جامع البيان في القراءات السبع باب ذكر مذهب
الكسائي والأعشى عن أبي بكر عن عاصم [في إمالة هاء التأنيث وما
قبلها عند الوقف]
2287 - اعلم أن الكسائي والأعشى من رواية الشموني عنه عن أبي
بكر عن عاصم كانا يميلان هاء التأنيث وما «1» ضارعها من
التاءات عند الوقف لشبهها «2» بألف التأنيث، فيميل الفتحة التي
قبلها لإمالتها؛ إذ لا يوصل إلى إمالتها وإمالة سائر الألفات
إلا بذلك.
2288 - فهاء التأنيث نحو قوله: رحمت [البقرة: 157] ونعمة
[البقرة: 211] وجنّة [البقرة: 235] وحبّة [البقرة: 261] وو
معصيت [المجادلة: 8] وربوة [المؤمنون: 50] ومّؤمنة [البقرة:
221] ومّؤصدة [البلد: 20] ودرجة [البقرة:
228] وليلة [البقرة: 51] ومرية [هود: 17] وما أشبهه.
2289 - والمضارع لها نحو قوله: مّن باقية [الحاقة: 8] وحامية
[الغاشية:
4] والجنّة [البقرة: 35] وكاشفة [النجم: 58] وبصيرة [يوسف:
108] وهمزة [الهمزة: 1] ولّمزة [الهمزة: 1] ودآبّة [البقرة:
164]، وكذلك بلدة [الفرقان: 49] وقرية [البقرة: 259] وغرفة
[البقرة: 249] وكذا ثمرة [البقرة:
25] وبقرة [البقرة: 67] وشجرة [طه: 120] وكذا حمّالة [المسد:
4] وما أشبهه مما يلحق فيه الاسم لغير معنى تأنيث للمبالغة في
الوصف، ولتكثير الكلمة، أو للفرق بين الواحد والجمع أو لغير
ذلك.
2290 - قال أبو عمرو: ولم يأت عنهما «3» نصّ بتخصيص شيء من ذلك
وبإطلاق القياس في ذلك في جميع القرآن قرأت لهما على أبي الفتح
شيخنا عن قراءته على عبد الباقي «4»، وهو مذهب أبي مزاحم موسى
«5» بن عبيد الله الخاقاني
__________
(1) سقطت (ما) من م.
(2) في م: (بشبهها).
(3) في ت، م: (عنها). ولا يستقيم بها السياق؛ لأن المراد عن
أبي بكر والكسائي.
(4) سقطت (على عبد الباقي) من م. وانظر في رواية الشموني عن
أبي بكر الطريق: الحادي والستين بعد المائتين. وفي قراءة
الكسائي الطرق: الثاني والثمانين، والخامس والثمانين، والسادس
والثمانين، والسابع والثمانين، والتسعين، والسادس والتسعين
وكلها بعد الثلاث مائة.
(5) تقدم أنه ليس من رجال جامع البيان.
(2/763)
رحمه الله فيما بلغني عنه، وكان إماما في
قراءة الكسائي، ومذهب جماعة من أهل الأداء والنحويين.
2291 - وحدّثنا محمد بن علي، قال: أنا أبو بكر بن الأنباري
قال: نا إدريس، قال: أنا خلف «1»، قال: سمعت الكسائي يسكت على
قوله وبالأخرة [البقرة: 4] وعلى نعمة [البقرة: 211] ومرية
[هود: 17] وو معصيت [المجادلة: 8] والقيمة [البقرة: 85] ونحو
ذلك بكسر الراء في الأخرة والميم في نعمة والياء في ومعصيت
وكذلك بقيتها وما أشبهها، فأطلق خلف القياس في جميع الباب وجعل
الإمالة فيه مطّردة، ولم يخصّ بذلك بعضا دون بعض.
