المفردات في غريب القرآن كتاب النّون
نبت
النَّبْتُ والنَّبَاتُ: ما يخرج من الأرض من النَّامِيات، سواء
كان له ساق كالشجر، أو لم يكن له ساق كالنَّجْم، لكن اختَصَّ
في التَّعارُف بما لا ساقَ له، بل قد اختصَّ عند العامَّة بما
يأكله الحيوان، وعلى هذا قوله تعالى: لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا
وَنَباتاً
[النبأ/ 15] ومتى اعتبرت الحقائق فإنّه يستعمل في كلّ نام،
نباتا كان، أو حيوانا، أو إنسانا، والإِنْبَاتُ يستعمل في كلّ
ذلك. قال تعالى: فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا وَعِنَباً
وَقَضْباً وَزَيْتُوناً وَنَخْلًا وَحَدائِقَ غُلْباً
وَفاكِهَةً وَأَبًّا
[عبس/ 27- 31] ، فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ ما
كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها
[النمل/ 60] ، يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ
[النحل/ 11] ، وقوله: وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ
نَباتاً
[نوح/ 17] فقال النّحويّون: قوله: «نباتا» موضوع موضع الإنبات
«1» ، وهو مصدر. وقال غيرهم: قوله: «نباتا» حال لا مصدر، ونبّه
بذلك أنّ الإنسان هو من وجه نبات من حيث إنّ بدأه ونشأه من
التّراب، وإنه ينمو نموّه، وإن كان له وصف زائد على النّبات،
وعلى هذا نبّه بقوله:
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ
[غافر/ 67] ، على ذلك قوله: وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً [آل
عمران/ 37] ، وقوله: تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ
[المؤمنون/ 20] الباء للحال لا للتّعدية، لأنّ «نبت» متعدّ
تقديره: تَنْبُتُ حاملةً للدُّهْن. أي:
تنبت والدّهن موجود فيها بالقوّة «2» ، ويقال: إنّ بني فلان
لَنَابِتَةُ شَرّ «3» ، ونبتت فيهم نَابِتَةٌ أي: نشأ
__________
(1) انظر: المدخل لعلم تفسير كتاب الله بتحقيقنا ص 290.
(2) تقدّم للمؤلف الكلام على هذه الآية في مادة (الباء) .
(3) انظر: المجمل 3/ 850.
(1/787)
فيهم نشء صغار.
نبذ
النَّبْذُ: إلقاء الشيء وطرحه لقلّة الاعتداد به، ولذلك يقال:
نَبَذْتُهُ نَبْذَ النَّعْل الخَلِق، قال تعالى: لَيُنْبَذَنَّ
فِي الْحُطَمَةِ
[الهمزة/ 4] ، فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ
[آل عمران/ 187] لقلّة اعتدادهم به، وقال: نَبَذَهُ فَرِيقٌ
مِنْهُمْ
[البقرة/ 100] أي: طرحوه لقلّة اعتدادهم به، وقال:
فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِ
[القصص/ 40] ، فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ
[الصافات/ 145] ، لَنُبِذَ بِالْعَراءِ
[القلم/ 49] ، وقوله: فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ
[الأنفال/ 58] فمعناه: ألق إليهم السّلم، واستعمال النّبذ في
ذلك كاستعمال الإلقاء كقوله: فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ
إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ [النحل/ 86] ، وَأَلْقَوْا إِلَى
اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ [النحل/ 87] تنبيها أن لا يؤكّد
العقد معهم بل حقّهم أن يطرح ذلك إليهم طرحا مستحثّا به على
سبيل المجاملة، وأن يراعيهم حسب مراعاتهم له، ويعاهدهم على قدر
ما عاهدوه، وَانْتَبَذَ فلان: اعتزل اعتزال من لا يقلّ مبالاته
بنفسه فيما بين الناس. قال تعالى: فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ
بِهِ مَكاناً قَصِيًّا
[مريم/ 22] وقعد نَبْذَةً ونُبْذَةً.
أي: ناحية معتزلة، وصبيّ مَنْبُوذٌ ونَبِيذٌ كقولك: ملقوط
ولقيط، لكن يقال: منبوذ اعتبارا بمن طرحه، وملقوط ولقيط
اعتبارا بمن تناوله، والنَّبِيذُ: التّمرُ والزّبيبُ الملقَى
مع الماء في الإناء، ثمّ صار اسما للشّراب المخصوص.
نبز
النَّبْزُ: التَّلْقِيب. قال الله تعالى: وَلا تَنابَزُوا
بِالْأَلْقابِ
[الحجرات/ 11] .
نبط
قال تعالى: وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي
الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ
مِنْهُمْ
[النساء/ 83] أي: يستخرجونه منهم «1» ، وهو استفعال من:
أَنْبَطْتُ كذا، والنَّبْطُ: الماء المُسْتَنْبَطُ، وفرس
أَنْبَطُ: أبيض تحت الإبط، ومنه النَّبْطُ «2» المعروفون.
نبع
النَّبْعُ: خروج الماء من العين. يقال: نَبَعَ الماءُ يَنْبَعُ
نُبُوعاً ونَبْعاً، واليَنْبُوعُ: العينُ الذي يَخْرُجُ منه
الماءُ، وجمعه: يَنَابِيعُ. قال تعالى:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً
فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ [الزمر/ 21] والنَّبْعُ:
شجر يُتَّخَذُ منه القِسِيُّ.
نبأ
[النَّبَأُ] : خبر ذو فائدة عظيمة يحصل به علم أو غَلَبَة ظنّ،
ولا يقال للخبر في الأصل نَبَأٌ حتى
__________
(1) مجاز القرآن 1/ 134.
(2) النّبط والنبيط: جيل ينزلون سواد العراق، والنسبة إليهم
نبطي. اللسان (نبط) .
(1/788)
يتضمّن هذه الأشياء الثّلاثة، وحقّ الخبر
الذي يقال فيه نَبَأٌ أن يتعرّى عن الكذب، كالتّواتر، وخبر
الله تعالى، وخبر النبيّ عليه الصلاة والسلام، ولتضمُّن
النَّبَإِ معنى الخبر يقال: أَنْبَأْتُهُ بكذا كقولك: أخبرته
بكذا، ولتضمّنه معنى العلم قيل: أَنْبَأْتُهُ كذا، كقولك:
أعلمته كذا «1» . قال الله تعالى: قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ
أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ
[ص/ 67 68] ، وقال: عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ
الْعَظِيمِ
[النبأ/ 1- 2] ، أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا
مِنْ قَبْلُ فَذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ [التغابن/ 5] ، وقال:
تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ
[هود/ 49] ، وقال:
تِلْكَ الْقُرى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبائِها
[الأعراف/ 101] ، وقال: ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى نَقُصُّهُ
عَلَيْكَ [هود/ 100] ، وقوله:
إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا
[الحجرات/ 6] فتنبيه أنه إذا كان الخبر شيئا عظيما له قدر
فحقّه أن يتوقّف فيه، وإن علم وغلب صحّته على الظّنّ حتى يعاد
النّظر فيه، ويتبين فضل تبيّن، يقال:
نَبَّأْتُهُ وأَنْبَأْتُهُ. قال تعالى: أَنْبِئُونِي
بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ
[البقرة/ 31] ، وقال:
أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ
بِأَسْمائِهِمْ
[البقرة/ 33] ، وقال: نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ
[يوسف/ 37] ، وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ
[الحجر/ 51] ، وقال: أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِما لا يَعْلَمُ
فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ
[يونس/ 18] ، قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لا
يَعْلَمُ [الرعد/ 33] ، وقال: نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ
كُنْتُمْ صادِقِينَ
[الأنعام/ 143] ، قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ
[التوبة/ 94] . ونَبَّأْتُهُ أبلغ من أَنْبَأْتُهُ،
فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا
[فصلت/ 50] ، يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ
وَأَخَّرَ
[القيامة/ 13] ويدلّ على ذلك قوله: فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ
قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ
الْخَبِيرُ
[التحريم/ 3] ولم يقل: أَنْبَأَنِي، بل عَدَلَ إلى «نَبَّأَ»
الّذي هو أبلغُ تنبيهاً على تحقيقه وكونه من قِبَلِ الله. وكذا
قوله: قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ
[التوبة/ 94] ، فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
[المائدة/ 105] والنُّبُوَّةُ: سِفَارَةٌ بين الله وبين ذوي
العقول من عباده لإزاحة عللهم في أمر مَعادِهم ومَعاشِهم.
والنَّبِيُّ لكونه منبِّئا بما تسكن إليه العقول الذَّكيَّة،
وهو يصحُّ أن يكون فعيلا بمعنى فاعل لقوله تعالى: نَبِّئْ
عِبادِي
[الحجر/ 49] ، قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ
[آل عمران/ 15] ، وأن يكون بمعنى المفعول لقوله: نَبَّأَنِيَ
الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ [التحريم/ 3] . وتَنَبَّأَ فلان: ادَّعى
النُّبوَّة، وكان من حقّ لفظه في وضع اللّغة أن يصحّ استعماله
في النبيِّ إذ هو مُطاوِعُ نَبَّأَ،
__________
(1) ما بين [] نقله البغدادي في الخزانة حرفيا 1/ 270.
(1/789)
كقوله: زَيَّنَهُ فَتَزَيَّنَ، وحَلَّاهُ
فَتَحَلَّى، وجَمَّلَهُ فَتَجَمَّلَ، لكن لمَّا تُعُورِفَ فيمن
يدَّعِي النُّبوَّةَ كَذِبا جُنِّبَ استعمالُه في المُحقِّ،
ولم يُستعمَل إلّا في المُتقوِّل في دَعْواه. كقولك: تَنَبَّأَ
مُسَيْلِمَةُ، ويقال في تصغير نَبيء: مُسَيْلِمَة نُبَيِّئُ
سَوْءٍ، تنبيهاً أنَّ أخباره ليست من أخبار الله تعالى، كما
قال رجل سمع كلامه: والله ما خرج هذا الكلام من إلٍّ «1» أي:
اللهِ. والنَّبْأَة الصَّوْتُ الخَفِيُّ.
نبى
النبيُّ بغير همْز، فقد قال النحويُّون: أصله الهمْزُ فتُرِكَ
همزُه، واستدلُّوا بقولهم: مُسَيْلِمَةُ نُبَيِّئُ سَوْءٍ.
وقال بعضُ العلماء: هو من النَّبْوَة، أي: الرِّفعة «2» ،
وسمّي نَبِيّاً لرِفْعة محلِّه عن سائر الناس المدلول عليه
بقوله: وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا [مريم/ 57] .
فالنَّبِيُّ بغير الهمْز أبلغُ من النَّبِيء بالهمْز، لأنه ليس
كلّ مُنَبَّإ رفيعَ القَدْر والمحلِّ، ولذلك قال عليه الصلاة
والسلام لمن قال: يا نَبِيءَ الله فقال: «لَسْتُ بِنَبِيءِ
الله ولكنْ نَبِيُّ اللهِ» «3» لمّا رأى أنّ الرّجل خاطبه
بالهمز ليَغُضَّ منه. والنَّبْوَة والنَّبَاوَة: الارتفاع،
ومنه قيل: نَبَا بفلان مكانُهُ، كقولهم: قَضَّ عليه مضجعه،
ونَبَا السيفُ عن الضَّرِيبة: إذا ارتدَّ عنه ولم يمض فيه،
ونَبَا بصرُهُ عن كذا تشبيهاً بذلك.
نتق
نَتَقَ الشيءَ: جَذَبَهُ ونَزَعَهُ حتى يسترخِيَ، كنَتْقِ
عُرَى الحِمْل. قال تعالى: وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ
فَوْقَهُمْ
[الأعراف/ 171] ، ومنه استعير: امرأة نَاتِقٌ: إذا كثُر
ولدُها، وقيل: زِنْدٌ نَاتِقٌ: وَارٍ، تشبيهاً بالمرأة
النَّاتِق.
نثر
نَثْرُ الشيء: نشره وتفريقه. يقال: نَثَرْتُهُ فَانْتَثَرَ.
قال تعالى: وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ
[الانفطار/ 2] ويسمَّى الدِّرْع إذا لُبِسَ نَثْرَةً،
ونَثَرَتِ الشاةُ: طَرَحَتْ من أنفها الأَذَى، والنَّثْرَة:
ما يَسِيلُ من الأنف، وقد تسمَّى الأنفُ نَثْرَةً، ومنه:
النَّثْرَة لنجم يقال له أنْفُ الأسد، وطَعَنَهُ
__________
(1) ذكر أبو بكر الباقلاني أنّ أبا بكر الصديق سأل أقواما
قدموا عليه من بني حنيفة عن هذه الألفاظ- أي: ألفاظ مسيلمة-
فحكوا بعضها، فقال أبو بكر: سبحان الله! ويحكم، إنّ هذا الكلام
لم يخرج عن إلّ، فأين كان يذهب بكم.
راجع: إعجاز القرآن ص 157.
(2) انظر: اللسان (نبأ) ، والحجة في القراءات للفارسي 2/ 90،
والقول البديع ص 29.
(3) الحديث عن أبي ذر قال: جاء أعرابي إلى رسول الله صلّى الله
عليه وسلم فقال: يا نبيء الله، فقال رسول الله صلّى الله عليه
وسلم: «لست بنبيء الله، ولكني نبيّ الله» أخرجه الحاكم، وقال:
صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وتعقّبه الذهبي وقال: بل
منكر لم يصح، وفيه حمران بن أعين ليس بثقة، وهو واه. انظر:
المستدرك 2/ 231.
وقال ابن عمر: ما همز رسول الله صلّى الله عليه وسلم ولا أبو
بكر ولا عمر ولا الخلفاء، وإنما الهمز بدعة ابتدعوها من بعدهم.
(1/790)
فَأَنْثَرَهُ: أَلْقَاه على أنفه،
والاسْتِنْثَارُ: جعل الماء في النَّثْرة.
نجد
النَّجْد: المكانُ الغليظُ الرّفيعُ، وقوله تعالى:
وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ
[البلد/ 10] فذلك مثلٌ لطريقَيِ الحقِّ والباطلِ في الاعتقاد،
والصّدق والكذب في المقال، والجميل والقبيح في الفعال، وبيَّن
أنه عرَّفهما كقوله: إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ الآية
[الإنسان/ 3] ، والنَّجْدُ: اسم صقع، وأَنْجَدَهُ: قَصَدَهُ،
ورجل نَجِدٌ ونَجِيدٌ ونَجْدٌ. أي:
قويٌّ شديدٌ بَيِّنُ النَّجدة، واسْتَنْجَدْتُهُ: طلبت
نَجْدَتَهُ فَأَنْجَدَنِي. أي: أعانني بنَجْدَتِهِ. أي:
شَجَاعته وقوّته، وربما قيل اسْتَنْجَدَ فلانٌ. أي:
قَوِيَ، وقيل للمكروب والمغلوب: مَنْجُودٌ، كأنه ناله نَجْدَة.
أي: شِدَّة، والنَّجْدُ: العَرَق، ونَجَدَهُ الدَّهر «1» . أي:
قَوَّاه وشدَّده، وذلك بما رأى فيه من التّجرِبَة، ومنه قيل:
فلان ابنُ نَجْدَةِ كَذَا «2» ، والنِّجَادُ: ما يُرْفَعُ به
البيت، والنَّجَّادُ: مُتَّخِذُهُ، ونِجَادُ السَّيْف: ما
يُرْفَع به من السَّيْر، والنَّاجُودُ: الرَّاوُوقُ، وهو شيءٌ
يُعَلَّقُ فيُصَفَّى به الشَّرَابُ.
نجس
النَّجاسة: القَذَارة، وذلك ضرْبان: ضرْب يُدْرَك بالحاسّة،
وضرْب يُدْرَك بالبصيرة، والثاني وصف اللهُ تعالى به المشركين
فقال: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ
[التوبة/ 28] ويقال:
نَجَّسَهُ. أي: جعله نَجِساً، ونَجَّسَهُ أيضا: أَزَالَ
نَجَسَهُ، ومنه تَنْجِيسُ العَرَب، وهو شيءٌ كانوا يفعلونه من
تعليق عَوَذَةٍ على الصَّبيِّ ليدفعوا عنه نجاسةَ الشَّيطان،
والنَّاجِسُ والنَّجِيسُ: داءٌ خبيثٌ لا دواءَ له.
نجم
أصل النَّجْم: الكوكب الطالع، وجمعه:
نُجُومٌ، ونَجَمَ: طَلَعَ، نُجُوماً ونَجْماً، فصار النَّجْمُ
مرّة اسما، ومرّة مصدرا، فَالنُّجُوم مرّة اسما كالقُلُوب
والجُيُوب، ومرّة مصدرا كالطُّلوع والغُروب، ومنه شُبِّهَ به
طلوعُ النّبات، والرّأي، فقيل: نَجَمَ النَّبْت والقَرْن،
ونَجَمَ لي رأي نَجْما ونُجُوماً، ونَجَمَ فلانٌ على السّلطان:
صار
__________
(1) قال ابن منظور: ونجّده الدهر: عجمه وعلّمه، والذال المعجمة
أعلى. اللسان: (نجد) .
وقال قدامة بن جعفر: رجل مجرّب، ومنجّذ، ومجذّع، ومحنّك،
ومجرّس، ومضرّس، ومدرّب، وموقّر، وممرّس، ومعجّم. جواهر
الألفاظ ص 333.
(2) قال ابن فارس: ويقال للدليل الحاذق: هو ابن بجدتها، أي:
عالم بالأرض كأنه نشأ بها.
وقال ابن منظور: يقال: هو ابن بجدتها للعالم بالشيء المتقن له
المميّز له، وكذلك يقال للدليل الهادي.
وقيل: هو الذي لا يبرح، من قوله: بجد بالمكان: إذا أقام، وهو
عالم ببجدة أمرك، وبجدة أمرك، وبجدة أمرك. أي: بدخيلته
وبطانته. انظر: المجمل 1/ 116، واللسان (بجد) .
وعلى هذا فقول الراغب: فلان ابن نجدة كذا تصحيف، والصواب: ابن
بجدة، كما أسلفنا. [استدراك] .
(1/791)
عاصيا، ونَجَّمْتُ المالَ عليه: إذا
وَزَّعْتُهُ، كأنّك فرضت أن يدفع عند طلوع كلّ نَجْمٍ نصيباً،
ثم صار متعارفا في تقدير دفعه بأيّ شيء قَدَّرْتَ ذلك. قال
تعالى: وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ
[النحل/ 16] ، وقال: فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ
[الصافات/ 88] أي: في علم النُّجُوم، وقوله: وَالنَّجْمِ إِذا
هَوى
[النجم/ 1] ، قيل: أراد به الكوكب، وإنما خصّ الهُوِيَّ دون
الطّلوع، فإنّ لفظة النَّجْم تدلّ على طلوعه، وقيل: أراد
بِالنَّجْم الثُّرَيَّا، والعرب إذا أطلقتْ لفظَ النَّجم قصدتْ
به الثُّرَيَّا. نحو:
طلع النَّجْمُ غُدَيَّه ... وابْتَغَى الرَّاعِي شُكَيَّه «1»
وقيل: أراد بذلك القرآن المُنَجَّم المنزَّل قَدْراً
فَقَدْراً، ويعني بقوله: هَوى نزولَهُ، وعلى هذا قوله:
فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ
[الواقعة/ 75] فقد فُسِّرَ على الوجهين، والتَّنَجُّم: الحكم
بالنّجوم، وقوله تعالى: وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ
[الرحمن/ 6] فَالنَّجْمُ: ما لا ساقَ له من النّبات، وقيل:
أراد الكواكبَ.
نجو
أصل النَّجَاء: الانفصالُ من الشيء، ومنه: نَجَا فلان من فلان
وأَنْجَيْتُهُ ونَجَّيْتُهُ. قال تعالى:
وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا
[النمل/ 53] وقال:
إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ
[العنكبوت/ 33] ، وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ
[البقرة/ 49] ، فَلَمَّا أَنْجاهُمْ إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي
الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ
[يونس/ 23] ، فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ
[الأعراف/ 83] ، فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ
مِنَّا [الأعراف/ 72] ، وَنَجَّيْناهُما وَقَوْمَهُما
[الصافات/ 115] ، نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ نِعْمَةً [القمر/ 34-
35] ، وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا [فصلت/ 18] ،
وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ [هود/ 58] ، ثُمَّ
نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا
[مريم/ 72] ، ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا [يونس/ 103]
والنَّجْوَةُ والنَّجَاةُ: المكان المُرتفِع المنفصل بارتفاعه
عمّا حوله، وقيل: سمّي لكونه نَاجِياً من السَّيْل،
وَنَجَّيْتُهُ: تركته بنَجْوة، وعلى هذا: فَالْيَوْمَ
نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ
[يونس/ 92] ونَجَوْتُ قِشْرَ الشجرةِ، وجِلْدَ الشاةِ،
ولاشتراكهما في ذلك قال الشاعر:
433-
فقلت انْجُوَا عنها نَجا الجلد إنه ... سيرضيكما منها سنام
وغاربه
«2»
__________
(1) الشّكيّة: تصغير الشكوة، وذلك أنّ الثريا إذا طلعت هذا
الوقت هبّت البوارح، ورمضت الأرض، وعطشت الرّعيان، فاحتاجوا
إلى شكاء يستقون فيها لشفاههم. انظر: للسان (شكا) ، والبصائر
5/ 20، ونقائض جرير والأخطل ص 51.
