الناسخ والمنسوخ للقاسم بن سلام محققا

باب ذكر الصيام وما نسخ منه
51 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا حجاج (1) عن ابن جريج وعثمان بن عطاء عن عطاء الخراساني عن ابن عباس في قوله عز وجل: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ (2)، قال كان كتابه على أصحاب محمد- صلّى الله عليه- أن المرأة والرجل كان يأكل ويشرب وينكح ما بينه وبين أن يصلي العتمة (3) أو يرقد فإذا صلّى العتمة أو رقد منع ذلك إلى مثلها من القابلة، فنسختها هذه الآية: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ (4) الآية (5).
52 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في هذه الآية، قال:
ذاك أن المسلمين في شهر رمضان كانوا إذا صلوا العشاء حرم عليهم الطعام
__________
(1) هو حجاج بن محمد المصّيصي.
(2) سورة البقرة آية/ 183.
(3) العتمة: سميت صلاة العشاء العتمة تسمية بالوقت إذ العتمة ظلمة الليل وهو وقت لصلاة العشاء.
(النهاية 3/ 186).
(4) سورة البقرة آية 187.
(5) روى نحوه أبو داود، كتاب الصوم «باب مبدأ فرض الصوم» ج 1 الجزء الثاني ص 295.
ورواه الطبرى بمعناه جامع البيان ج 3 الأثر (2940) ص 496 تحقيق محمود وأحمد محمد شاكر.

(1/38)


وأحسبه قال والنكاح إلى مثلها من القابلة، ثم إن ناسا من المسلمين أصابوا النساء والطعام بعد العشاء، منهم عمر بن الخطاب (1) - رضي الله عنه- فشكوا ذلك إلى رسول الله- صلّى الله عليه- فأنزل الله عز وجل: عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ- إلى قوله:- مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ (2).
53 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا هشيم قال أخبرنا حصين (3) عن الشعبي قال: أخبرني عدي بن حاتم (4) قال: لما نزلت هذه الآية وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ عمدت إلى عقالين (5) أحدهما أسود والآخر أبيض فجعلتهما تحت وسادي (6) ثم جعلت أنظر إليهما متى يتبين لي الأبيض من الأسود، فلما
__________
(1) عمر بن الخطاب: ابن نفيل (بنون وفاء مصغرا) بن عبد العزّى بن رياح بن عدي بن كعب القرشي العدوي أمير المؤمنين، مشهور، جم المناقب، ولي الخلافة عشر سنين ونصفا، استشهد في ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين.
(التقريب 2/ 54).
(2) روى نحوه الطبري- جامع البيان 3/ 496 الأثر (2940) ت محمود وأحمد محمد شاكر.
وروى البخاري نحوه مختصرا من قول البراء بن عازب/ صحيح البخاري/ ج 5 كتاب التفسير باب قوله: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ ص 156.
(3) حصين بن عبد الرحمن السّلمي أبو الهذيل الكوفي، ثقة، تغير حفظه في الآخر، مات سنة ست وثلاثين وله ثلاث وتسعون.
(التقريب 1/ 182).
(4) عدي بن حاتم بن عبد الله بن سعد الحشرج (بفتح المهملة وسكون المعجمة آخره جيم)، الطائي، أبو طريف، صحابي شهير، وكان ممن ثبت على الإسلام في الردّة، وحضر فتوح العراق وحروب علي، مات سنة ثمان وستين.
(التقريب 2/ 16).
(5) عقال: هو الحبل الذى يعقل به البعير.
(النهاية 3/ 280).
(6) وسادي: الوساد والوسادة: المخدّة. والجمع وسائد، وقد وسّدته الشيء فتوسّده إذا جعلته تحت رأسه.
(النهاية 5/ 182).

(1/39)


أصبحت غدوت إلى رسول الله- صلّى الله عليه- فأخبرته بالذي صنعت، فقال: إن كان وسادك لعريضا، إنما ذاك بياض النهار وسواد الليل (1).
54 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا هشيم قال:
أخبرنا مجالد (2) عن الشعبي عن عدي بن حاتم عن النبي- صلّى الله عليه- بهذا الحديث إلا أنه قال: إنما ذاك بياض النهار من سواد الليل.
55 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا ابن أبي مريم (3) عن أبي غسان محمد بن مطرف قال: حدثنا أبو حازم (4) عن سهل بن سعد قال: لما نزلت هذه الآية وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ ولم ينزل مِنَ الْفَجْرِ قال: فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبيّنا له فأنزل عز وجل بعد ذلك مِنَ الْفَجْرِ فعلموا أنما يعني بذلك الليل والنهار (5).
56 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا هشيم قال:
أخبرنا حصين (6) عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: أن رجلا من الأنصار يقال له صرمة بن مالك (7) وكان شيخا كبيرا جاء إلى أهله عشاء وهو صائم، وكانوا إذا
__________
(1) روى نحوه الترمذي في جامعه، كتاب التفسير ج 5 ص 211 تحقيق أحمد محمد شاكر.
وروى نحوه البخاري ج 2، كتاب الصوم «باب قول الله تعالى: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا» ص 231.
وروى نحوه مسلم في صحيحه، كتاب الصيام «باب بيان أن الدخول في الصيام يحصل بطلوع الفجر» ج 2 ص 766 - تحقيق عبد الباقي.
(2) هو: مجالد بن سعيد بن عمير الهمداني الكوفي.
(3) هو: سعيد بن الحكم بن أبي مريم الجمحي.
(4) هو: سلمة بن دينار المكنّى بأبي حازم.
(5) روى نحوه البخاري ج 2، كتاب الصوم «باب قول الله تعالى: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا» ص 231.
وروى نحو مسلم في صحيحه ج 2، كتاب الصيام «باب بيان أن الدخول بالصوم يحصل بطلوع الفجر» ص 767 تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي.
(6) هو حصين بن عبد الرحمن السّلمي.
(7) صرمة بن مالك: هو صرمة بن قيس بن صرمة بن مالك الأنصاري، يكنّى أبا قيس غلبت عليه كنيته.
انظر: (الإصابة مع الاستيعاب ج 2 هامش ص 202).

(1/40)


نام أحدهم قبل أن يطعم لم يأكل شيئا إلى مثلها (1)، والمرأة إذا نامت لم يكن لزوجها أن يقربها إلى مثلها، فلما جاء صرمة إلى أهله دعا بعشائه فقالوا أمهل حتى نجعل لك طعاما سخنا تفطر عليه، فوضع الشيخ رأسه فنام فجاءوا بطعامه فقال: قد كنت نمت، فلم يطعمه، فبات ليلته يتسلق ظهرا لبطن، فلما أصبح أتى النبي- صلى الله عليه- فأخبره فنزلت هذه الآية وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ فرخص لهم أن يأكلوا الليل كله من أوله إلى آخره، وجاء عمر بن الخطاب- رضى الله عنه- فأراد أهله فقالت: إنها قد نامت، فظن أنها اعتلت عليه فواقعها فأخبرته أنها قد كانت نامت فذكر ذلك لرسول الله- صلى الله عليه- فنزلت هذه الآية عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ إلى آخر الآية (2).
57 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا سعيد بن أبي مريم عن ابن لهيعة (3) عن موسى بن جبير (4) أنه سمع عبد الله بن كعب بن مالك (5)
__________
(1) في المخطوط علق على هامشه عند قوله: «إلى مثلها» كلمة «إلى القابلة».
(2) روى البخاري نحوه في صحيحه من حديث البراء وليس في روايته: «وجاء عمر إلى آخر الحديث» ج 2 كتاب الصوم باب قوله أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الآية ص 230.
وروى نحوه أبو داود كتاب الصوم ج 1 الجزء الثاني ص 295 تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد.
وروى نحوه الترمذي كتاب التفسير ج 5 ص 210 تحقيق إبراهيم عطوة عوض.
(3) ابن لهيعة: هو عبد الله بن لهيعة القاضي، صدوق، خلط بعد احتراق كتبه، ورواية ابن المبارك وابن وهب عنه أعدل من غيرهما، مات سنة أربع وسبعين، وقال أحمد شاكر: ابن لهيعة مختلف فيه كثيرا والتحقيق أنه ثقة صحيح الحديث.
(التقريب 1/ 444 - الطبري ج 3 أثر 2941).
(4) موسى بن جبير الأنصاري المدني، الحذاء مولى بني سلمة، ذكره ابن حبان في الثقات وقال:
كان يخطئ ويخالف، وقال ابن القطان: لا يعرف حاله، وقال ابن يونس: إمام بمصر، وقال في التقريب: مستور، وقال ابن كثير في تفسيره لسورة البقرة آية السحر في معرض ذكره لحديث هاروت وماروت: وذكره (أى موسى) ابن أبى حاتم في كتاب الجرح والتعديل ولم يحك فيه شيئا من هذا ولا هذا فهو مستور الحال.
(التهذيب 10/ 339، التقريب 2/ 281، ابن كثير 1/ 138).
(5) عبد الله بن كعب بن مالك: الأنصاري السلمي المدني، كان قائد أبيه حين عمي، قال في التقريب: ثقة، مات سنة سبع أو ثمان وتسعين.
(التهذيب 5/ 369، التقريب 1/ 442).

