المفردات في غريب القرآن كتاب الغين
غبر
الْغَابِرُ: الماكث بعد مضيّ ما هو معه. قال:
إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ
[الشعراء/ 171] ، يعني: فيمن طال أعمارهم، وقيل: فيمن بقي ولم
يسر مع لوط. وقيل: فيمن بقي بعد في العذاب، وفي آخر: إِلَّا
امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ [العنكبوت/ 33] ، وفي
آخر:
قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ [الحجر/ 60] ، ومنه:
الْغُبْرَةُ: البقيّة في الضّرع من اللّبن، وجمعه: أَغْبَارٌ،
وغُبْرُ الحيض، وغُبْرُ الليل.
والْغُبَارُ: ما يبقى من التراب المثار، وجعل على بناء الدّخان
والعثار ونحوهما من البقايا، وقد غَبَرَ الغُبَارُ، أي: ارتفع،
وقيل: يقال للماضي غَابِرٌ، وللباقي غَابِرٌ «1» ، فإن يك ذلك
صحيحا، فإنما قيل للماضي غابر تصوّرا بمضيّ الغُبَارِ عن
الأرض، وقيل للباقي غَابِرٌ تصوّرا بتخلّف الغُبَارِ عن الذي
يعدو فيخلفه، ومن الغُبَارِ اشتقّ الغَبَرَةُ: وهو ما يعلق
بالشيء من الغُبَارِ وما كان على لونه، قال:
وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ
[عبس/ 40] ، كناية عن تغيّر الوجه للغمّ، كقوله: ظَلَّ
وَجْهُهُ مُسْوَدًّا [النحل/ 58] ، يقال: غَبَرَ غَبْرَةً،
واغْبَرَّ واغْبَارَّ، قال طرفة:
337-
رأيت بني غَبْرَاءَ لا ينكرونني
«2» أي: بني المفازة المُغْبَرَّةِ، وذلك كقولهم: بنو السّبيل.
وداهية غَبْرَاءُ، إما من قولهم: غَبَرَ الشيء: وقع في
الْغُبَارِ كأنها تُغَبِّرُ الإنسانَ، أو من الغُبْرِ، أي:
البقيّة، والمعنى: داهية باقية لا تنقضي، أو من غَبَرَةِ
اللّون فهو كقولهم: داهية
__________
(1) قال ابن الأنباري: الغابر حرفّ من الأضداد. يقال: غابر
للماضي، وغابر للباقي. انظر: الأضداد ص 129.
(2) شطر بيت من معلقته، وعجزه:
ولا أهل هذاك الطّرف الممدّد
وهو في ديوانه ص 31، وشرح القصائد المشهورات 1/ 79.
(1/601)
زبّاء «1» ، أو من غُبْرَةِ اللّبن فكلّها
الدّاهية التي إذا انقضت بقي لها أثر، أو من قولهم: عرق
غَبِرٌ، أي ينتفض مرّة بعد أخرى، وقد غَبِرَ العرق،
والغُبَيْرَاءُ: نبت معروف، وثمر على هيئته ولونه.
غبن
الغَبْنُ: أن تبخس صاحبك في معاملة بينك وبينه بضرب من
الإخفاء، فإن كان ذلك في مال يقال: غَبَنَ فلانٌ، وإن كان في
رأي يقال:
غَبِنَ «2» ، وغَبِنْتُ كذا غَبَناً: إذا غفلت عنه فعددت ذلك
غَبَناً، ويوم التَّغَابُنِ: يوم القيامة لظهور الغَبْنِ في
المبايعة المشار إليها بقوله: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي
نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ [البقرة/ 207] ، وبقوله:
إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ...
الآية [التوبة/ 111] ، وبقوله: الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ
اللَّهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا [آل عمران/ 77] ،
فعلموا أنّهم غُبِنُوا فيما تركوا من المبايعة، وفيما تعاطوه
من ذلك جميعا، وسئل بعضهم عن يوم التَّغَابُنِ؟ فقال: تبدوا
الأشياء لهم بخلاف مقاديرهم في الدّنيا، قال بعض المفسرين: أصل
الْغُبْنِ: إخفاء الشيء، والْغَبَنُ بالفتح: الموضع الذي يخفى
فيه الشيء، وأنشد:
338-
ولم أر مثل الفتيان في غَبَنِ ال ... أيام ينسون ما عواقبها
«3» وسمّي كلّ منثن من الأعضاء كأصول الفخذين والمرافق
مَغَابِنَ لاستتاره، ويقال للمرأة: إنها طيّبة المَغَابِنِ.
غثا
الغُثَاءُ: غُثَاءُ السّيل والقدر، وهو ما يطفح ويتفرّق من
النّبات اليابس، وزبد القدر، ويضرب به المثل فيما يضيع ويذهب
غير معتدّ به، ويقال: غَثَا الوادي غَثْواً، وغَثَتْ نفسُه
تَغْثِي «4» غَثَيَاناً: خبثت.
غدر
الغَدْرُ: الإخلال بالشيء وتركه، والْغَدْرُ يقال لترك العهد،
ومنه قيل: فلان غَادِرٌ، وجمعه:
غَدَرَةٌ، وغَدَّارٌ: كثير الْغَدْرِ، والْأَغْدَرُ
والْغَدِيرُ:
الماء الذي يُغَادِرُهُ السّيل في مستنقع ينتهي إليه، وجمعه:
غُدُرٌ وغُدْرَانٌ، واسْتَغْدَرَ الْغَدِيرُ: صار فيه الماء،
والْغَدِيرَةُ: الشّعر الذي ترك حتى
__________
(1) يقال: داهية دهواء، وزبّاء، وشعراء، وغبراء.
(2) قال أبو عثمان السرقسطي: غبنه في البيع غبنا: نقصه، وغبن
الثوب: كفّه، وغبن الشيء: أخفاه. وغبن رأيه غبنا:
ضعف، وغبن رأيه: ضعف. انظر: الأفعال 2/ 33.
وقال ابن منظور: الغبن بالتسكين في البيع، والغبن بالفتح في
الرأي.
(3) البيت لعدي بن زيد، وهو في الشعر والشعراء ص 131، والمسائل
العضديات ص 166، وديوانه ص 45.
(4) قال أبو عثمان السرقسطي: غثت النفس تغثي غثيا وغثى
وغثيانا: دارت للقيء.
وقال: قال صاحب العين: وغثيت أيضا، وأنكره الأصمعي. راجع:
الأفعال 2/ 42.
(1/602)
طال، وجمعها غَدَائِرُ، وغَادَرَهُ: تركه.
قال تعالى: لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا
أَحْصاها
[الكهف/ 49] ، وقال: فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً
[الكهف/ 47] ، وغَدِرَتِ الشاة:
تخلّفت فهي غَدِرَةٌ، وقيل للجحرة واللّخافيق «1» التي
يُغَادِرُهَا البعير والفرس غائرا: غَدَرٌ «2» ، ومنه قيل: ما
أثبت غَدَرَ هذا الفرس، ثم جعل مثلا لمن له ثبات، فقيل: ما
أثبت غَدَرَهُ «3» .
غدق
قال تعالى: لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً
[الجن/ 16] ، أي: غزيرا، ومنه: غَدِقَتْ عينه تَغْدَقُ «4» ،
والغَيْدَاقُ يقال فيما يغزر من ماء وعدو ونطق.
غدا
الْغُدْوَةُ والغَدَاةُ من أول النهار، وقوبل في القرآن
الغُدُوُّ بالآصال، نحو قوله: بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ
[الأعراف/ 205] ، وقوبل الغَدَاةُ بالعشيّ، قال:
بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِ
[الأنعام/ 52] ، غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ
[سبأ/ 12] . والْغَادِيَةُ:
السّحاب ينشأ غُدْوَةً، والغَدَاءُ: طعام يتناول في ذلك الوقت،
وقد غَدَوْتُ أَغْدُو، قال: أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ
[القلم/ 22] ، وغَدٌ يقال لليوم الذي يلي يومك الذي أنت فيه،
قال: سَيَعْلَمُونَ غَداً
[القمر/ 26] ، ونحوه.
