جامع البيان في القراءات السبع باب ذكر مذاهبهم في
الوقف على الممال في الوصل
2251 - اعلم أن جميع ما ذكرته من الممال مشبعا كان أو غير
مشبع، فإن ذلك اللفظ نفسه تستعمل فيه في الوقف كما يستعمل فيه
في الوصل سواء للإعلام «1» بأن الموقوف «2» عليه يستحق ذلك في
حال الوصل حرصا على البيان كما يوقف بالروم والإشمام لأجل هذا
المعنى، وهذا مما لا خلاف فيه بين القرّاء وأهل الأداء إلا ما
كان من الكلم التي الراء فيهنّ مجرورة، ويقع طرفا بعد الألف
الزائدة والمبدلة، نحو قوله: بمقدار [الرعد: 8] ومن أنصار
[البقرة: 270] وفى النّار [الأعراف: 38] والنّهار [البقرة:
164] وكالفجّار [ص: 28] والأبرار [آل عمران: 193] ومّن الأشرار
[ص: 62] وجرف هار [التوبة: 109] وما أشبهه. وكذا ما كان الحرف
المكسور فيه بعد الألف غير راء نحو قوله: ومن النّاس [البقرة:
8] وسوء الحساب [الرعد: 18] وفى الكتب [البقرة: 159] وما أشبهه
في مذهب من أمال ذلك إمالة خالصة، أو قرأ بين بين، فإن قوما من
أهل الأداء يذهبون إلى أن الوقف على ذلك في مذهب من أماله في
الوصل أو قرأه بين اللفظين بإخلاص الفتح؛ لأن الجالب لذلك «3»
فيه في حال الوصل هو جرّة الإعراب أو كسرة البناء، وهما
ذاهبتان في الوقف إذ لا يوقف على متحرّك، فوجب إخلاص الفتح
للألف قبلها لعدم الجالب لإمالتها هناك وذهابه من اللفظ رأسا،
وهذا مذهب أبي الحسن بن المنادي وأحمد بن نصر «4» الشذائي،
ومحمد بن أشتة، والحسين بن محمد بن حبش، وغيرهم من أهل الأداء،
وسمعت أبا علي «5» الحسين بن سليمان الشافعي المقرئ يقول: هذا
مذهب البصريين «6».
__________
(1) في م: (اللام وعدم). وهو تحريف.
(2) في ت، م: (الوقوف) ولا يستقيم به السياق.
(3) في م: (كذلك). ولا يلائم السياق.
(4) في م: (نصير). وهو خطأ.
(5) في هامش ت (ل 97/ ظ) قال في كتاب الموضح وسمعت الحسن بن
محمد بن سليمان المقرئ يقول هو مذهب البصريين، وفي كتابه هذا
الحسن بن سليمان، والله أعلم. اه أقول:
كذا هو في الموضح 82/ و. وقد تقدمت ترجمته باسم الحسن بن
سليمان ابن الخير.
(6) أي من القراء.
(2/752)
2252 - وقال داود بن أبي طيبة في كتابه عن
ورش عن نافع [97/ ظ] وابن كيسة «1» عن سليم عن حمزة إنهما
يبطحان الألف إذا كان بعدها راء مكسورة، مثل عقبى الدّار
[الرعد: 22] وأصحب النّار [البقرة: 39]. فإذا سقط الكسر عن
الراء كانت مفتوحة.
2253 - وأظن داود قال ذلك رأيا دون نقل مسند إلى نافع وحمزة،
على أن زكريا «2» ابن يحيى المقرئ الأندلسي قد روى عن حبيب «3»
بن إسحاق المقرئ عن داود «4» عن ورش عن نافع دار القرار [غافر:
39] وفى قرار [المؤمنون: 13] وبدينار [آل عمران: 75] وكتب
الفجّار [المطففين: 7] ومن قرار [إبراهيم: 26] ومع الأبرار [آل
عمران: 193] والأشرار [ص: 62] وأصحب النّار [البقرة: 39] وما
أشبهه بالبطح في القراءة والوقوف. وكذلك روى مواس «5» بن سهل
عن أصحابه عن ورش عن نافع. وكذلك رواه نصّا محمد بن عيسى «6»
الأصبهاني عن خلاد عن سليم نصّا.
