حجة القراءات 31 - سُورَة لُقْمَان
{تِلْكَ آيَات الْكتاب الْحَكِيم هدى وَرَحْمَة للمحسنين} 2 و
3
قَرَأَ حَمْزَة {هدى وَرَحْمَة} بِالرَّفْع جعلهَا ابْتِدَاء
وخبرا
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ هدى وَرَحْمَة بِالنّصب على الْحَال
الْمَعْنى تِلْكَ آيَات الْكتاب فِي حَال الْهِدَايَة
وَالرَّفْع على مَعْنيين أَحدهمَا على إِضْمَار هُوَ هدى
وَرَحْمَة وَالثَّانِي تِلْكَ هدى وَرَحْمَة للمحسنين
{وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث ليضل عَن سَبِيل
الله بِغَيْر علم ويتخذها هزوا} 6
قَرَأَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ وَحَفْص {ويتخذها} بِفَتْح
الذَّال بالنسق على قَوْله {ليضل} و {ويتخذها}
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالرَّفْع بالنسق على قَوْله {وَمن
النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} {ويتخذها}
قَرَأَ ابْن كثير وَأَبُو عَمْرو {ليضل} بِفَتْح الْيَاء
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالرَّفْع مَعْنَاهُ ليضل غَيره فَإِذا
اضل غَيره فقد ضل هُوَ أَيْضا وَمن قَرَأَ {ليضل} فَمَعْنَاه
ليصير أمره إِلَى الضلال فَكَأَنَّهُ وَإِن لم يكن يقدر أَنه
يضل فَإِنَّهُ سيصير أمره إِلَى أَن يضل
(1/563)
{يَا بني لَا تشرك بِاللَّه}
قَرَأَ ابْن كثير {يَا بني لَا تشرك بِاللَّه} بِإِسْكَان
الْيَاء خَفِيفَة لِأَنَّهُ صغر الابْن وَلم يضفه إِلَى نَفسه
فَحذف يَاء وَهِي الَّتِي كَانَت لَام الْفِعْل وَهَذِه
الْيَاء المبقاة هِيَ يَاء التصغير وَلَو أَتَى بِهِ على
الأَصْل لقَالَ يَا بني لِأَنَّهُ نِدَاء مُفْرد وَلَو كَانَ
أرادالإضافة يَا بني لكسر الْيَاء وَإِنَّمَا حذف الْيَاء
لِأَن بَاب النداء بَاب الْحَذف وَالتَّخْفِيف أَلا ترى أَنَّك
تَقول يَا زيد فتحذف مِنْهُ التَّنْوِين وَتقول يَا قوم فتحذف
مِنْهُ الْيَاء فَكَذَلِك حذفت الْيَاء من {يَا بني}
قَرَأَ حَفْص يَا بني بِفَتْح الْيَاء فِي جَمِيع الْقُرْآن
أَرَادَ يَا بنياه فرخم قد ذكرت فِي سُورَة هود
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {يَا بني} بِكَسْر الْيَاء لأَنهم
أَرَادوا يَا بنييي بِثَلَاث ياءات الأولى للتصغير
وَالثَّانيَِة أَصْلِيَّة لَام الْفِعْل وَالثَّالِثَة يَاء
الْإِضَافَة إِلَى النَّفس فحذفت الْأَخِيرَة اجتزاء
بِالْكَسْرِ وتخفيفا وأدغمت يَاء التصغير فِي يَاء الْفِعْل
فالتشديد من أجل ذَلِك
قَرَأَ ابْن كثير فِي رِوَايَة قنبل {يَا بني أقِم الصَّلَاة}
بِالتَّخْفِيفِ مثل الأول وَفتح البزي وَحَفْص وَكسر
الْبَاقُونَ وَقد ذكرت الْحجَّة
(1/564)
{يَا بني إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَال
حَبَّة من خَرْدَل}
وَقَرَأَ نَافِع {يَا بني إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَال حَبَّة}
بِالرَّفْع جعل {كَانَ} بِمَعْنى حدث وَوَقع أَي إِن وَقع
مِثْقَال حَبَّة كَقَوْلِه {وَإِن كَانَ ذُو عسرة} فَإِن قيل
لم قلت {تَكُ} بِالتَّاءِ والمثقال مُذَكّر قيل فِي ذَلِك إِن