2292 - وحدّثنا فارس «2» بن أحمد، قال: أنا عبد الله بن أحمد،
قال: نا الحسين بن أبي داود، قال: أنا القاسم بن أحمد عن محمد
بن حبيب عن الأعشى عن أبي بكر عن عاصم الأخرة [البقرة: 44] وما
أشبهها مفخم في الوصل ممال في الوقف، وهذا أيضا يوجب إطلاق
القياس في جميع هاءات التأنيث ويمنع من استثناء «3» شيء منها.
2293 - قال أبو عمرو: وكان ابن مجاهد وابن المنادي وأبو طاهر
«4» وأحمد بن نصر «5» وجميع أصحابهم يخصون [من ذلك في الفتح]
«6» في [قراءة] «7» الكسائي والأعشى ما فيه قبل الهاء أحد عشرة
أحرف.
2294 - حروف الاستعلاء السّبعة وهي: الخاء والعين والقاف
والصاد [99/ ظ] والضّاد والطاء والظاء نحو الصّآخّة [عبس: 33]
والبلغة [الأنعام: 149] والحآقّة [الحاقة: 1] وخصاصة [الحشر:
9] وقبضة [طه: 96] وبسطة [البقرة: 247] وموعظة [البقرة: 66]
وما أشبهه.
__________
(1) تقدم هذا الإسناد في الفقرة/ 2267، وأنه خارج عن طرق جامع
البيان والرواية في إيضاح الوقف والابتداء 1/ 400 به مثلها.
(2) انظر الطريق التاسع والأربعين بعد المائتين.
(3) في م: (استثنى). ولا يستقيم بها السياق.
(4) ابن أبي هاشم.
(5) في ت، م: (نصير). وهو خطأ.
(6) في م: (بذلك في الفتح) وهو غير مستقيم.
(7) زيادة يقتضيها السياق.
(2/764)
2295 - وحرفان حلقيّان، وهما الحاء والعين،
نحو قوله والنّطيحة [المائدة:
3] والقارعة [القارعة: 1] وما أشبه.
2296 - والحرف العاشر: هو الألف في عشر كلم وهي الصّلوة
[البقرة: 3] والزّكوة [البقرة: 43] والحيوة [البقرة: 85] حيث
وقعن والنّجوة في غافر [41] وو منوة في النجم [20] وهيهات
هيهات [المؤمنون: 36] في الموضعين وذات في النمل ووّلات في ص
[3] واللات في والنجم [19]، وهذه الخمس الأخيرة يقف عليهن
الكسائي بالهاء، ويقف عليهن الأعشى بالتاء «1» [إجماع] «2»
لكونهن في الرسم كذلك، والفتح للهاء وما قبلها في هذه العشر
كلم إجماع من أهل الأداء؛ لأن الهاء فيهن لم تلها فتحة تمال
لأجلها، وإنما وليتها ألف وهي ساكنة، ولا يمال للساكن ساكن،
وإنما يمال له متحرك.
2297 - ثم جعلوا بعد هذا للهمزة والهاء والكاف والراء إذا وليت
هذه الأربعة الهاء أحكاما: فأمالوا بعضا وفتحوا بعضا.
2298 - فأما الهمزة، فإنه إذا وليها من قبلها كسرة أو ياء
ساكنة أمالوا الهاء وفتحة الهمزة من أجلها، فالكسرة نحو قوله:
سيّئة [البقرة: 71] وبالخاطئة [الحاقة: 6] وفئة [البقرة: 249]
ومائة [البقرة: 259] وناشئة [المزمل: 6] وما أشبهه، والياء في
نحو قوله: خطيئة [النساء: 112] حيث وقعت.
