المفردات في غريب القرآن كتاب الزّاي
زبد
الزَّبَدُ: زَبَدُ الماء، وقد أَزْبَدَ، أي: صار ذا زَبَدٍ،
قال: فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً [الرعد/ 17] ،
والزُّبْدُ اشتقّ منه لمشابهته إيّاه في اللّون، وزَبَدْتُهُ
زَبَداً: أعطيته مالا كالزّبد كثرة، وأطعمته الزُّبْدَ،
والزَّبَادُ: نور يشبهه بياضا.
زبر
الزُّبْرَةُ: قطعة عظيمة من الحديد، جمعه زُبَرٌ، قال: آتُونِي
زُبَرَ الْحَدِيدِ [الكهف/ 96] ، وقد يقال: الزُّبْرَةُ من
الشّعر، جمعه زُبُرٌ، واستعير للمجزّإ، قال: فَتَقَطَّعُوا
أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً
[المؤمنون/ 53] ، أي: صاروا فيه أحزابا.
وزَبَرْتُ الكتاب: كتبته كتابة غليظة، وكلّ كتاب غليظ الكتابة
يقال له: زَبُورٌ، وخصّ الزَّبُورُ بالكتاب المنزّل على داود
عليه السلام، قال: وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً
[النساء/ 163] ، وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ
الذِّكْرِ
[الأنبياء/ 105] ، وقرئ زبورا «1» بضم الزاي، وذلك جمع
زَبُورٍ، كقولهم في جمع ظريف: ظروف، أو يكون جمع زِبْرٍ «2» ،
وزِبْرٌ مصدر سمّي به كالكتاب، ثم جمع على زُبُرٍ، كما جمع
كتاب على كتب، وقيل: بل الزَّبُورُ كلّ كتاب يصعب الوقوف عليه
من الكتب الإلهيّة، قال: وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ
[الشعراء/ 196] ، وقال:
وَالزُّبُرِ وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ
[آل عمران/ 184] ، أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ [القمر/
43] ، وقال بعضهم: الزَّبُورُ: اسم للكتاب المقصور على الحكم
العقليّة دون الأحكام الشّرعيّة، والكتاب: لما يتضمّن الأحكام
والحكم، ويدلّ على ذلك أنّ زبور داود عليه السلام لا يتضمّن
شيئا من الأحكام. وزِئْبُرُ الثّوب
__________
(1) وهي قراءة حمزة وخلف. الإتحاف 312. [.....]
(2) في اللسان: الزّبر: الكتاب، والجمع زبور، مثل قدر وقدور.
(1/377)
معروف «1» ، والْأَزْبَرُ: ما ضخم زُبْرَةُ
كاهله، ومنه قيل: هاج زَبْرَؤُهُ، لمن يغضب «2» .
زج
الزُّجَاجُ: حجر شفّاف، الواحدة زُجَاجَةٌ، قال: فِي زُجاجَةٍ
الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ
[النور/ 35] ، والزُّجُّ: حديدة أسفل الرّمح، جمعه زِجَاجٌ،
وزَجَجْتُ الرّجل: طعنته بالزّجّ، وأَزْجَجْتُ الرّمح: جعلت له
زُجّاً، وأَزْجَجْتُهُ: نزعت زُجَّهُ. والزَّجَجُ: دقّة في
الحاجبين مشبّه بالزّجّ، وظليم أَزَجُّ، ونعامة زَجَّاءُ:
للطّويلة الرّجل.
زجر
الزَّجْرُ: طرد بصوت، يقال: زَجَرْتُهُ فَانْزَجَرَ، قال:
فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ
[النازعات/ 13] ، ثمّ يستعمل في الطّرد تارة، وفي الصّوت أخرى.
وقوله: فَالزَّاجِراتِ زَجْراً
[الصافات/ 2] ، أي: الملائكة التي تَزْجُرُ السّحاب، وقوله: ما
فِيهِ مُزْدَجَرٌ
[القمر/ 4] ، أي: طرد ومنع عن ارتكاب المآثم. وقال:
وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ
[القمر/ 9] ، أي:
طرد، واستعمال الزّجر فيه لصياحهم بالمطرود، نحو أن يقال: اعزب
وتنحّ ووراءك «3» .
زجا
التَّزْجِيَةُ: دَفْعُ الشّيء لينساق، كَتَزْجِيَةِ رديء
البعير، وتَزْجِيَةِ الرّيح السّحاب، قال: يُزْجِي سَحاباً
[النور/ 43] ، وقال: رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ
الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ [الإسراء/ 66] ، ومنه: رجل مُزْجًى،
وأَزْجَيْتُ رديء التّمر فَزَجَا، ومنه استعير: زَجَا الخراج
يَزْجُو، وخراج زَاجٍ، وقول الشاعر:
210-
وحاجة غير مُزْجَاةٍ من الحاج
«4» أي: غير يسيرة، يمكن دفعها وسوقها لقلّة الاعتداد بها.
زحح
فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ
[آل عمران/ 185] ، أي: أزيل عن مقرّه فيها.
__________
(1) الزّئبر: ما يظهر من درز الثوب. وقال أبو زيد: زئبر الثوب
وزغبره. اللسان (زأبر) .
(2) قال ابن منظور: وفي المثل: هاجت زبراء، وهي خادم كانت
للأحنف بن قيس، وكانت سليطة، فكانت إذا غضبت قال الأحنف: هاجت
زبراء، فصارت مثلا لكل أحد، حتى يقال لكل إنسان، إذا هاج غضبه:
هاجت زبراؤه.
اللسان (زبر) ، والقصة مطوّلة في لطف التدبير ص 67.
