جامع البيان في القراءات السبع

باب ذكر قولهم في ضمّ ميم الجمع وفي إسكانها
1090 - قرأ ابن كثير بضمّ ميم الجمع وفي إسكانها وإلحاقها واوا في اللفظ ما لم يلق ألفها ألف «4» وصل، وذلك نحو قوله: أنعمت عليهم [الفاتحة: 7] غير المغضوب عليهم [الفاتحة: 7] ءأنذرتهم أم لم تنذرهم [البقرة: 6] ولديهم إذ [آل عمران: 44] وإنّكم كنتم قوما [التوبة: 53] وو أنتم لا تعلمون [النور: 19] وما أشبهه.
__________
انظر الطريقين/ 359، 362. وإسناد كل منهما صحيح.
(1) اسمه عبيد بن محمد المرزوقي. انظر الطريق/ 17.
(2) من الطريق الخامس والثلاثين بعد المائة.
(3) وهم: نافع في غير طريق المروزي، وابن كثير في غير طريق الدينوري، وأبو عمرو وابن عامر والكوفيون.
(4) المراد الألف التي ترسم بعد واو الجماعة. وألف الوصل هي همزة الوصل.

(1/414)


الاختلاف عن نافع في ضم ميم الجمع وفي إسكانها
1091 - واختلف في ذلك عن نافع، فروى أبو عمارة وحمّاد بن بحر عن المسيّبي «1»، وأحمد بن «2» صالح عن قالون الموافقة لابن كثير من غير تخيير في جميع القرآن. وروى ابن المسيّبي وابن سعدان من طريق ابن واصل عنه وخلف وإسحاق الأنصاري عن المسيّبي «3»، وإسماعيل «4»، وقالون «5» التخيير بين ضمّ الميم وإلحاقها واوا في اللفظ وبين إسكانها.
1092 - حدّثنا عبد العزيز بن جعفر، قال: حدّثنا عبد الواحد بن عمر، قال:
حدّثنا عبيد بن محمد، قال: حدّثنا ابن سعدان عن المسيّبي عن نافع «6»: أنه ربما خفض الهاء، يعني من الكلم الثلاث وجزم الميم. وهذا خلاف لما رواه الجماعة في الهاء. ولم يذكر المدني «7» عن قالون في الميم ضمّا ولا إسكانا، بل أضرب عن ذكرها. وروى ابن جبير عن أصحابه «8» عن نافع إسكان الميم في جميع القرآن، وبذلك قرأت في رواية الحلواني عن قالون، من طريق ابن عبد الرزاق عن أبي العباس محمد بن أحمد [43/ و] الرازي «9» عنه، وكذلك حدّثنا محمد بن أحمد الكاتب عن ابن مجاهد أنه قرأ في رواية إسماعيل «10».
__________
(1) أبو عمارة من الطريق الثامن والعشرين. وحماد من الطريق الثاني والثلاثين.
(2) في السبعة/ 108 لقالون من جميع طرقه ضم الميم وإسكانها، وطريق أحمد بن صالح عن قالون هو من طرق السبعة. وهذا مخالف لما ذكره المؤلف عنه هنا. لكن لأحمد بن صالح في جامع البيان أربعة طرق كما تقدم. واحد منها في السبعة، فينبغي أن يكون التخيير عن أحمد بن صالح عن طريق السبعة، وضم الميم قولا واحدا من ثلاثة الطرق الأخرى. وعليه فعبارة الكتاب هنا قاصرة.
(3) ابن المسيبي، وابن سعدان، وخلف، وإسحاق من طرق رواية المسيبي عن نافع.
(4) هو إسماعيل بن جعفر عن نافع. وانظر السبعة/ 108.
(5) من غير طريق أحمد بن صالح عنه.
(6) انظر الطريق/ 17. وإسناده صحيح.
(7) اسمه عبد الله بن عيسى بن عبد الله. وطريقه هو الحادي والخمسون.
(8) تقدم لابن جبير طريقان فقط، الطريق السابع عن الكسائي عن إسماعيل بن جعفر، والطريق التاسع والعشرون عن إسحاق بن محمد المسيبي.
(9) وهو الطريق التاسع والثلاثون.
(10) وذلك من الطريق الأول.

(1/415)