2254 - وذهب آخرون من أهل الأداء وهم الأكثر إلى أن الوقف على
ذلك في مذهب من أمال بالإمالة الخالصة، وفي مذهب من قرأ بين
اللفظين ولم يشبع بين اللفظين كالوصل سواء، وذلك لمعان كثيرة.
2255 - منها: أن الوقف عارض، والعارض لا يعتدّ به، ألا ترى أنه
قد توصل الكلمة التي في آخرها الكسرة ولا يوقف عليها، فلم يجب
تغييرها في الوقف على ما هي عليه كذلك «7».
__________
(1) أي وقال داود عن ابن كيسة الخ.
(2) زكريا بن يحيى، أبو يحيى، الأندلسي، مقرئ متصدر ضابط، لم
يكن بالأندلس بعد الغاز بن قيس أضبط منه لقراءة نافع. غاية 1/
294.
(3) حبيب بن إسحاق، القرشي، الدمياطي، مصدر، قرأ على عبد الصمد
وداود عن ورش. قرأ عليه أبو يحيى زكريا بن يحيى الأندلسي، غاية
1/ 202 وهذا الطريق خارج عن طرق جامع البيان.
(4) داود بن هارون.
(5) في م: (موسى). وهو خطأ. وفي هامش ت (98/ و): مواس بيان.
(6) تقدم أن هذا الطريق خارج عن جامع البيان.
(7) كذا في ت، م وفي الموضح ل (82/ و): عما هي عليه في الوصل.
اهـ وهو أحسن مما هنا.
(2/753)
2256 - ومنها: أن يبنى الوقف على الوصل في
ذلك، فكما أميل في الوصل لأجل الجرّة والكسرة فكذا «1» يمال في
الوقف، وإن عدمتا فيه، ومثل ذلك بناء الوصل على الوقف «2»
يستعمل «3» كثيرا.
2257 - ومنها: أن يفرق بذلك بين الممال لعلّة وبين ما لا يمال
أصلا.
2258 - ومنها: ما ذكرناه في أول الباب من الإعلام بذلك أنه
ممال في حال الوصل كالإعلام بالرّوم والإشمام أن الموقوف عليه
متحرّك.
2259 - ومنها: أن الجالب «4» للإمالة في مذهب من رأى الرّوم
والإشمام في الوقف على أواخر الكلم، وهو مذهب أبي عمرو
والكسائي وحمزة وعاصم غير معدوم أصلا، بل هو ينوى «5» ويراد
بالإيماء والإشارة إليه وتضعيف الصوت به، وإذا كان كذلك وجب أن
لا تعدم «6» الإمالة؛ لأن الجالب لها غير معدوم
2260 - ومما يذكر «7» الوقف بالإمالة في هذا الفصل وإن لم يشر
إلى جرّه الحرف الموقوف عليه، وأخلص سكونه مذهب من أمال فتحة
الراء في نحو نرى الله [البقرة: 55] وشبهه، وفتحة الهمزة في
نحو رءا القمر [الأنعام: 77] وبابه فكما تمال الفتحة في ذلك في
حال الوصل مع ذهاب ما أميلت فيه لأجله [وهو الألف المنقلبة عن
الياء، والتي للتأنيث، كذلك تمال الألف والفتحة قبلها هاهنا في
حال الوقف مع ذهاب ما أميلت فيه لأجله] «8» أيضا، وهو الكسرة
لا فرق بين ذلك.
2261 - وهذا مذهب أبي العبّاس أحمد بن يحيى بن ثعلب «9» وأبي
بكر بن
__________
(1) في م: (وكذا). وهو غير جيد.
(2) في ت، م: (الوقف على الوصل). وهو خطأ يجعل السياق مضطربا.
