النكت الدالة على البيان في أنواع العلوم والأحكام

سورة النازعات
* * *
قوله: (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (15) إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (16)
دليل على أن القرآن كلام الله غير مخلوق، تكلم به تكلمًا، لأن النداء
كلام مسموع لا محالة، والكلام للمتكلم والنداء منه، وصفة من
صفاته، وهو بجميع صفاته غير مخلوق، ثم أخبر عن فرعون
فقال: (فَحَشَرَ فَنَادَى) ، فكان نداء فرعون مخلوقًا، لأن
المنادي مخلوق، وكل صفة تبع للموصوف فإن كان الموصوف مخلوقًا
كان كلامه مخلوقاً، وإن كان الموصوف خالقًا كان كلامه غير مخلوق.
وهو بين.
قوله: (فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى (25)
فالآخرة هاهنا قوله: (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24) ، أو الأولى، قوله في سورة القصص: (مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي) .

(4/477)


قوله: (أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (31) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (33)
دليل على أن الماء والكلأ، وحجارة الجبال وحطبه الناس فيه شركاء، ما لم يقع فيها الحيازات بالأملاك الظاهرة، التي تستفاد بوجوه الفوائد، فإذا وقعت الحيازات فكل من ملك أرضا، ملك كل ما تخرجه من عين وكلأ، إلا ماء الشفه ما لم تجعل في الظروف، والكلأ من المارة.

(4/478)


سورة عبس
قوله عز وجل: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (39)
بشارة للمؤمن كبيرة، لأنه لا محالة حاصل له هذا الإخبار، لأنه قال -
على إثره -: (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (40) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (41) أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (42)
فحصل هذا للكافر، وذلك للمؤمن إن شاء الله، إذ لم يذكر معهما ثالثة.
و" القترة " ما يغشى الوجه من غبرة الموت.
تغشيها، و" السفرة " النيرة المشرقة بياضًا وحسنًا.

(4/479)


سورة التكوير
* * *
قوله: (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9)
إذا قرئت هذه القراءة المعروفة (سُئِلَتْ) بضم السين بغير ألف كان فيها
غموض، ومعناه - والله أعلم - أن قتلتها سئلوا بأي ذنب قتلوها.
كما لو سألت هي.
ومن قرأ " سألت " بفتح السين والألف كان معناها بينًا غير مشكل، وهي قراءة أبي صالح، وجابر بن زيد، وأبي

(4/480)


الضحى، والضحاك بن مزاحم.

(4/481)


سورة الانفطار
* * *
قوله: (كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (9) .
عام المخرج خاص المعنى، لأن الكل لم يكذب بالدين، إنما كذب البعض، ثم رجع إلى العام فقال: (كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12) .
لأن الحافظين على الكل، فعلمهم على وجهين:
فما كان من ظاهر قول، أو حركة جوارح علموه بظاهره، وكتبوه
على جهته.
وما كان من باطن ضمير، يقال: إنه يجدون لصاحبه ريحًا طيبة.
ولطالحه ريحًا خبيثة، فكتبوه عملاً صالحًا وآخر سيئًا.

(4/482)


سورة المطففين
* * *
قوله: (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2)
أي من الناس، والله أعلم.
والعرب تبدل حروف الجر بعضها من بعض، إذا أرادت ذلك.
* * *
قوله: (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (7)
روي عن سعيد بن جبير أنه قال: تحت خد إبليس. كأنه يريد أن ما أحصاه
فباستفزازه ووساوسه وتزيينه اكتسبه فجعل تحت خده

(4/483)


عن قربه منه.
وقد يجوز أن يكون جعل تحت خده ليقرن معه في جهنم إذا
دخلاه فإن كان على ما فسره سعيد لحضناه من قوله: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (8) ، تعظيم له، وتهويل، كما قال: @وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَومُ الدِّينِ)
وشبهه في القرآن.
وإن كان سعيد خولف في هذا التفسير، فظاهر الكلام يدل على أن
الكتاب المرقوم هو تفسير للسجين على التشبيه، كأن ما رقم فيه، وأودعه
من قبائح أفعال الفاجر في ضيق وإياس من أن يفلت فيه شيء.
كالمسجون الذي قد ضيق عليه فلا يستطيع أن يفلت، والله أعلم بما أراد.