1093 - وقال الحلواني: وقد قرأت على قالون بالجزم، فلم يردّ عليّ وكان الرفع والجزم عنده سواء إلا أنه يميل إلى الرفع. وروى ابن شنبوذ عن أبي سليمان «1» أن قالون قال: قرأ نافع برفع الميمات، ثم أذن لي في جزمها، قال «2»: وكان أبو سليمان يختار الضمّ، وكان ابن شنبوذ يأخذ في رواية أبي سليمان وأبي نشيط «3» أن قالون كان يخيّر بين الضمّ والإسكان، وكذلك حكى أبو مروان العثماني ومصعب بن الزّبيري «4»، وأحمد وإبراهيم ابنا قالون وغيرهم عنه.
1094 - وقرأت أنا للثلاثة «5» من جميع طرقهم على أبي الفتح، عن قراءته على عبد الباقي، عن أصحابه «6» بضمّ الميم ووصلها بواو وعن قراءته على عبد الله بن الحسين عن أصحابه «7» بإسكان الميم من غير صلة، وهذا كان اختيار ابن مجاهد، وبه كان يأخذ.
1095 - واستدلّ على صحّة الإسكان بما حدّثناه محمد بن أحمد عنه، قال:
حدّثنا الحسين الرازي عن أحمد بن قالون عن أبيه عن نافع «8» أنه كان لا يعيب رفع الميم. قال ابن مجاهد: فدلّ هذا على أن قراءته الإسكان. قال: وبه قرأت «9».
__________
(1) اسمه سالم بن هارون، وطريقه هو السابع والخمسون.
(2) أي ابن شنبوذ.
(3) طريق ابن شنبوذ عن أحمد بن محمد بن يزيد عن أبي نشيط ليس من طرق جامع البيان.
وهو في المبهج كما أشار في غاية النهاية 2/ 52.
(4) في ت، م: (مصعب بن اليزيدي). وهو خطأ، لأن اسمه مصعب الزبيري. وهو مصعب بن إبراهيم ابن حمزة الزبيري كما تقدم.
(5) هم: إسماعيل بن جعفر، وإسحاق بن محمد المسيبي، وقالون.
(6) أصحاب عبد الباقي بن الحسن هم: زيد بن علي بن أبي بلال في رواية إسماعيل بن جعفر، وزيد هذا مع أحمد بن محمد بن بشر في رواية إسحاق المسيبي، وزيد أيضا مع محمد بن عبد الرحمن بن عبيد بن إبراهيم، وإبراهيم بن عمر بن عبد الرحمن في رواية قالون.
(7) أصحاب عبد الله بن الحسين هم: ابن مجاهد في رواية إسماعيل بن جعفر، وابن مجاهد مع علي بن مستور في رواية المسيبي، وابن مجاهد مع ابن شنبوذ، والحسن بن صالح الواسطي، ومحمد بن حمدون الحذاء في رواية قالون.
(8) انظر الطريق/ 53. وإسناده صحيح.
(9) السبعة/ 109.

(1/416)


1096 - حدّثنا عبد الله بن محمد، قال: حدّثنا عبد الله بن أحمد بن محمد «1»، [قال حدّثنا ابن بويان] «2»، قال: حدّثنا أبو نشيط عن قالون عن نافع أنه سكّن الميم في جميع القرآن.
وبالإسكان قرأت على أبي الحسن «3» بن غلبون، عن قراءته في رواية أبي نشيط عن قالون.
1097 - وقرأت على أبي الفتح في رواية الجمال على الحلواني عن قالون بضمّ الميم ووصلها بواو، وحكى لي ذلك عن قراءته على شيخه عبد الله وعبد الباقي عن أصحابهما «4».
وقرأت عليه في رواية أبي عون الواسطي عن الحلواني بالإسناد المتقدم «5» بضم الميم وإلحاقها واوا في اللفظ في ثلاثة أمكنة لا غير:
أحدها: إذا لقيت همزة نحو عليكم أنفسكم [المائدة: 105] ومنهم أمّيّون [البقرة: 78] وإن هم إلّا يظنّون [البقرة: 78] وشبهه.
والثاني: إذا لقيت ميما نحو ومنهم مّن يقول [البقرة: 8] وو لا هم مّنّا [الأنبياء: 43] وفما هم من المعتبين [فصلت: 24] وشبهه.
والثالث: إذا لقيت رأس آية على عدد أهل المدينة «6»، ولم يحل بينها وبين رأس الآية حائل نحو لعلّكم تتّقون [البقرة: 21] وو أنتم تعلمون [البقرة: 22] وو ما هم بمؤمنين [البقرة: 8] وبربّكم فاسمعون [يس: 25] وشبهه.
__________
(1) في ت، م: (جعفر) بدل (محمد). وهو خطأ. وقد تقدم اسمه صحيحا في الفقرة/ 643.
(2) سقطت من ت، م، وقد تقدم الإسناد كاملا في الفقرة/ 643، وهو إسناد صحيح.
(3) اسمه طاهر بن عبد المنعم، وهذا الطريق خارج عن طرق جامع البيان.
(4) عبد الله هو ابن الحسين السامري. وطريقه هو السابع والثلاثون. وعبد الباقي هو ابن الحسن. وطريقه هو الثامن والثلاثون.
(5) من الطريقين الأربعين، والحادي والأربعين.
(6) لأهل المدينة عددان، المدني الأول رواه نافع بن أبي نعيم عن أبي جعفر وشيبة بن نصاح، وبه أخذ القدماء من أصحاب نافع، والمدني الأخير وهو الذي رواه إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير عن سليمان بن مسلم بن جماز عن شيبة بن نصاح وأبي جعفر، وعليه الآخذون لقراءة نافع اليوم، وبه ترسم الأخماس، والأعشار، وفواتح السور في مصاحف أهل الغرب. ا. هـ. جمال القراء ت 70/ ظ.

