جامع البيان في القراءات السبع الفصل الثاني خطة
الكتاب ومنهجه
المبحث الأول منهج المؤلف في
الكتاب:
عرض المؤلف خطة كتابه في مقدمته عرضا شافيا كافيا، فقال:" أما
بعد، أيدكم الله بتوفيقه، وأمدكم بعونه وتسديده، فإنكم
سألتموني إسعافكم برسم كتاب في اختلاف الأئمة السبعة بالأمصار،
محيط بأصولهم وفروعهم، مبين لمذاهبهم واختلافهم، جامع للمعمول
عليه من رواياتهم، والمأخوذ به من طرقهم، ملخص للظاهر الجلي،
موضح للغامض الخفي، محتو على الاختصار والتقليل، خال من
التكرار والتطويل، قائم بنفسه مستغن عن غيره، يذكّر المقرئ
الثاقب، ويفهم المبتدئ الطالب، ويخف على الناسخ، ويكون عونا
للدارس، فأجبتكم إلى ما سألتموه، وأسعفتكم فيما رغبتموه، على
النحو الذي أردتم، والوجه الذي طلبتم" «1».
ويزيد خطته بيانا وتفصيلا فيقول:" وذكرت لكم الاختلاف بين أئمة
القراء في المواضع الذي «2» اختلفوا فيها من الأصول المطردة،
والحروف المتفرقة، وبينت اختلافهم بيانا شافيا، وشرحت مذاهبهم
شرحا كافيا، وقرّبت تراجمهم وعباراتهم، وميزت بين طرقهم
ورواياتهم، وعرّفت بالصحيح السائر، ونبّهت على السقيم الداثر
«3».
ثم يحدد شرطه في الرواة عن أئمة القراءة، فيقول:" وأفردت قراءة
كل واحد من الأئمة برواية من أخذ القراءة عنه تلاوة، وأدى
الحروف عنه حكاية، دون رواية من
__________
(1) الفقرة: 6 من جامع البيان.
(2) بمعنى التي، وهذا مذهب الأخفش، (الذي) يكون للواحد والمثنى
والجمع. همع الهوامع للسيوطي 1/ 285.
(3) الفقرة: 7.
(1/46)
نقلها مطالعة في الكتب، ورؤية في الصحف، إذ
الكتب والصحف غير محيطة بالحروف الجلية، ولا مؤدية عن الألفاظ
الخفية، والتلاوة محيطة بذلك، ومؤدية عنه «1».
ثم يسمي الرواة على ما اشترطه مع طرق كل واحد منهم، فيبلغ بهم
أربعين رواية، من مائة وستين طريقا عن القراء السبعة، ويصف هذه
الروايات والطرق بقوله:
" هي التي أهل دهرنا عليها عاكفون، وبها أئمتنا آخذون، وإياها
يصنفون وعلى ما جاءت به يعولون" «2».
ويردف ذلك ببيان طريقته في عرض وجوه القراءات، فيقول:" فإذا
اتفق الرواة من طرقهم عن الإمام على أصل أو فرع سميت الإمام
دونهم، وإذا اختلفوا عنه سميت من له الرواية منهم، وأهملت اسم
غيره.
وإذا اتفقت الأئمة كلهم على شيء، أضربت عن اتفاقهم، إلا في
أماكن من الأصول، ومواضع من الحروف، فإني أذكر ذلك فيها:
ألنكتة أدل عليها أهملها المصنفون.
ب أو لداثر أنبه عليه أغفله المتقدمون.
ج أو لغامض خفي أكشف عن خاصّ سرّه، وأعرّف بموضع غموضه
د أو لوهم وغلط وقع في ذلك، فأرفع الإشكال في معرفة حقيقته،
وأفصح عن صحة طريقته" «3».
ثم يصل ذلك بعرض طريقته في جميع مادة الكتاب، فيقول:" ولا أعدو
في شيء مما أرسمه في كتابي هذا: ما قرأته لفظا، أو أخذته أداء،
أو سمعته قراءة، أو رأيته عرضا، أو سألت عنه إماما، أو ذكرت به
متصدرا، أو أجيز لي، أو كتب به إلي، أو أذن لي في روايته، أو
بلغني عن شيخ متقدم، أو مقرئ متصدر بإسناد عرفته وطريق ميزته،
أو بحثت عنه عند عدم النص والرواية فيه، فألحقته بنظيره،
وأجريت له حكم شبيهه" «4».
__________
(1) الفقرة: 32.
(2) الفقرة: 32.
(3) الفقرة: 33.
(4) الفقرة: 34.
(1/47)
ويذيّل كلامه هذا، بتوضيح مصطلحه في تسمية
القراء، فيقول:" وإذا اتفق نافع وابن كثير، قلت: قرأ الحرميان،
وإذا اتفق عاصم وحمزة والكسائي قلت: قرأ الكوفيون، طلبا
للتقريب على الملتمس، ورغبة في التسهيل على الطالبين" «1».
ويختم خطته المفصّلة، بالحديث عن الأبحاث التي سيقدّم بها
للكتاب، فيقول:
" وذلك بعد الاستفتاح بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«أنزل القرآن على سبعة أحرف» وبيان معناه، وشرح تأويله، ثم
نتبعه بذكر الوارد من الأخبار في الحض على اتباع السلف والأئمة
في القراءة، والتمسك بما أدّوه، والعمل بما تلقوه. ثم نصل ذلك
بذكر أسماء القراء والناقلين عنهم، وأنسابهم، وكناهم،
ومواطنهم، ووفياتهم، وبعض مناقبهم، وأحوالهم، وتسمية أئمتهم
الذين أخذوا عنهم الحروف وقيدوها، وأدّوا إليهم القراءة
وضبطوها، وتسمية الذين نقلوا إلينا ذلك عنهم رواية وتلاوة"
«2».
ولا يفوته في هذه الخطّة الحافلة أن يبين لنا اهتمامه،
واجتهاده، وعنايته في إعداد هذا الكتاب، وتصنيفه فيقول:"
وبالغت في تلخيص ذلك وتقريبه، واجتهدت في إيضاحه وتهذيبه،
وأعطيته حظا وافرا من عنايتي، ونصيبا كاملا من درايتي" «3».
تلك هي خطة المؤلف في تصنيف الكتاب، وهي خطة مترابطة الحلقات،
متسلسلة الأفكار، محكمة البناء، على أحسن ما تكون خطة كتاب
ترابطا وتسلسلا وتناسقا وإحكاما.
__________
(1) الفقرة: 35.
(2) الفقرة: 35.
(3) الفقرة: 4.
(1/48)
المبحث الثاني مدى
التزام المؤلف بنود خطته في الكتاب:
من خلال دراستنا كتاب جامع البيان في القراءات السبع، تبين لنا
بوضوح وجلاء، أن المؤلف قد وفّى بالتزامه، ونفّذ بنود خطّته،
فجاء كتابه متين البناء، متسلسل الأبواب، أخذ فيه كل موضوع
حقّه من البحث والنقاش.
فقد ابتدأ كتابه بباب (ذكر الخبر الوارد عن النبي صلى الله
عليه وسلم بأن القرآن أنزل على سبعة أحرف، وبيان ما ينطوي عليه
من المعاني، ويشتمل عليه من الوجوه) ساق فيه من روايات الحديث
ما فيه كفاية ومقنع، ثم بحث في معناه من خلال إجابته على خمسة
أسئلة:
أولها: ما معنى الأحرف التي أرادها النبي صلى الله عليه وسلم
هاهنا؟ وكيف تأويلها؟
والثاني: ما وجه إنزال القرآن على هذه السبعة أحرف؟ وما المراد
بذلك؟
والثالث: في أي شيء يكون اختلاف هذه السبعة أحرف؟
والرابع: على كم معنى يشتمل اختلاف هذه السبعة أحرف؟
والخامس: هل هذه السبعة أحرف كلها متفرقة في القرآن موجودة فيه
في ختمة واحدة؟.
وقد جاء بحث الداني في الباب رائعا رائقا، زاخرا بالأمثلة
والشواهد، ثم ختم الباب بإيراد جملة ما يعتقده ويختاره في
موضوع إنزال القرآن، وكتابته، وجمعه، وتأليفه، وقراءته،
ووجوهه.
والباب الثاني: جاء بعنوان (ذكر الأخبار الواردة بالحض على
اتباع الأئمة من السلف في القراءة والتمسك بما أدّاه أئمة
القراءة عنهم منها) ساق فيه روايات كثيرة عن الصحابة
والتابعين، لم يجمعها كتاب آخر في حدود ما نعلمه، والله أعلم.
وترجم في الباب الثالث للقراء السبعة ورواتهم الذين اعتمدهم في
جامع البيان، فجاءت تراجمهم حافلة، مدعّمة بالأسانيد المتصلة.
ورابع أبواب المقدمة تحدث فيه عن أسانيد القراء السبعة في تلقي
القراءات إلى
(1/49)
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو باب
واسع ينم عن سعة رواية، وعمق بحث، خاصة في تعرضه لتضعيف محمد
ابن جرير الطبري اتصال قراءة ابن عامر. فقد روى حجة ابن جرير،
ثم كرّ على مقالته بالتفنيد والتزييف، يؤيد آراءه بالروايات،
ويدعّم حججه بالأسانيد، في ردّ طويل مسهب ومقنع.
وخامس أبواب المقدمة- وهو آخرها- سرد فيه أسانيده بالروايات
والطرق التي اعتمدها في جامع البيان عن القراء السبعة.
ثم شرع في بيان اختلاف القراء في أبواب الأصول، مبتدئا بذكر
اختلافهم في الاستعاذة، فالبسملة، فسورة فاتحة الكتاب، ثم ذكر
اختلاف القراء في ضم ميم الجمع وفي إسكانها، ثم مذهب أبي عمرو
في الإدغام، ثم قال:" ذكر اختلافهم في سورة البقرة، فأول ما
أقدّم من اختلافهم فيها مذاهبهم في الأصول التي تطّرد، ويكثر
دورها، ويجري القياس فيها، وأرتب لذلك أبوابا، وأجعله فصولا،
ثم أتبعه بذكر الحروف التي يقلّ دورها، ولا يجري قياس عليها
سورة سورة إلى آخر القرآن إن شاء الله" «1».
وتحدث عن أبواب الأصول واحدا واحدا، ثم ذكر فرش الحروف سورة
سورة إلى آخر القرآن.
والداني يعرض اختلاف القراء ورواتهم عرضا مفصّلا مبسّطا،
بعبارة سلسة، وقلم سيّال، ويناقش الروايات في مواطن الخلاف،
فيبين الرواية الصحيحة الشائعة عند القراء، التي عليها العمل،
والرواية الشاذة التي لم يعمل بها القراء، ولم يأخذ بها أهل
الأداء، وتراه في الترجيح يقول:" وبذلك قرأت، وعلى ذلك أهل
الأداء" «2».
أو يقول:" بهذا قرأت، وبه آخذ" «3».
أو يقول:" وكذلك قرأت، وهو الذي يوجبه القياس، ويحققه النظر،
وتدلّ عليه الآثار، وتشهد بصحته النصوص، وهو الذي أتولاه، وآخذ
به" «4».
__________
(1) الفقرة: 1222.
(2) الفقرة: 1275.
(3) الفقرة: 1221.
(4) الفقرة: 1300.
(1/50)
أو يقول:" والعمل في قراءة عاصم من جميع
طرقه، والأخذ له في كل رواياته، بالفصل بالتسمية لا غير" «1».
أو يقول:" والعمل عند عامّة أهل الأداء من البغداديين: ابن
مجاهد وابن شنبوذ، وابن المنادي وغيرهم على الأوّل، وعلى جميع
الرقيين، وبذلك قرأت على جميع شيوخي، وبه آخذ" «2».
وفي التضعيف يقول:" وليس عليه العمل" «3»، أو يقول:" وهذا خلاف
لقول الجماعة أيضا في سائر الباب" «4».
وفي المواطن التي يكون الخلاف فيها قويا، يسهب الداني في
المناقشة والرد، ويكثر من إيراد الروايات، حتى يظن أن القارئ
لم يبق عنده أدنى ريبة في صحة ما يرى، ورجحان ما يقول. ففي رده
على من يأخذ لورش بالمد الطويل، عند ما تتقدم الهمزة على حرف
المد، يطول نفس الداني في إيراد الحجج والأدلة، ومناقشة
النصوص، وردّ بعضها إلى بعض، حتى يستغرق الصفحات الكثيرة «5».
والداني في مناقشاته وترجيحاته يعتمد على الرواية والأثر،
ويستعمل القياس والنظر، ويستشهد بأقوال النحويين. غير أنه لا
يقدّم على صحيح الرواية قياسا، ولا على ثابت الأثر نظرا ولا
لغة. يقول عند رواية الإسكان لأبي عمرو في راء بارئكم:"
والإسكان أصحّ في النقل، وأكثر في الأداء، وهو الذي أختاره
وآخذ به" «6». ثم يقول:" وأئمة القراءة لا تعمل في شيء من حروف
القرآن، على الأفشى في اللغة، والأقيس في العربية. بل على
الأثبت في الأثر، والأصح في النقل، والرواية إذا ثبتت لا
يردّها قياس عربية، ولا فشوّ لغة، لأن القراءة سنّة متبعة،
يلزم قبولها والمصير إليها" «7».
__________
(1) الفقرة: 1037.
(2) الفقرة: 1047.
(3) الفقرة: 1122.
(4) الفقرة: 1419.
(5) انظر الفقرات: 1350 - 1293.
(6) انظر النسخة ت ل 114/ ظ.
(7) النسخة ت ل 114/ ظ.
(1/51)
ويقول:" والمذهبان حسنان بالغان، غير أن
الأول أقيس، والثاني آثر، وعليه عامة أهل الأداء" «1».
وأخيرا، فمادة جامع البيان العلمية مادة وفيرة، تذخر بالآثار،
والأمثلة، والشواهد من القرآن الكريم التي تفوق العدّ والحصر،
والمناقشات العلمية، والترجيحات المدعمة بأقوى الأدلة رواية،
ولغة، وقياسا، يعرض الداني ذلك علينا في تسلسل وترابط محكم،
وتناسق وانسجام، بعبارة سهلة، وأسلوب عذب، وقلم سيّال
بالمترادفات الكثيرة، والعبارات المتزاوجة. وتلك صبغة في أسلوب
أهل الأندلس، وميزة في أدبهم وكتبهم.
__________
(1) الفقرة: 1380.
(1/52)
المبحث الثالث مصادر
المؤلف في كتابه:
مصادر الداني في جامع البيان تتوزع على قسمين: رواياته عن
الشيوخ، وكتب من سبقه من أئمة القراءات واللغة والتفسير.
أولا: رواياته عن شيوخه:
وهي المصدر الأهم، والأساسي له في جمع مادة الكتاب، وعلى هؤلاء
الشيوخ اعتمد غالبا في رواية وجوه القراءة، والخلاف بين
القراء، وفي ضبط الأداء. وشيوخ الداني الذين روى عنهم القراءة
في جامع البيان، عرضا «1» أو رواية حروف، كثيرون يربو عددهم
على الثلاثين شيخا، غير أن معظم روايته القراءة عرضا أو رواية
حروف كانت عن خمسة منهم، سبق ذكرهم في مسرد شيوخه.
__________
(1) عرض القراءة يكون بتلاوة التلميذ الآيات متسلسلة، على
الشيخ، من أول القرآن الكريم إلى آخره، ورواية الحروف تكون
بإحدى طريقتين:
الأولى: استماع التلميذ قراءة الشيخ الآيات متسلسلة من أول
القرآن إلى آخره.
والأخرى: استماع التلميذ لفظ الشيخ بحروف الخلاف فقط، دون
تلاوة متسلسلة وربما أدخلوا في رواية الحروف، عرض التلميذ حروف
الخلاف على الشيخ.
(1/53)
ثانيا: إفادته من
الكتب:
استفاد الداني من كتب الأئمة قبله، مما يتصل بموضوع كتابه،
ككتب القراءات وعلومها، وكتب النحو، وغيرها.
