جامع البيان في القراءات السبع

ذكر اختلافهم في سورة الرعد «1»
قد ذكر يغشى الليل [3] في الأعراف «2».

حرف:
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وحفص والمفضل «3» عن عاصم وزرع ونخيل صنوان وغير [4] بالرفع في الأربعة «4». وقرأ الباقون بخفضها «5». وروى
__________
(1) وهي أربعون وثلاث آيات في عد الكوفي، وأربع في عد المدنيين، والمكي، وخمس في عد البصري، وسبع وأربعون في عد الشامي وعند السخاوي: وست وأربعون في الشامي، والصواب الأول كما في جميع المصادر المعتمدة.
قال الشاطبي في ناظمة الزهر في علم الفواصل:
وفي الرعد للشامي زهر مداده .. ثلاث عن الكوفي والأربع للصدر، وسورة الرعد من السور المختلف فيها هل هي مكية أم مدنية أم مكية ومدنية. على النحو التالي:
أ- إنها سورة مكية كلها.
ب- إنها سورة مدنية كلها.
ج- مكية من حيث الجملة، مع اشتمالها على آيات مدنية.
د- مدنية من حيث الجملة، مع اشتمالها على آيات مكية.
وهذا الخلاف ناتج عن الترجيح في الأقوال والأدلة التي نقلها السلف في هذا الموضوع.
انظر: (البيان في عد آي القرآن) 169، و (فنون الأفنان) 268، و (زاد المسير) 4/ 299، و (تفسير القرطبي) 9/ 183 و (جمال القراء) 1/ 204، و (البحر المحيط) 5/ 356. و (الإتقان في علوم القرآن) 1/ 36، و (فتح القدير) 3/ 63، و (بشير اليسر شرح ناظمة الزهر) 99، و (سعادة الدارين في بيان عد آي معجز الثقلين) 31، و (مرشد الخلان إلى معرفة عد آي القرآن) 89، و (المكي والمدني في القرآن) 1/ 470.
(2) انظر: (التيسير) 91، وحرف (12) في هذا البحث.
(3) (غاية الاختصار) 2/ 532.
(4) فالرفع في زرع، ونخيل عطفا على قوله: قطع متجاورات وجنات، والرفع في صنوان تابعا ل (نخيل)، والرفع في (غير) على قوله: (صنوان).
(إعراب القراءات) 1/ 320، (الفريد) 3/ 113، (الهادي) 2/ 335.
(5) وهم نافع وابن عامر وعاصم من رواية شعبة في القراءة السبعية وحمزة والكسائي بالخفض فيها عطفا على (أعناب). (المستنير) 1/ 276.
قال الشاطبي: وزرع ونخيل غير صنوان أولا .. لدى خفضها رفع على حقه طلا.

(3/1243)


إبراهيم بن زربي عن سليم عن حمزة أنه رفع غير وحدها «1» وخفض ما عداها.
وخالفته الجماعة من أصحابه فرووه مخفوضا «2».

حرف:
قرأ عاصم في رواية المفضل «3» من قراءتي، ورواية أبي شعيب القوّاس عن حفص «4» صنوان بضمّ الصاد في الموضعين. وقرأ الباقون بكسرها «5» فيما حدّثناه محمد
بن أحمد، قال: نا ابن مجاهد «6»، قال: حدّثني الحسن «7» وابن أبي مهران «8» عن أحمد بن زيد الحلواني عن القوّاس عن حفص عن عاصم صنوان بضم الصاد، قال: ولم يقله غيره عن حفص. «9»
حرف:
قرأ عاصم وابن عامر يسقى بماء واحد [4] بالياء، وقرأ الباقون بالتاء. «10»
__________
(1) رواية آحادية تفرد بها ابن زربي عن حمزة، ولا يقرأ بها.
(2) والقراءة له بما روته الجماعة عنه.
انظر: (السبعة) / 356، و (التيسير) / 107، و (النشر) 2/ 297.
(3) وهي من رواية جبلة عنه من طريق الخزاعي. انظر: (المستنير في القراءات) / 614، و (التقريب والبيان) 374.
(4) وكذلك هي عند أبي منصور في معانيه ص 231، حيث قال: وروى القواس عن حفص عن عاصم صنوان وغير صنوان، وقال ابن خالويه في (إعرابه) 1/ 321،: قد قرأ به- أي ضم الصاد- عاصم في رواية حفص.
(5) وكذا عاصم في القراءة السبعية. انظر (السبعة) / 356، و (إعراب القراءات) 2/ 320.
(6) انظر: السبعة ص 356.
(7) الحسن بن علي بن حماد بن مهران الأزرق أبو عبد الله الجمال، قرأ على الحلواني وابن الصباح والهاشمي وحمدون، وعنه ابن شنبوذ والرازي والمطوعي والنقاش. وابن مجاهد، كان محققا لقراءة ابن عامر، من الطبقة السابعة، مات سنة 300 هـ. (معرفة 2/ 136، وغاية 1/ 244).
(8) انظر: (المبسوط) ص 213، وزاد فيه قوله: وقد ذكرت في الأسانيد أنه قال:" قرأت على جماعة بقراءة حفص عن عاصم، فلم يختلفوا علي في شيء إلا في حرف واحد، وهو هذا الحرف وذكرها ابن خالويه في (مختصره) ص 7، لحفص عن عاصم والعكبري في (إعراب قراءات الشواذ) 1/ 723، وقال: ويقرأ بكسر الصاد وضمها، وهما لغتان، وقد حكى فتح الصاد.
(9) ويروى ذلك الوجه أيضا عن مصرف والسلمي وزيد بن علي انظر: (المحتسب) 1/ 351، و (البحر) 5/ 363، و (معجم القراءات القرآنية) 2/ 481.
(10) (التيسير) 107، و (الكنز) في القراءات العشر) لابن الوجيه الواسطي ص 179.
قال الشاطبي: وذكر تسقى عاصم وابن عامر ..