(1/41)


يحدث عن أبيه (1) قال: كان الناس إذا صام الرجل فنام حرم عليه الطعام والشراب حتى يفطر من الغد، فرجع عمر بن الخطاب- رضى الله عنه- من عند رسول الله- صلى الله عليه- ذات ليلة وقد سهر عنده فوجد امرأته قد نامت فأيقظها ثم أرادها فقالت: إني قد نمت فوقع بها، وصنع مثل ذلك كعب ابن مالك، فغدا عمر- رضي الله عنه- إلى رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- فأخبره فأنزل الله عز وجل: عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ- إلى قوله- وأَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ (2).
قال أبو عبيد: فهذا ما كان من نسخ الطعام والشراب والنكاح في الصوم، وفيه نسخ آخر وهو قوله: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ (3).
58 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا حجاج (4) عن شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى في قوله: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ قال: هي منسوخة (5).
__________
(1) كعب بن مالك: ابن أبي كعب الأنصاري السلمي، المدني، صحابي مشهور، وهو أحد الثلاثة الذين خلّفوا، مات في خلافة علي.
(التقريب 2/ 135).
(2) روى نحوه أحمد في المسند 3/ 460.
وروى نحوه الطبري فى جامع البيان ج 3/ أثر (2941) / ص 496 تحقيق محمود وأحمد شاكر.
وذكره السيوطي في الدّر 1/ 475 - وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم بسند حسن، وقال أحمد شاكر في حاشية التفسير: وإنما حسن إسناده من أجل ابن لهيعة فيما أرجح، وعندي أنه إسناد صحيح.
انظر: (جامع البيان المرجع السابق) ص 497.
(3) سورة البقرة آية (184).
(4) هو حجاج بن محمد المصيصي.
(5) روى نحوا من معناه الطبري في تفسيره للآية فى جامع البيان ج 3 أثر (2734) (ص 419) تحقيق محمود وأحمد شاكر.
وروى نحوه البخاري في صحيحه ج 2، كتاب الصيام «باب قوله: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ» (ص 239).

(1/42)


59 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا حجاج (1) عن ابن جريج وعثمان بن عطاء عن عطاء الخراساني عن ابن عباس في هذه الآية وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ قال: كانت الإطاقة أنّ الرجل والمرأة كان يصبح صائما (2) ثم إن شاء أفطر وأطعم لذلك مسكينا فنسختها هذه الآية فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ (3).
60 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في هذه الآية مثل حديث حجاج سواء.
61 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عثمان بن صالح (4) عن بكر بن مضر عن عمرو بن الحارث عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن يزيد مولى سلمة بن الأكوع عن سلمة بن الأكوع قال: لما نزلت هذه الآية: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ كان من أراد منا أن يفطر ويفتدي فعل، حتى نزلت التي بعدها فنسختها، يعني قوله: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ (5).
__________
(1) هو حجاج بن محمد المصيصي.
(2) هكذا مكتوب في المخطوط (كان يصبح صائما) بالإفراد، بينما في الحاشية تصويب من الناسخ ونصه (السماع: كان يصبح صائما، والصواب: كانا يصبحان صائمين) قلت والصحيح الإفراد باعتبار أن الواو بمعنى أو، يؤيد ذلك إفراد الفعلين (أفطر) و (أطعم).
(3) روى نحوه الطبري في جامع البيان ج 3، أثر (2752) تحقيق محمود وأحمد شاكر.
وروى نحوه البيهقي: السنن الكبرى ج 4 ص 230.
(4) هو عثمان بن صالح السهمي.
(5) روى نحوه البخاري في صحيحه ج 5، كتاب التفسير «باب تفسير قوله تعالى: أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ» الآية/ ص 155.
وروى نحوه مسلم في صحيحه ج 2، كتاب الصيام «باب بيان نسخ قوله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ» الآية ص 802 تحقيق محمد فؤاد عبد الباقى.
وروى نحوه الطبري فى جامع البيان ج 3 أثر (2747) ص 423 تحقيق محمود وأحمد شاكر.
ورواه بلفظه البيهقى 4/ 200.

(1/43)


62 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا محمد بن كثير (1) عن زائدة بن قدامة (2) عن منصور (3) عن إبراهيم (4) عن علقمة (5) في هذه الآية قال: كان من شاء أفطر وأطعم مسكينا كل يوم نصف صاع، فلما نزلت: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ نسخت هذه الآية (6).
63 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث عن عقيل (7) عن ابن شهاب في هذه الآية قال: كانت رخصة فمن شاء افتدى ومن شاء صام فنسخها قوله: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ (8) فنسخت رخصة الفدية من كل من يطيق الصيام (9).
__________
(1) محمد بن كثير بن أبي عطاء الثقفي الصنعاني، أبو يوسف، نزيل المصيصة، صدوق، كثير الغلط، مات سنة ست عشرة ومائتين وقيل بعد ذلك.
(التقريب 2/ 203).
(2) زائدة بن قدامة الثقفي أبو الصلت الكوفي، ثقة ثبت، صاحب سنة، من السابعة، مات سنة ستين ومائة وقيل بعدها.
(التقريب 1/ 256).
(3) هو منصور بن المعتمر.
(4) إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعى، أبو عمران الكوفي الفقيه، ثقة، إلا أنه يرسل كثيرا، من الخامسة، مات سنة ست وتسعين، وهو ابن خمسين أو نحوها.
(التقريب 1/ 46).
(5) علقمة بن قيس النخعي الكوفي، ثقة، ثبت، فقيه، عابد، مات بعد الستين وقيل بعد السبعين.
(التقريب 2/ 31).
(6) روى نحوه الطبري فى جامع البيان ج 3 أثر (2736) ص 420 تحقيق محمود وأحمد محمد شاكر.
(7) هو عقيل بن خالد الأيلي.
(8) سورة البقرة آية/ 185/.
(9) روى الطبري نحوا من معناه فى جامع البيان ج 3 أثر (2745) ص 422 تحقيق محمود وأحمد شاكر.

(1/44)


64 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث عن يونس (1) عن ابن شهاب فيها أيضا قال: كتب الله عز وجل الصيام علينا فكان من شاء افتدى ممن يطيق الصيام من صحيح أو مريض أو مسافر لم يكن عليه غير ذلك، وكان قوله: فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ يريد من صام مع الفدية فهو خير له.
65 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن عبد الكريم (2) عن مجاهد وليث عن طاوس (3) فى قوله: فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ قالا: إطعام مسكينين (4).
66 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث عن يونس (5) عن ابن شهاب قال: وقوله: وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ يقول: إن الصيام خير من الفدية. قال ابن شهاب: فلما أوجب الله عز وجل على من شهد الشهر الصيام ممن كان صحيحا يطيقه وضع عنه الفدية وكان على من كان مريضا أو على سفر عدة من أيام أخر، وبقيت الفدية للكبير الذي لا يطيق الصيام والذي يعرض له العطش (6).
قال أبو عبيد: فهذا مذهب من رأى الآية منسوخة، وفيها قول آخر على غير قراءتنا.
__________
(1) هو يونس بن يزيد الأيلي.
(2) عبد الكريم بن مالك الجزري أبو سعيد مولى بني أمية، وهو الخضري، نسبة إلى قرية من اليمامة، ثقة، من السادسة، مات سنة سبع وعشرين ومائة.
(التقريب 1/ 516).
(3) طاوس بن كيسان اليماني، أبو عبد الرحمن، الحميري، مولاهم، الفارسي، يقال اسمه ذكوان، وطاوس لقبه، ثقة فقيه، فاضل، من الثالثة، مات سنة ست ومائة، وقيل بعد ذلك.
(التقريب 1/ 377).
(4) روى نحوه الطبري فى جامع البيان ج 3 أثر (2805) ص 442 تحقيق محمود وأحمد محمد شاكر.
(5) هو يونس بن يزيد الأيلي.
(6) روى نحوه الطبري فى جامع البيان ج 3 الأثر (2745) و (2809) ص 422، 443 تحقيق محمود وأحمد شاكر.

(1/45)


67 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي (1) عن خالد الحذاء (2) عن عكرمة أنه كان يقرأها: (وعلى الذين يطوقونه) (3): إنها ليست منسوخة (4).
68 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا علي بن معبد (5) عن عبيد الله بن عمرو (6) عن عامر بن شفي (7) عن عبد الكريم الجزري عن سعيد بن جبير أنه كان يقرأها كذلك: (يطوقونه) (8).
__________
(1) عبد الوهاب بن عبد المجيد بن الصلت الثقفي أبو محمد البصري، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن سعد: كان ثقة وفيه ضعف، وقال في التقريب: ثقة، تغير قبل موته بثلاث سنين.
ولد سنة مائة وعشرة وتوفي سنة أربع وتسعين ومائة.
(التهذيب 6/ 449 - التقريب 1/ 528).
(2) خالد بن مهران (بكسر الميم) أبو المنازل البصري الحذاء، وهو ثقة، يرسل، وقد أشار حماد بن زيد إلى أن حفظه تغير لما قدم الشام. توفي سنة اثنتين وأربعين ومائة أو قبلها بسنة.
(التهذيب 3/ 120 - التقريب 1/ 219).
(3) في المخطوط (وعلى الذين يطوقوه) بلا نون. ولعل ذلك خطأ من الناسخ إذ قراءة عكرمة (يطوقونه) كما أثبتها الطبري في تفسيره، وكما أشار إليها أبو عبيد بقوله في بيان قراءة سعيد بن جبير: أنه كان يقرأها كذلك: «يطوقونه». انظر الأثر الذي بعده.
(4) روى نحوه الطبري فى جامع البيان ج 3 أثر (2769) ص 430 تحقيق محمود وأحمد شاكر.
(5) علي بن معبد بن شدّاد الرقي، نزيل مصر، ثقة فقيه، من كبار العاشرة، مات سنة ثمان عشرة ومائتين.
(التقريب 2/ 44).
(6) عبيد الله بن عمرو بن أبي الوليد الرقي، أبو وهب الأسدي، ثقة، فقيه، ربما وهم، من الثالثه، مات سنة ثمانين ومائة عن ثمانين إلا سنة.
(التقريب 1/ 537).
(7) عامر بن شفي: ترجم له ابن أبي حاتم ولم يتعقبه بجرح ولا تعديل فقال: عامر بن شفي روى عن عبد الكريم الجزري روى عنه عبيد الله بن عمرو سمعت أبي يقول ذلك.
(الجرح والتعديل 6/ 324).
(8) روى نحوه الطبري فى جامع البيان ج 3 أثر (2770) ص 430 تحقيق محمود وأحمد شاكر.

