جامع البيان في القراءات السبع

ذكر اختلافهم في سورة البلد
حرف:
روى الكسائي وحسين الجعفي [246/ ب] ويحيى بن سليمان الجعفي وعبيد بن نعيم وابن أبي حمّاد وابن جبير وخلف وابن المنذر عن يحيى عن أبي بكر والحلواني عن أبي عمر عن اليزيدي عن أبي عمرو أن لم يره أحد «1» [7] بإسكان الهاء «2»، وضمّها الباقون ووصلوها بواو في اللفظ «3»، وقياس قول الحلواني وأبي مروان والعثماني عن قالون في كتابيهما لا يصلها. وكذلك روى أبو سليمان عن قالون أداء «4».
حرف قرأ ابن كثير وأبو عمرو في غير رواية عبد الوارث والكسائي فكّ [13] بفتح الكاف رقبة بالنصب أو أطعم [14] بفتح الهمزة والميم على وزن أفعل جعلوه فعلا ماضيا، وقرأ الباقون فكّ برفع الكاف رقبة بالخفض على الإضافة أو إطعام بكسر الهمزة ورفع الميم مع «5» التنوين جعلوه مصدرا «6».
ونا محمد بن علي قال: نا ابن مجاهد قال: حدّثني الخزاز «7» عن محمد بن يحيى «8» عن أبي الربيع عن حفص عن عاصم المشئمة [19] ومؤصدة [20] بالكسر «9».
قال أبو عمرو: يريد أنه يميل هاء التأنيث وفتحة الحرف الذي قبلها فيهما وذلك
__________
وقال ابن الجزري 2/ 191: «والوجهان مشهوران عن أبي عمرو، والتخيير أكثر، والحذف أشهر».
(1) في (م) «وأن لم ... » وهو خطأ.
(2) وممن سكنها أيضا هشام من طريق الداجوني، الإتحاف ص 438.
(3) أي: أشبعوا ضمة الهاء.
(4) في (م) «اذا»، وهو خطأ.
(5) في (م) «من»، وهو خطأ.
(6) التيسير ص 223، الكشف 2/ 376.
(7) في (م) «الخزاعي»، وهو خطأ، وقد تقدم ص، وهو ثقة ماهر.
(8) محمد بن يحيى بن مهران، أبو عبد الله القطعي، إمام مقرئ متصدر، روى عن الزهراني، وعنه الخزاز، غاية 2/ 278، والإسناد صحيح.
(9) السبعة ص 686 - 687.

(4/1704)


لا يكون إلا في حال الوقف لا غير لوجود الهاء هناك، ولا يجوز في حال الوصل لعدم الهاء فيه واستقرار التاء «1».

حرف:
قرأ عاصم في رواية حفص وأبو عمرو وحمزة والكسائي في رواية أبي موسى مؤصدة [20] هنا وفي الهمزة بالهمز، وكذلك حكى ابن جبير في مختصره عن الكسائي عن أبي بكر، وقرأهما الباقون بغير همز «2»، وكذلك روى سائر الرواة عن أبي بكر عن الكسائي، وحمزة إذا وقف لم يهمزها «3»، وأبو عمرو يهمزها في كل حال اختار ذلك ابن مجاهد «4» وقد ذكرناه.
محمد بن علي قال: نا ابن مجاهد قال: نا «5» الدباغ «6» عن أبي الربيع عن حفص عن عاصم مؤصدة [20] مهموزة والمشئمة مشددة. قال ابن مجاهد كذا قال وليس له وجه «7».
قال أبو عمرو يتجه ويصحّ عندي قوله في المشئمّة مشددة من جهتين إحداهما: أنه يريد بالتشديد تحريك الشين بحركة الهمزة التي بعدها كما أراد يونس ابن عبد الأعلى بقوله في: أحد عشر [يوسف: 4] ويوم ظعنكم [النحل: 80] مشددة تحريك العين منهما.
والثانية: أن يريد تحقيق الهمزة بعد الشين؛ إذ الهمزة حرف شديد يجعل التشديد عبارة عن تحقيقها فالجهة الأولى روى عن التسهيل والثانية عن التحقيق وكلتاهما مجاز واتّساع ومعنى الأول محذوفة الثانية ومعنى الثانية مهموزة العين.
__________
(1) من عند قوله (وأنا محمد بن علي ... ) إلى هنا كذا في النسختين، والأولى أن تؤخر إلى الحرف التالي، لأنها بها ألصق
(2) الإتحاف ص 439.
(3) في (م) «يهمز بها».
(4) انظر السبعة ص 686.
(5) من قوله «وقد ذكرناه ... » إلى هنا تكررت مرة أخرى في النسختين، وفي (ت) مضروب على المرة الثانية.
(6) محمد بن حماد بن ماهان البغدادي، شيخ مقرئ، روى عن الزهراني، وعنه ابن مجاهد، مات سنة 285 هـ، قال الدارقطني: «ليس بالقوي»، وقال ابن المنادي «مات على ستر وقبول»، تاريخ بغداد 2/ 273، غاية 2/ 135. وطريق الدباغ اعتمدها المصنف في المقدمة 1/ 317، وابن مجاهد في السبعة ص 95، وعليه فالإسناد صحيح.
(7) السبعة ص 687.

(4/1705)


حدّثني الحسن بن علي البصري «1» قال: نا أحمد بن نصر قال: نا أبو بكر «2» شيخنا قال: نا محمد بن عيسى المقرئ قال: نا محمد بن يزيد بن رفاعة قال: سمعت أبا بكر بن عيّاش يقول: إمامنا يهمز مؤصدة فأشتهي أن أشد «3» أذني إذا سمعته يهمزها «4». قال أبو عمرو: قول أبي بكر إمامنا- يعني إمام مسجدهم بالكوفة «5» - وكان يقرأ بحرف حمزة والله أعلم.
__________
(1) لم أظفر له بترجمة، وطريقه ليست من طرق المصنف في هذا الكتاب.
(2) هو ابن مجاهد.
(3) كذا في (ت)، و (م)، والصواب «أسد» بالسين المهملة.
(4) انظر الأثر في السير 8/ 504.
(5) الكوفة: بضم الكاف، وفتح الفاء، مدينة مشهورة بالعراق، انظر معجم البلدان 4/ 490، وقد أخطأ محقق الجزء الثامن من السير فجعل المقصود بقول شعبة «إمامنا» هو عاصم، وهذا غير صحيح، كما ذكر الداني آنفا، وهو أعلم.

(4/1706)


ذكر اختلافهم في سورة والشمس
قرأ ابن كثير وابن عامر وعاصم بإخلاص فتح أواخر آي هذه السورة من أولها إلى آخرها، واختلف عن نافع فروى ابن المسيّبي وابن سعدان عن المسيّبي وأحمد بن صالح عن ورش وقال عنه إنه يفتحها كلها «1»، وقول الأصبهاني عن ورش، وروى خلف عن المسيّبي آياتها وآيات والليل والضحى والأعلى وما أشبه ذلك بين الفتح والكسر «2». وكذلك روى أبو عون عن الحلواني عن قالون، وذلك قياس قول داود وأبي الأزهر وأبي يعقوب عن ورش.
وروى أبو عبيد عن إسماعيل عن نافع وأهل الحديث لا يضجعون «3» فيها الإضجاع الشديد ولا يفتحون الفتح الفاحش ولكنهما بين هما [247/ أ].
وأمال حمزة والكسائي أواخر آيها كلها إلا تلها [الشمس: 2] وطحها [الشمس: 6] فإن الكسائي أمالها دون حمزة، وقرأهنّ الباقون وأبو عمرو بين الفتح والإمالة.
هذا قول اليزيديين «4» وأبي شعيب والجماعة عن اليزيدي إلا إبراهيم بن اليزيدي، فإن أبا العباس حكى عنه عن أبيه أنها كلها بالفتح «5». وروى أبو عبيد عن شجاع عن أبي عمرو أنه كان يرى الكسر في كل سورة تكون من أولها إلى آخرها على شيء واحد ولا ينظر في ذوات الواو والياء بالإمالة اليسيرة.
قرأت أواخر آي في روايته عن أبي عمرو كما قرأت في رواية اليزيدي سواء، وقال ابن جبير «6» عن اليزيدي تلها [2] ودحها [6] وطحاها [6]
__________
(1) في السبعة ص 688 بمعناه.
(2) المصدر السابق.
(3) الإضجاع هو: أن تقرب الفتحة من الكسرة، والألف من الياء من غير قلب خالص، ولا إشباع مفرط، وهي الإمالة المحضة، انظر الوافي في شرح الشاطبية ص 140. ولا أدري ما هو وجه إدخال أهل الحديث هنا؟
(4) أي: أبناء يحيى بن المبارك اليزيدي، وقد تقدموا جميعا.
(5) السبعة ص 688.
(6) في (م) «خير»، وهو خطأ.

