جامع البيان في القراءات السبع

باب ذكر مذاهبهم في صلة الهاء وفي عدم صلتها
1223 - اعلم أرشدك الله أن ابن كثير كان يصل هاء الكناية من الواحد المذكر بياء إذا انكسرت وسكن ما قبلها، ولا يكون ذلك الساكن أبدا إلا ياء، وبواو «1» إذا انضمت وسكن ما قبلها، وذلك الساكن يكون ألفا وواوا ويكون غيرهما من سائر حروف السلامة، فإذا وقف حذف تلك الصلة في الضربين جميعا لكونها زيادة قويت بها الهاء لخفائها.
1224 - فالمكسورة الموصولة بياء «2» نحو قوله: لأبيه [الأنعام: 74] وأخيه [البقرة: 178] وبنيه [البقرة: 132] ونوحيه [آل عمران: 44] وءاتيه [مريم: 95] ونؤتيه [النساء: 74] «3»، وفيه [البقرة: 2] وأن أرضعيه [القصص:
7] وفألقيه [القصص: 7] وببلغيه [غافر: 56] وعلى عقبيه [البقرة: 143] وبجناحيه [الأنعام: 38] ويديه [البقرة: 97] وذراعيه [الكهف: 18] وفى أذنيه [لقمان: 7] وكفّيه [الرعد: 14] وو لأبويه [النساء: 11] «4»، وإليه [البقرة: 28] وعليه [البقرة: 37] ولديه [الكهف: 91] وما أشبهه. وسواء انكسر ما قبل الياء أو انفتح.
1225 - والمضمومة الموصولة بواو نحو قوله: وإيّاه [البقرة: 172]
__________
(1) في ت، م: (وواو) بدل (وبواو). وهو خطأ لا يستقيم به السياق.
(2) في م (حدثنا) بدل (بياء). وهو تحريف من الناسخ واضح.
(3) وفي ت: (تؤيه) وهي في المعارج/ 13.
(4) وفي م: (لا يؤده). وهو خطأ؛ لأنه لا يوجد فيه ياء ساكنة قبل الهاء.

(1/460)


وءاتينه [المائدة: 46] ولفته [الكهف: 60] وعصاه [الأعراف: 107] واشترئه [البقرة: 102] وو مأوئه [آل عمران: 162] وإيّاه [يوسف: 61] وأبواه [النساء: 11] وعقلوه [البقرة: 75] وفعلوه [النساء: 66] وفاجتنبوه [المائدة: 90] وو يتلوه [هود: 17] وو أخوه [يوسف: 8] وفلمّا ءاتوه [يوسف: 66] وفرأوه [الروم: 51] وشروه [يوسف: 20] وو ليرضوه [الأنعام: 113] وفليصمه [البقرة:
249] وو من لّم يطعمه [البقرة: 249] ويلتقطه [يوسف: 10] ويسلكه [الجن:
17] وزادته [التوبة: 124] وأينما يوجّهه [النحل: 76] وكبره [النور: 11] وفبشّره [لقمان: 7] وفأجره [التوبة: 6] وأرجئه [الأعراف: 111] ومنه [البقرة:
60] وعنه [النساء: 55] وما أشبهه. وسواء انكسر ما قبل الساكن أو انفتح أو انضم.
1226 - فإن أتى بعد الهاء الموصولة في الضربين ساكن مظهرا كان أو مدغما حذف صلتها للساكن. فالمظهر نحو قوله: عليه الموت [سبأ: 14] وإليه المصير [المائدة: 18]، وفيه اختلاف، وثمّ يدركه الموت [النساء: 100] وو جاءته البشرى [هود:
74] ومنه اسمه [آل عمران: 45] وو ءاتينه الإنجيل [المائدة: 46] «1»، وفأرئه الأية [النازعات: 20]، وأن رّءاه استغنى (7) [العلق: 7] وشبهه.
1227 - والمدغم نحو قوله: عليه الله [الفتح: 10] وعليه الذّكر [الحجر:
6] «2»، وءاته الله [البقرة: 251] وما علّمنه الشعر [يس: 69] واستهوته الشّيطين [الأنعام: 71] ورودته الّتى [يوسف: 23] ومنه الزّوجين [القيامة: 39] تذروه الرّيح [الكهف: 45] ويعلمه الله [البقرة: 197] وشبهه ما خلا حرفا واحدا من المدغم، وهو قوله في عبس: عنه تلهّى [عبس: 10] فإنه وصل الهاء بواو فيه مع تشديد التاء في رواية البزي وابن فليح عنه لكون ذلك التشديد عارضا إذ لا يتمكن، ولا يجوز إلا في حال الاتصال دون الانفصال، فلم يعتدّ به لذلك، وأثبت الصلة معه كما يثبتها مع التخفيف سواء. ألا ترى أن ورشا عن نافع حين حرّك لام المعرفة بحركة الهمزة في نحو قوله: الأمثال [الرعد: 17] وو بداره الأرض [القصص: 81] وشبهه، لم يزد صلة الهاء من حيث كانت حركة اللام عارضة، بل حذفها معها كما يحذفها مع السكون سواء، فكما لم تزد مع الحركة العارضة كذلك
__________
(1) وفي ت، م: (آتيناه الكتاب) وليس في القرآن الكريم هذا اللفظ.
(2) وفي ت، م: (إليه الذكر) وليس في القرآن الكريم هذا اللفظ.