(2) البيت لأبي الغمر الكلابي، وهو في شرح مقصورة ابن دريد
لابن خالويه ص 433، والمجمل 3/ 857، وخزانة [استدراك] الأدب 4/
358، والمقصور والممدود للفراء ص 23، وغريب الحديث للخطابي 2/
374، ولم يعرفه المحقق وقيل: هو لعبد الرحمن بن حسان يخاطب
ضيفين طرقاه.
(1/792)
ونَاجَيْتُهُ. أي: سارَرْتُه، وأصله أن
تخلو به في نَجْوة من الأرض. وقيل: أصله من النّجاة، وهو أن
تعاونه على ما فيه خلاصه. أو أن تَنْجُوَ بسرِّك من أن يطلع
عليك، وتَنَاجَى القومُ، قال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ
وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى
[المجادلة/ 9] ، إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا
بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً
[المجادلة/ 12] والنَّجْوَى أصله المصدر، قال:
إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ [المجادلة/ 10] وقال:
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى [المجادلة/
8] ، وقوله: وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا
[الأنبياء/ 3] تنبيها أنهم لم يظهروا بوجه، لأنّ النّجوى ربّما
تظهر بعد. وقال: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ
رابِعُهُمْ [المجادلة/ 7] وقد يوصف بالنّجوى، فيقال: هو
نَجْوَى، وهم نَجْوَى. قال تعالى: وَإِذْ هُمْ نَجْوى
[الإسراء/ 47] والنَّجِيُّ: المُنَاجِي، ويقال للواحد والجمع.
قال تعالى: وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا
[مريم/ 52] ، وقال: فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا
نَجِيًّا [يوسف/ 80] وانْتَجَيْتُ فلانا: استخلصته لسرِّي،
وأَنْجَى فُلانٌ: أتى نَجْوَةً، وهم في أرض نَجَاةٍ: أي: في
أرض يُسْتَنْجَى من شَجَرِها العِصِيُّ والقِسِيُّ. أي: يتّخذ
ويستخلص، والنَّجا: عِيدانٌ قد قُشِرَتْ، قال بعضهم: يقال:
نجوْتُ فلانا: استنكهته «1» ، واحتجَّ بقول الشاعر:
434-
نَجَوْتُ مجالدا فوجدت منه ... كريح الكلب مات حديث عهد
«2» فإن يكن حمل نجوت على هذا المعنى من أجل هذا البيت فليس في
البيت حجّة له، وإنما أراد أنّي سارَرْتُهُ، فَوَجَدْتُ من
بَخَره ريحَ الكلب الميِّت. وكُنِّي عمّا يخرج من الإنسان
بِالنَّجْوِ، وقيل: شرب دواءً فما أَنْجَاهُ. أي: ما أقامه،
والاسْتِنْجَاءُ: تحرِّي إزالةِ النَّجْوِ، أو طلب نَجْوَةٍ
لإلقاء الأَذَى. كقولهم: تَغَوَّطَ: إذا طلب غائطاً من الأرض،
أو طلب نجوةً. أي: قِطْعَةَ مَدَرٍ لإزالة الأذى. كقولهم:
اسْتَجْمَرَ إذا طلب جِمَاراً. أي: حجرا، والنّجأة بالهمز:
الإصابة بالعين. وفي الحديث: «ادْفَعُوا نَجْأَةَ السَّائِلِ
بِاللُّقْمَة» «3» .
نحب
النَّحْبُ: النَّذْر المحكوم بوجوبه، يقال:
قضى فلان نَحْبَهُ. أي: وَفَى بنذره. قال تعالى:
__________
(1) وقائل هذا هو ابن فارس في المجمل 3/ 858. [.....]
(2) البيت للحكم بن عبدل، وهو في المجمل 3/ 858، وشرح المقصورة
لابن خالويه ص 433، واللسان (نجا) .
(3) الحديث ذكره ابن الأثير في النهاية بلفظ: «ردّوا نجأة
السّائل باللّقمة» .
قال: النّجأة: شدة النظر. يقال للرجل الشديد الإصابة بالعين:
إنه لنجوء. النهاية 5/ 17.
(1/793)
فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ
مَنْ يَنْتَظِرُ
[الأحزاب/ 23] ويعبّر بذلك عمّن مات، كقولهم: قضى أجله «1» ،
واستوفى أكله، وقضى من الدّنيا حاجته، والنَّحِيبُ: البكاء
الذي معه صوت، والنُّحَابُ السُّعَال.
نحت
نَحَتَ الخَشَبَ والحَجَرَ ونحوهما من الأجسام الصَّلْبَة. قال
تعالى: وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ
[الشعراء/ 149] والنُّحَاتَةُ: ما يسقط من المَنْحُوتِ،
والنَّحِيتَة: الطّبيعة التي نُحِتَ عليها الإنسان كما أنّ
الغريزة ما غُرِزَ عليها الإنسانُ.
نحر
النَّحْرُ: موضِع القِلَادةِ من الصَّدر. ونَحَرْتُهُ:
أَصَبْتُ نَحْرَهُ، ومنه: نَحْرُ البعير، وقيل في حرف عبد
الله: فَنَحَرُوهَا وما كادوا يفعلون [البقرة/ 71] «2»
وانْتَحَرُوا على كذا: تَقَاتَلُوا تشبيهاً بنَحْر البعير،
ونَحْرَة الشَّهر ونَحِيرُهُ: أوَّله، وقيل: آخر يوم من
الشَّهر «3» ، كأنه ينحر الذي قبله، وقوله: فَصَلِّ لِرَبِّكَ
وَانْحَرْ
[الكوثر/ 2] هو حثٌّ على مراعاة هذين الرُّكْنين، وهما الصلاة،
ونَحْرُ الهَدْي، وأنه لا بدّ من تعاطيهما، فذلك واجب في كلّ
دِين وفي كلّ مِلَّة، وقيل:
أَمْرٌ بوَضْع اليد على النَّحْر «4» وقيل: حثٌّ على قتل
النَّفس بقَمْع الشَّهوة. والنِّحْرِير: العالِمُ بالشيء
والحاذِقُ به.
نحس
قوله تعالى: يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ
[الرحمن/ 35] فَالنُّحَاس: اللَّهِيبُ بلا دُخانٍ، وذلك تشبيه
في اللَّون بالنُّحاس، والنَّحْسُ: ضدّ السَّعْد، قال الله
تعالى: فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ
[القمر/ 19] ، فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي
أَيَّامٍ نَحِساتٍ
[فصلت/ 16] وقُرئ (نَحَسَات) «5» بالفتح.
قيل: مشؤوماتٍ «6» ، وقيل: شديداتِ البَرْد «7» .
وأصل النَّحْس أن يحمرَّ الأفق فيصير كالنُّحاس. أي: لَهَبٍ
بلا دُخان، فصار ذلك مثلا للشُّؤْم.
__________
(1) يقال في ذلك: قضى نحبه، وفات أمره، وزهقت نفسه، وحمّ
حمامه، وقرب أجله، وانقضى أكله، وحان حينه ودنت منيّته. انظر:
جواهر الألفاظ ص 384.
(2) وهي قراءة شاذة.
(3) انظر: المجمل 3/ 858، واللسان (نحر) .
(4) قال ابن عباس: إنّ الله أوحى إلى رسوله أن ارفع يديك حذاء
نحرك إذا كبّرت للصلاة، فذاك النحر. الدر المنثور 8/ 650.
(5) وهي قراءة شاذة.
(6) وهذا قول الضحاك، حكاه عنه أبو جعفر النحاس في إعراب
القرآن 3/ 33، وكذا قال به قتادة ومجاهد. انظر: الدر المنثور
7/ 317.
(7) وهذا القول حكاه النقاش. انظر: تفسير القرطبي 15/ 348.
(1/794)
نحل
النَّحْل: الحَيَوانُ المخصوصُ. قال تعالى:
وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ
[النحل/ 68] والنَّحْلَةُ والنِّحْلَةُ: عَطِيَّة على سبيل
التّبرُّع، وهو أخصُّ من الهِبَة، إذ كلُّ هِبَةٍ نِحْلَةٌ،
وليس كلُّ نِحْلَةٍ هِبَةً، واشتقاقه فيما أرى «1» أنه من
النَّحْل نظرا منه إلى فعله، فكأنَّ نَحَلْتُهُ: أعطيته عطيّةَ
النَّحْلِ، وذلك ما نبّه عليه قوله: وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى
النَّحْلِ الآية [النحل/ 68] . وبيَّن الحكماء أنّ النّحل يقع
على الأشياء كلّها فلا يضرّها بوجه، وينفع أعظْمَ نفعٍ، فإنه
يعطي ما فيه الشِّفاء كما وصفه اللهُ تعالى، وسُمِّيَ
الصَّدَاقُ بها من حيثُ إنه لا يجب في مقابلته أكثرُ من تمتُّع
دون عِوَضِ ماليٍّ، وكذلك عطيَّةُ الرَّجُل ابْنَهُ. يقال:
نَحَلَ ابنَه كذا، وأَنْحَلَهُ، ومنه:
نَحَلْتُ المرأةَ، قال تعالى: وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ
نِحْلَةً
[النساء/ 4] والانْتِحَالُ: ادِّعَاءُ الشيءِ وتناوُلُه، ومنه
يقال: فلان يَنْتَحِلُ الشِّعْرَ.
ونَحِلَ جِسْمُهُ نُحُولًا: صار في الدّقّة كالنَّحْل، ومنه:
النَّوَاحِلُ للسُّيُوف أي: الرِّقَاق الظُّبَات تصوُّراً
لنُحُولِهَا، ويصحُّ أن يُجْعَل النِّحْلَة أصلا، فيُسَمَّى
النَّحْل بذلك اعتبارا بفعله. والله أعلم.
نحن
نَحْنُ عبارة عن المتكلِّم إذا أَخْبَرَ عن نفسه مع غيره، وما
وَرَدَ في القرآن من إِخبار الله تعالى عن نفسه بقوله: نَحْنُ
نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ
[يوسف/ 3] فقد قيل: هو إخبار عن نفسه وحده، لكن يُخَرَّجُ ذلك
مَخْرَجَ الإِخبار المُلوكيّ.
وقال بعضُ العلماء: إنّ الله تعالى يذكر مثلَ هذه الألفاظ إذا
كان الفعل المذكور بعده يفعله بواسطة بعضِ ملائكته، أو بعض
أوليائه، فيكون «نحن» عبارة عنه تعالى وعنهم، وذلك كالوحي،
ونُصْرة المؤمنين، وإِهلاك الكافرين، ونحو ذلك مما يتولَّاه
الملائكةُ المذكورونَ بقوله:
فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً [النازعات/ 5] وعلى هذا قوله:
وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ
[الواقعة/ 85] يعني: وَقْتَ المُحْتَضَرِ حين يَشْهَدُهُ
الرُّسُلُ المذكورون في قوله: تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ
[النحل/ 28] وقوله: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ
[الحجر/ 9] لمّا كان بوِساطة القلم واللَّوح وجبريل.
نخر
قال تعالى: أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً
[النازعات/ 11] من قولهم: نَخِرَتِ الشَّجْرةُ.
أي: بَلِيَتْ، فهَبَّتْ بها نُخْرَةُ الرِّيح. أي: هُبُوبُهَا
والنَّخِيرُ: صوْتٌ من الأَنْف، ويسمَّى حرْفا الأَنْف
__________
(1) ووافقه في هذا الفيروزآبادي في البصائر 5/ 27، والسمين في
عمدة الحفاظ: نحل.
(1/795)
اللّذان يخرج منهما النَّخِيرُ
نُخْرَتَاهُ، ومِنْخَرَاهُ، والنَّخُورُ: النّاقَةُ التي لا
تَدِرُّ أو يُدْخَل الأصبعُ في مِنْخَرِهَا، والنَّاخِرُ: من
يَخْرُجُ منه النَّخِيرُ، ومنه:
ما بِالدَّارِ نَاخِرٌ «1» .
نخل
النَّخْلُ معروف، وقد يُستعمَل في الواحد والجمع. قال تعالى:
كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ
[القمر/ 20] وقال: كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ
[الحاقة/ 7] ، وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ
[الشعراء/ 148] ، وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ
[ق/ 10] وجمعه: نَخِيلٌ، قال: وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ
[النحل/ 67] والنَّخْلُ نَخْل الدّقيق بِالْمُنْخُل،
وانْتَخَلْتُ الشيءَ: انتقيتُه فأخذْتُ خِيارَهُ.
ندد
نَدِيدُ الشيءِ: مُشارِكه في جَوْهَره، وذلك ضربٌ من
المُماثلة، فإنّ المِثْل يقال في أيِّ مشاركةٍ كانتْ، فكلّ
نِدٍّ مثلٌ، وليس كلّ مثلٍ نِدّاً، ويقال: نِدُّهُ ونَدِيدُهُ
ونَدِيدَتُهُ، قال تعالى:
فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً
[البقرة/ 22] ، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ
اللَّهِ أَنْداداً [البقرة/ 165] ، وَتَجْعَلُونَ لَهُ
أَنْداداً [فصلت/ 9] وقرئ: (يوم التَّنَادِّ) [غافر/ 32] «2»
أي: يَنِدُّ بعضُهم من بعض. نحو: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ
مِنْ أَخِيهِ [عبس/ 34] .
ندم
النَّدْمُ والنَّدَامَةُ: التَّحَسُّر من تغيُّر رأي في أمر
فَائِتٍ. قال تعالى: فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ
[المائدة/ 31] وقال: عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ
[المؤمنون/ 40] وأصله من مُنَادَمَةِ الحزن له. والنَّدِيمُ
والنَّدْمَانُ والْمُنَادِمُ يَتَقَارَبُ.
قال بعضهم: المُنْدَامَةُ والمُدَاوَمَةُ يتقاربان. وقال
بعضهم: الشَّرِيبَانِ سُمِّيَا نَدِيمَيْنِ لما يتعقّبُ
أحوالَهما من النَّدَامَةِ على فعليهما.
ندا
النِّدَاءُ: رفْعُ الصَّوت وظُهُورُهُ، وقد يقال ذلك للصَّوْت
المجرَّد، وإيّاه قَصَدَ بقوله: وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا
كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً
وَنِداءً
[البقرة/ 171] أي: لا يعرف إلّا الصَّوْت المجرَّد دون المعنى
الذي يقتضيه تركيبُ الكلام. ويقال للمركَّب الذي يُفْهَم منه
المعنى ذلك، قال تعالى: وَإِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى
[الشعراء/ 10] وقوله: وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ
[المائدة/ 58] ، أي: دَعَوْتُمْ، وكذلك: إِذا نُودِيَ
لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ
[الجمعة/ 9] ونِدَاءُ الصلاة مخصوصٌ في
__________
(1) أي: ما بها أحد. انظر: المجمل 3/ 860، والبصائر 5/ 30.
(2) وهي قراءة شاذة، قرأ بها ابن عباس والضحاك والأعرج وأبو
صالح بتشديد الدال. انظر: البصائر 5/ 31.
(1/796)
الشَّرع بالألفاظ المعروفة، وقوله:
أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ
[فصلت/ 44] فاستعمال النّداء فيهم تنبيها على بُعْدهم عن الحقّ
في قوله: وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ
قَرِيبٍ
[ق/ 41] ، وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ
[مريم/ 52] ، وقال: فَلَمَّا جاءَها نُودِيَ
[النمل/ 8] ، وقوله: إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا [مريم/
3] فإنه أشار بِالنِّدَاء إلى الله تعالى، لأنّه تَصَوَّرَ
نفسَهُ بعيدا منه بذنوبه، وأحواله السَّيِّئة كما يكون حال من
يَخاف عذابَه، وقوله: رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً
يُنادِي لِلْإِيمانِ
[آل عمران/ 193] فالإشارة بالمنادي إلى العقل، والكتاب
المنزَّل، والرّسول المُرْسَل، وسائر الآيات الدَّالَّة على
وجوب الإيمان بالله تعالى. وجعله مناديا إلى الإيمان لظهوره
ظهورَ النّداء، وحثّه على ذلك كحثّ المنادي. وأصل النِّداء من
النَّدَى. أي: الرُّطُوبة، يقال: صوت نَدِيٌّ رفيع، واستعارة
النِّداء للصَّوْت من حيث إنّ من يَكْثُرُ رطوبةُ فَمِهِ
حَسُنَ كلامُه، ولهذا يُوصَفُ الفصيح بكثرة الرِّيق، ويقال:
نَدًى وأَنْدَاءٌ وأَنْدِيَةٌ، ويسمّى الشَّجَر نَدًى لكونه
منه، وذلك لتسمية المسبَّب باسم سببِهِ وقول الشاعر:
435-
كَالْكَرْمِ إذ نَادَى مِنَ الكَافُورِ
«1» أي: ظهر ظهورَ صوتِ المُنادي، وعُبِّرَ عن المجالسة
بالنِّدَاء حتى قيل للمجلس: النَّادِي، والْمُنْتَدَى،
والنَّدِيُّ، وقيل ذلك للجليس، قال تعالى: فَلْيَدْعُ نادِيَهُ
[العلق/ 17] ومنه سمّيت دار النَّدْوَة بمكَّةَ، وهو المكان
الذي كانوا يجتمعون فيه. ويُعَبَّر عن السَّخاء بالنَّدَى،
فيقال:
فلان أَنْدَى كفّاً من فلان، وهو يَتَنَدَّى على أصحابه. أي:
يَتَسَخَّى، وما نَدِيتُ بشيءٍ من فلان أي: ما نِلْتُ منه
نَدًى، ومُنْدِيَاتُ الكَلِم:
المُخْزِيَات التي تُعْرَف.
نذر
النّذر: أن تُوجِب على نفسك ما ليس بواجب لحدوثِ أمر، يقال:
نَذَرْتُ لله أمراً، قال تعالى:
إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً [مريم/ 26] ، وقال: وَما
أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ
[البقرة/ 270] ، وَالإِنْذارُ: إخبارٌ فيه تخويف، كما أنّ
التّبشير إخبار فيه سرور. قال تعالى:
فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى
[الليل/ 14] ، أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ
وَثَمُودَ [فصلت/ 13] ، وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ
قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ
[الأحقاف/ 21] ، وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا
مُعْرِضُونَ [الأحقاف/ 3] ، لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ
حَوْلَها وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ
__________
(1) الشطر تقدّم، وهو للعجاج في ديوانه ص 25.
وهو في مبادئ اللغة ص 150، والبصائر 5/ 23، واللسان (كفر) ،
وقد تقدّم في مادة (كفر) .
(1/797)
[الشورى/ 7] ، لِتُنْذِرَ قَوْماً ما
أُنْذِرَ آباؤُهُمْ [يس/ 6] ، والنَّذِيرُ: المنذر، ويقع على
كلّ شيء فيه إنذار، إنسانا كان أو غيره. إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ
مُبِينٌ
[نوح/ 2] ، إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ [الحجر/ 89] ،
وَما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ [الأحقاف/ 9] ، وَجاءَكُمُ
النَّذِيرُ [فاطر/ 37] ، نَذِيراً لِلْبَشَرِ [المدثر/ 36] .
والنّذر:
جمعه. قال تعالى: هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى
[النجم/ 56] أي: من جنس ما أُنْذِرَ به الذين تقدَّموا. قال
تعالى: كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ
[القمر/ 23] ، وَلَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ [القمر/
41] ، فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ
[القمر/ 18] ، وقد نَذِرْتُ. أي: عَلِمْتُ ذلك وحَذِرْتُ.
