المقنع في رسم مصاحف الأمصار باب ذكر ما حذفت منه الواو اكتفاءً بالضمة
منها أو لمعنى غيره
حدثنا أبو مسلم محمد بن احمد الكاتب قال حدثنا ابن الانباري
قال وحذفت الواو من أربع أفعال مرفوعة أولها في سبحان " ويدع
الانسن بالشر " وفي عسق " ويمح الله الباطل " وفي القمر " يدع
الداع " وفي العلق " سندع الزبانية " قال أبو عمرو ولم تختلف
المصاحف في إن الواو من هذه المواضع ساقطة وكذا اتَّفقت على
حذف الواو من قوله في التحريم " وصلح المؤمنين " وهو واحد
يؤدّى عن جمع ".
حدثنا الخاقاني قال حدثنا احمد قال حدثنا علي قال حدثنا أبو
عبيد قال
(1/42)
رأيت في الإمام مصحف عثمان " واكن من
الصلحين " بحذف الواو واتَّفقت بذلك المصاحف فلم تختلف وقال
الحلواني احمد بن يزيد عن خالد بن خداش قال قرأت في الإمام
امام عثمان " واكون " بالواو وقال رأيت المصحف ممتلئا دما
وأكثره في والنجم.
وحدثنا محمد بن احمد قال حدثنا محمد بن القسم قال قال الفرّاء
حذفت واو الجمع في المصحف في قوله " نسوا الله " قال أبو عمرو
ولا نعلم إن ذلك كذلك في شيء من مصاحف أهل الأمصار والذي حكي
عن الفراء غلط من الناقل.
فصل
قال أبو عمرو واتَّفق المصاحف على حذف الواو التي هي صولاة
الهمزة دلالةً على تحقيقها في قوله " الرؤيا " و " رؤياك " و "
رءيى " جميع القرآن وكذلك حذفت في قوله " نئوي إليك " و " التي
تئويه " ولا اعلم همزة ساكنة قبهل ضمة لم تصور خطا إلا في هذه
المواضع لا غير.
وكذلك حذفت احدى الواوين من الرسم اجتراء بأحدهما إذا كانت
الثانية علامة للجمع أو دخلت للبناء " فالتي للجمع " نحو قوله
" ولاتلون، ولا يستون، والغاون، وليسئوا وجوهكم، وفادرءوا،
وفأوا إلى الكهف " وشبهه وكذلك " يدرئون، ولا يطئون، وبدءوكم،
ومستهزءون، ومتكئون، وفمالئون، وانبئوني، وليطفئوا، وليواطئوا،
ويستنبئونك " وشبهه مما قبل واو الجمع فيه همزة قبلها فتحة أو
كسرة واما التي للبناء فنحو قوله " ماوُريَ، والمئودة، ويئوسا،
(1/43)
وداود " وشبهه. والثابتة عندي ف كل ما تقدم
في الخط هي الثانية اذ هي داخله لمعنى يزول بزوالها ويجوز عندي
إن تكون الأولى لمونها من نفس الكلمة وذلك عندي اوجه فيما دخلت
فيه للبناء خاصَّة وبالله التوفيق.
فصل
وكل همزة آتت بعد ألف واتصل بها ضمير فان كانت مكسورة صورت ياء
وإن كانت مضمومة صورت واوا لأنها إذا سُهّلت جُعلت بين الهمزة
وبين ذلك الحرف.
فالمكسورة نحو قوله " ومن ءبائهم، ومن نسائهم، وإلى أوليائكم
وبآبائنا وعلى أرجائها " وشبهه. والمضمومة نحو قوله " جزاؤهم،
وآباؤكم، وأبناؤكم، وفجزاؤه، وأولياؤه، وأحباؤه " وشبهه.
وإن كانت الهمزة مفتوحة أو وقع بعد المكسورة ياء وبعد المضمومة
واو لم تصور خطا لئلا يُجمع بين صورتين وذلك نحو قوله "
أبناءنا، وأبناءكم، ونساءنا، ونساءكم، وأولياءه، وفمن جاءه،
واسراءيل، ومنوراءي، وشركاءي، وجاءوكم، ويراءون " وشبهه في
كتاب هجاء السنة وفي عامة مصاحفنا القديمة في الأنفال " إنْ
أولياءُه " وفي يوسف جزاءُه " وفي الثلاث كلم بغير واو فيهما
وفي مصاحف أهل العراق في البقرة " اوليئم " وفي الأنعام " وقال
اوليئم " و " إلى اوليئهم " وفي الأحزاب " إلى اوليئكم " وفي
فصلت " نحن اولئكم " بغير واو ولا ياء ولا ألف فحدثنا ابن
غلبون قال حدثنا عبد الواحد بن محمد قال حدثنا عثمان
(1/44)
بن جعفر قال حدثنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم عن عّمه يعقوب
عن نافع " قالوا فما جزاؤه " و " قالوا جزاؤه فهو جزاؤه " كلهن
فيه واو يعني في الرسم وهذا الإسناد الصحيح يؤذن بإطلاق القياس
ويرد صحة ما خرج عنه والمراد بحذف صورة الهمزة في ذلك ونظائره
تحقيقها لاستغنائها في تلك الحالة عن الصورة ولعدم الحرف يخفف
عليه رسما وبالله التوفيق. |