جامع البيان في القراءات السبع باب ذكر مذاهبهم في الوقف على الحركات
اللائي في أواخر الكلم، ومعنى الرّوم والإشمام
2543 - اعلم أن الأصل أن يوقف على الكلم المتحركة في حال الوصل
بالسكون؛ لأن معنى الوقف على الحركة: أي تترك، كما يقال وقفت
عن كلام فلان أي تركته، ولأن الوقف أيضا ضدّ الابتداء، فكما
يخصّ الابتداء بالحركة، كذلك يخصّ الوقف بالسكون، وذلك لغة «2»
أكثر العرب، وهو اختيار أحمد بن يحيى ثعلب، وجماعة من
النحويين. واحتجّوا بالخبر الذي جاء عن النبي صلى الله عليه
وسلم أنه كان يقف على آخر كل آية.
2544 - حدّثنا محمد بن أحمد البغدادي [قال: نا ابن الأنباري]
«3» قال: نا سليمان
__________
(1) في م: (أذكرها).
(2) في م: (بلغة).
(3) زيادة يقتضيها السياق؛ حيث أن محمد بن أحمد بن علي لم يلق
سليمان بن يحيى الضبي؛ لأن ولادة الأول بعد وفاة الثاني. راجع
ترجمة كل منهما. وانظر إيضاح الوقف والابتداء 1/ 258.
- يحيى بن سعيد بن العاص، الأموي، أبو عمر، الأشدق، ثقة، مات
في حدود الثمانين ومائة.
التقريب 2/ 348.
وابن جريج اسمه عبد الملك بن عبد العزيز.
- عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة- بالتصغير- المدني،
تابعي، ثقة فقيه، مات سنة سبع عشرة ومائة. التقريب 1/ 431.
- أم سلمة هي أم المؤمنين. وهذا الإسناد رجاله ثقات، وأخرج
الحديث الإمام أحمد في المسند (6/ 302)، وأبو داود في سننه في
كتاب الحروف والقراءات بنحوه والترمذي في جامعه في كتاب
القراءات بنحوه، والحاكم في المستدرك (2/ 232) كلهم من طريق
يحيى بن سعيد عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة قال أبو
عيسى الترمذي: هذا حديث غريب، قال: وليس إسناده بمتصل؛ لأن
الليث بن سعد روى هذا الحديث عن ابن أبي مليكة عن يعلى بن مملك
عن أم سلمة. وحديث الليث أصح. اهـ.
- وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.
اهـ وأقره الذهبي.
- وقال المناوي في فيض القدير (5/ 238): قال الدارقطني،
وإسناده صحيح.
(2/825)
بن يحيى، قال: نا محمد بن سعدان، قال: نا
يحيى بن سعيد الأموي عن ابن جريج عن عبد الله بن أبي مليكة عن
أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ قطع قراءته
آية آية، يقول: بسم الله الرّحمن الرّحيم ثم يقف، ثم يقول:
الحمد لله ربّ العلمين ثم يقف، ثم يقول: الرّحمن الرّحيم، ثم
ملك يوم الدّين.
2545 - حدّثنا محمد بن أحمد بن علي، قال: نا محمد بن القاسم،
قال: كان أبو العباس أحمد بن يحيى «1» يختار الإسكان في كل
القرآن للحديث الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من الوقف
على كل آية.
2546 - قال أبو عمرو: وجاءت الرواية بعد هذا بالإشارة إلى حركة
أواخر الكلم عند الوقف عن أبي عمرو والكوفيين عن عاصم وحمزة
والكسائي.
2547 - فأما أبو عمرو فجاء ذلك عنه من طريق الأداء، فقرأت على
عبد العزيز بن جعفر المقرئ، وأشرت إلى الحركات عند الوقف. وقال
لي: قرأت على أبي طاهر بن أبي هاشم، وقال: قرأت كذلك على ابن
مجاهد عن أصحابه عن اليزيدي عن أبي عمرو، وكذلك قرأت على أبي
الفتح «2» وأبي الحسن «3» جميعا عن قراءتهما.