نزع
نَزَعَ الشيء: جَذَبَهُ من مقرِّه كنَزْعِ القَوْس عن كبده،
ويُستعمَل ذلك في الأعراض، ومنه:
نَزْعُ العَداوة والمَحبّة من القلب. قال تعالى:
وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍ
[الأعراف/ 43] . وَانْتَزَعْتُ آيةً من القرآن في كذا، ونَزَعَ
فلان كذا، أي: سَلَبَ. قال تعالى: تَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ
تَشاءُ
[آل عمران/ 26] ، وقوله:
وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً
[النازعات/ 1] قيل: هي الملائكة التي تَنْزِعُ الأرواح عن
الأَشْباح، وقوله:
إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ
نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ [القمر/ 19] وقوله: تَنْزِعُ النَّاسَ
[القمر/ 20] قيل: تقلع الناس من مقرّهم لشدَّة هبوبها. وقيل:
تنزع أرواحهم من أبدانهم، والتَّنَازُعُ والمُنَازَعَةُ:
المُجَاذَبَة، ويُعَبَّرُ بهما عن المُخاصَمة والمُجادَلة،
قال: فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ
[النساء/ 59] ، فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ
[طه/ 62] ، والنَّزْعُ عن الشيء: الكَفُّ عنه. والنُّزُوعُ:
الاشتياق الشّديد، وذلك هو المُعَبَّر عنه بإِمحَال النَّفْس
مع الحبيب، ونَازَعَتْنِي نفسي إلى كذا، وأَنْزَعَ القومُ:
نَزَعَتْ إِبِلُهم إلى مَوَاطِنِهِمْ. أي: حَنَّتْ، ورجل
أَنْزَعُ «1» : زَالَ عنه شَعَرُ رَأْسِهِ كأنه نُزِعَ عنه
ففارَقَ، والنَّزْعَة: المَوْضِعُ من رأسِ الأَنْزَعِ، ويقال:
امرَأَةٌ زَعْرَاء، ولا يقال نَزْعَاء، وبئر نَزُوعٌ: قريبةُ
القَعْرِ يُنْزَعُ منها باليد، وشرابٌ طَيِّبُ المَنْزَعَةِ.
أي: المقطَع إذا شُرِبَ كما قال تعالى: خِتامُهُ مِسْكٌ
[المطففين/ 26] .
نزغ
النَّزْغُ: دخولٌ في أمرٍ لإفساده. قال تعالى:
مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ
إِخْوَتِي
[يوسف/ 100] .
نزف
نَزَفَ الماء: نَزَحَهُ كلَّه من البئر شيئا بعدَ شيء، وبئر
نَزُوفٌ: نُزِفَ ماؤه، والنُّزْفَة: الغَرْفة،
__________
(1) القاموس: نزع. [.....]
(1/798)
والجمع النُّزَف، ونُزِفَ دَمُهُ، أو
دَمْعُهُ. أي: نُزِعَ كلّه، ومنه قيل: سَكْران نَزِيفٌ: نُزِفَ
فَهْمُهُ بسُكْره. قال تعالى: لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا
يُنْزِفُونَ
[الواقعة/ 19] «1» وقرئ:
ينزفون «2» من قولهم: أَنْزَفُوا: إذا نَزَفَ شرابُهم، أو
نُزِعَتْ عقولُهم. وأصله من قولهم:
أَنْزَفُوا. أي: نَزَفَ ماءُ بئرهم، وأَنْزَفْتُ الشيءَ:
أبلغُ من نَزَفْتُهُ، ونَزَفَ الرجلُ في الخصومةِ:
انقطعت حُجَّتُه، وفي مَثَلٍ: هو أَجْبَنُ مِنَ المَنْزُوفِ
ضَرِطاً «3» .
نزل
النُّزُولُ في الأصل هو انحِطَاطٌ من عُلْوّ.
يقال: نَزَلَ عن دابَّته، ونَزَلَ في مكان كذا: حَطَّ رَحْلَهُ
فيه، وأَنْزَلَهُ غيرُهُ. قال تعالى: أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا
مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ
[المؤمنون/ 29] ونَزَلَ بكذا، وأَنْزَلَهُ بمعنًى، وإِنْزَالُ
الله تعالى نِعَمَهُ ونِقَمَهُ على الخَلْق، وإعطاؤُهُم
إيّاها، وذلك إمّا بإنزال الشيء نفسه كإنزال القرآن، وإمّا
بإنزال أسبابه والهداية إليه، كإنزال الحديد واللّباس، ونحو
ذلك، قال تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى
عَبْدِهِ الْكِتابَ
[الكهف/ 1] ، اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ [الشورى/ 17]
، وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ
[الحديد/ 25] ، وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ
[الحديد/ 25] ، وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ
أَزْواجٍ [الزمر/ 6] ، وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً
طَهُوراً [الفرقان/ 48] ، وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ
ماءً ثَجَّاجاً [النبأ/ 14] ، وأَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً
يُوارِي سَوْآتِكُمْ [الأعراف/ 26] ، أَنْزِلْ عَلَيْنا
مائِدَةً مِنَ السَّماءِ [المائدة/ 114] ، أَنْ يُنَزِّلَ
اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ
[البقرة/ 90] ومن إنزال العذاب قوله: إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلى
أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا
يَفْسُقُونَ
[العنكبوت/ 34] . والفَرْقُ بَيْنَ الإِنْزَالِ والتَّنْزِيلِ
في وَصْفِ القُرآنِ والملائكةِ أنّ التَّنْزِيل يختصّ بالموضع
الذي يُشِيرُ إليه إنزالُهُ مفرَّقاً، ومرَّةً بعد أُخْرَى،
والإنزالُ عَامٌّ، فممَّا ذُكِرَ فيه التَّنزيلُ قولُه: نَزَلَ
بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ
[الشعراء/ 193] وقرئ: نزل «4» وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا
[الإسراء/ 106] ، إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ [الحجر/
9] ، لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ [الزخرف/ 31] ، وَلَوْ
نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ [الشعراء/ 198] ،
ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ
[التوبة/ 26] ،
__________
(1) وهي قراءة نافع وابن كثير وابن عامر وأبي عمرو، وأبي جعفر
ويعقوب.
(2) وهي قراءة عاصم وحمزة والكسائي وخلف. انظر: الإتحاف ص 407.
(3) انظر: مجمع الأمثال 1/ 180، والأمثال ص 367.
(4) وهي قراءة ابن عامر وشعبة وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف.
الإتحاف ص 334.
(1/799)
وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها
[التوبة/ 26] ، لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ
[محمد/ 20] ، فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ
[محمد/ 20] فإنَّما ذَكَرَ في الأوّلِ «نُزِّلَ» ، وفي الثاني
«أُنْزِلَ» تنبيهاً أنّ المنافقين يَقْتَرِحُونَ أن يَنْزِلَ
شَيْءٌ فَشَيْءٌ من الحثِّ على القِتَال لِيَتَوَلَّوْهُ، وإذا
أُمِرُوا بذلك مَرَّةً واحدةً تَحَاشَوْا منه فلم يفعلوه، فهم
يَقْتَرِحُونَ الكثيرَ ولا يَفُونَ منه بالقليل. وقوله: إِنَّا
أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ
[الدخان/ 3] ، شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ
الْقُرْآنُ
[البقرة/ 185] ، إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ
[القدر/ 1] وإنّما خُصَّ لفظُ الإنزالِ دُونَ التَّنزيلِ، لما
رُوِيَ: (أنّ القرآن نَزَلَ دفعةً واحدةً إلى سماءِ الدُّنيا،
ثمّ نَزَلَ نَجْماً فَنَجْماً) «1» . وقوله تعالى: الْأَعْرابُ
أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا
حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ [التوبة/ 97]
فَخَصَّ لفظَ الإنزالِ ليكونَ أعمَّ، فقد تقدَّم أنّ الإنزال
أعمُّ من التَّنزيلِ، قال تعالى: لَوْ أَنْزَلْنا هذَا
الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ [الحشر/ 21] ، ولم يقل: لو نَزَّلْنَا،
تنبيهاً أنَّا لو خَوَّلْنَاهُ مَرَّةً ما خَوَّلْنَاكَ
مِرَاراً لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً [الحشر/ 21] . وقوله: قَدْ
أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولًا يَتْلُوا
عَلَيْكُمْ آياتِ اللَّهِ [الطلاق/ 10- 11] فقد قيل: أراد
بإنزالِ الذِّكْرِ هاهنا بِعْثَةَ النبيِّ عليه الصلاة
والسلام، وسمَّاه ذكراً كما سُمِّيَ عيسى عليه السلام كلمةً،
فعَلَى هذا يكون قوله: «رَسُولًا» بدلا من قوله: «ذِكْراً» ،
وقيل: بل أراد إنزالَ ذِكْرِهِ، فيكونُ «رسولًا» مفعولًا
لقوله:
ذِكْراً. أي: ذِكْراً رَسُولًا. وأمّا التَّنَزُّلُ فهو
كالنُّزُولِ به، يقال: نَزَلَ المَلَكُ بكذا، وتَنَزَّلَ، ولا
يقال:
نَزَلَ الله بكذا ولا تَنَزَّلَ، قال: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ
الْأَمِينُ
[الشعراء/ 193] وقال: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ [القدر/ 4] ،
وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ
[مريم/ 64] ، يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَ
[الطلاق/ 12] ولا يقال في المفتَرَى والكَذِبِ وما كان من
الشَّيطان إلَّا التَّنَزُّلُ: وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ
الشَّياطِينُ
[الشعراء/ 210] ، عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ تَنَزَّلُ
الآية [الشعراء/ 221- 222] .
والنُّزُلُ: ما يُعَدُّ للنَّازل من الزَّاد، قال: فَلَهُمْ
جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلًا
[السجدة/ 19] وقال:
نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ [آل عمران/ 198] وقال في صفة أهل
النار: لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ إلى قوله: هذا
نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ
__________
(1) أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله تعالى: إِنَّا
أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ قال: أنزل القرآن في
ليلة القدر، ثم نزل به جبريل على رسول الله نجوما بجواب كلام
الناس.
وأخرج سعيد بن منصور عن إبراهيم النخعي في الآية قال: نزل
القرآن جملة على جبريل، وكان جبريل يجيء بعد إلى النبي صلّى
الله عليه وسلم. الدر المنثور 7/ 398.
(1/800)
«1» ، فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ [الواقعة/ 93]
. وأَنْزَلْتُ فلانا: أَضَفْتُهُ. ويُعَبَّرُ بِالنَّازِلَةِ
عن الشِّدَّة، وجَمْعُهَا نَوَازِلُ، والنِّزَالُ في الحرْبِ:
المُنَازَلة، ونَزَلَ فلانٌ: إذا أتى مِنًى، قال الشاعر:
436-
أَنَازِلَةٌ أَسْمَاءُ أَمْ غَيْرُ نَازِلَةٍ
«2» والنُّزَالَةُ والنُّزْلُ يُكَنَّى بهما عن ماءِ الرَّجُل
إذا خَرَجَ عنه، وطعامٌ نُزُلٌ، وذو نُزُلٍ: له رَيْعٌ،
وَحَظٌّ نَزِلٌ: مُجْتَمَعٌ، تشبيهاً بالطَّعامِ النُّزُلِ.
نسب
النَّسَب والنِّسْبَة: اشتراك من جهة أحد الأبوين، وذلك ضربان:
نَسَبٌ بالطُّول كالاشتراك من الآباء والأبناء.
ونَسَبٌ بالعَرْض كالنِّسْبة بين بني الإِخْوة، وبني
الأَعْمام. قال تعالى: فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً
[الفرقان/ 54] . وقيل: فلان نَسِيبُ فلان. أي: قريبه،
وتُستعمَل النّسبةُ في مقدارَيْنِ مُتجانِسَيْنِ بَعْضَ
التَّجَانُسِ يختصُّ كلّ واحد منهما بالآخر، ومنه: النَّسِيبُ،
وهو الانْتِسَابُ في الشِّعْر إلى المرأة بذِكْر العشق، يقال:
نَسَبَ الشاعر بالمرأة نَسَباً ونَسِيباً.
نسخ
النَّسْخُ: إزالةُ شَيْءٍ بِشَيْءٍ يَتَعَقَّبُهُ، كنَسْخِ
الشَّمْسِ الظِّلَّ، والظِّلِّ الشمسَ، والشَّيْبِ الشَّبَابَ.
فَتَارَةً يُفْهَمُ منه الإزالة، وتَارَةً يُفْهَمُ منه
الإثباتُ، وتَارَةً يُفْهَم منه الأَمْرَانِ. ونَسْخُ الكتاب:
إزالة الحُكْمِ بحكم يَتَعَقَّبُهُ. قال تعالى: ما نَنْسَخْ
مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها
[البقرة/ 106] قيل: معناه ما نُزيل العملَ بها، أو نحْذِفها عن
قلوبِ العباد، وقيل: معناه:
ما نُوجِده وننزِّله. من قولهم: نَسَخْتُ الكتابَ، وما
نَنْسأُه. أي: نُؤَخِّرُهُ فلَمْ نُنَزِّلْهُ، فَيَنْسَخُ
اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ
[الحج/ 52] . وَنَسْخُ الكتابِ: نَقْلُ صُورته المجرَّدة إلى
كتابٍ آخرَ، وذلك لا يقتضي إزالةَ الصُّورَةِ الأُولى بل يقتضي
إثباتَ مثلها في مادَّةٍ أُخْرَى، كاتِّخَاذِ نَقْشِ الخَاتم
في شُمُوعٍ كثيرة، والاسْتِنْسَاخُ: التَّقَدُّمُ بنَسْخِ
الشيءِ، والتَّرَشُّح، للنَّسْخ. وقد يُعَبَّر بالنَّسْخِ عن
الاستنساخِ. قال تعالى: إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما
كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
[الجاثية/ 29] . والمُنَاسَخَةُ في الميراث: هو أن يموت ورثةٌ
بعد ورثةٍ والميراثُ قائمٌ لم يُقْسَمْ، وتَنَاسُخُ الأزمنةِ
والقرونِ: مُضِيُ
__________
(1) الآيات: لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ فَمالِؤُنَ
مِنْهَا الْبُطُونَ فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ
فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ
[الواقعة/ 52- 56] .
(2) الشطر لعامر بن الطفيل، وعجزه:
أبيني لنا يا أسم ما أنت فاعله
وهو في ديوانه ص 104، وشرح المقصورة لابن هشام اللخمي ص 262،
والمجمل 3/ 864.
(1/801)
قَوْمٍ بعدَ قَوْمٍ يَخْلُفُهُمْ.
والقائلون بالتَّناسُخ قومٌ يُنْكِرُونَ البعثَ على ما
أَثْبَتَتْهُ الشَّرِيعةُ، ويزعُمون أنّ الأرواحَ تنتقلُ إلى
الأجسام عَلَى التَّأبِيدِ «1» .
نسر
نَسْرٌ: اسمُ صَنَمٍ في قوله تعالى:
وَنَسْراً
[نوح/ 23] «2» والنَّسْرُ: طائر، ومصدر: نَسَرَ الطَّائرُ
الشيءَ بِمِنْسَرِهِ. أي: نَقَرَهُ، ونَسْرُ الحافر: لحمةٌ
ناتِئَةٌ تشبيهاً به، والنَّسْرَانِ:
نَجْمَانِ طائرٌ وواقعٌ «3» ، ونَسَرْتُ كذا: تَنَاوَلْتُهُ
قليلًا قليلًا، تَنَاوُلَ الطَّائرِ الشيءَ بمِنْسَرِهِ.
نسف
نَسَفَتِ الرِّيحُ الشَّيْءَ: اقتلعتْه وأزالَتْهُ. يقال
نَسَفْتَهُ وانْتَسَفْتَهُ. قال تعالى: يَنْسِفُها رَبِّي
نَسْفاً
[طه/ 105] ونَسَفَ البعيرُ الأرضَ بمُقَدَّمِ رِجْلِهِ: إذا
رَمَى بترابه. يقال: ناقة نَسُوفٌ. قال تعالى: ثُمَّ
لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً
[طه/ 97] أي: نطرحه فيه طَرْحَ النُّسَافَة، وهي ما تثُورُ من
غُبارِ الأَرْض. وتسمّى الرُّغْوة نُسَافَةً تشبيهاً بذلك،
وإناء نَسْفَانٌ: امْتَلأ فعَلَاهُ نُسَافَةٌ، وانْتُسِفَ
لَوْنُهُ. أي: تغيَّر عمّا كان عليه نسافُه، كما يقال: اغبرَّ
وجهُه. والنَّسْفَة:
حجارة يُنْسَفُ بها الوسخُ عن القدَم، وكلام نَسِيفٌ. أي:
متغيِّر ضَئِيلٌ.
نسك
النُّسُكُ: العبادةُ، والنَّاسِكُ: العابدُ واختُصَّ بأَعمالِ
الحجِّ، والمَنَاسِكُ: مواقفُ النُّسُك وأعمالُها،
والنَّسِيكَةُ: مُخْتَصَّةٌ بِالذَّبِيحَةِ، قال:
فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ
[البقرة/ 196] ، فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ
[البقرة/ 200] ، مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ
[الحج/ 67] .
نسل
النَّسْلُ: الانفصالُ عن الشيءِ. يقال: نَسَلَ الوَبَرُ عن
البَعيرِ، والقَمِيصُ عن الإنسان، قال الشاعر:
437-
فَسُلِّي ثِيَابِي عَنْ ثِيَابِكِ تَنْسِلي
«4» والنُّسَالَةُ: ما سَقَط من الشَّعر، وما يتحاتُّ من
__________
(1) قال عبد القاهر البغدادي: القائلون بالتناسخ أصناف: صنف من
الفلاسفة وصنف من السمنية، وهذان الصنفان كانا قبل الإسلام.
وصنفان آخران ظهرا في دولة الإسلام: أحدهما: من جملة القدرية،
والآخر من جملة الرافضة الغالية.
وأول من قال بهذه الضلالة السبئية من الرافضة، لدعواهم أنّ
عليا صار إلها حين حلّ روح الإله فيه. راجع تفصيل ذلك في الفرق
بين الفرق ص 270- 276.
(2) الآية: وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ
وَيَعُوقَ وَنَسْراً.
(3) انظر: المجمل 3/ 867، وجنى الجنتين ص 111.
(4) هذا عجز بيت لامرئ القيس وشطره:
وإن كنت قد ساءتك مني خليقة
وهو من معلقته. انظر: ديوانه ص 113.
(1/802)
الريش، وقد أَنْسَلَتِ الإبلُ: حَانَ أن
يَنْسِلَ وَبَرُهَا، ومنه: نَسَلَ: إذا عَدَا، يَنْسِلُ
نَسَلَاناً: إذا أسْرَعَ.
قال تعالى: وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ
[الأنبياء/ 96] . والنَّسْلُ: الولدُ، لكونه نَاسِلًا عن أبيه.
قال تعالى: وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ
[البقرة/ 205] وتَنَاسَلُوا: تَوَالَدُوا، ويقال أيضا إذا
طَلَبْتَ فَضْلَ إنسانٍ: فَخُذْ ما نَسَلَ لك منه عفواً.
نسى
النِّسْيَانُ: تَرْكُ الإنسانِ ضبطَ ما استُودِعَ، إمَّا
لضَعْفِ قلبِهِ، وإمَّا عن غفْلةٍ، وإمَّا عن قصْدٍ حتى
يَنْحَذِفَ عن القلبِ ذِكْرُهُ، يقال: نَسِيتُهُ نِسْيَاناً.
قال تعالى: وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ
وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً
[طه/ 115] ، فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ
[السجدة/ 14] ، فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ
إِلَّا الشَّيْطانُ
[الكهف/ 63] ، لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ
[الكهف/ 73] ، فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ
[المائدة/ 14] ، ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ
ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ
[الزمر/ 8] ، سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى
[الأعلى/ 6] إِخبارٌ وضَمَانٌ من اللهِ تعالى أنه يجعله بحيث
لا يَنْسَى ما يسمعه من الحقّ، وكلّ نسْيانٍ من الإنسان ذَمَّه
اللهُ تعالى به فهو ما كان أصلُه عن تعمُّدٍ. وما عُذِرَ فيه
نحو ما رُوِيَ عن النبيِّ صلَّى اللَّه عليه وسلم: «رُفِعَ
عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ» «1» فهو ما لم يكنْ
سَبَبُهُ منه. وقوله تعالى: فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ
يَوْمِكُمْ هذا إِنَّا نَسِيناكُمْ
[السجدة/ 14] هو ما كان سببُهُ عن تَعَمُّدٍ منهم، وترْكُهُ
على طريقِ الإِهَانةِ، وإذا نُسِبَ ذلك إلى الله فهو تَرْكُهُ
إيّاهم استِهَانَةً بهم، ومُجازاة لِما تركوه. قال تعالى:
فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا
[الأعراف/ 51] ، نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ [التوبة/ 67]
وقوله:
وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ
أَنْفُسَهُمْ [الحشر/ 19] فتنبيه أن الإنسان بمعرفته بنفسه
يعرف اللَّهَ، فنسيانُهُ لله هو من نسيانه نَفْسَهُ. وقوله
تعالى: وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ
[الكهف/ 24] . قال ابن عباس: إذا قلتَ شيئا ولم تقل إن شاء
اللَّه فَقُلْهُ إذا تذكَّرْتَه «2» ، وبهذا أجاز الاستثناءَ
بعد مُدَّة، قال عكرمة «3» : معنى «نَسِيتَ» : ارْتَكَبْتَ
ذَنْباً، ومعناه، اذْكُرِ اللهَ إذا أردتَ وقصدتَ ارتكابَ
ذَنْبٍ يكنْ ذلك دافعاً لك، فالنِّسْيُ أصله ما يُنْسَى
كالنِّقْضِ لما يُنْقَض، وصار في التّعارف اسما لما يَقِلُ
__________
(1) الحديث تقدّم في مادة (خطأ) .
