الناسخ والمنسوخ للقاسم بن سلام محققا

باب الأسارى
قال أبو عبيد: وأما أمر الأسارى في الفداء والمنّ والقتل فإن:
392 - عبد الله بن صالح حدثنا عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قول الله عز وجل: ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ (1) فِي الْأَرْضِ (2) قال: ذلك يوم بدر والمسلمون يومئذ قليل فلما كثروا واشتد سلطانهم أنزل الله عز وجل بعد هذا في الأسارى فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً (3) فجعل الله عز وجل النبي- صلّى الله عليه- والمؤمنين في الأسارى بالخيار إن شاءوا قتلوهم وإن شاءوا فادوهم وإن شاءوا استعبدوهم، شك أبو عبيد في استعبدوهم (4).
393 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا ابن مهدي وحجاج بن محمد كلاهما عن سفيان قال: سمعت السّدي (5) يقول في قوله عز وجل: فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً قال: هي منسوخة نسختها قوله عز وجل:
فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (6).
394 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا حجاج (7) عن
__________
(1) يثخن: أثخن في العدو بالغ الجراحة فيهم (القاموس للفيروزبادي) 4/ 206).
(2) سورة الأنفال آية 67. وقد كتبت الآية في المخطوط (ما كان للنبي) خطأ.
(3) سورة محمد آية 4.
(4) رواه الطبري مع طرح الشك في «استعبدوهم»: جامع البيان ج 14 أثر (16286) ص 59 تحقيق محمود محمد شاكر.
(5) هو إسماعيل بن عبد الرحمن السدّي.
(6) روى نحوه الطبري فى جامع البيان ج 26 ص 26 ط دار المعرفة.
(7) هو حجاج بن محمد المصيصي.

(1/209)


ابن جريج فيها قال: هي منسوخة قد قتل رسول الله- صلّى الله عليه- عقبة بن أبي معيط (1) يوم بدر صبرا (2) (3).
395 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا حجاج (4) عن شريك عن سالم (5) عن سعيد بن جبير قال: يقتل أسرى المشركين ولا يفادون حتى يثخن فيهم القتل وقد قال: حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً (6). وفيه قول آخر.
396 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا حجاج (7) عن المبارك بن فضالة (8) عن الحسن أنه كره قتل الأسير وقال: منّ عليه أو فاده (9).
__________
(1) عقبة بن أبي معيط: أحد رءوس المشركين في مكة، كان من شر عباد الله وأكثرهم كفرا وعنادا وبغيا وحسدا وهجاء للإسلام وأهله، لما كان النبي- صلّى الله عليه وسلم- بعرق الظبية بعد قفوله من بدر أمر عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح فقتله. البداية والنهاية: عماد الدين بن كثير ج 3 ص 305/.
(2) قتل الصبر: هو أن يؤخذ الرجل أسيرا ثم يقدم فيقتل. غريب الحديث لأبي عبيد ج 3 ص 302.
(3) روى نحوه عبد الرزاق من قول عطاء بن أبي رباح فى المصنف ج 5، كتاب الجهاد «باب قتل أهل الشرك صبرا» أثر (9389) ص 204 تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي.
(4) هو حجاج بن محمد المصيصي.
(5) هو سالم الأفطس.
(6) روى نحوه الطبري فى جامع البيان ج 14 أثر (16289) ص 60 تحقيق محمود محمد شاكر.
(7) هو حجاج بن محمد المصيصي.
(8) المبارك بن فضالة: (بفتح الفاء وتخفيف المعجمة)، أبو فضالة البصري، صدوق، يدلّس ويسوّي، من السادسة، مات سنة ست وستين ومائة على الصحيح.
(التقريب 2/ 227).
(9) رواه بمعناه الطبري فى جامع البيان ج 26 ص 27 ط دار المعرفة.

