جامع البيان في القراءات السبع

باب ذكر مذهب أبي عمرو في ترك الهمز الساكن دون المتحرك
1647 - اعلم أن أبا عمرو كان يترك الهمزة الساكنة سواء كانت فاء أو عينا أو لاما، ويخلفها بالحرف الذي عنه حركة ما قبلها «5». اختلف أصحاب اليزيدي عنه في الحال التي كان يستعمل تركها فيها «6».
1648 - فحكى أبو عمرو «7»، وعامر الموصلي «8»، وإسماعيل «9»، وإبراهيم «10»
__________
(1) المفضل بن محمد، وطرقه عن عاصم هي التاسع عشر، والعشرون، والحادي والعشرون كلها بعد الثلاث مائة.
(2) حماد بن أبي زياد، وطرقه عن عاصم هي الرابع والعشرون، والخامس والعشرون، والسابع والعشرون، والثلاثون كلها بعد الثلاث مائة.
(3) أحمد بن علي بن الفضل من الطريق الثامن بعد الثلاث مائة.
(4) من الطريق التاسع بعد الثلاث مائة.
(5) من هنا إلى نهاية الفقرة بعد التالية نقله ابن الجزري في النشر (1/ 392) من قول الداني في جامع البيان.
(6) في م: (فيه).
(7) حفص بن عمر الدوري، وطرقه عن اليزيدي من السادس والثلاثين إلى الثامن والأربعين على التوالي، وكلها بعد المائة.
(8) عامر بن عمر أبو الفتح، وطرقه عن اليزيدي من الستين إلى الخامس والستين على التوالي، وكلها بعد المائة.
(9) إسماعيل بن اليزيدي، وطريقه عن أبيه هو الثاني والسبعون بعد المائة.
(10) إبراهيم بن اليزيدي، وطريقاه عن أبيه من رواية ابن أخيه عبيد الله بن محمد بن اليزيدي هما الرابع والسبعون، والسادس والسبعون كلاهما بعد المائة.

(2/566)


من رواية عبيد الله، وأبو جعفر «1» اليزيديون عنه: أن أبا عمرو كان إذا قرأ فأدرج «2» القراءة، لم يهمز كل ما كانت الهمزة فيه مجزومة، مثل: يؤمنون [البقرة: 3] ويأكلون [البقرة: 174] فدلّ هذا على أنه إذا لم يسرع في قراءته واستعمل التحقيق همز.
1649 - وحكى أبو شعيب «3» عنه أن أبا عمرو كان إذا قرأ في الصلاة لم يهمز كل ما كانت الهمزة فيه مجزومة، فدلّ ذلك على أنه كان إذا قرأ في غير الصلاة سواء استعمل الحدر أو التحقيق همز.
1650 - وحكى أبو عبد الرحمن «4»، وإبراهيم «5» من رواية العباس، وأبو حمدون «6»، وأبو خلاد «7»، ومحمد بن شجاع «8»، وأحمد بن «9» حرب عن الدوريّ عنه: أن أبا عمرو كان إذا قرأ لم يهمز ما كانت الهمزة فيه مجزومة، فدلّ قولهم على أنه كان لا يهمز على كل حال في صلاة أو غيرها وفي حدر أو تحقيق.
1651 - ودلّ أيضا قول جميعهم على أنه كان يترك كل همزة ساكنة حيث حلّت وأيّ حرف كانت من حروف الفعل أو الاسم، وبذلك قرأت على شيخنا أبي
__________
(1) أحمد بن محمد بن اليزيدي، وطريقاه عن جده هما الثالث والسبعون، والخامس والسبعون كلاهما بعد المائة.
(2) أي أسرع. انظر النشر 1/ 392.
(3) صالح بن زياد السوسي، وهذه الرواية من الطريق التاسع والأربعين بعد المائة، كما سيأتي في الفقرة/ 1812.
(4) عبد الله بن اليزيدي، وطريقه عن أبيه هو السبعون بعد المائة.
(5) إبراهيم بن اليزيدي، وطريقه عن أبيه من رواية ابن أخيه العباس بن محمد بن اليزيدي هو الحادي والسبعون بعد المائة.
(6) الطيب بن إسماعيل، وطريقه عن اليزيدي هو الثامن والسبعون بعد المائة.
(7) سليمان بن خلاد، وطريقه عن اليزيدي هو التاسع والسبعون بعد المائة.
(8) البلخي وطريقه عن اليزيدي هو الثالث والثمانون بعد المائة.
(9) أحمد بن حرب بن غيلان، أبو جعفر المعدل البصري، مقرئ معروف، ثقة توفي سنة إحدى وثلاث مائة. غاية 1/ 45 تاريخ بغداد 4/ 119. وطريقه عن الدوري ليس من طرق هذا الكتاب، وأشار ابن الجزري في غاية النهاية (1/ 45) إلى أن طريقه هذا في المستنير لابن سوار، والمبهج لسبط الخياط، والكامل للهذلي.