والتصحيح من الموضح (ل 82/ و).
(3) في م: (يستعمل). ولا يناسب السياق.
(4) في ت، م: (الخلاف) ولا يستقيم بها السياق والتصحيح من
الموضح (ل 82/ ظ).
(5) في م: (سوى). وهو تحريف لا يستقيم به السياق.
(6) في م: (تقدم). وهو تصحيف.
(7) أي يؤيد.
(8) سقط من ت، م، والتصحيح من الموضح ل 83/ و.
(9) في ت، م: (بن ثعلب). وهو خطأ؛ لأن (ثعلب) لقب ابنه.
(2/754)
مجاهد وجميع ما لقيناه من المكّيين. وسمعت
الحسن بن سليمان يقول: هو مذهب البغداديين.
2262 - وكان آخرون يذهبون إلى أن الوقف على ذلك في مذهب من
أخلص الإمالة في الوصل بإمالة يسيرة على مقدار الإشارة إلى
الكسر، ألا ترى أنها لا تشبع هناك، فكذلك لا تشبع الإمالة
للألف قبلها. وهذا مذهب أبي طاهر بن أبي هاشم، ومن أخذ عنه.
وحكى أنه كذلك قرأ على ابن مجاهد وأبي عثمان «1» عن الكسائي
وعلى ابن مجاهد عن أصحابه عن اليزيدي.
2263 - والذي نختاره ونذهب [إليه] «2» ما قدّمناه في صدر
الباب؛ لأنه إذا وقف على ذلك في مذهب من رأى الإمالة الخالصة
في الوصل بإمالة يسيرة لم يكن بين «3» مذهبه، ومذهب من رأى
التوسّط في الأصل فرق، فأشكل ذلك على المتعلّم والسامع، فوجب
لذلك «4» حمل الوقف على الوصل في ذلك في مذهب الجميع وبالله
التوفيق.
فصل [في إمالة الألف التي تذهب في
الوصل لالتقاء الساكنين]
2264 - فأما ما يمال منه الألف التي في آخره المنقلبة عن الياء
والواو ويقرأ بين اللفظين، فإنه إذا لقي تلك الألف ساكن في
الوصل سقطت لسكونها وسكونه، وذهبت الإمالة بين اللفظين؛ لأن
ذلك إنما كان فيها من أجل وجودها في اللفظ، فلما عدمت فيه عدم
ذلك أيضا بعدمها، فإن وقف عليها انفصلت من الساكن تنوينا كان
أو غير تنوين ورجعت الإمالة بين اللفظين [98/ و] برجوعها
حينئذ.
2265 - وأما الساكن الذي هو تنوين، فنحو قوله: أذى [البقرة:
196] وغزّى [آل عمران: 15] وضحى [الأعراف: 98] وسوى [طه: 58]
وسدى [القيامة: 18] وو رءيا [مريم: 74] ومّفترى [القصص: 36]
وهدى [البقرة: 2]
__________
(1) سعيد بن عبد الرحيم الضرير.
(2) زيادة يقتضيها السياق.
(3) سقطت (بين) من م.
(4) في م: (كذلك) ولا يناسب السياق.
(2/755)
ومصلّى [البقرة: 125] ومّصفّى [محمد: 15]
ومّسمّى [البقرة: 282] ومولى [الأنفال: 40] وفتى [الأنبياء:
60] وقرى [سبأ: 18] وعمى [فصلت: 44] وما أشبهه.
2266 - وأما الساكن الذي هو غير تنوين، فنحو قوله: موسى الكتب
[البقرة:
53] وعيسى ابن مريم [البقرة: 87] والقتلى الحرّ [البقرة: 178]
والرّءيا الّتى [الإسراء: 60] ومن إحدى الأمم [فاطر: 42] وذكرى
الدّار [ص: 46] والقرى الّتى [سبأ: 18] والعلى الرّحمن [طه: 4،
5] والأقصا الّذى [الإسراء: 1] وو جنى الجنّتين [الرحمن: 54]
وطغى الماء [الحاقة: 11] وأحيا النّاس [المائدة: 32] وما
أشبهه. وقد جاء النص بذلك عن حمزة والكسائي.