(1/210)


397 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا حجاج (1) عن ابن جريج عن عطاء مثل ذلك أيضا أو نحوه (2).
398 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا هشيم قال:
أخبرنا أشعث (3) قال: سألت عطاء عن قتل الأسير فقال: منّ عليه أو فاده، قال وسألت الحسن فقال: تصنع به ما صنع رسول الله- صلى الله عليه- بأسارى بدر يمنّ عليه أو يفادى.
قال أبو عبيد: فأرى العلماء قد اختلفت في تأويل آيات الأسارى ففي حديث ابن عباس أن آية الفداء هي المحكمة الناسخة بقتلهم (4) وإلى مذهبه ذهب سعيد بن جبير، وفي قول السّدي (5) وابن جريج أنّ آية القتل هي المحكمة الناسخة للفداء والمنّ وإلى هذا ذهب الحسن وعطاء.
قال أبو عبيد: والقول عندنا أن الآيات جميعا محكمات لا منسوخ فيهن، يبين ذلك ما كان من أحكام رسول الله- صلى الله عليه- الماضية فيهم وذلك أنه كان عاملا بالآيات كلها من القتل والفداء والمنّ حتى توفاه الله عز وجل على ذلك ولا نعلم نسخ منها شيء، فكان أول أحكامه فيهم يوم بدر فعمل بها كلها يومئذ، بدأ بالقتل فقتل عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث (6) في قفوله ثم قدم
__________
(1) هو حجاج المصيصي.
(2) رواه بمعناه الطبري فى جامع البيان- المرجع السابق.
رواه بمعناه أيضا عبد الرزاق في المصنف ج 5، كتاب الجهاد «باب قتل أهل الشرك صبرا وفداء الأسرى» أثر (9389) ص 205 تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي.
(3) هو أشعث بن عبد الملك الحمراني.
(4) هكذا في المخطوط «بقتلهم» بالباء ولعل الأولى هنا اللام «لقتلهم».
(5) هو إسماعيل بن عبد الرحمن/ السّدي.
(6) النضر بن الحارث: كان من شر عباد الله وأكثرهم كفرا وعنادا وهجاء للإسلام وأهله، وكان أحد أشراف قريش، وأحد الأسارى يوم بدر، أمر النبي- صلّى الله عليه وسلم- عليا بقتله في الصفراء مرجعه من بدر (البداية والنهاية 3/ 305).

(1/211)


المدينة فحكم في سائرهم بالفداء والمنّ، ثم كان يوم الخندق إذ سارت إليه الأحزاب فقاتلهم حتى صرفهم الله عز وجل عنه وخرج إلى بني قريظة لممالأتهم لأنهم كانت للأحزاب، فحاصرهم حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ (1) فحكم فيهم فقتل المقاتلة وسبى الذرية فصوّب رسول الله- صلّى الله عليه- رأيه وأمضى فيهم حكمه ومنّ على الزبير بن باطا (2) من بينهم لتكليم ثابت بن قيس بن شمّاس (3) إياه فيه حتى كان الزبير هو المختار لنفسه القتل ثم كانت غزاة المريسيع (4) وهي التي سبى فيها بني المصطلق رهط جويرية بنت الحارث (5) من خزاعة فاستحياهم جميعا وأعتقهم فلم يقتل أحدا منهم علمناه ثم كانت خيبر فافتتح حصون الشق ونطاة عنوة بلا عهد فمنّ عليهم ولا نعلمه قتل أحدا منهم صبرا بعد فتحها ثم سار إلى بقية حصون خيبر الكثيبة والوطيحة وسلالم فأخذها أو أخذ بعضها صلحا على أن لا يكتمه آل أبي الحقيق شيئا من أموالهم فنكثوا العهد
__________
(1) سعد بن معاذ بن النعمان الأنصاري الأشهلي، أبو عمرو، سيد الأوس، شهد بدرا، واستشهد من سهم أصابه بالخندق ومناقبه كثيرة (التقريب 1/ 289).
(2) الزبير بن باطا: القرظي، يكنّى أبا عبد الرحمن، كان قد منّ على ثابت بن قيس بن شمّاس في الجاهلية، فجازاه بأن طلب ثابت من النبي- صلّى الله عليه وسلم- أن يهب له دمه فقال النبى- صلّى الله عليه وسلم-: هو لك ثم اختار لنفسه القتل فقتل. سيرة ابن هشام ج 3 ص 253 تحقيق مصطفى السقا، إبراهيم الأبياري، عبد الحفيظ شلبي.
(3) ثابت بن قيس بن شمّاس: أنصاري خزرجي، خطيب الأنصار، من كبار الصحابة بشره النبي- صلّى الله عليه وسلم- بالجنة واستشهد باليمامة (التقريب 1/ 117).
(4) المريسيع: بالضم ثم الفتح وياء ساكنة ثم سين مهملة مكسورة وياء أخرى وآخره عين مهملة، هو اسم ماء في ناحية قديد إلى الساحل، سار النبي- صلّى الله عليه وسلم- سنة خمس أو ست إلى بني المصطلق لما بلغه أن الحارث بن أبي ضرار الخزاعي قد جمع له جمعا، فوجدهم علي ماء يقال له المريسيع فقاتلهم وسباهم (معجم البلدان 5/ 118).
(5) جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار الخزاعية، من بني المصطلق، أم المؤمنين كان اسمها برّة فغيرها النبي- صلّى الله عليه وسلم- وسباها في غزوة المريسيع ثم تزوجها وماتت سنة خمسين على الصحيح.
(التقريب 2/ 593).