2299 - فإن وليها فتحة أو ألف، وكذا الضمة والواو لو جاءتا
فتحوا الهاء وما قبلها، فالفتحة نحو قوله: وإن امرأة [النساء:
128] وو قالت امرأت فرعون [آل عمران: 35] وامرأت العزيز [يوسف:
30] وما أشبهه، والألف نحو قوله: برآءة مّن الله ورسوله
[التوبة: 1] وبرآءة فى الزّبر [القمر: 43] وما أشبهه، فإن حال
بين الفتحة وبينها ساكن غير ألف، نحو قوله: النّشأة [العنكبوت:
20] وسوءة «3» [المائدة:
31] وشبههما اختلفوا في ذلك.
__________
(1) في ت، م: (بالهاء). وهو غير مستقيم. والتصحيح من عبارة
المؤلف الآتية في باب الوقف على مرسوم الخط أن جميع القراء ما
عدا الكسائي يقفون على هذه الكلم بالتاء.
(2) كذا في ت، م. والكلمة زائدة، ولعل نظر الناسخ سبق إليها من
السطر التالي.
(3) وفي م: (سواء). وهو خطأ.
(2/765)
2300 - فأبو طاهر «1» وأبو نصر «2»
وأصحابهما يفتحون أيضا في الوقف؛ لأنهم لا يعتدّون بذلك
الساكن، ولا يراعونه. وغيرهم يميلون في الوقف اعتدادا لذلك
السّاكن، والقياس مع الأوّلين.
2301 - وأما الهاء «3» فإنه إذا وليها من قبلها كسرة، وكذلك
الياء لو جاءت [أمالوا هاء التأنيث وفتحة ما قبلها] «4» وسواء
حال بين الكسرة وبينها ساكن أو لم يحل لقوّة الكسرة وضعف
السّاكن إذ ليس بحاجز حصين ولا فاصل قوي، فالكسرة المتصلة بها،
نحو قوله: ءالهة [يس: 23] وفكهة [الرحمن: 52] وما أشبهه، والتي
يحول بينها وبينها ساكن نحو قوله: وجهة [البقرة: 148]. ولا
أعلم في كتاب الله تعالى غيره، وكذا حكم الفتحة لو أتت.
2302 - وأما الكاف فإنه إذا وليها من قبلها كسرة أو ياء ساكنة،
فأبو طاهر «5» وأحمد «6» بن نصر وأصحابهما يميلون الهاء وفتحة
الكاف قبلها، فالكسرة نحو قوله:
أو مشركة [البقرة: 221] والملئكة [البقرة: 31] وضاحكة [عبس:
39] وما أشبهه. والياء نحو قوله: الأيكة [الحجر: 78] حيث وقعت،
فإن وليها فتحة أو ضمة، وسواء حال بينها وبينها «7» ساكن أو لم
يحل فتحوا الهاء وما قبلها، وذلك نحو قوله: المبركة [القصص:
30] والتّهلكة [البقرة: 195] والشّوكة [الأنفال: 7] ومكّة
[الفتح: 24] وبكة [آل عمران: 96] وما أشبهه، وغير أبي طاهر
وأبي نصر «8» يميل الهاء وفتحة الكاف قبلها في الجميع ليستقل
الكاف وكونها بذلك خارجة عن حكم القاف.
__________
(1) عبد الواحد بن عمر.
(2) أحمد بن نصر الشذائي. وفي ت، م: (أبو نصر). وهو خطأ؛ لأنه
لا يوجد من يضارع أبا طاهر فيمن يكنى أبا نصر. انظر غاية
النهاية 2/ 344. وسيأتي قريبا ذكر أبي طاهر مقترنا بأحمد بن
نصر في سياق مشابه. والله أعلم انظر الفقرة/ 2302.
(3) في ت، م: (وأمالها). وهو تحريف.
(4) في م: (أمالوها للتأنيث وفتحها هي). وهي تحريف. وفي هامش ت
(ل 100/ و): وفتحها هي خ.
(5) عبد الواحد بن عمر.
(6) الشذائي.
(7) سقطت (وبينها) من م.
(8) في ت، م: (أبي نصير). وهو خطأ من النساخ. وانظر الفقرة/
2300.
