: إذا رمى في الغرض.
رهب
الرَّهْبَةُ والرُّهْبُ: مخافة مع تحرّز واضطراب، قال:
لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً
[الحشر/ 13] ، وقال: جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ
[القصص/ 32] ، وقرئ: مِنَ الرَّهْبِ
«4» ، أي:
الفزع. قال مقاتل: خرجت ألتمس تفسير الرّهب، فلقيت أعرابيّة
وأنا آكل، فقالت: يا عبد الله، تصدّق عليّ، فملأت كفّي لأدفع
إليها، فقالت: هاهنا في رَهْبِي «5» ، أي: كمّي. والأوّل
__________
(1) الرّمدد: أرقّ ما يكون من الرماد.
(2) الآجن: الماء المتغير الطعم واللون.
(3) في اللسان: والشّكاة توضع موضع العيب والذم. اللسان (شكا)
.
(4) وهي قراءة ابن عامر وأبي بكر وحمزة والكسائي وخلف. وقرأ
حفص الرَّهْبِ بسكون الهاء، والباقون:
الرَّهْبِ انظر: الإتحاف 342. [.....]
(5) انظر تفسير القرطبي 13/ 284، وعدّ هذا التفسير الكرماني من
العجائب. غرائب التفسير 2/ 868.
(1/366)
أصحّ. قال تعالى: وَيَدْعُونَنا رَغَباً
وَرَهَباً
[الأنبياء/ 90] ، وقال: تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ
[الأنفال/ 60] ، وقوله: وَاسْتَرْهَبُوهُمْ
[الأعراف/ 116] ، أي: حملوهم على أن يَرْهَبُوا، وَإِيَّايَ
فَارْهَبُونِ
[البقرة/ 40] ، أي: فخافون، والتَّرَهُّبُ: التّعبّد، وهو
استعمال الرّهبة، والرَّهْبَانِيّةُ: غلوّ في تحمّل التّعبّد،
من فرط الرّهبة. قال: وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها
[الحديد/ 27] ، والرُّهْبَانُ يكون واحدا، وجمعا، فمن جعله
واحدا جمعه على رَهَابِينَ، ورَهَابِنَةٌ بالجمع أليق.
والْإِرْهَابُ: فزع الإبل، وإنما هو من: أَرْهَبْتُ. ومنه:
الرَّهْبُ «1» من الإبل، وقالت العرب: رَهَبُوتٌ خير من رحموت
«2» .
رهط
الرَّهْطُ: العصابة دون العشرة، وقيل: يقال إلى الأربعين، قال:
تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ
[النمل/ 48] ، وقال: وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ [هود/ 91]
، يا قَوْمِ أَرَهْطِي [هود/ 92] . والرُّهَطَاءُ «3» : جُحْرٌ
من جحر اليربوع، ويقال لها رُهَطَةٌ، وقول الشاعر:
199-
أجعلك رهطا على حيّض
«4» فقد قيل: أديم تلبسه الحيّض من النساء، وقيل: الرَّهْطُ:
خرقة تحشو بها الحائض متاعها عند الحيض، ويقال: هو أذلّ من
الرّهط.
رهق
رَهِقَهُ الأمر: غشيه بقهر، يقال: رَهِقْتُهُ وأَرْهَقْتُهُ،
نحو ردفته وأردفته، وبعثته وابتعثته قال: وَتَرْهَقُهُمْ
ذِلَّةٌ
[يونس/ 27] ، وقال:
سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً
[المدثر/ 17] ، ومنه:
أَرْهَقْتُ الصّلاة: إذا أخّرتها حتّى غشي وقت الأخرى.
رهن
الرَّهْنُ: ما يوضع وثيقة للدّين، والرِّهَانُ مثله، لكن يختصّ
بما يوضع في الخطار «5» ، وأصلهما مصدر، يقال: رَهَنْتُ
الرَّهْنَ ورَاهَنْتُهُ رِهَاناً، فهو
__________
(1) الرّهب: الناقة المهزولة.
(2) قال الفارابي: رهبوت خير من رحموت، يقول: لأن ترهب خير من
أن ترحم. ديوان الأدب 2/ 79، والأمثال ص 309.
(3) يقال: الرّهطة، والرّهطاء، والرّاهطاء.
(4) البيت:
متى ما أشاء غير زهو الملو ... ك أجعلك رهطا على حيّض
وهو لأبي المثلّم الهذلي، في شرح ديوان الهذليين 1/ 306،
واللسان (زها) ، والمجمل 2/ 402.