غرر
يقال: غَررْتُ فلانا: أصبت غِرَّتَهُ ونلت منه ما أريده،
والغِرَّةُ: غفلة في اليقظة، والْغِرَارُ: غفلة مع غفوة، وأصل
ذلك من الْغُرِّ، وهو الأثر الظاهر من الشيء، ومنه: غُرَّةُ
الفرس. وغِرَارُ السّيف أي: حدّه، وغَرُّ الثّوب: أثر كسره،
وقيل: اطوه على غَرِّهِ «5» ، وغَرَّهُ كذا غُرُوراً كأنما
طواه على غَرِّهِ. قال تعالى: ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ
[الانفطار/ 6] ، لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا
فِي الْبِلادِ
[آل عمران/ 196] ، وقال: وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا
غُرُوراً
[النساء/ 120] ، وقال: بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ
بَعْضُهُمْ بَعْضاً إِلَّا غُرُوراً [فاطر/ 40] ، وقال: يُوحِي
بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً [الأنعام/
112] ، وقال: وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ
الْغُرُورِ [آل عمران/ 185] ، وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ
الدُّنْيا
[الأنعام/ 70] ، ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ
__________
(1) اللخافيق واحدها: لخفوق، وهي شقوق في الأرض، وقال بعضهم:
أصلها الأخافيق. انظر: اللسان (غدر) .
(2) انظر: المجمل 3/ 692، واللسان (غدر) . والجحرة: جمع جحر،
وانظر ديوان الأدب 1/ 212.
(3) يقال هذا للرجل إذا كان لسانه يثبت في موضع الزلل
والخصومة. انظر: اللسان (غدر) ، وعمدة الحفاظ: غدر.
(4) انظر: المجمل 3/ 6692، والأفعال 2/ 4.
(5) انظر: المجمل 3/ 681، واللسان (غرر) ، وعمدة الحفاظ: غرر.
[.....]
(1/603)
إِلَّا غُرُوراً [الأحزاب/ 12] ، وَلا
يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ
[لقمان/ 33] ، فَالْغَرُورُ: كلّ ما يَغُرُّ الإنسان من مال
وجاه وشهوة وشيطان، وقد فسّر بالشيطان إذ هو أخبث
الْغَارِّينَ، وبالدّنيا لما قيل: الدّنيا تَغُرُّ وتضرّ وتمرّ
«1» ، والْغَرَرُ: الخطر، وهو من الْغَرِّ، «ونهي عن بيع
الْغَرَرِ» «2» .
والْغَرِيرُ: الخلق الحسن اعتبارا بأنّه يَغُرُّ، وقيل:
فلان أدبر غَرِيرُهُ وأقبل هريرة «3» ، فباعتبار غُرَّةِ الفرس
وشهرته بها قيل: فلان أَغَرُّ إذا كان مشهورا كريما، وقيل:
الْغُرَرُ لثلاث ليال من أوّل الشّهر لكون ذلك منه كالْغُرَّةِ
من الفرس، وغِرَارُ السّيفِ: حدّه، والْغِرَارُ: لَبَنٌ قليل،
وغَارَتِ النّاقةُ: قلّ لبنها بعد أن ظنّ أن لا يقلّ، فكأنّها
غَرَّتْ صاحبها.
غرب
الْغَرْبُ: غيبوبة الشّمس، يقال: غَرَبَتْ تَغْرُبُ غَرْباً
وغُرُوباً، ومَغْرِبُ الشّمس ومُغَيْرِبَانُهَا. قال تعالى:
رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ
[الشعراء/ 28] ، رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ
الْمَغْرِبَيْنِ
[الرحمن/ 17] ، بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ
[المعارج/ 40] ، وقد تقدّم الكلام في ذكرهما مثنّيين ومجموعين
«4» ، وقال: لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ
[النور/ 35] ، وقال: حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ
وَجَدَها تَغْرُبُ
[الكهف/ 86] ، وقيل لكلّ متباعد:
غَرِيبٌ، ولكلّ شيء فيما بين جنسه عديم النّظير: غَرِيبٌ، وعلى
هذا قوله عليه الصلاة والسلام: «بدأ الإسلام غَرِيباً وسيعود
كما بدأ» «5» وقيل: العلماء غُرَبَاءُ، لقلّتهم فيما بين
الجهّال، والغُرَابُ سمّي لكونه مبعدا في الذّهاب. قال تعالى:
فَبَعَثَ اللَّهُ غُراباً يَبْحَثُ
[المائدة/ 31] ، وغَارِبُ السّنام لبعده عن المنال، وغَرْبُ
السّيف لِغُرُوبِهِ في الضّريبة «6» ، وهو مصدر في معنى
الفاعل، وشبّه به حدّ اللّسان كتشبيه اللّسان
__________
(1) لم أجد صاحب هذا القول. وهو في البصائر 4/ 129، وعمدة
الحفاظ: غرر.
(2) عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه
وسلم نهى عن بيع الغرر، وبيع الحصاة.
أخرجه مسلم في البيوع برقم (1513) ، وأبو داود: باب بيع الغرر
برقم (3376) ، والنسائي 7/ 262، وابن ماجة في التجارات (برقم
2194) . وانظر: جامع الأصول 1/ 527.
(3) قال ابن فارس: يقال للشيخ: أدبر غريره وأقبل هريرة. انظر:
المجمل 3/ 682، وعمدة الحفاظ: غرر.
(4) تقدّم هذا في مادة (شرق) .
(5) عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلّى الله عليه
وسلم: «إنّ الإسلام بدأ غريبا، وسيعود كما بدأ، فطوبى للغرباء.
قيل:
ومن الغرباء؟ قال: النزّاع من القبائل» .
أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، دون قوله: ومن الغرباء ... إلخ،
وأخرجه أحمد 5/ 296.
(6) قال ابن منظور: غرب السيف، أي: كانت تدارى حدّته وتتقى.
انظر: اللسان (غرب) .
(1/604)
بالسّيف، فقيل: فلان غَرْبُ اللّسان، وسمّي
الدّلو غَرْباً لتصوّر بعدها في البئر، وأَغْرَبَ الساقي:
تناول الْغَرْبَ، والْغَرْبُ: الذّهب «1» لكونه غَرِيباً فيما
بين الجواهر الأرضيّة، ومنه: سهم غَرْبٌ: لا يدرى من رماه.
ومنه: نظر غَرْبٌ:
ليس بقاصد، و، الْغَرَبُ: شجر لا يثمر لتباعده من الثّمرات،
وعنقاء مُغْرِبٌ، وصف بذلك لأنه يقال: كان طيرا تناول جارية
فَأَغْرَبَ «2» بها. يقال عنقاء مُغْرِبٌ، وعنقاء مُغْرِبٍ
بالإضافة.
والْغُرَابَانِ: نقرتان عند صلوي العجز تشبيها بِالْغُرَابِ في
الهيئة، والْمُغْرِبُ: الأبيض الأشفار، كأنّما أَغْرَبَتْ
عينُهُ في ذلك البياض. وَغَرابِيبُ سُودٌ
[فاطر/ 27] ، قيل: جَمْعُ غِرْبِيبٍ، وهو المُشْبِهُ
لِلْغُرَابِ في السّواد كقولك: أسود كحلك الْغُرَابِ.
غرض
الغَرَضُ الهدف المقصود بالرّمي، ثم جعل اسما لكلّ غاية يتحرّى
إدراكها، وجمعه:
أَغْرَاضٌ، فَالْغَرَضُ ضربان: غَرَضٌ ناقص وهو الذي يتشوّق
بعده شيء آخر كاليسار والرّئاسة ونحو ذلك مما يكون من
أَغْرَاضِ الناس، وتامّ وهو الذي لا يتشوّق بعده شيء آخر
كالجنّة.
غرف
الْغَرْفُ: رفع الشيء وتناوله، يقال: غَرَفْتُ الماء والمرق،
والْغُرْفَةُ: ما يُغْتَرَفُ، والْغَرْفَةُ للمرّة،
والْمِغْرَفَةُ: لما يتناول به. قال تعالى:
إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ
[البقرة/ 249] ، ومنه استعير: غَرَفْتُ عرف الفرس: إذا جززته
«3» ، وغَرَفْتُ الشّجرةَ، والْغَرَفُ: شجر معروف، وغَرَفَتِ
الإبل: اشتكت من أكله «4» ، والْغُرْفَةُ: علّيّة من البناء،
وسمّي منازل الجنّة غُرَفاً. قال تعالى: أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ
الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا
[الفرقان/ 75] ، وقال: لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ
غُرَفاً
[العنكبوت/ 58] ، وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ
[سبأ/ 37] .