(2/766)
2303 - وأما الراء فإنه إذا وليتها كسرة أو
ياء ساكنة، وسواء حال بينها وبينها ساكن [أو لم يحل] «1»
أمالوا الهاء [وفتحة ما قبلها] «2» فالكسرة المتصلة بها، نحو
قوله:
بالأخرة [البقرة: 4] ونّاضرة [القيامة: 22] إلى ربّها ناظرة
[القيامة: 23] وفاقرة [القيامة: 25] وفنظرة [البقرة: 12]
وتبصرة [ق: 8] وباسرة [القيامة: 24] وخاسرة [النازعات: 12]
ومّستنفرة [المدثر: 50] ومّستبشرة [عبس: 39] وما أشبهه. والتي
يحول بينها وبينها ساكن نحو قوله: لعبرة [آل عمران: 13] وعبرة
[يوسف: 11] وسدرة [النجم: 14] وذو مرّة [النجم: 6] وما أشبهه.
وسواء كان الحرف المكسور في الضربين حرف استعلاء أو حرف حلق أو
غيرهما من سائر الحروف.
2304 - وقد كان أبو طاهر وأصحابه وأحمد بن نصر وأتباعه يرون
إخلاص الفتح للهاء وما قبلها في قوله في الرّوم [30] فطرت الله
في مذهب الكسائي؛ لأنه يقف عليه دون عاصم بالهاء خلافا لرسمه
في المصاحف وذلك لكون الساكن الحائل بين الراء والكسرة حرف
استعلاء فهو يمنع الإمالة، وكان غيرهم يرون إخلاص الإمالة
للهاء وما قبلها في ذلك في مذهبه اعتمادا على قوّة الكسرة وضعف
الساكن. والقياس مع الأوّلين.
2305 - [والياء التي] «3» تليها «4» الراء [100/ و] في قوله:
لكبيرة [البقرة: 45] وكبيرة [التوبة: 121] وصغيرة [التوبة:
121] وبصيرة [يوسف: 108] وما أشبهه، فإن ولي الراء فتحة أو
ضمّة سواء حال بينها وبينهما ألف أو واو أو غيرهما من سائر
السواكن أو لم يحل فتحوا الهاء وما قبلها.
2306 - فالفتحة نحو قوله: شجرة [طه: 120] وبررة [عبس: 16]
وقترة [عبس: 41] وغبرة [عبس: 40] والفجرة [عبس: 42] وبقرة
[البقرة: 67] وميسرة [البقرة: 280] ومّطهّرة [البقرة: 25] وما
أشبهه. وكذا الضمّة إن أتت والساكن الحائل بينهما «5» وبينها،
نحو قوله: كالحجارة [البقرة: 74] وسيّارة
__________
(1) زيادة يقتضيها السياق.
(2) في م: (وفتحها هي).
(3) في م: (الياء والتي). وتأخير الواو خطأ.
(4) في م: (تلي). وفي هامش ت (ل 100/ و): تلي الراء خ.
(5) في هامش ت (ل 100/ ظ): بين الفتحة وبين الراء.
(2/767)
[يوسف: 19] وو عمارة [التوبة: 19] ونضرة
[الإنسان: 11] وفى غمرة [المؤمنون: 63] وكرّة [البقرة: 167]
ومرّة [الأنعام: 94] وذرّة [النساء: 40] وحفرة [آل عمران: 103]
وو العمرة «1» [البقرة: 196] وعسرة «2» [البقرة: 280] وقرّة
[الفرقان: 74] وسورة [التوبة: 64] ومحشورة [ص: 19] وما أشبهه.
