جامع البيان في القراءات السبع باب ذكر مذهب ورش عن
نافع في إمالة الراء يسيرا وفي إخلاص فتحها
2319 - اعلم أن ورشا من غير طريق الأصبهاني روى عن نافع أنه
كان يميل فتحة الراء قليلا بين اللفظين إذا وليها من قبلها
كسرة لازمة أو ياء ساكنة لا غير. فأما الكسرة اللازمة، فإنها
تقع قبل الراء على ضربين: أحدهما أن يليها والآخر أن يحول
بينها «5» ساكن.
2320 - فأما [ما] «6» وليتها فيه الكسرة، [ف] نحو «7» قوله:
الأخرة [البقرة: 94] فاقرة [القيامة: 25] ونّاضرة إلى ربّها
ناظرة [القيامة: 22، 23] وباسرة [القيامة: 24] وقصرت [الصافات:
48] وفالمدبّرات «8» [النازعات: 5] ومّتجورت [الرعد: 4]
وفالزّجرت «9» [الصافات: 2] والمعصرت [النبأ: 14]] وقطران
[إبراهيم: 50] ولسحرن «10» [طه: 63] وفرشا [البقرة: 22] وسرجا
[الفرقان: 61] وسراعا
__________
(1) و (2) و (3) في م: (وكذلك). ولا يستقيم بها السياق.
(4) في م: (الوصف). وهو من تصحيف السمع.
(5) في م: (بينها). ولا يستقيم بها السياق.
(6) و (7) زيادة يقتضيها السياق.
(8) النازعات/ 5. وفي ت، م: (المدبرات) بدون فاء وهو خطأ.
(9) الصافات/ 2. وفي ت، م: (الزاجرات) بدون فاء وهو خطأ.
(10) طه/ 63. وفي ت، م: (ساحران). وهو خطأ لعدم وجوده في
التنزيل.
(2/772)
[ق: 44] وذراعا [الحاقة: 32] وذراعيه
[الكهف: 18] وافترآء [الأنعام: 138] ومرآء [الكهف: 22] وكراما
[الفرقان: 72] وطهّرا [البقرة: 125] وحصرت [النساء: 90] وأحضرت
[النساء: 128] وكوّرت [التكوير: 1] وسجّرت [التكوير: 6] وفجّرت
[الانفطار: 3] وسيّرت [الرعد: 31] وبعثرت [الانفطار: 4] وحشرت
[التكوير: 5] وليغفر [النساء: 137] وكبآئر [النساء: 31] وشعآئر
[البقرة:
158] وبصآئر [الأنعام: 104] ودآئرة [المائدة: 52] وقردة
[البقرة: 65] وتبصرة [ق: 8] وتذكرة [طه: 3] ونّخرة [النازعات:
11] وشاكرا [النساء: 147] وصابرا [الكهف: 69] وطائرا «1»
[الأنعام: 38] وو مبشّرا [الإسراء:
105] وظهرا [الكهف: 22] ومدبرا [النمل: 10] وما أشبهه.
2321 - وأما ما حال بينهما فيه الساكن فنحو قوله: الشّعر [يس:
69] والذّكر [آل عمران: 58] والسّحر [البقرة: 102] ووزر
[الأنعام: 164] ولعبرة [آل عمران: 13] وسدرة [النجم: 14] ومرّة
[النجم: 6] والبرّ [البقرة: 177] وسرّكم [الأنعام: 3] وحذركم
[النساء: 71] وكبره [النور: 11] وإخراجا [نوح: 18] وإخراجهم
[البقرة: 85] وغير إخراج [البقرة: 240] وإسرافا [النساء:
6] ولآ إكراه [البقرة: 256] وو الإكرام [الرحمن: 27] وإكراههنّ
[النور: 33] [101/ و] والمحراب [آل عمران: 37] وإجرامى [هود:
35] وما أشبهه.
2322 - وأما الياء الساكنة فإنها تلي الراء وما قبلها يقع على
ضربين مفتوحا ومكسورا لا غير، فأمّا المفتوح فنحو قوله: الخيرت
[البقرة: 148] والخير [آل عمران: 26] والطّير [البقرة: 260]
والسّير [سبأ: 18] وغير أولى «2» [النساء: 95] وغيركم [طه: 39]
وغيره [البقرة: 230] ولا ضير [الشعراء: 50] وخيرا [البقرة:
158] وطيرا [آل عمران: 49] وسيرا [الطور: 10] وما أشبهه.
2323 - وأما المكسور فنحو قوله: ميرث [آل عمران: 180]
وفالمغيرات «3» [العاديات: 3] وو عشيرتكم [التوبة: 24] ولكبيرة
[البقرة: 45] وصغيرة [التوبة:
121] وبصيرة [يوسف: 108] ومّن الظّهيرة [النور: 58] وو
الخنازير [المائدة:
__________
(1) آل عمران/ 49. قرأها نافع (طائرا) انظر النشر 2/ 240،
السبعة/ 206.
(2) النساء/ 95، قرأها نافع بنصب الراء. انظر النشر 2/ 251،
السبعة/ 237.
(3) العاديات/ 3. وفي ت، م: (المغيرات) بدون فاء ولا يوجد في
التنزيل.