2548 - وقد روى محبوب بن الحسن «4» عن أبي عمرو أنه يقف على
فأوف [يوسف: 88] بإشمام الجرّ. قال ابن مجاهد: هذا يدلّ على أن
أبا عمرو إذا وقف على الحروف المرفوعة والمخفوضة في الوصل
[110/ و] أشمّها إعرابها.
2549 - قال أبو عمرو: وأهل الأداء مجمعون على الأخذ بذلك في
مذهبه من طريق اليزيدي وشجاع والنصّ عنهما في الوجهين من
الإشارة وغيرها معدوم.
2550 - وأما عاصم فحدّثنا محمد بن أحمد، قال: نا ابن «5»
الأنباري، قال: نا
__________
(1) ثعلب النحوي. والرواية في إيضاح الوقف والابتداء 1/ 387
بمثلها.
(2) فارس بن أحمد.
(3) طاهر بن عبد المنعم بن غلبون.
(4) محمد بن الحسن بن هلال، تقدم، وقد ترجم له ابن الجزري في
غاية النهاية مرتين: مرة باسم محمد بن الحسن بن إسماعيل في (2/
115)، ومرة باسم محمد بن الحسن بن هلال في (2/ 123). وأغلب
الظن أنهما شخص واحد. وروايته عن أبي عمرو خارجة عن روايات
جامع البيان.
(5) سقطت (ابن) من م. والرواية في إيضاح الوقف والابتداء 1/
387.
(2/826)
أحمد ابن سهل «1»، وسألته عن ذلك عن أصحابه
الذي «2» قرأ عليهم علي بن محصن وغيره عن عمرو بن الصباح عن
حفص عن عاصم أنه كان يشير إلى إعراب الحرف
عند الوقف، وكذلك روى محمد بن غالب عن الأعشى أنه يقف بالإشارة
إلى الإعراب عند الرفع والخفض ومع التنوين.
2551 - وأما حمزة فحدّثنا محمد بن أحمد «3»، قال: نا محمد بن
القاسم، قال:
نا إدريس بن عبد الكريم ح.
2552 - وأخبرنا الفارسي «4»، قال: نا أبو طاهر، قال: نا أحمد
بن محمد البراثي، قالا «5»: نا خلف، قال: نا سليم عن حمزة أنه
كان يعجبه إشمام الرفع إذا وقف على الحروف التي توصل بالرفع
مثل قول الله عزّ وجلّ: إيّاك نعبد [الفاتحة: 5] يشمّ الدال
الرفع قال: وكذلك وإيّاك نستعين [الفاتحة: 5] وذلك الكتب
[البقرة:
2] وختم الله [البقرة: 7] ويختصّ برحمته من يشآء «6» وما محمّد
إلّا رسول [آل عمران: 144] بترك التنوين ويشمّ الدال الرفع.
2553 - وأما الكسائي فحدّثنا محمد بن علي، قال: نا ابن
الأنباري، قال: نا إدريس، قال: نا خلف «7»، قال: سمعت الكسائي
يعجبه أن يشمّ آخر الحرف والرفع والخفض في الوقف، قال خلف «8»:
وبعض القرّاء يسكت بغير إشمام، ويقول: إنما الإعراب في الوصل،
فإذا سكت لم أشمّ شيئا. قال خلف: وقول حمزة والكسائي أعجب
إلينا؛ لأن الذي يقرأ على من تعلّم منه إذا قرأ عليه، فأشمّ
الحرف في الوقف
__________
(1) الأشناني، وهذا الطريق خارج عن طرق جامع البيان، وإسناده
صحيح.
(2) تقدم أن المؤلف يستعمل الذي بمعنى الذين.
(3) تقدم هذا الإسناد في الفقرة/ 2315، وأن هذا الطريق خارج عن
طرق جامع البيان، والرواية في إيضاح الوقف والابتداء (1/ 385)
به مثلها.
(4) تقدم هذا الإسناد في الفقرة/ 2314، وأن هذا الطريق خارج عن
جامع البيان.
(5) في ت، م: (قال). وهو خطأ؛ لأن المراد جمع إسنادي إدريس بن
عبد الكريم والبراثي على خلف. راجع الفقرتين/ 2314، 2315.
(6) زيادة من إيضاح الوقف والابتداء 1/ 385. والحرف في سورة
البقرة/ 105.
(7) الإسناد تقدم في الفقرة/ 2267. وأن هذا الطريق خارج عن
جامع البيان. والرواية في إيضاح الوقف والابتداء 1/ 388 بسياق
أتم.
(8) انظر إيضاح الوقف والابتداء 1/ 386.
(2/827)
علم «1» معلّمه كيف قراءته لو وصل «2»،
والمستمع أيضا غير المتعلّم يعلم كيف كان يصل الذي يقرؤه «3».
2554 - قال أبو عمرو: ولم يأتنا عن الحرميين نافع وابن كثير
ولا عن ابن عامر في ذلك إلا ما حكاه محمد بن موسى الزينبي عن
أبي ربيعة عن قنبل والبزّي عن أصحابهما أنهم كانوا يقفون بغير
إشمام، وما ذكره الحلواني عن هشام من أنه يشمّ الإعراب في مثل:
قال الله [آل عمران: 55] وإلى الله [البقرة: 210] وعطآء ربّك
[الإسراء: 20] ولهو البلؤا [الصافات: 106] ونحوه في كل القرآن،
وما رواه ابن شنبوذ عن أبي نشيط عن قالون عن نافع أنه كان يقف
على شطره [البقرة: 144] وحوله [البقرة: 17] وأمامه [القيامة:
5] وعظامه [القيامة: 3] وشبّه ذلك بإشمام الضمّ.
2555 - واختيار عامّة من لقيناه، أو بلغنا عنه من أئمة أهل
الأداء أن يوقف للجميع بالإشارة إلى حركات أواخر الكلم لما فيه
من البيان عن كيفيتهنّ في حال الوصل، وهو اختيار داود بن أبي
طيبة صاحب ورش ذكر ذلك في كتاب الوقف والابتداء له.
2556 - وحدّثنا محمد بن علي، قال: نا ابن الأنباري، قال نا
عبيد الله بن عبد الرحمن «4»: قال: [نا أبي، قال] «5» نا أبو
العباس أحمد بن إبراهيم الورّاق، قال:
الاختيار إشمام الحرف الرفع فرقا بين ما تحرّك «6» في الوصل
وبين ما هو ساكن في الوصل والوقف، فأردنا أن يجعل على الكلمة
المعربة في الوصل علامة في الوقف ليعرف السّامع أنه لم يخطئ
إعرابها.
2557 - قال أبو عمرو: والإشارة إلى الحركات في الوقف في مذهب
القرّاء
__________
(1) في م: (على) وهو خطأ لا يستقيم به السياق.
(2) في م: (ولو وصل). وزيادة الواو خطأ يجعل السياق مضطربا.
(3) في م: (يقرأ).
(4) عبد الله بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن واقد، تقدم هو
وأبوه. وكذا أحمد بن إبراهيم بن عثمان، والإسناد صحيح.
(5) سقط من ت، م. والتصحيح من غاية النهاية 1/ 34، 1/ 489.
(6) في م: (يتحرك).
(2/828)
تكون روما وتكون إشماما، ولا يجوز
استعمالهما «1» إلا في حركات الإعراب المتنقلات وحركات البناء
اللازمات لا غير، فالمعرب من الكلام كله حرفان الاسم المتمكّن
والفعل المضارع، وما عدا ذلك فهو مبنيّ.
فصل في حقيقة الروم
2558 - فأما حقيقة الرّوم على مذهب سيبويه وأصحابه، فهو إضعافك
الصوت بالحركة حتى يذهب بالتضعيف معظم صوتها «2» فيسمع لها
صوتا خفيّا «3» يدركه الأعمى بحاسّة سمعه، فلا يظهر لذلك «4»
الإشباع، وهو يستعمل في الحركات الثلاث في النصب والفتح والخفض
والكسر والرفع والضمّ. قال سيبويه «5»: وعلامته خط بين يديّ
الحرف.
2559 - فأما النصب فنحو قوله: إنّ الله [البقرة: 20] وو إذ
ابتلى إبراهيم [البقرة: 124] وإلّآ أمانىّ [البقرة: 78] وبى
الأعدآء [الأعراف: 150] ومن دونى أوليآء [الكهف: 102] وأن يضرب
[البقرة: 26] [110/ ظ] وأن يجعل [الممتحنة: 7] وما أشبهه من
المعرب.
2560 - وأما الفتح فنحو قوله: كيف [البقرة: 28] وأين [الأنعام:
22] وأيّان [الأعراف: 187] وثمّ [البقرة: 28] وعلىّ [الحجر:
41] ولدىّ [ق:
23] وفسوّئهنّ [البقرة: 29] وجعل [البقرة: 22] وو تب [المسد:
1] وأمر [البقرة: 27] وجآء [النساء: 43] وشآء [البقرة: 20] وما
أشبهه في المبني.
2561 - وأما الخفض فنحو قوله: الحمد لله [الفاتحة: 2] والرّحمن
الرّحيم [البقرة: 29] ومن عاصم [يونس: 27] والأمن [الأنعام:
82] ومّن السّمآء «6» [البقرة: 19] وسماء «7» [فصلت: 12] ومن
المآء [الأعراف: 50] وعن سوآء [النساء: 149] «8» وما أشبهه من
المعرب.
__________
(1) في م: (استعمالها). والضمير يعود إلى الإشارة.
(2) في م: (بصوتها). وزيادة الباء خطأ لا يستقيم به السياق.
(3) في م: (خفيفا).
(4) في م: (كذلك). وهو خطأ.
(5) الكتاب 4/ 169.
(6) في م: (من شاء). وهو خطأ، لأنه لا يناسب المقام.
(7) في م (ساء). وهو خطأ لأنه لا يناسب المقام.
(8) في ت. م: (على سوء) وهو خطأ لعدم وجوده في التنزيل.
(2/829)
2562 - وأما الكسر فنحو قوله: هؤلآء
[البقرة: 31] وهأنتم أولآء [آل عمران: 119] ورجلان [المائدة:
23] وو امرأتان [البقرة: 282] وو بالولدين [البقرة:
83] وو لا تتّبعآنّ [يونس: 89] وما أشبهه من المبني.
2563 - وأما الرفع فنحو قوله: الحمد [الفاتحة: 1] ونادى نوح
[هود: 42] وكأنّه ولىّ [فصلت: 34] وإنّ هذا عدوّ [طه: 117]
ومنه المآء [البقرة: 74] والأسمآء [البقرة: 31] وبرىء
[الأنعام: 19] وو لا المسىء [غافر: 58] ونعبد [الفاتحة: 5]
ونستعين [الفاتحة: 5] ونّجعل [الكهف: 48] ونعلم [آل عمران:
167] ويحكم [الحج: 52] وتولج [آل عمران: 27] وما يشآء [آل
عمران: 40] ويضىء [النور: 35] وما أشبهه من المعرب.
2564 - وأما الضم فنحو قوله: من قبل [البقرة: 25] ومن بعد
[البقرة: 27] ويوسف [يوسف: 4] ويجبال [سبأ: 10] وحيث [البقرة:
35] وما أشبهه من المبني.
2565 - وأما المنصوب الذي يصحبه التنوين في حال الوصل نحو
قوله: وكان الله غفورا رّحيما [النساء: 96] وشعيبا [الأعراف:
85] وصلحا [الأعراف: 73] ولوطا [الأنعام: 86] وهودا [البقرة:
111] وبنآء [البقرة: 22] وو ندآء [البقرة:
171] ومّآء [البقرة: 22] وجزآء [المائدة: 38] وما أشبهه، فإن
الألف تلزمه في الوقف عوضا عن التنوين فيقوى الصوت بالحركة
ويظهر الإشباع لذلك «1».
2566 - وأما المنصوب الذي لا يصحبه التنوين كذلك المفتوح
اللذان تقدّم ذكرهما، فإنّ النحويين والقرّاء اختلفوا في
استعمال الرّوم فيهما وفي تركه، فكان أبو حاتم سهل «2» بن محمد
لا يجيز الرّوم «3» فيهما، وتابعه على ذلك القرّاء وعامّة أهل
الأداء، والحجّة لهم أن الفتح خفيف خروج بعضه كخروج كله، فهو
[لذلك لا يتبعض كما يتبعض] «4» الكسر والضمّ لثقلهما «5»، فإذا
أريد رومه اشتبه الرّوم بإشباع الصوت به
__________
(1) في م: (كذلك) وهو خطأ.
