جامع البيان في القراءات السبع

الباب الأول دراسة المؤلف
الفصل الأول: المؤلف وسيرته 6
الفصل الثاني: ثقافته ومجال إبداعه وأقوال العلماء فيه 14
الفصل الثالث: شيوخه وتلاميذه ومؤلفاته 27

الفصل الأول المؤلف وسيرته العلمية
المبحث الأول مصادر ترجمته مرتبة ترتيبا زمنيا:
1 - جذوة المقتبس للحميدي، ت 488 هـ، ص 305.
2 - فهرسة ابن خير الإشبيلي، ت 577 هـ، 1/ 43.
3 - الصلة لابن بشكوال، ت 578 هـ، 2/ 385.
4 - بغية الملتمس لابن عمير الضبي، ت 599 هـ، 411.
5 - معجم الأدباء لياقوت «1»، ت 626 هـ، 12/ 121 - 128.
6 - إنباه الرواة للقفطي، ت 656 هـ، 2/ 341.
7 - طبقات علماء الحديث، لابن عبد الهادي، ت 744 هـ، 3/ 314.
8 - تذكرة الحفاظ للذهبي، ت 748 هـ، 3/ 1120.
9 - معرفة القراء الكبار للذهبي 1/ 406، تحقيق بشار عواد.
10 - سير أعلام النبلاء للذهبي 18/ 77
11 - تاريخ الإسلام للذهبي ج 13 ل 205/ ظ.
12 - العبر للذهبي 3/ 207.
13 - مفتاح السعادة ومصباح السيادة، لابن قيم الجوزية، ت 751 هـ، 2/ 41.
14 - الديباج المذهب لابن فرحون، ت 799 هـ، 2/ 84.
15 - كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر لابن خلدون، ت 808 هـ، ص 437 - 438.
__________
(1) وقد أخطأ حيث قسم أخباره على ترجمتين إحداهما للأندلسي، والأخرى لابن الصيرفي يحسبهما اثنين وهما لقبان لشخص واحد.

(1/6)


16 - غاية النهاية لابن الجزري، ت 833 هـ، 1/ 503.
17 - النجوم الزاهرة، لابن تغري بردي، ت 874 هـ، 5/ 54.
18 - طبقات المفسرين للداودي، ت 945 هـ، 1/ 373.
19 - نفح الطيب للمقري، ت 1041 هـ، 2/ 135.
20 - شذرات الذهب لابن العماد، ت 1089 هـ، 3/ 272.
21 - الرسالة المستطرفة، لمحمد بن جعفر الكتاني، ت 1345 هـ، ص 139.
22 - شجرة النور الزكية في طبقات المالكية، لمحمد مخلوف، ت 1360 هـ، ص 11.
23 - معجم المؤلفين لكحالة، ت 1987 م، 6/ 254.
24 - الأعلام للزركلي، ت 1976 م، 4/ 206.
25 - تاريخ الأدب العربي لبروكلمان. الأصل 1/ 517، والذيل 1/ 719 بالألمانية.

(1/7)


المبحث الثاني اسمه وسيرته:
هو أبو عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان بن عمر، الأموي، مولاهم، القرطبي ثم الداني، المعروف في زمانه بابن الصيرفي. وانفرد بروكلمان فذكر في نسبته (المنيري)، ولم نقف عليها عند غيره في مصادر ترجمته.
أما سيرته فلعل أبلغ وأصدق ما تكون الترجمة، حينما تكون من صاحبها، فهو أعرف الناس بنسبه وبمراحل حياته وأدوارها، فعن أبي داود سليمان بن نجاح «1»، تلميذ الداني قال:" كتبت من خط أستاذي أبي عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان، المقرئ، بعد سؤالي عن مولده: يقول عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد بن عمر الأموي، القرطبي، الصيرفي: أخبرني أبي أني ولدت في سنة اثنتين وسبعين وثلاث مائة، وابتدأت في طلب العلم سنة ست وثمانين، وتوفي أبي في سنة ثلاث وتسعين في جمادى الأولى.
فرحلت إلى المشرق في اليوم الثاني من المحرم، يوم الأحد، في سنة سبع وتسعين، ومكثت بالقيروان أربعة أشهر، ولقيت جماعة، وكتبت عنهم.
ثم توجهت إلى مصر، ودخلتها اليوم الثاني من الفطر، من العام المؤرخ، ومكثت بها باقي العام، والعام الثاني، وهو عام ثمانية، إلى حين خروج الناس إلى مكة، وقرأت بها القرآن، وكتبت الحديث، والفقه، والقراءات وغير ذلك عن جماعة من المصريين، والبغداديين، والشاميين وغيرهم.
ثم توجهت إلى مكة، وحججت، وكتبت بها عن أبي العباس أحمد البخاري، وعن أبي الحسن بن فراس، ثم انصرفت إلى مصر، ومكثت بها شهرا، ثم انصرفت إلى المغرب، ومكثت بالقيروان أشهرا.
ووصلت إلى الأندلس أول الفتنة، بعد قيام البرابرة على ابن عبد الجبار بستة أيام، في ذي القعدة سنة تسع «2» وتسعين، ومكثت بقرطبة إلى سنة ثلاث وأربع مائة،
__________
(1) انظر ترجمته في تلاميذ الداني.
(2) في معجم الأدباء لياقوت 12/ 127: إحدى وتسعين، وهو خطأ.