(3) انظر: المسائل الحلبيات للفارسي ص 106، وأصول النحو 1/
141.
(4) هذا عجز بيت، وشطره:
ومرسل ورسول غير متّهم
وهو للراعي، من قصيدة له مطلعها:
ألا اسلمي ذات الطّوق والعاج ... والدّل والنظر المستأنس
الساجي
وهو في ديوانه ص 28، وتهذيب اللغة 11/ 155، ومجاز القرآن 1/
317.
(1/378)
زحف
أصل الزَّحْفِ: انبعاث مع جرّ الرّجل، كانبعاث الصّبيّ قبل أن
يمشي وكالبعير إذا أعيا فجرّ فرسنه «1» ، وكالعسكر إذا كثر
فيعثر انبعاثه.
قال: إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً
[الأنفال/ 15] ، والزَّاحِفُ: السّهم يقع دون الغرض.
زخرف
الزُّخْرُفُ: الزّينة المزوّقة، ومنه قيل للذّهب:
زُخْرُفٌ، وقال: أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها [يونس/ 24] ،
وقال: بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ
[الإسراء/ 93] ، أي: ذهب مزوّق، وقال:
وَزُخْرُفاً
[الزخرف/ 35] ، وقال: زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً
[الأنعام/ 112] ، أي:
المزوّقات من الكلام.
زرب
الزَّرَابِي: جمع زُرْبٍ، وهو ضرب من الثياب محبّر منسوب إلى
موضع «2» ، وعلى طريق التشبيه والاستعارة قال: وَزَرابِيُّ
مَبْثُوثَةٌ
[الغاشية/ 16] ، والزَّرْبُ، والزَّرِيبَةُ: موضع الغنم، وقترة
الرّامي «3» .
زرع
الزَّرْعُ: الإنبات، وحقيقة ذلك تكون بالأمور الإلهيّة دون
البشريّة. قال: أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ
الزَّارِعُونَ
[الواقعة/ 64] ، فنسب الحرث إليهم، ونفى عنهم الزَّرْعَ ونسبه
إلى نفسه، وإذا نسب إلى العبد فلكونه فاعلا للأسباب التي هي
سبب الزّرع، كما تقول أنبتّ كذا: أذا كنت من أسباب نباته،
والزَّرْعُ في الأصل مصدر، وعبّر به عن الْمَزْرُوعِ نحو قوله:
فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً [السجدة/ 27] ، وقال: وَزُرُوعٍ
وَمَقامٍ كَرِيمٍ
[الدخان/ 26] ، ويقال: زَرَعَ الله ولدك، تشبيها، كما تقول:
أنبته الله، والمُزْرِعُ:
الزَّرَّاعُ، وازْدَرَعَ النبات: صار ذا زرع.
زرق
الزُّرْقَةُ: بعض الألوان بين البياض والسواد، يقال: زَرَقَتْ
عينه زُرْقَةً وزَرَقَاناً، وقوله تعالى:
زُرْقاً يَتَخافَتُونَ
[طه/ 102] ، أي: عميا عيونهم لا نور لها. والزُّرَقُ طائر،
وقيل: زَرَقَ الطائرُ يَزْرِقُ «4» ، وزَرَقَهُ
بِالْمِزْرَاقِ: رماه به «5» .
زرى
زَرَيْتُ عليه: عبته، وأَزْرَيْتُ به: قصّرت به،
__________
(1) الفرسن من البعير بمنزلة الحافر من الدابة.
(2) قيل: منسوبة إلى الزّرب، وهو الحظيرة التي تأوي إليها
الغنم.
(3) قترة الصائد: بئر يحتفرها الصائد يكمن فيها للصيد.
(4) زرق الطائر: ذرق.
(5) المزراق من الرماح: رمح قصير.
(1/379)
وكذلك ازْدَرَيْتُ، وأصله: افتعلت قال:
وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ
[هود/ 31] ، أي:
تستقلّهم، تقديره: تَزْدَرِيهِمْ أعينكم، أي:
تستقلّهم وتستهين بهم.
زعق
الزُّعَاقُ: الماء الملح الشديد الملوحة، وطعام مَزْعُوقٌ: كثر
ملحه حتى صار زُعَاقاً، وزَعَقَ به:
أفزعه بصياحه، فَانْزَعَقَ، أي: فزع، والزَّعِقُ:
الكثير الزّعق، أي: الصّوت، والزَّعَّاقُ: النّعّار «1» .
زعم
الزَّعْمُ: حكاية قول يكون مظنّة للكذب، ولهذا جاء في القرآن
في كلّ موضع ذمّ القائلون به، نحو: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا
[التغابن/ 7] ، لْ زَعَمْتُمْ
[الكهف/ 48] ، كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ
[الأنعام/ 22] ، زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ [الإسراء/ 56] ، وقيل
للضّمان بالقول والرّئاسة: زَعَامَةٌ، فقيل للمتكفّل والرّئيس:
زَعِيمٌ، للاعتقاد في قوليهما أنهما مظنّة للكذب.
قال: وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ [يوسف/ 72] ، أَيُّهُمْ بِذلِكَ
زَعِيمٌ
[القلم/ 40] ، إمّا من الزَّعَامَةِ أي: الكفالة، أو من
الزَّعْمِ بالقول.
زف
زَفَّ الإبل يَزِفُّ زَفّاً وزَفِيفاً، وأَزَفَّهَا سائقها،
وقرئ: إِلَيْهِ يَزِفُّونَ
[الصافات/ 94] ، أي:
يسرعون، ويَزِفُّونَ
«2» أي: يحملون أصحابهم على الزَّفِيفِ. وأصل الزَّفِيفِ في
هبوب الرّيح، وسرعة النّعام التي تخلط الطيران بالمشي.
