المقنع في رسم مصاحف الأمصار باب ذكر ما حذفت منه
إحدى الياءين اختصارا وما أثبتت فيه على الأصل
اعلم إن المصاحف اتفقت على حذف احى الياءين إذا كانت الثانية
علامة للجمع والثانية عندي هي تلك ويجوز إن تكون الأولى والأول
اقيس وذلك في نحو قوله " النبيّن " و " الأمّيّن " و " ربّنيّن
" و " الحواريّن " وما كان مثله إلا موضعا واحدا فأن مصاحف أهل
الامصار اجتمعت على رسم الياءين فيه على الاصل وهو قوله في
المطففين " لفي علّيّين "
(1/55)
لا غير وكذلك حذفت الياء التي هي صورة
الهمزة في نحو قوله " متّكئين " و " المستهزءين " و " خسئين "
وما كان مثله وكذلك حذفت في قوله في مريم " اثثا ورءْيا " ولا
اعلم همزة ساكنة قبلها كسره حذفت صورتها إلا في موضع خاصة وذلك
كله لكراهة اجتماع ياءين في الخط فأما قوله في سورة ق "
افعيينا بالخلق الأول " فأن المصاحف اجتمعت على رسمه بياءين
على اللفظ والأصل وكذلك اجتمعت رسمهما في " يحييكم " و "
حيّيتم " و " يحييها " و " يحيين " وما كان مثله إذا اتصل به
ضمير لم يتصل به ضمير ووقعت الياء طرفا نحو " نحي ونميت " و "
إن الله لا يستحي " و " انت وليّ " وما كان مثله سواء كانت
الياء أصلية أو زائدة للإضافة فأني وجدت ذلك في مصاحف أهل
المدينة والعراق مرسوما بياء واحدة وهي عندي المتحركة ووجدت
فيها أيضا " مَن حيَّ عن بيّنة " في الأنفال بياء واحدة وكذلك
حكى الغازي بن قيس انها في الخط بياء واحدة وذلك عندي على
قراءة من ادغم وكذلك وجدت فيها " انَّ ولّي الله " فب الاعراف
" ولنحي به بلدة ميتا " في الفرقان و " على إن يحي الموتى " في
القيامة بياء واحدة وهي عندي المفتوحة لأنها حرف إعراب ووجدت
فيها وفي غيرها " سيّئة " و " السيّئة " حيث وقعتا و " ءاخر
سيّئاً " بياءين الثانية صورة الهمزة و " السيّئات " و "
سيّئات " و " سيّئاتكم " و " سيّئاتهم " سيّئاته " جميعا بياء
واحدة في جميع واحدة في جميع القرآن وهي المشددة كأنهم كرهوا
الجمع بين ياءين وألف مع ثقل الجمع ووجدت في مصاحف أهل العراق
" المنشئت " في الرحمن بالياء من غير ألف وكذلك رسمه الغازي بن
قيس في كتابه وذلك على قراءة كسر
(1/56)
الشين كأنهم لما حذفوا الألف اثبتوا الياء ورأيت في بعضها "
بئاييته " و " بئاييت " و " بئاييتنا " حيث وقع إذا كانت الباء
خاصة في أوله بياءين على الأصل وفي بعضها بياء واحدة على اللفظ
وهو الأكثر.
واتفقت المصاحف على رسم ياءين في قوله في الكهف " وهّيئ لنا "
و " يهيّئ لكم " وفي فاطر " ومكرَ السيّيء " و " المكرُ السييْ
" ورأيت هذه المواضع في كتاب هجاء السنة بألف بعد الياء وحكى
أبو حاتم إن في بعض المصاحف و " هيا لنا " و " يهيا لكم " بألف
صورةً وذلك خلاف الإجماع وبالله التوفيق. |