(5) في اللسان: الخطر: الرهن بعينه. والخطر: السّبق الذي
يترامى عليه في التّراهن، وأخطر المال: جعله خطرا بين
المتراهنين.
(1/367)
رَهِينٌ ومَرْهُونٌ. ويقال في جمع
الرَّهْنِ: رِهَانٌ ورُهُنٌ ورُهُونٌ، وقرئ: فَرُهُنٌ مقبوضة
«1» وفَرِهانٌ
«2» ، وقيل في قوله: كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ
[المدثر/ 38] ، إنه فعيل بمعنى فاعل، أي: ثابتة مقيمة. وقيل:
بمعنى مفعول، أي:
كلّ نفس مقامة في جزاء ما قدّم من عمله. ولمّا كان الرّهن
يتصوّر منه حبسه استعير ذلك للمحتبس أيّ شيء كان، قال: بِما
كَسَبَتْ رَهِينَةٌ [المدثر/ 38] ، ورَهَنْتُ فلانا، ورَهَنْتُ
عنده، وارْتَهَنْتُ: أخذت الرّهن، وأَرْهَنْتُ في السِّلْعة،
قيل: غاليت بها، وحقيقة ذلك: أن يدفع سلعة تقدمة في ثمنه،
فتجعلها رهينة لإتمام ثمنها.
رهو
وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً
[الدخان/ 24] ، أي:
ساكنا، وقيل: سعة من الطّريق، وهو الصحيح، ومنه: الرَّهَاءُ
للمفازة المستوية، ويقال لكلّ جوبة «3» مستوية يجتمع فيها
الماء رهو، ومنه قيل: «لا شفعة في رَهْوٍ» «4» ، ونظر أعرابيّ
إلى بعير فالج فقال: رَهْوٌ بين سنامين «5» .
ريب
يقال رَابَنِي كذا، وأَرَابَنِي، فَالرَّيْبُ: أن تتوهّم
بالشيء أمرا مّا، فينكشف عمّا تتوهّمه، قال الله تعالى: يا
أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ
[الحج/ 5] ، وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى
عَبْدِنا [البقرة/ 23] ، تنبيها أن لا ريب فيه، وقوله: رَيْبَ
الْمَنُونِ
[الطور/ 30] ، سمّاه ريبا لا أنه مشكّك في كونه، بل من حيث
تشكّك في وقت حصوله، فالإنسان أبدا في ريب المنون من جهة وقته،
لا من جهة كونه، وعلى هذا قال الشاعر:
200-
النّاس قد علموا أن لا بقاء لهم ... لو أنّهم عملوا مقدار ما
علموا
«6» ومثله:
201-
أمن المنون وريبها تتوجّع؟
«7» وقال تعالى: لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ
[هود/ 110] ، مُعْتَدٍ مُرِيبٍ [ق/ 25] ، والارْتِيابُ يجري
مجرى الْإِرَابَةِ، قال: أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ
[النور/ 50] ، وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ
__________
(1) سورة البقرة: آية 283، وبها قرأ ابن كثير وأبو عمرو.
(2) وهي قراءة الباقين.
(3) الجوبة: الحفرة.
(4) الحديث: «لا شفعة في فناء ولا منقبة، ولا طريق ولا ركح ولا
رهو» . انظر: النهاية 2/ 285، وغريب الحديث 3/ 121.
(5) انظر عمدة الحفاظ: رهو.
(6) البيت في البصائر 3/ 114 دون نسبة، وهو لديك الجن في
محاضرات الأدباء 4/ 491، وعمدة الحفاظ: ريب.
(7) شطر بيت، وعجزه:
والدّهر ليس بمعتب من يجزع
وهو مطلع قصيدة أبي ذؤيب الهذلي العينية. وهو في المفضليات ص
421، والأغاني 6/ 58.
(1/368)
[الحديد/ 14] ، ونفى من المؤمنين
الِارْتِيَابَ فقال: وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ
[المدثر/ 31] ، وقال: ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا
[الحجرات/ 15] ، وقيل: «دع ما يُرِيبُكَ إلى ما لا يُرِيبُكَ»
«1» ورَيْبُ الدّهر صروفه، وإنما قيل رَيْبٌ لما يتوهّم فيه من
المكر، والرِّيبَةُ اسم من الرّيب قال: بَنَوْا رِيبَةً فِي
قُلُوبِهِمْ
[التوبة/ 110] ، أي: تدلّ على دغل وقلّة يقين.