(2/567)


الفتح «1»، عن قراءته على أبي الحسن عبد الباقي بن الحسن عن أصحابه عن اليزيدي وعن شجاع عن أبي عمرو، ولم يستثن لي من ذلك شيئا في رواية اليزيدي، واستثنى لي في رواية شجاع من الأسماء قوله: البأس [البقرة: 177] والبأسآء [البقرة:
177] والرّأس [مريم: 4] ورّأسه [البقرة: 196] وكأس [الصافات: 45] «2»، وكأسا [الطور: 23]، والضّأن [الأنعام: 143] وشأن [يونس: 61] «3»، قال:
واختلف عنه في الذّئب. ومن الأفعال قوله: لا يلتكم في [الحجرات: 14] «4» لا غير، فأخذ ذلك عليّ بالهمز، وعلى ذلك عامة أهل الأداء عن شجاع.
1652 - وقد روت الجماعة عن اليزيدي عنه أنه همز «الضّأن [الأنعام:
143]، والذّئب [يوسف: 13]، وو بئر [الحج: 45]، وو لملئت [الكهف: 18]، ولا يلتكم [الحجرات: 14]. نصّوا على هذه الخمس كلم.
1653 - وزاد أبو عبد الرحمن وأبو حمدون عن اليزيدي عنه أصلا مطّردا، وثلاث كلم:
فالأصل المطّرد: كل همزة كانت فاء ودخل همزة الوصل عليها، نحو إلى الهدى ائتنا [الأنعام: 71] ولقآءنا ائت [يونس: 15] ومّن يقول ائذن لّى [التوبة: 49] والملك ائتونى [يوسف: 50] وما أشبهه.
والثلاث كلم دأبا [يوسف: 47] «5» ومثل دأب [غافر: 31] ورأفة [النور: 2].
1654 - قال أبو عمرو: وأحسبهم أرادوا أن أبا عمرو كان يهمز هذه المواضع إذا حقّق القراءة؛ لأن قولهم عن اليزيدي عنه قول عام يوجب الاطّراد وينفي التخصيص.
__________
(1) وطرقه في رواية اليزيدي هو الثامن والأربعون، والخامس والخمسون، والسادس والخمسون، والسابع والخمسون، ومن الحادي والستين إلى الخامس والستين على التوالي، والثامن والستون، والتاسع والستون وجميعها بعد المائة. وطرقه في رواية شجاع بن أبي نصر هي من الخامس والثمانين إلى التسعين على التوالي وكلها بعد المائة.
(2) الصافات/ 45، وفي ت، م: (الكأس) بالتعريف ولا يوجد في التنزيل.
(3) يونس/ 61 وفي ت، م: (الشأن) بالتعريف. ولا يوجد في التنزيل.
(4) الآية/ 14. قرأها أبو عمرو (لا يألتكم). انظر النشر 2/ 376، السبعة/ 606.
(5) يوسف/ 47. قرأها أبو عمرو بإسكان الهمزة. انظر النشر 2/ 295، السبعة/ 349.

(2/568)