(3/1244)


حرف:
قرأ حمزة والكسائي ويفضل بعضها [4] بالياء، وقرأ الباقون بالنون «1».
واختلفوا في الجمع بين الاستفهام، وفي جعل أحدهما خبرا، نحو قوله: أئذا كنّا ترابا اءنا لفي خلق جديد [5] وإذا كنّا عظاما ورفاتا أءنا لمبعوثون [الإسراء:
49] وءإذا متنا [المؤمنون: 82] وءإذا ضللنا في الأرض أءنا لفي خلق جديد [السجدة: 10] وما أشبهه، وجملة ذلك أحد عشر «2» موضعا، هاهنا [5] موضع، وفي سبحان موضعان [49 و 98] وفي المؤمنون «3» موضع [82]، وفي النمل موضع [67]، وفي العنكبوت موضع [29]، وفي السجدة موضع [10]، وفي والصّافّات موضعان [16 و 36]، وفي الواقعة موضع [47] وفي والنازعات موضع [10] فقرأ نافع والكسائي جميع ذلك يجعل الأول استفهاما والثاني خبرا بهمزة واحدة مكسورة، ونافع يجعل الاستفهام بهمزة مفتوحة بعدها ياء مكسورة مختلسة الكسرة من غير إشباع خلفا من الهمزة، وهي همزة بين بين.
واختلف «4» عنه في المدّ والفصل بالألف، فروى عنه ورش أنه لا يمدّ ولا يفصل بألف «5»، وكذلك موجب «6» رواية ابن المسيّبي عن أبيه، وهو معنى رواية أحمد بن
__________
(1) وبكسر الضاد في كلتا القراءتين، قال الشاطبي: وقل بعده بالياء نفضل شلشلا ..
(2) مذكورة في تسع سور فتصير بحكم التكرير، وفي الاستفهام اثنان وعشرون حرفا وهي: أءذا كنا ترابا أءنا لفي خلق جديد [الرعد: 5]، أءذا كنا عظاما ورفاتا أءنا لمبعوثون [الإسراء:
49، 98]، أءذا متنا وكنا ترابا وعظاما أءنا لمبعوثون [المؤمنون: 82]، أءذا كنا ترابا وآباؤنا أئنا لمخرجون [النمل: 67]، إنكم لتأتون الفاحشة، أئنكم لتأتون الرجال [العنكبوت: 28، 29]، أءذا ضللنا في الأرض أءنا [السجدة: 10]، أءذا متنا وكنا ترابا وعظاما أءنا [الصافات: 16، 53]، أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أءنا لمبعوثون [الواقعة:
47]، أءنا لمردودون في الحافرة، أءذا كنا [النازعات: 10، 11].
(3) في (م) وفي (المؤمن).
(4) وبعضهم اختار له عدم الخلف، فنقل عنه بالمد قولا واحدا كالبصري منهم ابن خالويه في (إعراب القراءات) 1/ 323، والقاضي أبو زرعة في (حجة القراءات) / 371.
(5) والقراءة السبعية له بذلك. انظر (المبسوط) 214، و (التذكرة) 2/ 387، و (التيسير) / 10، و (سراج القارئ) 267، و (الإتحاف) 2/ 160، و (البدور الزاهرة) / 167.
(6) في (م) يوجب روايتا.