غرق
الغَرَقُ: الرّسوب في الماء وفي البلاء، وغَرِقَ فلان يَغْرَقُ
غَرَقاً، وأَغْرَقَهُ. قال تعالى: حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ
الْغَرَقُ
[يونس/ 90] ، وفلان غَرِقَ في نعمة فلان تشبيها بذلك. قال
تعالى:
وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ
[البقرة/ 50] ، فَأَغْرَقْناهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعاً
[الإسراء/ 103] ، ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ [الشعراء/ 66]
، ثُمَّ أَغْرَقْنا بَعْدُ الْباقِينَ [الشعراء/
__________
(1) في اللسان: الغرب: الذهب، وقيل: الفضة.
(2) انظر: ثمار القلوب ص 450، والحيوان 7/ 120، وحياة الحيوان
2/ 87.
(3) راجع المجمل 3/ 694.
(4) قال السرقسطي: غرفت الإبل: اشتكت بطونها من أكل الغرف.
انظر: الأفعال 2/ 16.
(1/605)
120] ، وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ
[يس/ 43] ، أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً
[نوح/ 25] ، فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ
[هود/ 43] .
غرم
الغُرْمُ: ما ينوب الإنسان في ماله من ضرر لغير جناية منه، أو
خيانة، يقال: غَرِمَ كذا غُرْماً ومَغْرَماً، وأُغْرِمَ فلان
غَرَامَةً. قال تعالى: إِنَّا لَمُغْرَمُونَ
[الواقعة/ 66] ، فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ
[القلم/ 46] ، يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ مَغْرَماً
[التوبة/ 98] . والغَرِيمُ يقال لمن له الدّين، ولمن عليه
الدّين. قال تعالى:
وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ
[التوبة/ 60] ، والغَرَامُ: ما ينوب الإنسان من شدّة ومصيبة،
قال: إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً
[الفرقان/ 65] ، من قولهم: هو مُغْرَمٌ بالنّساء، أي: يلازمهنّ
ملازمة الْغَرِيمِ. قال الحسن: كلّ غَرِيمٍ مفارق غَرِيمَهُ
إلا النّار «1» ، وقيل: معناه: مشغوفا بإهلاكه.
غرا
غَرِيَ بكذا «2» ، أي: لهج به ولصق، وأصل ذلك من الغِرَاءِ،
وهو ما يلصق به، وقد أَغْرَيْتُ فلانا بكذا، نحو: ألهجت به.
قال تعالى: فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ
[المائدة/ 14] ، لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ
[الأحزاب/ 60] .
غزل
قال تعالى: وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها
[النحل/ 92] ، وقد غَزَلَتْ غَزْلَهَا.
والْغَزَالُ: ولد الظّبية، والْغَزَالَةُ: قرصة الشمس، وكني
بالغَزْلِ والْمُغَازَلَةِ عن مشافنة «3» المرأة التي كأنها
غَزَالٌ، وغَزِلَ الكلب غَزَلًا: إذا أدرك الْغَزَالَ فلهي عنه
بعد إدراكه.
غزا
الْغَزْوُ: الخروج إلى محاربة العدوّ، وقد غَزَا يَغْزُو
غَزْواً، فهو غَازٍ، وجمعه غُزَاةٌ وغُزًّى. قال تعالى: أَوْ
كانُوا غُزًّى
[آل عمران/ 156] .
غسق
غَسَقُ الليل: شدّة ظلمته. قال تعالى: إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ
[الإسراء/ 78] ، والْغَاسِقُ: الليل المظلم. قال: وَمِنْ شَرِّ
غاسِقٍ إِذا وَقَبَ
[الفلق/ 3] ، وذلك عبارة عن النائبة بالليل كالطارق، وقيل:
القمر إذا كسف فاسودّ.
والْغَسَّاقُ: ما يقطر من جلود أهل النار، قال:
إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً
[عمّ/ 25] .
__________
(1) أخرج هذا ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وغيرهما. انظر: الدر
المنثور 6/ 274.
(2) انظر: الأفعال 2/ 4.
(3) الشّفن: النظر بمؤخر العين.
(1/606)
غسل
غَسَلْتُ الشيء غَسْلًا: أَسَلْتُ عليه الماءَ فأَزَلْتُ
دَرَنَهُ، والْغَسْلُ الاسم، والْغِسْلُ: ما يُغْسَلُ به. قال
تعالى: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ ...
الآية [المائدة/ 6] ، والِاغْتِسَالُ: غَسْلُ البدنِ، قال:
حَتَّى تَغْتَسِلُوا
[النساء/ 43] ، والمُغْتَسَلُ: الموضعُ الذي يُغْتَسَلُ منه،
والماء الذي يُغْتَسَلُ به، قال: هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ
وَشَرابٌ
[ص/ 42] .
والْغِسْلِينُ: غُسَالَةُ أبدانِ الكفّار في النار «1» . قال
تعالى: وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ
[الحاقة/ 36] .
غشي
غَشِيَهُ غِشَاوَةً وغِشَاءً: أتاه إتيان ما قد غَشِيَهُ، أي:
ستره. والْغِشَاوَةُ: ما يغطّى به الشيء، قال:
وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً [الجاثية/ 23] ، وَعَلى
أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ [البقرة/ 7] ، يقال:
غَشِيَهُ وتَغَشَّاهُ، وغَشَّيْتُهُ كذا. قال: وَإِذا
غَشِيَهُمْ مَوْجٌ
[لقمان/ 32] ، فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ
[طه/ 78] ، وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ
[إبراهيم/ 50] ، إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى [النجم/
16] ، وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى [الليل/ 1] ، إِذْ يُغَشِّيكُمُ
النُّعاسَ
[الأنفال/ 11] . وغَشَيْتُ موضع كذا: أتيته، وكنّي بذلك عن
الجماع. يقال: غَشَّاهَا وتَغَشَّاهَا. فَلَمَّا تَغَشَّاها
حَمَلَتْ [الأعراف/ 189] . وكذا الْغِشْيَانُ، والْغَاشِيَةُ:
كلّ ما يغطّي الشيء كَغَاشِيَةِ السّرج، وقوله: أَنْ
تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ
[يوسف/ 107] أي: نائبة تَغْشَاهُمْ وتجلّلهم. وقيل:
الْغَاشِيَةُ في الأصل محمودة وإنما استعير لفظها هاهنا على
نحو قوله: لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ
غَواشٍ
[الأعراف/ 41] ، وقوله:
هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ
[الغاشية/ 1] ، كناية عن القيامة، وجمعها: غَوَاشٍ، وغُشِيَ
على فلان: إذا نابه ما غَشِيَ فهمه. قال تعالى:
كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ
[الأحزاب/ 19] ، نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ
[محمد/ 20] ، فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ
[يس/ 9] ، وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ
[البقرة/ 7] ، كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ
[يونس/ 27] ، وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ
[نوح/ 7] ، أي: جعلوها غِشَاوَةً على أسماعهم، وذلك عبارة عن
الامتناع من الإصغاء، وقيل: (اسْتَغْشَوْا ثيابهم) كناية عن
العدو كقولهم: شمّر ذيلا وألقى ثوبه، ويقال:
غَشَيْتُهُ سوطا أو سيفا، ككسوته وعمّمته.
غص
الغُصَّةُ: الشّجاة التي يُغَصُّ بها الحلق. قال تعالى:
وَطَعاماً ذا غُصَّةٍ
[المزمل/ 13] .
غض
الغَضُّ: النّقصان من الطّرف، والصّوت، وما
__________
(1) أخرجه ابن جرير عن ابن عباس 29/ 65. [.....]
(1/607)
في الإناء. يقال: غَضَّ وأَغَضَّ. قال
تعالى:
قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ
[النور/ 30] ، وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ
[النور/ 31] ، وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ
[لقمان/ 19] ، وقول الشاعر:
339-
فَغُضَّ الطّرفَ إنّك من نمير
«1» فعلى سبيل التّهكّم، وغَضَضْتُ السّقاء:
نقصت ممّا فيه، والْغَضُّ: الطّريّ الذي لم يطل مكثه.