مِثْقَالا هُوَ السَّيئَة أَو الْحَسَنَة فأنث على الْمَعْنى
وَقَالَ الْفراء جَازَ تَأْنِيث {تَكُ} والمثقال مُذَكّر
لِأَنَّهُ مُضَاف إِلَى الْحبَّة وَالْمعْنَى للحبة فَذهب
التَّأْنِيث إِلَيْهَا
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ إِن تَكُ مِثْقَال نصب فاسم كَانَ
يَنْبَغِي أَن يكون الْمظْلمَة أَو الْحَسَنَة الْمَعْنى إِن
تكن الْمظْلمَة أَو الْحَسَنَة مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل
{وَلَا تصعر خدك للنَّاس}
قَرَأَ ابْن كثير وَعَاصِم وَابْن عَامر {وَلَا تصعر خدك}
بِالتَّشْدِيدِ وَقَرَأَ الْبَاقُونَ / تصاعر /
قَالَ سِيبَوَيْهٍ صعر وصاعر بِمَعْنى وَاحِد كَمَا تَقول ضعف
وضاعف
{وأسبغ عَلَيْكُم نعمه ظَاهِرَة وباطنة} 20
قَرَأَ نَافِع وَأَبُو عَمْرو وَحَفْص {وأسبغ عَلَيْكُم نعمه}
بِفَتْح الْعين جمع نعْمَة كَمَا تَقول سِدْرَة وَسدر وحجتهم
أَن النعم الظَّاهِرَة غير النعم الْبَاطِنَة فَهِيَ حِينَئِذٍ
جمَاعَة إِذْ كَانَت منوعة وَقد قَالَ جلّ وَعز شاكرا لأنعمه
فَلم يكتف بالواحدة من الْجَمِيع فَلَمَّا كَانَت
(1/565)
نعم الله مُخْتَلفَة بَعْضهَا فِي الدّين
وَبَعضهَا فِي الأرزاق وَبَعضه فِي العوافي وَغير ذَلِك من
الْأَحْوَال قرؤوا بِلَفْظ الْجمع لكثرته وَاخْتِلَاف
الْأَحْوَال بهَا
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {نعْمَة} وحجتهم صِحَة الْخَبَر عَن ابْن
عَبَّاس أَنه قَالَ هِيَ الْإِسْلَام وَذَلِكَ أَن نعْمَة
الْإِسْلَام تجمع كل خير وَعنهُ أَيْضا قَالَ شَهَادَة أَن لَا
إِلَه إِلَّا الله باطنة فِي الْقلب ظَاهِرَة فِي اللِّسَان
وَقَالُوا أَيْضا الظَّاهِرَة شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا
الله والباطنة طمأنينة الْقلب على مَا عبر لِسَانه وَأحسن مَا
قيل فِي تَفْسِير هَذِه الْآيَة أَن النِّعْمَة الظَّاهِرَة
نعْمَة الْإِسْلَام والباطنة ستر الذُّنُوب وَيجوز أَن يعْنى
بهَا جمَاعَة النعم فتؤدي الْوَاحِدَة عَن معنى الْجمع
بِدلَالَة قَوْله {وَإِن تعدوا نعْمَة الله لَا تحصوها}
{وَلَو أَنما فِي الأَرْض من شَجَرَة أَقْلَام وَالْبَحْر يمده
من بعده سَبْعَة أبحر مَا نفدت كَلِمَات الله} 27
قَرَأَ أَبُو عَمْرو {وَالْبَحْر يمده} بِفَتْح الرَّاء
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالرَّفْع
فَأَما النصب فعطف على {مَا} وَالْمعْنَى وَلَو أَن مَا فِي
الأَرْض وَلَو أَن الْبَحْر فَإِن سَأَلَ سَائل إِن من
اخْتِيَار أبي عَمْرو أَن يرفع الْمَعْطُوف بعد الْخَبَر
كَقَوْلِه {إِن وعد الله حق والساعة لَا ريب فِيهَا}
فَالْجَوَاب فِي ذَلِك أَن الْكَلَام فِي {إِن وعد الله حق}
تَمام ثمَّ يسْتَأْنف {والساعة لَا ريب فِيهَا} وَالْكَلَام
عِنْد قَوْله {وَلَو أَنما فِي الأَرْض من شَجَرَة أَقْلَام}
(1/566)
غير تَامّ فَأشبه الْمَعْطُوف قبل الْخَبَر
وَهَذَا من حذق أبي عَمْرو إِنَّمَا لم يتم الْكَلَام لِأَن
{لَو} يحْتَاج إِلَى جَوَاب
