جامع البيان في القراءات السبع باب ذكر بيان مذهب
هشام عن ابن عامر وحمزة في الوقف على الهمزة المتطرفة
1673 - اعلم أن هشاما من طريق الحلواني «1»، وحمزة من طرقه
كانا يقفان على الهمزة الساكنة والمتحرّكة إذا وقعت طرفا في
الكلمة بتسهيلها، ويصلان بتحقيقها.
1674 - فأما الساكنة، فإن ما قبلها متحرّك بإحدى الحركات
الثلاث: بالفتح أو الكسر أو الضم ولا يليها غير ذلك، فإذا تحرك
بالفتح أبدلاها في الوقف ألفا نحو قوله: إن يشأ [النساء: 133]،
وأم لم ينبّأ [النجم: 36] واقرأ [العلق: 1] وما أشبهه. وإذا
تحرك بالكسر أبدلاها فيه ياء نحو قوله: نبّئ عبادى [الحجرات:
39] وو هيّئ لنا [الكهف: 10] وو يهيّئ لكم [الكهف: 16] وما
أشبهه. وكذلك ومكر السّيّئ [فاطر: 43] «2»، على قراءة حمزة،
وسواء كان سكون الهمزة لجازم أو للبناء أو لتوالي الحركات
تخفيفا، ولم يأت في القرآن ساكنة مضموم ما قبلها، ولو أتت
لأبدلاها واوا.
1675 - وأما المتحركة فإن ما قبلها يكون متحرّكا وساكنا وإذا
كان متحرّكا أبدلاها في جميع وجوهها وحركاتها حرفا خالصا من
جنس تلك الحركة؛ لأنها تدبرها لقوتها، فإن كانت فتحا أبدلاها
ألفا نحو قوله: أن لّا ملجأ [التوبة: 118] وذرأ [الأنعام: 136]
وامرأ [مريم: 28] ومّن مّلجإ ومن سبإ بنبإ وإلى الملإ [البقرة:
246] وو يستهزأ [النساء: 140] والملإ [الأعراف: 60] وملأ
[الأعراف: 16] وظمأ [التوبة: 120] وما أشبهه. وإن كانت كسرا
أبدلاها ياء نحو
__________
(1) وطرقه من العاشر بعد المائتين إلى الثالث عشر بعد المائتين
على التوالي.
(2) فاطر/ 43. يقرؤها حمزة بإسكان الهمزة في الوصل لتوالي
الحركات تخفيفا. انظر النشر 2/ 352، السبعة/ 535.
(2/574)
قوله: استهزئ [الأنعام: 10] وقرىء
[الأعراف: 204] ولكلّ امرئ [النور: 11] ومن شطئ [القصص: 30]
ويستهزئ [البقرة: 15] ويبدئ [العنكبوت: 19] وو أبرىء [آل
عمران: 49] وو ينشئ [الرعد: 12] وو تبرئ [المائدة: 110]
والبارئ [الحشر: 24] وما أشبهه. وإن كانت ضمّا أبدلاها واوا
نحو قوله: إن امرؤا [النساء: 176] ولؤلؤ [الطور: 24] وكأمثل
اللّؤلؤ [الواقعة: 23] وما أشبهه.
وسواء تحركت بالفتح أو الكسر أو الضم فإنها تسهل على حركة ما
قبلها دون حركتها لتطرّفها؛ إذ كانت تسكن عند الوقف فدبرتها
تلك الحركة كما تدبر الساكنة.
1676 - وقد زعم قوم من أهل الأداء أن هذه الهمزة تسهل على
حركتها دون حركة ما قبلها، فإن كانت مفتوحة جعلت بين الهمزة
والألف، وإن كانت مكسورة جعلت بين الهمزة والياء، وإن كانت
مضمومة جعلت بين الهمزة والواو، وهذا ليس بشيء؛ لأن الهمزة
إنما تسهل بين بين في الموضع الذي يلزمها فيه الحركة في الوقف،
وهو الحشو، فأما الموضع الذي يلزمها فيه السكون وهو الطرف
فالبدل بحروف اللين أولى بها فيه من غيره؛ لبيانه وخفّته وبعده
من الكلفة، فالقياس ما بدأنا به وهو مذهب جميع النحويين، وبه
قرأت وعليه العمل.