(2) قال القرطبي في تفسيره: حكي عن ابن عباس أنّه إن نسي
الاستثناء ثم ذكر ولو بعد سنة لم يحنث إن كان حالفا.
تفسير القرطبي 9/ 386.
(3) عكرمة مولى ابن عباس. [.....]
(1/803)
الاعْتِدَادُ به، ومن هذا تقول العرب:
احفظوا أنساءكم «1» . أي: ما من شأنه أن يُنْسَى، قال الشاعر:
438-
كَأَنَّ لَهَا فِي الأَرْضِ نِسْياً تَقُصُّهُ
«2» وقوله تعالى: نَسْياً مَنْسِيًّا
[مريم/ 23] ، أي: جارياً مَجْرَى النَّسْيِ القليلِ
الاعْتِدَاد به وإن لم يُنْسَ، ولهذا عقبه بقوله: «مَنْسِيّاً»
، لأنّ النَّسْيَ قد يقال لما يَقِلُّ الاعتِدادُ به وإن لم
يُنْسَ، وقرئ: نسيا «3» وهو مصدرٌ موضوعٌ مَوْضِعَ المفعولِ.
نحو: عَصَى عِصِيّاً وعِصْيَاناً. وقوله تعالى: ما نَنْسَخْ
مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها
[البقرة/ 106] فَإِنْسَاؤُهَا حَذْفُ ذِكْرِهَا عَنِ القلوبِ
بقُوَّةٍ إلهيَّةٍ. والنِّسَاءُ والنِّسْوَان والنِّسْوَة جمعُ
المرأةِ من غير لفظها، كالقومِ في جمعِ المَرْءِ، قال تعالى:
لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ إلى قوله:
وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ [الحجرات/ 11] «4» ، نِساؤُكُمْ
حَرْثٌ لَكُمْ
[البقرة/ 223] ، يا نِساءَ النَّبِيِّ [الأحزاب/ 32] ، وَقالَ
نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ
[يوسف/ 30] ، ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ
أَيْدِيَهُنَّ [يوسف/ 50] والنَّسَا:
عِرْقٌ، وتَثْنِيَتُهُ: نَسيان، وجمعه: أَنْسَاءٌ.
نسأ
النَّسْءُ: تأخيرٌ في الوقتِ، ومنه: نُسِئَتْ المرأةُ: إذا
تأخَّرَ وقتُ حَيْضِهَا، فرُجِيَ حَمْلُهَا، وهي نسُوءٌ، يقال:
نَسَأَ اللَّهُ في أَجَلِكَ، ونَسَأَ اللهُ أَجَلَكَ.
والنَّسِيئَةُ: بَيْعُ الشيء بالتَّأْخيرِ، ومنها النَّسِيءُ
الذي كانت العَرَبُ تفعلُهُ، وهو تأخير بعض الأشهر الحُرُم إلى
شهرٍ آخَرَ. قال تعالى:
إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ [التوبة/ 37] ،
وقرئ: ما ننسخ من آية أو نَنْسَأْهَا «5» أي:
نُؤَخِّرْهَا، إمَّا بإنْسَائِهَا، وإمّا بإبْطالِ حُكْمِهَا.
وَالمِنْسَأُ: عصًا يُنْسَأُ به الشيءُ، أي: يُؤَخَّرُ. قال
تعالى: تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ
[سبأ/ 14] ونَسَأَتِ الإبلُ في ظَمَئِهَا يوماً أو يومين. أي:
أَخَّرَتْ. قال الشاعر:
__________
(1) قال ابن منظور: تقول العرب إذا ارتحلوا من المنزل: انظروا
أنساءكم، تريد الأشياء الحقيرة التي ليست عندهم ببال، مثل
العصا والقدح والشظاظ. أي: اعتبروها لئلا تنسوها في المنزل.
اللسان (نسا) .
(2) الشطر للشنفرى، وعجزه:
على أمّها، وإن تخاطبك تبلت
وهو في المفضليات ص 109، واللسان: نسأ، والعباب: نسأ.
(3) وهي قراءة حفص وحمزة. الإتحاف ص 298.
(4) الآية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ
مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ، وَلا
نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ....
(5) وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو. الإتحاف ص 145.
(1/804)
439-
أَمُونٍ كَأَلْوَاحِ الْإِرَانِ نَسَأْتُهَا ... عَلَى لَاحِبٍ
كَأَنَّهُ ظَهْرُ بُرْجُدٍ
«1» والنَّسُوءُ: الحَلِيبُ إذا أُخِّرَ تَنَاوُلُه فَحَمِضَ
فَمُدَّ بِمَاءٍ.
نشر
النَّشْرُ، نَشَرَ الثوبَ، والصَّحِيفَةَ، والسَّحَابَ،
والنِّعْمَةَ، والحَدِيثَ: بَسَطَهَا. قال تعالى: وَإِذَا
الصُّحُفُ نُشِرَتْ
[التكوير/ 10] ، وقال: وهو الّذي يرسل الرّياح نُشْراً بين يدي
رحمته [الأعراف/ 57] «2» ، وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ
[الشورى/ 28] ، وقوله: وَالنَّاشِراتِ نَشْراً
[المرسلات/ 3] أي: الملائكة التي تَنْشُرُ الرياح، أو الرياح
التي تنشر السَّحابَ، ويقال في جمع النَّاشِرِ:
نُشُرٌ، وقرئ: نَشْراً
«3» فيكون كقوله:
«والناشرات» ومنه: سمعت نَشْراً حَسَناً. أي:
حَدِيثاً يُنْشَرُ مِنْ مَدْحٍ وغيره، ونَشِرَ المَيِّتُ
نُشُوراً.
قال تعالى: وَإِلَيْهِ النُّشُورُ
[الملك/ 15] ، بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً [الفرقان/
40] ، وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً
[الفرقان/ 3] ، وأَنْشَرَ اللَّهُ المَيِّتَ فَنُشِرَ. قال
تعالى: ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ
[عبس/ 22] ، فَأَنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً
[الزخرف/ 11] وقيل:
نَشَرَ اللَّهُ المَيِّتَ وأَنْشَرَهُ بمعنًى، والحقيقة أنّ
نَشَرَ اللَّهُ الميِّت مستعارٌ من نَشْرِ الثَّوْبِ. كما قال
الشاعر:
440-
طَوَتْكَ خُطُوبُ دَهْرِكَ بَعْدَ نَشْرٍ ... كَذَاكَ
خُطُوبُهُ طَيّاً وَنَشْراً
«4» وقوله تعالى: وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً
[الفرقان/ 47] ، أي: جعل فيه الانتشارَ وابتغاء الرزقِ كما
قال: وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ
الآية [القصص/ 73] ، وانْتِشَارُ الناس: تصرُّفهم في الحاجاتِ.
قال تعالى:
ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ
[الروم/ 20] ، فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا
[الأحزاب/ 53] ،
__________
(1) البيت هكذا روايته في جميع المخطوطات، وهو لطرفة في ديوانه
ص 22، واللسان: أرن، وشرح المعلقات للنحاس 1/ 60. والإران: خشب
يحمل فيه الميت، والأمون: النشيطة، والبرجد: كساء فيه خطوط.
أمّا في المطبوعة فالبيت هو:
وعنس كألوان الإران نسأتها ... إذا قيل للمشبوبتين هما هما
وهو في غريب القرآن لابن قتيبة ص 355، واللسان: نسأ. [وهو
للشماخ في ديوانه ص 313] .
(2) وهي قراءة ابن عامر الشامي.
(3) وهي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وأبي جعفر ويعقوب.
الإتحاف ص 226.
(4) البيت لدعبل الخزاعي، وقد تقدّم.
ونسبه الجاحظ لأبي العتاهية في البيان والتبيين 3/ 208، وهو في
عمدة الحفاظ: نشر، والجليس الصالح 1/ 317، وأمالي الزجاجي: ص
92.
(1/805)
فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا
فِي الْأَرْضِ [الجمعة/ 10] وقيل: نَشَرُوا في معنى
انْتَشَرُوا، وقرئ: (وإذا قيل انْشُرُوا فَانْشُرُوا)
[المجادلة/ 11] «1» أي: تفرّقوا. والانْتِشَارُ:
انتفاخُ عَصَبِ الدَّابَّةِ، والنَّوَاشِرُ: عُرُوقُ باطِنِ
الذِّرَاعِ، وذلك لانتشارها، والنَّشَرُ: الغَنَم المُنْتَشِر،
وهو للمَنْشُورِ كالنِّقْضِ للمَنْقوض، ومنه قيل: اكتسى البازي
ريشا نَشْراً. أي:
مُنْتَشِراً واسعاً طويلًا، والنَّشْرُ: الكَلَأ اليابسُ، إذا
أصابه مطرٌ فَيُنْشَرُ. أي: يَحْيَا، فيخرج منه شيء كهيئة
الحَلَمَةِ، وذلك داءٌ للغَنَم، يقال منه:
نَشَرَتِ الأرضُ فهي نَاشِرَةٌ. ونَشَرْتُ الخَشَبَ
بالمِنْشَارِ نَشْراً اعتبارا بما يُنْشَرُ منه عند النَّحْتِ،
والنُّشْرَةُ: رُقْيَةٌ يُعَالَجُ المريضُ بها.
نشز
النَّشْزُ: المُرْتَفِعُ من الأرضِ، ونَشَزَ فلانٌ: إذا قصد
نَشْزاً، ومنه: نَشَزَ فلان عن مقرِّه: نَبا، وكلُّ نابٍ
نَاشِزٌ. قال تعالى: وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا
فَانْشُزُوا [المجادلة/ 11] ويعبّر عن الإحياء بِالنَّشْزِ
والإِنْشَازِ، لكونه ارتفاعا بعد اتِّضاع. قال تعالى:
وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها
[البقرة/ 259] ، وقُرِئَ بضَمِّ النون وفَتْحِهَا «2» .
وقوله تعالى: وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَ
[النساء/ 34] ونُشُوزُ المرأة: بُغْضُها لزَوْجها ورفْعُ
نفسِها عن طاعتِه، وعَيْنِها عنه إلى غيره، وبهذا النَّظر قال
الشاعر:
441-
إِذَا جَلَسَتْ عِنْدَ الإمامِ كأَنَّهَا ... تَرَى رُفْقَةً
من ساعةٍ تَسْتَحِيلُهَا
«3» وعِرْقٌ نَاشِزٌ. أيْ: نَاتِئٌ.
نشط
قال الله تعالى: وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً
[النازعات/ 2] قيل: أراد بها النّجوم الخارجات من الشَّرْق إلى
الغَرْب بسَيْرِ الفَلَك «4» ، أو السّائِرَاتِ من المغرب إلى
المشرق بسَيْرِ أنفسها.
من قولهم: ثور نَاشِطٌ: خارجٌ من أرض إلى أرض، وقيل: الملائكة
التي تَنْشِطُ أرواحَ
__________
(1) وهي قراءة شاذة.
(2) وقراءة ننشزها بفتح النون وضم الشين قراءة شاذة قرأ بها
الحسن. انظر: الإتحاف ص 162.
(3) البيت للفرزدق يخاطب زوجته النوار، وهو من قصيدة مطلعها:
لعمري لقد أردى نوار وساقها ... إلى الغور أحلام قليل عقولها
وهو في ديوانه ص 416، والكامل للمبرد 2/ 43، وتفسير الراغب
ورقة 176.
(4) هذا قول أبي عبيد، حيث قال: هي النجوم تطلع ثم تغيب.
وقيل: يعني النجوم تنشط من برج إلى برج، كالثور الناشط من بلد
إلى البلد.
والمشهور في تفسير الآية أنها الملائكة، وهو مروي عن ابن عباس
وابن مسعود ومجاهد والسدي. انظر:
الدر المنثور 8/ 404، واللسان (نشط) .
(1/806)
النَّاسِ، أي: تَنْزِعُ. وقيل: الملائكةُ
التي تَعْقِدُ الأمورَ. من قولهم: نَشَطْتُ العُقْدَةَ،
وتَخْصِيصُ النَّشْطِ، وهو العَقْدُ الذي يَسْهُلُ حَلُّه
تنبيهاً على سهولةِ الأَمْر عليهم، وبئر أَنْشَاطٌ: قريبةُ
القَعْرِ يخرُجُ دَلْوُهَا بجَذْبةٍ واحدةٍ، والنَّشِيطَةُ: ما
يَنْشَطُ الرئيسُ لِأَخْذِهِ قبلَ القِسْمَة. وقيل:
النَّشِيطَةُ مِن الإبلِ: أن يَجِدَها الجيشُ فتساقُ من غير أن
يُحْدَى لها، ويقال: نَشَطَتْهُ الحَيَّةُ: نَهَشَتْهُ.
نشأ
النَّشْءُ والنَّشْأَةُ: إِحداثُ الشيءِ وتربيتُهُ. قال تعالى:
وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى
[الواقعة/ 62] . يقال: نَشَأَ فلان، والنَّاشِئُ يراد به
الشَّابُّ، وقوله: إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ
وَطْئاً
[المزمل/ 6] يريد القيامَ والانتصابَ للصلاة، ومنه: نَشَأَ
السَّحابُ لحدوثه في الهواء، وتربيته شيئا فشيئا. قال تعالى:
وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ
[الرعد/ 12] والإنْشَاءُ: إيجادُ الشيءِ وتربيتُهُ، وأكثرُ ما
يقال ذلك في الحَيَوانِ.
قال تعالى: قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ
السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ
[الملك/ 23] ، وقال: هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ
مِنَ الْأَرْضِ [النجم/ 32] ، وقال: ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ
بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ
[المؤمنون/ 31] ، وقال: ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ
[المؤمنون/ 14] ، وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ
[الواقعة/ 61] ، ويُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ
[العنكبوت/ 20] فهذه كلُّها في الإيجاد المختصِّ بالله، وقوله
تعالى: أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ أَأَنْتُمْ
أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ
[الواقعة/ 71- 72] فَلِتشبيه إيجادِ النَّارِ المستخرَجة
بإيجادِ الإنسانِ، وقوله: أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ
[الزخرف/ 18] أي: يُرَبَّى تربيةً كتربيةِ النِّسَاء، وقرئ:
يَنْشَأُ «1» أي:
يَتَرَبَّى.
نصب
نَصْبُ الشيءِ: وَضْعُهُ وضعاً ناتئاً كنَصْبِ الرُّمْحِ،
والبِنَاء والحَجَرِ، والنَّصِيبُ: الحجارة تُنْصَبُ على
الشيءِ، وجمْعُه: نَصَائِبُ ونُصُبٌ، وكان للعَرَبِ حِجَارةٌ
تعْبُدُها وتَذْبَحُ عليها. قال تعالى: كَأَنَّهُمْ إِلى
نُصُبٍ يُوفِضُونَ
[المعارج/ 43] ، قال: وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ
[المائدة/ 3] وقد يقال في جمعه: أَنْصَابٌ، قال: وَالْأَنْصابُ
وَالْأَزْلامُ
[المائدة/ 90] والنُّصْبُ والنَّصَبُ: التَّعَبُ، وقرئ:
بِنُصْبٍ وَعَذابٍ
[ص/ 41] و (نَصَبٍ) «2» وذلك
__________
(1) وهي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وأبي جعفر
ويعقوب. الإتحاف ص 385. [.....]
(2) وهي قراءة يعقوب. الإتحاف ص 372.
(1/807)
مثل: بُخْلٍ وبَخَلٍ. قال تعالى: لا
يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ
[فاطر/ 35] وأَنْصَبَنِي كذا. أي:
أَتْعَبَنِي وأَزْعَجَنِي، قال الشاعرُ:
442-
تَأَوَّبَنِي هَمٌّ مَعَ اللَّيْلِ مُنْصِبٌ
«1» وهَمٌّ نَاصِبٌ قيل: هو مثل: عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ «2» ،
والنَّصَبُ: التَّعَبُ. قال تعالى: لَقَدْ لَقِينا مِنْ
سَفَرِنا هذا نَصَباً
[الكهف/ 62] . وقد نَصِبَ «3» فهو نَصِبٌ ونَاصِبٌ، قال تعالى:
عامِلَةٌ ناصِبَةٌ
[الغاشية/ 3] . والنَّصِيبُ:
الحَظُّ المَنْصُوبُ. أي: المُعَيَّنُ. قال تعالى:
أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ
[النساء/ 53] ، أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً
مِنَ الْكِتابِ
[آل عمران/ 23] ، فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ
[الشرح/ 7] ويقال: نَاصَبَهُ الحربَ والعَداوةَ، ونَصَبَ له،
وإن لم يُذْكَر الحربُ جَازَ، وتَيْسٌ أَنْصَبُ، وشَاةٌ أو
عَنْزَةٌ نَصْبَاءُ: مُنْتَصِبُ القَرْنِ، وناقةٌ نَصْبَاءُ:
مُنْتَصِبَةُ الصَّدْرِ، ونِصَابُ السِّكِّين ونَصَبُهُ، ومنه:
نِصَابُ الشيءِ: أَصْلُه، ورَجَعَ فلانٌ إلى مَنْصِبِهِ. أي:
أَصْلِه، وتَنَصَّبَ الغُبارُ:
ارتَفَع، ونَصَبَ السِّتْرَ: رَفَعَهُ، والنَّصْبُ في الإِعراب
معروفٌ، وفي الغِنَاءِ ضَرْبٌ منه.
نصح
النُّصْحُ: تَحَرِّي فِعْلٍ أو قَوْلٍ فيه صلاحُ صاحبِهِ. قال
تعالى: لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ
لَكُمْ وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ
[الأعراف/ 79] ، وقال: وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ
النَّاصِحِينَ [الأعراف/ 21] ، وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ
أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ
[هود/ 34] وهو من قولهم: نَصَحْتُ له الوُدَّ.
أي: أَخْلَصْتُهُ، ونَاصِحُ العَسَلِ: خَالِصُهُ، أو من قولهم:
نَصَحْتُ الجِلْدَ: خِطْتُه، والنَّاصِحُ:
الخَيَّاطُ، والنِّصَاحُ: الخَيْطُ، وقوله: تُوبُوا إِلَى
اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً
[التحريم/ 8] فمِنْ أَحَدِ هذين، إِمَّا الإخلاصُ، وإِمَّا
الإِحكامُ، ويقال:
نَصُوحٌ ونَصَاحٌ نحو ذَهُوب وذَهَاب، قال:
443-
أَحْبَبْتُ حُبّاً خَالَطَتْهُ نَصَاحَةٌ
«4»
نصر
النَّصْرُ والنُّصْرَةُ: العَوْنُ. قال تعالى: نَصْرٌ مِنَ
اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ
[الصف/ 13] ، إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ
[النصر/ 1] ، وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ
__________
(1) شطر بيت لطفيل الغنوي، وعجزه:
وجاء من الأخبار ما لا أكذب.
والشطر في عمدة الحفاظ (نصب) ، دون نسبة، والبيت في الأغاني
14/ 87.
(2) قال الأصمعي: همّ ناصب. أي: ذو نصب، مثل: ليل نائم: ذو نوم
ينام فيه. ورجل دارع: ذو درع. اللسان (نصب) .
(3) قال أبو عثمان: نصب نصبا: أعيا من التعب. الأفعال: 3/ 152.
(4) الشطر في عمدة الحفاظ (نصح) ، دون نسبة.
(1/808)
[الأنبياء/ 68] ، إِنْ يَنْصُرْكُمُ
اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ
[آل عمران/ 160] ، وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ
[البقرة/ 250] ، كانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ
[الروم/ 47] ، إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا
[غافر/ 51] ، وَما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا
نَصِيرٍ
[التوبة/ 74] ، وَكَفى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللَّهِ
نَصِيراً
[النساء/ 45] ، ما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ
وَلا نَصِيرٍ [التوبة/ 116] ، فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ
اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ
[الأحقاف/ 28] إلى غير ذلك من الآيات، ونُصْرَةُ الله للعبد
ظاهرة، ونُصْرَةُ العبد لله هو نصرته لعباده، والقيام بحفظ
حدوده، ورعاية عهوده، واعتناق أحكامه، واجتناب نهيه. قال:
وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ
[الحديد/ 25] ، إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ
[محمد/ 7] ، كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ
[الصف/ 14] وَالانْتِصَارُ والاسْتِنْصَارُ: طلب النُّصْرَة
وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ
[الشورى/ 39] ، وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ
فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ
[الأنفال/ 72] ، وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ
[الشورى/ 41] ، فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ
[القمر/ 10] وإنما قال:
«فَانْتَصِرْ» ولم يقل: انْصُرْ تنبيهاً أنّ ما يلحقني يلحقك
من حيث إنّي جئتهم بأمرك، فإذا نَصَرْتَنِي فقد انْتَصَرْتَ
لنفسك، وَالتَّنَاصُرُ: التَّعاوُن. قال تعالى: ما لَكُمْ لا
تَناصَرُونَ [الصافات/ 25] ، وَالنَّصَارَى قيل: سُمُّوا بذلك
لقوله: كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ
مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ
الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ
[الصف/ 14] ، وقيل: سُمُّوا بذلك انتسابا إلى قرية يقال لها:
نَصْرَانَةُ، فيقال: نَصْرَانِيٌّ، وجمْعُه نَصَارَى، قال:
وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى
الآية [البقرة/ 113] ، ونُصِرَ أرضُ بني فلان. أي: مُطِرَ «1»
، وذلك أنَّ المطَرَ هو نصرةُ الأرضِ، ونَصَرْتُ فلاناً:
أعطيتُه، إمّا مُسْتعارٌ من نَصْرِ الأرض، أو من العَوْن.