وَالرَّفْع على وَجْهَيْن أَحدهمَا على الِاسْتِئْنَاف فَجعل
الْوَاو وَاو الْحَال كَأَنَّهُ قَالَ وَالْبَحْر هَذِه حَاله
وَيجوز أَن يكون مَعْطُوفًا على مَوضِع {إِن} مَعَ مَا بعْدهَا
{ذَلِك بِأَن الله هُوَ الْحق وَأَن مَا يدعونَ من دونه هُوَ
الْبَاطِل}
قَرَأَ نَافِع وَابْن كثير وَابْن عَامر وَأَبُو بكر / وَأَن
مَا تدعون / بِالتَّاءِ أَي يَا معشر الْعَرَب من الشُّرَكَاء
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْيَاءِ وَالْقِرَاءَة فِي مثل هَذَا
الْحَرْف بِالْيَاءِ لِأَنَّهُ لم يعم النَّاس بِأَنَّهُم كلهم
كَانُوا يدعونَ من دون الله وَلَكِن على الْخَواص
{إِن الله عِنْده علم السَّاعَة وَينزل الْغَيْث}
قَرَأَ نَافِع وَابْن عَامر وَعَاصِم {ينزل الْغَيْث}
بِالتَّشْدِيدِ
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّخْفِيفِ وَقد ذكرت الْحجَّة فِي
سُورَة الْبَقَرَة
32 - سُورَة السَّجْدَة
{الَّذِي أحسن كل شَيْء خلقه وَبَدَأَ خلق الْإِنْسَان من طين}
7
قَرَأَ ابْن كثير وَأَبُو عَمْرو وَابْن عَامر {أحسن كل شَيْء
خلقه} بِسُكُون اللَّام قَالَ الزّجاج قَوْله {خلقه} مَنْصُوب
على أَنه مصدر
(1/567)
دلّ عَلَيْهِ مَا تقدم من قَوْله {أحسن كل
شَيْء} الْمَعْنى الَّذِي خلق كل شَيْء خلقه وابتدأه ابْتِدَاء
وَيجوز أَن يَجْعَل {خلقه} بَدَلا من {كل شَيْء} التَّقْدِير
الَّذِي أحسن خلق كل شَيْء وَهَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَجَاء
فِي التَّفْسِير أَن تَأْوِيلهَا ألهم خلقه كل مَا
يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ كَأَنَّهُ قَالَ أعلمهم كل مَا
يَحْتَاجُونَ إِلَى علمه فَأَما الضَّمِير الَّذِي أضيف
إِلَيْهِ {خلق} فَلَا يَخْلُو من أَن يكون ضمير اسْم الله أَو
يكون كِنَايَة عَن الْمَفْعُول بِهِ فَالَّذِي يدل عَلَيْهِ
نَظَائِره أَن الضَّمِير لاسم الله نَحْو قَوْله {صنع الله} و
{وعد الله} فَكَمَا أضيفت هَذَا المصادر إِلَى الْفَاعِل
فَكَذَلِك يكون {خلقه} مُضَافا إِلَى ضمير الْفَاعِل لِأَن
قَوْله {أحسن كل شَيْء} يدل على خلق كل شَيْء
قَرَأَ نَافِع وَأهل الْكُوفَة {خلقه} بِفَتْح اللَّام
جَعَلُوهُ فعلا مَاضِيا أَي أحسن كل شَيْء فخلقه قَالَ أهل
التَّأْوِيل {أحسن} أَي أحكم كَمَا أَرَادَ لَا كمن يُرِيد أَن
يَأْتِي بالشَّيْء حسنا فَيَقَع قبيحا كالخط وَالصُّورَة
مِمَّا يُعلمهُ الْإِنْسَان وَكَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول القرد
لَيْسَ بِحسن وَلكنه أحكم خلقه وَقيل إِن الْحسن مَوْجُود فِي
كل مَا خلق الله من جَمِيع الْحَيَوَان وَهُوَ أَن أثر صنع
الله وَالدّلَالَة على وحدانيته مَوْجُودَة فِيهِ وَشَاهد
هَذَا القَوْل قَوْله {إِنَّا جعلنَا مَا على الأَرْض زِينَة
لَهَا} وعَلى الأَرْض حيات وعقارب وقردة وَلَيْسَت من
الزِّينَة وَلَكِن الْمَعْنى انها مخلوقات الله وفيهَا آثَار
صنع الله وَقَالَ آخَرُونَ {إِنَّا جعلنَا مَا على الأَرْض
زِينَة لَهَا} يَعْنِي الرِّجَال فالهاء فِي قَوْله {خلقه}