(3/1245)


صالح والقاضي عن قالون «1» فيما حكاه لنا أحمد بن علي عن ابن مجاهد، قال أحمد عن ورش وقالون أئذا كنا بهمزة، ثم يأتي بياء ساكنة من غير مدّ، وروى عنه إسماعيل وسائر الرواة عن المسيّبي وقالون «2» أنه يمدّ ويفصل بالألف، والكسائي يجعل الاستفهام بهمزتين محققتين «3».
ونقض «4» نافع في مكانين: في النمل والعنكبوت، فجعل الأول منهما فيهما خبرا بهمزة واحدة مكسورة، والثاني استفهاما بهمزتين «5» وياء على ما رسم ذلك في المصاحف، فقرأ إذا كنا ترابا وآباؤنا أئنا لمخرجون [النمل: 67] إنكم لتأتون الفاحشة [العنكبوت: 28] أئنكم لتأتون الرجال [النمل: 55] ونقض الكسائي أصله أيضا في موضع واحد في العنكبوت، فجعلها فيها استفهاما بهمزتين همزتين، فقرأ إنكم أإنكم، وقرأ في النمل [67] إننا لمخرجون بنونين بعد الهمزة المكسورة، وقرأ ابن عامر «6»: جميع ذلك يجعل الأول خبرا بهمزة واحدة مكسورة، وجعل الثاني استفهاما بهمزتين محققتين «7»، وأدخل هشام من رواية الحلواني وابن عباد وغيرهما عنه بينهما ألفا، ولم يدخلها ابن ذكوان «8»، ونقض أصله في ثلاثة مواضع: في النمل والواقعة والنازعات، فجعل الأول من النمل استفهاما بهمزتين، وجعل الثاني خبرا بهمزة واحدة مكسورة «9».
__________
(1) وجه عن قالون القراءة كورش، مما قد يفهم من كلام أحمد بن صالح، إذا لم يبين بعد قوله:
من غير مد هل بالفصل أم بدونه.
(2) وجه آخر عن قالون، وعليه العمل. انظر: المصادر السابقة.
(3) في (م) مخففتين.
(4) أي خالف أصله.
(5) في (م) بهمزة.
(6) وحده من السبعة. انظر: المصادر السابقة.
(7) في النسخة (م) مخففين بالفاء.
(8) ما أشار إليه المؤلف- رحمه الله- هو المروي لهما في عامة كتب القراءات وعليه العمل، إلا أن البعض منهم أشار بعد ذلك إلى وجه آخر لابن عامر وهو: عدم الإدخال بين الهمزتين، حيث قال ابن مجاهد في (السبعة) ص 358، والمعروف عن ابن عامر بهمزتين من غير ألف.
وقال العلامة أحمد البنا في (الإتحاف) 2/ 161، فابن عامر بالتحقيق بلا فصل بالألف.
(9) هذا السطر ساقط من الأصل، ومستدرك من (م) وبعدها نون، كمذهب الكسائي في ذلك سواء، جعلها جميعا في (الواقعة) استفهاما بهمزتين همزتين، وجعل الأول في (والنازعات) استفهاما بهمزتين، وجعل الثاني خبر بهمزة واحدة مكسورة أهـ.

(3/1246)