نصف
نِصْفُ الشيءِ: شطْرُه. قال تعالى: وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ
أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ
[النساء/ 12] ، وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ
[النساء/ 11] ، فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ
[النساء/ 176] ، وإِنَاءٌ نَصْفَانُ: بلغ ما فيه نِصْفَهُ،
ونَصَفَ النهارُ وانْتَصَفَ: بلغ نصْفَهُ، ونَصَفَ الإزارُ
ساقَهُ، والنَّصِيفُ: مِكْيالٌ، كأنه نِصْفُ المكيالِ الأكبرِ،
ومِقْنَعَةُ النِّساء كأنها نِصْفٌ من المِقْنَعَةِ الكبيرةِ،
قال الشاعر:
__________
(1) مجاز القرآن 2/ 46.
(1/809)
444-
سَقَطَ النَّصِيفُ وَلَمْ تُرِدْ إِسْقَاطَهُ ...
فَتَنَاوَلَتْهُ وَاتَّقَتْنَا بِالْيَدِ
«1» وبلغْنا مَنْصَفَ الطريقِ. والنَّصَفُ: المرأةُ التي بيْنَ
الصغيرةِ والكبيرةِ، والمُنَصَّفُ من الشراب:
ما طُبِخَ فذهب منه نِصْفُهُ، والإِنْصَافُ في المُعامَلة:
العدالةُ، وذلك أن لا يأخُذَ من صاحبه من المنافع إِلَّا مثْلَ
ما يعطيه، ولا يُنِيلُهُ من المَضارِّ إلَّا مثْلَ ما يَنالُهُ
منه، واستُعْمِل النَّصَفَةُ في الخدمة، فقيل للخادم: نَاصِفٌ،
وجمعه:
نُصُفٌ، وهو أن يعطي صاحبَه ما عليه بإِزاء ما يأخذ من
النَّفع. والانْتِصَافُ والاسْتِنْصَافُ:
طَلَبُ النَّصَفَةِ.
نصا
النَّاصِيَةُ: قُصَاصُ الشَّعْر، ونَصَوْتُ فُلاناً
وانْتَصَيْتُهُ، ونَاصَيْتُهُ: أخذْتُ بِنَاصِيَتِهِ، وقوله
تعالى: ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها
[هود/ 56] . أي: متمكِّنٌ منها. قال تعالى:
لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ ناصِيَةٍ
[العلق/ 15- 16] . وحديثُ عائشة رضي الله عنها (ما لكم
تَنْصُونَ ميِّتكم؟) «2» . أي: تَمُدُّونَ ناصيته. وفلان
نَاصِيَةُ قومه. كقولهم: رأسُهُمْ وعَيْنُهُمْ، وانْتَصَى
الشَّعْرُ: طَالَ، والنَّصْيُ: مَرْعًى مِنْ أفضل المَرَاعِي.
وفلانٌ نَصْيَةُ قومٍ. أي: خِيارُهُمْ تشبيهاً بذلك المَرْعَى.
نضج
يقال: نَضَجَ اللَّحْمُ نُضْجاً ونَضْجاً: إذا أدْرَكَ شَيّه.
قال تعالى: كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ
جُلُوداً غَيْرَها
[النساء/ 56] ، ومنه قيل:
ناقة مُنَضِّجَةٌ: إذا جاوزتْ بحَمْلها وقتَ وِلادَتِهَا، وقد
نَضَّجَتْ، وفلان نَضِيجُ الرَّأْي: مُحْكَمُهُ.
نضد
يقال: نَضَدْتُ المتاعَ بعضه على بعض:
أَلْقَيْتُهُ، فهو مَنْضُودٌ ونَضِيدٌ، والنَّضَدُ: السَّريرُ
الذي يُنَضِّدُ عليه المتاعُ، ومنه اسْتُعِيرَ: طَلْعٌ نَضِيدٌ
[ق/ 10] ، وقال تعالى: وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ
[الواقعة/ 29] ، وبه شُبِّهَ السَّحابُ المتراكم فقيل له:
النَّضَدُ، وأَنْضَادُ القومِ:
جماعاتُهْم، ونَضَدُ الرَّجُلِ: مَنْ يَتَقَوَّى به من
أَعْمامِهِ وأَخْوالِهِ.
نضر
النَّضْرَةُ: الحُسْنُ كالنَّضَارَة، قال تعالى:
نَضْرَةَ النَّعِيمِ
[المطففين/ 24] أي:
__________
(1) البيت للنابغة الذبياني من قصيدة مطلعها:
أمن آل ميّة رائح أو مغتد ... عجلان ذا زاد وغير مزوّد
وهو في ديوانه ص 40، واللسان (نصف) .
(2) قال ابن الأثير: في حديث عائشة: سئلت عن الميّت يسرّح
رأسه، فقالت: (علام تنصون ميتكم؟) . النهاية 5/ 68.
(1/810)
رَوْنَقَهُ. قال تعالى: وَلَقَّاهُمْ
نَضْرَةً وَسُرُوراً
[الإنسان/ 11] ونَضَرَ وجْهُه يَنْضُرُ فهو نَاضِرٌ، وقيل:
نَضِرَ يَنْضَرُ. قال تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى
رَبِّها ناظِرَةٌ
[القيامة/ 22- 23] ونَضَّرَ اللَّهُ وَجْهَهُ. وأَخْضَرُ
نَاضِرٌ: غُصْنٌ حَسَنٌ.
والنَّضَرُ والنَّضِيرُ: الذَّهَبُ لِنَضَارَتِهِ، وقَدَحٌ
نُضَارٌ:
خَالِصٌ كالتِّبْرِ، وقَدَحُ نُضَارٍ بِالإِضَافَةِ: مُتَّخَذٌ
مِنَ الشَّجَرِ.
نطح
النَّطِيحَةُ: ما نُطِحَ من الأَغْنام فماتَ، قال تعالى:
وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ
[المائدة/ 3] والنَّطِيحُ والنَّاطِحُ: الظّبْيُ والطائرُ الذي
يَسْتَقْبِلُكَ بوجهه، كأنه يَنْطَحُك ويُتَشَاءَمُ به، ورجلٌ
نَطِيحٌ:
مشْؤُومٌ، ومنه نَوَاطِحُ الدَّهْر. أي: شدائِدُهُ، وفرسٌ
نَطِيحٌ: يأخُذ فَوْدَى رأسِهِ بَياضٌ.
نطف
النُّطْفَةُ: الماءُ الصافي، ويُعَبَّرُ بها عن ماء الرَّجُل.
قال تعالى: ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ
[المؤمنون/ 13] ، وقال: مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ
[الإنسان/ 2] ، أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى
[القيامة/ 37] ويُكَنَّى عن اللُّؤْلُؤَةِ بالنَّطَفَة، ومنه:
صَبِيٌّ مُنَطَّفٌ: إذا كان في أُذُنِهِ لُؤْلُؤَةٌ،
والنَّطَفُ: اللُّؤْلُؤ. الواحدةُ: نُطْفَةٌ، وليلة نَطُوفٌ:
يجيء فيها المطرُ حتى الصباح، والنَّاطِفُ: السائلُ من
المائعات، ومنه: النَّاطِفُ المعروفُ، وفلانٌ مَنْطِفُ
المعروف، وفلان يَنْطِفُ بسُوء كذلك كقولك: يُنَدِّي به.
نطق
[النُّطْقُ في التّعارُف: الأصواتُ المُقَطّعة التي يُظْهِرُها
اللسّانُ وتَعِيهَا الآذَانُ] . قال تعالى: ما لَكُمْ لا
تَنْطِقُونَ
[الصافات/ 92] ولا يكاد يقال إلّا للإنسان، ولا يقال لغيره
إلّا على سبيل التَّبَع.
نحو: النَّاطِقُ والصَّامِتُ، فيراد بالناطق ما له صوت،
وبالصامت ما ليس له صوت، [ولا يقال للحيوانات ناطق إلّا
مقيَّداً، وعلى طريق التشبيه كقول الشاعر:
445-
عَجِبْتُ لَهَا أَنَّى يَكُونُ غِنَاؤُهَا ... فَصِيحاً وَلَمْ
تَفْغَرْ لِمَنْطِقِهَا فَماً]
«1» والمنطقيُّون يُسَمُّون القوَّةَ التي منها النّطقُ
نُطْقاً، وإِيَّاهَا عَنَوْا حيث حَدُّوا الإنسانَ، فقالوا:
هُوَ الحيُّ الناطقُ المَائِتُ «2» ، فالنّطقُ لفظٌ مشتركٌ
عندهم بين القوَّة الإنسانيَّة التي يكون بها الكلامُ، وبين
الكلامِ المُبْرَزِ بالصَّوْت، وقد يقال النَّاطِقُ لما يدلُّ
على شيء، وعلى هذا قيل لحكيم: ما الناطقُ الصامتُ؟ فقال:
الدَّلائلُ المُخْبِرَةُ والعِبَرُ الواعظةُ. وقوله تعالى:
__________
(1) البيت لحميد بن ثور، وهو في أمالي القالي 1/ 139، والكامل
2/ 85، وديوانه ص 27.
وما بين [] نقله البغدادي في الخزانة 1/ 37.
(2) انظر شرح السّلم ص 7.
(1/811)
لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ
[الأنبياء/ 65] إشارة إلى أنّهم ليسوا من جِنْس النَّاطِقِينَ
ذوي العقول، وقوله: قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي
أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ
[فصلت/ 21] فقد قيل: أراد الاعتبارَ، فمعلومٌ أنَّ الأشياءَ
كلّها ليستْ تَنْطِقُ إلّا من حيثُ العِبْرَةُ، وقوله:
عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ
[النمل/ 16] فإنه سَمَّى أصواتَ الطَّيْر نُطْقاً اعتباراً
بسليمان الذي كان يَفْهَمُهُ، فمن فَهِمَ من شيء معنًى فذلك
الشيء بالإضافة إليه نَاطِقٌ وإن كان صامتاً، وبالإضافة إلى من
لا يَفْهَمُ عنه صامتٌ وإن كان ناطقاً. وقوله: هذا كِتابُنا
يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِ
[الجاثية/ 29] فإن الكتابَ ناطقٌ لكن نُطْقُهُ تُدْرِكُهُ
العَيْنُ كما أنّ الكلام كتابٌ لكن يُدْرِكُهُ السَّمْعُ.
وقوله: وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا
قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ
[فصلت/ 21] فقد قيل: إن ذلك يكونُ بالصَّوْت المسموعِ، وقيل:
يكونُ بالاعتبار، واللهُ أعلمُ بما يكون في النَّشْأَةِ
الآخرةِ. وقيل:
حقيقةُ النُّطْقِ اللَّفْظُ الّذي هو كَالنِّطَاقِ للمعنى في
ضَمِّهِ وحصْرِهِ. وَالمِنْطَقُ والمِنْطَقَةُ: ما يُشَدُّ به
الوَسَطُ وقول الشاعر:
446-
وَأَبْرَحُ مَا أَدَامَ اللَّهُ قَوْمِي ... بِحَمْدِ اللَّهِ
مُنْتَطِقاً مُجِيداً
«1» فقد قيل: مُنْتَطِقاً: جَانِباً. أي: قَائِداً فَرَساً لم
يَرْكَبْهُ، فإن لم يكن في هذا المعنى غيرُ هذا البيت فإنه
يحتمل أن يكون أراد بِالمُنْتَطِقِ الذي شَدَّ النِّطَاقَ،
كقوله: مَنْ يَطُلْ ذَيْلُ أَبِيهِ يَنْتَطِقْ بِهِ «2» ،
وقيل: معنى المُنْتَطِقِ المُجِيدِ: هو الذي يقول قولا
فَيُجِيدُ فيه.
نظر
النَّظَرُ: تَقْلِيبُ البَصَرِ والبصيرةِ لإدرَاكِ الشيءِ
ورؤيَتِهِ، وقد يُرادُ به التَّأَمُّلُ والفَحْصُ، وقد يراد به
المعرفةُ الحاصلةُ بعد الفَحْصِ، وهو الرَّوِيَّةُ.
يقال: نَظَرْتَ فلم تَنْظُرْ. أي: لم تَتَأَمَّلْ ولم
تَتَرَوَّ، وقوله تعالى: قُلِ انْظُرُوا ماذا فِي السَّماواتِ
[يونس/ 101] أي: تَأَمَّلُوا. واستعمال النَّظَرِ في البَصَرِ
أكثرُ عند العامَّةِ، وفي البصيرةِ أكثرُ عند الخاصَّةِ، قال
تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ
[القيامة/ 22- 23] ويقال:
نَظَرْتُ إلى كذا: إذا مَدَدْتَ طَرْفَكَ إليه رَأَيْتَهُ أو
لم تَرَهُ، ونَظَرْتُ فِيهِ: إذا رَأَيْتَهُ وتَدَبَّرْتَهُ،
قال: أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ
[الغاشية/
__________
(1) البيت لخداش بن زهير العامري، من قصيدة مطلعها:
صبا قلبي وكلّفني كنودا ... وعاود داءه منها التليدا
وهو في ديوانه ص 42، والمجمل 3/ 872، واللسان (نطق) ، ومجاز
القرآن 1/ 316 ورواية الديوان:
فأبرح ما أدام الله رهطي ... رخيّ البال منتطقا مجيدا
(2) وهو من كلام عليّ بن أبي طالب في الفائق 1/ 68، والمجمل 3/
872، والأمثال ص 198، ومجمع الأمثال 2/ 300.
(1/812)
17] نَظَرْتَ في كذا: تَأَمَّلْتَهُ. قال
تعالى: فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقالَ إِنِّي
سَقِيمٌ
[الصافات/ 88- 89] ، وقوله: تعالى: أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي
مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ
[الأعراف/ 185] فذلك حَثٌّ على تَأَمُّلِ حِكْمَتِهِ في
خَلْقِهَا. ونَظَرَ اللَّهُ تعالى إلى عِبَادِهِ: هو إحسانُهُ
إليهم وإفاضَةُ نِعَمِهِ عليهم. قال تعالى: وَلا يُكَلِّمُهُمُ
اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ
[آل عمران/ 77] ، وعلى ذلك قوله: كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ
رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ [المطففين/ 15] ،
والنَّظَرُ: الانْتِظَارُ. يقال: نَظَرْتُهُ وانْتَظَرْتُهُ
وأَنْظَرْتُهُ. أي: أَخَّرْتُهُ. قال تعالى:
وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ
[هود/ 122] ، وقال:
فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ
خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ
مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ
[يونس/ 102] ، وقال: انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ
[الحديد/ 13] ، وَما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ
[الحجر/ 8] ، قالَ أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قالَ
إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ
[الأعراف/ 15- 16] ، وقال: فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا
تُنْظِرُونِ
[هود/ 55] ، وقال: لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ
وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ
[السجدة/ 29] ، وقال: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ
وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ
[الدخان/ 29] ، فنفى الإِنْظارَ عنهم إشارةً إلى ما نبَّه عليه
بقوله: فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا
يَسْتَقْدِمُونَ [الأعراف/ 34] ، وقال: إِلى طَعامٍ غَيْرَ
ناظِرِينَ إِناهُ [الأحزاب/ 53] أي:
منتظرين، وقال: فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ
[النمل/ 35] ، هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ
اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ [البقرة/
210] ، وقال: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ
تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ [الزخرف/ 66]
وقال: ما يَنْظُرُ هؤُلاءِ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً [ص/ 15] ،
وأما قوله: رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ [الأعراف/ 143] ،
فَشَرْحُهُ وبَحْثُ حَقَائِقِهِ يَخْتَصُّ بغير هذا الكتابِ.
ويُستعمَل النَّظَرُ في التَّحَيُّرِ في الأمور. نحو قوله:
فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ [البقرة/
55] ، وقال: وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا
يُبْصِرُونَ [الأعراف/ 198] ، وقال: وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ
عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ
خَفِيٍّ [الشورى/ 45] ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ
أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ
[يونس/ 43] ، فكلّ ذلك نظر عن تحيُّر دالٍّ على قِلَّة
الغِنَاءِ. وقوله:
وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ [البقرة/
50] ، قيل: مُشَاهِدُونَ، وقيل: تَعْتَبِرُونَ، وقول الشاعر:
447-
نَظَرَ الدَّهْرُ إِلَيْهِمْ فَابْتَهَل
«1»
__________
(1) الشطر للبيد، وقد تقدّم في مادة (بهل) .
(1/813)
فتنبيهٌ أنه خانَهُمْ فَأَهْلَكَهُمْ.
وحَيٌّ نَظَرٌ. أي:
مُتَجَاوِرُونَ يَرَى بعضُهم بعضاً، كقولِ النبي صلّى الله
عليه وسلم:
«لَا يَتَرَاءَى نَارَاهُمَا» «1» . والنَّظِيرُ: المَثِيلُ،
وأصلُه المُنَاظِرُ، وكأنه يَنْظُرُ كلُّ واحدٍ منهما إلى
صاحبِهِ فيُبَارِيهِ، وبه نَظْرَةٌ. إشارةٌ إلى قول الشاعر:
448-
وقَالُوا بِهِ مِنْ أَعْيُنِ الْجِنِّ نَظْرَةٌ
«2» والمُنَاظَرَةُ: المُبَاحَثَةُ والمُبَارَاةُ فِي
النَّظَرِ، واسْتِحْضَارُ كلِّ ما يَرَاهُ بِبَصِيرَتِهِ،
والنَّظَرُ:
البَحْثُ، وهو أَعَمُّ مِنَ القِيَاسِ، لأنَّ كلَّ قياسٍ
نَظَرٌ، ولَيْسَ كُلُّ نَظَرٍ قِيَاساً.
نعج
النَّعْجَةُ: الأُنْثَى من الضَّأْنِ، والبَقَر الوَحْش،
والشَّاةِ الجَبَلِيِّ، وجمْعها: نِعَاجٌ. قال تعالى:
إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ
نَعْجَةٌ واحِدَةٌ
[ص/ 23] ، ونَعَجَ الرَّجُلُ: إذا أَكَلَ لَحْمَ ضَأْنٍ
فَأَتْخَمَ منه، وأَنْعَجَ الرَّجُلُ: سَمِنَتْ نِعَاجُهُ،
والنَّعْجُ: الابْيِضَاضُ، وأَرْضٌ نَاعِجَةٌ:
سَهْلَةٌ.
نعس
النُّعَاسُ: النَّوْمُ القليلُ. قال تعالى: إِذْ يُغَشِّيكُمُ
النُّعاسَ أَمَنَةً
[الأنفال/ 11] ، نُعاساً [آل عمران/ 154] وقيل: النُّعَاسُ
هاهنا عبارةٌ عن السُّكُونِ والهُدُوِّ، وإشارةٌ إلى قول
النبيّ صلّى الله عليه وسلم: «طُوبَى لِكُلِّ عَبْدٍ نُوَمَةٍ»
«3» .
نعق
نَعَقَ الرَّاعي بصَوْتِهِ. قال تعالى: كَمَثَلِ الَّذِي
يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً
[البقرة/ 171] .
نعل
النَّعْلُ معروفةٌ. قال تعالى: فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ
[طه/ 12] وبه شُبِّهَ نَعْلُ الفَرَس، ونَعْلُ السَّيْف،
وفَرَسٌ مُنْعَلٌ: في أسفَلِ رُسْغِهِ بَيَاضٌ عَلَى شَعَرِهِ،
ورجل نَاعِلٌ ومُنْعَلٌ، ويُعَبَّرُ به عن الغَنِيِّ، كما
يُعَبَّرُ بِالحَافِي عَنِ الفَقِيرِ.
نعم
النِّعْمَةُ: الحالةُ الحسنةُ، وبِنَاء النِّعْمَة بِناء
الحالةِ التي يكون عليها الإنسان كالجِلْسَة والرِّكْبَة،
والنَّعْمَةُ: التَّنَعُّمُ، وبِنَاؤُها بِنَاءُ المَرَّة من
الفِعْلِ كالضَّرْبَة والشَّتْمَة، والنِّعْمَةُ للجِنْسِ تقال
للقليلِ والكثيرِ. قال تعالى: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ
اللَّهِ لا تُحْصُوها
__________
(1) الحديث تقدّم في مادة (رأى) . [.....]
(2) شطر بيت، وعجزه:
[ولو صدقوا قالوا به نظرة الإنس]
وهو في الغيث المسجم 1/ 263 دون نسبة.