(1/8)


وخرجت منها إلى الثغر «1»، فسكنت سرقسطة «2» سبعة أعوام، ثم خرجت منها إلى الوطة «3»، ودخلت دانية «4» سنة تسع وأربع مائة، ومضيت منها إلى ميورقة «5» في تلك السنة نفسها، فسكنتها ثمانية أعوام، ثم انصرفت إلى دانية سنة سبع عشرة وأربع مائة «6».
لا ريب أن الداني لم يستوف في هذه العجالة أسماء كل المناطق والبلاد التي رحل إليها، وإنما اكتفى بذكر أهمها وأبرزها، حيث إن المصادر تحدثنا عن رحلته إلى إستجة «7» وبجّانة «8» وغيرهما من بلاد الثغر، حيث سمع من شيوخها كثيرا «9».
كما أنه دخل أبّدة «10»، وقرأ، وسمع فيها «11»، ودخل المريّة «12»، وأقرأ فيها
__________
(1) المناطق الشرقية، وهي المتاخمة لبلاد النصارى.
(2) بفتح السين والراء وضم القاف بعدها سين ساكنة، بلدة على ساحل البحر، وهي من أقصى ثغور الأندلس في شرقها، والبساتين محدقة بها من كل ناحية. انظر: نفح الطيب 1/ 197، معجم البلدان 3/ 212.
(3) كذا في معجم الأدباء، ولم أجدها، ولعل فيها تحريفا.
(4) بكسر النون وفتح الياء، مدينة بالأندلس، من أعمال بلنسية، على شاطئ البحر شرقا، كثيرة البساتين، اشتهرت بكثرة قرائها. انظر: معجم البلدان 2/ 434، الروض المعطار لابن عبد المنعم الحميري: 231.
(5) بفتح الميم وضم الياء وإسكان الواو والراء، جزيرة في شرق الأندلس، بالقرب منها جزيرة يقال لها منورقة بالنون، كانت قاعدة ملك مجاهد العامري. معجم البلدان 5/ 246.
(6) معجم الأدباء 12/ 125 - 127.
(7) بكسر الهمزة والتاء وإسكان السين بينهما، اسم لكورة بالأندلس بين القبلة والمغرب من قرطبة على نهر سنجل، بينها وبين قرطبة عشرة فراسخ، وهي كورة قديمة واسعة الرساتيق والأراضي.
انظر معجم البلدان 1/ 174.
(8) بفتح الباء وتشديد الجيم، مدينة بالأندلس من أعمال كورة إلبيرة، خربت وانتقل أهلها إلى المرية، وبينها وبين المرية فرسخان. انظر: معجم البلدان 1/ 339.
(9) انظر: الصلة 2/ 385.
(10) بالضم ثم الفتح والتشديد، اسم مدينة صغيرة بالأندلس، من كورة جيان تعرف بأبدة العرب، لها مزارع وغلات كثيرة. معجم البلدان 1/ 64، صفة جزيرة الأندلس 11.
(11) انظر: غاية النهاية 1/ 392.
(12) بفتح الميم وكسر الراء وتشديد الياء، مدينة كبيرة على ساحل البحر من كورة البيرة، وأهلها من أكثر أهل الأندلس مالا ومتاجر. انظر: نفح الطيب 1/ 163، معجم البلدان 5/ 119.

(1/9)