وحدّثنا محمد بن علي، قال: نا ابن مجاهد «1»، قال: حدّثني أحمد بن يوسف عن ابن ذكوان بإسناده عن ابن عامر بهمزتين والاستفهام تقدّم وتأخر بألف، وقال ابن مجاهد: ورأيت قرّاء الشام يروون عن ابن عامر بهمزتين، مثل حمزة. قال أبو عمرو:
وكذلك ذكره الأخفش في كتابه عن ابن ذكوان، فقال أءنا بهمزة عليا مقصورة وهمزة سفلى مبينة قال ابن أنس وابن خرزاد عنه بهمزتين، لم يزيدا على ذلك.
وبذلك قرأت له، وعليه أهل الأداء عنه. وكذلك روى أبو موسى عنه أداء. وحدّثنا محمد بن علي، قال: نا ابن مجاهد، قال: قال لي أحمد بن محمد بن بكر عن هشام أنّا بهمزة ثم يمدّ ثم يهمز في وزن عاعنا يعني في الباب كله «2»، نا ابن غلبون قال: نا ابن المفسر، قال: نا ابن أنس، قال: نا هشام بإسناده وعن ابن عامر في الرعد [5] ترابا أءنا بهمزتين ممدودتين، وفي السجدة [10] في الأرض أإنا ولم يذكر مدّا «3»، وفي الواقعة [47] أئذا بياء ثابتة مهموزة أئنا ممدودة بهمزتين، قال في النمل [67] إننا بنونين، وقال الحلواني في جامعه عن هشام إذا كنّا في النمل [67] على الخبر.
__________
(1) هذا الأثر موجود بإسناد متقدم في كتاب (السبعة) 357.
قال الشاطبي:
وما كرر استفهامه نحو أئذا ... أئنا فذو استفهام الكل أولا
سوى نافع في النمل والشام مخبر ... سوى النازعات مع إذا وقعت ولا
ودون عناء عم في العنكبوت مخبرا ... وهو في الثاني أتى راشدا ولا
سوى العنكبوت وهو في النمل كن رضا ... وزاده نونا إننا عنهما اعتلى
وعم رضا في النازعات وهم على ... أصولهم وامدد لوا حافظا بلا
(2) لأن أكثر الطرق عن هشام على الفصل. انظر: (النشر) 1/ 374 وفيه قال مؤلفه: وبذلك قطع له صاحب التيسير، والشاطبية، وسائر المغاربة، وأكثر المشارقة، كابن شيطا وابن سوار وأبي العز والهمذاني وغيرهم، وذهب آخرون إلى إجراء الخلاف عنه في ذلك كما هو مذهبه في سائر هذا الضرب، منهم الأستاذ: أبو محمد سبط الخياط، وأبو القاسم الهذلي وأبو القاسم الصفراوي وغيرهم، وهو الظاهر قياسا والله أعلم. وكذا في (الإتحاف) 2/ 161.
(3) في (م) ولم يذكر مدا وفي (ت)، ولم يذكر (أئذا)، والصواب من (م).

(3/1247)


وروى ابن شنبوذ عن ابن شاكر عن الوليد بن عتبة بإسناده عن ابن عامر أئذا في النمل بهمزة وياء من غير مدّ وأئذا متنا في الواقعة [47] بهمزة واحدة مكسورة على الخبر، وخالف الجماعة عن ابن عامر. وروى الوليد عن يحيى عنه في الرعد [5] أإذا كنا ترابا بهمزة واحدة ممدودة أإنا بهمزتين. وقال في النمل [67] أئذا كنا ترابا بهمزة ممدودة يستفهم بهمزة واحدة، وقال في السجدة [10] إذا ضللنا بهمزة واحدة أإنا بهمزتين، وقال في الواقعة أيذا مهموز ممدود بياء ثابتة أإنا بهمزتين.
وقرأ الباقون وهم ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة جميع ما تقدم بجعل الأول والثاني استفهاما، وابن كثير وأبو عمرو يجعلان الاستفهام بهمزة وياء، وأبو عمرو يمدّ ويفصل بألف بين الهمزة «1» والياء، وابن كثير لا يمدّ. ونقض ابن كثير أصله في العنكبوت، فجعل الأول من الاستفهامين فيهما خبرا بهمزة واحدة مكسورة، ولم ينقض أبو عمرو أصله في شيء من ذلك، وعاصم وحمزة يجعلان الاستفهام بهمزتين محققتين «2»، ونقض عاصم في رواية حفص أصله في موضع واحد في العنكبوت والمفضل ولا حمزة أصلها في شيء من ذلك «3».

حرف:
قرأ ابن كثير هاد في الموضعين [7 و 33] هاهنا وفي الزمر [23] وفي المؤمن [33] ومن واق في الموضعين «4» هاهنا [34]، وفي المؤمن [21] من
__________
(1) في (م) الهمزتين.
(2) في (م) مخففتين.
(3) تنبيهان ذكرهما القاضي في الوافي ص 300: أ/ ليس بلازم أن يكون الاستفهام الأول: لفظ (أءذا)، والثاني: (أئنا) فقد يعكسان كما في (النازعات)، وقد يكونان لفظين آخرين، كما في (العنكبوت) (أئنكم).
ب: ضابط الباب أن يجتمع لفظا الاستفهام، ويكون كل منهما مشتملا على همزتين، سواء كان اللفظان في آية واحدة أم في آيتين متلاصقتين. فإذا تحقق الشرط الأول، دون الثاني بأن اجتمع لفظا الاستفهام، ولم يشتمل كل منهما على همزتين فلا يدخلان في هذا الباب، نحو ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون، أإنكم لتأتون النمل، أو إذا تحقق الشرط الثاني، ولم يتحقق الأول: وهو اجتماع همزتين، دون اجتماع لفظين، فلا يكون من هذا الباب، أيضا نحو ءأنذرتهم، أئن ذكرتم.
(4) وهما ولكل قوم هاد، (فما له من هاد.