(1/417)


فإن حال بين الميم وبين رأس الفاصلة حائل؛ لا، أو في، أو غيرهما. من الكلام، نحو وو أنتم لا تعلمون [النور: 19] وو هم لا يسمعون [الأنفال: 21] ولندخلنّهم فى الصّلحين [العنكبوت: 9] وما سلككم فى سقر (42) [المدثر: 42] لم يضم الميم وسكّنها، ولا يراعي في الثلاثة الأمكنة طول الكلمة التي فيها الميم ولا قصرها ولا شيئا من حركتها، وسكّن بعد ذلك الميم في جميع القرآن.
1098 - فأما الميم من قوله في البقرة: لعلّكم تتفكّرون [219] «1» وهو الأول، وفي الكهف: وزدنهم هدى [13] «2»، وفي طه: إليهم قولا [89] «3»، وفي الشعراء: أين ما كنتم تعبدون [92] «4» وهو الثاني، وفي النازعات وعبس، متعا لّكم ولأنعمكم (33) [33] [32] «5» فمضمومة في هذه الستّة مواضع؛ لأن ما بعدها فيها رأس آية في عدد أهل المدينة «6».
1099 - وأما الميم في قوله في المائدة: فإنّكم غلبون [23] «7»، وفي الأنعام:
قل لّست عليكم بوكيل [66] «8»، [وفي الأعراف] «9» كما بدأكم تعودون [29] «10»، وفي طه: إذ رأيتهم ضلّوا [92] «11»، وفي الحج:
__________
والمراد هنا المدني الأخير، كما سيأتي في الفقرة التالية.
(1) انظر جمال القراء ل 75/ و.
(2) انظر الفرائد الحسان وشرحه نفائس البيان لعبد الفتاح القاضي/ 42.
ولم يذكر فيها السخاوي اختلافا.
(3) انظر جمال القراء ل 77/ و.
(4) انظر جمال القراء ل 77/ ظ.
(5) انظر جمال القراء ل 81/ و.
(6) أي العدد الأخير، لأنه هو الذي عد ما بعد هذه رءوس آيات، كما في جمال القراء للسخاوي في المواضع التي أشير إليها في الحواشي السابقة.
(7) انظر جمال القراء ل 75/ ظ.
(8) انظر جمال القراء ل 75/ ظ.
(9) زيادة يقتضيها السياق.
(10) انظر جمال القراء ل 75/ ظ.
(11) انظر جمال القراء ل 77/ و.

(1/418)


ما فى بطونهم والجلود [20] «1»، وفي المؤمن: يوم هم برزون [16] «2»، وفيها أين ما كنتم تشركون [73] «3»، وفي المزّمّل: إليكم رسولا [15] «4»، وفي أرأيت الّذين هم يراءون (6) [6] «5»، فساكنة في هذه التسعة مواضع لأن ما بعدها فيها ليس برأس آية في عددهم «6».
1100 - فأما قوله: أنعمت عليهم [الفاتحة: 7] ومثوى لّهم [فصلت: 24] ومثوئكم [محمد: 19] وشبهه مما يقع الميم طرفا في الكلمة التي هي رأس الفاصلة «7»، فإنها ساكنة ما لم تلق همزة أو ميما، فإنها تضمّ وتوصل كما تقدم في حشو الآي نحو أعملهم أفلم [محمد: 9 - 10] ولا مولى لهم إنّ الله [محمد: 11 - 12] وأهواءهم مّثل الجنّة [محمد: 14، 15] وشبهه.
1101 - وقرأت على أبي الحسن «8» عن قراءته في رواية أبي عون عن الحلواني بضم الميم في جميع القرآن، وكذلك روى ذلك عن أبي عون أبو الحسن «9» بن حمدون، وأبو عبد الله «10» النحوي، وأبو العباس عبد الله «11» بن أحمد البلخي. قال البلخي: وكان أبو عون يختار في رواية قالون ضمّ الميم عند الهمزة والميم ورأس الآية، ويذكر أنه قرأ على الحلواني عن قالون بضمّ جميع الميمات.
__________
(1) انظر جمال القراء ل 77/ ظ.
(2) انظر جمال القراء ل 79/ و.
(3) انظر جمال القراء ل 79/ و.
(4) انظر جمال القراء ل 80/ ظ.
(5) انظر جمال القراء ل 82/ و.
(6) كما سبق نقله عن جمال القراء في الحواشي السابقة.
(7) في ت، م بعد (الفاصلة) زيادة (كما تقدم في حشو). ولعل نظر الناسخ سبق إلى السطر التالي خطأ. والله أعلم.
(8) اسمه طاهر بن عبد المنعم. وهذا الطريق خارج عن طرق جامع البيان.
(9) اسمه محمد بن حمدون الحذاء. وانظر الطريق/ 42.
(10) اسمه إبراهيم بن محمد بن عرفة، البغدادي، نفطويه النحوي، صدوق، توفي سنة ثلاث وعشرين وثلاث مائة. تاريخ بغداد 6/ 159، غاية 1/ 25. وطريقه عن ابن عون خارج عن طرق الكتاب. وقد أشار ابن الجزري في غاية النهاية (1/ 25) إلى أن هذا الطريق في المبهج لسبط الخياط والكامل للهذلي.
(11) طريق البلخي عن ابن عون خارج عن طرق الكتاب. وقد أشار ابن الجزري في غاية النهاية (1/ 404) إلى أن هذا الطريق في المبهج.