1655 - وحدّثني عبد الله «1» بن محمد قال: حدّثنا عبد الله بن أحمد البغدادي قال: أقرأني أحمد بن عثمان بن جعفر قال: أقرأني أبو عيسى الزّينبي قال: أقرأني جعفر غلام سجادة قال: أقرأني اليزيدي عن أبي عمرو بترك الهمز الساكن إلا ما خرج بلفظ الأمر كقوله: فأتوا بسورة [البقرة: 22] وو أمر أهلك [طه: 132] فأذنوا [البقرة: 279] ويصلح ائتنا [الأعراف: 77] ولقآءنا ائت [يونس: 15] وأتمروا [الطلاق: 6] وفأوا [الكهف: 16] وأشباه ذلك، فإنه لم يترك همزه. قال:
وكذلك الذّئب والبئر «2» وكدأب ومثل دأب [غافر: 31] وبادى الرّأى [هود: 27] «3» وننسها [البقرة: 106] وتسؤكم [المائدة: 101] وإن نّشأ [الشعراء: 4] وو هيّئ لنا [الكهف: 10] وو يهيّئ لكم [الكهف: 16] وفادّرءتم [البقرة: 72] والّذى اؤتمن [البقرة: 283] ومّؤصدة [البلد: 20] لم يترك همز هذه الحروف. ولا أعلم هذا يحفظ عن اليزيدي إلا من هذا الطريق.
1656 - [و] «4» روى أصحاب ابن فرح «5»، عنه، عن الدوريّ عن اليزيدي همز ثلاثة أحرف: الذّئب والبئر والضّأن ولعله كان يهمزها في حال التحقيق.
1657 - حدّثنا محمد بن «6» علي قال: حدّثنا ابن قطن قال: حدّثنا أبو خلاد عن اليزيدي عن أبي عمرو أنه كان إذا قرأ لم يهمز كلّ ما كانت الهمزة فيه مجزومة، مثل:
يؤمنون [البقرة: 3] ويأكلون [البقرة: 174] وما أشبهه. ويحكى ذلك عن العرب
__________
(1) صدر الإسناد قبل الزينبي تقدم في الفقرة/ 643.
- أبو عيسى الزينبي اسمه موسى بن إبراهيم، الهاشمي، البغدادي، قال ابن بويان: كان شريفا فاضلا جليلا. غاية 2/ 316.
إبراهيم بن حماد أبو إسحاق، غلام سجادة، وهم فيه عبيد الله بن محمد أبو أحمد الفرضي فسماه جعفرا، وخالف سائر أصحاب ابن بويان، وفي بعد الستين ومائتين، غاية 1/ 12.
وطريق الزينبي عن غلام سجادة عن اليزيدي ليس من طرق جامع البيان، وهو في المستنير لابن سوار، والكفاية لأبي العز، والكامل للهذلي، كما أشار في غاية النهاية 1/ 13.
(2) الحج/ 45. وفي ت، م: (البئر) بالتعريف ولا يوجد في التنزيل.
(3) هود/ 27. قرأ أبو عمرو (بادئ) بالهمز. انظر النشر 1/ 407، والسبعة/ 332.
(4) زيادة ليستقيم السياق.
(5) لم يتقدم لابن فرح عن الدوري سوى الطريق الثامن والأربعين بعد المائة.
(6) انظر الطريق/ 179. وإسناده صحيح.

(2/569)


الفصحاء، فإذا لم تكن الهمزة جزما همز مثل قوله: ويؤخّركم [إبراهيم: 10] وما أشبهه. وتابع أبا خلاد عن اليزيدي عن أبي عمرو على حكايته هذه في الساكنة والمتحرّكة جميع أصحابه «1».
1658 - وحدّثنا محمد «2» بن أحمد قال: حدّثنا محمد بن القاسم قال: حدّثنا أبو العباس عن سلمة بن عاصم عن الفرّاء أن العرب لا تنطق بهمزة ساكنة إلا بني تميم فإنهم يهمزون فيقولون: الذئب والرأس والكأس.
1659 - قال أبو عمرو: ولتخصيص أكثر العرب الهمزة الساكنة بالترك، خصّها أبو عمرو بالتسهيل دون المتحركة، هذا مع اقتدائه في ذلك بأئمته الذين قرأ عليهم من أهل الحجاز وغيرهم.
1660 - قال أبو عمرو: وقد كان ابن مجاهد يخصّ بالهمز اختيارا ما كان سكونه علامة للجزم أو للبناء، وما ترك همزه يوجب الثقل والاشتباه بما لا يهمز أصلا، والخروج من لغة من يهمز إلى لغة من لا يهمز وترك همز ما عدا ذلك من الساكن. وبتخصيص ذلك كله بالهمز للمعاني الخمسة المذكورة قرأت على أبي الفتح «3»، وأبي الحسن «4»، وغيرهما «5» من طريقه، وهو اختيار أبي طاهر بن أبي هاشم وجميع أصحابه وأصحاب ابن مجاهد وهو اختياري أنا، وبه آخذ.
1661 - لأنه رحمه الله بناه على نصّ ما اجتمع عليه الرواة عن اليزيدي عن أبي عمرو من أنه همز أو ننسها [البقرة: 106]؛ إذ هو من التأخير وأرجئه [الأعراف: 111] من أرجأت ورءيا [74]؛ إذ هو من الرواء ومّؤصدة [البلد: 20]؛ إذ هي من آصدت، وإنه همز وهيّئ لنا [الكهف: 10] وو يهيّئ لكم [الكهف: 16]،
__________
(1) أصحاب اليزيدي.
(2) محمد بن أحمد بن علي، محمد بن القاسم بن محمد بن الأنباري. وأبو العباس هو أحمد بن يحيى ثعلب. والفراء اسمه يحيى بن زياد. والإسناد صحيح، والرواية في إيضاح الوقف والابتداء (1/ 166) به مثلها.
(3) من الطريقين: الثاني والأربعين والثالث والأربعين كلاهما بعد المائة.
(4) هذا الطريق خارج عن طرق جامع البيان، وهو في النشر انظر النشر 1/ 125.
(5) مثل عبد العزيز بن جعفر الفارسي من الطريقين: التاسع والثلاثين، والسابع والستين كلاهما بعد المائة.