(2/773)
60] والفقير [الحج: 28] وخبيرا [النساء:
35] وبصيرا [النساء: 58] وبشيرا [البقرة: 119] ونذيرا [البقرة:
119] وقديرا [النساء: 133] وسعيرا [النساء: 10] وزمهريرا
[الإنسان: 13] وقواريرا [الإنسان: 15] وقمطريرا [الإنسان:
10] وما أشبهه حيث وقع، وسواء توسّطت الراء في الكلمة أو وقعت
طرفا، أو لحقها «1» تنوين أو لم يلحقها، أو كان الحرف المكسور
قبلها حرف استعلاء أو غيره، فالراء «2» ممالة بين بين في جميع
ذلك، في حال الوصل والوقف، هذه قراءتي من طريق أبي يعقوب «3»
وأبي الأزهر «4» وداود «5» وأحمد بن [صالح، و] «6» يونس. وقد
اختلف أهل الأداء عنه في مواضع من المنوّن، ويأتي ذلك فيما بعد
إن شاء الله تعالى.
2324 - فإن كانت الكسرة التي تلي الراء في حرف زائد يتمكن
إسقاطه من الكلمة، ولا يخلّ ذلك بها، وسواء حال بين كسرته وبين
الراء ساكن أو لم يحل لم يعتدّ بتلك الكسرة، وأخلص فتح الراء
معها، وتلك الكسرة تكون في أحد حرفين: باء الجرّ «7» ولامه لا
غير، فباء الجرّ نحو قوله: برسول [الصف: 6] وبربّكم [آل عمران:
193] وبرشيد [هود: 97] وبرحمة [الأعراف: 49] وبرزقين [الحجر:
20] برآدّى رزقهم [النحل: 71] وما أشبهه. ولام الجر، نحو قوله:
لرسوله «8» ولربّك [آل عمران:
43] ولرجل [الأحزاب: 4] وو للرّسول [الأنفال: 24] ولامرأته
[يوسف: 21] وما أشبهه.
2325 - وكذا إن كانت الكسرة الواقعة قبل الراء في حرف هو آخر
الكلمة والراء أول كلمة أخرى، «9» وأخلص فتحها أيضا، وسواء
كانت تلك الكسرة بناء أو
__________
(1) في م: (وألحقها). وهو خطأ.
(2) في م: (قالوا). وهو خطأ لا يستقيم به السياق.
(3) يوسف بن عمرو بن يسار الأزرق.
(4) عبد الصمد بن عبد الرحمن بن القاسم.
(5) داود بن هارون.
(6) زيادة يقتضيها السياق.
(7) في م: (بالجر). وهو تحريف.
(8) في ت، م: (الرسولكم). وهو خطأ؛ لأنه لا يوجد في التنزيل.
واستبدلت به (الرسولة) في المنافقون/ 8.
(9) في م: (الكلمة الأخرى).
(2/774)
إعرابا «1» وكانت عارضة للساكنين، وذلك نحو
قوله: أبوك امرأ سوء [مريم: 28] وفيه ربّى [الكهف: 95] وإلى
ءاثر رحمت الله [الروم: 50] وفى المدينة امرأت العزيز [يوسف:
30] وعن أمر ربّهم [الأعراف: 77] وو إن امرأة [النساء: 128] وو
قالت امرأت فرعون [القصص: 9] وما أشبهه.
2326 - وكذا حكم هذه الراء مع كسرة همزة الوصل عند الابتداء
نحو امرأ سوء امرأت فرعون امرأت العزيز وما أشبهه، وذلك من حيث
كانت الكسرة في جميع ذلك غير لازمة، فلم يعتدّ بها، ورفضت
الإمالة معها.
2327 - وقد نقض ورش [أصله مع الكسرة اللازمة في الضربين جميعا
في مواضع منها من أجل أسباب عرضت لها دعته] «2» إلى إخلاص
فتحها.
2328 - فأمّا ما وليت الكسرة فيه الراء، فإنه نقض أصله فيه في
ثلاثة مواضع.
2329 - فالأول قوله: الصّرط وصرط حيث وقعا في حال النصب والجرّ
والرفع، كقوله: اهدنا الصّرط المستقيم صرط [الفاتحة: 6، 7]
وإلى صرط مّستقيم [البقرة: 142] وو هذا صرط ربّك [الأنعام:
126] وما أشبهه.
2330 - والثاني إذا وقع بعد الراء ألف بعدها راء مفتوحة أو
مضمومة، وذلك نحو قوله: ضرارا [البقرة: 231] وقرارا [النمل:
61] والقرار [إبراهيم: 29] وما أشبهه.
2331 - والثالث إذا وقع بعدها ألف بعدها قاف بأيّ حركة تحرّكت
القاف، وذلك نحو قوله: فراق بينى وبينك [الكهف: 78] وأنّه
الفراق [القيامة: 28] وبالعشىّ «3» والإشراق [ص: 18] وما
أشبهه.
2332 - وقد كان شيخنا أبو الحسن «4» يرى إمالة الراء في قوله:
والإشراق «5» لكون حرف الاستعلاء فيه مكسورا، وخالف في ذلك
عامّة أهل الأداء من المصريين
__________
(1) في ت: (وكانت). ولا يستقيم بها السياق.
(2) سقطت من م.
(3) ص/ 18. وسقطت (بالعشي) من م.
(4) طاهر بن عبد المنعم بن غلبون.
(5) في م: (بالإشراق). وهو خطأ؛ لعدم وجوده في التنزيل.
(2/775)
وغيرهم، فأخلصوا الفتح للقاف في ذلك حملا
على ما انعقد الإجماع على إخلاص الفتح فيه مع كون حرف «1»
الاستعلاء فيه مكسورا نحو إلى صرط [البقرة: 142] وعن الصّرط
[المؤمنون: 74] وإلى سوآء الصّرط [ص: 22] وشبهه، وبذلك قرأت
على ابن خاقان «2» وأبي الفتح «3» عن قراءتهما.
2333 - وقد خالف أبو الحسن أيضا الجماعة من أهل الأداء في
الراء التي يليها كسرة لازمة، ويقع بعدها أحد ثلاثة أحرف ألف
الاثنين، وسواء كانت حرفا أو اسما أو ألف بعدها همزة أو ألف
بعدها عين، فكان يخلص الفتح للراء من أجل ذلك.
2334 - فألف الاثنين نحو قوله: تنتصران [الرحمن: 35] ولسحرن
«4» [طه:
63] وطهرا [البقرة: 125] وما أشبهه. والألف التي بعدها همزة
نحو قوله: افترآء على الله [الأنعام: 140] وافترآء عليه
[الأنعام: 138] ومرآء ظهرا [الكهف: 22] وما أشبهه. [101/ ظ]
والألف التي بعدها عين نحو قوله: ذراعيه [الكهف: 18] وذراعا
[الحاقة: 32] وسراعا [ق: 44] وما أشبهه. وقرأت ذلك كله على
غيره «5» بالإمالة اليسيرة، وهو الصحيح في الأداء والقياس، وبه
آخذ.
2335 - وأما ما خالف فيه ورش أصله مما يحول بين الكسرة والراء
فيه ساكن [ف] في «6» ثمانية مواضع:
فالأول منها: الأسماء الأعجمية، وهي ثلاثة: إبرهيم [البقرة:
124] وإسرءيل [البقرة: 40] وعمرن [آل عمران: 33] لا غير.
والثاني: إذا وقع بعد الراء ألف بعدها ضاد بأيّ حركة تحرّكت
الضّاد، وذلك نحو قوله: أو إعراضا في النساء [128]، وإعراضهم
في الأنعام [35] لا غير.
والثالث: إذا وقع بعدها ألف بعدها راء مفتوحة نحو قوله: إسرارا
[نوح: 9]
__________
(1) في م: (حروف). وهو خطأ لا يستقيم به السياق.
(2) خلف بن إبراهيم، وطرقه من التاسع والستين إلى الرابع
والسبعين على التوالي.
(3) فارس بن أحمد من الطرق: الثاني والستين. والخامس والسبعين،
والتاسع والسبعين، والرابع والثمانين، والخامس والثمانين.
(4) طه/ 63. وفي ت، م: (ساحران). ولا يوجد في التنزيل كذلك.
(5) غير أبي الحسن طاهر بن عبد المنعم بن غلبون.
(6) زيادة يقتضيها السياق.
(2/776)
ومدرارا [الأنعام: 6] حيث وقعا.
والرابع قوله: مصر [يوسف: 21] ومصرا [البقرة: 61] منوّنا وغير
منوّن حيث وقعا.
والخامس: إصرا في البقرة، وإصرهم في الأعراف [157] لا غير.
والسادس قوله: قطرا في الكهف [96] لا غير.
والسابع: قوله في الروم [30]: فطرت الله لا غير.
والثامن: قوله في الذاريات [2]: وقرا.
2336 - وعدل ورش عن ترقيق الراء وإمالتها يسيرا في هذه المواضع
لأجل حرف الاستعلاء وحرف الراء والعجمة إذ كان «1» المستعلي
إذا تحرّك بغير الكسر أو سكن تطلب موضع الفتح بعلوّه، والفتح
يطلب موضعه من العلوّ، فلذلك «2» قوي على منع الإمالة، والراء
أيضا لتكريرها بمنزلته «3» سواء، والاسم الأعجمي لاجتماع فرعين
فيه التعريف والعجمة، وزيادة «4» الألف والنون ثقيل، «5» ولذلك
«6» منع الصّرف والإمالة [وهما] «7» باب تخفيف، ولم يستعملها
فيه لئلا يخرج عن الغرض في استثقال هذه الأسماء.
2337 - قال أبو عمرو: وقد اختلف شيوخنا بعد ذلك في ثلاث كلم:
وهن قوله في الأنعام [71]: حيران وقوله في [164]: وزر أخرى حيث
وقع، وقوله في الفجر [7]:
إرم ذات فأقرأني ابن خاقان حيران بإخلاص الفتح لامتناعه من
الصّرف بكون مؤنثه حيرى، وكذلك نصّ عليه إسماعيل النحّاس في
كتابه في الأداء، وكذلك رواه أيضا عامّة أصحاب أبي جعفر أحمد
بن هلال عنه، وأقرأنيه غيره بإمالة الراء قياسا على نظائره.
__________
(1) في ت، م: (إذا). ولا يستقيم بها السياق.