(1/419)


مذهب ورش في ضم ميم الجمع
1102 - وروى ورش عن نافع بضمّ الميم وإلحاقها واوا في حال الوصل إذا التقت بهمزة لا غير، نحو قوله: عليهم ءأنذرتهم أم لم [البقرة: 6]، وإليكم أيديهم [المائدة: 11] وء أنتم أعلم [البقرة: 140] وشبهه حيث وقع، وسكنها بعد ذلك في جميع القرآن ما لم يلق ألف وصل. وهذا مما لا خلاف عنه فيه إلا ما حدّثناه خلف بن إبراهيم المقرئ، قال: حدّثنا أحمد بن أسامة، قال: حدّثنا أبي ح «1».
وحدّثنا فارس بن أحمد [قال حدثنا جعفر بن أحمد البزاز] «2»، قال حدّثنا محمد بن الربيع، قالا «3» حدّثنا يونس، قال: أقرأني عثمان «4» سواء عليهم ءأنذرتهم بجرّ الميم إذا لقيت الألف، قال: وقال لي عثمان: إن شئت تجرّها وإن شئت وقفتها «5».
قال يونس: وأحبّ إليّ الوقف «6» ما لم يكن الألف واللام، فإنها تجرّ على كل حال إذا لقيتها، قال محمد بن الربيع: وقال لي مواس بن سهل المقرئ: تجرّ الميم إذا لقيت ألفا أصلية.
1103 - قال أبو عمرو: ولم يأت بالتخيير بين الضم والإسكان في ذلك عنه غير يونس، وفي عبارته عن الضمّ بالجرّ يجوز، وذلك جائز فيما يلحق فيه الميم واوا في اللفظ لا غير، كأنه عبارة عن الصلة والحطّ، فأما ما لا يلحق فيه واوا فلا معنى للجرّ فيه إلا ما يفهم من مراد الضم بذلك على أنه ربما أشكل على السامع، فتوهّم أنه يراد به الكسر الذي هو عدول عن المذهب وخروج عن الأصل.
1104 - وحدّثنا «7» عبد العزيز بن جعفر، قال: حدّثنا عبد الواحد بن عمر، قال:
__________
(1) اسمه أسامة بن أحمد بن عبد الرحمن. انظر الطريق/ 80. وإسناده صحيح.
(2) سقط من ت، م. وقد تقدم الإسناد صحيحا. انظر الطريق/ 82.
(3) في ت، م: (قال). وهو خطأ، لأن المقصود جمع الطريقين على يونس بن عبد الأعلى.
انظر الطريقين/ 80، 83.
(4) عثمان هو ورش. وفي ت، م زيادة بعد (عثمان)، (شئت تجرها). وهي زيادة نقلها نظر الناسخ خطأ من السطر التالي.
(5) أي أسكنتها. ومعنى تجرها أي تضمها كما سيأتي في كلام المؤلف في الفقرة التالية.
(6) في م: (أحب إلى توقف).
(7) محمد بن أحمد بن الهيثم تقدم. وهذا الطريق خارج عن طرق جامع البيان.

(1/420)


حدّثنا محمد بن أحمد التميمي، قال: حدّثنا «1» روح بن الفرج، قال حدّثنا يحيى بن سليمان، قال حدّثنا أبو سعيد المعروف بورش، عن نافع: أنه كان يكسر الهاء في عليهم وإليهم ولديهم برفع الميم ويجرّها «2» إذا استقبلتها ألف خفيفة «3» وما أشبهها «4»، وبجزمها إذا استقبلتها ألف شديدة «5».
1105 - قال أبو عمرو: وهذه الرواية تؤذن بالإسكان دون تخيير، وأظن يحيى ابن سليمان غلط على ورش في هذا الباب؛ لأن الجرّ «6» والرفع مع ألف الوصل لا يجوز بالإجماع؛ لأنه يلتقي ساكنان: أحدهما واو الصلة التي بعد ضمة الميم، والثاني الذي بعد ألف الوصل، وأحسبه روى عنه برفع الميم ولا بجرّها فسقطت عليه [لا] «7» أو على من روى عنه، فإنه «8» لم يكن كذلك، فأراه سمع ذلك من ورش مع ألف القطع، فقلب الترجمة وجعلها مع ألف الوصل، فإذا كان ذلك أيضا فقد أخطأ عليه في ألف الوصل إذ حكى إسكانها معها، وذلك غير جائز.

الاختلاف عن الكسائي في صلة ميم الجمع
1106 - واختلف عن الكسائي في ميم الجمع فروى أبو عمر وأبو الحارث وأبو موسى «9» عنه إسكانها مع الهمزة وغيرها في جميع القرآن إلا مع ألف الوصل، فإن تحريكها إجماع.
1107 - وروى قتيبة عنه أنه كان يضمّها ويلحقها واوا في اللفظ، ولا يراعي حروف الكلمة التي هي فيها ولا طولها ولا قصرها في مكانين:
__________
(1) في ت تكررت (قال حدثنا) خطأ.
(2) يجرها أي يصلها بواو، كما سبق قريبا تفسير المؤلف لهذا المصطلح.
(3) أي همزة وصل.
(4) أي من الحروف الساكنة.
(5) المراد همزة القطع.
(6) المراد به صلة الميم كما تقدم.
(7) زيادة يقتضيها السياق.
(8) في ت، م (فأداه) وهو تحريف لا يستقيم به السياق.
(9) اسمه عيسى بن سليمان الشّيزري، وأبو الحارث هو الليث بن خالد، وأبو عمر هو حفص ابن عمر الدوري.