ضمير الْخلق
(1/568)
{فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من
قُرَّة أعين}
قَرَأَ حَمْزَة {مَا أُخْفِي لَهُم} سَاكِنة الْيَاء وَجعله
فعلا مُسْتَقْبلا الله جلّ وَعز يخبر عَن نَفسه أَي مَا
أُخْفِي لَهُم وحجته مَا يتَّصل بالحرف وَهُوَ قَوْله قبله
{وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ} وَيُقَوِّي هَذَا
قِرَاءَة عبد الله بن مَسْعُود / مَا نخفي لَهُم / بالنُّون
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {مَا أُخْفِي} بِفَتْح الْيَاء جَعَلُوهُ
فعلا مَاضِيا على مَا لم يسم فَاعله وَيُقَوِّي بِنَاء
الْفِعْل للْمَفْعُول بِهِ قَوْله {فَلهم جنَّات المأوى} فأبهم
ذَلِك كَمَا أبهم قَوْله {أُخْفِي لَهُم} وَلم يسند إِلَى
فَاعل بِعَيْنِه وَلَو كَانَ {أُخْفِي} كَمَا قَرَأَهُ حَمْزَة
لَكَانَ أعطيهم جنَّات المأوى ليُوَافق أعطي {أُخْفِي} فِي ذكر
فَاعل الْفِعْل
{وَجَعَلنَا مِنْهُم أَئِمَّة يهْدُونَ بأمرنا لما صَبَرُوا}
قَرَأَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ لما صَبَرُوا بِكَسْر اللَّام
وَتَخْفِيف الْمِيم الْمَعْنى / جعلناهم أَئِمَّة لصبرهم /
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {لما صَبَرُوا} بِالتَّشْدِيدِ قَالَ
الزّجاج من قَرَأَ {لما صَبَرُوا} فَالْمَعْنى معنى حِكَايَة
المجازاة لما صَبَرُوا جعلناهم أَئِمَّة وأصل الْجَزَاء فِي
هَذَا كَأَنَّهُ قَالَ إِن صَبَرْتُمْ جَعَلْنَاكُمْ أَئِمَّة
فَلَمَّا صَبَرُوا جعلُوا أَئِمَّة
(1/569)
33 - سُورَة الْأَحْزَاب
{وَلَا تُطِع الْكَافرين وَالْمُنَافِقِينَ} {إِن الله كَانَ
بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرا} {إِذْ جاءتكم جنود فَأَرْسَلنَا
عَلَيْهِم ريحًا وجنودا لم تَرَوْهَا وَكَانَ الله بِمَا
تَعْمَلُونَ بَصيرًا} 2 و 9
قَرَأَ أَبُو عَمْرو / إِن الله كَانَ بِمَا يعْملُونَ خَبِيرا
/ و / بِمَا يعْملُونَ بَصيرًا / بِالْيَاءِ جَمِيعًا وحجته
أَنه قرب من ذكر الْكَافرين وَالْمُنَافِقِينَ فِي الْحَرْف
الأول فختم الْآيَة بالْخبر عَنْهُم إِذْ كَانَ ذَلِك فِي
سِيَاقه عَنْهُم وحجته فِي الْحَرْف الثَّانِي أَنه قرب من ذكر
الْجنُود فِي قَوْله {إِذْ جاءتكم جنود فَأَرْسَلنَا
عَلَيْهِم} فختم بالْخبر عَنْهُم إِذْ كَانَ فِي سِيَاقه
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّاءِ جَمِيعًا وحجتهم فِي الْحَرْف
الأول أَن افْتِتَاح الْآيَة جرى بِلَفْظ المخاطبة للنَّبِي
صلى الله عَلَيْهِ وَلَا شكّ أَن من بِحَضْرَتِهِ من
الْمُسلمين داخلون مَعَه فِيمَا أَمر بِهِ من أَمر الله وَنهي
عَنهُ فِي هَذِه فهم حِينَئِذٍ مخاطبون مَعَه بِمَا خُوطِبَ
بِهِ من أَمر الله وَنَهْيه نظيرا قَوْله {فأقم وَجهك للدّين
حَنِيفا} فخاطب خاصته فِي الظَّاهِر ثمَّ قَالَ منيبين
إِلَيْهِ فَأخْرج الْحَال عَنهُ وَعَمن هُوَ على شَرِيعَته
فَكَذَلِك خاطبه فِي أول هَذِه الْآيَة خَاصَّة ثمَّ خَتمهَا
بمخاطبته ومخاطبة من هُوَ على سَبيله إِذْ كَانُوا يشركُونَ