2267 - حدّثنا محمد «1» بن أحمد، قال: حدّثنا محمد بن القاسم،
قال: أنا إدريس، قال: أنا خلف، قال: سمعت الكسائي يقف على هدى
لّلمتّقين [البقرة: 2] هدى بالياء. وكذلك من مّقام إبرهيم
مصلّى [البقرة: 125] وكذلك أو كانوا غزّى [آل عمران: 156] ومّن
عسل مّصفّى [محمد: 15] وأجل مّسمّى [البقرة: 282].
وقال: يسكت أيضا على سمعنا فتى [الأنبياء: 60] وفى قرى [الحشر:
14] وأن يترك سدى [القيامة: 36] بالياء، وحمزة مثله. قال خلف
«2»: وسمعت الكسائي يقول في قوله: أحيا النّاس [المائدة: 32]
الوقف عليه «أحيا» بالكسر «3» لمن كسر الحروف إلّا من فتح
فيفتح مثل هذا، قال: وسمعته يقول «4» الوقف على قوله: إلى
المسجد الأقصا الّذى [الإسراء: 1] بالياء، وكذا أقصا المدينة
[يس: 20] وكذلك وجنى الجنّتين [الرحمن: 54] وكذلك طغا المآء
[الحاقة: 11] قال «5»: والوقف على ومآ ءاتيتم مّن رّبا [الروم:
39] بالياء.
__________
(1) محمد بن القاسم هو ابن الأنباري، وإدريس هو ابن عبد
الكريم، والإسناد صحيح.
والرواية في إيضاح الوقف والابتداء لابن الأنباري 1/ 393.
ورواية خلف عن الكسائي خارجة عن طرق جامع البيان، وهي في
الكامل، كما أشار في غاية النهاية 1/ 273.
(2) ايضاح الوقف والابتداء 1/ 408.
(3) في إيضاح الوقف والابتداء (1/ 408) بالياء بدل بالكسر،
وطمست (بالكسر لمن) في ت.
(4) إيضاح الوقف والابتداء 1/ 434.
(5) ايضاح الوقف والابتداء 1/ 448.
(2/756)
2268 - وحدّثنا فارس «1» بن أحمد، قال:
حدّثنا عبد الله بن أحمد، قال: حدّثنا إسماعيل بن شعيب، قال:
أنا أحمد بن سلموية، قال: أنا محمد بن يعقوب قال: حدّثنا
العباس «2» بن الوليد، قال: أنا قتيبة عن الكسائي أنه كان يقف
[على] «3» عامّة هذه الحروف بالياء يعني بالإمالة إلا قوله:
وجنى الجنّتين [الرحمن: 54] فإنه كان يقف عليه بالألف.
2269 - قال أبو عمرو: وأراه اتبع الخط فيه؛ لأنه في أكثر
المصاحف بالألف «4»، فإن كان ذلك فسبيل كل ما رسم في المصاحف
من ذوات الياء بالألف، نحو أحيا النّاس [المائدة: 32] والرّءيا
الّتى [الإسراء: 60] والأقصا الّذى [الإسراء: 1] وطغا المآء
[الحاقة: 11] ورّبا [الروم: 39] أن يسكت عليه أيضا بإخلاص
الفتح اتّباعا لرسمه، [و] «5» ليس ذلك من قوله فيه، بل النصّ
والأداء قد ورد عنه بإخلاص إمالته في السكت.
2270 - وقال سورة «6» عنه في وجنى الجنّتين وطغا المآء إن شئت
وقفت بالياء وإن شئت بالألف. قال: ثم قال [بعدد دهر] «7» الوقف
بالياء «8»، وهذا يدلّ على أنه كان يرى الفتح، ثم زال عنه
وتركه، وقال عنه المسجد الأقصا [الإسراء: 1] ومكانا سوى [طه:
58] وغزّى [آل عمران: 156] ورؤيا [مريم: 74] الوقف عليه كله
بالياء.