(4/1707)


وضحاها [1] بالتفخيم خالف أصحابه، روى هارون بن حاتم عن حسين والمنذر عن هارون عن أبي بكر أنه يفتح هذه السورة والليل إذا يغشى [الليل: 1] والضحى [الضحى: 1] وما أشبه ذلك «1».

حرف:
قرأ نافع وابن عامر فلا يخاف [15] بالفاء، وكذلك في مصاحف أهل المدينة والشام وقرأ الباقون ولا يخاف بالواو وكذلك في مصاحفهم «2».
__________
(1) خلاصة الأوجه في إمالة فواصل سورة «الشمس»: أن الكسائي أمالها كلها بلا استثناء وأمالها حمزة إلا قوله تلها- طحها فيفتحهما، وقللها أبو عمرو كلها، ولورش فيها الوجهان: الفتح، والتقليل، وأخلص فتحها الباقون. انظر: التيسير ص 223، البدور الزاهرة ص 342.
(2) المقنع ص 108، وانظر الإتحاف ص 440.

(4/1708)


ذكر اختلافهم في سورة والليل
قد ذكرت الاختلاف عن نافع في أواخر آيها، وروى أحمد بن صالح عن قالون أواخرهن مفتوحات روي عن ورش أنه يكسر لليسرى «1» [7] والعسرى [10] قليلا وما بقي مفتوح. وروى غيره عن ورش جميعهن بين الفتح والإمالة. وقول الأصبهاني عن أصحابه عنه إخلاص فتحهن وأبو عمرو يقرؤهن بين بين ما خلا لليسرى [7] والعسرى [10] فإنه يميلها إمالة خالصة لأجل الراء التي وليت ألف التأنيث المشبهة بالمنقلبة عن الياء، وروى العباس عن إبراهيم عن أبيه عنه أنه يفتحهن كلهن وحمزة والكسائي يميلانهن كلهن والباقون يخلصون فتحهن «2».
__________
(1) في النسختين «اليسرى»، وهو خطأ.
(2) انظر الإتحاف ص 440.

(4/1709)


ذكر اختلافهم في سورة والضحى
الاختلاف عن نافع في أواخر آيها كالاختلاف في أول آي والشمس والليل وقرأهن أبو عمرو بين بين إلا ما رواه العباس عن إبراهيم عن أبيه عنه أنه يفتحهن «1». وروى هارون بن حاتم عن حسين والمنذر بن محمد عن هارون عن أبي بكر عن عاصم والضحى [1] وسجى [2] بالكسر، لم «2» يرو ذلك عن أبي بكر غيرهما وأمالهنّ كلهن حمزة والكسائي ما خلا سجى فإن الكسائي أماله دون حمزة، والباقون وسائر أصحاب أبي بكر يخلصون فتحهنّ، وليس في ألم نشرح والتين خلاف إلا ما تقدم
في الفروع.
__________
(1) قال ابن مجاهد في السبعة ص 690: «وأبو عمرو يكسرها في رواية عباس».
(2) في (م) «ما».

(4/1710)