(1/46)


69 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم (1) عن أيوب (2) عن عكرمة أنه قرأها: (وعلى الذين يطوقونه) وقال:
يكلفونه ولا يطيقونه (3).
70 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا علي بن معبد عن عبيد الله بن عمرو عن عبد الكريم الجزرى عن مجاهد: (وعلى الذين يطوّقونه) قال: يحملونه (4).
71 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن منصور (5) عن مجاهد عن ابن عباس: أنه كان يقرأها كذلك:
(وعلى الذين يطوقونه) قال: الشيخ الكبير يطعم عنه نصف صاع (6).
قال أبو عبيد: وهذا قول من جعل الآية محكمة، وهو قول حسن، ولكن ليس (7) الناس عليه، لأن الذي ثبت بين اللوحين في مصاحف أهل الحجاز والعراق والشام وغيرهم أنها: (وعلى الذين يطيقونه) ولا تكون الآية على هذا اللفظ إلا منسوخة كالذي ذكرناه عن ابن عباس في أول الباب عند ذكر الإطاقة
__________
(1) هو إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة.
(2) أيوب بن أبي تميمة، كيسان السختياني، أبو بكر البصري، ثقة، ثبت، حجة، من كبار الفقهاء العباد، من الخامسة، مات سنة إحدى وثلاثين ومائة، وله خمس وستون.
(التقريب 1/ 89).
(3) رواه بمعناه الطبرى فى جامع البيان ج 3 أثر (2769) ص 430 تحقيق محمود وأحمد شاكر.
(4) روى نحوه عبد الرزاق فى المصنف 4/ 220 تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي.
وروى نحوه الطبري/ وليس في روايته (يحملونه). جامع البيان ج 3 أثر (2773) ص 430 تحقيق محمود وأحمد شاكر.
(5) هو منصور بن المعتمر.
(6) روى نحوه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير ج 5 «باب قوله أياما معدودات» ص 155.
(7) كلمة «ليس» ساقطة من صلب النص وقد علقها الناسخ على هامش المخطوط فأعدتها إلى موضعها.

(1/47)


ثم قال سلمة بن الأكوع (1)، وعبد الرحمن بن أبي ليلي وعلقمة بن قيس وابن شهاب وقد ذكرنا أحاديثهم، فتفرق الناس في ناسخ هذه الآية ومنسوخها على أربعة منازل في كل واحدة منهن حكم سوى الحكم الآخر. فالفرقة الأولى منهم:
فرضهم الصيام ولا يجزئهم غيره، والثانية: مخيّرون بين الصيام والإفطار ثم عليهم القضاء بعد ذلك ولا إطعام عليهم، والثالثة: هم الذين لهم الرخصة في الإطعام ولا قضاء عليهم، والرابعة: هي التي اختلفت العلماء فيهم بين القضاء والإطعام.
وبكل ذلك قد جاء تأويل القرآن وأفتت به الفقهاء، وهو يأتي مفسرا إن شاء الله:
فأمّا الطائفة الأولى: الذين فرض الله عليهم الصيام ولم يقبل منهم غيره، فالأصحاء المقيمون، لزمهم ذلك بالآية المحكمة وهي قوله عز وجل: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ
فَلْيَصُمْهُ.
وأما الثانية: فالمسافرون والمرضى، وهم الذين لهم الخيار بين الصوم والإفطار، لقوله: فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وبه جاءت السنة والآثار أيضا مع التنزيل.
72 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا يحيى بن سعيد (2) عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال:
يا رسول الله إني أصوم- يعني أسرد الصوم- أفأصوم في السفر؟ فقال: إن شئت فصم وإن شئت فأفطر (3).
__________
(1) سلمة بن عمرو بن الأكوع الأسلمي، أبو مسلم، وأبو إياس، شهد بيعة الرضوان، مات سنة أربع وسبعين.
(التقريب 1/ 318).
(2) هو يحيى بن سعيد القطان.
(3) رواه البخاري في صحيحه ج 2، كتاب الصوم «باب الصوم في السفر والإفطار» ص 237.
ورواه مسلم في صحيحه ج 2، كتاب الصوم «باب التخيير في الصوم والفطر في السفر» ص 789 تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي.

(1/48)


73 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عن هشام بن عروة عن أبيه عن حمزة بن عمرو الأسلمي عن النبي- صلّى الله عليه وسلم- مثل ذلك ولم يذكر عائشة.
74 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا أحمد بن خالد الوهبي من أهل حمص عن محمد بن إسحاق عن عمران بن أبي أنس قال:
حدثني سليمان بن يسار وحنظلة بن علي (1) جميعا عن حمزة بن عمرو الأسلمي عن النبي- صلّى الله عليه وسلم- مثل ذلك.
75 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الوهاب بن عطا عن هشام الدّستوائي عن قتادة عن سليمان بن يسار عن حمزة بن عمرو عن النبي- صلّى الله عليه- مثل ذلك.
76 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا حجاج (2) عن ابن جريج قال: أخبرني ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس قال: خرج رسول الله- صلّى الله عليه- عام الفتح في شهر رمضان فصام حتى بلغ الكديد (3) ثم أفطر، قال: وكان أصحاب النبي- صلّى الله عليه- يتبعون الأحدث فالأحدث من أمره- صلّى الله عليه وسلم (4).
__________
(1) هو حنظلة بن علي بن الأسقع الأسلمي.
(2) هو حجاج بن محمد المصيصي.
(3) الكديد: في أوله روايتان الفتح والضم، وكسر ثانيه، وياء، وآخره دال أخرى، وهو التراب الدقاق المركّل بالقوائم، وقيل الكديد ما غلظ من الأرض، وهو موضع بالحجاز على بعد اثنين وأربعين ميلا من مكة.
(معجم البلدان 4/ 442).
(4) روى نحوه البخاري في صحيحه ج 2، كتاب الصوم «باب إذا صام أياما من رمضان ثم أفطر» ص 238.
ورواه مسلم في صحيحه ج 2، كتاب الصوم «باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر» ص 784 تحقيق عبد الباقي.

(1/49)


77 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا أبو النضر (1) وعبد الله بن صالح عن الليث عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله (2) عن ابن عباس عن النبي- صلّى الله عليه وسلم- مثل ذلك.
78 - أخبرنا على قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا يزيد (3) عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس عن النبي- صلّى الله عليه وسلم- مثل ذلك.
79 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا أبو الأسود (4) عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن ثابت مولى محمد بن عبد الرحمن أنه سمع عبد الله بن ربيعة أو ربيعة (5) يقول: صام رسول الله- صلّى الله عليه- حتى بلغ الكديد أفطر قال: فصام رسول الله- صلّى الله عليه- في السفر وأفطر.
80 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا حجاج (6) عن المسعودي (7) عن القاسم بن عبد الرحمن (8) عن أبي عياض (9) قال: خرج رسول الله- صلّى الله عليه- مسافرا في رمضان فنودي في الناس: من شاء صام، ومن شاء أفطر، قال: فقلت لأبي عياض: فكيف صنع رسول الله- صلّى الله عليه- قال: صام وكان أحقهم بذلك (10).
__________
(1) هو القاسم بن مسلم الليثي المكنّى بأبي النضر.
(2) هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة.
(3) هو يزيد بن هارون.
(4) هو النضر بن عبد الجبار، المكنّى بأبي الأسود.
(5) هو عبد الله بن ربيعة السلمي.
(6) هو حجاج بن محمد المصيصي.
(7) هو عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي.
(8) هو القاسم بن عبد الرحمن الشامي.
(9) هو عمرو بن الأسود العنسي المكنّى بأبى عياض.
(10) رواه بمعناه البخاري في الصحيح ج 2، كتاب الصوم «باب من أفطر في السفر ليراه الناس» ص 238.
رواه بمعناه مسلم في صحيحه ج 2، كتاب الصوم «باب التخيير في الصوم والفطر في السفر» ص 789 تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي.

(1/50)


81 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الوهاب (1) عن هشام الدّستوائي وسعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي نضرة (2) عن أبى سعيد الخدري قال: خرجنا مع رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- لثماني عشرة ليلة خلت من شهر رمضان، فصام طوائف من الناس وأفطر آخرون، فلم يعب المفطر على الصائم ولا الصائم على المفطر (3).
82 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد [قال] (4): حدثنا أبو إسماعيل المؤدب عن عاصم بن سليمان عن أبي نضرة عن جابر بن عبد الله قال:
كنا نسافر مع رسول الله- صلّى الله عليه- فيصوم الصائم ويفطر المفطر فلا يعيب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم.
83 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر عن حميد (5) عن أنس بن مالك أنه قال مثل ذلك.
84 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن عبد الكريم الجزري عن طاوس عن ابن عباس قال: لا تعب (6) على من صام ولا على من (7) أفطر. قال: يعني في رمضان في السفر (8).
__________
(1) هو عبد الوهاب بن عطاء الخفّاف.
(2) هو المنذر بن مالك المكنّى بأبي نضرة.
(3) روى نحوه البخاري في صحيحه ج 2، كتاب الصوم «باب لم يعب أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم بعضهم بعضا» ص 238.
وروى نحو مسلم في صحيحه ج 2، كتاب الصوم «باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر» ص 787 تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي.
(4) (قال) ساقطة من المخطوط.
(5) هو حميد بن أبي حميد الطويل.
(6) في المخطوط (لا تعيب) والصواب ما أثبتناه، وهو موافق لرواية مسلم.
(7) قوله «صام ولا على من» علقت في هامش المخطوط فأعدتها إلى مكانها في النص.
(8) رواه مسلم في صحيحه ج 2، كتاب الصيام «باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر» ص 785 تحقيق عبد الباقي.