وزَفْزَفَ النّعام: أسرع، ومنه استعير:
زَفَّ العروس، واستعارة ما يقتضي السّرعة لا لأجل مشيتها، ولكن
للذّهاب بها على خفّة من السّرور.
زفر
قال: لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ
[الأنبياء/ 100] ، فَالزَّفِيرُ: تردّد النّفس حتى تنتفخ
الضّلوع منه، وازْدَفَرَ فلان كذا: إذا تحمّله بمشقّة، فتردّد
فيه نفسه، وقيل للإماء الحاملات للماء: زَوَافِرُ.
زقم
إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ
[الدخان/ 43- 44] ، عبارة عن أطعمة كريهة في النار، ومنه
استعير: زَقَمَ فلان وتَزَقَّمَ: إذا ابتلع شيئا كريها.
زكا
أصل الزَّكَاةِ: النّموّ الحاصل عن بركة الله تعالى، ويعتبر
ذلك بالأمور الدّنيويّة والأخرويّة.
يقال: زَكَا الزّرع يَزْكُو: إذا حصل منه نموّ وبركة.
وقوله: أَيُّها أَزْكى طَعاماً
[الكهف/ 19] ،
__________
(1) الزاعق: الذي يسوق ويصيح بها صياحا شديدا، وهو رجل ناعق
وزعّاق ونعّار. اللسان (زعق) .
(2) وهي قراءة حمزة، من أزفّ الظليم: دخل في الزفيف، وهو
الإسراع.
(1/380)
إشارة إلى ما يكون حلالا لا يستوخم عقباه،
ومنه الزَّكاةُ: لما يخرج الإنسان من حقّ الله تعالى إلى
الفقراء، وتسميته بذلك لما يكون فيها من رجاء البركة، أو
لتزكية النّفس، أي: تنميتها بالخيرات والبركات، أو لهما جميعا،
فإنّ الخيرين موجودان فيها. وقرن الله تعالى الزَّكَاةَ
بالصّلاة في القرآن بقوله: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا
الزَّكاةَ [البقرة/ 43] ، وبِزَكَاءِ النّفس وطهارتها يصير
الإنسان بحيث يستحقّ في الدّنيا الأوصاف المحمودة، وفي الآخرة
الأجر والمثوبة. وهو أن يتحرّى الإنسان ما فيه تطهيره، وذلك
ينسب تارة إلى العبد لكونه مكتسبا لذلك، نحو: قَدْ أَفْلَحَ
مَنْ زَكَّاها
[الشمس/ 9] ، وتارة ينسب إلى الله تعالى، لكونه فاعلا لذلك في
الحقيقة نحو:
بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ
[النساء/ 49] ، وتارة إلى النّبيّ لكونه واسطة في وصول ذلك
إليهم، نحو: تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها
[التوبة/ 103] ، يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ
[البقرة/ 151] ، وتارة إلى العبادة التي هي آلة في ذلك، نحو:
وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً
[مريم/ 13] ، لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا
[مريم/ 19] ، أي:
مُزَكًّى بالخلقة، وذلك على طريق ما ذكرنا من الاجتباء، وهو أن
يجعل بعض عباده عالما وطاهر الخلق لا بالتّعلّم والممارسة بل
بتوفيق إلهيّ، كما يكون لجلّ الأنبياء والرّسل. ويجوز أن يكون
تسميته بالمزكّى لما يكون عليه في الاستقبال لا في الحال،
والمعنى: سَيَتَزَكَّى، وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ
[المؤمنون/ 4] ، أي: يفعلون ما يفعلون من العبادة ليزكّيهم
الله، أو لِيُزَكُّوا أنفسهم، والمعنيان واحد. وليس قوله:
«للزّكاة» مفعولا لقوله: «فاعلون» ، بل اللام فيه للعلة
والقصد. وتَزْكِيَةُ الإنسان نفسه ضربان:
أحدهما: بالفعل، وهو محمود وإليه قصد بقوله: قَدْ أَفْلَحَ
مَنْ زَكَّاها [الشمس/ 9] ، وقوله: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ
تَزَكَّى
[الأعلى/ 14] .
والثاني: بالقول، كتزكية العدل غيره، وذلك مذموم أن يفعل
الإنسان بنفسه، وقد نهى الله تعالى عنه فقال: فَلا تُزَكُّوا
أَنْفُسَكُمْ
[النجم/ 32] ، ونهيه عن ذلك تأديب لقبح مدح الإنسان نفسه عقلا
وشرعا، ولهذا قيل لحكيم: ما الذي لا يحسن وإن كان حقّا؟ فقال:
مدح الرّجل نفسه.
زل
الزَّلَّةُ في الأصل: استرسال الرّجل من غير قصد، يقال:
زَلَّتْ رِجْل تَزِلُّ، والْمَزِلَّةُ: المكان الزّلق، وقيل
للذّنب من غير قصد: زَلَّةٌ، تشبيها بزلّة الرّجل. قال تعالى:
فَإِنْ زَلَلْتُمْ
[البقرة/ 209] ، فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ
[البقرة/ 36] ، واسْتَزَلَّهُ: إذا تحرّى زلّته، وقوله:
إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ [آل عمران/ 155] ، أي:
(1/381)
استجرّهم الشّيطان حتى زلّوا، فإنّ الخطيئة
الصّغيرة إذا ترخّص الإنسان فيها تصير مسهّلة لسبيل الشّيطان
على نفسه. وقوله عليه السلام:
«من أُزِلَّتْ إليه نعمةٌ فليشكرها» «1» أي: من أوصل إليه نعمة
بلا قصد من مسديها، تنبيها أنه إذا كان الشّكر في ذلك لازما
فكيف فيما يكون عن قصده. والتَّزَلْزُلُ: الاضطراب، وتكرير
حروف لفظه تنبيه على تكرير معنى الزّلل فيه، قال: إِذا
زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها
[الزلزلة/ 1] ، وقال: إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ
عَظِيمٌ
[الحج/ 1] ، وَزُلْزِلُوا زِلْزالًا شَدِيداً
[الأحزاب/ 11] ، أي: زعزعوا من الرّعب.