(1/212)


وكتموه فاستحل بذلك دماءهم وضرب أعناقهم ولم يمنّ على أحد منهم ثم كان فتح مكة بعد هذا كله فأمر بقتل هلال بن خطل (1) ومقيس بن صبابة (2) ونفر سماهم، وأطلق الباقين فلم يعرض لهم، ثم كانت حنين فسبى فيها هوازن ومكث سبيهم في يديه أياما حتى قدم عليه وفدهم فوهبهم لهم من عند آخرهم امتنانا منه عليهم، ثم كانت أمور كثيرة فيما بين هذه الأيام مضت فيها أحكامه الثلاثة من القتل والمنّ والفداء من ذلك قتله أبا عزّة الجمحي (3) يوم أحد وقد كان منّ عليه يوم بدر، وفيها إطلاقه ثمامة بن أثال (4) ومنها مفاداته بالمرأة الفزاريّة (5) التي
__________
(1) هلال بن خطل: هو عبد الله وليس هلال كما في سيرة ابن هشام وتاريخ الطبري وغيرهما من كتب السير. رجل من بني تيم بن غالب أمر النبي- صلّى الله عليه وسلم- بقتله بعد الفتح لأنه كان مسلما فقتل غلاما له ثم ارتد مشركا- سيرة ابن هشام ج 4 ص 52 تحقيق مصطفى السّقاء، إبراهيم الأبياري، عبد الحفيظ شلبي.
(2) مقيس بن صبابة: بكسر الميم وسكون القاف وفتح الياء، وضم الصاد، أمر النبي صلّى الله عليه وسلم- بقتله لأنه قتل الأنصاري الذي قتل أخاه هشاما خطأ، ثم ارتد عن الإسلام فلما انهزم أهل مكة أهدر النبي- صلّى الله عليه وسلم- دمه، فعلم به نميلة بن عبد الله الكلبى فأتاه فضربه بالسيف حتى قتله.
انظر: الكامل في التاريخ لابن الأثير ج 2 ص 132، 169.
(3) أبو عزة عمرو بن عبيد الله الجمحي، أسر يوم بدر فأطلقه رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- بغير فداء لأنه شكى إليه فقرا وكثرة عيال فأخذ عليه رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- العهود ألّا يقاتله ولا يعين على قتاله فخرج يوم أحد وحرض على المسلمين فأمر به النبي فقتل.
(الكامل لابن الأثير 2/ 114).
(4) ثمامة بن أثال: ابن النعمان بن سلمة بن عتيبة بن ثعلبة بن يربوع، أبو أمامة اليمامي وفى قصة إسلامه روى البخاري عن أبي هريرة قال: بعث النبي- صلّى الله عليه وسلم- خيلا قبل نجد فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال فربطوه بسارية من سواري المسجد فخرج النبي- صلّى الله عليه وسلم- فقال: أطلقوا ثمامة فانطق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد فقال أشهد أنّ لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله (الإصابة 1/ 203).
(5) المرأة الفزارية: هي ابنة أم قرفة، وكانت من أحسن العرب، قد نفلها أبو بكر لسلمة بن الأكوع ثم استوهبها النبي- صلّى الله عليه وسلم- من سلمة فبعث بها إلى أهل مكة وفي أيديهم أسارى من المسلمين ففداهم رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- بتلك المرأة (البداية والنهاية 4/ 221).