روح
الرَّوْحُ والرُّوحُ في الأصل واحد، وجعل الرّوح اسما للنّفس،
قال الشاعر في صفة النار:
202-
فقلت له ارفعها إليك وأحيها ... بروحك واجعلها لها قيتة قدرا
«2» وذلك لكون النّفس بعض الرّوح كتسمية النوع باسم الجنس، نحو
تسمية الإنسان بالحيوان، وجعل اسما للجزء الذي به تحصل الحياة
والتّحرّك، واستجلاب المنافع واستدفاع المضارّ، وهو المذكور في
قوله: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ
أَمْرِ رَبِّي
[الإسراء/ 85] ، وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي [الحجر/ 29] ،
وإضافته إلى نفسه إضافة ملك، وتخصيصه بالإضافة تشريفا له
وتعظيما، كقوله:
وَطَهِّرْ بَيْتِيَ [الحج/ 26] ، ويا عِبادِيَ
[الزمر/ 53] ، وسمّي أشراف الملائكة أَرْوَاحاً، نحو: يَوْمَ
يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا
[النبأ/ 38] ، تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ [المعارج/ 4]
، نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ
[الشعراء/ 193] ، سمّي به جبريل، وسمّاه بِرُوحِ القدس في
قوله: قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ [النحل/ 102] ،
وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ [البقرة/ 253] ، وسمّي عيسى
عليه السلام رُوحاً في قوله: وَرُوحٌ مِنْهُ
[النساء/ 171] ، وذلك لما كان له من إحياء الأموات، وسمّي
القرآن رُوحاً في قوله: وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً
مِنْ أَمْرِنا [الشورى/ 52] ، وذلك لكون القرآن سببا للحياة
الأخرويّة الموصوفة في قوله:
وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ [العنكبوت/
64] ، والرَّوْحُ التّنفّس، وقد أَرَاحَ الإنسان إذا تنفّس.
وقوله: فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ
[الواقعة/ 89] ، فالرَّيْحَانُ: ما له رائحة، وقيل: رزق، ثمّ
يقال
__________
(1) الحديث عن أبي الجوزاء قال: قلت للحسن بن عليّ: ما حفظت من
رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ قال: حفظت منه: «دع ما يريبك
إلى ما لا يريبك» . أخرجه الترمذي في صفة القيامة رقم (2520)
وقال: حسن صحيح، وأخرجه الحاكم 2/ 13 وصححه ووافقه الذهبي،
وابن حبان (512) وصححه، والنسائي 8/ 327، وانظر: شرح السنة 8/
17. [.....]
(2) البيت لذي الرّمة من قصيدة له مطلعها:
لقد جشأت نفسي عشية مشرف ... ويوم لوى حزوى فقلت لها صبرا
وتسمى هذه القصيدة أحجية العرب، والبيت في ديوانه ص 246،
والبصائر 3/ 103، واللسان (حيا) .
(1/369)
للحبّ المأكول رَيْحَانٌ في قوله:
وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ
[الرحمن/ 12] ، وقيل لأعرابيّ: إلى أين؟ فقال: أطلب من
رَيْحَانِ الله، أي: من رزقه، والأصل ما ذكرنا. وروي: «الولد
من رَيْحَانِ الله» «1» وذلك كنحو ما قال الشاعر:
203-
يا حبّذا ريح الولد ... ريح الخزامى في البلد
«2» أو لأنّ الولد من رزق الله تعالى. والرِّيحُ معروف، وهي
فيما قيل الهواء المتحرّك. وعامّة المواضع الّتي ذكر الله
تعالى فيها إرسال الرّيح بلفظ الواحد فعبارة عن العذاب، وكلّ
موضع ذكر فيه بلفظ الجمع فعبارة عن الرّحمة، فمن الرِّيحِ:
إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً
[القمر/ 19] ، فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً
[الأحزاب/ 9] ، مَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ
[آل عمران/ 117] ، اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ [إبراهيم/ 18] .
وقال في الجمع:
وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ
[الحجر/ 22] ، أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ
[الروم/ 46] ، يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً [الأعراف/ 57] .
وأمّا قوله:
يرسل الرّيح فتثير سحابا «3» فالأظهر فيه الرّحمة، وقرئ بلفظ
الجمع «4» ، وهو أصحّ.
وقد يستعار الرّيح للغلبة في قوله: وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ
[الأنفال/ 46] ، وقيل: أَرْوَحَ الماءُ:
تغيّرت ريحه، واختصّ ذلك بالنّتن. ورِيحَ الغديرُ يَرَاحُ:
أصابته الرِّيحُ، وأَرَاحُوا: دخلوا في الرَّوَاحِ، ودهن
مُرَوَّحٌ: مطيّب الرّيح. وروي:
«لم يَرَحْ رَائِحَةَ الجنّة» «5» أي: لم يجد ريحها،
والمَرْوَحَةُ: مهبّ الرّيح، والمِرْوَحَةُ: الآلة التي بها
تستجلب الرّيح، والرَّائِحَةُ: تَرَوُّحُ هواء.
ورَاحَ فلان إلى أهله إمّا أنه أتاهم في السّرعة كالرّيح، أو
أنّه استفاد برجوعه إليهم روحا من
__________
(1) الحديث عن عائشة قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:
«الولد من ريحان الجنّة» . أخرجه ابن عدي في الكامل في ضعفاء
الرجال 4/ 1467، وأخرجه الحكيم الترمذي من طريق آخر عن خولة
بنت حكيم، وانظر: الفتح الكبير 3/ 308.
(2) البيت لأعرابية ترقّص ولدها، وبعده:
أهكذا كلّ ولد ... أم لم تلد قبلي أحد
وهو في ربيع الأبرار 3/ 521، وشرح نهج البلاغة 3/ 22.
(3) سورة الروم: آية 48، وهذه قراءة ابن كثير وحمزة والكسائي
وخلف.
(4) وبها قرأ نافع وأبو جعفر المدنيان، وأبو عمرو البصري وابن
عامر الشامي وعاصم الكوفي، ويعقوب البصري.
راجع: الإتحاف 348.
(5) الحديث عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلّى الله عليه وسلم
قال: «من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنّة، وإنّ ريحها توجد من
مسيرة أربعين عاما» .
أخرجه البخاري في كتاب الجزية 6/ 269، وأحمد في المسند 5/ 36،
وأبو داود في الجهاد برقم (2760) ، وانظر: شرح السنة 10/ 152.
(1/370)
المسرّة. والرَّاحةُ من الرَّوْح، ويقال:
افعل ذلك في سراح ورَوَاحٍ، أي: سهولة. والمُرَاوَحَةُ في
العمل: أن يعمل هذا مرّة، وذلك مرّة، واستعير الرَّوَاحُ للوقت
الذي يراح الإنسان فيه من نصف النّهار، ومنه قيل: أَرَحْنَا
إبلَنا، وأَرَحْتُ إليه حقّه مستعار من: أرحت الإبل،
والْمُرَاحُ: حيث تُرَاحُ الإبل، وتَرَوَّحَ الشجر ورَاحَ
يَراحُ: تفطّر. وتصوّر من الرّوح السّعة، فقيل: قصعة
رَوْحَاءُ، وقوله:
لا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ
[يوسف/ 87] ، أي: من فرجه ورحمته، وذلك بعض الرّوح.
رود
الرَّوْدُ: التّردّد في طلب الشيء برفق، يقال:
رَادَ وارْتَادَ، ومنه: الرَّائِدُ، لطالب الكلإ، ورَادَ
الإبلُ في طلب الكلإ، وباعتبار الرّفق قيل: رَادَتِ الإبلُ في
مشيها تَرُودُ رَوَدَاناً، ومنه بني المرْوَدُ.
وأَرْوَدَ يُرْوِدُ: إذا رفق، ومنه بني رُوَيْدٌ، نحو:
رُوَيْدَكَ الشّعر يغبّ «1» . والْإِرَادَةُ منقولة من رَادَ
يَرُودُ: إذا سعى في طلب شيء، والْإِرَادَةُ في الأصل: قوّة
مركّبة من شهوة وحاجة وأمل، وجعل اسما لنزوع النّفس إلى الشيء
مع الحكم فيه بأنه ينبغي أن يفعل، أو لا يفعل، ثم يستعمل مرّة
في المبدإ، وهو: نزوع النّفس إلى الشيء، وتارة في المنتهى، وهو
الحكم فيه بأنه ينبغي أن يفعل أو لا يفعل، فإذا استعمل في الله
فإنه يراد به المنتهى دون المبدإ، فإنه يتعالى عن معنى
النّزوع، فمتى قيل: أَرَادَ الله كذا، فمعناه:
حكم فيه أنه كذا وليس بكذا، نحو: إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً
أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً
[الأحزاب/ 17] ، وقد تذكر الْإِرَادَةُ ويراد بها معنى الأمر،
كقولك: أُرِيدَ منك كذا، أي: آمرك بكذا، نحو:
يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ
الْعُسْرَ
[البقرة/ 185] ، وقد يذكر ويراد به القصد، نحو: لا يُرِيدُونَ
عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ
[القصص/ 83] ، أي: يقصدونه ويطلبونه.