(1/51)


قال أبو عبيد: والحديث فى هذا كثير وله موضع غير هذا إلا أن الأمر عندنا فيه على الخيار للمسافر وإن كانت كراهية الصيام قد جاءت في بعض الأثر وله وجه يوجّه عليه.
85 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا حجاج (1) عن ابن جريج قال: أخبرني ابن شهاب أن صفوان بن عبد الله بن صفوان حدثه عن أم الدرداء عن كعب بن عاصم الأشعري قال: قال رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- «ليس من البر الصيام في السفر» (2).
86 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الله بن صالح ويحيى بن بكير عن الليث قال: حدثني ابن شهاب عن صفوان بن عبد الله بن صفوان عن أم الدرداء عن كعب بن عاصم قال: سمعت رسول الله- صلّى الله عليه- يقول: «ليس البر أو ليس من البر الصيام في السفر».
قال أبو عبيد: هكذا كان حديث الليث على الشك.
قال أبو عبيد: وإنما وجهه عندنا أن يجشم (3) الإنسان نفسه ما يجهده ويبلغ المشقة منه حتى يضر ذلك به في الصلاة المفروضة وغيرها، وقد جاء تبيانه فى حديث آخر.
__________
(1) هو حجاج بن محمد المصّيصي.
(2) روى نحوه البخاري في صحيحه ج 2، كتاب الصوم «باب قول النبى صلّى الله عليه وسلم: ليس من البر .. » ص 238.
وروى نحوه مسلم من طريق جابر بن عبد الله، كتاب الصوم ج 2 «باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر» ص 786 تحقيق عبد الباقي.
كلاهما رواه بزيادة من (ليس من البر) ورواه الإمام أحمد في المسند من طريق جابر بن عبد الله بلفظ: (ليس البر) ج 3 ص 299. دار الفكر.
(3) يجشم: من جشمت الأمر بالكسر وتجشّمته: إذا تكلّفته.
(النهاية 1/ 274).

(1/52)


87 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا حجاج (1) عن شعبة عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عن محمد بن عمرو بن (2) الحسن بن علي عن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله- صلّى الله عليه- في سفر فرأى رجلا قد اجتمع الناس عليه وقد ظلل عليه، فقالوا هذا رجل صائم فقال رسول الله- صلّى الله عليه- «ليس البر أن تصوموا في السفر» (3).
88 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عثمان بن صالح (4) عن بكر بن مضر عن عمارة بن غزيّة عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد ابن زرارة عن جابر بن عبد الله عن النبى- صلّى الله عليه- مثل ذلك، إلا أنه قال: فسأل عنه فقالوا: رجل قد جهده الصوم، فقال: ليس البر الصيام في السفر.
قال أبو عبيد: فهذا الحديث مفسّر (5) للأول، لأن الله تبارك وتعالى إنما أراد برخصته في الإفطار اليسر فإذا بلغ الإنسان من نفسه هذه الحال كان راغبا عن يسر الله عز وجل إلى عسره فهناك جاءت الكراهة، وقال النبي صلّى الله عليه وسلم- «ليس البرّ أن تصوموا في السفر»، ولم يقل في هذا الحديث: ليس من البر، وإسقاط الصيام في السفر من هاهنا أبين معنى لأنه يريد: ليس البر أن تصوموا كله
__________
(1) هو حجاج بن محمد المصيصي.
(2) في المخطوط «محمد بن عمرو عن الحسن» وصوابه «محمد بن عمرو بن الحسن» كما في التهذيب ج 9 ص 371 - وصحيح البخاري 2/ 238.
(3) روى نحوه البخاري في صحيحه بزيادة «من» (ليس من البر). ج 2، كتاب الصوم «باب قوله «ليس من البر»» ص 238.
وروى نحوه مسلم في صحيحه بزيادة «من» «ليس من البر» ج 2، كتاب الصوم «باب جواز الصوم والفطر في رمضان للمسافر» ص 786 تحقيق: عبد الباقي.
(4) هو عثمان بن صالح بن صفوان السهمي.
(5) في المخطوط بالنصب (مفسرا) والصواب ما أثبتناه.

(1/53)


صومكم في السفر يقول: فقد يكون الإفطار في السفر برا أيضا، فإذا كان المسافر مطيقا للصيام غير مشقوق عليه فيه فالصيام والإفطار مباحان له على ما ذكرنا من الأحاديث المتقدمة عن النبى- صلّى الله عليه- وصحابته، فإذا [أقام] (1) المسافر وصح المريض فالأداء (2) عليهما: القضاء، ليس لهما غيره من الطعام ولا سواه لقوله في محكم الآية فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ فهذه حال الطائفة الثانية. وأما الثالثة: فالشيوخ والعجز (3) الذين قد حيل بينهم وبين الصيام هرما (4) وكبرا ولا يرجى لهما قوة تئوب إليهم، فيقضوه صوما، فهم الذين قال العلماء فيهم: إن الآية التي في قوله: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ قد صارت محكمة لهم ومنسوخة لغيرهم، وهذا الذي رآه ابن شهاب بقوله: وبقيت الفدية للكبير الذي لا يطيق الصيام والذي يعرض له العطش (5).
قال: أبو عبيد: وقد تتابعت به الآثار على هذا التأويل أيضا.
89 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق (6) عن عبد الملك بن أبي (7) سليمان عن عطاء (8) وسعيد بن
__________
(1) في المخطوط (قام) بلا همزة والصواب إثباتها. قال في مختار الصحاح: أقام بالمكان، وقال صاحب القاموس: أقام بالمكان إقامة وقامة: أدام.
(مختار الصحاح للرازي ص 557، القاموس المحيط للفيروزآبادى 4/ 168).
(2) العبارة هنا سليمة المبنى إذ مراده: أن المسافر إذا أقام والمريض إذا صح وكانا قد أفطرا فالواجب الذي عليهما أداؤه، قضاء ما أفطروا من رمضان ليس عليهما إطعام.
(3) العجز: جمع عجوز وعجوزة وهي المرأة المسنة وتجمع على عجائز.
(النهاية 3/ 186).
(4) هرما: الهرم الكبر، وقد هرم يهرم فهو هرم.
(النهاية 5/ 261).
(5) مر تخريجه الأثر (66).
(6) إسحاق بن يوسف بن مرداس المخزومي الواسطي المعروف بالأزرق، ثقة، من التاسعة، مات سنة خمس وتسعين وله ثمان وسبعون.
(التقريب 1/ 63).
(7) كلمة «أبى» ساقطة من السند وقد علقها الناسخ في هامش المخطوط فأعدتها إلى موضعها.
(8) هو عطاء بن أبي رباح.

(1/54)


جبير في قوله: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ قالا: هو الشيخ الكبير والعجوزة الكبيرة اللذان لا يطيقان الصيام يتصدق عنهما كل يوم على مسكين (1).
90 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا هشيم قال:
أخبرنا أبو بشر (2) عن سعيد بن جبير في ذلك قال: يفطر ويطعم كل يوم مسكينا ولا قضاء عليه (3).
91 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن خالد (4) عن عكرمة قال: يطعم عنه لكل يوم مسكين ولا قضاء عليه (5).
92 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر عن حميد (6) عن أنس بن مالك: أنه ضعف عن صيام رمضان وكبر فأمر بإطعام مساكين فأطعموا خبزا ولحما حتى شبعوا، قال حميد: وأخبرني ابنه (7)
__________
(1) روى نحوه عبد الرزاق فى المصنف ج 4، كتاب الصيام «باب الشيخ الكبير» ص 221، 222 الأثران (7575) و (7579) تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي. وروى نحوه الطبري مطولا من قول سعيد جامع البيان ج 3 أثر (2789) ص 433 تحقيق محمود وأحمد شاكر.
(2) أبو بشر: هو جعفر بن إياس أبو بشر بن أبي وحشية، ثقة، من أثبت الناس في سعيد بن جبير، ضعفه شعبة في حبيب بن سالم وفي مجاهد، مات سنة خمس وعشرين ومائة وقيل ست وعشرين.
(التقريب 1/ 129).
(3) روى نحوه الصنعاني، وليس في روايته ذكر لقوله «ولا قضاء عليه» ج 4 أثر (7579) ص 222 تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي.
(4) هو خالد بن مهران الحذاء.
(5) روى نحوه الطبري ولم يذكر في روايته «ولا قضاء عليه».
(جامع البيان ج 3 أثر (2769) ص 430 تحقيق محمود وأحمد شاكر).
(6) هو حميد الطويل.
(7) هو النضر بن أنس.

(1/55)


وأنس جالس أن المساكين أكثر من عدّة الأيام (1).
93 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الرحمن عن محمد بن مسلم الطائفي (2) عن إبراهيم بن ميسرة (3) عن مجاهد عن قيس بن السائب (4) أنه لما كبر قال: إن الرجل يطعم عنه في رمضان لكل يوم نصف صاع فأطعموا عني صاعا، وقال: كان رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- شريكي في الجاهلية فكان خير شريك لا يشاري (5)، ولا يمارى (6).
__________
(1) روى نحوه البيهقي فى السنن الكبرى ج 4، كتاب الصوم «باب الشيخ الكبير لا يطيق الصوم ويقدر على الكفارة يفطر ويفتدي» ص 271.
وروى نحوه عبد الرزاق في المصنف ج 4، كتاب الصيام «باب الشيخ الكبير» أثر (7570) ص 220 تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي.
قال الاعظمي في تحقيقه لهذا الأثر: علقه البخاري، قال ابن حجر: رواه عبد بن حميد من طريق النضر بن أنس عن أنس بمعناه ثم قال الأعظمي: قلت وقد فاته أن يقول وصله عبد الرزاق، كما أخرجه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح، أثبت ذلك الهيثمي في مجمع الزوائد 3/ 164 أهـ.
وروى نحوه الدارقطني في سننه ج 2، كتاب الصيام ص 207 تحقيق: عبد الله هاشم المدني.
(2) محمد بن مسلم الطائفي: صدوق يخطئ، من الثامنة، مات قبل التسعين.
(التقريب 2/ 207).
(3) إبراهيم بن ميسرة الطائفي، نزيل مكة، ثبت حافظ، من الخامسة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومائة.
(التقريب 1/ 44).
(4) قيس بن السائب: ابن عويمر بن عائذ بن عمران بن مخزوم، قال ابن حبان: له صحبة.
(الإصابة 3/ 248).
(5) لا يشاري: من المشاراة وهي الملاجّة، وقد شرى واستشرى إذا لجّ في الأمر.
(النهاية 2/ 468).
(6) رواه بمعناه البيهقي فى السنن الكبرى، كتاب الصيام «باب الشيخ الكبير لا يطيق الصوم ويقدر على الكفارة يفطر ويفتدي» ج 4/ ص 271.
وروى نحوا من معناه الدارقطني في سننه 2/ 208، كتاب الصوم تحقيق عبد الله هاشم المدني.
وروى نحوا من معناه الطحاوي فى مشكل الآثار بلفظ أتم مما عند البيهقي والدارقطنى إذ فيها: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم شريكي الخ 3/ 145.

(1/56)


94 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا أبو معاوية (1) عن أبي جعفر الرازي (2) عن الربيع بن أنس (3) عن أبي العالية (4): أنه لما كبر وضعف كان يفطر فى رمضان ويطعم كل يوم مسكينا نصف صاع من بر (5).
95 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الرحمن عن سعد (6) عن منصور (7) عن مجاهد عن ابن عباس فى ذلك قال: يطعم عنه نصف صاع (8).
__________
(1) هو محمد بن حازم المكنّى بأبي معاوية.
(2) أبو جعفر الرازي: التميمي مولاهم، مشهور بكنيته، واسمه عيسى بن أبي عيسى عبد الله بن ماهان، وأصله من مرو، وكان يتجر إلى الرى، صدوق سيئ الحفظ، من كبار السابعة.
(التقريب 2/ 406/).
(3) الربيع بن أنس البكري، أو الحنفي، بصري، نزل خراسان، صدوق له أوهام، رمي بالتشيع، من الخامسة، مات سنة أربعين ومائة أو قبلها.
(التقريب 1/ 243/).
(4) أبو العالية: هو رفيع بن مهران أبو العالية الرياحي، مولاهم، البصري، أدرك الجاهلية وأسلم بعد وفاة النبي- صلّى الله عليه وسلم- بسنتين، قال قتادة عنه: قرأت القرآن بعد وفاة نبيكم بعشر سنين، وقال ابن أبي داود: ليس أحد بعد الصحابة أعلم بالقراءة من أبي العالية وبعده سعيد بن جبير، وقال في التقريب: رفيع بالتصغير ابن مهران أبو العالية ثقة كثير الإرسال، من الثانية، مات سنة تسعين.
التهذيب/ ج 3/ ص 284/.
(التقريب 1/ 252/).
(5) لم أتمكن من تخريجه.
(6) سعد بن زياد، أبو عاصم مولى سليمان بن علي، قال ابن أبي حاتم: حدثنا عبد الرحمن قال: سمعت أبي يقول. كتب حديثه وليس بالمتين.
الجرح والتعديل 4/ 83/.
(7) منصور هو ابن المعتمر.
(8) روى نحوه الدارقطني في سننه بزيادة (نصف صاع من حنطة) ج 2، كتاب الصيام ص 207 تحقيق عبد الله هاشم المدني.
وروى نحوه عبد الرزاق مع الزيادة نفسها ج 4، كتاب الصيام «باب الشيخ الكبير» أثر (7574) ص 221 تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي.

(1/57)


96 - أخبرنا على قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا يحيى بن بكير (1) عن ابن لهيعة، عن بكير بن الأشج (2) عن عروة عن ابن عباس في ذلك قال:
يتصدق كل يوم على مسكين غداءه وعشاءه (3).
قال أبو عبيد: وهذا قول سفيان وأهل العراق، وأما أهل الحجاز ومكة فلا يرون عليه أكثر من مد، وفي ذلك أحاديث لهم.
97 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن أبي حمزة (4) عن سليمان بن موسى (5) عن عطاء بن أبى رباح أنه سمع أبا هريرة (6) في هذا المسجد مسجد مكة يفتي أنّ من أدركه الكبر
__________
(1) يحيى بن عبد الله بن بكير: القرشي المخزومي مولاهم، أبو زكريا المصري الحافظ قال أبو حاتم يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال النسائي ضعيف ليس بثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة في الليث من كبار العاشرة، مات سنة إحدى وثلاثين ومائتين، وله سبع وسبعون.
التهذيب 11/ 237.
(التقريب 2/ 351).
(2) بكير بن عبد الله بن الأشج، مولى بني مخزوم، أبو عبد الله، أو أبو يوسف المدني نزيل مصر، ثقة، مات سنة عشرين ومائة.
(التقريب 1/ 108).
(3) رواه بمعناه الدارقطني في سننه/ وليس فى روايته (غداءه وعشاءه) ج 5 ص 205، كتاب الصيام تحقيق عبد الله هاشم اليماني.
(4) أبو حمزة: عيسى بن سليم الحمصي الرّستنى، بفتح الراء والمثناة بينهما مهملة ساكنة وآخره نون، أبو حمزة، صدوق له أوهام، من السابعة.
(التقريب 2/ 98).
(5) سليمان بن موسى الأموي، مولاهم، الدمشقي، الأشدق، فقيه أهل الشام في زمانه، قال أبو حاتم محله الصدق، وفي حديثه بعض الاضطراب، وقال البخاري: عنده مناكير، وقال النسائي:
أحد الفقهاء وليس بالقوي في الحديث، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال فى التقريب: صدوق، فقيه في حديثه بعض لين وخلط قبل موته بقليل.
التهذيب 4/ 226.
(التقريب 1/ 331).
(6) أبو هريرة الدوسي اليماني، صاحب رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- وحافظ الصحابة، اختلف فى اسمه واسم أبيه اختلافا كثيرا، والمشهور عبد الرحمن بن صخر، روى عن النبى- صلّى الله عليه
وسلم- الكثير الطيب، وقال البخاري روى عنه نحو من ثمانمائة رجل أو أكثر من أهل العلم من الصحابة والتابعين وغيرهم، مات هو وعائشة في سنة واحدة.
التهذيب 12/ 262.

(1/58)


فلم يستطع صيام رمضان فعليه لكل يوم مد من قمح- يعني أنه يفطر ويطعم- (1).
98 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: أخبرنا إسحاق بن يوسف الأزرق عن عبد الملك (2) عن عطاء في الشيخ والعجوز يفطران قال:
عليهما مدّ، مد (3).
99 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث عن يحيى بن سعيد (4) في ذلك قال: يطعم كل يوم مدّا من حنطة، قال: قال ذلك أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم (5) عن أشياخ الأنصار، قال أبو صالح (6): وهو قول الليث (7).
100 - قال أبو عبيد: وكذلك قول مالك (8) حدثنيه عنه ابن بكير وابن أبي مريم (9) وقد يلحق بهؤلاء أهل العطاش الذين يخاف عليهم منه الموت.
__________
(1) روى نحوه البيهقي فى السنن الكبرى، كتاب الصيام «باب الشيخ الكبير لا يطيق الصوم ويقدر على الكفارة يفطر ويفتدي» ج 4/ 271.
(2) هو عبد الملك بن أبي سليمان.
(3) رواه عبد الرزاق بمعناه: المصنف ج 4/ أثر (7575)، كتاب الصوم «باب الشيخ الكبير» ص 221 تحقيق حبيب الرحمن الأعظمى.
(4) يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري، المدني، قال ابن سعد: كان ثقة، كثير الحديث حجة ثبتا، وقال العجلي: مدنى تابعى ثقة له فقه، مات سنة أربع وأربعين ومائة.
(التهذيب 11/ 221 - التقريب 2/ 348).
(5) أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: الأنصاري النجاري، المدني القاضي ثقة عابد، من الخامسة، مات سنة عشرين ومائة.
(التقريب 2/ 399).
(6) هو عبد الله بن صالح الجهني.
(7) روى نحوه عبد الرزاق من طريق سعيد بن المسيب: المصنف ج 4، كتاب الصيام «باب الشيخ الكبير» ص 224 أثر (7585) تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي.
(8) مالك: ابن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو الأصبحي، أبو عبد الله المدني، الفقيه، إمام دار الهجرة، رأس المتقين وكبير المثبتين، حتى قال البخاري: أصح الأسانيد كلها مالك عن نافع عن ابن عمر، مات سنة تسع وسبعين ومائة، وكان مولده سنة ثلاث وتسعين.
(التقريب 2/ 223).
(9) قال مالك في الموطأ: فمن فدى فإنما يطعم مكان كل يوم مدّا بمد النبى- صلّى الله عليه وسلم- الموطأ ج 1، كتاب الصيام ص 307 تحقيق عبد الباقي. وابن أبي مريم هو سعيد بن الحكم بن أبى مريم.