زلف
الزُّلْفَةُ: المنزلة والحظوة «2» ، وقوله تعالى:
فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً
[الملك/ 27] ، قيل: معناه:
لمّا رأوا زلفة المؤمنين وقد حرموها. وقيل:
استعمال الزّلفة في منزلة العذاب كاستعمال البشارة ونحوها من
الألفاظ. وقيل لمنازل الليل: زُلَفٌ قال: وَزُلَفاً مِنَ
اللَّيْلِ
[هود/ 114] ، قال الشاعر:
211-
طيّ الليالي زلفا فزلفا
«3» والزُّلْفَى: الحظوة، قال الله تعالى: إِلَّا
لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى
[الزمر/ 3] ، والمَزَالِفُ:
المراقي، وأَزْلَفْتُهُ: جعلت له زلفى، قال:
وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ
[الشعراء/ 64] ، وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ
[الشعراء/ 90] ، وليلة الْمُزْدَلِفَةِ: خصّت بذلك لقربهم من
منى بعد الإفاضة. وفي الحديث: «ازْدَلِفُوا إلى الله بركعتين»
«4» .
زلق
الزَّلَقُ والزّلل متقاربان، قال: صَعِيداً زَلَقاً
[الكهف/ 40] ، أي: دحضا لا نبات فيه، نحو قوله: فَتَرَكَهُ
صَلْداً [البقرة/ 264] ، والْمَزْلَقُ: المكان الدّحض. قال:
لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ
[القلم/ 51] ، وذلك كقول الشاعر:
__________
(1) الحديث في النهاية 2/ 310، والفائق 2/ 119.
(2) انظر: البصائر 3/ 136، والمجمل 2/ 438. [.....]
(3) الرجز للعجاج، وقبله:
ناج طواه البين ممّا وجفا
وهو في ديوانه ص 231، والبصائر 3/ 137، وشرح مقصورة ابن دريد ص
214.
(4) الحديث عن سليمان بن موسى قال: كتب رسول الله صلّى الله
عليه وسلم إلى مصعب بن عمير، وهو بالمدينة: انظر من اليوم الذي
تجهّز فيه اليهود لسبتها، فإذا زالت الشمس فازدلف إلى الله
بركعتين، واخطب فيهما. أخرجه الخطابي في غريب الحديث 2/ 25.
(1/382)
212-
نظرا يزيل مواضع الأقدام
«1» ويقال: زَلقَهُ وأَزْلَقَهُ فَزَلقَ، قال يونس «2» : لم
يسمع الزَّلقُ والْإِزْلَاقُ إلّا في القرآن، وروي أنّ أبيّ بن
كعب «3» قرأ: (وأَزْلَقْنَا ثمّ الآخرين) «4» أي: أهلكنا.
زمر
قال: وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ
زُمَراً
[الزمر/ 73] ، جمع زُمْرَةٍ، وهي الجماعة القليلة، ومنه قيل:
شاة زَمِرَةٌ: قليلة الشّعر، ورجل زَمِرٌ: قليل المروءة،
وزَمَرَتِ النّعامة تَزْمِرُ زمَاراً، وعنه اشتقّ الزَّمْرُ،
والزَّمَّارَةُ كناية عن الفاجرة.
زمل
يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ
[المزمل/ 1] ، أي:
الْمُتَزَمِّلُ في ثوبه، وذلك على سبيل الاستعارة، كناية عن
المقصّر والمتهاون بالأمر وتعريضا «5» به، والزُّمَيْلُ:
الضّعيف، قالت أمّ تأبّط شرّا:
(
ليس بزمّيل ... شروب للقيل
) «6» .
زنم
الزَّنِيمُ والْمَزَنَّمُ: الزّائد في القوم وليس
__________
(1) البيت:
يتقارضون إذا التقوا في منزل ... نظرا يزيل مواضع الأقدام
وقد تقدّم في مادة (دحض) ، وهو في اللسان (زلق) .
(2) يونس بن حبيب، من أصحاب أبي عمرو بن العلاء، روى عنه
سيبويه والكسائي. توفي سنة 182 هـ. انظر: بغية الوعاة 2/ 365.
(3) صحابي جليل، أحد قرّاء الصحابة، توفي سنة 30 هـ.
(4) سورة الشعراء: آية 64، وهي قراءة شاذة، قرأ بها أبيّ بن
كعب وابن عباس.
والقراءة الصحيحة المتواترة وَأَزْلَفْنا بالفاء. انظر: تفسير
القرطبي 13/ 107.
(5) لعلّ المؤلف هاهنا قد تأثّر بالمعتزلة، فقد قال الزمخشري:
كان رسول الله نائما بالليل متزمّلا في قطيفة، فنّبه ونودي بما
يهجن إليه الحالة التي كان عليها من التزمل في قطيفة،
واستعداده للاستثقال في النوم كما يفعل من لا يهمه أمر، ولا
يعنيه شأن.