غضب
الغَضَبُ: ثوران دم القلب إرادة الانتقام، ولذلك قال عليه
السلام: «اتّقوا الغَضَبَ فإنّه جمرة توقد في قلب ابن آدم، ألم
تروا إلى انتفاخ أوداجه وحمرة عينيه» «2» ، وإذا وصف الله
تعالى به فالمراد به الانتقام دون غيره: قال فَباؤُ بِغَضَبٍ
عَلى غَضَبٍ
[البقرة/ 90] ، وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ [آل عمران/ 112]
، وقال:
وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي [طه/ 81] ، غَضِبَ اللَّهُ
عَلَيْهِمْ
[المجادلة/ 14] ، وقوله:
غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ
[الفاتحة/ 7] ، قيل:
هم اليهود «3» . والغَضْبَةُ كالصّخرة، والغَضُوبُ:
الكثير الغضب. وتوصف به الحيّة والنّاقة الضجور، وقيل: فلان
غُضُبَّةٌ: سريع الغضب «4» ، وحكي أنّه يقال: غَضِبْتُ لفلان:
إذا كان حيّا وغَضِبْتُ به إذا كان ميّتا «5» .
غطش
قال تعالى: أَغْطَشَ لَيْلَها
[النازعات/ 29] ، أي: جعله مظلما، وأصله من الْأَغْطَشُ، وهو
الذي في عينه شبه عمش، ومنه قيل: فلاة غَطْشَى: لا يهتدى فيها،
والتَّغَاطُشُ: التّعامي عن الشيء.
__________
(1) الشطر لجرير، وعجزه:
فلا كعبا بلغت ولا كلابا
وهو من قصيدة يهجو بها الراعي، ومطلعها:
أقلّي اللوم عاذل والعتابا ... وقولي إن أصبت لقد أصابا
وهو في ديوانه ص 61.
(2) الحديث عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلّى الله عليه وسلم
قال: «ألا وإنّ الغضب جمرة في قلب ابن آدم، أما رأيتم إلى حمرة
عينيه، وانتفاخ أوداجه، فمن أحسّ بشيء من ذلك فليلصق بالأرض» .
أخرجه الترمذي من حديث طويل، وقال: حسن صحيح (انظر: كتاب الفتن
في عارضة الأحوذي 9/ 43) ، وتخريج أحاديث الإحياء 4/ 1802،
ومسند أحمد 3/ 19، وعبد الرزاق في المصنف 11/ 347.
(3) أخرجه أحمد والترمذي وحسّنه وابن حبّان في صحيحه عن عدي بن
حاتم قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إنّ المغضوب
عليهم اليهود، وإنّ الضالين النصارى» . مسند أحمد 4/ 378،
وعارضة الأحوذي 11/ 75، وانظر: الدر المنثور 1/ 42.
(4) قال ابن دريد: ورجل غضبّة: إذا كان كثير الغضب.
(5) انظر: الجمهرة 1/ 303.
(1/608)
غطا
الغِطَاءُ: ما يجعل فوق الشيء من طبق ونحوه، كما أنّ الغشاء ما
يجعل فوق الشيء من لباس ونحوه، وقد استعير للجهالة. قال تعالى:
فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ
[ق/ 22] .
غفر
الغَفْرُ: إلباس ما يصونه عن الدّنس، ومنه قيل:
اغْفِرْ ثوبك في الوعاء، واصبغ ثوبك فإنّه أَغْفَرُ للوسخ «1»
، والغُفْرَانُ والْمَغْفِرَةُ من الله هو أن يصون العبد من أن
يمسّه العذاب. قال تعالى:
غُفْرانَكَ رَبَّنا
[البقرة/ 285] ، ومَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ
[آل عمران/ 133] ، وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ
[آل عمران/ 135] ، وقد يقال: غَفَرَ لَهُ إذا تجافى عنه في
الظاهر وإن لم يتجاف عنه في الباطن، نحو: قُلْ لِلَّذِينَ
آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ
[الجاثية/ 14] . والاسْتِغْفَارُ: طلب ذلك بالمقال والفعال،
وقوله: اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً
[نوح/ 10] ، لم يؤمروا بأن يسألوه ذلك باللّسان فقط بل
باللّسان وبالفعال، فقد قيل: الِاسْتِغْفَارُ باللّسان من دون
ذلك بالفعال فعل الكذّابين، وهذا معنى: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ
لَكُمْ [غافر/ 60] .
وقال: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ
[التوبة/ 80] ، وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا
[غافر/ 7] . والغَافِرُ والْغَفُورُ في وصف الله نحو:
غافِرِ الذَّنْبِ
[غافر/ 3] ، إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ
[فاطر/ 30] ، هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
[الزمر/ 53] ، والْغَفِيرَةُ: الْغُفْرَانُ، ومنه قوله:
اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَ
[نوح/ 28] ، أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي
[الشعراء/ 82] ، وَاغْفِرْ لَنا
[البقرة/ 286] . وقيل: اغْفِرُوا هذا الأمر بِغَفْرَتِهِ «2» ،
أي: استروه بما يجب أن يستر به، والْمِغْفَرُ: بيضةُ الحديد،
والغِفَارَةُ: خرقة تستر الخمار أن يمسّه دهن الرأس، ورقعة
يغشّى بها محزّ الوتر، وسحابة فوق سحابة.
غفل
الغَفْلَةُ: سهو يعتري الإنسان من قلّة التّحفّظ والتّيقّظ،
يقال: غَفَلَ فهو غَافِلٌ «3» . قال تعالى:
لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا
[ق/ 22] ، وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ [الأنبياء/ 1] ،
وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها
[القصص/ 15] ، وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ
[الأحقاف/ 5] ، لَمِنَ الْغافِلِينَ [يوسف/ 3] ، هُمْ
غافِلُونَ [الروم/ 7] ، بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ
[البقرة/ 144] ، لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ
[النساء/ 102] ، فَهُمْ غافِلُونَ [يس/ 6] ، عَنْها غافِلِينَ
[الأعراف/ 146] . وأرض غُفْلٌ: لا منار بها، ورجل غُفْلٌ: لم
تسمه
__________
(1) انظر المجمل 3/ 863.
(2) انظر اللسان: غفر، والمنتخب لكراع 1/ 223.
(3) انظر: الأفعال 2/ 11.
(1/609)
التّجارب، وإغْفَالُ الكتاب: تركه غير
معجم، وقوله: مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا
[الكهف/ 28] ، أي: تركناه غير مكتوب فيه الإيمان، كما قال:
أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ [المجادلة/ 22] ،
وقيل: معناه من جعلناه غَافِلًا عن الحقائق.
غل
الغَلَلُ أصله: تدرّع الشيء وتوسّطه، ومنه:
الغَلَلُ للماء الجاري بين الشّجر، وقد يقال له:
الغيل، وانْغَلَّ فيما بين الشّجر: دخل فيه، فَالْغُلُّ مختصّ
بما يقيّد به فيجعل الأعضاء وسطه، وجمعه أَغْلَالٌ، وغُلَّ
فلان: قيّد به. قال تعالى:
خُذُوهُ فَغُلُّوهُ
[الحاقة/ 30] ، وقال: إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ
[غافر/ 71] . وقيل للبخيل: هو مَغْلُولُ اليد. قال: وَيَضَعُ
عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ
[الأعراف/ 157] ، وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى
عُنُقِكَ
[الإسراء/ 29] ، وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ
غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ
[المائدة/ 64] ، أي:
ذمّوه بالبخل. وقيل: إنّهم لمّا سمعوا أنّ الله قد قضى كلّ شيء
قالوا: إذا يد الله مَغْلُولَةٌ «1» ، أي:
في حكم المقيّد لكونها فارغة، فقال الله تعالى ذلك. وقوله:
إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالًا
[يس/ 8] ، أي: منعهم فعل الخير، وذلك نحو وصفهم بالطّبع والختم
على قلوبهم، وعلى سمعهم وأبصارهم، وقيل: بل ذلك- وإن كان لفظه
ماضيا- فهو إشارة إلى ما يفعل بهم في الآخرة كقوله:
وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا
[سبأ/ 33] . والْغُلَالَةُ: ما يلبس بين الثّوبين، فالشّعار:
لما يلبس تحت الثّوب، والدّثار: لما يلبس فوقه، والْغُلَالَةُ:
لما يلبس بينهما. وقد تستعار الْغُلَالَةُ للدّرع كما يستعار
الدّرع لها، والْغُلُولُ: تدرّع الخيانة، والغِلُّ:
العداوة. قال تعالى: وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍ
[الأعراف/ 43] ، وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا
لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ
[الحشر/ 10] . وغَلَّ يَغِلُّ: إذا صار ذا غِلٍّ «2» ، أي:
ضغن، وأَغَلَّ، أي: صار ذا إِغْلَالٍ. أي:
خيانة، وغَلَّ يَغُلُّ: إذا خان، وأَغْلَلْتُ فلانا: نسبته إلى
الغُلُولِ. قال: وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ
[آل عمران/ 161] ، وقرئ: أَنْ يَغُلَ
«3» أي: ينسب إلى الخيانة، من أَغْلَلْتُهُ. قال:
__________
(1) انظر: البصائر 4/ 144.