(2/570)


وعلى رواية أبي عبد الرحمن «1» وأبي حمدون «2» عن اليزيدي عنه أنه همز أنبئهم [البقرة: 33] وو نبّئهم [الحجر: 51]، [و] «3» على رواية عبد العزيز «4» بن محمد الهلالي عن أبيه عن محمد بن عمر بن رومي عن اليزيدي عنه أنه همز وتئوي إليك [الأحزاب: 51]، والتي تئويه [المعارج: 13] فقاس ببراعة فهمه ولطيف حسّه ووفور معرفته على ما ورد النصّ فيه ما جرى مجراه ودخل في معناه، وجعل الهمزة فيه مطّردا.
1662 - وأنا أذكر جملة الوارد في كتاب الله تعالى من ذلك ليرتفع الإشكال في معرفته ويحفظ بكماله إن شاء الله تعالى.
1663 - فأما ما سكونه علامة للجزم فجملته تسعة عشر موضعا أولها في البقرة:
[106]: أو ننسئها، وفي آل عمران [130]: تسؤهم، وفي النساء [133]: إن يشأ يذهبكم، وفي المائدة [101]: تسؤكم، وفي الأنعام [39]: من يشإ الله يضلله ومن يشأ يجعله، وإن يشأ يذهبكم [النساء: 133]، وفي التوبة [50]:
تسؤهم، وفي إبراهيم [19]: إن يشأ يذهبكم، وفي سبحان [54]: إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذّبكم، وفي الكهف [16]: ويهيّئ لكم، وفي الشعراء [4]:
إن نّشأ ننزّل عليهم، وفي سبأ [9]: إن نّشأ نخسف بهم الأرض، وفي فاطر [16]:
إن يشأ يذهبكم، وفي يس [43]: وإن نّشأ نغرقهم، وفي عسق [24]: فإن يشإ الله يختم على قلبك، وإن يشأ يسكن الرّيح [33]، فحرّكت الهمزة في الحرف الأول منهما، وفي الأنعام للساكنين، وفي النجم [36]: أم لم ينبّأ.
1664 - وأما ما سكونها للبناء، فجملته أحد عشر موضعا أولها في البقرة [33]:
يادم أنبئهم، وفي الأعراف [111] والشعراء [36]: أرجئه، وفي يوسف [36]:
نبّئنا بتأويله، وفي الحجر [49]: نبّئ عبادى، وو نبّئهم عن ضيف إبراهيم [51]، وفي سبحان [14]: اقرأ كتبك، وفي الكهف [10]: وهيّئ لنا، وفي
__________
(1) اسمه عبد الله بن أبي محمد اليزيدي.
(2) اسمه الطيب بن إسماعيل.
(3) زيادة ليستقيم السياق.
(4) عبد العزيز بن محمد تقدم هو وأبوه وابن رومي، وإسناد الداني إليه موصولا في الفقرة/ 227.

(2/571)