(4/484)


قوله: (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) .
أدل دليل على الرؤية لأنه لا يخص قوم بالاحتجاب عقوبة لهم إلا ويظهر لآخرين كرامة لهم، وهو بين وقد لخصناه في غير موضع من كتبنا في الرد على الباهلي، وابن أبي يعقوب، وابن حرمان.

(4/485)


قوله: (ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (16) ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (17)
قد أنبأ أن المحجوبين عن الرؤية هم الكفار الذين كانوا يكذبون بالجحيم، والمؤمن عاصيًا كان أو مطيعًا لم يكذب به فدخل في حكم الآية فيمن يرى ربه
سبحانه.
* * *
قوله: (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18)
يحتمل في الخير ما
احتمله كتاب الفجار في الشر من أنه إذا رفع صاحبه في الجنة - والجنة
في السماء السابعة - فكأنَّ كتابه موضوع هناك.

(4/486)


وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19)
تعظيم له، وإعجاب للمخاطب به، والله أعلم.
* * *
قوله: (يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (21)
يريد الملائكة الذين يناهيهم بالمطيعين من عباده، والله أعلم.
* * *
قوله: (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (23) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24) يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25) خِتَامُهُ مِسْكٌ) . دليل على أن المؤمن مندوب إلى الرغبة في ملاذّ النفوس، وشهواتها في الآخرة

(4/487)


والسعي في اكتسابها.
وإن تنطع الصوفية كما يدعون من ترك الاشتغال بها، والاقتصار على
العمل الصالح الرضي وحده، لا للرغبة في الجزاء عليه.
من مباشرة ما وعده الله - تبارك وتعالى - وأعده لأهل الجنة مذموم من
قولهم، وغير مرضي من فعلهم، لأن رضى الله - جل جلاله - وإن كان
من أجلّ الجزاء وأعظم النعيم فليس بمانع من الرغبة في مباشرة ملاذ
النفوس، والتمتع بما هو من حظها، وإنه لا يحطه من درجة طلاب
الرضى.
وإنما نهوا عنه في الدنيا وندبوا إلى الزهد فيها، لأن محظورها يفضي
بهم إلى المحرم ويكسبهم النار، ومباحها يفضي بهم إلى الفتور والكسل
والرغبة في الدنيا عن مباشرة تعب العبادة ونصبها، وتصعّب عليهم
تجرع المرارات، وتطمئن إلى الراحات وإيثار الحلاوات عليها.
فإذا دخلوا الجنة وانتقلوا عن دار المحن، ورفعت عنهم العبادة تلذذوا
بمحابّ النفوس من الأكل، والشرب، وأنواع النعيم من معانقة الحور.
ومن يزوجون من الآدميات المطيعات، ويرد إليهم من الزوجات اللواتي
كن لهم في الدنيا، فلم يضرهم ذلك، ولا خشوا مقتًا من ربهم،

(4/488)


ولا حذروا فتورًا عن العبادة، لأنه جزاء لهم على ما أطاعوه في الدنيا.
وآثروا طاعته على ملاذهم ومحابهم فيها، ألا تراه يقول - سبحانه -:
(كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24) .
والقرآن مملوء به
من قوله: (جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) .
وكيف يكون مذمومًا مع قوله: وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26)
فلم أمرهم إذًا بالتنافس، ولم وصفه وملأ القرآن بذكره، ولذلك قال عبد الله بن مسعود: " ما رأيت أحدًا أشد على المتنطعين من رسول الله، صلى الله
عليه وسلم، ولا رأيت بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشد
خوفًا عليهم من أبي بكر - رضي الله عنه - وإني لأظن أن عمر كان
أشد خوفًا عليهم، أو لهم " رضي الله عنه.
وروى الأحنف بن قيس، عن عبد الله بن مسعود، أن رسول الله، صلى الله عله وسلم، قال: " ألا هلك المتنطعون " ثلاثًا.