فِي الْأَمر وَالنَّهْي وحجتهم فِي الْحَرْف الثَّانِي أَن
افْتِتَاح الْآيَة جرى بالمخاطبة للْمُؤْمِنين فَقَالَ {يَا
أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ
جاءتكم جنود}
(1/570)
فختموا الْآيَة بِمَا افْتتح فِي أول الاية
ليأتلف الْكَلَام على سِيَاق وَاحِد
{وَمَا جعل أزواجكم اللائي تظاهرون مِنْهُنَّ أُمَّهَاتكُم} 4
قَرَأَ أَبُو عَمْرو وورش عَن نَافِع والبزي عَن ابْن كثير /
اللاي / بِغَيْر مد وَلَا همز فِي كل الْقُرْآن وَقَرَأَ
نَافِع والقواس عَن ابْن كثير اللاء مهموزا مَقْصُورا وَقَرَأَ
أهل الشَّام / اللاء / والكوفة {اللائي} بِهَمْزَة بعْدهَا
يَاء ووزنها فَاعل
وَاعْلَم أَن هَذِه الْوُجُوه كلهَا جمع الَّتِي وَالْعرب تجمع
الَّتِي على اللَّاتِي واللائي ثمَّ يجمعُونَ الْجمع
فَيَقُولُونَ اللواتي قَالَ الراجز
من اللواتي وَالَّتِي واللاتي ... زعمن أَنِّي كَبرت لداتي
فَمن قَرَأَ {اللائي} على وزن اللاعي فَهُوَ الْقيَاس على
الأَصْل وَهُوَ جمع الَّتِي على غير اللَّفْظ وَمن قَرَأَ /
اللاء / على وزن اللاع فَإِنَّهُ اكْتفى بالكسرة على الْيَاء
لِأَن الكسرة تنوب عَن الْيَاء قَالَ الشَّاعِر
من اللاء لم يحججن يبغين حسبَة
وَلَكِن ليقْتلن البريء المغفلا
(1/571)
وَمن ترك الْهَمْز فَإِنَّمَا تَركه
للتَّخْفِيف وَهَذِه لُغَات للْعَرَب
قَرَأَ نَافِع وَابْن كثير وَأَبُو عَمْرو {تظْهرُونَ} بِغَيْر
ألف وَتَشْديد الظَّاء وَقَرَأَ حَمْزَة الْكسَائي {تظْهرُونَ}
بِفَتْح التَّاء وَتَخْفِيف الظَّاء وَقَرَأَ ابْن عَامر
تظاهرون بِالْألف وَالتَّشْدِيد
وَالْمعْنَى فِي تظْهرُونَ وتظاهرون وتظاهرون وَاحِد أَصله
كُله من الظّهْر لِأَن الَّذِي يتظهر من امْرَأَته إِنَّمَا
قَالَ لَهَا أَنْت عَليّ كَظهر أُمِّي فَمن قَرَأَ {تظْهرُونَ}
فَالْأَصْل تتظهرون فأدغم التَّاء فِي الظَّاء وَإِدْخَال
الْألف وإخراجها سَوَاء وَالْعرب تَقول ضعفت وضاعفت وعقبت
وعاقبت
وَقَرَأَ عَاصِم {تظاهرون} بِالْألف مَضْمُومَة التَّاء مثل
تقاتلون جعله فعلا من اثْنَيْنِ من ظَاهر من امْرَأَته
مُظَاهرَة وظهارا وحجتهم قَوْله فِي مصدر ظَاهر الظِّهَار
{وَبَلغت الْقُلُوب الْحَنَاجِر وتظنون بِاللَّه الظنونا}
قَرَأَ نَافِع وَابْن عَامر وَأَبُو بكر {وتظنون بِاللَّه
الظنونا} و {الرسولا} و {السبيلا} بِالْألف فِي الْوَقْف
والوصل
(1/572)
وَقَرَأَ ابْن كثير وَالْكسَائِيّ وَحَفْص
بِالْألف فِي الْوَقْف وَبِغير الْألف فِي الْوَصْل وَقَرَأَ
أَبُو عَمْرو وَحَمْزَة بِغَيْر الْألف فِي الْوَصْل
وَالْوَقْف
حجَّة من أثبتهن فِي الْوَصْل وَالْوَقْف هِيَ أَن من الْعَرَب
من يقف على الْمَنْصُوب الَّذِي فِيهِ الْألف وَاللَّام بِأَلف
فَيَقُولُونَ ضربت الرجلا وَفِي الْخَفْض مَرَرْت بالرجلي
وَأُخْرَى أَنَّهُنَّ رُؤُوس آيَات فَحسن إِثْبَات الْألف
لِأَن راس آيَة فِي مَوضِع سكت وَقطع للفصل بَينهَا وَبَين
الْآيَة الَّتِي بعْدهَا وللتوفيق بَين رُؤُوس الْآي قَالَ
الشَّاعِر ... أقلي اللوم عاذل والعتابا ...