والْإِرَادَةُ قد تكون بحسب القوّة التّسخيرية والحسّيّة، كما
تكون بحسب القوّة الاختياريّة.
ولذلك تستعمل في الجماد، وفي الحيوانات نحو: جِداراً يُرِيدُ
أَنْ يَنْقَضَّ [الكهف/ 77] ، ويقال: فرسي تريد التّبن.
والمُرَاوَدَةُ: أن تنازع غيرك في الإرادة، فتريد غير ما يريد،
أو ترود غير ما يرود، ورَاوَدْتُ فلانا عن كذا. قال:
هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي
[يوسف/ 26] ، وقال: تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ
[يوسف/ 30] ، أي: تصرفه عن رأيه، وعلى ذلك قوله: وَلَقَدْ
راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ
[يوسف/ 32] ، سَنُراوِدُ عَنْهُ أَباهُ
[يوسف/ 61] .
__________
(1) قال في اللسان: أغبّ: بات، ومنه قولهم: رويد الشّعر يغبّ،
معناه: دعه يمكث يوما أو يومين. انظر: اللسان (غبّ) ،
والأمثال: ص 217.
(1/371)
رأس
الرَّأْسُ معروف، وجمعه رُؤُوسٌ، قال:
وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً [مريم/ 4] ، وَلا تَحْلِقُوا
رُؤُسَكُمْ [البقرة/ 196] ، ويعبّر بِالرَّأْسِ عن الرَّئِيسِ،
والْأَرْأَسُ: العظيم الرّأس، وشاة رَأْسَاءُ: اسودّ رأسها.
ورِيَاسُ السّيف: مقبضه.
ريش
رِيشُ الطائر معروف، وقد يخصّ الجناح من بين سائره، ولكون
الرِّيشِ للطائر كالثياب للإنسان استعير للثياب. قال تعالى:
وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى
[الأعراف/ 26] ، وقيل: أعطاه إبلا بِرِيشِهَا، أي: ما عليها من
الثياب والآلات، ورِشْتُ السّهم أَرِيشُهُ رَيْشاً فهو
مَرِيشٌ: جعلت عليه الرّيش، واستعير لإصلاح الأمر، فقيل:
رِشْتُ فلانا فَارْتَاشَ، أي: حسن حاله، قال الشاعر:
204-
فَرِشْنِي بخير طالما قد بريتني ... فخير الموالي من يَرِيشُ
ولا يبري
«1» ورمح رَاشٌ: خوّار، تصوّر منه خور الرّيش.
روض
الرَّوْضُ: مستنقع الماء، والخضرة، قال:
فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ
[الروم/ 15] ، وباعتبار الماء قيل: أَرَاضَ الوادي،
واسْتَرَاضَ، أي: كثر ماؤه، وأَرَاضَهُمْ: أرواهم.
والرِّيَاضَةُ: كثرة استعمال النّفس ليسلس ويمهر، ومنه: رُضْتُ
الدّابّة. وقولهم: افعل كذا ما دامت النّفس مُسْتَرَاضَةً «2»
، أي: قابلة للرّياضة، أو معناه:
متّسعة، ويكون من الرّوض والْإِرَاضَةِ. وقوله:
فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ
[الروم/ 15] ، فعبارة عن رِيَاضِ الجنة، وهي محاسنها وملاذّها.
وقوله: فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ
[الشورى/ 22] ، فإشارة إلى ما أعدّ لهم في العقبى من حيث
الظاهر، وقيل: إشارة إلى ما أهّلهم له من العلوم والأخلاق التي
من تخصّص بها، طاب قلبه.
ريع
الرِّيعُ: المكان المرتفع الذي يبدو من بعيد، الواحدة رِيعَةٌ.
قال: أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً
[الشعراء/ 128] ، أي: بكلّ مكان مرتفع، وللارتفاع قيل: رَيْعُ
البئر: للجثوة المرتفعة حواليها، ورَيْعَانُ كلّ شيء: أوائله
التي تبدو منه، ومنه استعير الرَّيْعُ للزيادة والارتفاع
الحاصل، ومنه: تَرَيَّعَ السّراب «3» .