2307 - قال أبو عمرو: وبمذهب «3» ابن مجاهد وأصحابه قرأت في
مذهب الكسائي على ابن غلبون وغيره «4»، والمذهبان جيّدان
صحيحان، ولا شك أن ابن مجاهد
وابن المنادي وأحمد بن نصر وأبا طاهر مع وفور معرفتهم وتمكّنهم
من علم صناعتهم بنوا «5» ذلك على أصل وثيق من رواية وأداء،
فيجب المصير إليه ويلزم الوقوف عنده، وكذلك ما اختاروه «6» وما
عملوا «7» به وحكموا بموجبه.
2308 - وقد حدّثني فارس بن أحمد شيخنا، قال: أنا أبو الحسن «8»
المقرئ، قال: سألت أبا سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي عن هذا
الذي اختاره أبو طاهر، فقال لي: لا وجه له؛ لأن هذه الهاء بطرف
والأطراف «9» لا يراعى فيها الحرف المستعلى ولا غيره، وما
قبلها على أصل الإمالة، وفي القرآن من أعطى واتّقى [الليل:
5] وترضى [البقرة: 20] ولا خلاف في جواز الإمالة فيه وشبهه.
فلما أجمعوا على الإمالة لقوة الإمالة في الأطراف؛ لأنها في
موضع التغيير كانت الهاء في الوقف بمثابة الألف إذا عدمت الألف
نحو مكّة [الفتح: 24] وفطرت [الروم: 30] والصّآخّة [عبس: 33]
والحآقّة [الحاقة: 1] قال أبو سعيد: وكنت في بعض الأيام في
مجلس أبي بكر بن مجاهد رحمه الله، ورجل يقرأ عليه، فوقف على
الصّآخّة
__________
(1) وفي ت، م: (عمرة) ولا يوجد في التنزيل كذلك.
(2) وفي م: (عشرة).
(3) في م: (ومذهب). ولا يلائم السياق.
(4) في ت: (أو غيره). ولا يستقيم بها السياق.
(5) في ت، م: (سوا). وهو تحريف.
(6) في ت، م: (اختاره). ولا يستقيم بها السياق.
(7) سقطت (ما) من م.
(8) عبد الباقي بن الحسن.
(9) في ت، م: (والإعراب). ولا يستقيم بها السياق. والتصحيح من
الموضح ل 95/ ظ.
(2/768)
بالإمالة، فقال لي أبو بكر: يا أبا سعيد ما
تقول في الإمالة؟ فقلت: لا يمتنع، وذكرت له ما قدّمت ذكره.
2309 - قال أبو عمرو: وقول أبي سعيد هذا أحسن وإعلاله صحيح،
ولم يعمل ابن مجاهد وابن المنادي وأحمد بن نصر وأبو طاهر في
ذلك إلا على ما هو أحسن عندهم، وأصح لديهم منه، إما من جهة أثر
أو طريق نظر فلذلك «1» اعتمدوا عليه، وصاروا إليه وغلّبوه
ونبذوا «2» ما سواه والله أعلم.
2310 - قال أبو عمرو: ولا أعلم خلافا بين جلّة أهل الأداء ابن
مجاهد وأبي طاهر وغيرهما في فتح هاء السّكت وما قبلها عند
الوقف في مذهب الكسائي والأعشى؛ إذ لا يجوز عندهم غير ذلك فيها
لمفارقتها هاء التأنيث في السبب الذي لأجله أميلت، وهو شبهها
[بألف التأنيث] «3» في الدلالة عليه «4»، فأميلت لذلك كما تمال
الألف وهاء السّكت عارية من تلك المشابهة، وذلك من حيث جاءت
[مبيّنة لحركة] «5» الحرف الذي قبلها لا غير، فوجب إخلاص فتحها
وفتح ما قبلها، هذا مع أن الرواية عن القرّاء والسّماع من
العرب إنما ورد في هاء التأنيث خاصّة.
2311 - قال سيبويه «6»: سمعت العرب يقولون: ضربت ضربة واحدة
«7»، وأخذت أخذة، وشبهوا الهاء بالألف، فأمالوا ما قبلها كما
يميلون ما قبل الألف.