(3) هذا من حديث عليّ رضي الله عنه لا من حديث النبي صلّى الله
عليه وسلم، فإنه قال: (تعلموا العلم تعرفوا به، واعملوا به
تكونوا من أهله، فإنه سيأتي بعد هذا زمان لا يعرف فيه تسعة
عشرائهم المعروف، ولا ينجو منه إلا كلّ نومة، فأولئك أئمة
الهدى، ومصابيح العلم، ليسوا بالمصابيح ولا المذاييع البذر)
راجع الفائق 3/ 135، وغريب الحديث 3/ 463، ومسند علي رقم 1609،
ونهج البلاغة ص 248.
(1/814)
[النحل/ 18] ، اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ
الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ
[البقرة/ 40] ، وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي [المائدة/
3] ، فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ
[آل عمران/ 174] إلى غير ذلك من الآيات. والإِنْعَامُ: إيصالُ
الإحسانِ إلى الغَيْرِ، ولا يقال إلّا إذا كان المُوصَلُ إليه
من جِنْسِ النَّاطِقِينَ، فإنه لا يقال أَنْعَمَ فلانٌ على
فَرَسِهِ. قال تعالى: أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ [الفاتحة/ 7] ،
وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ
وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ
[الأحزاب/ 37] والنَّعْمَاءُ بإِزَاءِ الضَّرَّاءِ. قال تعالى:
وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ
[هود/ 10] والنُّعْمَى نقيضُ البُؤْسَى، قال: إِنْ هُوَ إِلَّا
عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ
[الزخرف/ 59] والنَّعِيمُ: النِّعْمَةُ الكثيرةُ، قال:
فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ
[يونس/ 9] ، وقال:
جَنَّاتِ النَّعِيمِ [لقمان/ 8] وَتَنَعَّمَ: تَنَاوَلَ ما فيه
النِّعْمَةُ وطِيبُ العَيْشِ، يقال: نَعَّمَهُ تَنْعِيماً
فَتَنَعَّمَ. أي: جَعَلَهُ في نِعْمَةٍ. أي: لِينِ عَيْشٍ
وخَصْبٍ، قال: فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ
[الفجر/ 15] وطعامٌ نَاعِمٌ، وجارية نَاعِمَةٌ. [والنَّعَمُ
مختصٌّ بالإبل] ، وجمْعُه: أَنْعَامٌ، [وتسميتُهُ بذلك لكون
الإبل عندهم أَعْظَمَ نِعْمةٍ، لكِنِ الأَنْعَامُ تقال للإبل
والبقر والغنم، ولا يقال لها أَنْعَامٌ حتى يكون في جملتها
الإبل] «1» . قال: وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ
وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ
[الزخرف/ 12] ، وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً
[الأنعام/ 142] ، وقوله: فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ
مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ [يونس/ 24]
فَالْأَنْعَامُ هاهنا عامٌّ في الإبل وغيرها. والنُّعَامَى:
الرِّيحُ الجَنُوبُ النَّاعِمَةُ الهبُوبِ، والنَّعَامَةُ:
سُمِّيَتْ تشبيهاٍ بِالنَّعَمِ في الخِلْقة، والنَّعَامَةُ:
المَظَلَّةُ في الجَبَلِ، وعلى رأس البئر تشبيهاً
بالنَّعَامَةِ في الهَيْئَة مِنَ البُعْدِ، والنَّعَائِمُ: من
مَنَازِلِ القَمَرِ تشبيهاً بِالنَّعَامَةِ وقول الشاعر:
449-
وابْنُ النَّعَامَةِ عِنْدَ ذَلِكَ مَرْكَبِي
«2» فقد قيل: أراد رِجْلَهُ، وجعلها ابنَ النَّعَامَةِ تشبيهاً
بها في السُّرْعَة. وقيل: النَّعَامَةُ بَاطِنُ القَدَمِ، وما
أرَى قال ذلك من قال إلّا من قولهم:
ابْنُ النَّعَامَةِ. وقولهم تَنَعَّمَ فُلَانٌ: إذا مَشَى
مشياً خَفِيفاً فَمِنَ النِّعْمَةِ.
و «نِعْمَ» كلمةٌ تُسْتَعْمَلُ في المَدْحِ بإِزَاءِ بِئْسَ في
__________
(1) ما بين [] نقله البغدادي في الخزانة 1/ 408.
(2) هذا عجز بيت، وشطره:
ويكون مركبك القعود ورحله
وهو لعنترة في ديوانه ص 33، والمجمل 3/ 874. وقيل: هو لخرز بن
لوذان.
(1/815)
الذَّمّ، قال تعالى: نِعْمَ الْعَبْدُ
إِنَّهُ أَوَّابٌ [ص/ 44] ، فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ
[الزمر/ 74] ، نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ [الأنفال/
40] ، وَالْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ
[الذاريات/ 48] ، إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ
[البقرة/ 271] وتقول: إن فَعَلْتَ كَذَا فَبِهَا وَنِعْمَتْ.
أي: نِعْمَتِ الخَصْلَةُ هِيَ، وغَسَّلْتُهُ غَسْلًا نِعمَّا،
يقال: فَعَلَ كذا وأَنْعَمَ. أي: زَادَ، وأصله من الإِنْعَامِ،
ونَعَّمَ اللَّهُ بِكَ عَيْناً.
و «نَعَمْ» كلمةٌ للإيجابِ من لفظ النِّعْمَة، تقول: نَعَمْ
ونُعْمَةُ عَيْنٍ ونُعْمَى عَيْنٍ ونُعَامُ عَيْنٍ، ويصحُّ أن
يكون من لفظ أَنْعَمَ منه، أي: أَلْيَنَ وأَسْهَلَ.
نغض
الإِنْغَاضُ: تَحْرِيكُ الرَّأْسِ نَحْوَ الغَيْر كالمتعجِّب
منه. قال تعالى: فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ
[الإسراء/ 51] يقال: نَغَضَ نَغَضاناً:
إذا حَرَّكَ رأسَه، ونَغَضَ أسنانَهُ في ارْتِجَافٍ،
والنَّغْضُ: الظَّلِيمُ الّذي يَنْغِضُ رأسَه كثيراً،
والنَّغْضُ: غُضْرُوفُ الكَتِفِ.
نفث
النَّفْثُ: قَذْفُ الرِّيقِ القليلِ، وهو أَقَلُّ من
التَّفْلِ، ونَفْثُ الرَّاقِي والساحرِ أن يَنْفُثَ في
عُقَدِهِ، قال تعالى: وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي
الْعُقَدِ
[الفلق/ 4] ومنه الحيَّةُ تَنْفُثُ السّمَّ، وقيل: لو
سَأَلْتَهُ نُفَاثَةَ سواكٍ ما أعْطَاكَ «1» . أي: ما بَقِيَ
في أَسنانك فنَفَثْتَ به، ودمٌ نَفِيثٌ: نَفَثَهُ الجُرْحُ،
وفي المثل: لَا بُدَّ لِلْمَصْدُورِ أَنْ يَنْفُثَ «2» .
نفح
نَفَحَ الرِّيحُ يَنْفُحُ نَفْحاً، وله نَفْحَةٌ طَيِّبة. أي:
هُبُوبٌ مِنَ الخيرِ، وقد يُسْتَعارُ ذلك للشرِّ. قال تعالى:
وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ
[الأنبياء/ 46] ونَفَحَتِ الدَّابَّةُ: رَمَتْ بحافرها،
ونَفَحَهُ بالسَّيْفِ: ضَرَبَهُ به، والنَّفُوحُ من النُّوق:
التي يخرُج لَبَنُهَا من غير حَلْبٍ، وقَوْسٌ نَفُوحٌ:
بعيدةُ الدَّفْعِ للسَّهْم، وأَنْفِحَةُ الجَدْيِ معروفةٌ.
نفخ
النَّفْخُ: نَفْخُ الرِّيحِ في الشيءِّ. قال تعالى:
يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ
[طه/ 102] ، وَنُفِخَ فِي الصُّورِ
[الكهف/ 99] ، ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى
[الزمر/ 68] ، وذلك نحو قوله: فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ
[المدثر/ 8] ومنه نَفْخُ الرُّوح في النَّشْأَة الأُولى، قال:
وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي
[الحجر/ 29] يقال: انْتَفَخَ بطْنُه، ومنه استُعِيرَ:
انْتَفَخَ النهارُ: إذا ارتْفَعَ، ونَفْخَةُ الرَّبيع
__________
(1) انظر: المجمل 3/ 878، واللسان (نفث) .
(2) انظر: البصائر 5/ 93، والمجمل 3/ 878، ومجمع الأمثال 2/
241.
(1/816)
حِينَ أَعْشَبَ، ورجل مَنْفُوخٌ. أي:
سَمِينٌ.
نفد
النَّفَادُ: الفَناءُ. قال تعالى: إِنَّ هذا لَرِزْقُنا ما
لَهُ مِنْ نَفادٍ
[ص/ 54] يقال: نَفِدَ يَنْفَدُ «1» قال تعالى: قُلْ لَوْ كانَ
الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ
قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ
[الكهف/ 109] ، ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ
[لقمان/ 27] . وأَنْفَدُوا: فَنِيَ زادُهم، وخَصْمٌ مُنَافِدٌ:
إذا خَاصَمَ لِيُنْفِدَ حُجَّةَ صاحبِهِ، يقال: نَافَدْتُهُ
فَنَفَدْتُهُ.
نفذ
نَفَذَ السَّهْمُ في الرَّمِيَّة نُفُوذاً ونَفَاذاً،
والمِثْقَبُ في الخَشَبِ: إذا خَرِقَ إلى الجهة الأُخرى،
ونَفَذَ فلانٌ في الأمرِ نَفَاذاً وأَنْفَذْتُهُ. قال تعالى:
إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ
وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ
[الرحمن/ 33] ونَفَّذْتُ الأمرَ تَنْفِيذاً، والجيش في
غَزْوِهِ، وفي الحديث: «نَفِّذُوا جَيْشَ أُسَامَةَ» «2» .
والمَنْفَذُ المَمَرُّ النَّافِذُ.
نفر
النَّفْرُ: الانْزِعَاجُ عن الشيءِ وإلى الشيء، كالفَزَعِ إلى
الشيء وعن الشيء. يقال: نَفَرَ عن الشيء نُفُوراً. قال تعالى:
ما زادَهُمْ إِلَّا نُفُوراً
[فاطر/ 42] ، وَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُوراً [الإسراء/ 41]
ونَفَرَ إلى الحربِ يَنْفُرُ ويَنْفِرُ نَفْراً، ومنه: يَوْمُ
النَّفْرِ. قال تعالى: انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا
[التوبة/ 41] ، إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً
أَلِيماً
[التوبة/ 39] ، ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي
سَبِيلِ اللَّهِ [التوبة/ 38] ، وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ
لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ
مِنْهُمْ طائِفَةٌ
[التوبة/ 122] . والاسْتِنْفَارُ:
حَثُّ القومِ على النَّفْرِ إلى الحربِ، والاسْتِنْفَارُ:
حَمْلُ القومِ على أن يَنْفِرُوا. أي: من الحربِ،
والاسْتِنْفَارُ أيضا: طَلَبُ النِّفَارِ، وقوله تعالى:
كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ
[المدثر/ 50] قُرِئَ:
بفَتْحِ الفاء وكسرِها «3» ، فإذا كُسِرَ الفاءُ فمعناه:
نَافِرَةٌ، وإذا فُتِحَ فمعناه: مُنَفَّرَةٌ. والنَّفَرُ
والنَّفِيرُ والنَّفَرَةُ: عِدَّةُ رجالٍ يُمْكِنُهُم
النَّفْرُ. والمُنَافَرَةُ:
المُحَاكَمَةُ في المُفَاخَرَةِ، وقد أُنْفِرَ فلانٌ: إذا
فُضِّلَ في المُنافرةِ، وتقول العَرَبُ: نُفِّرَ فلانٌ إذا
سُمِّيَ باسمٍ يَزْعُمُون أنّ الشّيطانَ يَنْفِرُ عنه، قال
أعرابيٌّ: قيل لأبي لَمَّا وُلِدْتُ: نَفِّرْ عنه، فسَمَّانِي
__________
(1) راجع: الأفعال 3/ 163.
(2) ذكر الخبر ابن حجر في الفتح، وفيه: ثم اشتد برسول الله
وجعه، فقال: أنفذوا بعث أسامة، فجهّزه أبو بكر بعد أن استخلف،
فسار إلى الجهة التي أمر بها، وقتل قاتل أبيه، ورجع بالجيش
سالما، وقد غنموا. انظر: فتح الباري 8/ 152.
(3) قرأ نافع وابن عامر وأبو جعفر بفتح الفاء، والباقون
بكسرها. الإتحاف ص 427.
(1/817)
قُنْفُذاً وكَنَّانِي أبا العَدَّاء «1» .
ونَفَرَ الجِلْدُ: وَرِمَ.
قال أبو عبيدة: هو من نِفَارِ الشيءِ عن الشيء.
أي: تَبَاعُدِهِ عنه وتَجَافِيهِ «2» .
نفس
الَّنْفُس: الرُّوحُ في قوله تعالى: أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ
[الأنعام/ 93] قال: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي
أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ [البقرة/ 235] ، وقوله: تَعْلَمُ ما
فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ
[المائدة/ 116] ، وقوله:
وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ
[آل عمران/ 30] فَنَفْسُهُ: ذَاتُهُ، وهذا- وإن كان قد حَصَلَ
من حَيْثُ اللَّفْظُ مضافٌ ومضافٌ إليه يقتضي المغايرةَ،
وإثباتَ شيئين من حيث العبارةُ- فلا شيءَ من حيث المعنى
سِوَاهُ تعالى عن الاثْنَوِيَّة من كلِّ وجهٍ. وقال بعض الناس:
إن إضافَةَ النَّفْسِ إليه تعالى إضافةُ المِلْك، ويعني بنفسه
نُفُوسَنا الأَمَّارَةَ بالسُّوء، وأضاف إليه على سبيل
المِلْك. والمُنَافَسَةُ: مُجَاهَدَةُ النَّفْسِ للتشبه
بالأفاضلِ، واللُّحُوقِ بهم من غير إِدْخال ضَرَرٍ على غيرِه.
قال تعالى: وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ
[المطففين/ 26] وهذا كقوله:
سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ [الحديد/ 21]
والنَّفَسُ: الرِّيحُ الداخلُ والخارجُ في البدن من الفَمِ
والمِنْخَر، وهو كالغِذاء للنَّفْسِ، وبانْقِطَاعِهِ
بُطْلانُها ويقال للفَرَجِ: نَفَسٌ، ومنه ما رُوِيَ: «إِنِّي
لَأَجِدُ نَفَسَ رَبِّكُمْ مِنْ قِبَلِ الْيَمَنِ» »
وقوله عليه الصلاة والسلام: «لَا تَسُبُّوا الرِّيحَ
فَإِنَّهَا مِنْ نَفَسِ الرَّحْمَنِ» «4» أي: ممَّا يُفَرَّجُ
بها الكَرْبُ. يقال: اللَّهُمَّ نَفِّسْ عَنِّي، أي: فَرِّجْ
عَنِّي. وتَنَفَّسَتِ الرِّيحُ: إذا هَبَّتْ طيِّبةً، قال
الشاعر:
450-
فَإِنَّ الصَّبَا رِيحٌ إِذَا مَا تَنَفَّسَتْ ... عَلَى
نَفْسِ مَحْزُونٍ تَجَلَّتْ هُمُومُهَا
«5» والنِّفَاسُ: وِلَادَةُ المَرْأَةِ، تقول: هي نُفَسَاءُ،
وجمْعُها نُفَاسٌ «6» ، وصَبَّيٌّ مَنْفُوسٌ، وتَنَفُّسُ
النهار عبارةٌ عن توسُّعِه. قال تعالى: وَالصُّبْحِ إِذا
تَنَفَّسَ
__________
(1) انظر: الخبر في المجمل 3/ 879، واللسان (نفر) .
(2) انظر: مجاز القرآن 2/ 276 و 1/ 381.
(3) الحديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه
وسلم: «ألا إنّ الإيمان يمان، والحكمة يمانية، وأجد نفس ربّكم
من قبل اليمن» أخرجه أحمد 2/ 541، ورجاله رجال الصحيح غير شبيب
وهو ثقة. راجع مجمع الزوائد 10/ 59.
(4) الحديث عن أبيّ بن كعب قال: قال رسول الله صلّى الله عليه
وسلم: «لا تسبّوا الريح، فإنّها من روح الله تبارك وتعالى،
وسلوا الله خيرها وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به، وتعوّذوا
بالله من شرها وشرّ ما فيها وشرّ ما أرسلت به» أخرجه أحمد 5/
123.
(5) البيت لمجنون ليلى، وهو في ديوانه ص 252، وأمالي القالي 2/
181، وغريب الحديث لابن قتيبة 1/ 291، وشرح الفصيح لابن
درستويه 1/ 170. [.....]
(6) النّفساء جمعها: نفساوات، ونفاس، ونفاس، ونفّس. اللسان
(نفس) .
(1/818)
[التكوير/ 18] ونَفِسْتُ بِكَذَا: ضَنَّتْ
نَفْسِي بِهِ، وشَيْءٌ نَفِيسٌ، ومَنْفُوسٌ بِهِ، ومُنْفِسٌ.
نفش
النَّفْشُ نَشْرُ الصُّوفِ. قال تعالى: كَالْعِهْنِ
الْمَنْفُوشِ
[القارعة/ 5] ونَفْشُ الغَنَمِ:
انْتِشَارُهَا، والنَّفَشُ بالفتح: الغَنَمُ المُنْتَشِرَةُ.
قال تعالى: إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ
[الأنبياء/ 78] والإِبِلُ النَّوَافِشُ: المُتَرَدِّدَةُ
لَيْلًا فِي المَرْعَى بِلَا رَاعٍ.
نفع
النَّفْعُ: ما يُسْتَعَانُ به في الوُصُولِ إلى الخَيْرَاتِ،
وما يُتَوَصَّلُ به إلى الخَيْرِ فهو خَيْرٌ، فَالنَّفْعُ
خَيْرٌ، وضِدُّهُ الضُّرُّ. قال تعالى: وَلا يَمْلِكُونَ
لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً
[الفرقان/ 3] ، وقال: قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا
ضَرًّا [الأعراف/ 188] ، وقال: لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ
وَلا أَوْلادُكُمْ
[الممتحنة/ 3] ، وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ
[سبأ/ 23] ، وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي
[هود/ 34] إلى غير ذلك من الآيات.
نفق
نَفَقَ الشَّيْءُ: مَضَى ونَفِدَ، يَنْفُقُ، إِمَّا بالبيع
نحو: نَفَقَ البَيْعُ نَفَاقاً، ومنه: نَفَاقُ الأَيِّم،
ونَفَقَ القَوْمُ: إذا نَفَقَ سُوقُهُمْ، وإمّا بالمَوْتِ نحو:
نَفَقَتِ الدَّابَّةُ نُفُوقاً، وإمّا بالفَنَاءِ نحو:
نَفِقَتِ الدَّرَاهِمُ تُنْفَقُ وأَنْفَقْتُهَا. والإِنْفَاقُ
قد يكون في المَالِ، وفي غَيْرِهِ، وقد يكون واجباً وتطوُّعاً،
قال تعالى: وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ
[البقرة/ 195] ، وأَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ [البقرة/
254] وقال: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا
تُحِبُّونَ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ
عَلِيمٌ
[آل عمران/ 92] ، وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ
يُخْلِفُهُ
[سبأ/ 39] ، لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ
الْفَتْحِ
[الحديد/ 10] إلى غير ذلك من الآيات. وقوله: قُلْ لَوْ
أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً
لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ
[الإسراء/ 100] أي: خَشْيَةَ الإِقْتَارِ، يقال: أَنْفَقَ
فلانٌ: إذا نَفِقَ مالُهُ فافْتَقَرَ، فالإِنْفَاقُ هاهنا
كالإِمْلَاقِ في قوله: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ
إِمْلاقٍ [الإسراء/ 31] والنَّفَقَةُ اسمٌ لما يُنْفَقُ، قال:
وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ
[البقرة/ 270] ، وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً [التوبة/ 121] ،
والنَّفَقُ:
الطريقُ النَّافِذُ، والسَّرَبُ في الأَرْض النَّافِذُ فيه.
قال: فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي
الْأَرْضِ
[الأنعام/ 35] ومنه: نَافِقَاءُ اليَرْبُوعِ، وقد نَافَقَ
اليَرْبُوعُ، ونَفَقَ، ومنه: النِّفَاقُ، وهو الدّخولُ في
الشَّرْعِ من بابٍ والخروجُ عنه من بابٍ، وعلى ذلك نبَّه
بقوله: إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ
[التوبة/ 67] أي: الخارجون من الشَّرْعِ، وجعل اللَّهُ
المنافقين شرّاً من الكافرين.
فقال: إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ
(1/819)
النَّارِ
[النساء/ 145] ونَيْفَقُ السَّرَاوِيلِ معروفٌ «1» .