(1/213)


سباها سلمة بن الأكوع برجلين من المسلمين كانا أسيرين بمكة قبل الفتح في أشياء كثيرة يطول بها الكتاب لم يزل- صلّى الله عليه- قبل عاملا بها على ما أراه (1) الله عز وجل من الأحكام التي أباحها له في الأسارى وجعل الخيار والنظر فيها إليه حتى قبضه الله عز وجل على ذلك- صلّى الله عليه- ثم قام بعده أبو بكر- رضي الله عنه- فسار في أهل الرّدة بسيرته من القتل والمنّ، فأما الفداء فلم يحتج إليه أبو بكر الصديق- رضي الله عنه- لأن الله عز وجل أظهر الإسلام على الردّة حتى عاد أهلها مسلمين بالطّوع والكره إلا من أباده القتل، فكان ممن استحياه أبو بكر- رضي الله عنه- عيينة بن حصن الفزاري (2) وقرة ابن هبيرة القشيري (3) وكان قدم بهما عليه خالد بن الوليد (4) موثقين فمنّ عليهما وأطلقهما، وكذلك الأشعث بن قيس (5) بعث به إليه زياد بن لبيد الأنصاري (6) موثقا، وقد نزل على حكم أبي بكر- رضي الله عنه- فخلّى
__________
(1) فى المخطوط «ماراه» والتصويب من الهامش.
(2) عيينة بن حصن الفزاري: هو عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر بن عمرو، أبو مالك الفزاري، له صحبة، وكان من المؤلفة، أسلم قبل الفتح وشهدها وشهد حنينا والطائف، ثم ارتدّ في عهد أبي بكر ثم عاد إلى الإسلام وكان فيه جفاء سكان البوادي.
(الإصابة 3/ 54).
(3) قرة بن هبيرة بن عامر بن سلمة بن قشير بن كعب بن ربيعة العامري ثم القشيري قال البخاري وابن أبي حاتم وابن حبان وابن السكن وابن مندة: له صحبة وهو أحد الوجوه من الوفود، قد ارتد مع من ارتد من بنى قشير فاعتذر لأبي بكر بأنه كان له مال وولد فخاف عليهم ولم يرتد فى الباطن فأطلقه.
(الإصابة 3/ 235).
(4) خالد بن الوليد: ابن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم المخزومي، سيف الله، يكنّى أبا سليمان، من كبار الصحابة، وكان إسلامه بين الحديبية والفتح وكان أميرا على قتال أهل الردة وغيرها من الفتوح إلى أن مات سنة إحدى أو اثنتين وعشرين (التقريب 1/ 219).
(5) الأشعث بن قيس: ابن معديكرب الكندي، أبو محمد الصحابي، نزل الكوفة مات سنة أربعين أو إحدى وأربعين، وهو ابن ثلاث وستين (التقريب 1/ 80).
(6) زياد بن لبيد بن ثعلبة الأنصاري، الخزرجي، أبو عبد الله، صحابي شهد بدرا، وكان عاملا على حضرموت لما مات النبي- صلّى الله عليه وسلم- وكان له بلاء حسن في قتال أهل الردة، مات سنة إحدى وأربعين.
(التقريب 1/ 270).