1677 - وكذلك رواه خلف عن سليم عن حمزة منصوصا في إن امرؤا
«1»، أو من شاطىء «2»، قال: يقف بالواو والياء. حدّثنا بذلك
محمد بن «3» علي عن ابن الأنباري عن إدريس عن خلف.
1678 - وقال محمد بن واصل في كتاب الوقف: [وقف] «4» حمزة على
قوله:
أن لّا ملجأ [التوبة: 118]، وبدأ الخلق [العنكبوت: 20]، ومبوّأ
صدق [يونس:
93] بغير همز ولا مدّ.
1679 - وقال أبو أيوب «5» الضبّي في كتابه: حمزة يقف على
الحروف المنصوبة
__________
(1) انظر إيضاح الوقف والابتداء 1/ 407.
(2) انظر إيضاح الوقف والابتداء 1/ 421.
(3) الإسناد صحيح، والطريق خارج عن طرق جامع البيان، وإدريس هو
ابن عبد الكريم الحداد.
(4) زيادة ليستقيم السياق.
(5) اسمه سليمان بن يحيى بن أيوب.
(2/575)
غير المنوّنة بغير همز ويقف بالألف «1»
مثل: نبأ نوح [يونس: 71] وأن لّا ملجأ.
1680 - وقال ابن واصل والضبّي: حمزة يقف إن امرؤا [النساء:
176] ومن شاطىء [القصص: 30] زاد ابن واصل الله يستهزئ بهم
[البقرة: 15] بغير همز ولا مدّ. ثم قال ابن واصل: يبدئ الله
الخلق «2» [العنكبوت: 19] ويبدئ ويعيد [البروج:
13] «3» يقف على جميعه وشبهه بياء ثم يشير إلى إعرابها.
1681 - قال أبو عمرو: والإشارة إلى الإعراب في هذا الضرب من
التخفيف غير جائز لما سنبيّنه بعد.
1682 - وقال أبو العباس «4» الورّاق، عن خلف عن سليم، عن حمزة،
وسائر أصحاب سليم عنه في هذا الباب مثل قول ابن واصل والضبّي،
وإلى ذلك ذهب ابن مجاهد وأبو طاهر وغيرهما من علمائنا. وقال
الدوري عن خلف عن سليم عن حمزة أنه يقف ومكر السّيّئ [فاطر:
43] بياء ساكنة.
1683 - قال أبو عمرو: والرّوم والإشمام ممتنعان في هذا الضرب
على المذهبين المذكورين جميعا «5»؛ لأن الهمزة في حال البدل
تصير حرف مدّ ولين خالصا، [و] «6» في حال التسهيل بين الهمزة
والحرف الذي منه حركتها، والرّوم والإشمام لا يكونان في حرف
ساكن محض ولا في حرف معرب منه «7»، وإنما يكونان في حرف متحرّك
صحيح.
1684 - وقد «8» اختلف علماؤنا في كيفية تسهيل ما جاء من الهمز
المتطرّف
__________
(1) في م: (يقف الألف). ولا يستقيم به السياق.
(2) العنكبوت/ 19. ولم يذكر لفظ الجلالة في ت، م.
(3) البروج/ 13. وسقطت" ويبدي" من ت.
(4) أحمد بن إبراهيم بن عثمان، وراق خلف، مشهور، كان أحد
الحذاق، وكان ثقة. توفي في حدود السبعين ومائتين. تاريخ بغداد
4/ 8، غاية 1/ 34. وهذا الطريق خارج عن طرق جامع البيان، وهو
من طرق المستنير لابن سوار كما أشار في غاية النهاية 1/ 34.
(5) وهما تسهيل الهمزة على حركة ما قبلها بالبدل، وتسهيلها على
حركتها بين بين.