(3/1248)


وال هاهنا [11] وما عند الله باق في النحل [96] بالتنوين، فإذا وقف وقف في الوصل بالياء «1» في هذه الأربع كلم خاصة، وزاد أبو الفتح عن قراءته على عبد الله بن الحسين عن ابن مجاهد وغيره كلّ من عليها فان في الرحمن [26] وقيل من راق في القيامة «2» [27].
وروى ابن الصباح عن قنبل باق في النحل [96] بياء لم يذكر غيره. وقال النقّاش في كتابه «3» عن أصحابه عن ابن كثير هاد وراق بالياء في الوصل «4» والوقف، لم يذكر غيرهما. وفي قوله في الوصل خطأ، لا يجوز إثبات الياء مع التنوين بوجه لتعاقبه إياها، فإذا ثبت سقطت هي رأسا، ولم يثبت في لفظ ولا تقدير. وروى ابن ثوبان عن قنبل واق وهاد وباق بالياء في الوقف، ولم يذكر غيرها. نا محمد بن أحمد، قال: نا ابن مجاهد، قال ابن كثير يقف هاد وواق ووال بالياء، ولم يذكر [24/ أ] باق [النحل: 96]. وقد ذكره في كتاب المكيين.
ونا الفارسي، قال: نا أبو طاهر عن قراءته على ابن مجاهد الأربعة بالياء في الوقف، قال: وكنت سألت أبا بكر عن نظائر ذلك من المنون، ومثل مستخف ومفتر [النحل: 101] ومهتد [الحديد: 26] فقال: إذا وصلت فبالتنوين، وإذا وقفت فبالياء، فظننت أن ذلك منه غفلة حتى رأيته قد سطّر في جامعه عن ابن كثير أنه يقف على هاد [7 و 33] ومن راق [القيامة: 27] بالياء. قال: وكذلك ما أشبهه، فدلّ على أنه أتقن معرفة ذلك.
قال أبو عمرو: وخالفه المكيّون في ذلك، فلم يطلقوا القياس في جميع المنوّن، بل خصوا بذلك بعضه، فحدّثنا عبد العزيز بن محمد، قال: نا أبو طاهر، قال: حدّثني محمد بن موسى «5» العباس عن أبي ربيعة، قال: وقد قال لي أبو
__________
(1) تفرد سبعي عن ابن كثير في هذا الوجه. انظر: (التيسير) / 108، و (غاية الاختصار) 1/ 36، و (النشر) 2/ 137، باب الوقف على مرسوم الخط، و (الإتحاف) 2/ 161 وغيرها.
(2) تعقب المحقق العلامة ابن الجزري الداني رحمهما الله بعد نقله لهذه الرواية بقوله:" وقد خالف فيهما سائر الناس وكأن الداني لم يرتضه، فإنه لم يعول عليه في التيسير ولا في غيره، مع أنه أسند رواية قنبل في هذه المؤلفات من هذه الطرق" انظر: (النشر) 2/ 162.
(3) كتاب النقاش من مصادر الجامع، ولم أعثر عليه.
(4) في (م) وألف في الوقف.
(5) هو: محمد بن موسى الزينبي، وقد تقدم.

(3/1249)