وَالْحجّة الثَّالِث اتِّبَاع الْمُصحف قَالَ أَبُو عبيد
رَأَيْت فِي الَّذِي يُقَال إِنَّه الإِمَام مصحف عُثْمَان
الْألف مثبتة فِي ثلاثتهن وَمن حذف الْألف فِي الْوَصْل
وأثبتها فِي الْوَقْف قَالَ جمعت قِيَاس الْعَرَبيَّة فِي أَلا
تكون ألف فِي اسْم فِيهِ الْألف وَاللَّام وَاتِّبَاع الْمُصحف
فِي إِثْبَات الْألف فَاجْتمع لي الْأَمْرَانِ
(1/573)
وَمن حذف الْألف فِي الْوَصْل وَالْوَقْف
احْتج بَان التَّنْوِين لَا يدْخل مَعَ الْألف وَاللَّام
فَلَمَّا لم يدْخل التَّنْوِين لم تدخل الْألف لِأَن الْألف
مبدلة من التَّنْوِين قَالَ اليزيدي وَلَيْسَ أحد يَقُول دخلت
الدارا
{يَا أهل يثرب لَا مقَام لكم فَارْجِعُوا}
قَرَأَ حَفْص لَا مقَام لكم أَي إِقَامَة لكم تَقول أَقمت فِي
الْبَلَد مقَاما وَإِقَامَة وَهُوَ الْمكْث وَالْمقَام يحْتَمل
أَمريْن يجوز أَن يكون مَوضِع إقامتكم وَهَذَا أشبه لِأَنَّهُ
فِي معنى من فتح فَقَالَ لَا مقَام لكم أَي لَيْسَ لكم مَوضِع
تقومون فِيهِ وَيحْتَمل {لَا مقَام لكم} أَي لَا إِقَامَة لكم
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {لَا مقَام لكم} بِالْفَتْح الْمَعْنى
لَا مَكَان لكم تقومون فِيهِ
{وَلَو دخلت عَلَيْهِم من أقطارها ثمَّ سئلوا الْفِتْنَة
لآتوها}
قَرَأَ نَافِع وَابْن كثير {ثمَّ سئلوا الْفِتْنَة لآتوها}
بقصر الْألف أَي سئلوا فعل الْفِتْنَة {لآتوها} لفعلوها
(1/574)
قَالَ الزّجاج قَوْله {لآتوها} أَي لقصدوها
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {لآتوها} بِالْمدِّ أَي لأعطوها أَي لم
يمتنعوا مِنْهَا وحجتهم قَوْله {ثمَّ سئلوا الْفِتْنَة}
فالإعطاء مَعَ السُّؤَال حسن أَي لَو قيل لَهُم كونُوا على
الْمُسلمين مَعَ الْمُشْركين لفعلوا ذَلِك وَقَالَ الْحسن لَو
دعوا إِلَى الشّرك لأجابوا وأعطوها والفتنة الشّرك
{لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة}
قَرَأَ عَاصِم {أُسْوَة حَسَنَة} بِضَم الْألف حَيْثُ كَانَ
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِكَسْر الْألف وهما لُغَتَانِ وَمعنى
{أُسْوَة} أَي قدوة تقتدون بهَا حَيْثُ خرج بِنَفسِهِ إِلَى
قتال أَعدَاء الله
{يُضَاعف لَهَا الْعَذَاب ضعفين} 30
قَرَأَ أَبُو عَمْرو / يضعف لَهَا الْعَذَاب / بِالْيَاءِ
وَالتَّشْدِيد {الْعَذَاب} رفع على مَا لم يسم فَاعله وَكَانَ
أَبُو عَمْرو يَقُول إِنَّمَا اخْتَرْت التَّشْدِيد فِي هَذَا
الْحَرْف فَقَط لقَوْله ضعفين
وَقَرَأَ ابْن عَامر وَابْن كثير / نضعف / بالنُّون وَتَشْديد
الْعين وَكسرهَا الله عز وَجل يخبر عَن نَفسه {الْعَذَاب} نصب
لِأَنَّهُ مفعول بِهِ
وَقَرَأَ نَافِع وَأهل الْكُوفَة {يُضَاعف} بِالْيَاءِ
وَالْألف {الْعَذَاب} بِالرَّفْع الْعَرَب تَقول ضاعفت وضعفت
لُغَتَانِ
(1/575)
{وَمن يقنت مِنْكُن لله وَرَسُوله وتعمل
صَالحا نؤتها أجرهَا مرَّتَيْنِ وأعتدنا لَهَا رزقا كَرِيمًا}
31
قَرَأَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ / وَيعْمل صَالحا يؤتها /
بِالْيَاءِ فيهمَا وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّاءِ {نؤتها}
بالنُّون وحجتهم فِي قَوْله {تعْمل} بِالتَّاءِ هِيَ أَن
الْفِعْل لما تقدمه قَوْله {مِنْكُن} أجروه بِلَفْظ
التَّأْنِيث لِأَن تَأْنِيث {مِنْكُن} أقرب إِلَيْهِ من لفظ
{من} وَحجَّة من قَرَأَ {يعْمل} بِالْيَاءِ إِجْمَاع الْجَمِيع
على الْيَاء فِي قَوْله {من يَأْتِ مِنْكُن} {وَمن يقنت}
فَردُّوا مَا اخْتلفُوا فِيهِ إِلَى مَا أَجمعُوا عَلَيْهِ
وَأما من قَرَأَ بِالْيَاءِ فَإِنَّهُ حمل الْكَلَام على لفظ
{من} دون الْمَعْنى وَمن قَرَأَ بِالتَّاءِ فَإِنَّهُ حمل على
الْمَعْنى دون اللَّفْظ لِأَن معنى {من} التَّأْنِيث وَالْجمع
وَمِمَّا يُقَوي قَول من حمل على الْمَعْنى فأنث اتِّفَاق
حَمْزَة وَالْكسَائِيّ مَعَهم فِي قَوْله نؤتها فحملا أَيْضا
على الْمَعْنى وَلَو كَانَ على اللَّفْظ لقالوا {نؤته}
فَكَذَلِك قَوْله وتعمل كَانَ يَنْبَغِي أَن يحمل على
الْمَعْنى وَحجَّة من قَرَأَ {نؤتها} بالنُّون هِيَ أَن
الْكَلَام جرى عَقِيبه بِلَفْظ الْجمع وَهُوَ قَوْله {وأعتدنا
لَهَا رزقا كَرِيمًا} فأجراه على لفظ مَا أَتَى عَقِيبه ليأتلف
الْكَلَام على نظام وَاحِد
وَحجَّة من قَرَأَ / يؤتها / بِالْيَاءِ هِيَ أَن الْكَلَام
جرى عقيب الْخَبَر من الله فِي قَوْله {وَمن يقنت مِنْكُن لله
وَرَسُوله} فَكَانَ قَوْله / يؤتها / بِمَعْنى يؤتها الله
لمجيء الْفِعْل بعد ذكره
(1/576)
{وَقرن فِي بيوتكن}
قَرَأَ نَافِع وَعَاصِم {وَقرن فِي بيوتكن} بِفَتْح الْقَاف
وَهَذَا لَا يكون من الْوَقار إِنَّمَا هُوَ من الِاسْتِقْرَار
قَالَ الْكسَائي الْعَرَب تَقول قررت بِالْمَكَانِ أقرّ فِيهِ
لُغَتَانِ بِكَسْر الرَّاء وَفتحهَا
واصله واقررن مثل اعضضن فحذفوا الرَّاء الأولى لثقل
التَّضْعِيف وحولوا فتحتها إِلَى الْقَاف وحذفوا الْألف أَيْضا
لِأَن الْقَاف تحركت فَصَارَ {وَقرن} كَمَا قَالَ هَل أحست
صَاحبك أَي هَل رَأَيْت وَالْأَصْل هَل أحسست
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {وَقرن} بِكَسْر الْقَاف احْتمل أَن يكون
من الْوَقار تَقول وقر يقر وَالْأَمر مِنْهُ قروا وللنساء قرن
مثل عدن وكلن مِمَّا تحذف مِنْهُ الْفَاء وَهِي وَاو فَيبقى من
الْكَلِمَة علن وَإِن كَانَ من الْقَرار فَيكون الْأَمر اقررن
فيبدل من الْعين الْيَاء كَرَاهَة التَّضْعِيف كَمَا أبدل فِي
قِيرَاط ودينار فتضمر لَهَا حَرَكَة الْحَرْف الْمُبدل مِنْهُ
ثمَّ تلقى الْحَرَكَة على الْفَاء فَيسْقط همزَة الْوَصْل
لتحرك مَا قبلهَا فَتَقول {قرن} كَمَا يُقَال من وصل يصل صلن
وَالْأَصْل اوقرن فحذفت الْوَاو لِأَنَّهَا وَقعت بَين كسرتين
واستغنيت عَن الْألف لتحرك الْقَاف فَصَارَ قرن على وزن علن
وَيحْتَمل أَن يكون من قررت فِي الْمَكَان أقرّ
(1/577)
وَإِذا أمرت من هَذَا قلت واقررن بِكَسْر
الرَّاء الأولى فالكسر من وَجْهَيْن على أَنه من الْوَقار وَمن
الْقَرار جَمِيعًا
{وَمَا كَانَ لمُؤْمِن وَلَا مُؤمنَة إِذا قضى الله وَرَسُوله
أمرا أَن يكون لَهُم الْخيرَة من أَمرهم}
قَرَأَ عَاصِم وَحَمْزَة وَالْكسَائِيّ {أَن يكون لَهُم
الْخيرَة} بِالْيَاءِ لِأَن تَأْنِيث {الْخيرَة} غير حَقِيقِيّ
وَهِي معنى الْخِيَار وحجتهم إِجْمَاع الْجَمِيع على قَوْله
{مَا كَانَ لَهُم الْخيرَة} وَلم يثبتوا عَلامَة التَّأْنِيث
فِي {كَانَ}
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ / أَن تكون لَهُم / بِالتَّاءِ لتأنيث
{الْخيرَة} وَقد سقط السُّؤَال وَالْكَلَام مَحْمُول على
اللَّفْظ لَا على لِمَعْنى
{وَلَكِن رَسُول الله وَخَاتم النَّبِيين}