2312 - قال أبو عمرو: وقد بلغني أن قوما من أهل الأداء، منهم
أبو مزاحم الخاقاني «8» وغيره «9» يجرونها مجرى هاء التأنيث،
فيميلونها وما قبلها في الوقف من حيث شاركتها في السكون في
لزوم موضع التغيير، وهو الطرف، وذلك خطأ من
__________
(1) في م: (فكذلك) ولا يناسب السياق.
(2) في م: (ونبذوه). ولا يلائم السياق.
(3) زيادة يقتضيها السياق. وانظر عبارة المؤلف في الموضح ل 93/
ظ.
(4) أي على التأنيث.
(5) في ت، م: (مبنية بحركة). وهو تصحيف وتحريف. والتصحيح من
الموضح ل 93/ ظ.
(6) الكتاب 4/ 140.
(7) كلمة (واحدة) زيادة على نص الكتاب لسيبويه.
(8) موسى بن عبيد الله. وتقدم أنه ليس من رجال جامع البيان.
(9) في م: (وغيرها). ولا يناسب السياق.
(2/769)
منتحله، وغلط من قائله، وقد كان ابن مجاهد
بلغه ذلك عن قوم فأنكره أشدّ النكير، وقال فيه أبلغ قول.
2313 - حدّثنا محمد بن أحمد، قال: نا ابن مجاهد، قال: أنا
الخراز- يعني أحمد بن علي-، قال: نا محمد «1» بن يحيى عن أبي
الربيع عن حفص عن عاصم أنه قرأ مّؤصدة [البلد: 20] والمشئمة
[الواقعة: 9] بالكسر- يعني بإمالة الهاء وما قبلها عند الوقف-
إذ لا يجوز ذلك في الوصل لعدم الهاء فيه «2»، وقياس ذلك سائر
هاءات التأنيث. ولا أعلم أحدا روى هذا عن حفص غير [100/ ظ] أبي
الربيع مع سليمان بن داود الزهراني، ولا روى الإمالة عن أبي
بكر «3» غير الشموني عن الأعشى عنه.
2314 - وحدّثني «4» عبد العزيز بن محمد، قال: أنا عبد الواحد
بن عمر، قال:
أنا البرّاثي عن خلف عن سليم عن حمزة أنه يقف على الأخرة
[البقرة: 94] وو معصيت [المجادلة: 8] ورحمت [البقرة: 218]
وأشباه ذلك بالفتح قليلا.
2315 - وحدّثنا محمد بن علي قال: نا ابن الأنباري «5»، قال:
أنا إدريس عن خلف عن سليم عن حمزة أنه كان يسكت على قوله:
وبالأخرة [البقرة: 4] ونعمة [البقرة: 211] وو معصيت [المجادلة:
8] ومرية [هود: 17] والقيمة [البقرة: 85] ونحو ذلك بفتحها
قليلا. وكذلك حكى ابن واصل «6» عن خلف عن سليم عنه، وكذلك روى
أبو مزاحم «7» عن أصحابه عن حمزة.
2316 - وروى محمد بن عيسى «8» الأصبهاني أداء عن خلّاد عن سليم
عن
__________
(1) محمد بن يحيى بن مهران، وأبو الربيع هو سليمان بن داود
الزهراني. والإسناد صحيح.
وهذا الطريق خارج عن طرق جامع البيان.
(2) سقطت (فيه) من ت.
(3) في م: (غير). ولا يستقيم بها السياق.
(4) هذا الإسناد تقدم في الفقرة/ 1706. وأنه خارج عن طرق جامع
البيان.
(5) هذا الإسناد تقدم في الفقرة/ 1677 وأنه خارج عن طرق جامع
البيان. والرواية في إيضاح الوقف والابتداء 1/ 401 به مثلها.
(6) هذا الطريق خارج عن طرق جامع البيان.
(7) تقدم أنه ليس من رجال جامع البيان.