(2) في م: (فذلك). ولا يستقيم بها السياق.
(3) في م: (بمنزلة). ولا يستقيم بها السياق.
(4) أي التعريف والعجمة في إبراهيم وإسرائيل، والتعريف وزيادة
الألف والنون في عمران.
انظر الموضح ل 99/ ظ.
(5) في م: (فصل). وهو تحريف.
(6) في م: (وكذلك). ولا يستقيم بها السياق.
(7) زيادة يقتضيها السياق.
(2/777)
وأقرأني أبو الفتح وزر [الأنعام: 164] حيث
وقع بإخلاص الفتح، وأقرأني ذلك غيره بالإمالة لأجل الكسرة،
وأقرأني ابن غلبون «1» إرم ذات [الفجر: 7] بإمالة الراء لأجل
الكسرة، وأقرأنيه غيره بإخلاص فتحها لكون هذا الاسم بمنزلة
الأعجمي من حيث اكتنفه فرعان العجمة والتأنيث، فمنع الصّرف
لذلك كهو «2» سواء، فوجب أن يجرى في إخلاص الفتح مجراه.
2338 - فأمّا قوله في: ألم نشرح [الانشراح: 1] وزرك [الانشراح:
2] وذكرك [4] فإن أبا الحسن قال لنا: إن الراء يحتمل فيها
وجهين: الإمالة اليسيرة طردا للقياس مع الكسرة، والفتح «3»
للموافقة به بين رءوس آي السورة التي الراء فيها مفتوحة بإجماع
للفتحة «4» التي قبلها، نحو صدرك [الانشراح: 1] وظهرك
[الانشراح: 3].
2339 - وهذا الذي قاله حسن، غير أنه يلزم فيما ضاهى ذلك، نحو
فجّرت [3] وبعثرت [4] في الانفطار، وكوّرت [1] وسيّرت [3]
ونظائرهما في التكوير؛ لأن ما قبل ذلك وما بعده من الكلم في
الفواصل من السّورتين مفتوح، نحو انفطرت [الانفطار: 1] وانتثرت
[الانفطار: 2] وو أخّرت [الانفطار: 5] وانكدرت [التكوير: 2]
وأحضرت [النساء: 128]. ولا أعلم خلافا في مجرى القياس من
الإمالة في ذلك لأجل الكسرة.
2340 - واختلف شيوخنا أيضا في الراء إذا لحقها التنوين وحال
بينها وبين الكسرة ساكن غير حرف استعلاء، نحو قوله: ذكرا
[البقرة: 200] وإمرا [الكهف: 71] وسترا [الكهف: 90] ووزرا [طه:
100] وحجرا [الفرقان: 22] وو صهرا [الفرقان: 54] وما أشبهه.
2341 - فأقرأني ذلك أبو الحسن بإمالة الراء بين بين وصلا ووقفا
لأجل الكسرة وضعف الساكن الحائل بينها وبين الراء. وأقرأنيه
ابن خاقان وأبو الفتح بإخلاص الفتح مناقضة للأصل، وعلى ذلك
عامّة أهل الأداء من المصريين وغيرهم. وكذلك رواه
__________
(1) من الطريق السادس والسبعين.
(2) أي كالأعجمي.
(3) في م: (والفتحة) ولا تلائم السياق.
(4) في م: (الفتحة). ولا يستقيم بها السياق.
(2/778)
جميع أصحاب أبي يعقوب وأبي الأزهر وداود
عنهم عن ورش، وكذلك حكاه محمد بن علي «1» عن أصحابه، والأول
أقيس والثاني آثر.
2342 - وقد استثنى أصحاب موسى بن سهل وعبد الرحمن بن داود بن
أبي طيبة من جملة ذلك حرفا واحدا، وهو قوله [102/ و] في
الفرقان: وصهرا، فأمالوا فتحة الراء يسيرا فيه، وذلك من حيث
كان الساكن الحائل بين الكسرة والياء هاء، وهو حرف خفي وكأن
الكسرة وليت الراء لذلك «2»، والقياس إخلاص فتح الراء، وعلى
ذلك العمل وبه الأخذ.
2343 - فأما قوله: سرّا حيث وقع، نحو سرّا إلّآ [البقرة: 235]
وسرّا وجهرا [النحل: 75] وسرّا وعلانية [البقرة: 274] وما
أشبهه من لفظه. وقوله:
مّستقرّا في النمل [40] فلا أعلم خلافا بين أصحابنا في ترقيق
الراء وإمالتها يسيرا في ذلك، وذلك أن الحرفين في الإدغام
بمنزلة حرف واحد من حيث يرتفع اللسان بهما ارتفاعة واحدة من
غير مهلة ولا فرجة كما يرتفع به «3»، فكأن الكسرة قد وليت
الراء كذلك «4»، فأميلت كما تمال معها «5» إذا وليتها من غير
حائل بإجماع.
2344 - وقد اختلف علماؤنا في إمالة الراء وفي إخلاص فتحها أيضا
في حال الوصل خاصّة إذا لحقها التنوين ووليها كسرة أو ياء، نحو
قوله: شاكرا [النساء:
147] ومدبرا [النمل: 10] وخبيرا [النساء: 35] وبصيرا [النساء:
58] وخيرا [البقرة: 158] وطيرا [آل عمران: 49] وما أشبهه.