(2) انظر: الأفعال 2/ 1 و 7.
(3) وهي قراءة نافع وابن عامر وحمزة والكسائي وخلف ويعقوب وأبي
جعفر. انظر: الإتحاف ص 181، وإرشاد المبتدي ص 271.
(1/610)
وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ
الْقِيامَةِ
[آل عمران/ 161] ، وروي: «لا إِغْلَالَ ولا إسلال» «1» أي: لا
خيانة ولا سرقة. وقوله عليه الصلاة والسلام: «ثلاث لا يَغِلُّ
عليهنّ قلب المؤمن» «2» أي: لا يضطغن. وروي: «لا يُغِلُّ» أي:
لا يصير ذا خيانة، وأَغَلَّ الجازر والسالخ:
إذا ترك في الإهاب من اللّحم شيئا، وهو من الْإِغْلَالِ، أي:
الخيانة، فكأنّه خان في اللّحم وتركه في الجلد الذي يحمله.
والغُلَّةُ والغَلِيلُ:
ما يتدرّعه الإنسان في داخله من العطش، ومن شدّة الوجد والغيظ.
يقال: شفا فلان غَلِيلَهُ، أي: غيظه. والغَلَّةُ: ما يتناوله
الإنسان من دخل أرضه، وقد أَغَلَّتْ ضيعته. والْمُغَلْغَلَةُ:
الرّسالة التي تَتَغَلْغَلُ بين القوم الذين تَتَغَلْغَلُ
نفوسُهُمْ، كما قال الشاعر:
340-
تَغَلْغَلُ حيث لم يبلغ شراب ... ولا حزن ولم يبلغ سرور
«3»
غلب
الغَلَبَةُ القهر يقال: غَلَبْتُهُ غَلْباً وغَلَبَةً وغَلَباً
«4» ، فأنا غَالِبٌ. قال تعالى: الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي
أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ
سَيَغْلِبُونَ
[الروم/ 1- 2- 3] ، كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ
فِئَةً كَثِيرَةً
[البقرة/ 249] ، يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ
، [الأنفال/ 65] ، يَغْلِبُوا أَلْفاً [الأنفال/ 65] ،
لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي
[المجادلة/ 21] ، لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ
[الأنفال/ 48] ، إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ
[الأعراف/ 113] ، إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ
[الشعراء/ 44] ،
__________
(1) شطر من حديث طويل في صلح الحديبية أخرجه الإمام أحمد عن
المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم في مسنده 4/ 325، وأبو داود
في كتاب الجهاد، باب: صلح العدو. انظر: سنن أبي داود رقم 2766،
ومعالم السنن 2/ 336.
وقد تقدّم الحديث في باب (سل) .
(2) الحديث عن أبي سعيد الخدري عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم
أنه قال في حجة الوداع: «نضّر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها،
فربّ حامل فقه ليس بفقيه. ثلاث لا يغلّ عليهن قلب امرئ مؤمن:
إخلاص العمل لله، والمناصحة لأئمة المسلمين، ولزوم جماعتهم،
فإنّ دعاءهم يحيط من ورائهم» .
أخرجه البزار بإسناد حسن، وابن حبان في صحيحه من حديث زيد بن
ثابت، والترمذي وقال: حديث حسن، وأحمد، وابن ماجة.
وقال الحافظ المنذري: وقد روي هذا الحديث أيضا عن ابن مسعود
ومعاذ بن جبل والنعمان بن بشير وجبير بن مطعم وأبي الدرداء
وغيرهم، وبعض أسانيدهم صحيحة. ا. هـ وصححه ابن العربي.
انظر: عارضة الأحوذي 10/ 124، ومسند أحمد 4/ 81، والترغيب
والترهيب 1/ 23.
(3) البيت لعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، أحد
الفقهاء السبعة.
وهو في نوادر القالي ص 217، ووفيات الأعيان 3/ 116، وسمط
اللآلئ 2/ 781، وتقدّم ص 449. [.....]
(4) انظر: الأفعال 2/ 32، والبصائر 4/ 142.
(1/611)
فَغُلِبُوا هُنالِكَ
[الأعراف/ 119] ، أَفَهُمُ الْغالِبُونَ
[الأنبياء/ 44] ، سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ
[آل عمران/ 12] ، ثُمَّ يُغْلَبُونَ
[الأنفال/ 36] ، وغَلَبَ عليه كذا أي: استولى.
غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا
[المؤمنون/ 106] ، قيل: وأصل غَلَبَتْ أن تناول وتصيب غَلَبَ
رقبته، والْأَغْلَبُ: الغليظ الرّقبة، يقال: رجل أَغْلَبُ،
وامرأة غَلْبَاءُ، وهضبة غَلْبَاءُ، كقولك: هضبة عنقاء ورقباء،
أي: عظيمة العنق والرّقبة، والجمع: غُلْبٌ، قال وَحَدائِقَ
غُلْباً
[عبس/ 30] .
غلظ
الغِلْظَةُ ضدّ الرّقّة، ويقال: غِلْظَةٌ وغُلْظَةٌ، وأصله أن
يستعمل في الأجسام لكن قد يستعار للمعاني كالكبير والكثير «1»
. قال تعالى:
وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً
[التوبة/ 123] ، أي:
خشونة. وقال: ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ
[لقمان/ 24] ، مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ
[هود/ 58] ، وجاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ
عَلَيْهِمْ
[التوبة/ 73] ، واسْتَغْلَظَ: تهيّأ لذلك، وقد يقال إذا
غَلُظَ. قال: فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ
[الفتح/ 29] .
غلف
قوله تعالى: قُلُوبُنا غُلْفٌ
[البقرة/ 88] ، قيل: هو جمع أَغْلَفَ، كقولهم: سيف أَغْلَفُ.
أي: هو في غِلَافٍ، ويكون ذلك كقوله:
وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ [فصلت/ 5] ، فِي غَفْلَةٍ
مِنْ هذا [ق/ 22] . وقيل: معناه قلوبنا أوعية للعلم «2» .
وقيل: معناه قلوبنا مغطّاة، وغلام أَغْلَفُ كناية عن الأقلف،
والغُلْفَةُ كالقلفة، وغَلَّفْتُ السّيفَ، والقارورة، والرّحل،
والسّرج:
جعلت لها غِلَافاً، وغَلَّفْتُ لحيته بالحنّاء، وتَغَلَّفَ نحو
تخضّب، وقيل: قُلُوبُنا غُلْفٌ
[البقرة/ 88] ، هي جمع غِلَافٍ، والأصل: غُلُفٌ بضمّ اللام،
وقد قرئ به «3» ، نحو: كتب، أي: هي أوعية للعلم تنبيها أنّا لا
نحتاج أن نتعلّم منك، فلنا غنية بما عندنا.
غلق
الْغَلَقُ والْمِغْلَاقُ: ما يُغْلَقُ به، وقيل: ما يفتح به
لكن إذا اعتبر بِالْإِغْلَاقِ يقال له: مِغْلَقٌ ومِغْلَاقٌ،
وإذا اعتبر بالفتح يقال له: مفتح ومفتاح، وأَغْلَقْتُ الباب،
وغَلَّقْتُهُ على التّكثير، وذلك إذا أَغْلَقْتَ أبوابا كثيرة،
أو أَغْلَقْتَ بابا واحدا مرارا، أو أحكمت إِغْلَاقَ باب، وعلى
__________
(1) انظر: مادة (كبر) .
(2) انظر: الدر المنثور 1/ 214، وتفسير المشكل لمكي ص 31،
ومعاني القرآن للزجاج 1/ 169.
(3) وهي قراءة شاذة قرأ بها ابن عباس والأعرج وابن محيصن.
انظر: البحر 1/ 301.
(1/612)
هذا: وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ
[يوسف/ 23] .
وللتّشبيه به قيل: غَلِقَ الرّهن غُلُوقاً «1» ، وغَلِقَ ظهره
دبرا «2» ، والمِغْلَقُ: السّهم السابع لِاسْتِغْلَاقِهِ ما
بقي من أجزاء الميسر، ونخلة غَلِقَةٌ: ذويت أصولها
فَأُغْلِقَتْ عن الإثمار، والغَلْقَةُ: شجرة مرّة كالسّمّ.