(8) تقدم أن هذا الطريق خارج عن جامع البيان.
(2/770)
حمزة الوقف على هاء التأنيث وهاء الوقف
بالإمالة ما خلا سبع كلم، فإنه فتح قبل الهاء فيهنّ، وهي صبغة
[البقرة: 138] والتّهلكة [البقرة: 195] وغرفة [البقرة:
249] وسنة [البقرة: 255] وعدّة [التوبة: 36] وفضّة [الزخرف:
33] والخيرة [القصص: 68]، وروى ابن شنبوذ أداء عن أبي سليمان
عن قالون «1»، وعن أبي الحسن «2» النحّاس وسائر شيوخه «3»
الذين قرأ عليهم عن اليزيدي عن أبي عمرو، الوقف على ما قبل هاء
التأنيث بالإمالة في جميع القرآن. قال ابن شنبوذ:
وسألت محمد بن أبي شعيب السّوسي عن ذلك، فحكى عن أبيه أداء:
الوقف بالفتح.
وقال ابن شنبوذ: وكذلك حدّثني أحمد بن محمد «4» بن عمرو
الفرائضي أداء عن الدوري «5» وأبي خلاد عن اليزيدي.
2317 - قال أبو عمرو: ولا يعرف أحد من أهل الأداء لحرف «6»
نافع وأبي عمرو في جميع الأمصار «7» غير الفتح، وأحسب أن
الإمالة التي رواها «8» ابن شنبوذ عن نافع وأبي عمرو أنها بين
بين وليست بخالصة. وقرأ الباقون بإخلاص فتح الهاء وما قبلها في
الوقف في جميع القرآن، وكذلك روى محمد بن غالب عن الأعشى عن
أبي بكر عن عاصم فيما قرأت له «9».
2318 - فأما مذهب ورش في إمالة فتحة الراء مع الكسرة والياء
يسيرا في نحو الأخرة [البقرة: 94] وباسرة [القيامة: 24] وصغيرة
[التوبة: 121] وكبيرة [التوبة: 121] وما أشبهه، فليس بداخل في
مذهب الكسائي والأعشى؛ لأنه إنما يقصد
__________
(1) من الطريق السابع والخمسين.
(2) هذا الطريق خارج عن طرق جامع البيان.
(3) منهم أحمد بن حمدان الفرائضي، ويونس بن علي بن محمد بن
اليزيدي، والحسن ابن الحباب بن مخلد، راجع الفقرة/ 2145.
(4) تقدم أن هذا الطريق خارج عن طرق جامع البيان.
(5) في ت، م: (نص) بدل (عن). وهو تحريف لا يستقيم به السياق.
(6) في م: (الحرف). ولا يستقيم به السياق.
(7) في م: (الأنصار). ولا يستقيم به السياق.
(8) سقطت (التي) من م.
(9) من الطريق الثاني والستين بعد المائتين.
(2/771)
إمالة فتحة الراء فقط. ولذلك «1» أمالها في الحالين بين الوصل
والوقف، وهما يقصدان إمالة الهاء ولذلك «2» خصّا بها الوقف لا
غير إذ لا توجد الهاء في ذلك إلا فيه.
وكذلك مذهب من أمال التّورئة [آل عمران: 3] وقفا ومّزجئة
[يوسف: 88] [ومرضاة [البقرة: 207]] وكمشكوة [النور: 35] وهذه
الخمس كلم لم يكن يقصد إمالة الهاء، بل قصد إمالة الألف وما
قبلها. ولذلك «3» شاع له استعمالها فيهنّ في حال الوصل «4»
والوقف جميعا، ولو قصد إمالة الهاء لامتنع ذلك فيها لوقوع
الألف قبلها كامتناعه في الصّلوة [البقرة: 3] والزّكوة
[البقرة: 43] وشبههما، وهذا كله لطيف غامض وبالله التوفيق. |