2271 - واختلف عن أبي بكر عن عاصم في الوقف على حرفين من
المنوّن،
__________
(1) انظر الطريق/ 401.
(2) في ت، م: (الحسن بن الوليد). وهو خطأ، وقد تقدم الإسناد
صحيحا في طرق الكتاب، وفي الموضح (ل 84/ و).
(3) زيادة يقتضيها السياق.
(4) قال المؤلف في المقنع/ 102 وفي بعض المصاحف (وجنا الجنتين
دان) بالألف، وفي بعضها (وجنى) بالياء. اهـ.
(5) زيادة يقتضيها السياق.
(6) تقدم أن هذا الطريق خارج عن جامع البيان.
(7) في م: (بعدد هذا). وفي ت: (بعد دهره) وكلاهما خطأ، لا
يستقيم به السياق. والتصحيح من الموضح ل 84/ ظ.
(8) علق المؤلف في الموضح بقوله: وذلك قوله الآخر الذي ثبت
عليه، وأخذ به. اهـ.
(2/757)
وهما قوله في طه [58]: مكانا سوى و «1» في
القيامة [36] يترك سدى، فروى خلف «2» عن يحيى عنه [أنه] «3»
وقف عليهما «4» بالإمالة، وروى أحمد بن عمر الوكيعي «5»
والحسين «6» بن الأسود العجلي عن يحيى عنه سوى مكسورة الياء
إذا سكنت، وروى ابن أبي أميّة «7» عن أبي بكر سوى مكسورة الواو
يعني في الوقف، وروى عبيد «8» بن نعيم عنه سوى بضمّ السين
وبكسرها، يريد أنه يميل ألفها في الوقف، ولم يأت بالإمالة عن
أبي بكر في ذلك غير من ذكرناه.
2272 - واختلف عن «9» أبي عمرو أيضا في إمالة فتحة الراء التي
تذهب الألف الممالة بعدها للساكن «10» الذي يلقاها في حال
الوصل ما لم يكن تنوينا، وذلك نحو قوله: نرى الله جهرة
[البقرة: 55] وو سيرى الله عملكم [التوبة: 94] وو ترى النّاس
[الحج: 2] وو يرى الّذين أوتوا العلم [سبأ: 6] ولآ أرى الهدهد
[النمل:
20] والنّصرى المسيح [التوبة: 30] والقرى الّتى بركنا فيها
[سبأ: 18] والكبرى اذهب [طه: 23، 24] وذكرى الدّار [ص: 46] وما
أشبهه.
2273 - فروى أبو عبد الرحمن «11» وأبو حمدون «12» وأحمد بن
واصل «13» وأبو شعيب «14» عن اليزيدي عنه أنه كان يميل فتحة
الراء في ذلك مع عدم الألف في
__________
(1) سقطت (و) من م.
(2) من الطريقين: التاسع والثلاثين، والأربعين، وكلاهما بعد
المائتين.
(3) زيادة يقتضيها السياق.
(4) في ت، م: (عليها). ولا يستقيم بها السياق. والتصحيح من
الموضح ل 84/ ظ.
(5) وفي م: (الركعي) وهو خطأ والتصحيح من إسناد الطريق الرابع
والثلاثين بعد المائتين.
(6) من الطريق الثامن والثلاثين بعد المائتين.
(7) من الطريق الثالث والسبعين بعد المائتين.
(8) من الطريق الرابع والثمانين بعد المائتين.
(9) سقطت (عن) من م.
(10) في م: (الساكن). ولا يستقيم بها السياق.
(11) من الطريق السبعين بعد المائة.
(12) من الطريق الثامن والسبعين بعد المائة.
(13) من الطريق السابع والسبعين بعد المائة.
(14) السوسي صالح بن زياد. وطرقه من التاسع والأربعين إلى
التاسع والخمسين على التوالي، وكلها بعد المائة.