غلم
الْغُلَامُ الطّارّ «3» الشّارب. يقال: غُلَامٌ بيّن
الغُلُومَةِ والغُلُومِيَّةِ. قال تعالى: أَنَّى يَكُونُ لِي
غُلامٌ [آل عمران/ 40] ، وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ
مُؤْمِنَيْنِ [الكهف/ 80] ، وقال: وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ
لِغُلامَيْنِ [يوسف/ 19] ، وقال في قصة يوسف: هذا غُلامٌ
[يوسف/ 19] ، والجمع: غِلْمَةٌ وغِلْمَانٌ، واغْتَلَمَ
الْغُلَامُ:
إذا بلغ حدّ الغلومة، ولمّا كان من بلغ هذا الحدّ كثيرا ما
يغلب عليه الشّبق قيل للشّبق: غِلْمَةٌ، واغْتَلَمَ الفحلُ.
غلا
الغُلُوُّ: تجاوز الحدّ، يقال ذلك إذا كان في السّعر غَلَاءٌ،
وإذا كان في القدر والمنزلة غُلُوٌّ وفي السّهم: غَلْوٌ،
وأفعالها جميعا: غَلَا يَغْلُو «4» . قال تعالى: لا تَغْلُوا
فِي دِينِكُمْ
[النساء/ 171] . وَالغَلْيُ والغَلَيَانُ يقال في القدر إذا
طفحت، ومنه استعير قوله: طَعامُ الْأَثِيمِ كَالْمُهْلِ
يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ
[الدخان/ 44- 46] ، وبه شبّه غليان الغضب والحرب، وتَغَالَى
النّبت يصحّ أن يكون من الغلي، وأن يكون من الغلوّ.
والغَلْوَاءُ: تجاوز الحدّ في الجماح، وبه شبّه غَلْوَاءُ
الشّباب.
غم
الغَمُّ: ستر الشيء، ومنه: الغَمَامُ لكونه ساترا لضوء الشمس.
قال تعالى: يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ
[البقرة/ 210] . والغَمَّى مثله، ومنه: غُمَّ الهلالُ، ويوم
غَمٌّ، وليلة غَمَّةٌ وغُمَّى، قال:
341-
ليلة غمّى طامس هلالها
«5» وغُمَّةُ الأمر. قال: ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ
عَلَيْكُمْ غُمَّةً
[يونس/ 71] ، أي: كربة. يقال: غَمٌ
__________
(1) غلق الرهن: ترك فكاكه. انظر: الأفعال 2/ 19.
(2) قال ابن فارس: يقال: غلق ظهر البعير فلا يبرأ من الدبر.
انظر: المجمل 3/ 685.
(3) طرّ الشارب: طلع ونبت.
(4) قال السرقسطي: غلا في القول والأمر والدين غلوّا: جاوز
الحدّ، وغلا السعر غلاء: مثله، وغلوت بالسهم وغلا السهم غلوا:
رفع يده برميه. انظر: الأفعال 2/ 40.
(5) الرجز في اللسان (غمّ) ، والمجمل 3/ 680، والمشوف المعلم
2/ 553، وأساس البلاغة (غمم) ، ولم ينسب.
وإصلاح المنطق ص 282. وعجزه:
أوغلتها ومكره إيغالها.
(1/613)
وغُمَّةٌ. أي: كرب وكربة، والغَمَامَةُ:
خرقة تشدّ على أنف النّاقة وعينها، وناصية غَمَّاءُ: تستر
الوجه.
غمر
أصل الغَمْرِ: إزالة أثر الشيء، ومنه قيل للماء الكثير الذي
يزيل أثر سيله، غَمْرٌ وغَامِرٌ، قال الشاعر:
342-
والماء غَامِرُ جدّادها
«1» .
وبه شبّه الرّجل السّخيّ، والفرس الشّديد العدو، فقيل لهما:
غَمْرٌ كما شبّها بالبحر، والغَمْرَةُ: معظم الماء الساترة
لمقرّها، وجعل مثلا للجهالة التي تَغْمُرُ صاحبها، وإلى نحوه
أشار بقوله: فَأَغْشَيْناهُمْ [يس/ 9] ، ونحو ذلك من الألفاظ
قال: فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ [المؤمنون/ 54] ، الَّذِينَ
هُمْ فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ [الذاريات/ 11] ، وقيل للشَّدائِد:
غَمَرَاتٌ. قال تعالى: فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ [الأنعام/ 93] ،
ورجل غَمْرٌ، وجمعه: أَغْمَارٌ.
والغِمْرُ: الحقد المكنون «2» ، وجمعه غُمُورٌ والْغَمَرُ: ما
يَغْمَرُ من رائحة الدّسم سائر الرّوائح، وغَمِرَتْ يده،
وغَمِرَ عِرْضُهُ: دنس، ودخل في غُمَارِ الناس وخمارهم، أي:
الذين يَغْمُرُونَ.
والْغُمْرَةُ: ما يطلى به من الزّعفران، وقد تَغَمَّرْتُ
بالطّيب، وباعتبار الماء قيل للقدح الذي يتناول به الماء:
غُمَرٌ، ومنه اشتقّ: تَغَمَّرْتُ: إذا شربت ماء قليلا، وقولهم:
فلان مُغَامِرٌ: إذا رمى بنفسه في الحرب، إمّا لتوغّله وخوضه
فيه كقولهم يخوض الحرب، وإمّا لتصوّر الغَمَارَةِ منه، فيكون
وصفه بذلك كوصفه بالهوج «3» ونحوه.
غمز
أصل الغَمْزِ: الإشارة بالجفن أو اليد طلبا إلى ما فيه معاب،
ومنه قيل: ما في فلان غَمِيزَةٌ «4» ، أي: نقيصة يشار بها
إليه، وجمعها: غَمَائِزُ. قال تعالى: وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ
يَتَغامَزُونَ
__________
(1) هذا عجز بيت للأعشى، وشطره:
[أضاء مظلّته بالسراج]
من قصيدة له يمدح بها سلامة بن يزيد الحميري، ومطلعها:
أجدّك لم تغتمض ليلة ... فترقدها مع رقّادها
وهو في ديوانه ص 59، والمحكم 7/ 138.
(2) قال الراجز في نظم مثلث قطرب:
الغمر ماء غزرا ... والغمر حقد سترا
والغمر ذو جهل سرى ... فيه ولم يجرّب
(3) قال ابن منظور: والمغامر الذي رمى بنفسه في الأمور
المهلكة، وقيل: هو من الغمر، وهو الحقد. اللسان (غمر) .
والهوج: الحمق، والأهوج: الذي يرمي بنفسه في الحرب، على
التشبيه بذلك. اللسان (هوج) .
(4) انظر: أساس البلاغة (غمز) ، وعمدة الحفاظ: غمز.
(1/614)
[المطففين/ 30] ، وأصله من: غَمَزْتُ
الكبش:
إذا لمسته هل به طرق «1» ، نحو: غبطته.
غمض
الغَمْضُ: النّوم العارض، تقول: ما ذقت غَمْضاً ولا غِمَاضاً،
وباعتباره قيل: أرض غَامِضَةٌ، وغَمْضَةٌ، ودار غَامِضَةٌ،
وغَمَضَ عينه وأَغْمَضَهَا: وضع إحدى جفنتيه على الأخرى ثمّ
يستعار للتّغافل والتّساهل، قال: وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا
أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ
[البقرة/ 267] .
غنم
الغَنَمُ معروف. قال تعالى: وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ
حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما [الأنعام/ 146] . والغُنْمُ:
إصابته والظّفر به، ثم استعمل في كلّ مظفور به من جهة العدى
وغيرهم. قال تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ
شَيْءٍ
[الأنفال/ 41] ، فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّباً
[الأنفال/ 69] ، والمَغْنَمُ: ما يُغْنَمُ، وجمعه مَغَانِمُ.
قال: فَعِنْدَ اللَّهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ [النساء/ 94] .