(4/489)


فالتنطع في أشياء هذا أحدها، وهو من كبارها.
وقوله: وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (27) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (28)
روي أنها تمزج لأصحاب اليمين، ويشربها المقربون صرفًا.
* * *
قوله: (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29)
دليل على أن المجرم - في أكثر القرآن - الكافر، وقد حققه في قوله:
(فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34) .
وفيه عظة شديدة لمن يتضحك من المؤمنين، وممن يتخذونه ضحكة إذ
هو شيء من أخلاق الكفار، فإذا تشبه بهم أهل الإيمان خيف عليهم أن يكونوا مثلهم لما روي عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: " من تشبه بقوم فهو منهم ".
وإنما يضحكون في الآخرة والله أعلم، لأنه جزاء لهم وعقوبة لما
كان منهم إليهم في الدنيا فيصيبهم من مضضه ما كان يصيب المؤمنين
في الدنيا، فصار كالاقتصاص.
فعلى المضحوك أن يتقي الله، ولا يضع نفسه هذا الموضع، وعلى

(4/490)


الضاحك أن يجتنبه في الجد، والهزل لأنه من عظيم الذنب وفعل
الظالمين، ومن قد نسي أمر معاده، وما هو مفض إليه.
وروي أن بعض الصالحين مرّ بلعاب يلعب بالمدينة، وهو في لعبه.
فقال له: أما علمت أن لله يومًا يخسر فيه المبطلون.
فما رُئي بعد ذلك يلعب، وكذلك التغامز مثله، والتفكه مثله محرمان
مؤثمان، لقوله: (وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (31) .

(4/491)


سورة الانشقاق
قوله - عز وجل -: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8) وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا (9)
روي عن رسول الله - عز وجل - " أنه العرض ".
وإن كان سمي بالحساب، وإنما يسره، لأنه لا مناقشة فيه، فأما من
نوقش في الحساب عذب.
وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا (9) ، أي إلى أهله الذين أعدوا له في الجنة
والله أعلم.
* * *
قوله: (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (10) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا (11) وَيَصْلَى سَعِيرًا (12) إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا (13) .
أي أهله الذين كانوا في الدنيا،

(4/492)


يريد - والله أعلم - إنه كان مسرورا بحياته، لا يظن أنه يحور، أي
يرجع إلى الآخرة فتهوله، وينقص سروره، فقال: (إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (14) ، أي لا يرجع.
وكان النبي، صلى الله عليه وسلم، يقول - في السفر -: "
اللَّهم إني أعوذ بك مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ وَالْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْنِ ".
وروي " بعد الكون " بالنون والراء.

(4/493)


فمن رواه بالنون: أراد أنه بعد أن كان على حال جميلة، صار إلى
حال مكروهة أي رجع.
ومن رواه بالراء أراد: من النقصان بعد الزيادة، كأنه ينتقص أمره من
المحبوب إلى المكروه، كما ينتقص شد العمامة، إذا حل كورها.
ووعثاء السفر مشقته، وما يصيب الإنسان فيه من النصب والتعب.
وكآبة المنقلب ما يكتئب الإنسان منه، أي يغتم من مصيبة، أو
فاجعة، إذ المسافر لا يأمن أن يقدم على مصيبته قد حدثت على
أهله، أو ولده، أو ماله، وكذلك مخلفوه لا يأمنون من غم، أو
مصيبة تلحق غائبهم، فتعوذ النبي، صلى الله عليه وسلم، من الحالين معًا.
* * *
قوله: (وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ (21)
يؤيد قول عمران ابن الحصين - رحمه الله -: " إن القرآن سجود كله "
أي متى قرأه،

(4/494)