روع
الرُّوعُ: الخلد، وفي الحديث: «إنّ روح
__________
(1) البيت لسويد بن الصامت.
وهو في اللسان: ريش، والبصائر 3/ 114 دون نسبة فيهما، والبيان
والتبيين 4/ 130، والفائق 2/ 60.
(2) انظر: المجمل 2/ 406.
(3) يقال: تريّع السراب: إذا جاء وذهب. انظر: المجمل 2/ 410،
واللسان (ريع) .
(1/372)
القدس نفث في رُوعِي» «1» ، والرَّوْعُ:
إصابة الرُّوع، واستعمل فيما ألقي فيه من الفزع، قال:
فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ
[هود/ 74] ، يقال: رُعْتُهُ ورَوَّعْتُهُ، ورِيعَ فلان، وناقة
رَوْعَاءُ:
فزعة. والْأَرْوَعُ: الذي يروع بحسنه، كأنه يفزع، كما قال
الشاعر:
205-
يهولك أن تلقاه صدرا لمحفل
«2»
روغ
الرَّوْغُ: الميل على سبيل الاحتيال، ومنه: رَاغَ الثّعلب
يَرُوغُ رَوَغَاناً، وطريق رَائِغٌ: إذا لم يكن مستقيما، كأنه
يُرَاوِغُ، ورَاوَغَ فلان فلانا، ورَاغَ فلان إلى فلان: مال
نحوه لأمر يريده منه بالاحتيال قال: فَراغَ إِلى أَهْلِهِ
[الذاريات/ 26] ، فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ
[الصافات/ 93] ، أي: مال، وحقيقته: طلب بضرب من الرَّوَغَانِ،
ونبّه بقوله: (على) على معنى الاستيلاء.
رأف
الرَّأْفَةُ: الرّحمة، وقد رَؤُفَ فهو رَئِفٌ «3» ورُؤُوفٌ،
نحو يقظ، وحذر، قال تعالى: لا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ
فِي دِينِ اللَّهِ
[النور/ 2] .
روم
الم غُلِبَتِ الرُّومُ
[الروم/ 1- 2] ، يقال مرّة للجيل المعروف، وتارة لجمع رُومِيٍّ
كالعجم.
رين
الرَّيْنُ: صدأ يعلو الشيء الجليّ، قال: بَلْ رانَ عَلى
قُلُوبِهِمْ
[المطففين/ 14] ، أي:
صار ذلك كصدإ على جلاء قلوبهم، فعمي عليهم معرفة الخير من
الشرّ، قال الشاعر:
206-
قد رَانَ النّعاس بهم
«4» وقد رِينَ على قلبه.
رأى
رَأَى: «5» عينه همزة، ولامه ياء، لقولهم:
رُؤْيَةٌ، وقد قلبه الشاعر فقال:
__________
(1) الحديث عن عبد الله بن مسعود عن النبيّ صلّى الله عليه
وسلم قال: «إنّ روح القدس نفث في روعي أنّ نفسا لن تموت حتى
تستكمل رزقها، ألا فاتقوا الله وأجملوا في الطلب» أخرجه الشهاب
القضاعي في مسنده 2/ 185.
(2) وهو شطر بيت لأبي تمام وعجزه:
ونحرا لأعداء وقلبا لموكب
وهو في شرح ديوانه ص 31، وديوانه المعاني 1/ 70.
(3) انظر: الأفعال 3/ 97.
(4) البيت بتمامه:
أوردته القوم قد ران النعاس بهم ... فقلت إذ نهلوا من جمّه:
قيلوا
وهو لعبدة بن الطبيب في مفضليته، والبيت في أمالي القالي 1/
273، والمفضليات ص 141، والاختيارين: 93. [.....]
(5) وقد أخذ المصنف جلّ هذا الباب من المسائل الحلبيات للفارسي
ولخصه، انظر: المسائل الحلبيات ص 42- 90.
(1/373)
207-
وكلّ خليل رَاءَنِي فهو قائل ... من أجلك: هذا هامة اليوم أو
غد
«1» وتحذف الهمزة من مستقبله «2» ، فيقال: تَرَى ويَرَى
ونَرَى، قال: فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً
[مريم/ 26] ، وقال: أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ
الْجِنِّ وَالْإِنْسِ
[فصلت/ 29] ، وقرئ:
أرنا «3» . والرُّؤْيَةُ: إدراك الْمَرْئِيُّ، وذلك أضرب بحسب
قوى النّفس:
والأوّل: بالحاسّة وما يجري مجراها، نحو:
لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ
[التكاثر/ 6- 7] ، وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ
كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ
[الزمر/ 60] ، وقوله: فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ [التوبة/
105] فإنه ممّا أجري مجرى الرّؤية الحاسّة، فإنّ الحاسّة لا
تصحّ على الله، تعالى عن ذلك، وقوله: إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ
وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ [الأعراف/ 27] .
