النكت الدالة على البيان في أنواع العلوم والأحكام

سورة الطور
* * *
قوله: (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (24)
حجة لمن يشبه الروحاني بغيره، وهو حجة على المتنطعين في تضييق الكلام.
* * *
قوله: (وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ)
كان ابن عباس يقول: هو عذاب القبر. ففي تفسيره دليل على أن المؤمن المحسن ناج منه، ومقتصر به على المساءلة دونه، لاشتراطه ذلك في الظالمين، وهم الكافرون.

(4/199)


سورة النجم
قوله - تعالى -: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)
دليل على أن النبي - صلى الله عليه - كل ما سنه فبوحي سنه.
* * *
قوله: (وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9)
حجة في أن الله - جل وعلا، لا محالة - في السماء.
* * *
قوله: (أَوْ أَدْنَى)
ليس بشك، وكيف يكون شكَّا، وهو
أدناه، وقد بينته في سورة البقرة.

(4/200)


وفيه -أيضاً - حجة على متأولي (عند) على حماقاتهم.
ذكر الجهمية:
وقوله - تعالى -: (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11)
حجة على الجهمية - شديدة، لا محيص لهم عنها - في تثبيت الصورة التي هي له يعرفها من نفسه، وهو - لا محالة -

(4/201)


رؤية الرب بالفؤاد، لأن رؤية جبريل كانت رؤية عين، فكان يراه طول

(4/202)


نبوته، صلى الله عليه وسلم، وعلى جبريل. وقد حوى باب الرؤية
بالعين لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، كتابنا المؤلف في الرد على أهلى
البدع بالأخبار" وبينا اختلافه وعلله.

(4/203)


وقوله: (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا (28)
حجة على القائسين والمستحسنين والمحققين على الناس - بظنونهم - فواحش
الذنوب، وقبائح الأعمال، ورد لكل ذلك منهم.
تثبيت نسب ولد الزنا من أمه:
* * *
وقوله: (وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ)
دليل على تثبيت نسب ولد الزنا من أمه، ومغنى عن قياسه على ولد الملاعنة، لدخول ولد الزنا - لا محالة - في هذا الخطاب، ونسبته - جل وتعالى -
جميع الأجنة إلى الأمهات.
* * *
قوله: (أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (60) وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (61)

(4/204)


دليل على أن قارئ القرآن مندوب إلى البكاء عند قراءته.
وكذا روي في الخبر: ((إن هذا القرآن أنزل بحزن، فإذا قرأتموه فابكوا، فإن
لم تبكوا فتباكوا ".

(4/205)


سورة القمر
(اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1)
دليل على أن الآيات دالة على اقتراب القيامة.
* * *
قوله: (حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ)
دليل على أن القرآن غاية كل حجة، وفاتق كل لبسة.
* * *
وقوله: (يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ (7)
نظير ما مضى - في الطور - من إجازة تشبيه الناس بغيرهم، وفي ذلك حجة للشعراء إذا لم يكذبوا كذبَا محضًا، لا تأويل فيه.
القدرية:
* * *
قوله: (فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12)
والقدرية بلفظ القدر.

(4/206)


وقوله: (جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ (14)
رد عليهم في فعل الإكفار بهم.
وسواء فعله الله بهم، أو عدوّ سلطه عليهم، فهو مفعول بهم - أي
كفرهم نوحًا، وتضييع شكره ومعرفة حق نبوته، ورسالته -
مكتوب عليهم.
* * *
قوله: (وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (15)
دليل على أن السفن - بعد نوح متروكة إلى القيامة - آية للورى.
* * *
قوله: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (17)
دليل على أن الذكر ملتمس منه، وطالبه معان عليه.
* * *
قوله: (تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (20)
نظير (مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ (7) .
وسقوط الهاء من " الجَرَادٌ " وهو جمع، و (مُنْقَعِرٍ) ، وهو نعتُ
جمع محمول على اللفظ، والله أعلم.

(4/207)


وقوله - إنكارًا على ثمود -: (فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (24)
حجة واضحة في قبول خبر الواحد العدل، ورد على
من يرده، لأن ثمود - مع بشرية صالح - أنكروا وحدته فكذبوه لذلك.
والله أعلم.
ذكر الماء:
* * *
قوله: (إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ)
رد على القدرية والمعتزلة في باب الاختبار، وقد لخصناه في سورة الأعراف.
* * *
قوله: (وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ)
دليل على أن الماء مقسوم بين الناس، ليس لأحد أن ينفرد به، ويمنع غيره، فما كان من السماء والأنهار والعيون فالقسمة واقعة عليه بالسوية، وما كان يجُرى بالنفقة والكلفة فهو لمن أجراه، وأنفق عليه، يمنعه ممن أحب، إلا

(4/208)


الشَّفة (1) ، فلا يجوز منعه بوجه من الوجوه، إلا أن يحرز منه شيء في
بيت أو ركوة أو آنية، أو ما أشبه ذلك.
* * *
قوله: (وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ)
دليل على أن قوم لوط عموا قبل أن يخسف بهم، ويمطر عليهم.
ففيه بيان واضح - لمن تدبره - أن النظر إلى المرد للشهوة
معصية، لأن الملائكة كانوا جاءوا لوطًا في صورة - المرد من البشر.
فلما رمقوهم بعين الشهوة عوقبوا بالعمى.
* * *
وقوله: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)
حجة على القدرية والمعتزلة بلفظ القدر.
* * *
قوله: (وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ (53)
حجة عليهم واضحة لا التباس فيها، ولا عرية دونها.
__________
(1) الشفة: الماء القليل المطلوب. انظر كتاب العين (402/3) باب الهاء والشين والفاء، ولسان العرب (7/ 157) ، والنهاية (2/ 488) " شفه ".

(4/209)


سورة الرحمن
قوله - عز وجل -: (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ (31) .
مما لا يجوز استعمال ظاهره، لأن الله - جل جلاله - لا يشغله شيء عن شيء، ومعناه سننظر في أموركم، وكذلك قال المفسرون.
فضل الأبكار على الثيب:
* * *
وقوله: (فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (56)
دليل على فضل الأبكار على الثيب، إذ لا يصفهن ببراءتهن من الطمث
إلا وقد فَضَّلَهُن على من طُمثن.
* * *
وقوله: (كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (58) - نظير ما مضى من قوله:
(كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ) - دليل على أن الصفاء والرقة مدح في الأشخاص.

(4/210)