أو قرئ عنده فأحب أن يسجد سجد، وإن لم تكن الأماكن المعروفة
بالسجود، وهى خمسة عشر مكانًا: الأعراف، والرعد، والنحل.
وبني إسرائيل، ومريم، والحج في مكانين، والفرقان، والنمل.
وسجدة الأحزاب، وص، وسجدة المؤمن، والنجم، وإذا السماء انشقت، واقرأ باسم ربك. غير أنهم اختلفوا في الحج: فمنهم
من سجد فيها سجدة، ومنهم من سجد سجدتين، ونحن نذهب إلى
سجدتين.
واختلفوا في سجدة ص: فمنهم من لم يسجد فيها وقال: هي توبة
نبي.
وقال الشافعي: هي سجدة شكر، كأنه يريد شكر داود - عليه
السلام - حين عرفه الله - تبارك وتعالى - ذنبه حتى تاب منه، وبكى عليه

(4/495)


أيام حياته، وأنا أرى السجود فيها.
فقد روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، غير حديث صحيح أنه
سجد فيها.
واختلفوا في السجود في المفصل: وهي سجدة
النجم، وإذا السماء انشقت، واقرأ باسم ربك، ونحن نسجد فيها
ثلاثتها.
ومثل قوله: (وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ (21) .
قوله: (مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113)

(4/496)


وقوله: (إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (15) .
فإن أخذ الإنسان بقول عمران بن حصين وسجد عند تلاوته في كل
موضع - غير الخمسة عشر - كان حسنًا، لأنها تذلل لله، وبراءة من
الكبر، وخلاف على الكفار.
* * *
قوله: (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (24)
حجة في أن البشارة تكون في
الخير والشر، كقلى له: ميو بَشِّرِ اَلْمُتَفِقِينَ لمحاَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) .
وقال في المؤمنين (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا (47) .
وأشباهه في القرآن.
* * *
قوله: (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (25) .
دليل على أن الاستثناء قد يجوز من غير جنسه، لأن المؤمن غير
الكافر، وقد استثني منه كما ترى، ومن قال: إن (إلا) قد تكون بمعنى (لكن) فقد ترك اللفظ وأتى بغيره، وإن كان قد قيل.

(4/497)


سورة البروج
قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا)
فتنوا أي: قتلوهم بالنار.
روي عن علي بن أبي طالب أنه قال: هم أناس من مذارع أهل
اليمن اقتتل مؤمنوها وكافروها فظهر مؤمنوها على كافريها ثم اقتتلوا
الثانية، ثم أخذ بعضهم على بعض المواثيق والعهود ألا يغدر بعضهم ببعض، فغدر بهم الكفار فأخذوهم أخذًا، ثم إن رجلا من المؤمنين قال لهم: هل لكم أن توقدوا نارًا تعرضونا عليها فمن بايعكم على دينكم فذاك الذي تشتهون، ومن لا استقدم النار فاسترحتم منه، فأججوا نارًا، وعرضوا عليها، فجعلوا يقتحمونها
ضنًّا بدينهم، حتى بقيت منهم عجوز، فكأنها تلكأت، فقال لها
طفل في حجرها: يا أمه امضي ولا تنافقي.

(4/498)


وفي قوله: (ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا) دليل - في ظاهره - على أن التوبة من قتل
المؤمنين مقبولة.
وأجمع المسلمون أنها من الكافر مقبولة في جملة توبته من الكفر، لأن
الإسلام يجب ما كان قبله.
واختلفوا فيها من المؤمن يقتل المؤمن عمدًا، وقد شرحته في سورة
بني إسرائيل.
* * *
قوله: (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12)
هو جواب القسم.
واختلف المفسرون في القسم، فروي عن يحي بن رافع أن
" السماء ذات البروج " قصور في السماء.

(4/499)


وقال قتادة: بروجها نجومها، وهكذا قال الضحاك بن مزاحم مثله.
واختلف -أيضاً - في (وَشَاهِدٍ وَمَشهُودٍ) ، فروى أبو الضحى.
عن أابن الزبير قال: " الشاهد " يوم الجمعة، و" المشهود " يوم
عرفة.