والثاني: بالوهم والتّخيّل، نحو: أَرَى أنّ زيدا منطلق، ونحو
قوله: وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا
[الأنفال/ 50] .
والثالث: بالتّفكّر، نحو: إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ
[الأنفال/ 48] .
والرابع: بالعقل، وعلى ذلك قوله: ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى
[النجم/ 11] ، وعلى ذلك حمل قوله: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً
أُخْرى
[النجم/ 13] .
ورَأَى إذا عدّي إلى مفعولين اقتضى معنى العلم، نحو: وَيَرَى
الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ
[سبأ/ 6] ، وقال: إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ [الكهف/
39] ، ويجري (أَرَأَيْتَ) مجرى أخبرني، فيدخل عليه الكاف،
ويترك التاء على حالته في التّثنية، والجمع، والتأنيث، ويسلّط
التّغيير على الكاف دون التّاء، قال: أَرَأَيْتَكَ هذَا
الَّذِي
[الإسراء/ 62] ، قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ
[الأنعام/ 40] ، وقوله: أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى
[العلق/ 9] ، قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ [الأحقاف/ 4] ،
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ [القصص/ 71] ، قُلْ
أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ [الأحقاف/ 10] ، أَرَأَيْتَ إِذْ
أَوَيْنا [الكهف/ 63] ، كلّ ذلك فيه معنى التّنبيه.
والرَّأْيُ: اعتقاد النّفس أحد النّقيضين عن
__________
(1) البيت لكثير عزّة من قصيدة له مطلعها:
تظلّ ابنة الضمريّ في ظل نعمة ... إذا ما مشت من فوق صرح ممرّد
وهو في ديوانه ص 435، واللسان: (رأى) ، والأغاني 15/ 111،
والأضداد لابن الأنباري ص 325، والمسائل الحلبيات ص 47.
(2) قال سيبويه: وممّا حذف في التخفيف لأنّ ما قبله ساكن قوله:
أرى وترى ونرى. انظر: الكتاب 2/ 165.
(3) وبها قرأ ابن كثير وأبو عمرو بخلفه، وهشام وابن ذكوان وأبو
بكر ويعقوب. الإتحاف 382.
(1/374)
غلبة الظّنّ، وعلى هذا قوله: يَرَوْنَهُمْ
مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ
[آل عمران/ 13] ، أي: يظنّونهم بحسب مقتضى مشاهدة العين
مثليهم، تقول: فعل ذلك رأي عيني، وقيل: رَاءَةَ عيني.
والرَّوِيَّةُ والتَّرْوِيَةُ: التّفكّر في الشيء، والإمالة
بين خواطر النّفس في تحصيل الرّأي، والْمُرْتَئِي
والْمُرَوِّي: المتفكّر، وإذا عدّي رأيت بإلى اقتضى معنى
النّظر المؤدّي إلى الاعتبار، نحو: أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ
[الفرقان/ 45] ، وقوله: بِما أَراكَ اللَّهُ [النساء/ 105] ،
أي: بما علّمك. والرَّايَةُ: العلامة المنصوبة للرّؤية. ومع
فلان رَئِيٌّ من الجنّ، وأَرْأَتِ الناقة فهي مُرْءٍ: إذا
أظهرت الحمل حتى يرى صدق حملها.
والرُّؤْيَا: ما يرى في المنام، وهو فعلى، وقد يخفّف فيه
الهمزة فيقال بالواو، وروي: «لم يبق من مبشّرات النّبوّة إلّا
الرّؤيا» «1» . قال: لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ
الرُّؤْيا بِالْحَقِ
[الفتح/ 27] ، وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ
[الإسراء/ 60] ، وقوله: فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ
[الشعراء/ 61] ، أي: تقاربا وتقابلا حتى صار كلّ واحد منهما
بحيث يتمكّن من رؤية الآخر، ويتمكّن الآخر من رؤيته. ومنه
قوله: «لا تَتَرَاءَى نارهما» «2» . ومنازلهم رِئَاءٌ، أي:
متقابلة. وفعل ذلك رِئَاءُ الناس، أي: مُرَاءَاةً وتشيّعا.