(1/214)


سبيله ومنّ عليه وأنكحه، وكان ممن قتله أبو بكر- رضي الله عنه- في الردة الفجاءة (1) في رجال من بني سليم وذلك لسوء آثارهم كان في المسلمين، وبمثل ذلك كتب إلى خالد بن الوليد يأمره باصطلام (2) بني حنيفة (3) إن ظفر بهم، وكتب إلى زياد بن لبيد (4) والمهاجر بن أبي أمية (5) بالمنّ على كندة (6) الذين حوصروا بحصن النجير، ثم لم تزل الخلفاء على مثل ذلك.
قال أبو عبيد: وعليه الأمر عندنا في الأسارى أنه لم ينسخ من أحكامهم شيء ولكن للإمام (7)، يخيّر في الذكور والمدركين بين أربع خلال وهي: القتل
__________
(1) الفجاءة: اسمه إياس بن عبد الله بن عبد ياليل بن عميرة بن خفاف من بني سليم، كان قد قدم على الصديق فزعم أنه أسلم وطلب من أبي بكر أن يجهز معه جيشا يقاتل به أهل الردة، فجهز معه جيشا فلما سار جعل لا يمر بمسلم ولا مرتد إلا قتله وأخذ ماله فلما سمع الصديق بعث وراءه جيشا فرده، فلما أمكنه بعث به إلى البقيع فجمعت يداه إلى قفاه وألقي في النار.
(البداية والنهاية 6/ 319).
(2) الاصطلام: الاستئصال (لسان العرب 12/ 340).
(3) بنو حنيفة: هم أهل اليمامة اتباع مسيلمة الكذاب ارتدوا عن الإسلام بعد وفاة النبي- صلّى الله عليه وسلم- فأرسل إليهم أبو بكر خالد بن الوليد فقاتلهم حتى قتل نبيهم المزعوم مسيلمة وهزمهم عن
آخرهم ثم أسلموا ورجعوا إلى الحق انظر: البداية والنهاية 6/ 323.
(4) هو زياد بن لبيد بن ثعلبة الأنصاري.
(5) المهاجر بن أبي أمية: ابن عبد الله بن عمرو بن مخزوم القرشي المخزومي أخو أم سلمة. ولّاه النبي- صلّى الله عليه وسلم- لما بعث العمال على صدقات صنعاء، ثم ولّاه أبو بكر، وهو الذي افتتح حصن النجير الذي تحصنت به كندة في الردة (الإصابة 3/ 465).
(6) كندة: بالكسر قبيلة من اليمن ارتدت عن الإسلام فحاصرهم زياد بن لبيد والمهاجر في حصن النجير فهزموهم فقتلوا مقاتليهم وساقوا أهل الحصن أسرى إلى أبي بكر فلم يلبث الصديق- رضي الله عنه- أن منّ عليهم.
انظر: معجم البلدان ج 4 ص 482 - تاريخ الطبري ج 3 ص 335 وما بعدها تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم.
(7) هكذا في المخطوط والصواب [ولكن الامام].

(1/215)


والاسترقاق، والفداء والمنّ، إذا لم يدخل بذلك ميل بهوى في العفو ولا طلب الذّحل (1) في العقوبة ولكن على النظر للإسلام وأهله (2).
__________
(1) طلب الذّحل: أي طلب الثأر (لسان العرب 11/ 256).
(2) وإلى القول بإحكام الآية وطرح دعوى النسخ فيها ذهب أبو جعفر الطبري فقال عند تفسير قوله: فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً الآية: والصواب من القول عندنا في ذلك أن هذه الآية محكمة غير منسوخة وذلك أن صفة الناسخ والمنسوخ ما قد بينا في غير موضع في كتابنا: أنه ما لم يجز اجتماع حكميها في حال واحدة، أو ما قامت الحجة بأن أحدهما ناسخ الآخر، وغير مستنكر أن يكون جعل الخيار في المنّ والفداء والقتل إلى الرسول- صلّى الله عليه وسلم- والى القائمين بعده بأمر الأمة، وإن لم يكن القتل مذكورا في هذه الآية لأنه قد أذن بقتلهم في آية أخرى وذلك قوله: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ الآية. بل ذلك كذلك لأن رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- كذلك كان يفعل فيمن صار أسيرا في يده من أهل الحرب فيقتل بعضا ويفادي بعضا ويمنّ على بعض. اهـ (جامع البيان ج 26 ص 27 ط. دار المعرفة).

(1/216)