(2) السجستاني.
(3) في م: (والروم). وزيادة الواو خطأ لا يستقيم به السياق.
(4) في م: (كذلك لا ينقض كما ينتقض). وفيه تحريف وتصحيف.
(5) في م: (لتعلمها). وهو خطأ.
(2/830)
لسرعة خروجه مع النطق، فامتنع لذلك فيه،
وأجاز ذلك في الضربين سائر النحويين غير أبي حاتم، والحجّة لهم
أن الفتح وإن كان خفيفا لسرعة «1» خروجه مع «2» النطق بلا
كلفة، فلا بدّ من أن يضعف الصوت به «3» بعض الضعف إذا أريد ذلك
فيه، وإذا كان ذلك وصحّ، فلم يخرج عن الغرض فيه من إضعاف الصوت
بالحركة.
فصل في حقيقة الإشمام
2567 - وأما حقيقة «4» الإشمام على مذهب من ذكرناه أولا من
النحويين، فهو ضمّك شفتيك بعد السكون الخالص لأواخر الكلم من
غير صوت خارج إلى اللفظ، وإنما هو تهيئتك للعضو «5» فقط، فيعلم
الناظر أنك تريد بتلك الهيئة المهيأ «6» له، وهي الحركة لا غير
«7».
2568 - ولا يدرك معرفة ذلك الأعمى، وإنما يعرفه البصير؛ لأنه
لرؤية العين إذ هو إيماء بالشفتين، فهو يدركه بحاسّة البصر.
قال سيبويه: وعلامته «8» نقطة فوق الحرف «9»، ولذلك «10» صار
أقلّ بيانا من الرّوم؛ لأن النقطة أصغر ما تبيّن به والخطّ
أتمّ في البيان منها، ولذلك «11» أدركه الأعمى ولم يدرك
الإشمام.
2569 - والإشمام لا يستعمل في الحركات إلا في المرفوع والمضموم
لا غير، وقد تقدّم تمثيل هذين الضربين والعلّة في تخصيصه بذلك
أنه كما قلنا ضمّ الشفتين وغير متمكّن ضمّهما وفتحهما أو
ضمّهما وكسرهما في حال واحدة، فلما لم يتمكّن في ذلك خصّ به من
الحركات ما يكون العلاج فيه بضمّ الشفتين.
__________
(1) في م: (بشروع). وهو خطأ.
(2) في م: (من).
(3) سقطت (به) من ت.
(4) في هامش ت (ل 111/ و): مطلب حقيقة الإشمام.
(5) في م: (للعوض). وفيه قلب للحروف.
(6) في م: (الممالة). وهو خطأ. وفي هامش ت (111/ و) والممالة
خ.
(7) زاد في م: (ولا غير). وزيادتها خطأ.
(8) زاد في م: (وعلامة). ولا يستقيم بها السياق.
(9) الكتاب 4/ 169، 204.
(10) و (11) في م: (وكذلك) وهو خطأ. وهو من كلام الداني.
(2/831)
2570 - وحدّثني الحسن بن علي «1»، قال: نا
أحمد بن نصر المقرئ قال:
سمعت أبا بكر السراج «2» يقول: إنما لم يكن الإشمام في النصب
والجرّ عند الوقف؛ لأنه لا آلة للألف والياء يمكن فيهما ذلك
كما للمرفوع آلة وهي الشفتان.
2571 - قال أبو عمرو: قال سيبويه «3»: وأما الذين راموا
الحركة، فإنه دعاهم إلى ذلك الحرص على أن يخرجوها من حال ما
لزمه السكون على كل حال، وأن يعلموا أن حالها عندهم ليس بحال
ما سكن على كل حال، قال: وذلك أراد الذين أشمّوا إلا أن هؤلاء
أشدّ توكيدا. قال: وأما الذين لم يشمّوا فقد علموا أنهم لا
يقفون أبدا إلا عند حرف ساكن، فلما أسكن في الوقف جعلوه بمنزلة
ما سكن على كل حال؛ لأنه واقفه في هذا الموضع.
2572 - قال أبو عمرو: وقد خالف الكوفيون وابن كيسان «4» [111/
و] في الرّوم والإشمام سيبويه، فزعموا أن الرّوم هو الذي يدرك
بحاسّة البصر فلا يعرفه الأعمى والبصير بقرعة السمع، واستدلّوا
على صحة ذلك بأن القائل إذا قال: رمت أخذ الشيء، فإنما يخبر
بأنه [حاول تناوله ولما] «5» يصل إليه. وإذا قال أشممت الشيء
النار، فإنما يخبر بأنه أناله شيئا يسيرا منها، قالوا: ولذلك
«6» قلنا إن الإشمام أتمّ في البيان من الرّوم لوجودنا فيه
شيئا من النطق بالحركة، وعدم وجود ذلك في الرّوم.
2573 - قال أبو عمرو: والذي ذهب إليه [ ..... ] «7» أفردناه
بمذاهب القرّاء والنحويين في الرّوم والإشمام ترى ذلك هناك إن
شاء الله.
فصل فيما لا يتم ولا يرام
2574 - واعلم أن الرّوم والإشمام غير جائزين في الحركة
العارضة، سواء كانت حركة همزة أو كانت للساكنين، وفي هاء
التأنيث المبدلة من التاء عند الوقف، وفي
__________
(1) الحسن بن علي بن شاكر، تقدم. وأحمد بن نصر هو الشذائي.
(2) محمد بن السري البغدادي، تقدم.
(3) انظر الكتاب 4/ 168.
(4) محمد بن أحمد بن إبراهيم بن كيسان، تقدم،
(5) في ت. م: (حال بتأوله وبما) وفيها تحريف وتصحيف.
(6) في م: (وكذلك). وهو خطأ.
(7) واضح أن العبارة فيها سقط جعلها غير مفهومة والله أعلم.
(2/832)
ميم الجمع إذا وصلت بواو على الأصل، ولا
نصّ عن أئمة القراءة في ذلك إلا ما رواه محمد بن غالب عن
الأعشى أنه كان لا يشير إلى الإعراب في الهاء التي تنقلب في
الوصل تاء نحو جنّة [البقرة: 265] وغشوة [البقرة: 7] وما
أشبههما.
2575 - فأما الحركة العارضة فنحو قوله: من يشإ الله [الأنعام:
39] وفإن يشإ الله «1» [الشورى: 24] وفلينظر الإنسن [عبس: 24]
وفمن يرد الله [الأنعام:
125] ولم يكن الّذين كفروا [البينة: 1] واشتروا الضّللة
[البقرة: 16] وو عصوا الرّسول [النساء: 42] وما أشبهه مما حرّك
للساكنين، وكذلك فليكفر إنّآ [الكهف:
29] وو انحر إنّ شانئك [الكوثر: 2، 3] وو قالت أولئهم
[الأعراف: 39] وقالت أخرئهم [الأعراف: 38] وما أشبهه مما حرّكت
بحركة الهمزة على مذهب ورش عن نافع.
2576 - ووجه امتناع الإشارة في ذلك أن هذه الحروف وشبهها أصلها
السكون، وإنما حرّكت في الوصل لعلّة تفارقها عند الوقف، فلم
يجز لذلك «2» الإشارة إليها إذ لا يشار إلى الساكن، وإنما يشار
إلى متحرّك ليدلّ على حركة إعرابه أو بنائه لا غير.
2577 - وأما هاء التأنيث، فنحو قوله: هدى ورحمة [الأنعام: 154]
وقال هذا رحمة [الكهف: 98] وو ما بكم مّن نّعمة [النحل: 53]
وكمثل جنّة بربوة [البقرة: 265] وما أشبهه. وامتنعت الإشارة
هاهنا أيضا من قبل أن السكون لهاء التأنيث لازم في الوقف إذ لا
يوجد إلا فيه، والساكن لا يشار إليه لعدم وجود الحركة فيه
رأسا، وقد نصّ على ترك الإشارة في هذا الضرب عند الوقف محمد بن
غالب عن الأعشى، فقال عنه: إنه كان يشير إلى الإعراب عند الوقف
في الرفع والخفض ومع التنوين إلا أن يكون الوقف على ما ينقلب
في الوصل «3» تاء كقوله: غشوة [البقرة:
7] وجنّة [البقرة: 265] وما أشبههما، فإنه كان لا يشمّ.