والْمِرْآةُ ما يرى فيه صورة الأشياء، وهي مفعلة من: رأيت،
نحو: المصحف من صحفت، وجمعها مَرَائِي، والرِّئَةُ: العضو
المنتشر عن القلب، وجمعه من لفظه رِؤُونَ، وأنشد (أبو زيد) :
208-
فغظناهمو حتى أتى الغيظ منهمو ... قلوبا وأكبادا لهم ورئينا
«3» ورِئْتُهُ: إذا ضربت رِئَتَهُ.
روى
تقول: ماء رَوَاءٌ، ورِوًى، أي: كثير مُرْوٍ، فَرِوًى على بناء
عدى: ومَكاناً سُوىً [طه/ 58] ، قال الشاعر:
__________
(1) الحديث تقدّم في مادة (بشر) .
(2) الحديث عن قيس بن أبي حازم أنّ رسول الله صلّى الله عليه
وسلم بعث سرية إلى قوم من خثعم، فاستعصموا بالسجود فقتلوا،
فقضى رسول الله بنصف العقل، وقال: «إني بريء من كل مسلم مع
مشرك» ، ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «ألا لا تراءى
نارهما» . أخرجه النسائي 8/ 36.
وأخرجه أبو داود في الجهاد برقم (2645) ولفظه: «أنا بريء من كل
مسلم مقيم بين أظهر المشركين، لا تتراءى ناراهما» والترمذي في
أبواب السير. انظر: عارضة الأحوذي 8/ 104، والحديث صحيح لكن
اختلف في وصله وإرساله. وانظر: شرح السنة 10/ 373.
(3) البيت في اللسان (رأى) ، دون نسبة، وهو في نوادر أبي زيد ص
195.
والبيت للأسود بن يعفر في ديوانه ص 63، والمسائل الحلبيات
للفارسي ص 61، والتكملة له ص 428.
(1/375)
من شكّ في فلج فهذا فلج ... ماء رواء وطريق
نهج
«1» وقوله: هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً
[مريم/ 74] ، فمن لم يهمز «2» جعله من رَوِيَ، كأنه رَيَّانُ
من الحسن «3» ، ومن همز فللّذي يرمق من الحسن به «4» . وقيل:
هو منه على ترك الهمز، والرِّيُّ: اسم لما يظهر منه،
والرِّوَاءُ منه، وقيل: هو مقلوب من رأيت. قال أبو عليّ
الفسويّ:
المروءة هو من قولهم حسن في مرآة العين. كذا قال، وهذا»
غلط، لأنّ الميم في مرآة زائدة، ومروءة فعولة. وتقول: أنت
بمرأى ومسمع، أي:
قريب، وقيل: أنت منّي مرأى ومسمع، بطرح الباء، ومرأى: مفعل من
رأيت «6» .
تمّ كتاب الرّاء
__________
(1) البيت في اللسان (روى) ، دون نسبة، والجمهرة لابن دريد 1/
177، ومجاز القرآن 1/ 168.
(2) وهم قالون وابن ذكوان وأبو جعفر، وقراءتهم «وريّا» .
(3) راجع: تفسير القرطبي 11/ 143، والمسائل الحلبيات ص 58.
(4) وقرأ بالهمز الباقون.
قال الجوهري: ومن همزه جعله من المنظر، من: رأيت، وهو ما رأته
العين من حال حسنة وكسوة ظاهرة. وقال الفراء: الرّئي: المنظر.
انظر: معاني الفراء 2/ 171، وتفسير القرطبي 11/ 143. [استدراك]
(5) هذا وهم من المؤلف، فإن أبا علي لم يقل ذلك، ولكن قال:
وزعم بعض رواة اللغة أنّ المروءة مأخوذة من قولهم: هو حسن في
مرآة العين. وهذا من فاحش الغلط، وذلك أنّ الميم في «مرآة»
زائدة، ومروءة: فعولة. ا. هـ. فتبيّن ذلك. وانظر: المسائل
الحلبيات ص 59.
وعنى الفارسي بقوله: بعض رواة اللغة ابن دريد فقد قال في
الجمهرة: ومن همز المروءة أخذها من حسن مرآة العين. انظر:
جمهرة اللغة 3/ 252. وكذا أبا زيد، فقال: مرء مروءة، جعل الميم
فاءا.
(6) انظر كتاب سيبويه 1/ 207.
(1/376)
|