وردّ عليه ابن المنير فقال: أما قوله: إنّ نداءه بذلك تهجين
للحالة التي ذكر أنه كان عليها فخطأ وسوء أدب، ومن اعتبر عادة
خطاب الله تعالى له في الإكرام والاحترام علم بطلان ما تخيّله
الزمخشري، فقد قال العلماء:
إنه لم يخاطب باسمه نداء، وإنّ ذلك من خصائصه دون سائر الرسل،
إكراما له وتشريفا، فأين نداؤه بصيغة مهجنة من ندائه باسمه؟!
انظر: الكشاف، وبهامشه الانتصاف 4/ 151.
- وقال البرسوي: وفي خطابه بهذا الاسم- أي المزمّل- فائدتان:
أحدهما: الملاطفة، فإنّ العرب إذا قصدت ملاطفة المخاطب وترك
المعاتبة سموه باسم مشتق من حالته التي هو عليها، كقول النبي
لعلي لما رآه نائما قد لصق بجنبه التراب: قم أبا تراب، إشعارا
بأنه غير عاتب عليه وملاطفة له، وكذلك قوله عليه السلام
لحذيفة: قم يا نومان، وكان نائما، فقول الله تعالى له: «يا
أيها المزمل» تأنيس وملاطفة ليستشعر أنه غير عاتب.
والفائدة الثانية: التنبيه لكلّ متزمل راقد ليله لينتبه إلى
قيام الليل، وذكر الله فيه. راجع تفسير روح البيان 10/ 203.
(6) قالته في رثاء ابنها:
وابناه وابن اللّيل ... ليس بزمّيل
شروب للقيل ... رقود بالليل
انظر شرح أشعار الهذليين 2/ 846، واللسان: زمل والقيل: شرب نصف
النهار.
(1/383)
منهم، تشبيها بِالزَّنمَتَيْنِ من الشّاة،
وهما المتدلّيتان من أذنها، ومن الحلق، قال تعالى:
عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ
[القلم/ 13] ، وهو العبد زلمة وزَنْمَةً، أي: المنتسب إلى قوم
معلّق بهم لا منهم، وقال الشاعر:
213-
فأنت زَنِيمٌ نيط في آل هاشم ... كما نيط خلف الرّاكب القدح
الفرد
«1»
زنا
الزِّنَاءُ: وطء المرأة من غير عقد شرعيّ، وقد يقصر، وإذا مدّ
يصحّ أن يكون مصدر المفاعلة، والنّسبة إليه زَنَوِيٌّ، وفلان
لِزِنْيَةٍ وزَنْيَةٍ «2» ، قال الله تعالى: الزَّانِي لا
يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا
يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ
[النور/ 3] ، الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي [النور/ 2] ، وزنأ في
الجبل بالهمز زنأ وزنوءا، والزّناء: الحاقن بوله، و «نهي
الرّجل أن يصلّي وهو زناء» «3» .
زهد
الزَّهِيدُ: الشيء القليل، والزَّاهِدُ في الشيء: الرّاغب عنه
والرّاضي منه بالزّهيد، أي:
القليل. قال تعالى: وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ
[يوسف/ 20] .
زهق
زَهَقَتْ نفسه: خرجت من الأسف على الشيء، قال: وَتَزْهَقَ
أَنْفُسُهُمْ
[التوبة/ 55] .
زيت
زَيْتُونٌ، وزَيْتُونَةٌ، نحو: شجر وشجرة، قال تعالى:
زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ
[النور/ 35] ، والزَّيْتُ: عصارة الزّيتون، قال: يَكادُ
زَيْتُها يُضِيءُ
[النور/ 35] ، وقد زَاتَ طعامَهُ، نحو سمنه، وزَاتَ رأسَهُ،
نحو دهنه به، وازْدَاتَ:
ادّهن.
زوج
يقال لكلّ واحد من القرينين من الذّكر والأنثى في الحيوانات
الْمُتَزَاوِجَةُ زَوْجٌ، ولكلّ قرينين فيها وفي غيرها زوج،
كالخفّ والنّعل، ولكلّ ما يقترن بآخر مماثلا له أو مضادّ زوج.
قال تعالى:
فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى
[القيامة/ 39] ، وقال: وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ
[البقرة/ 35] ، وزَوْجَةٌ لغة رديئة، وجمعها زَوْجَاتٌ، قال
الشاعر:
__________
(1) البيت لحسان بن ثابت يهجو أبا سفيان بن الحارث، وهو في
ديوانه ص 213، والبصائر 3/ 138، واللسان: زنم.
(2) انظر المجمل 2/ 441، واللسان: زنا.
(3) النهاية 2/ 314، والفائق 2/ 314.