2578 - وأما ميم الجمع الموصولة بواو، فنحو قوله: أنعمت عليهم
[7] وغير المغضوب عليهموا [7] وعليكم أنفسكم [المائدة: 105]
وءأنتموا أعلم [البقرة: 140] وما أشبهه ولم يجز الإشارة إلى
هذا الميم من قبل أن الواو التي يوصل
__________
(1) في ت. م: (إن يشأ) بدون فاء، ولا يوجد في التنزيل كذلك.
(2) في م: (كذلك). وهو خطأ.
(3) في م: (الأصل). وهو من تصحيف السمع.
(2/833)
بها يلزمها الحذف في الوقف لزيادتها،
والضمة قبلها جيء «1» بها ليتوصل بها إلى تلك الواو، فلما ذهبت
الواو ذهبت الضمة بذهابها، فبقيت الميم ساكنة والساكن كما قلنا
لا يشمّ ولا يرام.
2579 - وقد اختلف أهل الأداء في الإشارة إلى هاء الكناية إذا
انكسرت وانكسر ما قبلها [أ] «2» وكان ياء أو انضمّت وانضمّ ما
قبلها أو «3» كان واوا، نحو قوله: بربّه [الجن: 13] وبمزحزحه
من العذاب [البقرة: 96] وفيه [البقرة: 2] وإليه [الروم: 31]
وعليه [البقرة: 282] ويخلفه [سبأ: 39] وأمره [البقرة:
275] وعقلوه [البقرة: 75] وفاجتنبوه [المائدة: 90].
2580 - وكان بعضهم لا يرى الإشارة إلى هذه الهاء عند الوقف
استثقالا لتوالي الكسرات والضمّات، وكان آخرون يرون «4»
الإشارة إليها كسائر المبني اللازم من الضمير وغيره، وذلك
أقيس.
2581 - وإنما خالفت ميم الجمع في الإشارة هاء الضمير من حيث
كانت الميم قبل أن تلحق الواو ساكنة، وكانت الهاء قبل أن توصل
متحرّكة، ولذلك «5» لم يشر إلى الميم، كما «6» أشير إلى الهاء
بناء على أصل كل واحد منهما قبل الزيادة من السكون والحركة،
وبالله التوفيق.
2582 - قال أبو عمرو: فهذه الأصول المطّردة قد ذكرناها «7»
مشروحة، ودلّلنا على جليها ونبّهنا على خفيّها، وعرّفنا
باختلاف القرّاء «8» والناقلين عنهم، وأضربنا «9» عن كثير مما
لا يحتاج إلى معرفته منها لكون [111/ ظ] إيراده وتدوينه بلادة
وجهالة،
__________
(1) في م: (حتى). وهو خطأ.
(2) زيادة يقتضيها السياق.
(3) في ت: (وكان) بدون همزة. وهو خطأ لا يستقيم به السياق.
(4) في م: (يريدون) وهو تحريف.
(5) في م: (وكذلك). وهو خطأ.
(6) سقطت (كما) من م، وعوض عنها (و).
(7) في م: (ذكرها ها). وهو تحريف.
(8) في م: (القرأة).
(9) في م: (وضربنا).
(2/834)
ونحن الآن بتوفيق الله وحسن معاونته
مبتدئون بذكر الحروف «1» المفترقة «2» التي يقلّ دورها، ويمتنع
القياس من أن يجري فيها سورة سورة من أول القرآن إلى آخره مع
بيان الاختلاف فيها، وتمييز الطرق، وتلخيص الروايات، والتعريف
بالصّحيح السائر المعمول عليه، والتنبيه على السقيم الدائر
المتروك إن شاء الله تعالى، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
__________
(1) في م: (الحرف) وهو خطأ.
(2) في م: (المعرفة). وهو خطأ.
(2/835)
|