نفل
النَّفَلُ قيل: هو الغَنِيمَةُ بعَيْنِهَا لكن اختلفتِ
العبارةُ عنه لاختلافِ الاعْتِبَارِ، فإنه إذا اعتُبِر بكونه
مظفوراً به يقال له: غَنِيمَةٌ، وإذا اعْتُبِرَ بكونه مِنْحَةً
من الله ابتداءً من غير وجوبٍ يقال له: نَفَلٌ، ومنهم من
فَرَقَ بينهما من حيثُ العمومُ والخصوصُ، فقال: الغَنِيمَةُ ما
حَصَلَ مسْتَغْنَماً بِتَعَبٍ كان أو غَيْرِ تَعَبٍ،
وباستحقاقٍ كان أو غيرِ استحقاقٍ، وقبل الظَّفَرِ كان أو
بَعْدَهُ. والنَّفَلُ: ما يَحْصُلُ للإنسانِ قبْلَ القِسْمَةِ
من جُمْلَةِ الغَنِيمَةِ، وقيل: هو ما يَحْصُلُ للمسلمين بغير
قتالٍ، وهو الفَيْءُ «2» ، وقيل هو ما يُفْصَلُ من المَتَاعِ
ونحوه بَعْدَ ما تُقْسَمُ الغنائمُ، وعلى ذلك حُمِلَ قولُه
تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ
الآية [الأنفال/ 1] ، وأصل ذلك من النَّفْلِ. أي: الزيادةِ على
الواجبِ، ويقال له: النَّافِلَةُ. قال تعالى: وَمِنَ اللَّيْلِ
فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ
[الإسراء/ 79] ، وعلى هذا قوله: وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ
وَيَعْقُوبَ نافِلَةً [الأنبياء/ 72] وهو وَلَدُ الوَلَدِ،
ويقال:
نَفَلْتُهُ كذا. أي: أعطيْتُهُ نَفْلًا، ونَفَلَهُ السّلطانُ:
أعطاه سَلَبَ قَتِيلِهِ نَفْلًا. أي: تَفَضُّلًا وتبرُّعاً،
والنَّوْفَلُ: الكثيرُ العَطَاءِ، وانْتَفَلْتُ من كذا:
انْتَقَيْتُ منه.
نقب
النَّقْبُ في الحائِطِ والجِلْدِ كالثَّقْبِ في الخَشَبِ،
يقال: نَقَبَ البَيْطَارُ سُرَّةَ الدَّابَّةِ بالمِنْقَبِ،
وهو الذي يُنْقَبُ به، والمَنْقَبُ: المكانُ الذي يُنْقَبُ،
ونَقْبُ الحائط، ونَقَّبَ القومُ:
سَارُوا. قال تعالى: فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ
مَحِيصٍ
[ق/ 36] وكلب نَقِيبٌ: نُقِبَتْ غَلْصَمَتُهُ لِيَضْعُفَ
صَوْتُه. والنَّقْبَة: أوَّلُ الجَرَبِ يَبْدُو، وجمْعُها:
نُقَبٌ، والنَّاقِبَةُ: قُرْحَةٌ، والنُّقْبَةُ:
ثَوْبٌ كالإِزَارِ سُمِّيَ بذلك لِنُقْبَةٍ تُجْعَلُ فيها
تِكَّةٌ، والمَنْقَبَةُ: طريقٌ مُنْفِذٌ في الجِبَالِ،
واستُعِيرَ لفعل الكريمِ، إما لكونه تأثيراً له، أو لكونه
مَنْهَجاً في رَفْعِهِ، والنَّقِيبُ: الباحثُ عن القوم وعن
أحوالهم، وجمْعه: نُقَبَاءُ، قال: وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ
عَشَرَ نَقِيباً
[المائدة/ 12] .
نقذ
الإِنْقَاذُ: التَّخْلِيصُ من وَرْطَةٍ. قال تعالى:
وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ
مِنْها
__________
(1) نيفق السراويل هو الموضع المتسع منه. وهو فارسي معرّب.
اللسان (نفق) .
(2) قال أحمد البدوي الشنقيطي في نظم مغازي النبي صلّى الله
عليه وسلم:
وفيئهم، والفيء في الأنفال ... ما لم يكن أخذ عن قتال
أمّا الغنيمة ففي الزحاف ... والقتل عنوة لدى الزحاف.
(1/820)
[آل عمران/ 103] والنَّقْذُ: ما
أَنْقَذْتَهُ، وفَرَسٌ نَقِيذٌ: مأخوذٌ من قومٍ آخرين كأنه
أُنْقِذَ منهم، وجمْعُه نَقَائِذُ.
نقر
النَّقْرُ: قَرْعُ الشَّيْءِ المُفْضِي إِلَى النَّقْبِ،
والمِنْقَارُ: ما يُنْقَرُ به كمِنْقَارِ الطَّائرِ،
والحَدِيدَةِ التي يُنْقَرُ بها الرَّحَى، وعُبِّرَ به عن
البَحْثِ، فقيل: نَقَرْتُ عَنِ الأَمْرِ، واستُعِيرَ
للاغْتِيَابِ، فقيل: نَقَرْتُهُ، وقالتْ امرأةٌ لِزَوْجِهَا:
مُرَّ بِي عَلَى بَنِي نَظَرِي ولا تَمُرَّ بي عَلَى بَنَاتِ
نَقَرِى «1» ، أي:
على الرجال الذين ينظُرون إليَّ لا على النِّساء اللَّواتِي
يَغْتَبْنَنِي. والنُّقْرَةُ: وَقْبَةٌ يَبْقَى فيها ماءُ
السَّيْلِ، ونُقْرَةُ القَفَا: وَقْبَتُهُ، والنَّقِيرُ:
وَقْبَةٌ في ظَهْرِ النَّوَاةِ، ويُضْرَبُ به المَثَلُ في
الشيء الطَّفِيفِ، قال تعالى: وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً
[النساء/ 124] والنَّقِيرُ أيضا: خَشَبٌ يُنْقَرُ ويُنْبَذُ
فيه، وهو كَرِيمُ النَّقِيرِ. أي: كَرِيمٌ إذا نُقِرَ عنه. أي:
بُحِثَ، والنَّاقُورُ: الصُّورُ، قال تعالى: فَإِذا نُقِرَ فِي
النَّاقُورِ
[المدثر/ 8] ونَقَرْتُ الرَّجُلَ: إذا صَوَّتَّ له بلسانِكَ،
وذلك بأن تُلْصِقَ لسانَك بنُقْرَةِ حَنَكِكَ، ونَقَرْتُ
الرَّجُلَ: إذا خَصَصْتَهُ بالدَّعْوَةِ، كأَنَّك نَقَّرْتَ له
بلسانِكَ مُشِيراً إليه، ويقال لتلك الدَّعْوَةِ: النَّقْرَى.
نقص
النَّقْصُ: الخُسْرَانُ في الحَظِّ، والنُّقْصَانُ المَصْدَرُ،
ونَقَصْتُهُ فهو مَنْقُوصٌ. قال تعالى:
وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ
[البقرة/ 155] ، وقال: وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ
غَيْرَ مَنْقُوصٍ
[هود/ 109] ، ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً
[التوبة/ 4] .
نقض
النَّقْضُ: انْتِثَارُ العَقْدِ مِنَ البِنَاءِ والحَبْلِ،
والعِقْدِ، وهو ضِدُّ الإِبْرَامِ، يقال: نَقَضْتُ البِنَاءَ
والحَبْلَ والعِقْدَ، وقد انْتَقَضَ انْتِقَاضاً، والنِّقْضُ
المَنْقُوضُ، وذلك في الشِّعْر أكثرُ، والنَّقْضُ كَذَلِكَ،
وذلك في البِنَاء أكثرُ «2» ، ومنه قيل للبعير المهزول:
نِقْضٌ، ومُنْتَقِض الأَرْضِ من الكَمْأَةِ نِقْضٌ، ومن نَقْضِ
الحَبْل والعِقْد استُعِيرَ نَقْضُ العَهْدِ. قال تعالى:
الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ
[الأنفال/ 56] ، الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ
[البقرة/ 27] ، وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ
تَوْكِيدِها
[النحل/ 91] ومنه المُنَاقَضَةُ في الكلام، وفي الشِّعْرِ
كنَقَائِضِ جَرِيرٍ والفرزدقِ «3» ، والنَّقِيضَانِ مِنَ
الكلامِ: ما لا يصحُّ أحدُهما مَعَ الآخَرِ. نحو: هو كذا، وليس
بكذا في شيءٍ واحدٍ وحالٍ واحدةٍ، ومنه:
__________
(1) انظر: المجمل 3/ 881، واللسان (نقر) .
(2) قال التبريزي: والنّقض: مصدر نقضت الحبل والعهد، والبناء
أنقضه نقضا. تهذيب إصلاح المنطق 1/ 82.
(3) وقد جمعها أبو عبيدة في كتاب، وهو مطبوع.
(1/821)
انْتَقَضَتِ القُرْحَةُ، وانْتَقَضَتِ
الدَّجَاجَةُ: صَوَّتَتْ عند وَقْتِ البَيْضِ، وحقيقةُ
الانْتِقَاضِ ليس الصَّوَتَ إنما هو انْتِقَاضُهَا في
نَفْسِهَا لِكَيْ يكونَ منها الصَّوْتُ في ذلك الوَقْتِ،
فَعُبِّرَ عن الصَّوْتِ بِهِ، وقوله: الَّذِي أَنْقَضَ
ظَهْرَكَ
[الشرح/ 3] أي: كَسَرَهُ حتى صار له نَقِيضٌ، والإِنْقَاضُ.
صَوْتٌ لزَجْرِ القَعُودِ، قال الشاعر:
451-
أَعْلَمْتُهَا الإِنْقَاضَ بَعْدَ القَرْقَرَة
«1» ونَقِيضُ المَفَاصِلِ: صَوْتُهَا.
نقم
نَقِمْتُ الشَّيْءَ ونَقَمْتُهُ «2» : إذا أَنْكَرْتُهُ،
إِمَّا باللِّسانِ، وإِمَّا بالعُقُوبةِ. قال تعالى: وَما
نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ
[التوبة/ 74] ، وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا
بِاللَّهِ [البروج/ 8] ، هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا
الآية [المائدة/ 59] .
والنِّقْمَةُ: العقوبةُ. قال: فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ
فَأَغْرَقْناهُمْ فِي الْيَمِ
[الأعراف/ 136] ، فَانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا
[الروم/ 47] ، فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ
عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ [الزخرف/ 25] .
نكب
نَكَبَ عن كذا. أي: مَالَ. قال تعالى: عَنِ الصِّراطِ
لَناكِبُونَ
[المؤمنون/ 74] والمَنْكِبُ:
مُجْتَمَعُ ما بين العَضُدِ والكَتِفِ، وجمْعُه:
مَنَاكِبُ، ومنه استُعِيرَ للأَرْضِ. قال تعالى:
فَامْشُوا فِي مَناكِبِها
[الملك/ 15] واسْتِعَارَةُ المَنْكِبِ لها كاسْتِعَارَةُ
الظَّهْرِ لها في قوله: ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ
[فاطر/ 45] .
ومَنْكِبُ القومِ: رَأْسُ العُرَفَاءِ «3» . مُسْتَعَارٌ مِنَ
الجَارِحَةِ اسْتِعَارَةَ الرَّأْسِ للرَّئِيسِ، والْيَدِ
لِلنَّاصِرِ، ولِفُلَانٍ النِّكَابَةُ في قَوْمِهِ، كقولهم:
النِّقَابَةُ.
والأَنْكَبُ: المَائِلُ المَنْكِبِ، ومن الإبل الذي يَمْشِي في
شِقٍّ. والنَّكَبُ: داءٌ يأْخُذُ في المَنْكِبِ.
والنَّكْبَاءُ: رِيحٌ نَاكِبَةٌ عَنِ المَهَبِّ، ونَكَبَتْهُ
حَوَادِثُ الدَّهْرِ. أي: هَبَّتْ عليه هُبُوبَ النَّكْبَاءِ.
نكث
النَّكْثُ: نَكْثُ الأَكْسِيَةِ والغَزْلِ قَرِيبٌ مِنَ
النَّقْضِ، واستُعِيرَ لِنَقْضِ العَهْدِ قال تعالى:
وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ
[التوبة/ 12] ، إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ
[الأعراف/ 135] والنِّكْثُ
__________
(1) هذا عجز بيت، وشطره:
ربّ عجوز من أناس شهبرة
وهو لشظّاظ لص من بني ضبة، والرجز في اللسان (نقض) ، والمجمل
3/ 882.
(2) انظر: الأفعال 3/ 220.
(3) قال الجاحظ: وهم ثلاثة: منكب، ونقيب، وعريف. انظر: الحيوان
6/ 158.
(1/822)
كالنِّقْضِ «1» ، والنَّكِيثَةُ
كالنَّقِيضَةُ، وكلُّ خَصْلة يَنْكُثُ فيها القومُ يقال لها:
نَكِيثَةٌ. قال الشاعر:
452-
مَتَى يَكُ أَمْرٌ لِلنَّكِيثَةِ أَشْهَد
«2»
نكح
أصل النِّكَاحُ للعَقْدِ، ثم استُعِيرَ للجِماع، ومُحالٌ أن
يكونَ في الأصلِ للجِمَاعِ، ثمّ استعير للعَقْد، لأَنَّ أسماءَ
الجِمَاعِ كلَّهَا كِنَايَاتٌ لاسْتِقْبَاحِهِمْ ذكرَهُ
كاسْتِقْبَاحِ تَعَاطِيهِ، ومحال أن يَسْتَعِيرَ منَ لا
يَقْصِدُ فحْشاً اسمَ ما يَسْتَفْظِعُونَهُ لما
يَسْتَحْسِنُونَهُ. قال تعالى: وَأَنْكِحُوا الْأَيامى
[النور/ 32] ، إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ
[الأحزاب/ 49] ، فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَ
[النساء/ 25] إلى غير ذلك من الآيات.
نكد
النَكَدُ: كُلُّ شيءٍ خَرَجَ إلى طالبِهِ بتعسُّر، يقال:
رَجُلٌ نَكَدٌ ونَكِدٌ، ونَاقَةٌ نَكْدَاءُ: طَفِيفَةُ
الدَّرِّ صَعْبَةُ الحَلْبِ. قال تعالى: وَالَّذِي خَبُثَ لا
يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً
[الأعراف/ 58] .
نكر
الإِنْكَارُ: ضِدُّ العِرْفَانِ. يقال: أَنْكَرْتُ كذا،
ونَكَرْتُ، وأصلُه أن يَرِدَ على القَلْبِ ما لا يتصوَّره،
وذلك ضَرْبٌ من الجَهْلِ. قال تعالى: فَلَمَّا رَأى
أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ
[هود/ 70] ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ
مُنْكِرُونَ
[يوسف/ 58] وقد يُستعمَلُ ذلك فيما يُنْكَرُ باللّسانِ،
وسَبَبُ الإِنْكَارِ باللّسانِ هو الإِنْكَارُ بالقلبِ لكن
ربّما يُنْكِرُ اللّسانُ الشيءَ وصورتُه في القلب حاصلةٌ،
ويكون في ذلك كاذباً. وعلى ذلك قوله تعالى: يَعْرِفُونَ
نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها
[النحل/ 83] ، فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ
[المؤمنون/ 69] ، أَيَّ آياتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ
[غافر/ 81] والمُنْكَرُ: كلُّ فِعْلٍ تحكُم العقولُ الصحيحةُ
بقُبْحِهِ، أو تتوقَّفُ في استقباحِهِ واستحسانه العقولُ،
فتحكم بقبحه الشّريعة، وإلى ذلك قصد بقوله: الْآمِرُونَ
بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ [التوبة/ 112]
، كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ [المائدة/
79] ، وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ [آل عمران/ 104] ،
وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ [العنكبوت/ 29]
وتَنْكِيرُ الشَّيْءِ من حيثُ المعنى جعْلُه بحيث لا يُعْرَفُ.
قال تعالى: نَكِّرُوا لَها عَرْشَها
[النمل/ 41] وتعريفُه جعْلُه بحيث يُعْرَفُ.
__________
(1) قال التبريزي: والنّقض: مثل النّكث. والنّكث: أن تنقض
أخلاق الأخبية والأكسية، فتغزل ثانية. تهذيب إصلاح المنطق 1/
82.
(2) هذا عجز بيت لطرفة بن العبد، وشطره:
وقرّبت بالقربى وجدّك إنني
وهو في ديوانه ص 55، والمجمل 3/ 884.
(1/823)
واستعمال ذلك في عبارة النحويِّين هو أن
يُجْعَلَ الاسم على صِيغَةٍ مخصوصةٍ، ونَكَرْتُ على فُلَانٍ
وأَنْكَرْتُ: إذا فَعَلْتُ به فِعْلًا يَرْدَعُهُ. قال تعالى:
فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ
[الملك/ 18] أي:
إِنْكَارِي. والنُّكْرُ: الدّهاءُ والأمْرُ الصَّعْبُ الذي لا
يُعْرَفُ، وقد نَكَرَ نَكَارَةً «1» ، قال تعالى: يَوْمَ
يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ
[القمر/ 6] . وفي الحديث: «إِذَا وُضِعَ المَيِّتُ فِي
القَبْرِ أَتَاهُ مَلَكَانِ مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ» «2» ،
واستُعِيرَتِ المُنَاكَرَةُ للمُحَارَبَةِ.
نكس
النَّكْسُ: قَلْبُ الشيءِ عَلَى رَأْسِهِ، ومنه:
نُكِسَ الوَلَدُ: إذا خَرَجَ رِجْلُهُ قَبْلَ رَأْسِهِ، قال
تعالى: ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ
[الأنبياء/ 65] والنُّكْسُ في المَرَضِ أن يَعُودَ في مَرَضِهِ
بعد إِفَاقَتِهِ، ومن النَّكْسِ في العُمُرِ قال تعالى:
وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ
[يس/ 68] وذلك مثل قوله: وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى
أَرْذَلِ الْعُمُرِ [النحل/ 70] وقرئ: ننكسه «3» ، قال الأخفش:
لا يكاد يقال نَكَّسْتُهُ بالتَّشْدِيدِ إلّا لما يُقْلَبُ
فيُجْعَلُ رأسُهُ أسْفَلَهُ «4» . والنِّكْسُ:
السَّهْمُ الذي انكَسَرَ فوقُه، فجُعِلَ أَعْلَاهُ أسْفَلُه
فيكون رديئاً، ولِرَدَاءَتِهِ يُشَبَّهُ به الرَّجُلُ
الدَّنِيءُ.
نكص
النُّكُوصُ: الإِحْجَامُ عن الشيء. قال تعالى:
نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ
[الأنفال/ 48] .
نكف
يقال: نَكَفْتُ من كذا، واسْتَنْكَفْتُ منه:
أَنِفْتُ. قال تعالى: نْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ
عَبْداً لِلَّهِ
[النساء/ 172] ، وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا
[النساء/ 173] وأصله من: نَكَفْتُ الشيْءَ: نَحَّيْتُهُ، ومن
النَّكْفِ، وهو تَنْحِيَةُ الدَّمْعِ عن الخَدِّ بِالإِصْبَعِ،
وبَحْرٌ لا يُنْكَفُ. أي: لا يُنْزَحُ، والانْتِكَافُ:
الخُرُوجُ مِنْ أَرْضٍ إِلَى أَرْضٍ.
نكل
يقال: نَكَلَ عَنِ الشَّيْءِ: ضَعُفَ وعَجَزَ،
__________
(1) قال السرقسطي: ونكر نكارة ونكرا، وأنكر فهو نكر ومنكر: إذا
صار داهيا. ونكرت: لا يتصرّف تصرف الأفعال.
الأفعال 3/ 124- 125.
(2) الحديث عن أنس بن مالك أنّ رسول الله قال: «إنّ العبد إذا
وضع في قبره وتولّى عنه أصحابه- وإنّه ليسمع قرع نعالهم- أتاه
ملكان فيقعدانه ... » الحديث أخرجه البخاري 3/ 232 باب في عذاب
القبر، ومسلم برقم (2870) . وللترمذي- وهي رواية المؤلف-: «إذا
قبر الميت أتاه ملكان أسودان أزرقان، يقال أحدهما: المنكر،
والآخر: النكير ... » الحديث بطوله أخرجه في عذاب القبر، وقال:
حديث حسن غريب (انظر عارضة الأحوذي 4/ 291) ، وابن حبان برقم
(780) .
(3) وهي قراءة الجميع إلا عاصما وحمزة. الإتحاف ص 366. [.....]
(4) ليس هذا النقل في معاني القرآن.
(1/824)
ونَكَلْتُهُ: قَيَّدْتُهُ، والنِّكْلُ:
قَيْدُ الدَّابَّةِ، وحديدةُ اللِّجَامِ، لكونهما مانِعَيْنِ،
والجمْعُ: الأَنْكَالُ.