(1/384)
214-
فبكا بناتي شجوهنّ وزوجتي
«1» وجمع الزّوج أَزْوَاجٌ. وقوله: هُمْ وَأَزْواجُهُمْ [يس/
56] ، احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ [الصافات/
22] ، أي:
أقرانهم المقتدين بهم في أفعالهم، وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ
إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ
[الحجر/ 88] ، أي: أشباها وأقرانا. وقوله: سُبْحانَ الَّذِي
خَلَقَ الْأَزْواجَ
[يس/ 36] ، وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ
[الذاريات/ 49] ، فتنبيه أنّ الأشياء كلّها مركّبة من جوهر
وعرض، ومادّة وصورة، وأن لا شيء يتعرّى من تركيب يقتضي كونه
مصنوعا، وأنه لا بدّ له من صانع تنبيها أنه تعالى هو الفرد،
وقوله: خَلَقْنا زَوْجَيْنِ [الذاريات/ 49] ، فبيّن أنّ كلّ ما
في العالم زوج من حيث إنّ له ضدّا، أو مثلا ما، أو تركيبا مّا،
بل لا ينفكّ بوجه من تركيب، وإنما ذكر هاهنا زوجين تنبيها أنّ
الشيء- وإن لم يكن له ضدّ، ولا مثل- فإنه لا ينفكّ من تركيب
جوهر وعرض، وذلك زوجان، وقوله: أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى
[طه/ 53] ، أي: أنواعا متشابهة، وكذلك قوله: مِنْ كُلِّ زَوْجٍ
كَرِيمٍ [لقمان/ 10] ، ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ [الأنعام/ 143] ،
أي:
أصناف. وقوله: وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً [الواقعة/ 7] ،
أي: قرناء ثلاثا، وهم الذين فسّرهم بما بعد «2» . وقوله:
وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ
[التكوير/ 7] ، فقد قيل: معناه: قرن كلّ شيعة بمن شايعهم في
الجنّة والنار، نحو:
احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ [الصافات/ 22] ،
وقيل: قرنت الأرواح بأجسادها حسبما نبّه عليه قوله في أحد
التّفسيرين: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ
ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً [الفجر/ 27- 28] ،
أي: صاحبك. وقيل: قرنت النّفوس بأعمالها حسبما نبّه قوله:
يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً
وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ [آل عمران/ 30] ، وقوله:
وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ
[الدخان/ 54] ، أي: قرنّاهم بهنّ، ولم يجئ في القرآن زوّجناهم
حورا، كما يقال زوّجته امرأة، تنبيها أن ذلك لا يكون على حسب
المتعارف فيما بيننا من المناكحة.
زاد
الزِّيادَةُ: أن ينضمّ إلى ما عليه الشيء في نفسه شيء آخر،
يقال: زِدْتُهُ فَازْدَادَ، وقوله وَنَزْدادُ
__________
(1) هذا شطر بيت، وعجزه:
والأقربون ثم إليّ تصدّعوا وهو لعبدة بن الطبيب في المفضليات ص
148، والأضداد لابن الأنباري ص 374، وربيع الأبرار 4/ 181.
(2) فسّرهم بقوله تعالى: فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ
الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ
الْمَشْئَمَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ
الْمُقَرَّبُونَ.
(1/385)
كَيْلَ بَعِيرٍ [يوسف/ 65] ، نحو:
ازْدَدْتُ فضلا، أي: ازداد فضلي، وهو من باب: سَفِهَ نَفْسَهُ
[البقرة/ 130] ، وذلك قد يكون زيادة مذمومة كالزّيادة على
الكفاية، مثل زيادة الأصابع، والزّوائد في قوائم الدّابّة،
وزِيَادَةُ الكبد، وهي قطعة معلّقة بها يتصوّر أن لا حاجة
إليها لكونها غير مأكولة، وقد تكون زيادة محمودة، نحو قوله:
لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ
[يونس/ 26] ، وروي من طرق مختلفة أنّ هذه الزّيادة النّظر إلى
وجه الله «1» ، إشارة إلى إنعام وأحوال لا يمكن تصوّرها في
الدّنيا.
وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ
[البقرة/ 247] ، أي: أعطاه من العلم والجسم قدرا يزيد على ما
أعطى أهل زمانه، وقوله: وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ
اهْتَدَوْا هُدىً
[مريم/ 76] ، ومن الزّيادة المكروهة قوله: ما زادَهُمْ إِلَّا
نُفُوراً
[فاطر/ 42] ، وقوله: زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ
[النحل/ 88] ، فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ [هود/ 63]
، وقوله: فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً [البقرة/ 10] ، فإنّ هذه
الزّيادة هو ما بني عليه جبلّة الإنسان، أنّ من تعاطى فعلا إن
خيرا وإن شرّا تقوّى فيما يتعاطاه فيزداد حالا فحالا. وقوله:
هَلْ مِنْ مَزِيدٍ
[ق/ 30] ، يجوز أن يكون ذلك استدعاء للزّيادة، ويجوز أن يكون
تنبيها أنها قد امتلأت، وحصل فيها ما ذكر تعالى في قوله:
لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ [السجدة/
13] . يقال: زدته، وزاد هو، وازْدَادَ، قال وَازْدَادُوا
تِسْعاً [الكهف/ 25] ، وقال: ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً [آل
عمران/ 90] ، وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ [الرعد/
8] ، وشرّ زَائِدٌ وزَيْدٌ. قال الشاعر:
215-
وأنتمو معشر زيد على مائة ... فأجمعوا أمركم كيدا فكيدوني
«2» والزَّادُ: المدّخر الزّائد على ما يحتاج إليه في الوقت،
والتَّزَوُّدُ: أخذ الزّاد، قال: وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ
الزَّادِ التَّقْوى
[البقرة/ 197] ، والْمِزْوَدُ: ما يجعل فيه الزّاد من الطّعام،
والْمَزَادَةُ: ما يجعل فيه الزّاد من الماء.
زور
الزَّوْرُ: أعلى الصّدر، وزُرْتُ فلانا: تلقّيته
__________
(1) من ذلك ما أخرجه أحمد ومسلم وغيرهما عن صهيب رضي الله عنه
أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم تلا هذه الآية: لِلَّذِينَ
أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ قال: إذا دخل أهل الجنة
الجنّة، وأهل النار النار نادى مناد: يا أهل الجنة، إنّ لكم
عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه، فيقولون: وما هو؟ ألم تثقّل
موازيننا، وتبيّض وجوهنا، وتدخلنا الجنة، وتزحزحنا عن النار؟.
وقال: فيكشف لهم الحجاب فينظرون إليه، فو الله ما أعطاهم شيئا
أحبّ إليهم من النظر إليه ولا أقرّ لأعينهم.
انظر: الدر المنثور 4/ 356. [.....]
(2) البيت لذي الإصبع العدواني، شاعر جاهلي، وهو في المفضليات
ص 163، وخزانة الأدب 8/ 66.
(1/386)
بزوري، أو قصدت زوره، نحو: وجهته، ورجل
زَائِرٌ، وقوم زَوْرٌ، نحو سافر وسفر، وقد يقال:
رجل زَوْرٌ، فيكون مصدرا موصوفا به نحو:
ضيف، والزَّوَرُ: ميل في الزّور، والْأَزْوَرُ: المائلُ
الزّور، وقوله: تَتَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ
[الكهف/ 17] ، أي: تميل، قرئ بتخفيف الزاي وتشديده «1» وقرئ:
تَزْوَرُّ «2» . قال أبو الحسن: لا معنى لتزورّ هاهنا، لأنّ
الِازْوِرَارَ الانقباض، يقال: تَزَاوَرَ عنه، وازْوَرَّ عنه،
ورجلٌ أَزْوَرُ، وقومٌ زَوَّرٌ، وبئرٌ زَوْرَاءُ: مائلة الحفر
وقيل لِلْكَذِبِ: زُورٌ، لكونه مائلا عن جهته، قال: ظُلْماً
وَزُوراً [الفرقان/ 4] ، وقَوْلَ الزُّورِ [الحج/ 30] ، مِنَ
الْقَوْلِ وَزُوراً [المجادلة/ 2] ، لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ
[الفرقان/ 72] ، ويسمّى الصّنم زُوراً في قول الشاعر:
216-
جاءوا بزوريهم وجئنا بالأصم
«3» لكون ذلك كذبا وميلا عن الحقّ.
زيغ
الزَّيْغُ: الميل عن الاستقامة، والتَّزَايُغُ: التمايل، ورجل
زَائِغٌ، وقوم زَاغَةٌ، وزائغون، وزاغت الشمس، وزَاغَ البصر،
وقال تعالى:
وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ [الأحزاب/ 10] ، يصحّ أن يكون إشارة
إلى ما يداخلهم من الخوف حتى اظلمّت أبصارهم، ويصحّ أن يكون
إشارة إلى ما قال: يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ
[آل عمران/ 13] ، وقال: ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى [النجم/
17] ، مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ
[التوبة/ 117] ، فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ
[الصف/ 5] ، لمّا فارقوا الاستقامة عاملهم بذلك.
زال
زَالَ الشيء يَزُولُ زَوَالًا: فارق طريقته جانحا عنه، وقيل:
أَزَلْتُهُ، وزَوَّلْتُهُ، قال: إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ
السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا [فاطر/ 41] ، وَلَئِنْ
زالَتا [فاطر/ 41] ، لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ [إبراهيم/ 46]
، والزَّوَالُ يقال في شيء قد كان ثابتا قبل، فإن قيل: قد
قالوا: زوال الشمس، ومعلوم أن لا ثبات للشمس بوجه، قيل: إنّ
ذلك قالوه لاعتقادهم في الظّهيرة أنّ لها
__________
(1) قرأ بالتشديد تزورّ ابن عامر ويعقوب، وقرأ: تزّاور نافع
وأبو جعفر وابن كثير وأبو عمرو. وقرأ بالتخفيف تَتَزاوَرُ عاصم
وحمزة والكسائي وخلف. انظر: الإتحاف 288.
(2) قرأ بالتشديد تزورّ ابن عامر ويعقوب، وقرأ: تزّاور نافع
وأبو جعفر وابن كثير وأبو عمرو. وقرأ بالتخفيف تَتَزاوَرُ عاصم
وحمزة والكسائي وخلف. انظر: الإتحاف 288.
(3) الرجز ينسب للأغلب العجلي، وقيل: ليحيى بن منصور، والأول
أصح لوجود الأبيات في ديوان العجلي كما ذكره الجوهري.
وأول الرجز:
إن سرّك العزّ فجخجخ بجثم ... أهل البناة والعديد والكرم
جاؤوا بزوريهم وجئنا بالأصم ... شيخ لنا كالليث من باقي إرم
وهو في ديوانه ص 175، واللسان (زور) ، والمؤتلف والمختلف ص 23.
(1/387)
ثباتا في كبد السماء، ولهذا قالوا: قام
قائم الظّهيرة، وسار النهار، وقيل: زَالَهُ يَزِيلُهُ «1»
زَيْلًا، قال الشاعر:
217-
زَالَ زوالها
«2» أي: أذهب الله حركتها، والزَّوَالُ: التّصرّف. وقيل:
هو نحو قولهم: أسكت الله نأمته «3» ، وقال الشاعر:
218-
إذا ما رأتنا زال منها زويلها
«4» ومن قال: زال لا يتعدّى، قال: (زوالها) نصب على المصدر،
وتَزَيَّلُوا
[الفتح/ 25] ، تفرّقوا، قال فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ
[يونس/ 28] ، وذلك على التّكثير فيمن قال: زلت متعدّ، نحو:
مزته وميّزته، وقولهم: مَا زَالَ ولا يزال خصّا بالعبارة،
وأجريا مجرى كان في رفع الاسم ونصب الخبر، وأصله من الياء،
لقولهم:
زَيَّلْتُ، ومعناه معنى ما برحت، وعلى ذلك:
وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ [هود/ 118] ، وقوله:
لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ [التوبة/ 110] ، وَلا يَزالُ الَّذِينَ
كَفَرُوا [الرعد/ 31] ، فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ [غافر/ 34] ،
ولا يصحّ أن يقال: ما زال زيد إلّا منطلقا، كما يقال: ما كان
زيد إلّا منطلقا، وذلك أنّ زَالَ يقتضي معنى النّفي، إذ هو ضدّ
الثّبات، وما ولا: يقتضيان النّفي، والنّفيان إذا اجتمعا
اقتضيا الإثبات، فصار قولهم: ما زَالَ يجري مجرى (كان) في كونه
إثباتا فكما لا يقال: كان زيد إلا منطلقا لا يقال: ما زال زيد
إلا منطلقا.