(6) زيادة ليستقيم السياق. أي وفي حال التسهيل تصير بين الهمزة
الخ.
(7) سقطت (منه) من م. والمراد بالحرف المقرب من الساكن الهمزة
المسهلة بين بين.
(8) من هنا إلى نهاية الفقرة الخامسة نقله ابن الجزري في النشر
(1/ 460) من قول الداني في جامعه.
(2/576)
مرسوما في المصحف، على نحو حركته «1»،
كقوله: فقال الملؤا الّذين كفروا [المؤمنون: 24] وهو الحرف
الأول من سورة المؤمنين، وكذلك الثلاثة «2» الأحرف الذين في
النمل لا غير، وكذلك تفتؤا [يوسف: 85]، ويتفيّؤا [النحل: 8]،
ويبدؤا [النمل: 64]، وو يدرؤا [النور: 8]، ويعبؤا [الفرقان:
77]، وينشّؤا [الزخرف: 18] «3»، وينبّؤا [القيامة: 13] «4»،
وما أشبهه مما صوّرت الهمزة فيه واوا على حركتها أو على مراد
الوصل. وكذلك من نّبإى المرسلين [الأنعام: 34] وشبهه مما رسمت
فيه ياء على ذلك أيضا.
1685 - فقال بعضهم: تسهيل الهمزة في جميع ذلك على حركة ما
قبلها، فتبدل ألفا ساكنة حملا على سائر نظائره، وإن اختلفت
صورتها فيه؛ إذ ذلك هو القياس، وهذا كان مذهب شيخنا أبي الحسن
«5» رحمه الله.
1686 - وقال آخرون: تسهيل الهمزة في ذلك بأن تبدل بالحرف الذي
منه حركتها موافقة لرسمها تبدل واوا ساكنة في قوله: الملؤا
[المؤمنون: 24] وبابه تبدل ياء ساكنة في قوله: من نّبإى
المرسلين ونحوه. وهذا كان مذهب شيخنا أبي الفتح «6» رحمه الله،
وهو اختياري أنا، وإن كان المذهب الأول هو القياس فإن هذا أولى
من جهتين:
إحداهما أن أبا هشام وخلفا رويا عن حمزة نصّا أنه كان يتبع في
الوقف على الهمزة خط المصحف، فدلّ على أن «7» وقفه على ذلك كان
بالواو وبالياء على حال رسمه دون الألف لمخالفتها «8» إياه.
__________
(1) الأصل في رسم الهمزة المتطرفة أن ترسم بصورة الحرف الذي
منه حركة ما قبلها. انظر المقنع للداني 65، 68.
(2) في ت: (الثلاث). وهو خطأ.
(3) الزخرف/ 18. وفي م: (نشوءا) وهو في هود/ 87. وكلاهما صحيح.
(4) ص/ 21. وفي ت (يتبوأ) وهو في يوسف/ 56. والهمزة فيه مرسومة
على ألف بحسب حركة ما قبلها. وانظر المقنع/ 62.
(5) طاهر بن غلبون.
(6) فارس بن أحمد.
(7) في م: (أنه). وهو غير مرضي والذي في النشر (1/ 461) موافق
لما في ت.
(8) في ت، م، والنشر (لمخالفتهما). ولا يستقيم به السياق.
(2/577)
والجهة الثانية: أن خلفا قد حكى ذلك عن
حمزة منصوصا.
1687 - فحدّثنا «1» محمد بن أحمد الكاتب قال: حدّثنا محمد بن
القاسم قال:
حدّثنا إدريس عن خلف قال: كان حمزة يشمّ الياء في الوقف ما كان
فيه ياء مثل من نّبإى المرسلين [الأنعام: 34] وتلقآئ نفسى
[يونس: 15] وو إيتآئ ذى القربى [النحل: 90] وو من ءانآئ الّيل
[طه: 13].