(1/461)


لم تحذف مع السكون العارض.
1228 - واختلف عن نافع في صلة الهاء مع وقوع الساكن قبلها في أصل مطّرد وموضع واحد لا غير، فالأصل المطّرد هو ما جاء من كلمة عليه في جميع القرآن، فروى أبو عمر عن الكسائي «1» عن إسماعيل، وابن سعدان «2» وخلف «3» عن المسيّبي أنه وصل الهاء «4» بياء حيث وقعت «5».
1229 - حدّثنا أحمد بن عمر «6»، حدّثنا محمد بن منير حدّثنا عبد الله بن عيسى قال: حدّثنا قالون عن نافع عليه ما حمّل [54] في سورة النور مجرورة الهاء.
[وقوله مجرورة] «7» محتمل أن يكون أراد بالجرّ صلة الهاء، وأن يكون أراد به كسرها، وقد قال في أول البقرة: الهاء من «فيه» «وعليه» مبطوحة لا يبين الياء في قراءتها والله أعلم.
1230 - ومما يدلّ عندي على أنه أراد بالجرّ الصلة دون الكسر قوله: عنه [31] في سورة النساء في ونصله [115] غير مجرور، يعني غير موصول الهاء، فكما أراد هاهنا بغير الجر حذف الصلة ولم يرد به الكسر من حيث كانت الهاء مكسورة بإجماع، كذلك أراد بالجرّ هاهنا إثبات الصلة لا غير.
1231 - والحرف الواحد هو قوله في طه [32]: وأشركه فى أمرى روى ابن واصل «8» عن ابن سعدان، وخلف عن المسيبي «9»، عنه أنه وصل الهاء بواو فيه، وكذلك حدّثنا محمد بن علي عن ابن مجاهد، عن أصحابه، عن المسيبي، وبذلك قرأت في رواية ابن المسيبي «10» عن أبيه.
__________
(1) هو حفص بن عمر الدوري وذلك من الطريق الثامن.
(2) من الطريق: السابع عشر، والثامن عشر، والعشرين، والثاني والعشرين، والثالث والعشرين.
(3) من الطرق: الرابع والعشرين، والخامس والعشرين والسادس والعشرين.
(4) في ت، م: (هاء) بدون تعريف، ولا يستقيم بها السياق.
(5) السبعة/ 130.
(6) انظر الطريق/ 51، وإسناده صحيح.
(7) زيادة يقتضيها السياق.
(8) من الطرق: الثامن عشر، والعشرين، والثاني والعشرين.
(9) انظر السبعة/ 130.
(10) من الطريقين: الخامس عشر، والسادس عشر.

(1/462)


1232 - وحدّثنا «1» عبد العزيز بن جعفر، حدّثنا عبد الواحد بن عمر، حدّثني أحمد بن عبيد الله، حدّثنا الحسن بن العباس، حدّثنا أحمد بن يزيد، حدّثنا خلف عن المسيبي عن نافع وأشركه يمدّ الهاء بالضم.
1233 - وحكى فارس بن أحمد «2»، عن قراءته على عبد الله بن الحسين عن أصحابه عن ابن سعدان عن المسيبي أنّه من تولّاه في سورة الحج [4] بصلة الهاء، ولم أجد لذلك أثرا في رواية أحمد من أصحاب المسيّبي.
1234 - وروى حفص عن عاصم: أنه وصل الهاء بياء في قوله في الفرقان [69]: فيه مهانا لا غير. وقرأ الباقون «3» الباب كله بغير صلة في حال الوصل، فأما الوقف، فيأتي مشروحا في بابه إن شاء الله.
1235 - وكلهم وصل المكسورة بياء والمضمومة بواو إذا تحرّك ما قبلها، ولم تلق ساكنا تقوية لها، فالمكسورة نحو قوله: بربّه [الجن: 13] وبه [البقرة: 22] وبمزحزحه [البقرة: 96] وجنوده [البقرة: 249] وأمّه [عبس: 35] وو صحبته [المعارج: 12] وفى سبيله [المائدة: 35] وما أشبهه. والمضمومة نحو قوله: خلقه [آل عمران: 59] وأمره [البقرة: 275] وو أيّده [التوبة: 40] ويخلفه [النمل: 8] وأولياؤه [الأنفال: 34] وفيجعله [الأنفال: 37] وفيبسطه وما أشبهه.
1236 - فإن لقيت ساكنا لازما في الضربين «4» حذفت صلتها لسكونها وسكون [51/ و] ما بعدها، وكذا إن وقف عليها «5» حذفت أيضا هنالك لزيادتها.
1237 - فأما اختلافهم في الهاء التي تتصل بالأفعال المجزومة «6»، وفي قوله:
به انظر [الأنعام: 46] ولأهله امكثوا [طه: 10] وما أنسنيه [الكهف: 63] وعليه الله [الفتح: 10] فنذكره في موضعه من السور إن شاء الله وبالله التوفيق.
__________
(1) طريق الحلواني عن خلف عن المسيبي خارج عن طرق جامع البيان.
(2) من الطريقين: العشرين، والثاني والعشرين.
(3) وهم: سائر رواة نافع غير من ذكر، وأبو عمرو، وابن عامر، والكوفيون عدا حفصا في كلمة (فيه مهانا).
(4) المكسورة والمضمومة.
(5) صلتها.
(6) مثل (نوله ما تولى ونصله).

(1/463)