القمر [28]: ونبّئهم أنّ المآء، وفي العلق [1]: اقرأ باسم ربّك، واقرأ وربّك الأكرم [3].
1665 - وأما ما يوجب ترك همزة الثقل فجملته موضعان: في الأحزاب [51]:
وتئوى إليك، وفي المعارج [13]: تئويه لأنه لو ترك همزها لاجتمع فيهما واوان واجتماعهما أثقل من الهمز، على أن ابن رومي قد جاء بالهمز فيهما منصوصا عن اليزيدي عن أبي عمرو كما قدّمناه.
1666 - وأما ما يوجب الاشتباه بما لا يهمز فهو موضع واحد قوله في مريم [74]: أثثا ورءيا؛ لأنه لو ترك همزه لاشتبه بريّ الشارب وهو امتلاؤه، وذلك عنده من الرّواء وهو المنظر الحسن «1». وقد نصّ على الهمز فيه جميع أصحاب اليزيدي.
1667 - وأما ما يوجب الخروج من لغة إلى لغة، فجملته موضعان: وهما قوله مّؤصدة في البلد [20] والهمزة؛ لأنه لو ترك همزهما- وهما عنده من آصدت- يخرج بذلك إلى لغة من هما عنده من أوصدت «2»، وبالهمز نصّ عليهما جميع أصحاب اليزيدي، فوجب المصير إلى ذلك، ونبذ ما سواه.
1668 - ولا أعلم خلافا بين أهل الأداء إلا من شذّ منهم في ترك همز الذّئب [13] حيث وقع. وبه «3» كان يأخذ ابن مجاهد وأصحابه ولم يجمعوا على ترك همزه إلا للذي «4» ورد عن أبي عمرو من كونه عنده من المهموز لا غير. ولو كان أيضا من غير المهموز كالفيل والنيل وشبههما مما لا أصل له في الهمز يجري مجرى ما فيه لغتان، لوجب «5» همزه للدلالة على أصله، على أن إبراهيم بن اليزيدي وأبا حمدون وأبا خلاد وأبا شعيب، وغيرهم «6» قد نصّوا عليه عن اليزيدي عن أبي عمرو، وبذلك كان يأخذ أحمد ابن «7» فرح، ويرويه عن أبي عمر، عن اليزيدي.
__________
(1) انظر: الكشف عن وجوه القراءات السبع 1/ 86.
(2) انظر: الكشف عن وجوه القراءات السبع 1/ 86.
(3) في ت، م: (وقد) وهو تحريف لا يستقيم به السياق.
(4) في ت، م: (الذي) وهو تحريف لا يستقيم به السياق.
(5) في ت، م: (فوجب) ولا تكون الفاء في جواب لو.
(6) في م (وغير). وهو خطأ واضح.
(7) وطريقه عن الدوري عن اليزيدي هو الثامن والأربعون بعد المائة.

(2/572)


وأحسبهم أنهم أرادوا أنه يهمزه إذا حقق القراءة أو قرأ في غير الصلاة.
1669 - وكذا لا أعلم خلافا في ترك الهمز في قوله في يونس [93] والحجّ [26]: بوّأنا، وفي يوسف [37]: إلّا نبّأتكما لأنها من الهمز، ولذا «1» رسم لام الفعل فيها ألفا وهي صورة للهمزة، ولو كان من غير الهمزة لرسمت لام الفعل ياء، والهمز وغير الهمز في ذلك لغتان، غير أن الهمز هو المجمع عليه في القرآن وهو الأكثر في اللغة، والأوجه في القياس.
1670 - واختلف أصحابنا في قوله: بارئكم [البقرة: 54] في الموضعين على مذهب أبي عمرو في إسكان الهمزة فيهما تخفيفا.
فكان بعضهم يرى تسهيلها وإبدالها ياء كما أبدلت في قوله: وإن أسأتم [الإسراء: 7] وفادّرءتم [البقرة: 72] وثمّ أنشأنا [المؤمنون: 31] وكما بدأنآ [الأنبياء: 104] وشبهه ألفا؛ لأن سكونها في ذلك تخفيف أيضا، وبذلك قرأت على أبي الحسن «2» عن قراءته.
وكان آخرون لا يرون إبدالها في الموضعين الأولين لما بلغهما من التغيير والإعلال بذلك؛ لأنها كانت متحرّكة فأعلّت بالسكون للتخفيف، فإن أبدلت أعلّت مرّتين، وبذلك قرأت على أبي الفتح «3» عن قراءته.
1671 - وقد «4» كان بعض شيوخنا يرى ترك الهمز في الوقف في هود:
بادئ [هود: 27] لأن الهمزة في ذلك تسكن للوقف، وذلك خطأ في مذهب أبي عمرو من جهتين:
إحداهما إيقاع الإشكال بما لا يهمز؛ إذ هو عنده من الابتداء الذي أصله الهمز لا من الظهور الذي لا أصل له في ذلك.
__________
(1) وفي ت، م: (وليس) ولا يستقيم به السياق.
(2) طاهر بن غليون من الطريقين: الثامن والخمسين، التاسع والخمسين وكلاهما بعد المائة.
(3) فارس بن أحمد، وانظر الطرق/ 143 - 148/ 152 - 157/ 161 - 165/ 168، 169.
(4) من هنا إلى نهاية الفقرة بعد التالية نقله ابن الجزري في النشر (1/ 407) من قول الحافظ في جامعه. ويقصد أبا عمرو الداني في جامع البيان.

(2/573)


والثانية: أن ذلك كان يلزم في نحو: قرىء [الأعراف: 204] واستهزىء [الأنعام: 10] وشبههما بعينه وذلك غير معروف من مذهبه فيه.
1672 - فإذا تحرّكت الهمزة فلا خلاف عنه في تحقيقها سواء كانت فاء أو عينا أو لاما وبالله التوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل.