جامع البيان في القراءات السبع

ذكر اختلافهم في سورة ق
قرأت الجماعة بلدة ميتا [11] مخفّفة إلا ما رواه الوليد عن يحيى عن ابن عامر أنه شدّد الياء «1».

حرف:
قرأ نافع وعاصم في رواية المفضل وحمّاد يوم يقول لجهنم [30] بالياء، واختلف عن أبي بكر فروى عنه يحيى بن آدم ويحيى العليمي والبرجمي والأعشى وابن أبي أمية وابن أبي حمّاد وابن عطارد وحسين الجعفي كذلك بالياء، وروى عنه الكسائي ويحيى الجعفي ويزيد «2» بن عبد الواحد بالنون، وكذلك روى حفص عن عاصم وكذلك قرأ الباقون «3».
حرف:
قرأ ابن كثير هذا ما يوعدون [32] بالياء، وقرأ الباقون بالتاء «4» وكذلك قال ابن مخلد عن البزّي عن ابن كثير: وهو غلط.
حرف:
قرأ الحرميان وحمزة وإدبار السجود بكسر الهمزة على المصدر، وكذلك روى يحيى الجعفي عن أبي بكر، خالف في ذلك سائر أصحابه، وقرأ الباقون بفتح الهمزة على الجمع «5».
وأجمعوا على كسر الهمزة في قوله في آخر الطور وإدبار النجوم [49] على أنه مصدر إلا ما حدّثناه عبد العزيز بن محمد قال: نا عبد الواحد بن عمر نا عبيد بن محمد قال: نا ابن سعدان «6» عن إسحاق عن نافع وأدبار السجود [40] وأدبار النجوم [الطور: 49] بنصب الألف، وهذا خطأ من عبيد في الحرفين جميعا لأن ابن واصل روى ذلك عن
ابن سعدان عن المسيّبي بكسر الألف «7» وكذلك روى سائر الرواة عن نافع.
__________
(1) وهي قراءة يعقوب، النشر 2/ 224.
(2) في (م) (مزيد).
(3) التيسير ص 202.
(4) البدور الزاهرة ص 301.
(5) الإتحاف ص 398.
(6) تقدم هذا الإسناد، وفيه عبيد بن محمد، مسكوت عنه.
(7) أي في الحرفين.

(4/1598)


حدّثنا الفارسي نا عبد الواحد بن أبي هشام نا قاسم المطرز «1» نا أبو كريب «2» نا أبو بكر قال: قرأ عاصم وإدبار السجود قال: إدبارها: ذهابها، والتي في الطور [49] وإدبار النجوم تدبير، وقال: إدبار الصلاة التسبيح في دبر الصلاة.
يوم تشقق الأرض [44] قد ذكر «3».

حرف:
وكلهم قرأ أفعيينا [15] بياءين الأولى مكسورة خفيفة والثانية ساكنة ممكنة، وكذلك روى ذلك نصّا أحمد بن صالح عن ورش وقالون قال: أفعيينا بياءين مبيّنتين، وروى الحلواني عن قالون مخففة مشبعة الياء، وروى الأصبهاني عن أصحابه عن ورش بالتخفيف، وروى ابن مخلد عن البزّي ممدودة قليلا، وروى الخزاعي عن أصحابه بإظهار الياءين، وروى الحلواني عن القوّاس مخفّفة مشبعة، وقال سورة «4» عن الكسائي مخفّف الياء، وقال قتيبة عنه مخفّفة متحركة، وقال الأخفش عن ابن ذكوان بإسناده عن ابن عامر: بياءين الأولى مكسورة خفيفة والثانية ساكنة على معنى أعيينا، وحدّثنا الخاقاني نا أحمد بن هارون ح وحدّثنا فارس بن أحمد نا محمد بن إبراهيم «5» قالا: نا محمد بن محمد الباهلي، ح وحدّثنا عبد العزيز بن محمد نا عبد الواحد بن عمر نا عباس بن محمد «6» قالوا نا أبو عمر عن إسماعيل عن نافع أفعيينا مشددة، ونا ابن غلبون نا عبد الله بن محمد نا أحمد بن أنس ح ونا الفارسي نا أبو طاهر نا ابن أبي حسّان ح وأخبرنا أحمد بن عمر أخبرنا محمد قالوا: نا هشام «7» بإسناده
__________
(1) القاسم بن زكريا، أبو بكر البغدادي، كان ثقة إماما، أثنى عليه الدارقطني، أخذ عنه أبو طاهر، وروي عن أبي كريب، مات سنة 305 هـ. معرفة 1/ 240، غاية 2/ 17.
(2) محمد بن العلاء بن كريب الهمداني، ثقة، روي الحروف عن أبي بكر، مات سنة 243 هـ، غاية 2/ 197، والإسناد صحيح، ورواية أبي كريب عن أبي بكر خارجة عن طرق المصنف في هذا الكتاب. وانظر أقوال المفسرين في آيتي (ق) والطور في تفسير الطبري 26/ 181، 27/ 39 والدر المنثور 7/ 611 - 638.
(3) في سورة الفرقان.
(4) سورة بن المبارك الخرساني، من المكثرين في الرواية عن الكسائي. غاية 1/ 321، وسكت عنه. وروايته عن الكسائي خارجة عن طرق المصنف في هذا الكتاب.
(5) لم أجده فيما بين يدى من مصادر
(6) هو عباس بن أحمد بن محمد البرتي- ستأتي ترجمته- وطريقه صالحة، أما طريق الباهلي ففيها محمد بن إبراهيم، لم أجده.
(7) تقدمت هذه الأسانيد مرارا.