غنى
الغِنَى يقال على ضروب: أحدها: عدم الحاجات، وليس ذلك إلا لله
تعالى، وهو المذكور في قوله: إِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ
الْحَمِيدُ
[الحج/ 64] ، أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ
هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ [فاطر/ 15] ، الثاني: قلّة
الحاجات، وهو المشار إليه بقوله: وَوَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى
[الضحى/ 8] ، وذلك هو المذكور في قوله عليه السلام: «الغِنَى
غِنَى النّفس» «2» ، والثالث: كثرة القنيّات بحسب ضروب الناس
كقوله: وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ
[النساء/ 6] ، الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِياءُ
[التوبة/ 93] ، لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا
إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ [آل عمران/ 181] ،
قالوا ذلك حيث سمعوا: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ
قَرْضاً حَسَناً «3» ، وقوله:
يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ [البقرة/
273] ، أي: لهم غنى النّفس، ويحسبهم الجاهل أن لهم القنيّات
لما يرون فيهم من التّعفّف والتّلطّف، وعلى هذا قوله عليه
__________
(1) الطّرق (الشحم) .
قال ابن فارس: غمزت الكبش مثل: غبطت، لتنظر السمن. انظر:
المجمل 3/ 686. [.....]
(2) الحديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه
وسلم: «ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكنّ الغنى غنى النفس» أخرجه
البخاري 11/ 271، والطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح،
وأبو يعلى، وأحمد 2/ 315.
انظر: مجمع الزوائد 10/ 240، وقد تقدّم ص 597.
(3) سورة البقرة: آية 245. وانظر: الدر المنثور 2/ 397، وأسباب
النزول للواحدي ص 76.
(1/615)
السلام لمعاذ: «خذ من أغنيائهم وردّ في
فقرائهم» «1» ، وهذا المعنى هو المعنيّ بقول الشاعر:
343-
قد يكثر المال والإنسان مفتقر
«2» يقال: غَنَيْتُ بكذا غِنْيَاناً وغِنَاءً، واسْتَغْنَيْتُ
وتَغَنَّيْتُ، وتَغَانَيْتُ، قال تعالى: وَاسْتَغْنَى اللَّهُ
وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ [التغابن/ 6] . ويقال: أَغْنَانِي
كذا، وأغْنَى عنه كذا: إذا كفاه. قال تعالى:
ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ [الحاقة/ 28] ، ما أَغْنى عَنْهُ
مالُهُ [المسد/ 2] ، لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا
أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً [آل عمران/ 10] ، ما أَغْنى
عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ [الشعراء/ 207] ، لا تُغْنِ
عَنِّي شَفاعَتُهُمْ
[يس/ 23] ، وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ [المرسلات/ 31] .
والْغَانِيَةُ: الْمُسْتَغْنِيَةُ بزوجها عن الزّينة، وقيل:
الْمُسْتَغْنِيَةُ بحسنها عن التّزيّن.
وغَنَى في مكان كذا: إذا طال مقامه فيه مستغنيا به عن غيره
بغنى، قال: كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا
[الأعراف/ 92] . والْمَغْنَى يقال للمصدر وللمكان، وغَنَّى
أُغْنِيَةً وغِنَاءً، وقيل: تَغَنَّى بمعنى استغنى وحمل قوله
عليه السلام: « ... من لم يَتَغَنَّ بالقرآن» «3» على ذلك.
غيب
الغَيْبُ: مصدر غَابَتِ الشّمسُ وغيرها: إذا استترت عن العين،
يقال: غَابَ عنّي كذا. قال تعالى: أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ
[النمل/ 20] ، واستعمل في كلّ غَائِبٍ عن الحاسّة، وعمّا
يَغِيبُ عن علم الإنسان بمعنى الغَائِبِ، قال: وَما مِنْ
غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ
[النمل/ 75] ، ويقال للشيء: غَيْبٌ وغَائِبٌ باعتباره بالناس
لا بالله تعالى، فإنه لا يغيب عنه شيء، كما لا يعزب عنه مثقال
ذرّة في السّموات ولا في الأرض. وقوله: عالِمُ الْغَيْبِ
وَالشَّهادَةِ [الأنعام/ 73] ، أي: ما يغيب عنكم وما تشهدونه،
والْغَيْب في قوله: يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ [البقرة/ 3] ، ما
لا يقع تحت الحواسّ ولا
__________
(1) الحديث عن ابن عباس أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعث
معاذا إلى اليمن، فقال: «إنك تأتي قوما أهل كتاب فادعهم إلى
شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك
فأعلمهم أنّ الله تعالى افترض عليهم خمس صلوات في اليوم
والليلة، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أنّ الله افترض عليهم
صدقة أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم وتردّ على فقرائهم ... »
الحديث.
أخرجه البخاري في الزكاة 3/ 322، ومسلم في الإيمان برقم 19.
(2) هذا عجز بيت وصدره:
[العيش لا عيش إلا ما قنعت به] .
وهو في التمثيل والمحاضرة للثعالبي ص 85، ونهاية الأرب 3/ 84.
(3) الحديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه
وسلم: «ليس منّا من لم يتغنّ بالقرآن» أخرجه البخاري في
التوحيد 13/ 418، وأحمد في المسند 1/ 172.
(1/616)
تقتضيه بداية العقول، وإنما يعلم بخبر
الأنبياء عليهم السلام، وبدفعه يقع على الإنسان اسم الإلحاد،
ومن قال: الغَيْبُ هو القرآن «1» ، ومن قال: هو القدر «2»
فإشارة منهم إلى بعض ما يقتضيه لفظه. وقال بعضهم «3» : معناه
يؤمنون إذا غَابُوا عنكم، وليسوا كالمنافقين الذين قيل فيهم:
وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ
إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ [البقرة/ 14] ، وعلى هذا قوله:
الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ [فاطر/ 18] ، مَنْ
خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ [ق/ 33] ، وَلِلَّهِ غَيْبُ
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [النحل/ 77] ، أَطَّلَعَ الْغَيْبَ
[مريم/ 78] ، فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً [الجن/ 26]
، لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ
إِلَّا اللَّهُ [النمل/ 65] ، ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ
[آل عمران/ 44] ، وَما كانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى
الْغَيْبِ [آل عمران/ 179] ، إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ
الْغُيُوبِ
[المائدة/ 109] ، إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ
الْغُيُوبِ [سبأ/ 48] ، وأَغابَتِ المرأة: غاب زوجها. وقوله في
صفة النّساء: حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللَّهُ
[النساء/ 34] ، أي: لا يفعلن في غيبة الزّوج ما يكرهه الزّوج.
والْغِيبَةُ: أن يذكر الإنسان غيره بما فيه من عيب من غير أن
أحوج إلى ذكره، قال تعالى: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً
[الحجرات/ 12] ، والغَيَابَةُ: منهبط من الأرض، ومنه:
الغَابَةُ للأجمة، قال: فِي غَيابَتِ الْجُبِّ [يوسف/ 10] ،
ويقال: هم يشهدون أحيانا، ويَتَغَايَبُونَ أحيانا، وقوله:
وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ [سبأ/ 53] ،
أي: من حيث لا يدركونه ببصرهم وبصيرتهم.
غوث
الغَوْثُ يقال في النّصرة، والغَيْثُ في المطر،
واسْتَغَثْتُهُ: طلبت الغوث أو الغيث، فَأَغَاثَنِي من الغوث،
وغَاثَنِي من الغيث، وغَوَّثت من الغوث، قال تعالى: إِذْ
تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ
[الأنفال/ 9] ، وقال: فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ
عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ [القصص/ 15] ، وقوله:
وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ [الكهف/ 29]
، فإنّه يصحّ أن يكون من الغيث، ويصحّ أن يكون من الغوث، وكذا
يُغَاثُوا، يصحّ فيه المعنيان. والغيْثُ: المطر في قوله:
كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ [الحديد/ 20] ،
قال الشاعر:
__________
(1) وهو قول زرّ بن حبيش، حكاه عنه الماوردي. انظر: تفسير
الماوردي 1/ 65.
(2) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 1/ 36، عن زيد بن أسلم، وفيه
ضعف.
(3) وهو أبو مسلم الأصفهاني، انظر تفسير الرازي 2/ 27.