(1/59)


101 - وإياهم أرادا ابن شهاب بقوله: وبقيت الفدية للكبير الذى لا يطيق الصيام والذي يعرض له العطش (1)، وقد قاله غيره أيضا.
102 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن ثابت الحداد (2) قال: سمعت سعيد بن جبير يقول في الشيخ الكبير والمرأة اللهثى (3) وصاحب العطاش يفطرون في رمضان ويطعمون نصف صاع كل يوم (4).
103 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا ابن أبي مريم (5) عن ابن لهيعة عن جعفر بن ربيعة (6) عن أبي سفيان بن جبر بن عتيك (7) أن حفصة ابنة مبشر الأنصارية (8) عطشت فلم تستطع صوما مع العطش قال أبو سفيان: فسألت عكرمة عن ذلك قال: تطعم ثلاثين مسكينا مدّا مدا وتخبزه
__________
(1) مر تخريجه الأثر (66).
(2) ثابت الحداد: هو ثابت بن هرمز الكوفي، أبو المقدام الحداد، مشهور بكنيته، صدوق، يهم، من السادسة.
(التقريب 1/ 117).
(3) لهثى: لهث يلهث لهثا إذا أخرج لسانه من شدة العطش والحر.
النهاية 4/ 281.
(4) رواه بمعناه الصنعاني فى المصنف ج 4، كتاب الصوم «باب الشيخ الكبير» ص 222 أثر (7579) تحقيق حبيب الرحمن الأعظمى.
(5) هو سعيد ابن أبي مريم الجمحي.
(6) جعفر بن ربيعة بن شرحبيل بن حسنة الكندي أبو شرحبيل المصري، ثقة من الخامسة، مات سنة ست وثلاثين ومائة.
(التقريب 1/ 130).
(7) أبو سفيان بن جبر بن عتيك: قدم مصر روى عن أبيه روى عنه نافع بن زيد وسعيد بن أبي أيوب.
الجرح والتعديل ج 9 ص 381 وترجم له أيضا البخاري فى الكنى فلم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
انظر الكنى للبخاري ص 39.
(8) حفصة ابنة مبشر الأنصارية: لم أتمكن من العثور على ترجمة لها بعد طول بحث.

(1/60)


وتأدمه (1) قال: فانصرفت إلى سالم بن عبد الله فأخبرته فقال: تطعم ثلاثين مسكينا مدّا مدّا ولا تخبزه ولا تأدمه (2).
قال أبو عبيد: وقد كان بعضهم لا يرى على الكبير شيئا من الطعام ولا غيره.
104 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا ابن أبي مريم (3) عن عبد الجبار بن عمر (4) قال: وسمعت ربيعة بن أبي عبد الرحمن (5) وخالد بن الدريك (6) يقولان في الشيخ: إن استطاع الصوم صام وإلا فليس عليه شيء (7).
105 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا ابن أبي مريم وابن بكير (8) كلاهما عن مالك بن أنس أنه قال: لا أرى ذلك واجبا عليه، قال: وأحب أن يفعله فإن فعل فإنما عليه مدّ واحد بمد النبى- صلّى الله عليه وسلم- (9) قال أبو عبيد: وكلا الفريقين إنما قصد: إلى أنه الإطاقة فيما نرى
__________
(1) تأدمه: من الأدم بالضم: وهو ما يؤكل مع الخبز أي شيء كان.
النهاية 1/ 31.
(2) لم أتمكن من تخريجه.
(3) هو سعيد بن أبي مريم الجمحي.
(4) عبد الجبار بن عمر: الأيلي (بفتح الهمزة وسكون التحتانية)، الأموي، مولاهم ضعيف، مات بعد الستين ومائتين.
(التقريب 1/ 466).
(5) ربيعة بن أبي عبد الرحمن: التيمي مولاهم، أبو عثمان المدني، المعروف بربيعة الرأي، واسم أبيه فرّوخ، ثقة، فقيه مشهور، مات سنة ست وثلاثين ومائة على الصحيح.
(التقريب 1/ 247).
(6) خالد بن الدريك: على وزن كليب، ثقة، يرسل، من الثالثة.
(التقريب 1/ 212).
(7) لم أتمكن من تخريجه.
(8) هو يحيى بن عبد الله بن بكير.
(9) أورده مالك فى الموطأ ج 1، كتاب الصيام «باب فدية من أفطر في رمضان من علة» ص 307 تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي.

(1/61)


وإياها تأوّل إلا أنهم اختلفوا في المذهب، فمن أسقط الفدية عن الكبير فإنه رجع إلى أصل الفرض في الصيام، فقال: إنما أوجبه الله عز وجل قبل النسخ على المطيقين دون غيرهم وخيّرهم بين أن يصوموا أو يطعموا، فقال عز وجل: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ ثم نسخ الفدية عنهم وألزمهم الصّوم حتما، وسكت عمن لا يطيق فلم يذكره في الآية فصار فرض الصيام زائلا عنهم كما زال فرض الزكاة والحج عن المعدمين الذين لا يجدون إليهما سبيلا فهذه حجتهم. وأبى الآخرون ذلك، فذهبوا فيما نرى إلى أن الزكاة والحج لا يشبهان الصيام فرّق بينهما الكتاب والسنة وذلك أن الله عز وجل جعل من الصوم بدلا أوجبه على كل من حال بينه وبين الصيام وهو الفدية كما جعل التيمم بدلا من الطهور واجبا على كل من أعوزه (1) الماء، وكما جعل الإيماء بدلا من الركوع والسجود على من لم يقدر عليهما ولم يجعل من الزكاة والحج بدلا على من لم يجد إليهما سبيلا، فهذا هو الحد المفرق بين الحكمين، وإلى هذا القول كان يذهب من ذكرنا من الصحابة والتابعين ومن بعدهم في إيجاب الفدية على الشيخ والشيخة وبهذا كان يأخذ سفيان وأهل العراق يرون الفدية واجبة على الكبير، إلا أنهم قالوا: لكل يوم نصف صاع، وقال الآخرون: يجزيه المدّ من ذلك، فهذه الطائفة الثالثة. وأما الرابعة: فالحوامل والمراضع وفيهن اختلف الناس قديما وحديثا، فقال بعضهم: إذا ضعفن عن الصيام وخافت إحداهن على نفسها أو ولدها أفطرت وأطعمت كل يوم مسكينا، فإذا فطمت ولدها قضته، فأوجبوا عليهما الإطعام والقضاء جميعا، وقال بعضهم: عليهما الإطعام ولا قضاء، وقال آخرون: بل عليهما (2) القضاء ولا إطعام، وممن رأى الإطعام مع القضاء ابن عمر ومجاهد.
106 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا ابن أبي مريم (3)
__________
(1) أعوزه: من العوز بالفتح: العدم وسوء الحال.
النهاية 3/ 320. قلت: أعوزه الماء أصبح معدوما لديه.
(2) في المخطوط (عليهم) والصواب التثنية.
(3) هو سعيد بن أبي مريم الجمحي.

(1/62)


عن أنس بن عياض (1) عن جعفر بن محمد عن ابن لبيبة أو ابن أبي لبيبة (2) عن عبد الله بن عمرو بن عثمان (3) أن امرأة صامت حاملا فاستعطشت في شهر رمضان، فسئل عنها ابن عمر، فأمرها أن تفطر وتطعم كل يوم مسكينا مدّا، ثم لا يجزئها ذلك، فإذا صحّت قضته (4).
107 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا يحيى بن سعيد (5) عن عبيد الله بن عمر (6) عن ابن أبي لبيبة عن ابن عمر أو عن عبيد
__________
(1) أنس بن عياض: ابن ضمرة أبو عبد الرحمن الليثي أبو حمزة المدني، ثقة، من الثامنة، مات سنة مائتين، وله ست وتسعون سنة.
(التقريب 1/ 84).
(2) ابن لبيبة: هو محمد بن عبد الرحمن بن لبيبة ويقال ابن أبى لبيبة، قال ابن معين: ليس حديثه بشيء، وذكره ابن حبان في الثقات: وقال الدارقطني: ضعيف. وقال في التقريب: كثير الإرسال من السادسة.
(التهذيب 9/ 301 - التقريب 2/ 184).
(3) عبد الله بن عمرو بن عثمان: ابن عفان الأموي المعروف بالمطرف، لقب بهذا لحسنه، قال النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة شريف.
(التهذيب 5/ 338 - التقريب 1/ 437).
(4) روى نحوه الطبري إلا أن في روايته إسقاطا للقضاء حيث يقول ابن عمر: ولا قضاء عليك.
(جامع البيان ج 3 أثر (2760) ص 428 تحقيق محمود وأحمد شاكر).
قال أحمد شاكر في تحقيقه لرواية الطبري لهذا الأثر: وهذا إسناد صحيح موقوف على ابن عمر اهـ.
وروى نحوه أيضا الدارقطني في سننه وفي روايته إسقاط للقضاء ج 2/ ص 207 تحقيق عبد الله هاشم المدني.
ورواه أيضا البيهقي في السنن الكبرى، وقال: ذكره أبو عبيد في، كتاب الناسخ والمنسوخ ج 4، كتاب الصوم/ ص 230.
(5) هو يحيى بن سعيد القطان.
(6) عبيد الله بن عمر: ابن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي العمري المدني أبو عثمان أحد الفقهاء السبعة، قال في التقريب: ثقة، ثبت، مات سنة بضع وأربعين ومائة.
(التهذيب 7/ 38 - التقريب 1/ 537).