1688 - [و] «2» روى محمد بن «3» الجهم، عن خلف، عن سليم، عن
حمزة أنه كان يقف يعبؤا [الفرقان: 77] وتفتؤا [يوسف: 85]
والملؤا [البقرة: 246] ويدرؤا [النور: 8] بالواو من غير إشارة
إلى الهمزة.
1689 - قال أبو عمرو: وهذه «4» الكلم في المصاحف مرسومة بالياء
والواو، ومع هاتين الجهتين، فإن إبدال الهمزة بالحرف الذي من
حركتها دون حركة ما قبلها في الوقف خاصة في نحو ذلك لغة معروفة
حكاها سيبويه وغيره من النحويين.
1690 - قال سيبويه «5»: (يقولون في الوقف هذا الكلو فيبدلون من
الهمزة واوا، ومررت بالكلي، ويبدلون منها ياء، ورأيت الكلا
فيبدلون منها ألفا حرصا على البيان).
قال: (وهم الذين يحقّقون في الوصل). فوجب استعمال هذه اللغة،
في مذهب هشام وحمزة، في الكلم المتقدمة؛ لأنهما من أهل التحقيق
في الوصل كالعرب الذي «6» جاء عنهم «7» ذلك.
1691 - على أن محمد بن أحمد بن واصل قد حكى في كتابه الوقف
والابتداء في قوله: أو من ينشّؤا [الزخرف: 18] قال: إن شئت
وقفت على الألف ساكنة وإن شئت وقفت وأنت تروم الضم، يعني:
بالواو على حال الرسم، فدلّ ذلك على استعمال الوجهين وجوازهما
في مذهب حمزة.
__________
(1) تقدم هذا الإسناد في الفقرة/ 1677.
(2) زيادة ليستقيم بها السياق.
(3) من الطريق الثاني والثلاثين بعد الثلاث مائة.
(4) من هنا إلى نهاية الفقرة التالية، نقله ابن الجزري في
النشر (1/ 461) من قول الداني في جامعه.
(5) انظر الكتاب 4/ 178 تحقيق عبد السلام محمد هارون.
(6) انظر التعليق على الفقرة/ 7.
(7) في ت (منهم)، والذي في م هو الموافق لما في النشر.
(2/578)
1692 - وأما إذا كان ما قبل الهمزة ساكنا
فإنه ينقسم قسمين: أصليّا وزائدا.
1693 - فأما الأصلي فإنهما ينقلان إليه حركة الهمزة ويحركانه
بها فتسقط من اللفظ لسكونها، وتقدير سكون الحرف المنقول إليه
حركتها، وسواء كان حرف علّة:
ياء، أو واوا أو كان حرف صحة من سائر الحروف، وذلك نحو قوله:
سىء بهم [هود: 77] وحتّى تفىء [الحجرات: 9] ووجاىء [الزمر: 69]
ويضىء [النور: 35] والمسىء [غافر: 58] ومن شىء [آل عمران: 92]
وعليه شىء [آل عمران: 5] وأن تبوأ [المائدة: 29] وليسئوا
[الإسراء: 7] ولتنوءا [القصص: 76] وبالسّوء [البقرة: 169] ومطر
السّوء [الفرقان: 40] والمرء [النبأ: 40] وبين المرء [البقرة:
102] وجزءا [الحجر: 44] «1»، ودفء [النحل: 5] والخبء [النحل:
25] ومّلء الأرض [آل عمران: 91] وما أشبهه.
1694 - وقد أجاز بعض علمائنا في الياء والواو البدل والإدغام
في الوقف؛ حملا للأصل «2» على الزائد، وذلك قياس ما حكاه ابن
«3» واصل، وأبو أيوب «4» الضبّي عن أصحابهما، عن حمزة: من
الوقف على قوله: شيئا [البقرة: 48] وكهيئة [آل عمران: 49]
بالتشديد، على أن الضبّي قد روى عن أصحابه: الوقف على لتنؤا
[الإسراء: 7] «5» بتشديد الواو فدلّ على إجراء القياس في
نظائره، وبذلك أقرأني أبو الفتح «6» عن قراءته.