يحيى «1» بن أبي ميسرة لا أرى أن تثبت «2» شيئا من هذه الياءات التي أثبتها أصحابك في مثل هذه هادي [الأعراف: 186] وواق [34] والتلاقي [غافر: 15] وينادي المناد [ق: 41] وو ما عند الله باقي [النحل: 96] والكبير المتعالي [9] وحذفوها في موضع آخر من هذا الجنس، فكرهت أن أخالفهم وأغيّر ما قرءوا به وأجمعوا عليه، فقول أبي يحيى هذا يدلّ على أنهم لم يجعلوا إثبات الياء مطّردا في جميع المنوّن، وأنهم خصّوا بذلك بعضه دون كله.
وأخبرني خلف بن إبراهيم فيما أذن لي في روايته، قال: نا محمد بن عبد الله الأصبهاني، قال: نا أبو العباس محمد بن يعقوب المعدل «3»، قال: حدّثني إسماعيل بن إبراهيم «4»، قال: حدّثني ابن أبي بزة، وقال: نا عكرمة بن سليمان «5» عن شبل بن عبّاد عن ابن كثير أنه كان يثبت الياء في هاد ووال [11] وواق [34] وما أشبهه، ولعله يريد بإطلاق القياس نظير الكلم المذكور خاصة دون ما جرى مجراهنّ من سائر المنون «6».
وروى أبو ربيعة عن قنبل والبزّي هاد في الموضعين في هذه السورة [7 و 33] ومن واق [34] وما عند الله باق في النحل [96] بإثبات الياء في الوقف وإسقاطها في الإدراج، ولم يذكر من وال فقال الزينبي: نحن لا نثبت الياء في شيء من المنوّن في مذهب القوّاس «7» والبزّي إلا في باق ومن وال ولا
__________
(1) في (ت): أن أبي ميسرة وهو: عبد الله بن أحمد بن أبي ميسرة المحدث المسند المقرئ سمع من عثمان بن يمان ويحيى بن قزعة وعدة وعنه أبو القاسم البغوي وآخرون، ومحله الصدق، توفي عام 279 هـ. (الجرح والتعديل) 5/ 6، و (السير 12/ 632).
(2) في (م): يثبت.
(3) محمد بن يعقوب بن الحجاج أبو العباس المعدل، إمام ضابط مشهور، قرأ على أبي الزعراء ومحمد بن الجهم اللؤلؤي أحمد الخزار وعمر بن محمد بن برزة، وعنه محمد بن فيروز ومحمد بن أشته، مات بعد العشرين وثلاثمائة (غاية 2/ 282).
(4) لم أقف عليه بعد البحث.
(5) عكرمة بن سليمان أبو القاسم المكي، شيخ مستور، عرض على شبل وإسماعيل القسط وعنه أحمد البزي، وقد تفرد عنه البزي بحديث التكبير من الضحى. (غاية 1/ 515).
(6) وقد ذكر جملة منها ابن الجزري في (نشره) 2/ 137.
(7) انظر: (المبسوط) 216.

(3/1250)


واق حيث وقع وهاد في الحرفين في الرعد [7 و 33] وفي المؤمن [33] وما سوى هذا، فنحن نحذف الياء فيه، وكذا حكى أبو العباس البلخي عن قنبل وعن أبي ربيعة عن صاحبيه «1»، وكذا حكى لي أبو الفتح عن عبد الباقي بن الحسن عن قراءته على أصحابه.
وروى الزينبي عن ابن فليح حذف الياء من جميع المنوّن، وأقرأني أبو الفتح في رواية البزّي وابن فليح عن قراءته من وال بغير ياء في الوقف. وقال لي: لم يروه بالياء غير ابن مجاهد عن قنبل، وقرأته على الفارسي عن قراءته على النقّاش عن أبي ربيعة عن البزّي بالياء، وكذا قرأته في روايته على أبي الحسن عن قراءته. وروى أصحاب اللهبي الباب كله عند عن البزّي بغير ياء. وروى النحّاس عن أبي يعقوب، قال: قال لي ورش: الوقف على هذا وشبهه من المنوّن بالياء، قال: وإن شئت وقفت بغير ياء على ما في السّواد، وكذا وقف الباقون.

حرف:
وكلهم قرأ شديد المحال [13] بإخلاص الفتح «2» إلا ما حدّثناه الفارسي، قال: نا عبد الواحد بن أبي هاشم، قال: نا ابن حاتم «3»، قال: نا هارون، قال: نا أبو بكر عن عاصم شديد المحال [13] بكسر الحاء. ونا أبو الفتح شيخنا، قال: نا جعفر بن محمد، قال: نا عمر بن يوسف، قال: نا ابن شرك، قال: نا أبو حمدون عن اليزيدي عن أبي عمرو المحال مكسورة الحاء. قال أبو عمرو: وكذا في كتاب شيخنا «4». وقال في كتاب الداجوني «5»، وفي كتاب غيرهما بالإسناد المقدّم:
المحال مكسورة الميم، وهو الصحيح عندي والله أعلم.
وروى الشموني عن [24/ ب] الأعشى من غير رواية النقّار كباصط كفّيه [14] بالصاد، وقرأت من طريق النقّار بالسّين وقد ذكر «6».
__________
(1) في (م) صاحبه.
(2) وكذلك الإمام ابن قتيبة صاحب الإمالات في حروف كثيرة قال: بفتح هذه الكلمة كما في (التذكرة) 1/ 231، عدا ما نقله عنه سبط الخياط في (المنهج) 567، فإنه بالإمالة.
(3) علي بن أحمد حاتم البغدادي، روى القراءة سماعا عن هارون بن حاتم، وعنه عبد الواحد بن عمر (غاية 1/ 518).
(4) كتاب أبي الفتح فارس، هو من مصادر الإمام الداني في الجامع، ولم أعثر عليه.
(5) كتاب الداجوني أيضا، ولم أعثر عليه.
(6) انظر: حرف (16).