(1/63)


عبيد الله عن نافع (1) عن ابن أبي لبيبة عن ابن عمر في ذلك (2) أنه قال: تفطر وتطعم كل يوم مسكينا، غير أن يحيى لم يذكر القضاء في حديثه، شك أبو عبيد في نافع ولم يشك في ابن أبي لبيبة.
108 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا يحيى بن سعيد (3) عن عثمان بن الأسود (4) قال: وافق نفاس امرأتي شهر رمضان في حر شديد فشق عليها الصوم، فسألت مجاهدا عن ذلك فقال: تفطر وتطعم كل يوم مسكينا، ثم إذا صحّت قضته، قال: وقرأ عليّ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ (5).
قال أبو عبيد: معناه أن ذلك كان بعد ما نقلت من نفاسها وطهرت إلا أنها ترضع، وكان ممن رأى عليها الإطعام ولا قضاء ابن عباس ومن قرأ بقراءته (6) وأفتى فتياه.
أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا محمد بن كثير (7) عن
__________
(1) نافع: أبو عبد الله المدني، مولى ابن عمر، ثقة ثبت فقيه، مشهور، من الثالثة، مات سنة سبع عشرة ومائة أو بعد ذلك.
(التقريب 2/ 296).
(2) كلمة (ذلك) كتبت في هامش المخطوط فأعدتها إلى موضعها من الأثر.
(3) هو يحيى بن سعيد القطان.
(4) عثمان بن الأسود: ابن موسى المكي، مولى بني جمح، ثقة ثبت، من كبار السابعة، مات سنة خمسين ومائة أو قبلها.
(التقريب 2/ 6).
(5) روى نحوه الطبري ولم يذكر القضاء في حديثه: جامع البيان ج 3 أثر (2782) ص 432 تحقيق محمود وأحمد شاكر.
(6) أراد أبو عبيد بقراءة ابن عباس (يطوقونه) الثابتة عنه في البخاري.
(7) هو محمد بن كثير بن أبى عطاء الثقفي.

(1/64)


حماد بن سلمة (1) عن قتادة وأيوب (2) عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال لامرأة ترضع: أنت من الذين يطوقونه أفطري وأطعمي كل يوم مسكينا (3).
110 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا يحيى بن سعيد (4) عن سعيد بن أبي عروبة (5) عن قتادة عن عزرة (6) عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: في الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما قال: يفطران ويطعمان (7) وكان ممن رأى عليهما القضاء بلا إطعام إبراهيم والحسن وعطاء والضحاك بن مزاحم.
__________
(1) حماد بن سلمة بن دينار البصري أبو سلمة، مولى تميم، قال عبد الرحمن بن مهدي: حماد ابن سلمة صحيح السماع حسن اللقى، أدرك الناس، لم يتهم بلون من الألوان ولم يتلبس بشيء، أحسن ملكة نفسه ولسانه ولم يطلقه على أحد. وقال البيهقي هو أحد أئمة المسلمين إلا أنه لما كبر ساء حفظه.
وقال في التقريب: ثقة عابد، تغير حفظه بآخره. مات سنة سبع وستين ومائة.
(التهذيب 3/ 11 - التقريب 1/ 197).
(2) هو أيوب السختياني.
(3) روى نحوه الطبري وزاد في روايته «ولا قضاء عليك»: جامع البيان ج 3 الأثر (5927) ص 428 تحقيق محمود وأحمد شاكر.
ورواه بمعناه الدارقطني في سننه وقال: إسناد صحيح ج 2 ص 206 تحقيق عبد الله هاشم المدني.
(4) هو يحيى بن سعيد القطان.
(5) سعيد بن أبي عروبة: مهران اليشكري، مولاهم، أبو النضر البصري، ثقة، حافظ، له تصانيف، لكنه كثير التدليس، واختلط، وكان من أثبت الناس فى قتادة، من السادسة، مات سنة ست وقيل سبع وخمسين ومائة.
(التقريب 1/ 302).
(6) عزرة: ابن عبد الرحمن بن زرارة الخزاعي الكوفي الأعور، قال الدوري عن ابن معين:
عزرة الذى يروي عنه قتادة، ثقة.
وذكره ابن حبان في الطبقة الثالثة من الثقات، وقال فى التقريب: شيخ لقتادة، ثقة.
التهذيب 7/ 192 - القريب 2/ 20).
(7) روى نحوه الطبري وزاد فيه «ولا يقضيان صوما» ج 3 أثر (5827) ص 427 تحقيق محمود وأحمد شاكر.
ورواه بمعناه الدارقطني في سننه ج 2، كتاب الصوم ص 207 تحقيق عبد الله هاشم المدني.

(1/65)


111 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عباد بن العوام عن جويبر (1) عن الضحاك (2) فى الحامل والمرضع إذا أفطرتا قال: يقضيان الصوم ولا إطعام عليهما (3).
112 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا يزيد (4) عن هشام (5) عن الحسن قال: إذا خافتا على أنفسهما أفطرتا فإذا ذهب ذاك قضتاه (6).
113 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا يحيى بن سعيد (7) عن أشعث (8) عن الحسن وعن سعيد بن أبي عروبة عن أبي معشر (9) عن إبراهيم وعن ابن جريج عن عطاء أنهم قالوا: يفطران ويقضيان صوما (10).
__________
(1) جويبر: تصغير جابر، يقال اسمه جابر، وجويبر لقب، ابن سعيد الأزدي، أبو القاسم البلخي، نزيل الكوفة، راوي التفسير، ضعيف جدا، من الخامسة، مات بعد الأربعين ومائة.
(التقريب 1/ 136).
(2) هو الضحاك بن مزاحم.
(3) لم أتمكن من تخريجه.
(4) هو يزيد بن هارون.
(5) هو هشام بن حسان.
(6) رواه بمعناه الصنعاني: المصنف ج 4، كتاب الصيام «باب الحامل والمرضع» أثر (7565) / ص 218 تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي.
ورواه بمعناه البخاري معلقا: صحيح البخاري ج 5، كتاب التفسير «باب قوله (أياما معدودات)» ص 155.
(7) يحيى بن سعيد القطان.
(8) أشعث بن عبد الله بن جابر الحدّاني (بضم المهملة الأولى وتشديد الثانية وآخره نون) أبو عبد الله الأعمى البصري، قال النسائي ثقة، وقال الدارقطني يعتبر به، وقال في التقريب: صدوق.
(التهذيب 1/ 355 - التقريب 1/ 79).
(9) أبو معشر: زياد بن كليب الحنظلي، أبو معشر الكوفي، ثقة، من السادسة مات سنة عشرين ومائة. (التقريب 1/ 270).
(10) روى البخاري في صحيحه نحوه معلقا، كتاب التفسير «باب قوله تعالى: أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ» ج 5 ص 155.
وقال في الفتح: وأما قول إبراهيم وهو النخعي فوصله عبد بن حميد من طريق أبي معشر عن النخعي قال: الحامل والمرضع إذا خافتا أفطرتا وقضتا صوما. الفتح ج 8، كتاب التفسير «باب (أياما
معدودات)» ص 180.

(1/66)


قال أبو عبيد: وكل هؤلاء إنما تأول آية الإطاقة أيضا، قوله عز وجل: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ فمن أوجب القضاء والإطعام معا ذهب فيما نرى: إلى أن الله عز وجل حكم في التارك للصوم من عذر بحكمين، فجعل الفدية في آية والقضاء فى أخرى فلما لم يجد (1) ذكر الحامل والمرضع مسمى في واحدة منهما جمعهما جميعا عليهما احتياطا لهما وأخذا بالثقة (2) وأما الذين رأوا عليهما أن يطعما ولا يقضيا فإنهم أرادوا أنهما ليستا من السفر ولا المرضى الذين فرضهم القضاء، ولكنهما ممن كلّف الصيام وطوّقه فليس بمطيق، فهم من أهل الفدية ليس يلزمهم سواها لقوله: (وعلى الذين يطوقونه فدية طعام مسكين) وهي قراءة ابن عباس وفتياه، فكان تأويله على لفظ قراءته، وكذلك قرأها عكرمة وسعيد بن جبير وأظن مجاهدا كان عليها أيضا، وأما الذين أوجبوا عليهما القضاء بلا إطعام فذهبوا إلى أن الحمل والرضاع إنما هما علتان من العلل ونوعان من أنواع المرض، لأنه يخاف فيهما من التلف على الأنفس ما يخاف من المرض، فجعلوهما بذلك مريضتين يلزمهما حكم المريض، واحتجوا بأنهما قد يعودان إلى الولادة والفطام فيرجعان مطيقين كالمريض والمسافر إذا صاروا إلى الصحة والإقامة وبهذا القول كان يقول سفيان وأهل العراق: أن على الحامل والمرضع القضاء لا يجزئهما غيره، وكذلك قول مالك أيضا حدثنيه عنه ابن بكير، وعليه أهل الحجاز وكذلك رأي الأوزاعى (3) وأهل الشام فيما أعلم وهو الذي ذكرناه عن إبراهيم والحسن وعطاء والضحاك (4) ومع هذا كله أنّا قد
__________
(1) في المخطوط «نجد» والصواب بالياء.
(2) الثقة: مصدر قولك وثق به يثق إذا ائتمنه، والوثيقة في الأمر إحكامه والأخذ بالثقة أي بالمحكم الموثوق من الأمر.
(انظر لسان العرب لابن منظور 10/ 371).
(3) الأوزاعي: عبد الرحمن بن عمرو بن أبي عمرو، أبو عمر الأوزاعى، الفقيه قال أبو عبيد عن ابن مهدي: ما كان بالشام أعلم بالسنة منه، وقال ابن معين ثقة، وقال ابن سعد ولد سنة ثمان وثمانين وكان ثقة مأمونا صدوقا فاضلا خيّرا كثير الحديث والعلم والفقه، مات سنة سبع وخمسين ومائة، وقال فى التقريب: ثقة جليل.
(التهذيب 6/ 238 - التقريب 1/ 493).
(4) هو الضحاك بن مزاحم.

(1/67)


تدبرنا حديثا سمعناه مرفوعا فوجدناه شاهدا لهذا القول ودليلا عليه.
114 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم (1) عن أيوب (2) قال: حدثنى أبو قلابة (3) هذا الحديث، ثم قال لى:
هل لك في صاحب هذا الحديث الذي حدثني قال: فدلّني عليه فلقيته فقال:
حدثني قريب لي يقال له أنس بن مالك (4) قال: أتيت رسول الله- صلّى الله عليه- في إبل لجار لي أخذت، فوافقته وهو يأكل، فدعاني إلى طعامه، فقلت: إنى صائم، فقال: ادن أخبرك، أو قال (5) إذن أخبرك عن ذلك: إن الله عز وجل وضع عن المسافر الصّوم وشطر الصلاة، وعن الحامل والمرضع، قال: وكان بعد ذلك يتلهف يقول: ألّا أكون أكلت من طعام رسول الله- صلّى الله عليه- حين دعاني (6).
__________
(1) إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة.
(2) هو أيوب السختيانى.
(3) أبو قلابة: عبد الله بن زيد بن عمرو أبو عامر، الجرمى، أبو قلابة البصري، ثقة فاضل، كثير الإرسال، قال العجلي: فيه نصب يسير، من الثالثة مات بالشام هاربا من القضاء سنة أربع ومائة وقيل بعدها.
(التقريب 1/ 417).
(4) أنس بن مالك: القشيري الكعبي، أبو أمية، وقيل أبو أميمة، أو أبو ميّة صحابي نزل البصرة.
(التقريب 1/ 85).
(5) كلمة (أو قال) كتبت في هامش المخطوط فأعدتها إلى مكانها في الحديث.
(6) روى نحوه أبو داود في سننه، كتاب الصوم «باب اختيار الفطر» ج 2 ص 317 تحقيق محمد محيى الدين عبد الحميد.
وروى نحوه الترمذى، كتاب الصوم «باب ما جاء فى الرخصة فى الإفطار للحبلى والمرضع» ج 3 ص 94 تحقيق أحمد شاكر.
ثم قال أبو عيسى: حديث أنس بن مالك الكعبي حديث حسن، لا نعرف لأنس بن مالك هذا عن النبي- صلّى الله عليه وسلم- غير هذا الحديث الواحد. وقال في التحفة: ونقل المنذري تحسين الترمذي وأقره.
تحفة الأحوذي ج 3 ص 402.
وروى نحوه ابن ماجة، كتاب الصيام «باب ما جاء في الإفطار للحامل والمرضع» ج 1 حديث (1667) ص 533 تحقيق عبد الباقي.

(1/68)


قال أبو عبيد: ولم يسمع للحامل والمرضع في الصيام بذكر عن النبى- صلّى الله عليه- إلا في هذا الحديث، أفلا ترى أن رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- قد قرنهما بالمسافر وجعلهما معا في معنى واحد فصار حكمهما كحكمه فهل على المسافر إذا أفطر إلا القضاء، لا يقضى عنه ولا يعدوه إلى غيره.
قال أبو عبيد: فهذا شرائع الصيام ناسخها ومنسوخها ومواضع القضاء من مواضع الإطعام في تأويل الكتاب والسنة، ومنه استنبطت العلماء إيجاب الطعام على كل من حيل بينه وبين الصيام حتى أفتوا به في الموتى إذا كان ذلك قد أوجب عليهم، وفيمن توالى عليه رمضانان، وفيه أحاديث كثيرة ليس موضعها هاهنا.
قال أبو عبيد: فهذا ما جاء في ناسخ صيام رمضان ومنسوخه مع أنه قد كان رمضان يرى منه ناسخا لما كان قبله وهو صيام عاشوراء بذلك جاء الأثر.
115 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا محمد بن كثير عن زائدة (1) عن الأعمش عن عمارة (2) عن عبد الرحمن بن يزيد (3) قال:
دخل الأشعث بن قيس على ابن مسعود وهو يتغدى يوم عاشوراء فقال له: ادن يا أبا محمد، فقال: إن اليوم عاشوراء، فقال عبد الله: أتدري ما يوم عاشوراء؟
إنما كان رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- يصومه قبل أن ينزل رمضان، فلما نزل رمضان ترك (4).
__________
(1) هو زائدة بن قدامة الثقفي.
(2) هو عمارة أبو عبد الرحمن.
(3) هو عبد الرحمن بن يزيد بن قيس النخعي.
(4) روى نحوه البخاري، كتاب التفسير «باب تفسير قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ» ج 5 ص 154.
ورواه مسلم، كتاب الصوم «باب صوم يوم عاشوراء» ج 2 ص 794 تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي.

(1/69)


116 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا محمد بن كثير عن حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: كان أهل الجاهلية يصومون عاشوراء وكان رسول الله- صلّى الله عليه- يصومه، فلما نزل رمضان ترك فمن شاء صامه ومن شاء تركه (1).
117 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا أبو اليمان (2) عن شعيب بن أبي حمزة عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة عن النبي- صلّى الله عليه- مثل ذلك.
118 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا ابن بكير (3) عن الليث عن عقيل (4) عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة عن النبي- صلّى الله عليه وسلم- مثل ذلك.
119 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم (5) عن أيوب (6) عن نافع عن ابن عمر قال: صامه رسول الله- صلّى الله عليه- وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان ترك، قال: فكان ابن عمر لا يصومه إلا أن يأتي على صومه- يعنى عاشوراء (7).
__________
(1) روى نحوه البخاري في صحيحه ج 2، كتاب الصوم «باب صوم عاشوراء» ص 250.
وروى نحوه مسلم، كتاب الصوم «باب صوم عاشوراء» ج 2 ص 792 تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي.
(2) هو الحكم بن نافع البهراني الحمصى المكنّى بأبي اليمان.
(3) هو يحيى بن عبد الله بن بكير.
(4) هو عقيل بن خالد الأيلي.
(5) هو إسماعيل بن إبراهيم بن علية.
(6) هو أيوب السختيانى.
(7) رواه البخاري في صحيحه ج 2، كتاب الصوم «باب وجوب صوم رمضان» ص 226.
وروى نحوه مسلم في صحيحه، كتاب الصوم «باب صوم يوم عاشوراء» ج 2 ص 793.
تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي.

(1/70)


120 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا أبو النضر (1) عن شيبان (2) عن أشعث بن أبي الشعثاء عن جعفر بن أبي ثور عن جابر بن سمرة قال: كان رسول الله- صلى الله عليه- يأمرنا بصيام عاشوراء ويحثنا عليه ويتعهدنا (3) عنده فلما فرض رمضان لم يأمرنا به ولم ينهنا عنه ولم يتعهدنا عنده (4).
121 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا حجاج (5) عن شعبة عن الحكم (6) قال: سمعت القاسم بن مخيمرة (7) يحدث عن عمرو بن
__________
(1) هو هاشم بن القاسم الليثي المكنّى بأبى النضر.
(2) هو شيبان بن عبد الرحمن التميمي.
(3) تعهد الشيء وتعاهده: تفقده وأحدث العهد به.
(لسان العرب 3/ 313).
(4) رواه مسلم في صحيحه، كتاب الصوم «باب صوم يوم عاشوراء» ج 2 ص 794، 795 تحقيق عبد الباقي.
ورواه ابن أبي شيبة المصنف ج 3، كتاب الصيام «باب ما قالوا في صوم عاشوراء» ص 55/ تحقيق عامر العمري الأعظمي.
ورواه أيضا البيهقي فى السنن الكبرى ج 4، كتاب الصيام «باب أن صوم عاشوراء كان واجبا ثم نسخ وجوبه» ص 289 - قلت: وفي رواياتهم «يتعاهدنا» بالألف.
(5) هو حجاج بن محمد المصيصي.
(6) الحكم بن عتيبة: (بالمثناة ثم الموحدة) مصغرا، أبو محمد الكندي الكوفي ثقة، ثبت، فقيه، إلا أنه ربما دلس، من الخامسة، مات سنة ثلاث عشرة ومائة أو بعدها وله نيف وستون.
(التقريب 1/ 192).
(7) القاسم بن مخيمرة: (بالمعجمة مصغرا) أبو عروة الهمداني (بالسكون) الكوفي نزيل الشام، ثقة فاضل، من الثالثة، مات سنة مائة.
(التقريب 2/ 120).

(1/71)


شرحبيل (1) عن قيس بن سعد بن عبادة (2) قال: كنا نصوم عاشوراء ونعطي زكاة الفطر ما لم ينزل علينا صوم رمضان والزكاة، فلما نزل أو قال: نزلا لم نؤمر به ولم ننه عنه، وكنا نفعله (3).
__________
(1) عمرو بن شرحبيل: الهمداني أبو ميسرة الكوفي، ذكره ابن حبان في الثقات وقال: كان من العبّاد وكانت ركبته كركبة البعير من كثرة الصلاة، وقال فى التقريب: ثقة عابد مخضرم، مات سنة ثلاث وستين.
(التهذيب 8/ 47 - التقريب 2/ 72).
(2) قيس بن سعد بن عبادة: ابن حارثة الخزرجى الأنصاري، قال أنس بن مالك: كان قيس بن سعد من النبي- صلّى الله عليه وسلم- بمنزلة صاحب الشرطة من الأمير، وقال يونس عن الزهري: كان من دهاة العرب، وقال في التقريب: صحابي جليل مات سنة ستين تقريبا.
(التهذيب 8/ 395 - التقريب 2/ 128).
(3) روى نحوه ابن أبي شيبة المصنف ج 3، كتاب الصيام ما قالوا في صوم عاشوراء ص 57 تحقيق عامر العمرى الأعظمى.

(1/72)