جامع البيان في القراءات السبع باب ذكر اللامات ومذهب ورش وغيره من
الرّواة عن أئمة القراءة في ترقيقهنّ وتغليظهنّ
2376 - اعلم أن ورشا من طريق أبي يعقوب عنه روى عن نافع أنه
كان يغلظ اللام ويفخّمها إذا تحرّكت «3» بالفتح لا غير، ووليها
من قبلها صاد أو ظاء أو طاء، وتحرّكت هذه الثلاثة الأحرف
بالفتح «4»، أو سكنت لا غير.
2377 - فأما الصّاد فنحو قوله «5»: الصلوة [البقرة: 3] وصلوتهم
[المؤمنون:
9] وفيصلب [يوسف: 41] ومفصّلا [الأنعام: 114] وو سيصلون
[النساء: 10] وو أصلحوا [البقرة: 160] إصلاحا [البقرة: 228]
وما أشبهه.
2378 - وأما الظاء فنحو قوله: ظلموا [البقرة: 59] و «6» يظلمون
[البقرة:
281] وو إذآ أظلم [البقرة: 20] وو من أظلم [البقرة: 144] وو
ظلّلنا [البقرة: 57] وفيظللن [الشورى: 33] وفظلّت [الشعراء: 4]
وبظلام [آل عمران: 182] وما أشبهه.
2379 - وأما الطاء فنحو قوله: الطّلق [البقرة: 227] وطلّقتم
[البقرة: 231] والمطلّقت [البقرة: 228] وو انطلق [ص: 6]
وفانطلقوا [القلم: 23] وفاطّلع [الصافات: 55] ومّعطّلة [الحج:
45] وطلبا [الكهف: 41] وحتّى مطلع [القدر:
5] وما أشبهه.
__________
(1) في هامش ت (ل 103/ ظ): عدم من باب علم، يقال عدمت الشيء أي
فقدته فيكون متعديا اخ.
(2) في م: (معرفته حقيقة).
(3) في ت، م: (تحرك). ولا يناسب السياق.
(4) في ت، م: (بالتفخيم). ولا يستقيم بها السياق. والتصحيح من
الموضح ل 113/ و.
(5) سقطت (قوله) من ت.
(6) في ت، م: (أو). ولا يستقيم بها السياق.
(2/787)
2380 - هذه قراءتي له من الطريق المذكور
على ابن خاقان «1» وأبي الفتح «2» عن قراءتهما. وقرأت له على
ابن غلبون «3» بتغليظ اللام وتفخيمها مع الصّاد والظاء [103/
ظ] المفخمة وترقيقها مع الطاء. وروى محمد بن علي «4» عن أصحابه
عن أبي يعقوب عن ورش تغليظها مع الصاد خاصة. وكذلك روى أبو
الأزهر عن ورش فيما قرأت له على أبي الفتح «5» عن قراءته،
وكذلك روى أصحاب النحّاس «6» ومواس «7» وابن هلال «8» عن
أصحابه عن ورش.
2381 - وروى يونس «9» وداود «10» وأحمد بن صالح «11»
والأصبهاني «12» عن أصحابه عن ورش فيما قرأت لهم بالإسناد
المتقدّم ترقيق اللام مع الثلاثة الأحرف في جميع القرآن، وبذلك
قرأ الباقون «13».
2382 - فإن وقعت هذه اللام مع الصاد آخر فاصلة في سورة أو آخر
فواصلها على ألف منقلبة من ياء، وجملة ذلك ثلاثة مواضع: في
القيامة [31] فلا صدّق ولا صلّى وفي سبّح [15] وذكر اسم ربّه
فصلّى وفي العلق [10] عبدا إذا صلّى ففيها على مذهب أبي يعقوب
وأبي الأزهر وجهان:
أحدهما: التغليظ لكونها مفتوحة قد وليها صاد مفتوحة طردا
لمذهبهما في نحو ذلك.
__________
(1) من الطرق: من التاسع والستين إلى الرابع والسبعين.
(2) من الطريق الخامس والسبعين.
(3) من الطريق السادس والسبعين.
(4) الأذفوي. وتقدم أن هذا الطريق خارج عن جامع البيان.
(5) من الطريق الثاني والستين.