(2/758)
حال الوصل وبذلك قرأت [في] «1» رواية
السّوسي على أبي الفتح عن قراءته على أصحاب أبي عمران «2» عنه.
قال لي أبو الفتح: وقد كان أبو عمران يختار الفتح في ذلك من
ذات نفسه، وبذلك قرأت أنا ذلك على أبي الحسن «3» بن غلبون عن
قراءته.
2274 - وأختار الإمالة؛ لأنه قد جاء بها نصّا وأداء عن أبي
شعيب أبو العباس محمود ابن محمد «4» الأديب وأحمد بن حفص
الخشّاب، وهما من جملة الناقلين «5» عنه فهما «6» ومعرفة. وقد
جاء بالإمالة [98/ ظ] في ذلك أيضا نصّا عن أبي عمرو والعبّاس
«7» بن الفضل وعبد الوارث بن سعيد.
2275 - قال أبو عمرو: فأما ما كان من الأسماء التي يلحقها
التنوين منصوبا، نحو قوله: هدى لّلنّاس [البقرة: 185] أو كانوا
غزّى [آل عمران: 156] وزدنهم هدى [الكهف: 13] وسمعنا فتى
[الأنبياء: 60] وقرى ظهرة [سبأ: 18] وما أشبهه، فإنه إذا وقف
على ذلك أبدل من التنوين الذي يلحقه ألف لخفّة النصب وقبلها
الألف المنقلبة عن الياء، فيجتمع ألفان، فيلزم حذف إحداهما.
2276 - وقد اختلف علماء العربية في أيهما المحذوفة، فقال
الكوفيّون منهم وبعض البصريين: المحذوفة للساكنين منهما هي
المبدلة من التنوين لكون ما أبدلت منه زائدا. والثابتة هي
المنقلبة عن الياء لكون ما انقلبت عنه أصليّا. وقال أكثر
البصريين: المحذوفة منها هي المنقلبة عن الياء لكونها أول
الساكنين. والثابتة هي المبدلة من التنوين لكون ما أبدلت منه
دالّا على معنى يذهب بذهابها «8»، وأيضا فإن
__________
(1) زيادة يقتضيها السياق.
(2) موسى بن جرير، من الطرق: الثاني والخمسين، والخمسين،
والسادس والخمسين، وكلها بعد المائة.
(3) من الطريقين: الثامن والخمسين، والتاسع والخمسين، وكلاهما
بعد المائة.
(4) محمود بن محمد بن المفضل، أبو العباس، الرافقي، الأنطاكي،
يعرف بالأديب أخذ القراءة عرضا عن أبي شعيب السوسي سنة سبع
وخمسين ومائتين. غاية 2/ 291. وطريقا الأديب والخشاب ليسا من
طرق جامع البيان.
(5) في ت، م: (جملة) وهو تحريف، لا يلائم روح السياق.
(6) في م: (فيهما) وهو خطأ.
(7) أبو الفضل الواقفي. تقدم أن روايته وكذا رواية عبد الوارث
بن سعيد خارجتان عن روايات جامع البيان.
(8) في م: (مذهب). ولا يستقيم بها السياق.
(2/759)
المنقلبة عن الياء قد كانت ذهبت في حال
الوصل مع التنوين، فكذا يجب أن تذهب في حال الوقف مع ما أبدل
منه.
2277 - قال أبو عمرو: أوجه القولين وأولاهما «1» بالصحّة قول
من قال إن المحذوفة هي المبدلة من التنوين لجهات ثلاث:
إحداهنّ: انعقاد إجماع السّلف من الصحابة رضي الله عنهم على
رسم ألفات هذه الأسماء ياءات في كل المصاحف.
والثانية: ورود «2» النص عن العرب وأئمة القراءة بإمالة هذه
الألفات في الوقف.
والثالثة: وقوف بعض العرب على المنصوب المنوّن «3»، نحو رأيت
زيدا، وضربت عمروا بغير عوض من التنوين، حكى ذلك سماعا منهم
القرّاء والأخفش.