أما كتب القراءات فهي كثيرة تشمل رواية الوجوه، والوقف
والابتداء، وضبط الأداء، والأحرف السبعة.
وقد صرح الداني بأسماء بعضها، مثل كتاب قراءة أبي عمرو لابن
مجاهد، وكتاب الوقف والابتداء لمحمد بن واصل (ت 273) وكتاب
اللفظ للنحاس، في حين أنه لم يصرح في بعض آخر، مكتفيا بقال
فلان في كتابه، أو ذكر فلان في كتابه «1».
وأحيانا يسند الرواية إلى المؤلف، دون أن يشير إلى أنه أخذها
من أحد كتبه، فقد اقتبس كثيرا من الروايات من فضائل القرآن
لأبي عبيد، دون أن يذكر اسم الكتاب أو يشير «2» إلا أنه أخذ
الرواية من أحد كتب أبي عبيد مكتفيا بذكر الإسناد إلى أبي عبيد
«3»، وكذلك فعل في نقوله من كتاب الإيضاح في الوقف والابتداء
لابن الأنباري (ت 328) «4».
على أن أهم كتاب من مصادر الداني في جامع البيان، وأكثرها
اعتمادا عليه، هو كتاب السبعة لابن مجاهد (ت 324)، حيث إن
الداني ضمن كتابه معظم المادة العلمية لكتاب ابن مجاهد، سواء
في رواية القراءة ووجوهها، أو في تراجم القراء ومناقبهم،
وأسانيدهم.
ومما تجدر الإشارة إليه بهذا الصدد، أن الداني لم يعرض
القراءات بمضمون كتاب السبعة، وإنما أخذ الكتاب، رواية عن شيخه
محمد بن أحمد بن علي، عن ابن مجاهد، وأسانيده من طريق السبعة
في غاية العلو.
__________
(1) انظر على سبيل المثال الفقرات: 1251، 1380، 1578.
(2) انظر الفقرات: 37، 40، 41، 45.
(3) انظر الفقرات: 9، 24، 2413، 2442، 2449.
(4) انظر الفقرات: 1323، 2311، 2558.
(1/54)
وأما كتب اللغة فإنّ الداني اعتمد عليها في
الاستشهاد للروايات، ووجوه القراءة، ونقل آراء النحويين في
كثير من المسائل القرائية، ونلحظ في الكتاب تردد أسماء أئمة
اللغة والنحو مثل: سيبويه «1»، والزجاج «2». والسيرافي «3»،
وغيرهم، دون أن ينسب أقوالهم إلى كتبهم التي استقى منها.
هذا، ولعل تفسير محمد بن جرير الطبري (ت 310) من الكتب التي
استفاد منها الداني في جامع البيان دون أن يعزو إليها، حيث إنه
اقتبس عدة أسطر من مقدمة التفسير، دون أن يشير إلى أن هذا
الكلام ليس من إنشائه «4».
وقائمة الكتب التي اعتمدها الداني في كتابه هذا كبيرة، ستذكر
في قائمة الفهارس العامة، إن شاء الله وهي في غاية الأهمية،
لتقدم وفاة أصحابها، وفقدان كثير منها، بل إن بعضها قد لا تسمع
له ذكرا في غير كتاب الداني هذا، مثل كتاب البزّي (ت 250)،
وكتاب المفرد بقراءة حمزة، لمحمد بن يزيد الرفاعي (ت 248)،
وكتاب الجامع لأحمد بن جبير (ت 258)، وغيرها «5».
__________
(1) انظر الفقرة: 1339.
(2) انظر الفقرة: 1341.
(3) انظر الفقرة: 1341.
(4) الفقرة: 105.
(5) انظر فهرس الكتب التي وردت في الكتاب.
(1/55)
المبحث الرابع
الروايات والطرق التي اشتمل عليها الكتاب:
أورد الداني في هذا الكتاب الجليل، الشائع الذائع من الروايات،
والسائر الدائر من الطرق، فجاء بأربعين رواية عن القراء
السبعة، من مائة وستين طريقا فصّلها في خطبة كتابه فقال:"
فأفردت قراءة نافع برواية إسماعيل بن جعفر، من طريق عبد الرحمن
بن عبدوس وأحمد بن فرح، ومحمد بن محمد الباهلي عن أبي عمر
الدوري عنه، ومن طريق علي الكسائي، وسليمان الهاشمي، وأبي عبيد
الأسدي، وحسين المروروذي، وبريد بن عبد الواحد عنه.