2345 - فكان أبو طاهر بن أبي هاشم لا يرى إمالتها فيه من أجل
التنوين؛ لأنه يمنع الإمالة، وتابعه على ذلك عبد المنعم «6» بن
عبيد الله وجماعة، وكان سائر أهل الأداء من المصريين، ومن أخذ
عنهم من المغاربة يميلونها في حالة الوصل كما
__________
(1) الأذفوي. وتقدم أن طريقه خارج عن جامع البيان.
(2) في ت، م: (كذلك). وهو غير سديد.
(3) في م: (كما يدفع). وهو تحريف.
(4) في ت، م: (كذلك). وهو غير سديد.
(5) في م: (معنى). وهو تحريف.
(6) ابن غلبون. وطريقه عن ورش خارج عن طرق جامع البيان.
(2/779)
يميلونها في حال الوقف لوجود الجالب
لإمالتها، وهو الكسرة والياء في الحالين «1»، وعلى ذلك يدلّ
نصّ الرواة عن ورش لمجيئه مطلقا من غير تقييد بذكر تنوين أو
غيره، وهذا هو الصواب، والأول خطأ لا شك فيه، وقد أثبت على
البيان عن ذلك في كتابي المصنف في الراءات، فأغنى ذلك عن
الإعادة.
2346 - وقد روى أصحاب داود بن أبي طيبة عنه عن ورش إخلاص
الفتحة للراء «2» إذا حال بينها وبين الكسرة ساكن جامد، نحو
قوله: الذّكر [آل عمران: 58] والسّحر [البقرة: 102] والشّعر
[يس: 69] وذكركم [الأنبياء: 10] وحذركم [النساء: 71] وكبره
[النور: 11] ولعبرة [آل عمران: 13] وما أشبهه. وبإطلاق القياس
في جميع ذلك قرأت لورش من طريق المصريين، وهو الذي يدلّ عليه
نصّ قول «3» جميع أصحابه في كتبهم عنه.
2347 - وقرأت له من طريقهم بشرر كالقصر في والمرسلات [32]
بإمالة فتحة الراء يسيرا من أجل جرّة الراء المتطرفة بعدها كما
أمالها في نحو مع الأبرار «4» [آل عمران: 193] والأشرار [ص:
62] وفي قرار [المؤمنون: 13].
ولذلك «5» الوقف كالوصل في ذلك سواء، وإن عدمت الكسرة الجالبة
للإمالة فيه لما ذكرناه من كونه عارضا لا يلزم.
2348 - وقياس هذا الموضع «6» عندي قوله في النساء [95]: غير
أولى الضّرر «7»، غير أن أصحابنا وسائر أهل الأداء يمنعون من
إمالة فتحة الراء فيه لوقوع حرف الاستعلاء قبلها وهو الضاد،
وليس ذلك بمانع من الإمالة هاهنا لقوّة جرّة الراء كما لم يمنع
منها كذلك في نحو فى الغار [التوبة: 40] ومن أنصار [البقرة:
270] وبقنطار [آل عمران: 75] وكالفجّار [ص: 28] وما أشبهه، على
أن سيبويه
__________
(1) في م: (حالين). وهو غير مناسب للسياق.
(2) في م: (الراء). وهو غير سديد.
(3) في م: (قوله). وهو خطأ لا يستقيم به السياق.
(4) في ت، م: (من الأبرار). وهو خطأ لعدم وجوده في التنزيل.
(5) في ت، م: (وكذلك). وهو خطأ لا يستقيم به السياق.
(6) في م: (الوضع). وهو تحريف.
(7) قرأها نافع بنصب الراء في (غير). انظر النشر 2/ 251،
السبعة/ 237.
(2/780)
قد حكى الإمالة «1» في الضّرر نصّا لأجل
جرّة الراء.
2349 - وقد روى أبو مروان «2» العثماني عن قالون أنه كان لا
يفتح الراء في جميع ما تقدّم من الراءات، فوافق ورشا. وروى
أحمد بن صالح «3» عن قالون فرشا [البقرة: 22] والمحراب [آل
عمران: 37] وإخراج [البقرة: 217] الراء مفتوحة غير مقعورة،
وكذلك قال عن ورش «4» في إخراج [البقرة: 240] والمحراب. وقال
عنهما صغيرا أو كبيرا [البقرة: 282] بإشمام الراء الكسر قليلا.
وقال عن قالون فى الأخرة [البقرة: 102] الراء وسطا من ذلك غير
مقعورة، وهذا يدلّ على أن روايته عن ورش وقالون في الراء
المفتوحة مع الكسرة والياء سواء.
2350 - وحدّثنا «5» الخاقاني، قال: حدّثنا أحمد بن أسامة، قال:
حدّثنا أبي. ح
2351 - وحدّثنا «6» فارس بن أحمد، قال: حدّثنا جعفر بن أحمد،
قال: نا محمد بن الربيع، قالا: نا يونس قال: قال لي سقلاب «7»:
لا يفتح الراء جدّا في القراءة، قال: وقال لي عثمان «8»: يقعّر
الراء «9» في القراءة وما عدا يفترينه [الممتحنة: 12] وما
أشبهها، فإنها لا تقعّر، وهذا يدلّ على أنه يروي ورش إخلاص
فتحة الراء مع الكسرة والياء في جميع القرآن، وأنه لا يرقّق
«10» من جميع الراءات إلا المكسورة وحدها التي لا يجوز غير
ترقيقها. وقال أبو يعقوب «11» وداود «12» وأبو الأزهر «13»
__________
(1) الكتاب 4/ 142.