(3/1251)


حرف:
وكلهم قرأ والذين تدعون من دونه [14] بالياء إلا ما ناه عبد العزيز بن محمد، قال: نا أبو طاهر، قال: حدّثني أحمد بن عبد الله، قال: نا الحسن بن العباس، قال: نا أبو عمر عن اليزيدي عن أبي عمرو أنه قرأ والذين تدعون بالتاء «1»، ولم يتابعه على ذلك أحد من أصحاب اليزيدي، ونصّ على الياء عنه أبو عبد الرحمن وأبو حمدون وابن جبير.
حرف:
قرأ عاصم في رواية أبي بكر من غير رواية هارون عنه، وفي رواية حماد وحمزة والكسائي أم هل يستوي الظلمات والنور [16] بالياء «2». وقرأ الباقون بالتاء، وكذلك روى المفضل وحفص عن عاصم وهارون ابن حاتم عن أبي بكر عنه «3»، ولم يدغم أحد التاء في اللام هاهنا، لأن هشاما عن ابن عامر على خلاف عنه قد ذكرته «4» في باب الإدغام نقض أصله في هذا الموضع.
حرف:
قرأ عاصم في رواية حفص وحمزة والكسائي وابن عامر في رواية الوليد ومما يوقدون [17] بالياء، وقرأ الباقون بالتاء «5».
أفلم ييأس الذين آمنوا [31] قد ذكر في يوسف «6».
حرف:
قرأ الكوفيون وصدّوا عن السبيل [33] وفي المؤمن [37] وصدّ عن السبيل بضم الصاد في الموضعين. وقرأ الباقون بفتح الصاد «7».
__________
(1) تفرد شاذ في الوجه عن أبي عمرو لمخالفته المتواتر عنه، وعن الجماعة، (الكشاف) 2/ 354، و (البحر) 5/ 376، و (الانفرادات) 2/ 825.
(2) في (م) بالتاء وهو خطأ.
(3) أشار المؤلف طيب الله ثراه هنا إلى وجه آخر لشعبة، وهو قراءة التاء كحفص، وأما في (التيسير) ص 108، فقد اختار له قراءة الياء، وكذلك في بقية المصادر، وعليه العمل له.
قال الشاطبي: هل يستوي صحبه تلا. انظر: ص 63.
(4) (الجامع) ت الطحان 2/ 682، و (التذكرة) 2/ 189، و (النشر) 2/ 5، و (الإتحاف) 2/ 161، و (غاية الاختصار) فقرة 196.
(5) نقل الإمام ابن مجاهد في (السبعة) ص 359، لأبي عمرو الوجهين الأول: كالباقين بالتاء، وهو الغالب، واختياره، وعليه العمل. والثاني: بالياء من رواية علي بن نصر عن أبيه عن أبي عمرو. قال الشاطبي: وبعد صحاب يوقدون .. وأما ابن عامر في المتواتر عنه فهو كالجماعة، ورواية الوليد عنه بالياء مما لا يقرأ به. انظر: (التيسير) / 108، و (النشر) 2/ 298، و (الانفرادات) 2/ 827.
(6) انظر: حرف (184).
(7) ضم الصاد على بناء المفعول مناسبة لقوله: بل زين للذين كفروا قبله، وبفتح الصاد على بناء الفاعل (الكشف) 2/ 22 - 23، و (شرح الهداية) 2/ 371.