وبرواية إسحاق المسيبي، من طريق ابنه محمد، وخلف بن هشام،
ومحمد بن سعدان، وعبد الله ابن ذكوان، وحمزة بن القاسم، وأحمد
بن جبير، وإسحاق بن موسى الأنصاري، ومحمد بن عمرو الباهلي،
وحماد بن بحر عنه.
وبرواية قالون، من طريق إسماعيل بن إسحاق القاضي، وأحمد بن
يزيد الحلواني والحسن بن علي الشحام، ومحمد بن هارون، وأحمد بن
صالح المصري، وإبراهيم بن الحسين الكسائي، وعبد الله بن عيسى
المدني، ومحمد بن عبد الحكيم القطري، ومصعب بن إبراهيم
الزبيري، ومحمد بن عثمان العثماني، وعبيد الله بن محمد العمري،
وسالم بن هارون المدني، والحسين بن عبد الله المعلم، وإبراهيم
وأحمد ابني قالون عنه.
وبرواية ورش من طريق أبي الأزهر العتقي، وأبي يعقوب الأزرق
المدني، وداود بن أبي طيبة، وأحمد بن صالح، ويونس بن عبد
الأعلى، وأبي بكر الأصبهاني عن أصحابه عنه.
وأفردت قراءة ابن كثير برواية أبي الحسن القواس، من طريق قنبل
بن عبد الرحمن المخزومي، وأحمد بن يزيد الحلواني وعبد الله بن
جبير الهاشمي عنه.
(1/56)
وبرواية أبي الحسن البزي، من طريق أبي
ربيعة محمد بن إسحاق الرّبعي، وإسحاق بن أحمد الخزاعي، وأبي
عبد الرحمن اللهبي، والحسن بن الحباب، ومحمد بن هارون، ومضر بن
محمد الضبي، وأبي معمر البصري عنه.
وبرواية أبي إسحاق: عبد الوهاب بن فليح، من طريق الخزاعي، وأبي
علي الحداد، ومحمد بن عمران الدينوري.
وأفردت قراءة أبي عمرو، برواية أبي محمد اليزيدي، من طريق أبي
عمر الدوري، وأبي شعيب السوسي، وأبي الفتح الموصلي، وأبي أيوب
الخياط، وأبي عبد الرحمن عبد الله، وأبي إسحاق إبراهيم، وأبي
علي إسماعيل أبناء اليزيدي، وأبي جعفر أحمد ابن أخيهم محمد،
وأحمد بن واصل، وأبي حمدون الطيب بن إسماعيل، وأبي خلاد سليمان
بن خلاد، وأبي جعفر بن سعدان، وأحمد بن جبير، ومحمد بن شجاع
عنه.
وبرواية أبي نعيم: شجاع بن أبي نصر، من طريق أبي عبيد: القاسم
بن سلام، وأبي نصر: القاسم بن علي، ومحمد بن غالب الأنماطي
عنه.
وأفردت قراءة ابن عامر برواية عبد الله بن ذكوان، من طريق
هارون بن موسى الأخفش، ومحمد بن موسى الصوري، وأحمد بن يوسف
التغلبي وأحمد بن أنس وأحمد بن المعلى، وعثمان بن خرزاذ عنه.
وبرواية هشام بن عمار، من طريق الحلواني، وإبراهيم بن عباد
البصري، وأحمد بن أنس، وأبي عبيد الأسدي، وأحمد بن بكر، وإسحاق
بن أبي حسان، وأبي بكر الباغندي، وإبراهيم بن دحيم، وأحمد بن
النضر، وأحمد بن الجارود عنه.
وبرواية الوليد بن عتبة، وعبد الحميد بن بكار، عن أيوب بن
تميم، عن يحيى عنه.
وبرواية الوليد بن مسلم عن يحيى عنه.