(2) من الطريق الخامس والخمسين.
(3) من الطريق: السادس والأربعين، والسابع والأربعين، والتاسع
والأربعين.
(4) من الطريق الثامن والسبعين.
(5) انظر إسناد الطريق/ 80. وهو صحيح.
(6) انظر إسناد الطريق/ 82. وهو هنا حسن لغيره.
(7) سقلاب بن شنينة. ورواية سقلاب خارجة عن روايات جامع
البيان.
(8) عثمان بن سعيد الملقب بورش.
(9) يفخم الراء.
(10) في م: (لا يرفوا). وهو خطأ لا يستقيم به السياق.
(11) الأزرق.
(12) داود بن هارون.
(13) في هامش ت (ل 102/ ظ): اسمه عبد الصمد بن عبد الرحمن
العتقي غاية النهاية.
(2/781)
عن ورش المحراب والخيرات [البقرة: 148]
وإخراجهم [البقرة: 85] وفرشا [البقرة: 22] وإسرافا [النساء: 6]
وميرث [آل عمران: 180] وما أشبهه وسطا من الفتح [102/ ظ] من
غير إسراف «1»، ولكن فيما بين ذلك.
2352 - وأخبرني «2» محمد بن سعيد في كتابه، قال لي محمد بن
أحمد: قال: نا أبي، نا إبراهيم بن محمد، قال: نا عبد الصمد عن
ورش عن نافع المحراب والخيرت وإخراجهم وإخراج [البقرة: 217]
وكراما [الفرقان: 72] وفرشا [البقرة: 22] وإسرافا [النساء: 6]
وو إسرافنا [آل عمران: 147] ودراستهم [الأنعام: 156] وميرث [آل
عمران: 180] ومّتجورت [الرعد: 4] ولآ إكراه [البقرة: 256]
وإجرامى [هود: 35] لا قعر ولا بطح «3» وهذا يدلّ على اطّراد
مذهبه في إمالة فتحة الراء يسيرا مع الكسرة والياء في جميع
القرآن.
2353 - وقرأ الباقون «4» وورش من رواية الأصبهاني عن أصحابه
عنه بإخلاص فتحة الراء في جميع ما تقدّم.
فصل [في الراء المضمومة]
2354 - واعلم أن عامّة أهل الأداء من أصحاب ورش من المصريين
والمغاربة يجرون الراء المضمومة مع الكسرة اللازمة والياء
الساكنة مجرى الراء المفتوحة في الترقيق في مذهبه. وكذلك روى
ذلك منصوصا أصحاب النحاس «5» وابن هلال «6» وابن داود «7» وابن
سيف «8» وبكر بن سهل «9» ومواس بن سهل عنهم عن أصحابه عن ورش.
__________
(1) أي من غير إسراف في الفتح، فتكون بين بين.
(2) تقدم هذا الإسناد في الفقرة/ 411. وهو خارج عن طرق جامع
البيان.
(3) أي بين بين. والقعر هو التفخيم، والبطح هو الإمالة التامة.
(4) وهم السبعة إلا نافعا في رواية ورش.
(5) اسماعيل بن عبد الله بن عمرو.
(6) أحمد بن عبد الله.
(7) عبد الرحمن بن داود بن هارون.
(8) عبد الله بن مالك بن عبد الله بن سيف.
(9) بكر بن سهل بن اسماعيل الدمياطي.
(2/782)
2355 - فأمّا الراء المضمومة التي تليها
الكسرة اللازمة فنحو يعتذرون [التوبة:
94] ومّقتدرون [الزخرف: 42] ويخرّون [الإسراء: 107] وينتصرون
[الشعراء: 93] ويسرّون [البقرة: 77] ويصرّون [الواقعة: 46] وو
يحذّركم [آل عمران: 28] وأنذركم [الأنبياء: 45] ويبشّرهم
[التوبة: 21] وتطهّرهم [التوبة: 103] ويغفر [آل عمران: 129]
ومنذر [الرعد: 7] ومّنتصر [القمر: 44] ومستقرّ [القمر: 3] وما
أشبهه. وكذلك إن حال بينهما ساكن نحو قوله: بكر [البقرة: 68]
وحجر [الأنعام: 138] وذكر [الأعراف: 63] وسحر [المائدة: 110]
وكبر [غافر: 56] وصرّ [آل عمران: 117] وذكركم [الأنبياء: 10].
2356 - وأما التي تليها الياء الساكنة، فنحو قوله: خبير
[البقرة: 234] وبصير [البقرة: 96] وبشير [المائدة: 19] ونذير
[المائدة: 19] وقدير [البقرة: 20] وخير [البقرة: 54] وغير
[الأنعام: 46] وكبيرهم [يوسف: 80] وما أشبهه منوّنا كان أو غير
منوّن.