(6) اسماعيل بن عبد الله بن عمرو.
(7) ابن سهيل.
(8) أحمد بن عبد الله بن محمد بن هلال.
(9) ابن عبد الأعلى. من الطريقين: الرابع والثمانين، والخامس
والثمانين.
(10) ابن هارون. ولم يتقدم له طريق بعرض القراءة. فقد سقط من
النساخ.
(11) من الطريق التاسع والسبعين.
(12) من الطريق السادس والتسعين.
(13) السبعة إلا ورشا عن نافع.
(2/788)
والثاني: الترقيق، فتكون بين بين لأجل
الألف المنقلبة عن الياء بعدها حملا على ما قبل ذلك وما بعده
من رءوس الفواصل، واتباعا له ليأتي «1» الجميع بلفظ واحد ولا
يختلف. والوجهان صحيحان، غير أن الثاني أقيس.
2383 - فإن أتت اللام وقبلها صاد أيضا وبعدها ألف منقلبة من
ياء في غير فاصلة، وجملة ذلك خمسة مواضع: في سبحان [18] يصلئها
مذموما، وفي الانشقاق [12] ويصلى سعيرا، وفي الغاشية [4] تصلى
نارا حامية، وفي الليل [15] لا يصلئهآ إلّا الأشقى، وفي المسد
[3] سيصلى نارا وكذا قوله: من مّقام إبرهيم مصلّى [البقرة:
125] عند الوقف خاصة؛ لأنه منوّن والّذى يصلى النّار [الأعلى:
12] لأن الألف تذهب في الوصل على مذهبهما [في هذه اللام] «2»
وجهان: التغليظ والترقيق، فالتغليظ على ما أصّلاه في اللام مع
الصاد، والترقيق على قولهما في إمالة الألف المنقلبة من الياء
وما قبلها، والأقيس هاهنا التغليظ بخلاف ما هو فيما قبله لعدم
الإتباع والتشاكل اللذين حسّنا الترقيق وقرّباه هاهنا «3».
2384 - فإن حال بين الصّاد والطاء وبين اللام ألف نحو قوله:
فصالا [البقرة:
233] وأن يصلحا «4» [النساء: 128] وأفطال [طه: 86] وما أشبهه،
[كان في هذه اللام أيضا وجهان: التفخيم؛ اعتدادا بقوة الحرف
المستعلي] «5» والترقيق «6» لأجل الفاصل الذي فصل بينه وبين
اللام، والتغليظ أوجه «7»؛ لأن ذلك الفاصل ألف والفتح منه.
2385 - فإن وقعت اللام مع الثلاثة الأحرف المذكورة الجالبة
لتغليظها وتفخيم اللفظ بها طرفا «8» في الكلمة، نحو قوله: يوصل
[البقرة: 27] وفصل [البقرة:
__________
(1) في م: (الشاني)، وهو خطأ لا يستقيم به السياق.
(2) سقطت (في هذه اللام) من م.
(3) أي لعدم الاتباع والتشاكل هاهنا.
(4) النساء/ 128، قرأها نافع بفتح الياء والصاد واللام، وتشديد
الصاد وألف بعدها انظر النشر 2/ 252، السبعة/ 238.
(5) سقط من ت، م. والتصحيح من الموضح ل 104/ و.
(6) في ت: (فالترقيق). ولا يلائم السياق. وفي هامش ت (ل 104/
و): لأجل قوة المستعلي نسخة.
(7) في م: (وجه) بدل (أوجه). وهو خطأ.
(8) في م: (طردا). وهو خطأ لا يستقيم به السياق.
(2/789)
249] وو بطل [الأعراف: 118] وما أشبهه،
ووقف على ذلك احتمل وجهين أيضا:
في الوقف التغليظ والترقيق، فالتغليظ لكون سكونها عارضا إذ هو
للوقف فقط، فعوملت لذلك «1» معاملة المتحرّكة المفتوحة،
والترقيق لكونها ساكنة؛ لأن ما سكن للوقف كاللازم، فعوملت لذلك
«2» معاملة الساكنة في كل حال.
والأول أوجه؛ إذ فيه دلالة على حكم اللام في مذهب من ذكرناه في
حال الوصل كما دلّ الوقف على الكلم التي «3» الراء فيهنّ
متطرّفة مجرورة بالإمالة الخالصة وبالإمالة اليسيرة مع عدم
الجرّة الجالبة لذلك فيه على حال الوصل في مذهب من رأى ذلك
«4».
2386 - فإن تحرّكت اللام مع الثلاثة الأحرف المذكورة بالضم أو
الكسر أو سكنت، فلا خلاف في ترقيقها، فالمضمومة نحو قوله:
يصلون [النساء: 90] ولقول «5» فصل [الطارق: 13] و «6» فظلّوا
[الحجر: 14] ولظلوم [إبراهيم: 34] وفنظلّ [الشعراء: 71] وفطلّ
[البقرة: 265] وتطّلع [المائدة: 13] وما أشبهه.
2387 - وأما المكسورة نحو قوله: يصلى [آل عمران: 39] وفصل
[الكوثر:
2] وو تصلية [الواقعة: 94] وو من يظلم [الفرقان: 19] ويظلمون
[البقرة: 57] فطلّقوهنّ [الطلاق: 1] وتطّلع [المائدة: 13] وما
أشبهه. وسواء تحرّك ما قبل المضمومة والمكسورة أو سكن.
2388 - والساكنة نحو قوله: وصّلنا [القصص: 51] وصلدا [البقرة:
264] وصلصل [الحجر: 26] وفظلتم [الواقعة: 65] وظلت [طه: 97]
وطلعها [الأنعام: 99] وطلع نّضيد [ق: 10] وما أشبهه.
2389 - على أن قوما من منتحلي قراءة نافع رواية عن ورش عنه من
المغاربة يغلظون اللام من قوله: صلصل لوقوعها بين صادين، ولم
أقرأ بذلك. والترقيق هو القياس حملا على سائر اللامات
السّواكن.
__________
(1) في م: (كذلك). وهو خطأ.
(2) في م: (كذلك). وهو خطأ.
(3) سقطت (التي) من م.
(4) سقطت (ذلك) من م.
(5) وفي ت، م: (قول). وهو خطأ لعدم وجوده في التنزيل.
(6) سقطت (و) من ت.
(2/790)
2390 - فإن تحرّكت الأحرف الثلاثة التي تلي
اللام المفتوحة بالكسر أو بالضم فلا خلاف أيضا في ترقيقها مع
ذلك، فالمكسورة نحو قوله: فصّلت [هود: 1] وتفصيلا [الأنعام:
154] وو حصّل [العاديات: 10] وفى ظلل [يس: 56] وعطّلت
[التكوير: 4] وما أشبهه. والمضمومة نحو قوله: ظلّة [الأعراف:
171] وظلل [البقرة: 210] وما أشبهه. [104/ و] وكذا قرأت في هذه
المواضع للجماعة والنصّ في أكثره معدوم، وإنما يتلقى مثله عن
حذّاق أهل الأداء وجلّة المتصدّرين مشافهة وسماعا ومذاكرة.
2391 - فإن وقعت اللام المفتوحة بين حرفين مستعليين، نحو قوله:
خلطوا [التوبة: 102] وما اختلط [الأنعام: 146] ومّن الخلطآء
[ص: 24] وو أخلصوا [النساء: 146] والمخلصين [يوسف: 24]
وفاستغلظ [الفتح: 29] وو غلّقت الأبوب [يوسف: 23] وخلق
[البقرة: 29] وخلقوا [الرعد: 16] والخلّق [الحجر: 86] ومّخلّقة
[الحج: 5] وما أشبهه، فقوم من أهل الأداء يغلظون اللام في ذلك
في مذهب ورش من طريق الأزرق من أجل حرفيّ الاستعلاء، وآخر
يرقّقونها لعدم النص عن ورش فيه. وبذلك قرأت وبه آخذ.
فصل [في لام فواتح السور]
2392 - فأما اللام الواقعة في فواتح السور في نحو الم [البقرة:
1] والمص [الأعراف: 1] والر [يونس: 1] والمر [الرعد: 1] فإن
الاختلاف عن أئمة القراءة قد ورد فيها، فقرأ ابن كثير في حكاية
ابن مجاهد «1» عن قنبل وابن عامر من رواية ابن ذكوان عن أصحابه
الم اللام رقيقة غير مغلظة. قال ابن مجاهد: وكذلك الر والمر
والمص، وقال
ابن ذكوان: وكذلك اللام في كل القرآن.