وأفردت قراءة عاصم، برواية أبي بكر بن عياش، من رواية أبي
الحسن الكسائي، من طريق أبي عبيد، وأبي توبة، وأبي عمر، وابن
جبير.
ومن رواية أبي يوسف الأعشى، من طريق محمد بن حبيب الشموني،
ومحمد بن غالب الصيرفي، ومحمد بن خلف التيمي، وأحمد بن جبير،
ومحمد بن جنيد، وعبيد
(1/57)
بن نعيم، ومحمد بن إبراهيم الخواص، وعبد
الحميد بن صالح البرجمي.
ومن رواية يحيى بن آدم، من طريق عبد الله بن شاكر، وأحمد بن
عمر الوكيعي، ومحمد بن يزيد الرفاعي، والحسين بن علي العجلي،
وخلف بن هشام، وشعيب بن أيوب، وموسى بن حزام، وضرار بن صرد،
ومحمد بن المنذر، والحجاج بن حمزة.
ومن رواية عبد الرحمن بن أبي حماد، من طريق الحسن بن جامع،
ومحمد بن الجنيد.
ومن رواية حسين بن علي الجعفي، من طريق هارون بن حاتم، وخلاد
بن خالد، وأبي هشام الرفاعي.
ومن رواية يحيى بن محمد العليمي، وعبد الحميد بن صالح البرجمي،
والمعلى بن منصور، وهارون بن حاتم، وإسحاق بن يوسف الأزرق،
وعبيد بن نعيم، وعبد الله بن أبي أمية، ويحيى بن سليمان
الجعفي، وعبد الجبار بن محمد العطاردي، وأحمد بن جبير، وبريد
بن عبد الواحد عنه.
وبرواية أبي عمر البزاز: حفص بن سليمان، من طريق عمرو وعبيد
ابني الصباح، وهبيرة بن محمد التمار، وأبي شعيب القواس، وأبي
عمارة الأحول، وأبي الربيع الزهراني، وحسين المروروذي، والفضل
بن شاهي الأنباري.
وبرواية حماد بن أبي زياد، من طريق العليمي عنه.
وبرواية المفضل بن محمد الضبي، من طريق جبلة بن أبي مالك، وأبي
زيد النحوي عنه.
وأفردت قراءة حمزة برواية سليم بن عيسى، من طريق خلف بن هشام،
وخلاد بن خالد، وأبي عمر الدوري، ورجاء بن عيسى عن أصحابه،
وإبراهيم بن زربي، وعلي بن كيسة، وابن سعدان، وابن جبير، وأبي
هشام الرفاعي.
وأفردت قراءة الكسائي من رواية الدوري، من طريق ابن عبدوس،
وابن فرح، وأبي عثمان الضرير، وابن الحمامي، والرافقي،
والقطيعي عنه.
وبرواية أبي الحارث، من طريق محمد بن يحيى، وسلمة بن عاصم عنه.
وبرواية نصير بن يوسف، من طريق أحمد بن رستم، ومحمد بن عيسى،
ومحمد بن إدريس، وعلي بن أبي نصر، والحسين بن شعيب، وداود بن
سليمان.
(1/58)
وبرواية أبي موسى الشيزري، وقتيبة بن
مهران، من طريق أحمد بن محمد الأصم عنه. ثم قال الداني:" فهذه
الروايات التي عددتها أربعون رواية، من الطرق التي جملتها مائة
وستون «1» طريقا، هي التي أهل دهرنا عليها عاكفون، وبها أئمتنا
آخذون، وإياها يصنفون، وعلى ما جاءت به يعوّلون".
هذا، وقد أسند الداني هذه الروايات والطرق من أربع مائة طريق
فرعي وطريقين، فصّلها كلها في باب (ذكر الأسانيد التي نقلت
إلينا القراءة عن أئمة القراء رواية، وأدّت إلينا الحروف عنهم
تلاوة).
ومن هذه الأسانيد مائة وخمسة وسبعون، عرض الداني فيها القراءة
على شيوخه، وروى الحروف من مائتين وسبعة وعشرين إسنادا، وبعد
دراسة جميع هذه الأسانيد تبين لنا أن الصحيح منها ثلاث مائة
وستة، على حين لم يجاوز الضعيف منها سبعة أسانيد، وأغفلنا تسعة
وسبعين إسنادا من الحكم لعدم توفر الدلائل.