2357 - فإن كانت الكسرة في حرف زائد [أ] «1» وكانت عارضة فخّمت
الراء كما فعل معها في المفتوحة سواء وذلك نحو قوله: برءوسكم
[المائدة: 6] وبركنه [الذاريات: 39] وبرسل [الأنعام: 10] ولرجل
[الأحزاب: 4] ولربّك «2» [آل عمران: 43] وإن امرؤا وما أشبهه.
2358 - فأما الراء المكسورة فلا يجوز غير ترقيقها في حال
الوصل، ولها في الوقف أحكام أبيّنها في باب الوقف على الراء إن
شاء الله.
2359 - فأمّا الراء الساكنة، فلا خلاف في إخلاص تفخيمها إذا
وليها من قبلها فتحة أو ضمّة، وسواء حال بينها وبين هاتين
الحركتين ساكن أو لم يحل، وذلك نحو قوله: مرجعكم [آل عمران:
55] وترميهم [الفيل: 4] ونرفع [الأنعام: 83] وفارتقب [الدخان:
10] وفأرسلنا [الأعراف: 133] وليردوهم [الأنعام: 137] وكرسيّه
[البقرة: 255] ويرضونكم [التوبة: 8] وما أشبهه.
__________
(1) زيادة يقتضيها السياق.
(2) هذا المثال والذي قبله مفتوح الراء، والمقام يقتضي التمثيل
بالراء المضمومة.
(2/783)
2360 - فإن وليها كسرة لازمة فلا خلاف أيضا
في ترقيقها، وذلك نحو قوله:
فى مرية [هود: 17] وشرعة [المائدة: 48] والإربة [النور: 31]
وشرذمة «1» [الشعراء: 54] وذكر [الأنعام: 70] واصبر [يونس:
109] ويغفر لكم [آل عمران: 31] وفرعون [البقرة: 49] والفردوس
[الكهف: 107] بشرككم [فاطر:
14] وما أشبهه.
2361 - فإن كانت الكسرة عارضة فخّمت بلا خلاف نحو قوله: إن
ارتبتم [المائدة: 106] وأم ارتابوا [النور: 50] ولمن ارتضى
[الأنبياء: 28] ورّبّ ارحمهما [الإسراء: 24] وربّ ارجعون
[المؤمنون: 99] ويبنىّ اركب [هود: 42] وما أشبهه.
2362 - وكذلك إن ابتدئ ما في أوّله ألف الوصل من ذلك إن ارتبتم
وأم ارتابوا [النور: 50] لمن ارتضى [الأنبياء: 28] ورّبّ
ارحمهما [الإسراء: 24] وربّ ارجعون [المؤمنون: 99] ويبنىّ اركب
[هود: 42] وما أشبهه.
2363 - وقد اختلف أهل الأداء في قوله: كلّ فرق في الشعراء
[63]، فمنهم من يفخّم الراء فيه لأجل حرف الاستعلاء، ومنهم من
يرقّقها لوقوعها بين حرفين مكسورين، والأول أقيس على مذهب ورش
في الصّرط [الفاتحة: 6] وو الإشراق [ص: 18].
2364 - وقد كان محمد بن علي «2» وجماعة من أهل الأداء من أصحاب
ابن هلال «3» وغيره يروون عن قرّائهم ترقيق الراء في قوله: بين
المرء [البقرة: 102] حيث وقع من أجل الهمزة وتفخيمها أقيس لأجل
الفتحة قبلها، وبه قرأت.
2365 - قال أبو عمرو: فأمّا ما عدا هذا من سائر الراءات
المفتوحات والمضمومات والسّواكن إذا الفتحات والضمّات، فلا
خلاف في إخلاص فتحه وتفخيمه لأجل ما وليه من الفتح، وقد قدّمنا
مذاهبهم في الراء المفتوحة التي تقع قبل ألف منقلبة عن ياء أو
للتأنيث أو قبل ألف بتاء بعدها راء مجرورة في باب الإمالة،
فأغنى عن إعادته هاهنا وبالله التوفيق.
__________
(1) في ت، م: (شرذمة). ولا يوجد في التنزيل كذلك.
(2) الأذفوي.
(3) أحمد بن عبد الله.
(2/784)
فصل في الوقف على الراء المتطرّفة
2366 - اعلم أن الوقف على الراء المفتوحة إذا وقعت طرفا في
الكلمة ولم يلحقها التنوين وانكسر «1» ما قبلها، أو كان ياء
وسواء حال بين الكسرة وبينها ساكن أو لم يحل بالترقيق [103/ و]
في مذهب الجميع؛ لأن الوقف عليها في مذاهبهم بالسّكون لا غير،
ولا ترام عندهم فيه لخفّة النصب وذلك نحو قوله: ليغفر [النساء:
137] وقدر [القمر: 12] وبعثر [العاديات: 9] والذّكر [آل عمران:
58] والسّحر [البقرة: 102] والشّعر [يس: 69] وو الخنازير
[المائدة: 60] والفقير [الحج: 28] وما أشبهه.