(4/1599)


عن ابن عامر [228/ أ] أفعيينا مشددة قال أبو عمرو والتشديد هاهنا اتّساع ومجاز وهو عبارة عن إثبات الياء الساكنة بعد الياء المتحركة وليس بالتشديد المتعارف الذي حقيقته إدخال حرف ساكن في حرف آخر متحرك ورفع اللسان بهما رفعة واحدة «1»، إذ ذلك هاهنا لا يجوز بوجه، ومما يدلّ على أن معناه ما قلناه ما حدّثناه محمد ابن علي نا ابن مجاهد نا ابن مخلد عن البزّي «2» عن أصحابه عن ابن كثير الياء مشددة يريد بياء بعد الهمزة فعبّر بالتشديد عن إثباتها.
وقال الخزاعي عن أصحابه عن ابن كثير إن الله لا يستحيي [البقرة: 26] مثقلة بياءين، وما ووري «3» مشددة بواوين فعبّر عن إثبات التاء والواو بالتثقيل والتشديد، وحدّثنا الخاقاني نا أحمد بن محمد ح، وحدّثنا أبو الفتح نا أحمد بن محمد قالا: نا محمد الباهلي «4» نا أبو عمر عن إسماعيل عن نافع وأبي جعفر وقتيبة ولا تلوون [آل عمران: 153] يقاتلون مشدد عنهم يريد بالتشديد إثبات الواو الساكنة التي بعد الواو المضمومة، فعبّر به عن ذلك وجعله دلالة على إثبات تلك الواو كما عبّر به فيما تقدم، وجعل دلالة على إثبات الياء، وقد يعبّر به أيضا عن إثبات الألف ويجعل دلالة على ذلك.
حدّثنا خلف بن إبراهيم قال: نا أحمد بن أسامة قال: نا أبي، ح وحدّثنا فارس بن أحمد نا جعفر بن أحمد نا محمد بن الربيع قالا: نا يونس «5» عن ورش عن نافع أنا أحيي [البقرة: 258] بالتشديد لها والوقف عليها يعني بالتشديد للألف التي بعد النون يريد إثباتها في الوصل والوقف، فعبّر عن ذلك بالتشديد كما عبّر من تقدّم ذكره عن إثبات الياء والواو سواء، وقد يراد به أيضا تحريك الحرف الذي قد يسكن، قال يونس عن ورش عن نافع: يوم ظعنكم [80] «6» مشدّدة، وقال عنه وعن ابن كيسة:
__________
(1) ويسمى أيضا ب (الإدغام)، وانظر: النشر 1/ 275، هداية القارئ للمرصفي ص 163.
(2) تقدم هذا الإسناد.
(3) في النسختين (ما روى)، وهو خطأ، وقوله ان الله لا يستحي أن في البقرة (26)، وما وورى في الأعراف (20).
(4) الإسنادان صحيحان، وقد تقدما.
(5) تقدم هذان الإسنادان.
(6) في النحل آية (80).

(4/1600)


أحد عشر كوكبا [يوسف: 4] مشددة منصوبة، يريد بالتشديد في الموضعين تحريك العين، وقال أبو عمرو عن إسماعيل عن أبي جعفر القاري خطوات [البقرة: 168] مشددة يريد تحريك الطاء بالضم.
وقال أبو حمدون عن اليزيدي عن أبي عمرو أنه كان يقرأ خشب [المنافقون:
4] بالتشديد ثم رجع إلى التخفيف يريد بالتشديد ضم الشين، وقال هارون بن حاتم عن أبي بكر عن عاصم عقبا «1» مشددة يريد مضمومة القاف، وقال علي بن نصر عن أبي عمرو بالأفق الأعلى «2» مشددة يريد مضمومة الفاء في نظائر لذلك، وذلك كله من الاتّساع الذي قد يغلط في تأويله وكيفية حقيقته كثير من الناس لخروجه عن الاستعمال «3» والعادة.
فلا ينبغي لذي لبّ وفهم أن يجعل اختلاف ألفاظ الناقلين في هذه ونحوه اختلافا في القراءة ولا سيما إذا احتمل التأويل بل يلزم ردّه إلى الإجماع وبالله التوفيق.
ليس في هذه السورة ياء إضافة وفيها من الياءات المحذوفات من الخط ثلاث وعيد أفعيينا [14، 15] وفي آخرها من يخاف وعيد [45] أثبتهما في الوصل، وحذفهما في الوقف نافع في رواية ورش، وكذلك موجب رواية العثماني عن قالون وحذفهما الباقون في الحالين «4».
يوم يناد المناد [41]
أثبتها ابن كثير في الوصل والوقف، وكذلك قال لنا محمد بن علي عن ابن مجاهد «5» عنه، وكذلك روى أبو ربيعة عن صاحبيه، وقال الحلواني عن القوّاس:
المنادي بالياء لم يزد على ذلك، وروى الخزاعي عن أصحابه يناد المناد على حذف الياء ولعله يريد ياء «يناد» دون ياء «المناد» وبإثباتها في الحالين قرأت لابن كثير من جميع الطرق، وأثبتها في الوصل وحذفها في الوقف نافع وأبو عمرو.
__________
(1) في الرعد آية (24).
(2) في النجم آية (7).
(3) في (م) (الاستعلاء) وهو خطأ.
(4) التيسير ص 202، النشر 2/ 376.
(5) انظر السبعة ص 607.