(4/500)


قال أبو الضحى: فلقيت الحسن، أو الحسين فذكرت ذلك، فقال:
ليس كما قال، الشاهد محمد، صلى الله عليه وسلم، والمشهود يوم
القيامة، وقرأ: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (41) .
وفي رواية أخرى عن أبي الضحى قال: فذكرته لمحمد بن علي.
وروي عن ابن عباس مثل قول ابن الزبير.

(4/501)


وروي عن شمر بن عطية قال: " الشاهد " يوم عرفة، و"المشهود"
يوم القيامة.
وروي عن مجاهد، قال: " الشاهد " ابن آدم، و" المشهود " يوم القيامة.

(4/502)


قوله: (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (22)
وجه القراءات فيه الخفض على أن يكون من نعت اللفظ، ليصير اللوح هو
المحفوظ.
وأما قراءة نافع، وابن محيصن (فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٌ) ، برفع " الظاء " على أن يكون نعتًا للقرآن،

(4/503)


فلا وجه له إلا أن يجعل المحفوظ في معنى المكتوب أي هو قرآن
مجيد مكتوب في لوح، لأن اللوح مخلوق تقع عليه حفظ الحراسة.
والقرآن لا يقع عليه حفظ الحراسة، إنما يقع عليه الإيعاء والكتابة.
وذلك أنه كلام الله غير مخلوق، صفة من صفات ذاته، ومحال أن
يحفظ نفسه، أو يحفظ صفته، أو يحفظه غيره، لأن هذا كفر، وإنما
يوقع الحفظ على القرآن من يجعله مخلوقًا، ومن جعله مخلوقًا فقد كفر.
وهذا شيء يغرب على أهل هذا الزمان، ويدق على أفهامهم، وهو
عند النحارير جلي واضح، وكذلك قوله -
سبحانه، في سورة الحجر -: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) ، فالذكر هو القرآن، و " الهاء " في (لَهُ) ليست
براجعة على الذكر، إنما هي راجعة على محمد - صلى الله عليه وسلم -

(4/504)


ومن لم يقرأ أوائل الآيات ويتدبرها، ويتعلق بأواخرها لم يهد
رشده، ولم يهذب فهمه، ألا ترى إلى إخبار الله - سبحانه
وتعالى، فى أول ابتداء الذكر - عن الكفار حيث قالوا لمحمد، صلى
اللَّه عليه وسلم: (وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6)
أي أنت مجنون في ادعائك أن الذكر تنزل عليك من السماء أمره.
(لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7) ، أي هلاّ تأتينا
بالملائكة فتشهد لك إنك صادق فيما تدعيه، فقال الله: (مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ (8) ، أي لو رأيتم الملائكة
الذي تنزل على، محمد، صلى الله عليه وسلم، عيانًا وسمعتم
شهادتهم له ما أمهلتم ولا أنظرتم، ولعوجلتم بالعقوبة قبل القيامة.
هذا أو معناه، والله أعلم.

(4/505)


ثم شهد هو - جل جلاله - لمحمد، صلى الله عليه وسلم، فقال:
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) ، أي نحفظ محمدًا من
مكروهكم، وغائلتكم وتكذيبكم فلا تصلون إلى قتله، ولا هضمه.
إلا ما تقولونه بألسنتكم، وهو بين.
ولو سمي محمد، صلى الله عليه وسلم، ذكرًا، لأن الذكر عليه
ينزل لاتسع ذلك في لسان العرب، وما ضاق، قال الله - عز
وجل - في آخر سورة الطلاق: (قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (10) رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ) ، فسمى الرسول - كما ترى بالذكر نصا.
ومن رد " الهاء " في " الحفظ " من متقدم أو متأخر على " الذكر " فقد
هفا، وقاله على السلامة، ولم يدر ما تحته مما أثرناه عليه، من هذا
الواضح البين، والله يعفو عنه إن شاء الله.
ومن لج من أهل زماننا فيه - جاهلاً أو متجاهلاً - فقد أنبت
للجهمية جناحًا وباء بسخط من الله، وصار معهم بالسوية.