2278 - وهذه الجهات كلها يحقّقن أن الموقوف عليه من أحد
الألفين هي الأولى المنقلبة عن الياء دون الثانية المبدلة من
التنوين؛ لأنها لو كانت المبدلة منه لم ترسم ياء بإجماع، وذلك
من حيث لم تنقلب عنها ولم تمل في الوقف أيضا؛ لأن ما يوجب
إمالتها في بعض اللغات وهو الكسرة والياء معدوم وقوعه قبلها،
ولأنها محذوفة لا ممالة في لغة من لم يعوّض.
2279 - قال أبو عمرو: فمن أخذ بقول الكوفيين والخليل وسيبويه
ومن وافقهما وقف على جميع ما تقدم من المنصوب الذي يصحبه
التنوين في مذهب حمزة والكسائي بالإمالة، وكذا يقف في مذهب أبي
عمرو «4» على قوله في سبأ [18] قرى ظهرة ويقف أيضا على جميع
ذلك في مذهب من روى الإمالة اليسيرة عن نافع كورش وغيره
بالإمالة اليسيرة.
2280 - ومن أخذ بقول بعض البصريين المازني «5» ومحمد بن يزيد
«6» ومن
__________
(1) في ت، م: (وأولاها). ولا يستقيم بها السياق.
(2) في م: (ورد).
(3) في م: (بالتنوين).
(4) في م: (وعلى). وزيادة الواو خطأ يجعل السياق مضطربا.
(5) المازني هو بكر بن محمد بن بقية، أبو عثمان المازني،
النحوي كان إماما في العربية، وهو أستاذ المبرد، توفي سنة تسع
وأربعين ومائتين. تاريخ بغداد 7/ 93. بغية الوعاة 1/ 463، غاية
النهاية 1/ 179.
(6) محمد بن يزيد بن عبد الأكبر، أبو العباس، المبرد، شيخ أهل
النحو، وحافظ علم العربية،
(2/760)
تبعهما وقف على جميع ذلك في مذهب من رأى
الإمالة الخالصة والإمالة اليسيرة بإخلاص الفتح، والعمل عند
القرّاء وأهل الأداء على الأول، وبه أقول لورود النصّ المذكور
به ودلالة القياس على صحته.
2281 - وروى حبيب «1» بن إسحاق عن داود عن ورش عن نافع قرى
ظهرة مفتوحة في القراءة مكسورة في الوقف، وكذلك قرى مّحصّنة
[الحشر: 14] وسحر مّفترى [القصص: 36] ولم يأت به عن ورش نصّا
غيره.
2282 - قال أبو عمرو: فأما قوله في سورة الأنعام [71]: إلى
الهدى ائتنا على مذهب حمزة في تسهيل همزة فاء الفعل وإبدالها
ألفا في حال الوقف، فإن وقفه عليه يحتمل وجهين الفتح والإمالة،
فالفتح على أن الألف الموجودة في اللفظ بعد فتحة الدال هي
المبدلة من الهمزة دون ألف «الهدى» [والإمالة على أنها ألف
«الهدى» دون المبدلة من الهمزة، والوجه الأول أقيس؛ لأن ألف
«الهدى»] «2» قد كانت ذهبت مع تحقيق الهمزة في حال الوصل، فكذا
يجب أن تكون مع المبدل منها؛ لأنه تخفيف والتخفيف عارض.
2283 - فأما قوله في الكهف [33]: كلتا الجنّتين فإن النحويين
اختلفوا في ألفها، فقال الكوفيون: هي ألف تثنية وواحد كلتا
(كلت)، وقال البصريون: هي ألف تأنيث، ووزن كلتا فعلى (كإحدى
وسيمى) «3»، والتاء مبدلة من واو والأصل كلوى فعلى الأول لا
يوقف عليها بالإمالة المشبعة في مذهب حمزة والكسائي ولا بين
بين في مذهب أبي عمرو، ومذهب من روى التوسّط في اللفظ عن نافع؛
لأن ألف الاثنين لا يجوز إمالتها لكونها مجهولة لا يعلم لها
أصل في ياء ولا واو، ولا هي أيضا مشبّهة [99/ و] بما أصله ذلك
من الألفات، وعلى الثاني يوقف عليها بالإمالة المشبعة وغير
المشبعة في مذهب المسمّين «4» والقرّاء وأهل الأداء على الأول.