(1/421)


1108 - أحدهما إذا لقيت الكلمة التي هي رأس الآية ووليتها من غير حائل بينهما، وسواء تحرك ما قبل الميم بكسر أو ضمّ، وذلك نحو قوله: وممّا رزقنهم ينفقون [البقرة: 3] ولعلّكم تتّقون [البقرة: 63] وبربّكم فاسمعون [يس: 25] وو ما هم بمؤمنين [البقرة: 8] وإن كنتم صدقين [البقرة: 23] وو لا ليهديهم طريقا [النساء: 168] وما أشبهه، فإن حال بينهما «1» واو العطف وكانت الفاصلة اسما نحو قوله: هم والغاون [الشعراء: 94] وما فى بطونهم والجلود [الحج: 20] ووجوههم وأدبرهم [الأنفال: 70] وجمعنكم والأوّلين [المرسلات: 38] ومتقلّبكم ومثوئكم [محمد: 19] ومتعا لّكم ولأنعمكم (33) [النازعات: 33] «2»، أو من كقوله: إنّى معكم من المنتظرين [الأعراف: 71] وفما هم مّن المعتبين [فصلت: 24] أو في نحو لندخلنّهم فى الصّلحين [العنكبوت: 9] وما سلككم فى سقر (42) [المدثر: 42] ولا نحو قوله: ولكنّ أكثرهم لا يعلمون [الأنعام: 37] وو هم لا يسئمون [فصلت: 38] وما أشبهه، فإنه سكّنها في جميع القرآن. فإن كانت الفاصلة التي تحول بينها [44/ و] وبين الميم واو العطف فعلا كقوله: [شهدتهم ويسئلون [الزخرف: 19] «3»، فارتقبهم واصطبر [القمر: 27]؛ ولا أعلم في كتاب الله غيرهما، ضمّ الميم.
1109 - وقد استثنى عنه من الميمات المتصلات بالفواصل موضعا واحدا، وهو قوله في الملك: ألم يأتكم نذير [8] فكسر الميم فيه وقال في الزمر: وإنّهم مّيّتون [30] ليس برأس آية، وذلك غلط من قتيبة إذ الإجماع من العادين منعقد على أنه رأس آية «4»؛ فوجب أن يكون الميم [قبله] مضمومة طردا لمذهبه في جميع الفواصل «5».
1110 - والمكان الثاني الذي يضمّ فيه الميم: هو إذا لقيت همزة وانضم ما قبل الميم، نحو ءأنذرتهم أم لم [البقرة: 6] عليكم أنفسكم [المائدة: 105] وأعملهم
__________
(1) أي بين بالكلمة التي فيها ميم الجمع، وبين الكلمة التالية التي هي رأس آية.
(2) سقطت (ولأنعامكم) من م.
(3) وقد سقطت من ت، م. فاستقرأت آيات الكتاب الكريم حتى وصلت إليها، ولم أجد في القرآن الكريم غير هذين المثالين.
(4) لم يذكر السخاوي فيها خلافا. انظر جمال القراء ل 78/ ظ.
(5) لكن يمنع هذا الوجوب أن الاعتماد في القراءة على الرواية لا القياس.

(1/422)


أفلم [محمد: 9، 10] وفلا ناصر لهم أفمن [محمد: 13] وشبهه، وسواء وقعت الميم آخر كلمة هي حشو أو فاصلة، فإن انكسر ما قبل الميم سكنها نحو قوله: عليهم ءأنذرتهم [البقرة: 6] ولديهم إذ يختصمون [آل عمران: 44] وفاستفتهم ألربّك البنات [الصافات: 149] وما أشبهه.
1111 - أخبرنا عبد العزيز بن محمد قال: حدّثنا عبد الواحد بن عمر، قال:
حدّثنا إسماعيل «1»، قال حدّثنا أبو عمر، قال: حدّثنا الكسائي في كتاب «المعاني»، قال: العرب تصل ما كان نحو: منكمو، وعنكمو، وقلتمو، وحييتموا «2»، وما أشبهه، ويقطعون، فإذا وصلوا بالواو، [وإنما فعلت] «3» فصواب إن وصلت وإن قطعت، وأحبّ إليّ أن يصل مرة ويقطع أخرى ولا يصل كل القرآن، فيكون كل القطع خطأ، ولا يقطع كل القرآن، فيكون كل الوصل خطأ، تفعل ذا وذا وكلّ حسن، ثم من بعد هذا أحب إليّ أن يصل إذا لقيته الألف الشديدة «4»، نحو قوله: إن أنتم إلّا بشر مّثلنا [إبراهيم: 10] وقوله: ءأنتم أشدّ خلقا [النازعات: 27] ونحو قوله: أيعدكم أنّكم إذا [المؤمنون: 35] وما كان عند رءوس الآيات إن كنتم صدقين [البقرة: 13] وو ما هم بمؤمنين [البقرة: 8] وهم كفرون [التوبة: 55] وهم مّحسنون [النحل: 128] وإن كنتم مّؤمنين [التوبة: 13] فالوصل هاهنا أحبّ إليّ.
1112 - قال أبو عمرو: ورواية أبي عمر هذه عن الكسائي موافقة لرواية قتيبة عنه، وهما سواء. وروى نصير عنه أنه كان يضمّ الميم ويصلها بواو في اللفظ في ثلاثة مواضع
إذا لقيت همزة أو ميما أو رأس آية، ولم يحل بينهما حائل ولم يل الميم في هذه المواضع الثلاثة كسرة ووليها فتحة أو ضمة لا غير، وكان عدد الكلمة التي هي فيها خمسة أحرف فما دون ذلك في خط المصحف دون الأصل واللفظ «5».
__________
(1) هو إسماعيل بن يونس بن ياسين تقدم. وهذا الطريق خارج عن طرق جامع البيان.
(2) في م (أحييتموا).
(3) كذا في ت، م.
(4) المراد بها همزة القطع.
(5) في ت (الأصل وحفظه مما لقيتها). وهو خطأ لا يستقيم به السياق.
وفي م (واللفظ وأما لقيتها). وهو كذلك غير مستقيم.

(1/423)


1113 - [فأما] «1» ما لقيتها الهمزة فنحو قوله: ومنهم أمّيّون [البقرة: 78] ورّبّهم أعلم [الكهف: 21] وإنّكم أنتم [الأنبياء: 64] وفيكم إلّا [التوبة: 8] ولهم أجر [الانشقاق: 25] وظلمتم أنفسكم [البقرة: 54] وعليكم أنفسكم [المائدة: 105] وأرءيتم إن جعل الله [القصص: 71] وما أشبهه.
1114 - [وأما] «2» ما لقيتها الميم فنحو قوله: إن كنتم مّؤمنين [البقرة:
91] وو منهم مّن يؤمن [يونس: 40] وو لهم مّا يدّعون [يس: 57] وو لقد جاءكم مّوسى [البقرة: 92] وقل أرءيتم مّا أنزل الله [يونس: 59] وبعضكم مّن بعض [آل عمران: 195] وقضيتم مّناسككم [البقرة: 200] جاءوكم مّن فوقكم [الأحزاب: 10] وما أشبهه.
1115 - وأمّا [ما] «3» لقيها رأس الآية دون حائل بينهما فنحو قوله: وأنتم تعلمون [البقرة: 22] إن كنتم صدقين [البقرة: 23] وفهم يكتبون [القلم: 7] فإذا هم بالسّاهرة (14) [النازعات: 14] ولعلّكم تتّقون [البقرة: 21] وبربّكم فاسمعون [يس: 25] ونومكم سباتا [النبأ: 9] إذا جاءتهم ذكرئهم [محمد: 18] وما أشبهه.
1116 - فإن ولي الميم في هذه الثلاثة المواضع كسرة سواء طالت الكلمة التي هي آخرها أو قصرت سكن الميم لا غير، وذلك نحو قوله: بهم إنّهم صالوا النّار [ص: 59] ولديهم إذ يختصمون [آل عمران: 44] ومن قبلهم مّن القرون [السجدة:
26] وبربّهم يعدلون [الأنعام: 1] ولديهم يكتبون [الزخرف: 80] وبهم مّؤمنون [سبأ: 41] وما أشبهه. وكذا إن حال بينهما وبين رأس الآية- لا- أو- في- كقوله:
فهم لا يعلمون [التوبة: 93] وإن كنتم لا تعلمون [النحل: 43] وأنتم لا تشعرون [الزمر: 55] وما سلككم فى سقر (42) [المدثر: 42] وما أشبهه سكّن الميم أيضا. فإن حال بينهما واو العطف وحرف لاصق لم تعتد بهما وضمّ الميم كقوله:
هم والغاون [الشعراء: 94] ولّكم ولأنعمكم [النازعات: 33] وما هم بمؤمنين [البقرة: 8] بربّكم فاسمعون [يس: 25] وما أشبهه.
__________
(1) زيادة يقتضيها السياق.
(2) زيادة يقتضيها السياق.
(3) زيادة يقتضيها السياق.