(4/506)


وقوله - في سورة المائدة -: (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ) ، فإنما هو بما ألزموا أن يعوه، ولا ينسوه، ليدروا
كيف يحكمون بين الناس.
فإن قيل: أليس قد قلت - في سورة الطلاق -: إن في الرسول
ضميرًا كأنه قال: " وأرسل رسولاً، ".

(4/507)


قيل: ذلك احتمال، وما قلناه - ها هنا - ظاهره أن يكون الرسول تفسيراً
للذكر، والظاهر أولى من الاحتمال.

(4/508)


سورة الطارق
قوله تعالى: (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5)
عظة للإنسان، وتنبيه له على معرفة خلقه، وضعف تركيبه وعلى ما يزيل به
دواعي الكبر والنخوة عن نفسه، فلا ينازع فيها خالقه الذي لا يشاركه
في الكبرياء والعظمة، ولا يستطيل به على المخلوقين، إذ من يكون
هذا بدء خلقه، ثم يصير آخره إلى البلى والرفات، إلى أن يجدد اللَّه خلقه بالنشور يوم يحيي العظام النخرة، والأجسام البالية جدير بأن لا
يفارقه الذل والاستكانة في جميع الأحوال، ولا يتعرض بسخط من هو
قادر على رده في صلب أبيه قبل الآخرة، ثم الجنة والنار، وأنواع
الأهوال من ورائه.
* * *
قوله: (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15) وَأَكِيدُ كَيْدًا (16) .
رد على الجهمية في نفي الصفات بالكلية، وقد أخبر الله - سبحانه - عن نفسه بأنه يكيد بلفظ " الكيد " الذي أخبر به عن الكائدين، وهم ينكرونه، يردون نص القرآن، نعوذ باللَّه من صفاقه الوجه، وقلة الدين.

(4/509)


سورة الأعلى
قوله - عز وجل -: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) .
فيه - والله أعلم - ضمير " الباء "، ثم نزعت عنه - في اللفظ - فانتصب الاسم، كما قال - في موضع آخر - (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) ، فخفض الاسم مع إظهارها، فلا يكون لمن يجعل الاسم والمسمى واحدًا متعلق.
* * *
قوله: (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (3)
دليل على نفي

(4/510)


الاستطاعة وإعلام أن من لا يقدر على أن يكون خلقًا بنفسه، لا يقدر أن
يهتدي بنفسه حتى يُهدى، كما لا يقدر أن يكون خلقًا حتى يخُلق.
* * *
قوله: (سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6) إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ) .
الاستثناء - ها هنا - بمشيئة الله، دليل على أن قوله: (وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيطَانُ) ، داخل إنساؤه تحت إنساء الله، لأنه لا يقدر على إنسائيه وحده، ولا يكون شريكًا معه، وإن إضافة المشيئة إليه - في ذلك الموضع - على
مجاز اللغة، لا على حقيقة القدرة.
* * *
قوله: (فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (9)
أي لا تنفع الكافر، كما تنفع المؤمن، والله أعلم.
وفي قوله: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55) .
ألا تراه يقول - سبحانه -: (سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (10) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (11) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (12) .

(4/511)


قوله: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15)
منهم من قال: يكون عمله زاكيًا.
وروي عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم: " أنها صدقة الفطر "، لقوله (وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15) ، كأنه يخرج صدقة
الفطر، ثم يخرج إلى الفطر فيصليها.