2393 - وروى أحمد بن صالح «2» عن قالون عن نافع الم اللام غير
معجمة. وكذلك روى مواس بن سهل عن أصحابه عن ورش عن نافع. [وقال
داود وأبو الأزهر في الاختلاف عن نافع] وحمزة الم الله [آل
عمران: 1] والر والمر والمص لا قعر ولا بطح.
__________
(1) من الطريق السابع والتسعين.
(2) من الطرق: السادس والأربعين، والسابع والأربعين، والتاسع
والأربعين.
(2/791)
2394 - وقال ابن جبير عن الكسائي عن
إسماعيل «1» وعن المسيبي «2» عن نافع وعن اليزيدي «3» عن أبي
عمرو أنهما «4» كانا لا يبالغان باللفظ ما يبالغ به حمزة. قال:
لأن مذهبهما الحدر إذا قرآ. وقال «5» عن سليم عن حمزة كان يقرأ
الر بتفخيم اللام، ويملأ بها الفم تفخيما حسنا ولا يغلظ اللام.
وقال «6» عن الكسائي عن أبي بكر عن عاصم: (إنه يغلظ التفخيم في
اللام في كل القرآن، وذكرها ابن جبير عنهم في مختصره. وروى
الحسن بن أبي مهران «7» عن الخياط عن الشموني عن الأعشى عن أبي
بكر عن عاصم) «8» الم لا تغلظ اللام.
2395 - قال أبو عمرو: وقرأت هذا الباب كله للجماعة من جميع
الطرق بترقيق اللام حيث وقع. وكذلك ذكر أبو طاهر بن أبي هاشم
فيما أخبرنا الفارسي «9» عنه أنه قرأ على ابن مجاهد وأبي عثمان
«10» الضرير وأبي العباس «11» الأشناني، وعلى ذلك عامّة أهل
الأداء.
2396 - وأما اللام في «12» قوله: ثلثة [البقرة: 196] حيث وقع،
فاختلف فيها عن ورش، فحدّثنا الخاقاني «13»، قال: أنا أحمد بن
أسامة عن أبيه. ح
2397 - ونا أبو الفتح «14»، قال: نا أبو محمد [البزاز]، قال:
نا محمد بن الربيع،
__________
(1) من الطريق السابع.
(2) من الطريق التاسع والعشرين.
(3) من الطريق الثاني والثمانين بعد المائة.
(4) أي نافعا وأبا عمرو.
(5) أي ابن جبير. وذلك من الطريق السادس والسبعين بعد الثلاث
مائة.
(6) أي ابن جبير أيضا، من الطريقين: التاسع والعشرين، والثاني
والثلاثين، وكلاهما بعد المائتين.
(7) تقدم أن هذا الطريق خارج عن طرق جامع البيان.
(8) ما بين القوسين مكرر في ت، م.
(9) عبد العزيز بن جعفر بن محمد.
(10) سعيد بن عبد الرحيم.
(11) أحمد بن سهل.
(12) في م: (من).
(13) انظر الطريق/ 80. وإسناده صحيح.
(14) انظر الطريق/ 82. وهو هنا حسن لغيره.
(2/792)
قال: نا يونس عن ورش عن نافع أنه كان يفتح
اللام من قوله: ثلثة في كل القرآن.
وعن ابن كيسة «1» عن سليم عن حمزة غير مفتوح «2» في كل القرآن.
وقال زكريا «3» بن يحيى المقرئ عن أصحابه عن ورش ثلثة وثلث
[الكهف: 25] إذا كانت الكلمة في محل نصب أو رفع، نحو ثلثة
أيّام [آل عمران: 41] وثلث ليال [مريم: 10] وثلث عورت [النور:
58] فاللام مفتوحة، فإذا كانت في محل خفض نحو بثلثة ءالف [آل
عمران: 124] وذى ثلث شعب [المرسلات: 30] وأولى أجنحة مّثنى
وثلث [فاطر: 1] فهي مرقّقة.