(3/1252)


حرف:
قرأ ابن كثير وعاصم وأبو عمرو ويثبت وعنده [39] بإسكان الثاء وتخفيف الباء، وقرأ الباقون بفتح الثاء وتشديد الباء «1».
حرف:
قرأ الكوفيون وابن عامر في غير رواية الوليد وسيعلم الكفّار [42] على الجمع. وقرأ الباقون الكافر على التوحيد «2». وكذلك روى الوليد عن يحيى عن ابن عامر. وليس فيها إضافة مختلف في فتحها وإسكانها.
وفيها من الياءات المحذوفات في الخط واحدة الكبير المتعال [9] أثبتها في الوصل والوقف ابن كثير «3» من قراءتي في جميع الطرق عنه. وكذلك روى الحلواني عن أبي معمر «4» عن عبد الوارث «5» عن أبي عمرو. وروى أبو ربيعة «6» عن قنبل بإثبات الياء في الوقف وإذهابها في الإدراج. قال أبو ربيعة: وأمّا البزّي فلم يذكر فيها شيئا وقد كان يقرأ به. وقال ابن مخلد «7»: سألت البزّي عن المتعال أتثبتون الياء فيها؟ فقال: لا نقرؤها بغير ياء.
__________
و (الفتح الرباني) ص 201. قال الشاطبي: وضمهم وصدوا ثوى .. انظر: ص 63.
(1) تخفيف الباء من (أثبت)، وتشديدها من (ثبت)، وهما لغتان بمعنى، وفي التشديد ومعنى التأكيد والتكرير. (الكشف) 2/ 23، و (التيسير) 109، و (الفتح الرباني) 201.
قال الشاطبي: ويثبت في تخفيفه حق ناصر ...
(2) يلزم من الجمع ضم الكاف وتقديم الفاء وتشديدها وفتحها، و (الكفار) جمع تكسير، واستشهد لها مكي في (الكشف) 2/ 23، بحرف ابن مسعود وسيعلم الكافرون، وفي حرف أبي وسيعلم الذين كفروا، وزاد لأنه كتب في مصحف عثمان بغير ألف (ال ك ف ر) أهـ.
وبالإفراد فتح الكاف وتقديم الألف وكسر الفاء، ورواية الوليد لا يقرأ بها.
قال الشاطبي: وفي الكافر الكفار بالجمع ذللا.
(3) وفي الوجه انفراد سبعي عن المكي. انظر: (التيسير) 109، و (النشر) 2/ 298.
(4) هو: عبد الله بن عمر بن الحجاج أبو معمر المنقري التميمي البصري، قيم بحرف أبي عمرو ضابط له، روى عن عبد الوارث بن سعيد، وعنه أحمد بن علي البصري وأحمد الحلواني ومحمد الجرمي ومحمد بن عيسى الأصبهاني وابن الحباب، انفرد بإسكان اللام من مالك يوم الدين عن أبي عمرو، مات سنة 224 هـ (غاية 1/ 439).
(5) في (م) عن الوارث.
(6) وعند ابن الجزري في (النشر) 2/ 190، لقنبل هذا الوجه من طريق ابن شنبوذ عنه.
(7) محمد بن مخلد الأنصاري الأنطاكي، مقرئ معروف، روى عن خلف، وعنه إبراهيم بن عبد الرزاق وأحمد بن يعقوب وأبو العباس المطوعي، مات سنة 300 هـ. (غاية 2/ 261).

(3/1253)


وقال: نا محمد بن علي عن ابن مجاهد «1» عن قنبل «2» وغيره عن ابن كثير بياء في الوصل والوقف، وكذلك قال لنا الفارسي عن أبي طاهر عن قراءته على ابن مجاهد عن قنبل. وروى الزينبي «3» عن قنبل والبزّي بغير ياء في الوصل وبياء في الوقف. وقال الحلواني عن القوّاس بغير ياء، وروى محمد بن عمر الباهلي «4» عن المسيّبي عن نافع بإثبات الياء في الوصل، وحذفها في الوقف، لم يروه عنه غيره «5».
وحذفها الباقون في الحالين. وبذلك قرأت في رواية عبد الوارث عن أبي عمرو «6».
__________
(1) انظر: (السبعة) 2/ 358.
قال الشاطبي في باب ياءات الزوائد: وفي المتعالي دره.
(2) وأما اختيار ابن الجزري في (النشر) 2/ 190، لقنبل فهو بالحذف والإثبات وصلا ووقفا.
(3) وجه للبزي وقنبل من رواية الزينبي بإثبات الياء وقفا، وحذفها وصلا، وتقدم الأول الذي عليه العمل.
(4) في (ت) بدون واو الباهلي.
(5) أي: هو وجه انفرادي آحادي عنه، والقراءة لنافع حذفها في الحالين كالباقين.
انظر: المصادر السابقة.
(6) وبذلك القراءة السبعية لأبي عمرو. انظر: المصادر السابقة.

(3/1254)