1695 - وقد حكى ذلك يونس «7»، والكسائي جميعا عن العرب وأجازاه
والنقل
__________
(1) الحجر/ 44. وفي ت، م: (جزءا) وهو من الهمز المتوسط، انظر
أمثلة الفقرة/ 1743.
(2) في م: (الأصل) وهو خطأ؛ لأنه لا يناسب المقام.
(3) محمد بن أحمد بن واصل.
(4) سليمان بن يحيى بن أيوب.
(5) في م: (ليسؤا).
(6) فارس بن أحمد وطرقه بعرض القراءة هي من الخامس والثلاثين
إلى التاسع والثلاثين على التوالي، وكلها بعد الثلاث مائة،
وذلك في قراءة حمزة. وأما في رواية هشام عن ابن عامر فهي
الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، والخامس عشر، وكلها بعد
المائتين.
(7) يونس بن حبيب، الضبي البصري أبو عبد الرحمن، إمام في النحو
واللغة، سمع من العرب، مات سنة اثنتين وثمانين ومائة. البلغة
في تاريخ أئمة اللغة لمجد الدين الفيروزآبادي/ 295، بغية
الوعاة 2/ 365.
(2/579)
أوجه وأقيس. وبه قرأت على أبي الحسن «1»
وغيره.
1696 - وأما الساكن الزائد، فيكون ياء أو واوا [فيبدءون] من
الهمزة التي بعدهما بأيّ حركة تحرّكت حرفا صحيحا من جنسهما
ويدغمانها فيه فرقا بين الزائد والأصلي، فيقفان على ما فيه
الواو بواو مشددة كقوله: ثلثة قروء [البقرة: 228] لا أعلم في
كتاب الله غيره. وعلى ما فيه الياء بياء مشددة كقوله: إنّما
النّسىء [التوبة:
37] وبرىء [الأنعام: 19] ودرّيء [النور: 35] «2» على قراءة
حمزة وما أشبهه، وهذا ما لا خلاف فيه بين القرّاء والنحويين.
1697 - والرّوم والإشمام جائزان في الحرف المتحرّك بحركة
الهمزة «3»، وفي المبدل منها «4» إن انضما، والرّوم خاصة إن
انكسرا والإسكان وحده إن انفتحا كالهمزة سواء؛ لأن حركتها
ثابتة فيهما كثبوتها فيها، على أن محمد بن واصل قد حكى في كتاب
الوقف أن حمزة لم يكن يشير إلى الهمزة ولا الإعراب إذا ألقى
حركتها على الساكن قبلها، والقياس الإشارة.
1698 - وإذا كان الساكن ألفا سواء كانت مبدلة من ياء أو واو أو
كانت زائدة فإنهما يبدلان من الهمزة التي تقع بعدها ألفا بأيّ
حركة تحرّكت في الوصل من فتح أو كسر أو ضمّ؛ لأنها تسكن في
الوقف، فتدبّرها حركة الحرف الذي قبلها؛ لأن تلك الألف الفاصلة
بينهما ليست بحاجز حصين، وذلك نحو قوله: جآء [النساء: 43] وشآء
[البقرة: 20] وما يشآء [آل عمران: 40] وو من أسآء [فصلت: 46]
وأضآء [البقرة: 20] ومن المآء [الأعراف: 50] ومنه المآء
[البقرة: 74] وكذلك أوليآء [آل عمران: 38] وضرّآء [يونس: 21]
وأنبيآء [البقرة: 91] وتلقآء [الأعراف: 47] ومن مّآء [البقرة:
164] وعلى سوآء [الأنفال: 58] وبنآء [البقرة:
22] ومّن السّمآء [البقرة: 19] وهؤلآء [البقرة: 31] والسّرّآء
[آل عمران: 134]
__________
(1) طاهر بن عبد المنعم بن غلبون. وطريقه هو الرابع والثلاثون
بعد الثلاث مائة. وذلك في قراءة حمزة. وطريق قراءة الداني عليه
في رواية هشام خارج عن طرق جامع البيان وانظر الفقرة/ 2215.