2398 - قال أبو عمرو: والمعروف عن ورش وعن «4» سائر القرّاء
والرواة ترقيقها في كل حال وبذلك قرأت للجماعة. وكذا روى أصحاب
أبي يعقوب وعبد الصّمد عنهما عن ورش عن نافع، وعليه عامّة أهل
الأداء، وكذا حكم كل لام سوى ما تقدّم متحركة كانت أو ساكنة،
مخفّفة كانت أو مشددة، وليها حرف استعلاء أو غيره في جميع
القرآن.
2399 - على أن ابن جبير قد روى عن الكسائي عن أبي بكر عن عاصم
أنه كان يفخّم اللام، وكأنه يغلظها من العلمين [الفاتحة: 1] في
جميع القرآن، لم يرو ذلك أحد غيره.
وقال مواس بن سهل عن أصحابه عن ورش عن نافع: يعلم [البقرة: 77]
ويعلمون [البقرة: 13] اللام رقيقة غير مفخّمة في القرآن كله.
وقال الحسن «5» بن مخلد: كان القرّاء يكرهون تغليظ اللامات في
القرآن كله، وعلى ذلك جميع أهل الأداء.
[مطلب اللام من اسم الله تعالى]
«6» 2400 - فأما اللام من اسم الله تعالى إذا وليها من قبلها
[104/ ظ] فتحة أو ضمة، فلا خلاف بين الجماعة في تغليظها وتفخيم
اللفظ بها، فالفتح نحو
__________
(1) طرقه من السبعين إلى الثالث والسبعين على التوالي، وكلها
بعد الثلاث مائة.
(2) في م: (غير مقعر).
(3) تقدم أن طريقه خارج عن طرق جامع البيان.
(4) سقطت (و) من م. وهو خطأ.
(5) الحسن بن الحباب بن مخلد. تقدم.
(6) كذا في هامش ت ل 104/ ظ.
(2/793)
قوله شهد الله [آل عمران: 18] وو إذ أخذ
الله [آل عمران: 81] وقال الله [آل عمران: 55] وربّنا الله
[الحج: 40] وعيسى ابن مريم اللهمّ [المائدة: 114] وما أشبهه.
والضمة نحو قوله: رسل الله [الأنعام: 124] والّذين كذبوا الله
[التوبة:
90] وو يشهد الله [البقرة: 204] وو إذ قالوا اللهمّ [الأنفال:
32] وما أشبهه.
2401 - فإن وليها كسرة سواء كانت في حرف زائد أو في آخر كلمة
أخرى متصلة بها أصلية كانت أو عارضة، فلا خلاف في ترقيقها لأجل
تلك الكسرة وذلك نحو قوله: بسم الله [هود: 41] والحمد لله
[الفاتحة: 1] وإنّ الله [البقرة: 156] وعن ءايت الله [القصص:
87] ولّم يكن الله [النساء: 137] وإن يعلم الله [الأنفال: 70]
وفإن يشإ الله «1» [الشورى: 24] وحسبنا الله [آل عمران: 173]
وأحد الله [الصمد: 1، 2] وقل اللهمّ [آل عمران: 26] وما أشبهه.
فإن فصلوا «2» هذا الاسم من الكسر وابتدءوا به فتحوا همزة
الوصل في أوّله، وفخّموا لامه لأجلها.
2402 - ولم يأت بتفخيم هذه اللام مع الفتحة والضمة وترقيقها مع
الكسرة منصوصا إلا داود بن أبي طيبة «3» عن ورش عن نافع، وعن
ابن كيسة «4» عن سليم عن حمزة، غير أنه عبّر عن الترقيق بالبطح
مجازا «5» واتّساعا، ولا أعلم مخالفا في ذلك من القرّاء
والنحويين.
2403 - أخبرنا عبد العزيز بن جعفر أن عبد الواحد بن عمر
حدّثهم، قال:
حدّثني إبراهيم بن عرفة «6»، قال: أنا جعفر بن محمد التمار،
قال: نا محمد بن الهيثم، قال: سألت الفرّاء عن تغليظ اللام في
قوله: رسل الله [الأنعام: 124] وترقيقها في قوله: والله أعلم
«7». فقال الفراء: هو مثل قول الرجل عبد أمه ولأمه.
__________
(1) الشورى/ 24. وفي ت، م: (إن يشأ) بدون فاء. ولا يوجد في
التنزيل كذلك.
(2) في ت، م: (هذه). ولا تلائم السياق.
(3) من الطريق السابع والسبعين.
(4) من الطريق الثالث والسبعين بعد الثلاث مائة.
(5) في م: (أو اتساعا).
(6) إبراهيم بن محمد بن عرفة، ومحمد بن الهيثم بن حماد تقدما-.
جعفر بن محمد التمار لم أجده.
(7) (حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله الله أعلم حيث يجعل
رسالته) الأنعام/ 124.
(2/794)
2404 - قال أبو عمرو وكلام الفرّاء في هذا
حسن، وذلك أنه شبّه اللام من اسم الله تعالى بهمزة الأم «1» إذ
«2» كانت تكسر مع الكسرة، وتضمّ مع الفتحة والضمّة كما ترقّق
اللام مع الكسرة وتفخّم مع الفتحة والضمّة ليتجانس الصوت بذلك
ويعمل اللسان فيه عملا واحدا من جهة واحدة طلبا للخفة «3»،
وخصّت همزة أم بهذا التغيير من حيث كثرة هذه الكلمة، وما كثر
فكثيرا ما يلحقه التغيير ليخف.
2405 - وحدّثنا الحسن بن شاكر «4» البصري، قال: نا أحمد بن نصر
«5»، قال:
التفخيم في هذا الاسم يعني مع الفتحة والضمة ينقله قرن عن قرن،
وخالف عن سالف. وكان إليه «6» شيخنا أبو بكر بن مجاهد وأبو
الحسن بن المنادي يذهبان، قال:
فأما إذا كان «7» قبله كسرة، فإن اللام رقيقة، فسئل عن ذلك
شيخنا ابن مجاهد نضّر الله وجهه، فقال: استثقلوا الانتقال من
الكسر إلى التغليظ كما استثقلوا ضمة «8» ألف
أم إذا كان ما قبلها مكسورا [و] «9» كما استثقلوا الخروج من
الكسر إلى الضم، كذلك استثقلوا الخروج من الكسر إلى التغليظ
لثقل ذلك.
2406 - قال أبو عمرو: فأما اللام من اسمه تعالى في قوله: نرى
الله جهرة في البقرة [55] وو سيرى الله عملكم في الموضعين في
التوبة [94 و 105] إذا أميلت فتحة الراء قبلها على رواية من
روى ذلك عن اليزيدي عن أبي عمرو فرقيقة «10» لأجل الإمالة،
وبذلك أقرأني أبو الفتح «11» في رواية السوسي عن اليزيدي عن
قراءته على أبي الحسن المقرئ عن أصحابه عنه، وهو القياس.
__________
(1) في ت، م: (بهمزة اللام). وهو خطأ لا يستقيم به السياق.
(2) في ت، م: (إذا). ولا تلائم السياق.
(3) في م: (للفتحة). وهو خطأ لا يستقيم به السياق.
(4) في م: (بن ساكن) وهو تحريف. وهو الحسن بن علي بن شاكر
تقدم.
(5) في م: (أحمد بن علي) وهو تحريف. وهو أحمد بن نصر الشذائي.
تقدم.
(6) سقطت (إليه) من م.
(7) سقطت (كان) من م.
(8) في م: (فتحة). وهو خطأ.
(9) سقطت (و) من ت، م. والتصحيح من الموضح ل 116/ و.
(10) في ت، م: (ترقيقه). وهو خطأ لا يستقيم به السياق.
(11) من الطرق: الخامس والخمسين، والسادس والخمسين، والسابع
والخمسين، وكلها بعد المائة.
(2/795)
2407 - قال أبو عمرو: وقد قدّمنا مذهب قتيبة «1» عن الكسائي في
إمالة فتحة اللام من اسمه تعالى إمالة محضة إذا كان في أوله
لام الجرّ، نحو قوله: الحمد لله [الفاتحة: 1] وإنّ الله
[البقرة: 156] ولّلّه الأمر [الرعد: 31] وما أشبهه فيما انفرد
به من الإمالة عنه، وبالله التوفيق. |