(1/424)


1117 - وقد أقرأني أبو الفتح «1» في الخماسي خاصة بالإسكان وبالضمّ، والضمّ أختار لأنه قياس ما نصّ عليه نصير في كتابه، فإن كانت الميم في المواضع الثلاثة سداسية وما فوق ذلك فلا خلاف عنه في إسكانها بأيّ حركة تحرّك ما قبلها لطول كلمتها، وذلك نحو قوله: وفى أنفسكم أفلا [النازعات: 21] وقل أرءيتكم إن أتئكم [الأنعام: 40] وءأنذرتهم أم لم تنذرهم [البقرة: 6] وءاباؤهم مّن قبل [هود: 109] وأفرءيتم مّا تمنون (58) [الواقعة: 58] وما صاحبكم بمجنون (22) [التكوير: 2] وو أزوجكم تحبرون [الزخرف: 70] وأمهلهم رويدا [الطارق: 17] وما أشبهه.
1118 - فأما الميم في قوله في المائدة: فإنّكم غلبون [23] «2»، وفي المؤمن:
يوم هم برزون [16] «3»، وفي المزّمّل: إليكم رسولا [15] «4» فساكنة في مذهبه ومذهب قتيبة؛ لأنّ ما بعدها في الثلاثة المواضع ليس برأس آية في عدد الكوفيين، وهو العدد الذي كان الكسائي يعدّه.
1119 - وأما في قوله في البقرة: لعلّكم تتفكّرون «5» بعده فى الدّنيا والأخرة [219، 220]، وفي الأنعام: قل لست عليكم بوكيل [66] «6»، وفي الأعراف:
كما بدأكم تعودون [29] «7»، وفي الشعراء: وقيل لهم أين ما كنتم تعبدون* من دون الله [92] «8»، وفي المؤمن: أين ما كنتم تشركون [73] «9»، وفي النازعات [33] وعبس [32]: متعا لّكم ولأنعمكم (33) «10»، وفي أرأيت الّذين هم يراءون (6) [6] «11» فمضمومة في مذهبه في هذه الثمانية، لأن ما بعدها فيها رأس آية في عددهم
__________
(1) من الطريقين: السادس والتسعين، والسابع والتسعين كلاهما بعد الثلاث مائة.
(2) انظر جمال القراء ل 75/ ظ.
(3) انظر جمال القراء ل 79/ و.
(4) انظر جمال القراء ل 80/ ظ.
(5) وفي م (تتقون) بدل (تتفكرون) وهو خطأ. وانظر جمال القراء ل 75/ و.
(6) انظر جمال القراء ل 75/ ظ.
(7) انظر جمال القراء ل 75/ ظ.
(8) انظر جمال القراء ل 77/ ظ.
(9) انظر جمال القراء ل 79/ و.
(10) انظر جمال القراء ل 81/ و.
(11) انظر جمال القراء ل 82/ و.

(1/425)


إلّا قوله: لّكم ولأنعمكم فإن قتيبة يسكّن الميم فيه على أصله. وكذا يضمّ الميم دون نصير في قوله في الكهف: وزدناهم هدى [13] «1»، وفي قوله في طه: إذ رأيتهم ضلّوا [92] «2»؛ لأنهما رأسا آية «3» في عدد الكوفيين.

الاختلاف عن أبي عمرو في صلة ميم الجمع
1120 - واختلف عن أبي عمرو أيضا في ضمّ الميم وإسكانها عند الفصل خاصة، فروت الجماعة عن اليزيدي عنه إسكانها عندهنّ ما خلا ابن جبير «4»، فإنه روى عنه أن أبا عمرو يصل الميم بواو في رءوس الآي، مثل إن كنتم مّؤمنين [التوبة: 13] وهم يوقنون [البقرة: 4] قال: ثم مات على إسكانها، وكان لا يردّ من حرّك. قال ابن جبير: وحدّثنا حجّاج «5»، قال: كان أبو عمرو يصل أواخر الآيات بواو مثل إن كنتم مّؤمنين [البقرة: 91] وو أنتم تعلمون [البقرة: 22]، ونظائر ذلك، قال: فأخبرت اليزيدي بذلك، فقال: صدق حجّاج، قد كان أبو عمرو يفعل ذلك.
1121 - وقرأ الباقون «6» بإسكان الميم مع الهمزة وغيرها، في الحشو، وفي الفواصل في جميع القرآن، هذا ما لم يلق الميم ألف وصل بإجماع، وسواء وقع قبلها هاء أو تاء أو كاف إذا تحرّك ما قبل الهاء بالفتح أو الضمّ لا غير في جميع القرآن، وذلك نحو قوله: يلعنهم الله ويلعنهم الّلعنون [البقرة: 159] وقتلهم الله [التوبة: 30] وعنهم ابتغاء رحمة [الإسراء: 28] وو منهم الّذين [التوبة: 61] وو أنتم الأعلون [آل عمران: 139] وعليكم القتال [البقرة: 216] وما أشبهه.
__________
(1) انظر الفرائد الحسان/ 42. ولم يذكر السخاوي اختلافا فيها.
(2) انظر جمال القراء ل 77/ و.
(3) سقطت (آية) من م.
(4) من الطريق الثاني والثمانين بعد المائة.
(5) هو حجاج بن محمد الأعور، تقدم.
(6) وهم: ابن عامر وعاصم وحمزة.

(1/426)


اختلاف القراء في حركة ميم الجمع وهاء الكناية المكسور ما قبلها
1122 - فإن انكسر ما قبل الهاء [أ] و «1» كان ياء ساكنة نحو قوله: عن قبلتهم الّتى [البقرة: 142] وفى قلوبهم العجل [البقرة: 93] وبهم الأسباب [البقرة:
166] وعليهم القتال [النساء: 246] وعليهم الذّلّة [البقرة: 61] وإليهم اثنين [يس: 14] وما أشبهه اختلفوا في حركة الهاء والميم، فأبو عمرو يكسر الهاء والميم جميعا في حال الوصل. وروى محمد «2» بن عبد الله الحيري عن الشمّوني عن الأعشى عن أبي بكر أنه يكسر الهاء والميم من عليهم وإليهم خاصة حيث وقعا. وفي قوله في المائدة: وأكلهم السّحت [63] لا غير، ولم يرو هذا عن الشموني غيره وليس عليه العمل.
1123 - وحمزة والكسائيّ يضمّان الهاء والميم في جميع القرآن، هذا في حال الوصل، فأما الوقف، فإن حمزة يضمّ فيه ما كان من الكلم الثلاث «3» اللائي يضمّهنّ مع غير الساكن ويكسر الهاء ويسكن الميم فيما عداهنّ. جاء بذلك منصوصا «4» داود عن ابن كيسة عن سليم عنه، والكسائي يكسر الهاء ويسكن الميم فيه في جميع القرآن؛ لأن الذي يضمّان الهاء والميم لأجله وهو الساكن معدوم هناك «5»، وتابعهما على ضمّ الهاء والميم في حال الوصل في موضعين من ذلك خاصّة ابن ذكوان عن ابن عامر من
رواية محمد بن موسى «6» الصّوري، وعلي بن الحسن بن الجنيد «7»،
__________
(1) زيادة يقتضيها السياق.
(2) من الطريق السادس والخمسين بعد المائتين.
(3) وهن عليهم وإليهم ولديهم.
(4) هو ابن أبي طيبة. وذلك من الطريق الثالث والسبعين بعد الثلاث مائة.
(5) في حال الوقف.
(6) من الطريق السادس بعد المائتين.
(7) في ت، م: (علي بن الحسين وعلي بن الجنيد). وهو خطأ، لأنه لا يوجد في تلاميذ ابن ذكوان من اسمه علي بن الحسين، انظر غاية النهاية 1/ 404.
هذا، وطريق علي بن الحسن بن الجنيد، عن ابن ذكوان خارج عن طرق هذا الكتاب.
- وهو علي بن الحسن بن الجنيد، أبو الحسين، روى القراءة عرضا عن ابن ذكوان، روى

(1/427)


والتغلبي «1»، وأحمد بن أنس «2» عنه، وهما في الذّاريات من يومهم الّذى يوعدون [60] وفي المطففين: إلى أهلهم انقلبوا [31] وكذا ذكرهما ابن ذكوان في كتابه، وروى عنه أحمد «3» بن المعلّى ضمّ الهاء والميم في والذاريات خاصة، ولم يرو ذلك عنه الأخفش، والعمل على روايته.
1124 - حدّثنا «4» الخاقاني، قال: حدّثنا أحمد بن أسامة قال: حدّثنا أبي قال:
حدّثنا يونس قال: أقرأني ابن كيسة عن سليم عن حمزة إلى أهلهم انقلبوا برفع الميم، قال يونس: وقال لي ابن كيسة: إذا وصلت في القراءة رفعت الهاء، وإذا وقفت عليها خفضتها.
1125 - قال أبو عمرو: فمن كان مذهبه ضمّ الميم وإلحاقها واوا مع غير الساكن ضمّها مع الساكن على الأصل وحذف صلتها لسكونها وسكون ما بعدها، فضمّتها لازمة على قوله، ومن كان مذهبه إسكان الميم مع غير الساكن ضمّها معه، للساكنين لا غير، فضمّتها عارضة على مذهبه، ومن كان مذهبه ضمّها في موضع وإسكانها في آخر كمذهب ورش وأبي عون عن الحلواني عن قالون، ومذهب قتيبة ونصير عن الكسائي احتمل ضمّها الوجهين جميعا الضمّ على الأصل، وحذف الصلة للساكنين والضمّ لهما، وكلهم يسكنها عند الوقف عليها وانفصالها من الساكن، ولا يجوز رومها ولا إشمامها هناك لذهاب حركتها فيه مع ذهاب صلتها، فتبقى ساكنة محضة السكون والساكن لا يرام ولا يشمّ.
1126 - قال أبو عمرو: فأما قوله: ولقد كنتم تمنّون [143] في آل عمران وفظلتم تفكّهون [65] في الواقعة على مذهب ابن كثير من رواية أبي ربيعة عن البزّي «5» في تشديد التاء، فلا يخفّف صلة الميم مع سكون أول المشدّد فيهما لكون
__________
القراءة عنه علي بن عبد العزيز الرازي، قال ابن الجزري: وفي النفس من صحة هذا شيء، بل لا يصح على هذا الوجه. غاية 1/ 529.
(1) من الطريق الخامس بعد المائتين.
(2) من الطريق السابع بعد المائتين.
(3) من الطريق الثامن بعد المائتين.
(4) انظر الطريق/ 370. وإسناده صحيح.
(5) وفي م (اليزيدي). وهو خطأ، وانظر النشر 2/ 234، والطرق/ 109، 110، 111.

(1/428)


التشديد عارضا؛ إذ لا يؤخذ ذلك «1» إلا في حال الوصل لا غير. [فلا] «2» يعتدّ به لذلك في حذف الصلة، وبالله التوفيق.