وقمنا باستعراض أسانيد طرق مجموعة من أمهات كتب القراءات،
وأشهرها وأوثقها، تضمنت سبعة ابن مجاهد، وتيسير الداني، وحرز
الشاطبي، ونشر ابن الجزري، ووازنا بين هذه الأسانيد، وأسانيد
جامع البيان، فتبين لنا اشتراك السبعة مع جامع البيان، في تسعة
وأربعين طريقا، واشتراك التيسير معه في واحد وثلاثين، هي كل
أسانيد التيسير، وهذا يعني أن محتوى التيسير كله من القراءات
متضمن في جامع البيان.
وتبين لنا من هذه الموازنة كذلك أن حرز الأماني يشترك مع جامع
البيان في خمسة عشر طريقا، وأن نشر ابن الجزري يشترك معه في
سبعة وثلاثين طريقا، وقد فصّلنا نتيجة دراسة الطرق وموازنتها،
من خلال التعليق على أسانيد جامع البيان في بابها،
__________
(1) وذلك بإسقاط الآحاد، وإلا فهي مائة وواحد وستون طريقا.
(1/59)
وأجملناها هنا في هذه اللوحة الإحصائية:
() هذا، وتبين لنا من خلال موازنة الطرق، وجود سبعة طرق في
النشر، يرويها ابن الجزري عن الداني من قراءته على شيوخه،
وليست في جامع البيان، فلعل ابن الجزري رواها من مصدر آخر غير
جامع البيان، وهذه الطرق السبعة هي:
1 - قراءة الداني على محمد بن يوسف، على علي بن محمد بن
إسماعيل في رواية البزي «1».
2 - قراءة الداني على فارس بن أحمد، على عبد الباقي بن الحسن
في رواية البزي «2».
__________
(1) انظر: النشر 1/ 117.
(2) انظر: النشر 1/ 117.
(1/60)
3 - قراءة الداني على طاهر بن غلبون، على
أبيه في رواية الدوري عن أبي عمرو «1».
4 - قراءة الداني على فارس بن أحمد، على الحسن بن عبد الله
الكاتب في رواية الدوري عن أبي عمرو «2».
5 - قراءة الداني على الفارسي، على عبد الواحد بن عمر في رواية
هشام «3».
6 - قراءة الداني على طاهر بن غلبون، على أبيه في رواية ابن
ذكوان «4».
7 - قراءة الداني على طاهر بن غلبون، على أبيه في رواية خلاد
عن سليم «5».
وقد عزا الداني في أبواب الأصول إلى الثلاثة الأخيرة «6» بعض
القراءات وأخيرا، فقد ذكر ابن الجزري أن جامع البيان يشتمل على
نيف وخمس مائة رواية وطريق، عن الأئمة السبعة «7»، على حين أن
عدة الطرق لم يتجاوز الأربع مائة إلا بطريقين، فما سبب هذا
الفارق في العدد؟.
نقول: السبب، والله أعلم، أن ابن الجزري أدخل في عدد الطرق
تفرعات الأسانيد فوق الرواة الأربعين إلى الأئمة السبعة، وبه
تزيد طرق إسماعيل بن جعفر عن نافع اثني عشر طريقا، وطرق القواس
عن ابن كثير ستة وثلاثين طريقا، وطرق البزي عن ابن كثير ثمانية
وستين، وطرق ابن فليح عنه عشرين، وطرق هشام عن ابن عامر تزيد
سبعة طرق، ويكون مجموع هذه الزيادات مائة وثلاثة وأربعين
طريقا، فيزيد المجموع العام لطرق جامع البيان على الخمس مائة
طريق، والله أعلم.
__________
(1) انظر: النشر 1/ 125.
(2) انظر: النشر 1/ 126.
(3) انظر: النشر 1/ 136.
(4) انظر: النشر 1/ 141.
(5) انظر: النشر 1/ 161.
(6) انظر الفقرات: 1875، 1965، 2229.
(7) النشر 1/ 61.
(1/61)
|