2367 - فإن وليها فتحة أو ضمّة وسواء حال بينهما وبينها ساكن
أو لم يحل، فالوقف عليها للكل بإخلاص الفتح لا غير، وذلك نحو
قوله: ألم تر [البقرة: 243] والدّبر [القمر: 45] والأمور
[البقرة: 210] والعسر [البقرة: 185] واليسر [البقرة: 185] وما
أشبهه.
2368 - فأما الراء المضمومة فإنه إذا وليها كسرة لازمة أو ياء
ساكنة وسواء لحقها التنوين أو لم يلحقها، فورش على ما حكاه أهل
الأداء عنه يقف عليها في جميع الأحوال من السكون والرّوم
والإشمام بالترقيق، والباقون يفخّمونها إذا وقفوا عليها
بالرّوم خاصّة لكونه في زنة المتحرّك، ويرقّقونها إذا وقفوا
بالسّكون أو بالإشمام؛ لأن الإشمام لا يؤتى به إلا بعد إخلاص
السّكون للحرف الموقوف عليه، والراء إذا سكنت ووليتها كسرة أو
ياء مرقّقة بإجماع من أهل الأداء؛ لأنها تابعة لهما، وذلك نحو
قوله: مّستمرّ [القمر: 2] ومستقرّ [القمر: 3] وتستكثر [المدثر:
6] وسحر [المائدة: 110] وكبر [غافر: 56] وإلّا نذير وبشير
[الأعراف: 188] وما أشبهه.
2369 - فإن وليها في حال انضمامها غير الكسرة والياء فالوقف
عليها للكل في جميع الأحوال من السّكون والرّوم والإشمام
بالتفخيم لا غير، وذلك نحو قوله:
أمر [النساء: 47] ومّستطر [القمر: 53] والنّذر [يونس: 101]
والأمور [البقرة: 210] وو حمر [المدثر: 50] وأمر [البقرة: 27]
وما أشبهه.
__________
(1) في م: (والكسر). وهو خطأ لا يستقيم به السياق.
(2/785)
2370 - وأما الراء المكسورة فإنه إذا وقف
عليها بالرّوم بأيّ حركة تحرّك ما قبلها، فهي رقيقة لا غير،
وذلك نحو قوله: بالنّذر [القمر: 23] ومّن مّطر [النساء: 102]
وعلى سفر [البقرة: 184] وبنهر [البقرة: 249] وما أشبهه، فإن
وقف عليها بالسكون، ولم يرم اعتبرت الحركة التي قبلها.
2371 - فإن كانت فتحة أو ضمّة نحو قوله: مّن ذكر [آل عمران:
195] وبقدر [الحجر: 21] واستكبر [البقرة: 34] ومن الأمر [آل
عمران: 128] ونكر [القمر: 6] وودسر [القمر: 13] وما أشبهه
فخّمت لا غير؛ لأن ذلك حكم الساكنة مع هاتين الحركتين في مذهب
الكلّ في حال الوصل، وكذا حكى مواس بن سهل عن أصحابه عن ورش عن
نافع أن الوقف على هذا الضرب بالتفخيم.
2372 - وإن كانت الحركة التي تليها كسرة نحو قوله: مّنهمر
[القمر: 11] ومّستمرّ [القمر: 2] ومن السّحر [طه: 73] وعين
القطر [سبأ: 12] وعلى البرّ [المائدة: 2] وما أشبهه. أو وقع
قبلها ياء ساكنة نحو قوله: من بشير ولا نذير «1» [المائدة: 19]
ومن قطمير [فاطر: 13] وإلى الطّير [النحل: 79] ومّن خير
[البقرة: 105] ونذير [القصص: 46] وما أشبهه رقّقت «2» لأجلها.
2373 - وكذلك إن كان الذي وليها فتحة ممالة، نحو قوله: مع
الأبرار «3» [آل عمران: 193] والأشرار [ص: 62] وفى قرار
[المؤمنون: 13] في مذهب من أمال ذلك في حال الوصل إمالة خالصة
أو إمالة بين بين، وكذا بشرر [المرسلات:
32] على مذهب ورش عن نافع أيضا، فهي مرقّقة اتباعا لتلك الفتحة
الممالة.
2374 - وأما الراء الساكنة، فإنها تجري في الوقف مجراها في
الوصل وسواء حرّكت في الوصل للساكنين أو بحركة همزة تفخّم مع
الفتحة والضمّة نحو قوله:
وانحر [الكوثر: 2] واذكر [آل عمران: 41] وما أشبهه. وترقق مع
الكسرة نحو قوله: واصبر [يونس: 109] وأنذر [الأنعام: 51] وما
أشبهه.
2375 - قال أبو عمرو: فهذه أحكام الراء في الوقف على ما رواه
مواس بن
__________
(1) وفي م: (من كثير ولا نذير). وهو خطأ لعدم وجوده في
التنزيل.
(2) في م: (أو رققت). وزيادة (أو) خطأ يجعل السياق مضطربا.
(3) في ت، م: (من الأبرار). وهو خطأ؛ لعدم وجوده في التنزيل.
(2/786)
سهل وغيره من الرواة عن أئمتهم، وعلى هذا أخذنا لفظا عن جلّة
أهل الأداء وقسناه على الأصول التي أصّلوها إذ عدمنا «1» النصّ
على أكثره، ودعت الحاجة إلى معرفة حقيقته «2» وبالله التوفيق. |