قَرَأَ عَاصِم {وَخَاتم النَّبِيين} بِفَتْح التَّاء أَي آخر
النَّبِيين لِأَنَّهُ لَا نَبِي بعده صلى الله عَلَيْهِ
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {وَخَاتم النَّبِيين} بِكَسْر التَّاء
أَي ختم النَّبِيين فَهُوَ خَاتم
{ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك من تشَاء}
قَرَأَ ابْن كثير وَأَبُو عَمْرو وَابْن عَامر وَأَبُو بكر /
ترجيء من تشَاء / بِالْهَمْز وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِغَيْر همز
وهما لُغَتَانِ أرجأت وأرجيت
(1/578)
قَرَأَ نَافِع فِي رِوَايَة ورش / تووي /
بترك الْهمزَة وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْهَمْز فَإِن سَأَلَ
سَائل فَقَالَ أَبُو عَمْرو ترك الْهمزَة الساكنة نَحْو /
يومنون / فَهَلا ترك الْهمزَة فِي / تووي / فَقل إِن أَبَا
عَمْرو ترك الْهمزَة فِي / يومنون / تَخْفِيفًا فَإِذا كَانَ
ترك الْهمزَة أثقل من الْهمزَة لم يدع الْهمزَة أَلا ترى
أَنَّك لَو لينت تووي لالتقى واوان قبلهمَا ضمة فَثقلَتْ
{لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد}
قَرَأَ أَبُو عَمْرو / لَا تحل لَك النِّسَاء / بِالتَّاءِ أَي
جمَاعَة النِّسَاء
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {لَا يحل} بِالْيَاءِ أَي جمع النِّسَاء
وَالنِّسَاء تدل على التَّأْنِيث فيستغنى عَن تَأْنِيث {يحل}
{إِلَّا أَن يُؤذن لكم إِلَى طَعَام غير ناظرين إناه} 53
قَرَأَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ {غير ناظرين إناه} بالإمالة
وحجتهما أَنه من ذَوَات الْيَاء من أَنى يأني إِذا انْتهى نضجه
وَالْهَاء كِنَايَة عَن الطَّعَام وَقَرَأَ الْبَاقُونَ
بالتفخيم لِأَن الْيَاء قد انقلبت ألفا وَالْأَصْل إنيه فقلبت
الْيَاء ألفا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا و {غير ناظرين} نصب
على الْحَال أَي غير منتظرين نضجه
{إِنَّا أَطعْنَا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا رَبنَا آتهم
ضعفين من الْعَذَاب والعنهم لعنا كَبِيرا} 67 و 68
(1/579)
قَرَأَ ابْن عَامر / إِنَّا أَطعْنَا
سَادَاتنَا / بِالْألف وَكسر التَّاء جعله جمع الْجمع لِأَن
سادة جمع سيد وسادات جمع الْجمع فسادة جمع التكسير يجْرِي
آخِره بِوُجُوب الْإِعْرَاب وَمن قَرَأَ / سَادَاتنَا / فَهِيَ
جمع السَّلامَة نصب لجره وَالتَّاء مَكْسُورَة فِي حَال النصب
كَقَوْلِه أَن السَّمَوَات وَقَالَ بعض النَّحْوِيين سادة جمع
سائد مثل قَائِد وقادة وَهِي جمع التكسير وَلَيْسَ بِجمع سيد
لِأَن السَّيِّد يجمع سيدين مثل ميت تَقول فِي جمعه ميتون
وأموات كَمَا قَالَ {إِنَّك ميت وَإِنَّهُم ميتون} وَقَالَ
{أموات غير أَحيَاء} وسائد وَسيد بِمَعْنى وَاحِد وَسيد أبلغ
فِي الْمَدْح
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {سادتنا} بِغَيْر ألف وَفتح التَّاء جمع
سيد وَقد ذكرنَا
قَرَأَ عَاصِم {والعنهم لعنا كَبِيرا} بِالْبَاء أَي عَظِيما
فالكبر مثل الْعظم وَالْكبر وصف للفرد كالعظم
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {كثيرا} بالثاء أَي جما فالكثرة اشبه
بِالْمَعْنَى لأَنهم يلعنون بِمرَّة بعد مرّة وَقد جَاءَ
{يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون}
(1/580)
|