__________
كان عالما فاضلا موثوقا به في الرواية، مات سنة خمس وثمانين
ومائتين. تاريخ بغداد 3/ 380، بغية الوعاة 1/ 269. غاية
النهاية 2/ 280.
(1) تقدم أن هذا الطريق خارج عن جامع البيان.
(2) سقطت من م.
(3) في م: (كالحد أي ويسمى). وهو خطأ.
(4) أي المشبعة في مذهب حمزة والكسائي، وغيره المشبعة في مذهب
أبي عمرو ومن روى التوسط عن نافع.
(2/761)
2284 - وقد جاء به نصّا عن الكسائي سورة
«1» بن المبارك فقال: كلتا الجنّتين [الكهف: 33] بالألف يعني
في الوقف، وقال عنه: لدا الباب [يوسف: 25] ولدا الحناجر [غافر:
18] كلتاهما بالألف يعني بالفتح في الوقف، وذلك من حيث كانا
حرفي «2» جرّ مثل على وإلى، والحروف لا تمال لجمودها.
2285 - وأما قوله في سورة المؤمنون [44]: رسلنا تترا على قراءة
من نوّن «3»، فإن ألفه في الوقف يحتمل وجهين: أحدهما «4»: أن
تكون بدلا من التنوين فيجري الراء قبلها بوجوه الإعراب من
النصب والجرّ والرفع. والثاني: أن تكون مشبهة بالأصلية ألحقت
الكلمة التي هي فيها ببناء جعفر ودرمل، أي: ألحقت الثلاثي
بالرباعي، فتلزم «5» الوقف في حال النصب والجرّ والرفع، فعلى
الأول لا يجوز إمالتها في الوقف على مذهب أبي عمرو كما لا تجوز
فيه إمالة الألف التي في المصدر، نحو قوله: صبرا [البقرة: 25]
ونصرا [الأعراف: 192] وشبههما «6»، وعلى الثاني تجوز إمالتها
فيه على مذهبه؛ لأنها كالأصلية المنقلبة عن الياء، والقرّاء
وأهل الأداء على الأول، وبه قرأت، وبه آخذ، وهو مذهب ابن مجاهد
وأبي طاهر بن أبي هاشم وسائر المتصدّرين. وقال قتيبة «7» عن
الكسائي من نوّن (تترا) وقف بألف.
2286 - قال أبو عمرو: فأما الوقف على قوله: ترءا الجمعان في
الشعراء [61] فنذكره هناك مع اختلاف القرّاء في الفتح والإمالة
في ذلك إن شاء الله تعالى وبالله التوفيق.
__________
(1) تقدم أن هذا الطريق خارج عن جامع البيان.
(2) في م: (حرفين)، وهو خطأ.
(3) ابن كثير وأبو عمرو انظر النشر 2/ 328، السبعة/ 446.
(4) في ت: (إحداهما). ولا يلائم السياق.
(5) الألف كما بيّن ناسخ ت بين السطرين.
(6) في م: (وشبهها). ولا يستقيم بها السياق.
(7) أسند المؤلف هذا القول في الموضح ل 87/ ظ، فقال: وحدثنا
فارس بن أحمد، قال حدثنا عبد الله ابن احمد/ قال حدثنا إسماعيل
بن شعيب، قال حدثنا أحمد بن سلمويه، قال حدثنا محمد بن يعقوب،
قال حدثنا العباس بن الوليد، قال حدثنا قتيبة بن مهران عن
الكسائي الخ. وهذا الإسناد هو إسناد الطريق الحادي بعد الأربع
مائة.
(2/762)
|