(2) النور/ 35. قرأها حمزة بضم الدال وتشديد الراء والمد
والهمز. انظر النشر 2/ 332، السبعة/ 456.
(3) وهو الساكن الأصلي.
(4) وهو الساكن الزائد.
(2/580)
والضّرّآء [البقرة: 177] والكبريآء [يونس:
78] والبلؤا [الصافات: 106] وأغنيآء [البقرة: 272]
وأوليآء، والسّفهآء [البقرة: 13] وسوآء [التوبة: 6] وبلآء
[البقرة: 49] وما أشبهه. وجاء بذلك عن حمزة نصّا الرفاعي
«1»، فقال به سليم عنه: إذا مددت الحرف المهموز ثم سكّنت،
فأخلف مكان الهمزة مدّة، أي:
أبدل بها «2» ألفا.
1699 - واختلف أصحابنا في تمكين مدّ الألف، فكان بعضهم
يمكنهما زيادة ليفصل بذلك بينهما وبين المبدلة من الهمزة
وليدلّ به عليها، وذلك قياس ما أجازه يونس «3» في اضربان
زيدا واضربنان زيدا على لغة من خفّف النون؛ لأنها تبدل في
الوقف ألفا، فيجتمع ألفان فيزداد في المدّ لذلك.
1700 - حدّثنا أحمد «4» بن عمر قال: قال لنا أبو جعفر بن
النحاس: إذا وقف يونس قال: اضربا، يمدّ صوته، يريد
الألفين.
1701 - وكان آخرون لا يمكّنونها؛ لأنها لما التقت مع
المبدلة من الهمزة حذفت للساكنين، فبطل التمكين الزائد
لذلك، والتمكين أقيس؛ لانعقاد الإجماع على جواز الجمع بين
الساكنين في الوقف، ولأن خلفا قد جاء به منصوصا عن سليم عن
حمزة، فقال يقف بالمدّ من غير همز.
1702 - وجائز أن تحذف المبدلة من الهمزة وتبقى هي، فعلى
هذا يزاد في تمكينها أيضا ليدلّ بذلك على الهمزة بعدها.
1703 - وقد أخذ كثير من أهل الأداء في هذا الفصل كله، فجعل
الهمزة فيه بين بين دون البدل، فجعلوا المفتوحة بين الهمزة
والألف، والمكسورة بين الهمزة
__________
(1) محمد بن يزيد بن رفاعة.
(2) في م: (منها).
(3) يونس بن حبيب. وانظر قوله هذا في كتاب سيبويه منسوبا
إلى يونس وناس من النحويين.
كتاب سيبويه 3/ 527.
(4) أحمد بن محمد بن عمر بن محفوظ.
- أبو جعفر بن النحاس اسمه أحمد بن محمد بن أحمد بن
إسماعيل، النحوي المصري، قال السيوطي: من أهل الفضل الشائع
والعلم الذائع، وكان صادقا، مات سنة ثمان وثلاثين وثلاث
مائة. بغية الوعاة 1/ 362، حسن المحاضرة 1/ 531.
(2/581)
والياء، والمضمومة بين الهمزة والواو،
وسكنوا الألف قبلها زيادة؛ لكون التخفيف عارضا، وبذلك قرأت
في المكسورة والمضمومة دون المفتوحة على أبي الفتح «1»، عن
قراءته. وكذلك روى ذلك خلف وغيره عن سليم عن حمزة منصوصا.