(4/1601)


وجاء بذلك نصّا عن أبي عمرو وأبو عمر وأبو عبد الرحمن بن اليزيدي عن أبيه عنه وقال ابن سعدان عن اليزيدي: كان أبو عمرو ربما طرحها في الوصل يعني ياء «المنادي» وحذفها الباقون في الحالين.
فأما قوله: يناد فجاء مرسوما في المصاحف بغير ياء على الوصل «1» وكذلك الوقف عليه في مذهب الجميع اتباعا لرسمه إلا ما اختلف فيه عن ابن كثير فحدّثنا عبد العزيز بن محمد نا عبد الواحد بن عمر قال: قال لنا ابن مخلد عن البزّي «2» ينادي بالياء قال: فسألته يعني البزّي عن الوقف فقال: بالياء وكذلك قال أبو ربيعة عن صاحبيه، وكذلك قال ابن مجاهد في كتابه الجامع وفي كتاب المكيّين «3» عن ابن كثير، وكذلك روى الحلواني عن القوّاس وكذلك روى أيضا النقاش عن أبي ربيعة عن البزّي، وروى الخزاعي عن أصحابه «يناد «4» المناد» على حذف الياء.
وقد قال ابن مجاهد في موضع آخر من جامعه: أبو عمرو يقف على يناد بغير ياء وابن كثير والله أعلم.
__________
(1) انظر المقنع ص 33.
(2) الإسناد صحيح، وقد تقدم مرارا.
(3) لم أعثر عليهما.
(4) في (م) (بياء).

(4/1602)


ذكر اختلافهم في سورة والذاريات
قد ذكرت والذاريات ذروا [1] فيما سلف «1».

حرف
قرأ عاصم في رواية حفص «2» وحمزة والكسائي مثل ما أنكم [23] برفع اللام، وكذلك الحلواني عن القوّاس عن ابن كثير وحدّثنا الفارسي نا أبو طاهر نا عبد الله ابن الصقر «3» والفضل بن أحمد المكتب «4» قالا: نا محمد بن إسحاق عن أبيه عن نافع مثل ما اللام مفتوحة، وكذلك «5» روى موسى بن إسحاق القاضي عن محمد عن أبيه عن نافع.
وقرأ الباقون بنصب اللام «6»، وكذلك روى الخزاعي وأبو ربيعة عن أصحابهما وقنبل والهاشمي عن القوّاس، وسائر الرواة عن المسيّبي عن نافع، وكذلك روى أيضا حفص عن عاصم والمنذر بن محمد عن هارون بن حاتم عن أبي بكر لم يأت بذلك عن أبي بكر أحد غيره «7».
قالوا سلما قال سلم [25] قد ذكر «8».
__________
(1) في سورة الصافات ص 125.
(2) كذا في النسختين وهو خطأ، والصواب: (في رواية غير حفص)، لأن رفع اللام من (مثل) رواية أبي بكر، على حد قول الشاطبي: (وقل مثلما بالرفع شمم صندلا). ولعله سبق قلم من المصنف أو من النساخ.
(3) عبد الله بن الصقر، أبو العباس البغدادي، روى عن محمد بن اسحاق، وعنه أبو طاهر، مات سنة 302 هـ. غاية 1/ 423. قال الخطيب: كان ثقة، وقال الدارقطني: صندوق. تاريخ بغداد 9/ 482.
والإسناد صحيح.
(4) الفضل بن أحمد بن الوزير، أبو العباس البغدادي، قرأ على محمد بن إسحاق غاية 2/ 8، وسكت عنه.
(5) في (م) (ولذلك ولذلك).
(6) انظر: التيسير ص 203، النشر 2/ 377.
(7) وروايته ليست من طرق المصنف هنا، كما تقدم مرارا.
(8) في سورة هود.

(4/1603)


حرف:
قرأ الكسائي فأخذتهم الصعقة [44] بإسكان العين من غير ألف، وقرأ الباقون بكسر العين وألف بينهما وبين الصاد «1».
حرف:
قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وقوم نوح [46] بخفض الميم، وقرأ الباقون بنصبها «2».
ليس فيها من الياءات المختلف فيها شيء والله أعلم.
__________
(1) الإتحاف ص 399.
(2) البدور الزاهرة ص 302.

(4/1604)