مدّة «1».
ورحلات الداني هذه بعضها كان قبل ارتحاله إلى المشرق، وبعضها بعد عودته إلى الأندلس، كما أن بعضها كان طلبا للسّماع من الشيوخ، وبعضها كان طلبا للأمن والاستقرار «2»، بعد أن عاثت الفتن في أرجاء قرطبة فسادا كبيرا.
واستقر به المقام في دانية، لأن ملكها يومئذ مجاهد بن يوسف بن علي، من فحول موالي العامريين، خرج من قرطبة يوم قتل المهدي سنة أربع مائة، واستولى على دانية، فحكمها من سنة (405 - 436) «3» ثم ابنه علي إقبال الدولة من سنة (436 - 468) «4» وكان مجاهد" معتنيا بفن القراءات من بين فنون القرآن؛ لما أخذه به مولاه المنصور بن أبي عامر، واجتهد في تعليمه وعرضه على من كان من أئمة القراء بحضرته، فكان سهمه في ذلك وافرا" «5».
" وكان أبو الحبيش مجاهد يستجلب القراء، ويفضل عليهم، وينفق عليهم الأموال، فكانوا يقصدونه، ويقيمون عنده، فكثروا في بلاده" «6».
وكان لأبي عمرو الداني صلة بالأمير مجاهد، الذي كان مشغوفا بالعلوم التي حصلها أبو عمرو «7»، فاستمرت إقامة أبي عمرو في دانية حتى نهاية عمره، رحمه الله.
ولم يحدثنا الداني في تلك العجالة عن أسرته، كما أن المصادر قد ضنت علينا، فلم تحدثنا عنها كذلك، وكل الذي نعرفه أن والده كان صيرفيا، وهذا يعني أنه كان ثريا، وإن كان الثراء غالبا في أهل قرطبة «8»، وقد ترجم ابن بشكوال لوالده فقال:
" سعيد بن عثمان بن سعيد بن عمر الأموي، من أهل قرطبة، يكنى أبا عثمان، وهو
__________
(1) بغية الملتمس: 412.
(2) انظر: دائرة المعارف الإسلامية 9/ 116 من الترجمة العربية.
(3) انظر: تاريخ ابن خلدون، المسمى العبر وديوان المبتدأ والخبر 4/ 354، دائرة المعارف الإسلامية 9/ 120 (الترجمة العربية).
(4) انظر: مقدمة ابن خلدون 3/ 995.
(5) انظر: مقدمة ابن خلدون 3/ 995.
(6) معجم البلدان 2/ 434.
(7) انظر: دائرة المعارف الإسلامية 9/ 116.
(8) انظر: تفح الطيب 1/ 558.

(1/10)


والد الحافظ أبي عمرو المقرئ، حدّث عنه ابنه أبو عمرو بحكايات عن شيوخه" «1».
هذا النص يدل على أن المؤلف كان أكبر أولاد أبيه، وأن والده كان له صلة بالعلم وأهله، وأغلب الظن أن هذه الصلة لم تكن واسعة ولا متينة، والله أعلم.
أما أولاده فلا نعرف منهم غير أبي العباس أحمد «2»، الذي قرأ على أبيه، وتصدّر للإقراء بدانية، وتوفي سنة إحدى وسبعين وأربع مائة.
__________
(1) الصلة 1/ 207.
(2) انظر ترجمته في الصلة 1/ 65، غاية النهاية 1/ 80.

(1/11)


المبحث الثالث عقيدته
أبو عمرو الداني الإمام في علوم الكتاب والسنّة كان في عقيدته ملتزما لنصوص الكتاب والسنة، بعيدا عن زيغ أهل الأهواء، وضلالات المبتدعة، يثبت لله تعالى صفات الكمال، دون تشبيه ولا تعطيل، فيقول في أرجوزته في أصول السنة «1»:
تدري أخي أين طريق الجنة ... طريقها القرآن ثم السنة
ويقول فيها مؤكدا ضرورة قبول خبر الواحد إذا كان رواته من الأئمة:
ومن عقود السنة الإيمان ... بكل ما جاء به القرآن
وبالحديث المسند المروي ... عن الأئمة عن النبي
ويقول في إثبات الصفات لله تعالى دون تشبيه ولا تعطيل:
كلم موسى عبده تكليما ... ولم يزل مدبرا حكيما
كلامه وقوله قديم ... وهو فوق عرشه العظيم
ويقول أيضا:
ومن صحيح ما أتى به الخبر ... وشاع في الناس قديما وانتشر
نزول ربنا بلا امتراء ... في كل ليلة إلى السماء
من غير ما حد ولا تكييف ... سبحانه من قادر لطيف
ويقول في التحذير من أهل الأهواء:
أهون بقول جهم الخسيس ... وواصل وبشر المريسي
ذي السخف والجهل وذي العناد ... معمر وابن أبي داود
وابن عبيد شيخ الاعتزال ... وشارع البدعة والضلال
__________
(1) انظر سير أعلام النبلاء 18/ 81 - 83.

(1/12)


والجاحظ القادح في الإسلام ... وجبت هذي الأمة النظام
والفاسق المعروف بالجبّائي ... ونجله السفيه ذو الخناء
واللاحقيّ وأبي هذيل ... مؤيدي الكفر بكل ويل
وذي العمى ضرار المرتاب ... وشبههم من أهل الارتياب
ويمضي في أرجوزته يدعو لحب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومدحهم وأن أفضلهم الصديق ثم الفاروق، ويذكّر بما صح من الأخبار من رؤية الله تعالى يوم القيامة، وضغطة القبر، ومنكر ونكير «1»، إلى آخر أبحاث العقدية.
ويبدو أن هذه الأرجوزة كانت مشهورة إلى أيام الذهبي، حيث يصفها بقوله:
الأرجوزة السائرة «2»، والله أعلم.
__________
(1) انظر: سير أعلام النبلاء 18/ 82 - 83.
(2) سير أعلام النبلاء 18/ 81.

(1/13)