1704 - حدّثنا محمد «2» بن علي قال: حدّثنا محمد بن
القاسم، قال: حدّثنا إدريس عن خلف، قال: كان حمزة يسكت على
قوله: إنّ الّذين كفروا سوآء يمدّ، ويشمّ «3» الرفع، من
غير همز. وقال ابن «4» واصل: حمزة يقف على" هؤلاء" بالمدّ،
والإشارة «5» إلى الكسر، من غير همز، ويقف على لا تسئلوا
عن أشيآء [المائدة: 101] تسألوا بالمدّ، ولا يشير إلى
الهمزة. قال: ويقف على الفقرآء [البقرة:
271] والبلؤا [الصافات: 106] والبأسآء [البقرة: 177]
والضّرّآء [البقرة: 177] بالمدّ والإشارة. قال: وإن شئت لم
تشر ومدّدت، قال: ويقف على رحلة الشّتآء [قريش: 2] بالمدّ
والإشارة وإن شئت لم تشر.
1705 - وقال الضبّي «6»: حمزة يقف مّن السّمآء [البقرة:
19] بألف ساكنة وكذلك ما أشبهه. وهذا على البدل والحذف،
والبدل في المكسورة والمضمومة أقيس لما ذكرناه، والتخفيف
فيهما آثر وعليه العمل عند ابن مجاهد وسائر أصحابه.
1706 - حدّثنا الفارسي «7»، قال حدّثنا أبو طاهر بن أبي
هاشم قال: كان حمزة يمدّ الممدود، ويشير إلى الرفع والخفض
بعد المدّة، ولا يروم «8» الهمز، كأنه يومئ في المرفوع إلى
الواو، وفي المخفوض إلى الياء «9»، وحدثنا بذلك البراثي
«10» عن خلف، عن سليم عنه.
__________
(1) فارس بن أحمد.
(2) تقدم هذا الإسناد في الفقرة/ 1677.
(3) أي يسهل الهمزة بين بين.
(4) محمد بن أحمد بن واصل.
(5) المقصود بالإشارة تسهيل الهمزة بين بين.
(6) سليمان بن يحيى بن أيوب.
(7) عبد العزيز بن جعفر بن محمد، وأبو طاهر هو عبد الواحد
بن عمر.
(8) أي لا يأتي بالهمز. انظر تفسير المؤلف لمثل هذا
التعبير في الفقرة/ 1691.
(9) في ت، م: (وحدثنا) وزيادة الواو خطأ؛ لأن قوله (حدثنا
بذلك الخ) هو من تتمة قول أبي طاهر ابن أبي هاشم.
(10) البراثي اسمه أحمد بن محمد بن خالد بن يزيد، تقدم.
وطريق أبي طاهر عنه خارج عن طرق جامع البيان، والإسناد
صحيح.
(2/582)
1707 - قال أبو عمرو: والرّوم والإشمام على المذهبين «1»
جميعا غير جائزين في الحرف المبدل من الهمز لكونه حرف مدّ،
وفي الهمزة المجعولة بين بين؛ لتقريبها بالتضعيف،
والتوهين، والإخفاء من «2» الساكن، والرّوم حركة، والإشمام
دالّ على حركته، فامتنعا لذلك في الضربين.
1708 - فأما ما جاءت فيه الهمزة من ذلك مصوّرة بالحرف الذي
منه حركتها نحو قوله: ما نشؤا في هود [87]، وشفعؤا في
الروم [13]، وما دعؤا في المؤمن [50]، وكذلك البلؤا
[الصافات: 106] والضعفؤا [التوبة: 91] وشركؤا [النساء: 92]
وإنّا برءؤا [الممتحنة: 4] وو من ءانآئ الّيل [طه: 130]
ومن تلقآئ نفسى [يونس: 15] من ورآء حجاب [الأحزاب: 53]
وشبهه، مما قد ذكرنا جميع الوارد منه في كتابنا المصنّف في
مرسوم المصاحف «3»، فإن الاختيار أن يوقف على المرسوم
بالياء بياء ساكنة، بدلا من الهمزة لما ذكرناه من موافقة
المرسوم، ومتابعة مذهب حمزة، في اتّباعه إيّاه عند الوقف
على الهمز.
1709 - فهذا مذهب هشام وحمزة في تسهيل الهمزة المتطرّفة في
حال الوقف مشروحا في جميع ما يحتاج إليه منه وبالله
التوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل.
|