(4/512)


سورة الغاشية
قوله - تعالى -: (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1) ، إلى قوله: (لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (7) .
دليل على اختصار الكلام، والإشارة إلى المعنى، لأن الغاشية - والله أعلم - هي القيامة، فلم
يذكر يومها، واختصر على فعلها، ثم قال: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (3) .
فذكر الوجوه وحدها، وهي لا تكون منفردة
عن الأجسام بهذه الأوصاف إلا بمشاركتها، ثم قال: (تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً (4) ، وهي لا تصليه وحدها، ثم قال: تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (5) ، وإنما تسقى البطون، فأخبر بكل ذلك عن الوجوه.
لأنها غرة الأبدان، وأرفع شيء في الأجساد، والله أعلم.
وكذلك الوجوه الأخر التي وصفها بالناعمة، وهي تنعم مع أبدانها،

(4/513)


ولا تنفرد بسعيها، وتكون مع الأبدان في الجنة العالية، و (لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً (11) ، إلى آذانها فنسب كل ذلك إليها اختصارًا، وفصاحة
وإشارة إلى المعاني المفهومه عند العرب، الذين نزل القرآن بلغتهم.
* * *
وقوله: (لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (6) لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (7)
يقال: هو الشبرق (1) المحمى.
ويقال: نبت لا ينجع ولا ينمي في البدن، وإذا أكلته الإبل ردته
من فورها بالسلح، فلم يسمنها، ولا ذهب بجوعها.
وقد قيل: إنه - تبارك وتعالى - ضربه مثلاً، لا أنه يكون الضريع
بعينه.
__________
(1) قال الزجاج: الشبرق جنس من الشوك، إذا كان رطبًا فهو شبرق، فإذا يبس فهو الضريع. معاني القرآن وإعرابه (5/ 317) . وقوله: فإذا يبس فهو الضريع هذا تسمية أهل الحجاز، اللسان، " شبرق ".

(4/514)


وهذا لا أحبه، لأنه يدعو إلى مضارعة من ينكر النبات في النار، ويرده
إلى فطرة العقل، ويقول: كيف يجتمع النبت والنار في مكان واحد؟.
وهذا جهل وإنكار قدرة الرب، الذي جعل النار على خليله إبراهيم -
صلى الله عليه - بردًا وسلامًا، وحولها عليه روضة خضراء، وكما
قال في سورة والصافات: (أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (63) إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ (65) .
يقال: إن الشياطين ها هنا الحيات. ورؤوسها مجتمع سمومها فمن
ينكر قدرة الباري - في مثل هذه الأشياء التي تنبو عنها العقول - فليس
بمؤمن، ولا له في الإسلام حظ، نعوذ ب الله من مثل هذه المقاتلة.
ونسأله التمسك بتوحيده، والإيمان بكل هذه الأشياء من قدرته، جل
وتعالى.

(4/515)


سورة الفجر
* * *
قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) .
إلى قوله: (فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) ، تنبيه وتقريع لمن بعدهم أن لا يعملوا بمثل عملهم فينزل، بهم ما أنزل بأولئك، مع بأسهم.
وشدتهم، وعددهم، وأموالهم التي أنفقوها في ذات العماد، وما
فعلته ثمود جوب الصخر بالواد، وفرعون ذي الأوتاد فاعل أفاعيله الهائلة المنكرة، كيف أفناهم، وأبادهم، ومحا آثارهم، وجعلهم عبرة للمعتبرين، وعظة للمتعظين.
وفي قوله: في إرم: (الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (8) ، رد على
المعتزلة في الخلق، لأنا نعلم أن الله سبحانه لم يخلقها - معمولة كهيئتها
- وإنما عملها عبادة. فإن رُد الخلق من عملهم إلى الله دل على خلق
الأفعال.

(4/516)


وإن رد إليهم فقد أخبر عنهم باللفظ الذي يخبر عن الله في الخلق.
وأيهما كان فهو حجة عليهم، ولا ثالث له.
* * *
قوله: (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14)
حجة عليهم أيضاً في ذكر
المرصاد، لأنه مكان.
وجاء في التفسيبر: أنه يضع كرسيه على جسر جهنم، فيقول: "
وعزتي وجلالي لا تجوزي اليوم بظلم ظالم، ولو ضربة بيده ".
* * *
وقوله: (وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا)
حجة عليهم شديدة بذكر
الجية، وهو نظير قوله - في سورة البقرة -:

(4/517)


(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ) ، وهي حجة خانقة لهم، شديدة عليهم.

(4/518)