قال تعالى: إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالًا وَجَحِيماً
[المزمل/ 12] ونَكَّلْتُ به: إذا فَعَلْتُ به ما يُنَكَّلُ به
غيرُه، واسم ذلك الفعل نَكَالٌ. قال تعالى:
فَجَعَلْناها نَكالًا لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها
[البقرة/ 66] ، وقال: جَزاءً بِما كَسَبا نَكالًا مِنَ اللَّهِ
[المائدة/ 38] وفي الحديث: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ النَّكَلَ
عَلَى النَّكَلِ» «1» ، أي: الرَّجُلَ القَوِيَّ عَلَى
الفَرَسِ القَوِيِّ.
نم
النَّمُّ: إِظْهَارُ الحَدِيثِ بِالوِشَايَةِ، والنَّمِيمَةُ
الوِشَايَةُ، ورَجُلٌ نَمَّامٌ. قال تعالى: هَمَّازٍ مَشَّاءٍ
بِنَمِيمٍ
[القلم/ 11] وأصل النَّمِيمَةِ: الهَمْسُ والحَرَكَةُ
الخَفِيفَةُ، ومنه: أَسْكَتَ اللَّهُ نَامَّتَهُ «2» .
أي: ما يَنِمُّ عليه مِنْ حَرَكَتِهِ، والنَّمَّامُ: نَبْتٌ
يَنِمُّ عليه رَائِحَتُهُ، والنَّمْنَمَةُ: خُطُوطٌ
مُتَقَارِبَةٌ، وذلك لقِلَّةِ الحَرَكَةِ من كاتِبِهَا في
كِتَابَتِهِ.
نمل
قال تعالى: قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ
[النمل/ 18] وطَعَامٌ مَنْمُولٌ: فيه النَّمْلُ، والنَّمْلَةُ:
قُرْحَةٌ تَخْرُجُ بالجَنْبِ تشبيهاً بالنَّمْلِ في
الهَيْئَةِ، وشَقٌّ في الحافِر، ومنه: فَرَسٌ نَمِلُ
القَوَائِمِ: خَفِيفُهَا. ويُستعارُ النَّمْلُ للنَّمِيمَةِ
تَصَوُّراً لدَبِيبِهِ، فيقال: هو نَمِلٌ، وذُو نَمْلَةٍ،
ونَمَّالٌ. أي:
نَمَّامٌ، وتَنَمَّلَ القَوْمُ: تَفَرَّقُوا للجَمْعِ
تَفَرُّقَ النَّمْلِ، ولذلك يقال: هُوَ أَجْمَعُ مِنْ نَمْلَةٍ
«3» ، والأُنْمُلَةُ: طَرَفُ الأَصَابِعِ، وجمْعُه: أَنَامِلُ.
نهج
النَّهْجُ: الطريقُ الوَاضِحُ، ونَهَجَ الأمْرُ وأَنْهَجَ:
وَضَحَ، ومَنْهَجُ الطَّرِيقِ ومِنْهَاجُهُ. قال تعالى:
لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً
[المائدة/ 48] ومنه قولهم: نَهَجَ الثَّوْبُ وأَنْهَجَ: بَانَ
فِيهِ أَثَرُ البِلَى، وقد أَنْهَجَهُ البِلَى.
نهر
النَّهْرُ: مَجْرَى الماءِ الفَائِضِ، وجمْعُه: أَنْهَارٌ، قال
تعالى: وَفَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً
[الكهف/ 33] ، وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ
بِكُمْ وَأَنْهاراً وَسُبُلًا
[النحل/ 15] وجعل اللهُ تعالى ذلك مثلا لما يَدِرُّ من
فَيْضِهِ وفَضْلِهِ في الجنَّة على
__________
(1) عن أبي هريرة قال: إنّ الله يحب النّكل على النّكل. قيل:
وما النّكل على النّكل؟ قال: الرجل المجرّب القوي المبدئ
المعيد على الفرس القوي المجرّب.
قال ابن كثير: أكثر ظنّي أنه رفعه، وقال غير ابن كثير: عن أبي
هريرة، ولا يرفعه. راجع: غريب الحديث 3/ 44، والفائق 3/ 127.
(2) النّأمة: الصوت، ويقال: أسكت الله نأمته، أي: نغمته وصوته،
ويقال: نامّته، بتشديد الميم، فيجعل من المضاعف، وهو ما ينمّ
عليه من حركته. اللسان (نأم) ، والمنتخب لكراع 1/ 46.
(3) مجمع الأمثال 1/ 188.
(1/825)
الناس. قال تعالى: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي
جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ
[القمر/ 54] ، وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ
أَنْهاراً
[نوح/ 12] ، جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ
[المائدة/ 119] .
والنّهر: السّعة تشبيها بنهر الماء، ومنه: أَنْهَرْتُ الدَّمَ.
أي: أسلته إسالة، وأَنْهَرَ الماء: جرى، ونَهْرٌ نَهِرٌ: كثير
الماء، قال أبو ذؤيب:
453-
أقامت به فابتنت خيمة ... على قصب وفرات نهر
«1» والنهارُ: الوقت الذي ينتشر فيه الضّوء، وهو في الشرع: ما
بين طلوع الفجر إلى وقت غروب الشمس، وفي الأصل ما بين طلوع
الشمس إلى غروبها. قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ
وَالنَّهارَ خِلْفَةً [الفرقان/ 62] وقال:
أَتاها أَمْرُنا لَيْلًا أَوْ نَهاراً [يونس/ 24] وقابل به
البيات في قوله: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ
بَياتاً أَوْ نَهاراً [يونس/ 50] ورجل نَهِرٌ:
صاحب نهار، والنهار: فرخ الحبارى، والمنهرة:
فضاء بين البيوت كالموضع الذي تلقى فيه الكناسة، والنَّهْرُ
والانتهارُ: الزّجر بمغالظة، يقال: نَهَرَهُ وانتهره، قال:
فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما
[الإسراء/ 23] ، وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ
[الضحى/ 10] .
نهى
النهي: الزّجر عن الشيء. قال تعالى:
أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى عَبْداً إِذا صَلَّى
[العلق/ 9- 10] وهو من حيث المعنى لا فرق بين أن يكون بالقول
أو بغيره، وما كان بالقول فلا فرق بين أن يكون بلفظة افعل نحو:
اجتنب كذا، أو بلفظة لا تفعل. ومن حيث اللفظ هو قولهم: لا تفعل
كذا، فإذا قيل: لا تفعل كذا فنهي من حيث اللفظ والمعنى جميعا.
نحو قوله تعالى: وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ [البقرة/ 35]
، ولهذا قال:
ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ [الأعراف/ 20]
وقوله: وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ
عَنِ الْهَوى
[النازعات/ 40] فإنه لم يعن أن يقول لنفسه: لا تفعل كذا، بل
أراد قمعها عن شهوتها ودفعها عمّا نزعت إليه وهمّت به، وكذا
النهي عن المنكر يكون تارة باليد، وتارة باللّسان، وتارة
بالقلب. قال تعالى:
أَتَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا
[هود/ 62] وقوله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ إلى قوله: وَيَنْهى
عَنِ الْفَحْشاءِ [النحل/ 90] «2» ، أي: يحثّ على فعل الخير
ويزجر عن الشّرّ، وذلك بعضه بالعقل الذي ركّبه فينا، وبعضه
بالشّرع الذي شرعه لنا، والانتهَاءُ: الانزجار عمّا نهى عنه،
قال تعالى:
__________
(1) البيت في ديوان الهذليين 1/ 146، وشرح أشعار الهذليين 1/
112، وتهذيب إصلاح المنطق 1/ 130.
(2) الآية: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ
وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ
وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ.
(1/826)
قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا
يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ
[الأنفال/ 38] وقال: لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ
وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا
[مريم/ 46] وقال:
لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ
الْمَرْجُومِينَ [الشعراء/ 116] ، فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ
[المائدة/ 91] ، فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ
فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ [البقرة/ 275] أي: بلغ به نهايته.
والإنهاء في الأصل: إبلاغ النهي، ثم صار متعارفا في كلّ إبلاغ،
فقيل: أنهيت إلى فلان خبر كذا. أي: بلّغت إليه النهاية، وناهيك
من رجل كقولك: حسبك، ومعناه: أنه غاية فيما تطلبه، وينهاك عن
تطلّب غيره، وناقة نِهْيَة:
تناهت سمنا، والنُّهيَةُ: العقل الناهي عن القبائح. جمعها:
نُهًى. قال تعالى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى
[طه/ 54] وتَنْهِيَةُ الوادي حيث ينتهي إليه السّيل، ونَهَاءُ
النّهار:
ارتفاعه، وطلب الحاجة حتى نُهِيَ عنها. أي:
انتهى عن طلبها، ظفر بها أو لم يظفر.
نوب
النَّوْب: رجوع الشيء مرّة بعد أخرى. يقال:
نَابَ نَوْباً ونَوْبَة، وسمّي النّحل نَوْباً لرجوعها إلى
مقارّها، ونَابَتْهُ نائبة. أي: حادثة من شأنها أن تنوب دائبا،
والإنابة إلى الله تعالى: الرّجوع إليه بالتّوبة وإخلاص العمل.
قال تعالى: وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ
[ص/ 24] ، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا
[الممتحنة/ 4] ، وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ
[الزمر/ 54] ، مُنِيبِينَ إِلَيْهِ
[الروم/ 31] وفلان ينتاب فلانا. أي: يقصده مرّة بعد أخرى.
نوح
نوح اسم نبيّ، والنَّوْح: مصدر ناح أي: صاح بعويل، يقال: ناحت
الحمامة نَوْحاً وأصل النَّوْح: اجتماع النّساء في المَنَاحَة،
وهو من التّناوح. أي: التّقابل، يقال: جبلان يتناوحان، وريحان
يتناوحان، وهذه الرّيح نَيْحَة تلك. أي:
مقابلتها، والنَّوَائِح: النّساء، والمَنُوح: المجلس.
نور
النّور: الضّوء المنتشر الذي يعين على الإبصار، وذلك ضربان
دنيويّ، وأخرويّ، فالدّنيويّ ضربان: ضرب معقول بعين البصيرة،
وهو ما انتشر من الأمور الإلهية كنور العقل ونور القرآن.
ومحسوس بعين البصر، وهو ما انتشر من الأجسام النّيّرة كالقمرين
والنّجوم والنّيّرات.
فمن النّور الإلهي قوله تعالى: قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ
نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ [المائدة/ 15] ، وقال:
وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ
مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها [الأنعام/
122] ، وقال: ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا
الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ
نَشاءُ مِنْ عِبادِنا [الشورى/ 52] وقال: أَفَمَنْ شَرَحَ
اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ
(1/827)
[الزمر/ 22] ، وقال: نُورٌ عَلى نُورٍ
يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ [النور/ 35] ، ومن
المحسوس الذي بعين البصر نحو قوله: هُوَ الَّذِي جَعَلَ
الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً [يونس/ 5] وتخصيص الشّمس
بالضّوء، والقمر بالنّور من حيث إنّ الضّوء أخصّ من النّور،
قال: وَقَمَراً مُنِيراً
[الفرقان/ 61] أي: ذا نور. ومما هو عامّ فيهما قوله: وَجَعَلَ
الظُّلُماتِ وَالنُّورَ [الأنعام/ 1] ، وقوله: وَيَجْعَلْ
لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ [الحديد/ 28] ، وَأَشْرَقَتِ
الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها [الزمر/ 69] ومن النّور الأخرويّ
قوله: يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ [الحديد/ 12] ،
وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ
أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ
لَنا نُورَنا [التحريم/ 8] انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ
نُورِكُمْ [الحديد/ 13] ، فَالْتَمِسُوا نُوراً [الحديد/ 13] ،
ويقال: أنار الله كذا، ونَوَّرَه، وسمّى الله تعالى نفسه نورا
من حيث إنه هو المُنَوِّر، قال: اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ
وَالْأَرْضِ [النور/ 35] وتسميته تعالى بذلك لمبالغة فعله.
والنَّارُ تقال للهيب الذي يبدو للحاسّة، قال: أَفَرَأَيْتُمُ
النَّارَ الَّتِي تُورُونَ [الواقعة/ 71] ، وقال: مَثَلُهُمْ
كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً [البقرة/ 17] ، وللحرارة
المجرّدة، ولنار جهنّم المذكورة في قوله: النَّارُ وَعَدَهَا
اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا [الحج/ 72] ، وَقُودُهَا النَّاسُ
وَالْحِجارَةُ [البقرة/ 24] ، نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ
[الهمزة/ 6] وقد ذكر ذلك في غير موضع. ولنار الحرب المذكورة في
قوله:
كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ [المائدة/ 64] ، وقال
بعضهم: النّار والنّور من أصل واحد، وكثيرا ما يتلازمان لكن
النار متاع للمقوين في الدّنيا، والنّور متاع لهم في الآخرة،
ولأجل ذلك استعمل في النّور الاقتباس، فقال: نَقْتَبِسْ مِنْ
نُورِكُمْ [الحديد/ 13] وتنوّرت نارا: أبصرتها، والمَنَارَة
«1» : مفعلة من النّور، أو من النار كمنارة السّراج، أو ما
يؤذّن عليه، ومَنَارُ الأرض:
أعلامها، والنَّوَار: النّفور من الرّيبة، وقد نَارَتِ المرأة
تَنُور نَوْراً ونَوَاراً، ونَوْرُ الشّجر ونُوَّارُهُ تشبيها
بالنّور، والنَّوْرُ: ما يتّخذ للوشم. يقال: نَوَّرَت المرأة
يدها، وتسميته بذلك لكونه مظهرا لنور العضو.
نوس
النَّاس قيل: أصله أُنَاس، فحذف فاؤه لمّا أدخل عليه الألف
واللام، وقيل: قلب من نسي، وأصله إنسيان على إفعلان، وقيل:
أصله من: نَاسَ يَنُوس: إذا اضطرب، ونِسْتُ الإبل:
سقتها، وقيل: ذو نواس: ملك كان ينوس على ظهره ذؤابة فسمّي
بذلك، وتصغيره على هذا
__________
(1) انظر العين 8/ 276.
(1/828)
نويس. قال تعالى: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ
النَّاسِ [الناس/ 1] [والناس قد يذكر ويراد به الفضلاء دون من
يتناوله اسم الناس تجوّزا، وذلك إذا اعتبر معنى الإنسانيّة،
وهو وجود العقل، والذّكر، وسائر الأخلاق الحميدة، والمعاني
المختصّة به، فإنّ كلّ شيء عدم فعله المختصّ به لا يكاد يستحقّ
اسمه كاليد، فإنّها إذا عدمت فعلها الخاصّ بها فإطلاق اليد
عليها كإطلاقها على يد السّرير ورجله، فقوله: آمِنُوا كَما
آمَنَ النَّاسُ [البقرة/ 13] أي: كما يفعل من وجد فيه معنى
الإنسانيّة، ولم يقصد بالإنسان عينا واحدا بل قصد المعنى، وكذا
قوله: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ [النساء/ 54] أي: من وجد فيه
معنى الإنسانيّة أيّ إنسان كان، وربّما قصد به النّوع كما هو،
وعلى هذا قوله: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ «1» «2» .
نوش
النَّوْش: التّناول. قال الشاعر:
454-
تَنُوش البرير حيث طاب اهتصارها
«3» البرير: ثمر الطّلح، والاهتصار: الإمالة، يقال: هصرت
الغصن: إذا أملته، وتناوش القوم كذا: تناولوه. قال تعالى:
وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ
[سبأ/ 52] أي: كيف يتناولون الإيمان من مكان بعيد، ولم يكونوا
يتناولونه عن قريب في حين الاختيار والانتفاع بالإيمان.
إشارة إلى قوله: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا
يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها الآية [الأنعام/ 158] . ومن همز
«4» ، فإما أنه أبدل من الواو همزة. نحو:
أقّتت في وقّتت، وأدؤر في أدور، وإمّا أن يكون من النّأش، وهو
الطّلب.
نوص
ناص إلى كذا: التجأ إليه، وناص عنه: ارتدّ، يَنُوصُ نَوْصاً،
والمناص: الملجأ. قال تعالى:
وَلاتَ حِينَ مَناصٍ
[ص/ 3] .
نيل
النَّيْلُ: ما يناله الإنسان بيده، نِلْتُهُ أَنَالُهُ
نَيْلًا.
قال تعالى: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ [آل عمران/ 92] ، وَلا
يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا [التوبة/ 120] ، لَمْ يَنالُوا
خَيْراً [الأحزاب/ 25] والنَّوْلُ: التّناول. يقال: نِلْتُ كذا
أَنُولُ نَوْلًا، وأَنَلْتُهُ: أوليته، وذلك مثل: عطوت كذا:
تناولت، وأعطيته: أنلته. ونِلْتُ: أصله نَوِلْتُ
__________
(1) قيل في الآية إنّ المراد بالناس هو النبي صلّى الله عليه
وسلم، وقيل: العرب. انظر: الدر المنثور 2/ 566.
(2) ما بين [] نقله الزركشي في البرهان 2/ 227.
(3) هذا عجز بيت لأبي ذؤيب الهذلي، وصدره:
فما أمّ خشف بالعلاية شادن
وهو في شرح ديوان الهذليين 1/ 71، واللسان (نوش) .
(4) وبها قرأ أبو عمرو وشعبة وحمزة والكسائي وخلف. الإتحاف ص
360.
(1/829)
على فعلت، ثم نقل إلى فلت. ويقال: ما كان
نَوْلُكَ أن تفعل كذا. أي: ما فيه نَوَال صلاحك، قال الشاعر:
455-
جزعت وليس ذلك بالنّوال
«1» قيل: معناه بصواب. وحقيقة النّوال: ما يناله الإنسان من
الصلة، وتحقيقه ليس ذلك مما تنال منه مرادا، وقال تعالى: لَنْ
يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ
التَّقْوى مِنْكُمْ
[الحج/ 37] .
نوم
النّوم: فسّر على أوجه كلّها صحيح بنظرات مختلفة، قيل: هو
استرخاء أعصاب الدّماغ برطوبات البخار الصاعد إليه، وقيل: هو
أن يتوفّى الله النّفس من غير موت. قال تعالى:
اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ الآية [الزمر/ 42] .
وقيل: النّوم موت خفيف، والموت نوم ثقيل، ورجل نؤوم ونُوَمَة:
كثير النّوم، والمَنَام: النّوم.
قال تعالى: وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ [الروم/ 23]
، وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً [النبأ/ 9] ، لا تَأْخُذُهُ
سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ [البقرة/ 255] والنُّوَمَة أيضا: خامل
الذّكر، واستنام فلان إلى كذا: اطمأنّ إليه، والمنامة: الثّوب
الذي ينام فيه، ونامت السّوق: كسدت، ونام الثّوب:
أخلق، أو خلق معا، واستعمال النّوم فيهما على التّشبيه.
نون
النّون: الحرف المعروف. قال تعالى: ن وَالْقَلَمِ [القلم/ 1]
والنّون: الحوت العظيم، وسمّي يونس ذا النّون في قوله: وَذَا
النُّونِ [الأنبياء/ 87] لأنّ النّون كان قد التقمه، وسمّي سيف
الحارث ابن ظالم ذا النّون «2» .
ناء
يقال: ناء بجانبه ينوء ويناء. قال أبو عبيدة «3» :
ناء مثل ناع. أي: نهض، وأَنَأْتُهُ: أنهضته. قال تعالى: ما
إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ
[القصص/ 76] .
نأى
يقال: نأى بجانبه. قال أبو عمرو: نأى يَنْأَى
__________
(1) هذا عجز بيت للبيد، وصدره:
وقفت بهنّ حتى قال صحبي
:
وهو من قصيدة مطلعها:
ألم تلمم على الدّمن الخوالي ... لسلمى بالمذانب فالقفال
وهو في ديوانه ص 104، والمجمل 3/ 849.
(2) انظر: اللسان (نون) ، والمجمل 3/ 849.
(3) ليس في مجاز القرآن. [.....]
(1/830)
نَأْياً، مثل: نعى: أعرض، وقال أبو عبيدة:
تباعد «1» . وقرئ: نَأى بِجانِبِهِ
[الإسراء/ 83] «2» مثل: نعى. أي: نهض به، عبارة عن التكبر
كقولك: شمخ بأنفه، وازورّ بجانبه «3» .
وانتأى افتعل منه، والمنتأى: الموضع البعيد، وقرئ: ناء بجانبه
[الإسراء/ 83] «4» أي:
تباعد. ومنه: النُّؤي: لحفيرة حول الخباء تباعد الماء عنه.
والنيّة تكون مصدرا، واسما من: نويت، وهي توجّه القلب نحو
العمل، وليس من ذلك بشيء.
تمّ كتاب النون
__________
(1) انظر: مجاز القرآن 1/ 389.
(2) وهي قراءة الجميع إلا ابن ذكوان وأبا جعفر.
(3) وفي معناه: صدّ وصدف، وازورّ وجنف، ونبا عنه وجفاه، ونفر
عنه وقلاه، وثنى عطفه، وطوى كشحه. انظر:
جواهر الألفاظ ص 255.
(4) و «ناء» قراءة ابن ذكوان وأبي جعفر. الإتحاف ص 286.
(1/831)
|