(1/617)
344-
سمعت النّاس ينتجعون غيثا ... فقلت لصيدح انتجعي بلالا
«1»
غور
الغَوْرُ: المُنْهَبِطُ من الأرض، يقال: غَارَ الرجل،
وأَغَارَ، وغَارَتْ عينه غَوْراً وغُئُوراً «2» ، وقوله تعالى:
ماؤُكُمْ غَوْراً [الملك/ 30] ، أي: غَائِراً. وقال: أَوْ
يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً [الكهف/ 41] . والغارُ في الجبل. قال:
إِذْ هُما فِي الْغارِ [التوبة/ 40] ، وكنّي عن الفرج والبطن
بِالْغَارَيْنِ «3» ، والْمَغَارُ من المكان كالغور، قال: لَوْ
يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغاراتٍ أَوْ مُدَّخَلًا
[التوبة/ 57] ، وغَارَتِ الشّمس غِيَاراً، قال الشاعر:
345-
هل الدّهر إلّا ليلة ونهارها ... وإلّا طلوع الشّمس ثمّ غيارها
«4» وغَوَّرَ: نزل غورا، وأَغَارَ على العدوّ إِغَارَةً
وغَارَةً. قال تعالى: فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً
[العاديات/ 3] ، عبارة عن الخيل.
غير
غَيْرٌ يقال على أوجه:
الأوّل: أن تكون للنّفي المجرّد من غير إثبات معنى به، نحو:
مررت برجل غير قائم. أي: لا قائم، قال: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ
اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ [القصص/ 50] ،
وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ [الزخرف/ 18] .
الثاني: بمعنى (إلّا) فيستثنى به، وتوصف به النّكرة، نحو: مررت
بقوم غير زيد. أي: إلّا زيدا، وقال: ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ
إِلهٍ غَيْرِي [القصص/ 38] ، وقال: ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ
غَيْرُهُ [الأعراف/ 59] ، هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ
[فاطر/ 3] .
الثالث: لنفي صورة من غير مادّتها. نحو:
الماء إذا كان حارّا غيره إذا كان باردا، وقوله:
كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها
[النساء/ 56] .
الرابع: أن يكون ذلك متناولا لذات نحو:
الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ
تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ [الأنعام/ 93] ، أي:
الباطل، وقوله: وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ
بِغَيْرِ الْحَقِّ [القصص/ 39] ،
__________
(1) البيت لذي الرمة من قصيدة يمدح بها بلال بن أبي بردة،
ومطلعها:
أراح فريق جيرتك الجمالا ... كأنهم يريدون احتمالا
وهو في ديوانه ص 528.
(2) قال أبو عثمان: غار الماء غورا: فاض، وغار النهار: اشتد،
وغارت الشمس والقمر والنجوم غيارا: غابت، وغارت العين تغور
غئورا، وغار الرجل على أهله يغار غيرة وغارا. انظر: الأفعال 2/
22.
(3) انظر: جنى الجنتين ص 82.
(4) البيت لأبي ذؤيب الهذلي، وهو في ديوان الهذليين 1/ 21،
والعضديات ص 24.
(1/618)
أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا [الأنعام/
164] ، وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ [هود/ 57] ،
ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا [يونس/ 15] .
والتَّغْيِيرُ يقال على وجهين:
أحدهما: لتغيير صورة الشيء دون ذاته. يقال:
غَيَّرْتُ داري: إذا بنيتها بناء غير الذي كان.
والثاني: لتبديله بغيره. نحو: غَيَّرْتُ غلامي ودابّتي: إذا
أبدلتهما بغيرهما. نحو: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما
بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ [الرعد/ 11] .
والفرق بين غيرين ومختلفين أنّ الغيرين أعمّ، فإنّ الغيرين قد
يكونان متّفقين في الجواهر بخلاف المختلفين، فالجوهران
المتحيّزان هما غيران وليسا مختلفين، فكلّ خلافين غيران، وليس
كلّ غيرين خلافين.
غوص
الغَوْصُ: الدّخول تحت الماء، وإخراج شيء منه، ويقال لكلّ من
انهجم على غامض فأخرجه له: غَائِصٌ، عينا كان أو علما.
والغَوَّاصُ: الذي يكثر منه ذلك، قال تعالى: وَالشَّياطِينَ
كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ
[ص/ 37] ، وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ
[الأنبياء/ 82] ، أي: يستخرجون له الأعمال الغريبة والأفعال
البديعة، وليس يعني استنباط الدّرّ من الماء فقط.
غيض
غَاضَ الشيء، وغَاضَهُ غيره «1» . نحو: نقص ونقصه غيره. قال
تعالى: وَغِيضَ الْماءُ
[هود/ 44] ، وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ
[الرعد/ 8] ، أي: تفسده الأرحام، فتجعله كالماء الذي تبتلعه
الأرض، والغَيْضَةُ: المكان الذي يقف فيه الماء فيبتلعه، وليلة
غَائِضَةٌ أي: مظلمة.
غيظ
الغَيْظُ: أشدّ غضب، وهو الحرارة التي يجدها الإنسان من فوران
دم قلبه، قال: قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ [آل عمران/ 119] ،
لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ
[الفتح/ 29] ، وقد دعا الله الناس إلى إمساك النّفس عند اعتراء
الغيظ. قال:
وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ [آل عمران/ 134] .
قال: وإذا وصف الله سبحانه به فإنه يراد به الانتقام. قال:
وَإِنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ
[الشعراء/ 55] ، أي: داعون بفعلهم إلى الانتقام منهم،
والتَّغَيُّظُ: هو إظهار الغيظ، وقد يكون ذلك مع صوت مسموع كما
قال:
سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً [الفرقان/ 12] .
غول
الغَوْلُ: إهلاك الشيء من حيث لا يحسّ به، يقال: غَالَ يَغُولُ
غَوْلًا، واغْتَالَهُ اغْتِيَالًا، ومنه سمّي السّعلاة غُولًا.
قال في صفة خمر الجنّة:
__________
(1) انظر: الأفعال 2/ 40.
(1/619)
لا فِيها غَوْلٌ [الصافات/ 47] ، نفيا لكلّ
ما نبّه عليه بقوله: وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما
[البقرة/ 219] ، وبقوله: رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ
فَاجْتَنِبُوهُ [المائدة/ 90] .
غوى
الغَيُّ: جهل من اعتقاد فاسد، وذلك أنّ الجهل قد يكون من كون
الإنسان غير معتقد اعتقادا لا صالحا ولا فاسدا، وقد يكون من
اعتقاد شيء فاسد، وهذا النّحو الثاني يقال له غَيٌّ. قال
تعالى: ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى
[النجم/ 2] ، وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ
[الأعراف/ 102] . وقوله: فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا
[مريم/ 59] ، أي: عذابا، فسمّاه الغيّ لمّا كان الغيّ هو سببه،
وذلك كتسمية الشيء بما هو سببه، كقولهم للنّبات ندى «1» .
وقيل معناه: فسوف يلقون أثر الغيّ وثمرته. قال:
وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ
[الشعراء/ 91] ، وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ
[الشعراء/ 224] ، إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ
[القصص/ 18] ، وقوله: وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى
[طه/ 121] ، أي: جهل، وقيل: معناه خاب نحو قول الشاعر:
346-
ومن يغو لا يعدم على الغيّ لائما
«2» وقيل: معنى (غَوَى) فسد عيشُه. من قولهم:
غَوِيَ الفصيلُ، وغَوَى. نحو: هوي وهوى، وقوله: إِنْ كانَ
اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ
[هود/ 34] ، فقد قيل: معناه أن يعاقبكم على غيّكم، وقيل: معناه
يحكم عليكم بغيّكم. وقوله تعالى:
قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنا هؤُلاءِ
الَّذِينَ أَغْوَيْنا أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا
تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ
[القصص/ 63] ، إعلاما منهم أنّا قد فعلنا بهم غاية ما كان في
وسع الإنسان أن يفعل بصديقه، فإنّ حقّ الإنسان أن يريد بصديقه
ما يريد بنفسه، فيقول: قد أفدناهم ما كان لنا وجعلناهم أسوة
أنفسنا، وعلى هذا قوله تعالى: فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا
غاوِينَ [الصافات/ 32] ، فَبِما أَغْوَيْتَنِي [الأعراف/ 16] ،
وقال: رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي
الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ [الحجر/ 39] .
تمّ كتاب الغين بتوفيق الله
__________
(1) ومثله قوله تعالى: ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ الله هو
المقدّم في الحقيقة، ولكنه تسبب إليه بكفره ومعصيته. وقوله:
مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ الماهد على
الحقيقة هو الله، فنسب المهد إليهم لتسببهم إليه بالعمل
الصالح. انظر: الإشارة إلى الإيجاز ص 59. [.....]
(2) هذا عجز بيت، وشطره:
فمن يلق خيرا يحمد الناس أمره
وهو للمرقّش، والبيت في المشوف المعلم 2/ 555، واللسان (غوى) .
(1/620)
|