زين
الزِّينَةُ الحقيقيّة: ما لا يشين الإنسان في شيء من أحواله لا
في الدنيا، ولا في الآخرة، فأمّا ما يزينه في حالة دون حالة
فهو من وجه شين، والزِّينَةُ بالقول المجمل ثلاث: زينة نفسيّة
كالعلم، والاعتقادات الحسنة، وزينة بدنيّة، كالقوّة وطول
القامة، وزينة خارجيّة كالمال والجاه. فقوله:
حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ
__________
(1) قال السرقسطي: وقد زال الشيء يزيله زيلا: إذا مازه منه.
انظر: الأفعال 3/ 479.
(2) البيت:
هذا النهار بدا لها من همّها ... ما بالها بالليل زال زوالها
وهو للأعشى في ديوانه ص 150، واللسان (زول) .
قيل: معناه: زال الخيال زوالها.
(3) أي: نغمته وصوته، انظر: اللسان (نأم) ، والمنتخب لكراع
النمل 1/ 46.
(4) هذا عجز بيت، وشطره:
وبيضاء لا تنحاش منّا وأمها
وهو لذي الرّمة في ديوانه ص 637 من قصيدة مطلعها:
أخرقاء للبين استقلّت حمولها ... نعم غربة فالعين يجري مسيلها
ورواية الديوان «زيل» والبيت في المجمل 2/ 445.
(1/388)
[الحجرات/ 7] ، فهو من الزّينة النّفسيّة،
وقوله:
مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ [الأعراف/ 32] ، فقد حمل على
الزّينة الخارجيّة، وذلك أنه قد روي: (أنّ قوما كانوا يطوفون
بالبيت عراة فنهوا عن ذلك بهذه الآية) «1» ، وقال بعضهم: بل
الزّينة المذكورة في هذه الآية هي الكرم المذكور في قوله:
إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ [الحجرات/ 13] ،
وعلى هذا قال الشاعر:
219-
وزِينَةُ العاقل حسن الأدب
«2» وقوله: فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ
[القصص/ 79] ، فهي الزّينة الدّنيويّة من المال والأثاث
والجاه، يقال: زَانَهُ كذا، وزَيَّنَهُ: إذا أظهر حسنه، إمّا
بالفعل، أو بالقول، وقد نسب الله تعالى التّزيين في مواضع إلى
نفسه، وفي مواضع إلى الشيطان، وفي مواضع ذكره غير مسمّى فاعله،
فممّا نسبه إلى نفسه قوله في الإيمان: وَزَيَّنَهُ فِي
قُلُوبِكُمْ [الحجرات/ 7] ، وفي الكفر قوله: زَيَّنَّا لَهُمْ
أَعْمالَهُمْ [النمل/ 4] ، زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ
عَمَلَهُمْ [الأنعام/ 108] ، وممّا نسبه إلى الشيطان قوله:
وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ [الأنفال/ 48]
، وقوله تعالى:
لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ [الحجر/ 39] ، ولم يذكر
المفعول لأنّ المعنى مفهوم. وممّا لم يسمّ فاعله قوله عزّ
وجلّ: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ [آل عمران/ 14] ،
زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ [التوبة/ 37] ، وقال:
زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا [البقرة/
212] ، وقوله:
زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ
شُرَكاؤُهُمْ «3» ، تقديره: زيّنه شركاؤهم «4» ، وقوله:
زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ [فصلت/ 12] ،
وقوله: إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ
الْكَواكِبِ [الصافات/ 6] ، وَزَيَّنَّاها لِلنَّاظِرِينَ
[الحجر/ 16] ، فإشارة إلى الزّينة
__________
(1) أخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير قال: كان الناس يطوفون
بالبيت عراة، يقولون: لا نطوف في ثياب أذنبنا فيها، فجاءت
امرأة فألقت ثيابها وطافت، ووضعت يدها على قبلها وقالت:
اليوم يبدو بعضه أو كله ... وما بدا منه فلا أحله
فنزلت هذه الآية: خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ.
انظر: الدر المنثور 3/ 439.
(2) هذا عجز بيت، وشطره:
لكلّ شيء حسن زِينَةٌ
وهو في البصائر 3/ 157، ومعجم الأدباء 1/ 72، وعمدة الحفاظ:
زين.
(3) سورة الأنعام آية 137، وهذه قراءة ابن عامر الشامي، برفع
(قتل) ونصب (أولادهم) وخفض (شركائهم) .
وقرأ الباقي (زيّن) بالبناء للمعلوم، و (قتل) بالنصب، و
(أولادهم) بالخفض، و (شركاؤهم) بالرفع. انظر:
الإتحاف ص 217.
(4) يريد أنّ «شركاؤهم» مرفوع على أنّه فاعل لفعل محذوف مبني
للفاعل، هو زيّنه.
(1/389)
التي تدرك بالبصر التي يعرفها الخاصّة
والعامّة، وإلى الزّينة المعقولة التي يختصّ بمعرفتها الخاصّة،
وذلك أحكامها وسيرها. وتَزْيِينُ الله للأشياء قد يكون
بإبداعها مزيّنة، وإيجادها كذلك، وتَزْيِينُ الناس للشيء:
بتزويقهم، أو بقولهم، وهو أن يمدحوه ويذكروه بما يرفع منه.
تمّ كتاب الزاي
(1/390)
|