حجة القراءات

60 - سُورَة الممتحنة {لن تنفعكم أَرْحَامكُم وَلَا أَوْلَادكُم يَوْم الْقِيَامَة يفصل بَيْنكُم} 33
قَرَأَ نَافِع وَابْن كثير وَأَبُو عَمْرو {يَوْم الْقِيَامَة يفصل بَيْنكُم} بِرَفْع الْيَاء وَفتح الصَّاد على مَا لم يسم فَاعله وحجتهم قَوْله {وَهُوَ خير الفاصلين} وَلم يقل المفصلين وَقَوله {ليَوْم الْفَصْل} وَلم يقل ليَوْم التَّفْصِيل
قَرَأَ عَاصِم {يفصل} بِفَتْح الْيَاء وَكسر الصَّاد مثل يضْرب وَالْمعْنَى يفصل الله بَيْنكُم كَمَا قَالَ {إِن رَبك هُوَ يفصل بَينهم يَوْم الْقِيَامَة}
قَرَأَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ {يفصل} بِضَم الْيَاء وَكسر الصَّاد وَالتَّشْدِيد أَي يفصل الله بَيْنكُم قَالُوا فلتردد الْفِعْل وَكَثْرَة مَا يفصل الله بَينهم يَوْم الْقِيَامَة وَقع التَّشْدِيد لِأَن التَّشْدِيد إِنَّمَا يدْخل فِي الْكَلَام لتردد الْفِعْل

(1/706)


قَرَأَ ابْن عَامر {يفصل} بِفَتْح الصَّاد مَعَ التَّشْدِيد على مَا لم يسم فَاعله {وَلَا تمسكوا بعصم الكوافر}
وَقَرَأَ أَبُو عَمْرو {وَلَا تمسكوا} بِالتَّشْدِيدِ من قَوْلك مسك يمسك وحجته قَوْله {وَالَّذين يمسكون بِالْكتاب}
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {وَلَا تمسكوا} بِالتَّخْفِيفِ من أمسك يمسك وحجتهم قَوْله {فإمساك بِمَعْرُوف} وَقَوله {وَلَا تمسكوهن ضِرَارًا} وَقَوله {أمسك عَلَيْك زَوجك}
61 - سُورَة الصَّفّ {فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سحر مُبين} 6
قَرَأَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ / قَالُوا هَذَا سَاحر مُبين / بِالْألف وَقَرَأَ الْبَاقُونَ سحر وَقد ذكرت الْحجَّة فِي سُورَة الْمَائِدَة {وَالله متم نوره وَلَو كره الْكَافِرُونَ} 8
قَرَأَ نَافِع وَأَبُو عَمْرو وَابْن عَامر وَأَبُو بكر {وَالله متم} منون

(1/707)


نوره نصب وحجتهم أَن الْفِعْل منتظر فالتنوين الأَصْل وَهُوَ وعد من الله فِيمَا يسْتَقْبل وَفِي حَال الْفِعْل كَا ت قَول أَنا ضَارب زيدا
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {متم نوره} على الْإِضَافَة وَقد ذكر فِيهَا وَجْهَان أَحدهمَا أَن الْإِضَافَة قد استعملتها الْعَرَب فِي الْمَاضِي والمنتظر وَأَن التَّنْوِين لم يسْتَعْمل إِلَّا فِي المنتظر خَاصَّة فَلَمَّا كَانَا مستعملين وَقد نزل بهما الْقُرْآن أَخذ بِأَكْثَرَ الْوَجْهَيْنِ أصلا وَالْوَجْه الآخر أَن يُرَاد بِهِ التَّنْوِين ثمَّ يحذف التَّنْوِين طلبا للتَّخْفِيف كَمَا قَالَ جلّ وَعز {كل نفس ذائقة الْمَوْت} وَقَوله {إِنَّكُم لذائقوا الْعَذَاب الْأَلِيم} {هَل أدلكم على تِجَارَة تنجيكم من عَذَاب أَلِيم} 10
قَرَأَ ابْن عَامر {تنجيكم من عَذَاب أَلِيم} بِالتَّشْدِيدِ وحجته قَوْله {ونجينا الَّذين آمنُوا}
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّخْفِيفِ وحجتهم {فأنجاه الله من النَّار} وهما لُغَتَانِ {كونُوا أنصار الله كَمَا قَالَ عِيسَى ابْن مَرْيَم للحواريين من أَنْصَارِي إِلَى الله قَالَ الحواريون نَحن أنصار الله}
قَرَأَ نَافِع وَابْن كثير وَأَبُو عَمْرو / كونُوا أنصارا لله / منونا أَي كونُوا لله أنصارا أَي اثبتوا أَو دوموا على هَذَا

(1/708)


وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {أنصار الله} على الْإِضَافَة كَمَا تَقول كن نَاصِر زيد وحجتهم فِي ذَلِك إِجْمَاع الْجَمِيع على الْإِضَافَة فِي قَوْله {نَحن أنصار الله} وَلم يقل نَحن أنصار لله فَكَانَ رد مَا اخْتلفُوا فِيهِ إِلَى مَا أَجمعُوا عَلَيْهِ أولى أنصار وَاحِدهَا نَاصِر مثل شَاهد وأشهاد وَصَاحب وَأَصْحَاب
62 - سُورَة الْجُمُعَة
63 - سُورَة الْمُنَافِقين {كَأَنَّهُمْ خشب مُسندَة}
قَرَأَ أَبُو عَمْرو وَالْكسَائِيّ {كَأَنَّهُمْ خشب} بِإِسْكَان الشين جمع خَشَبَة وخشب وبدنة وبدن وأكمة وأكم
وقرا الْبَاقُونَ {خشب} بِضَم الشين جمع خَشَبَة كَمَا تَقول ثَمَرَة وثمر وثمر {لووا رؤوسهم}
قَرَأَ نَافِع {لووا رؤوسهم} بِالتَّخْفِيفِ جعله من لوى يلوي ليا وَهُوَ إِذا أنكر الرجل شَيْئا لوى راسه وعنقه وَالْأَصْل لويوا فحذفت الضمة من الْيَاء فَالتقى ساكنان فحذفوا الْيَاء وَحجَّة هَذِه الْقِرَاءَة قَوْله ليا بألسنتهم وَالْأَصْل لويا فقلبوا الْوَاو يَاء

(1/709)


وأدغموا الْيَاء فِي الْيَاء وَالْأَمر مِنْهُ الو
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّشْدِيدِ من قَوْلك لوى يلوي تلوية وَالْأَصْل لويوا ثمَّ عمِلُوا فِيهَا مَا عمِلُوا فِي التَّخْفِيف وحجتهم فِي ذَلِك أَن الرؤوس جمَاعَة فوجهها التَّشْدِيد وَكَذَلِكَ كل فعل يكثر مرّة بعد مرّة وَمعنى لووا أَنهم ينغضون رؤوسهم أَي يحركونها استهزاء باستغفار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَالْأَمر من هَذَا لَو {رب لَوْلَا أخرتني إِلَى أجل قريب فَأَصدق وأكن من الصَّالِحين} 10
قَرَأَ أَبُو عَمْرو / فَأَصدق وأكون من الصَّالِحين / وقرا الْبَاقُونَ {وأكن} قَوْله {فَأَصدق} {وأكن} كَأَنَّهُ جَوَاب معنى الاستفها الْمَعْنى لَئِن أخرتني وَجزم وأكن عطفا على مَوْضِعه أَلا ترى أَنَّك إِذا قلت أخرني أصدق كَانَ جزما بِأَنَّهُ جَوَاب الْجَزَاء وَقد أغْنى السُّؤَال عَن ذَلِك الشَّرْط وَالتَّقْدِير أخرني فَإِن تؤخرني أصدق فَلَمَّا كَانَ الْفِعْل الْمَنْصُوب بعد الْفَاء فِي مَوضِع فعل مجزوم بانه جَزَاء الشَّرْط حمل قَوْله {وأكن} عَلَيْهِ وَمثل ذَلِك قِرَاءَة من قَرَأَ {من يضلل الله فَلَا هادي لَهُ} ويذرهم لما كَانَ فَلَا هادي فِي مَوضِع فعل مجزوم حمل يذرهم عَلَيْهِ

(1/710)


وَأما قَول أبي عَمْرو وأكون فنه حمله على لفظ فأصد وأكون وَذَلِكَ أَن لَوْلَا مَعْنَاهُ هلا وَجَوَاب الِاسْتِفْهَام بِالْفَاءِ يكون مَنْصُوبًا وَكَانَ الْحمل على اللَّفْظ أولى لظُهُوره فِي اللَّفْظ وقربه مِمَّا لَا لفظ لَهُ فِي الْحَال {وَالله خَبِير بِمَا تَعْمَلُونَ}
قَرَأَ أَبُو بكر / وَالله خَبِير بِمَا يعْملُونَ / بِالْيَاءِ خبر غائبين
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {بِمَا تَعْمَلُونَ} بِالتَّاءِ على الْخطاب
64 - سُورَة التغابن {وَمن يُؤمن بِاللَّه وَيعْمل صَالحا يكفر عَنهُ سيئاته ويدخله جنَّات} 9
قَرَأَ نَافِع وَابْن عَامر / نكفر عَنهُ سيئاته وندخله / بالنُّون وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْيَاءِ وحجتهم أَن الِاسْم الظَّاهِر قد تقدم وَهُوَ قَوْله {وَمن يُؤمن بِاللَّه وَيعْمل صَالحا} فَكَذَلِك قَوْله {يكفر عَنهُ سيئاته ويدخله جنَّات} وَحجَّة النُّون مَا تقدم أَيْضا وَهُوَ قَوْله {والنور الَّذِي أنزلنَا} وَيجوز أَن يكون النُّون كَقَوْلِه تَعَالَى {سُبْحَانَ الَّذِي أسرى بِعَبْدِهِ} ثمَّ جَاءَ {وآتينا مُوسَى الْكتاب}

(1/711)


{إِن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم} 17
قَرَأَ ابْن كثير وَابْن عَامر / يُضعفهُ لكم / وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {يضاعفه} بِالْألف ضاعف وَضعف بِمَعْنى فِيمَا قَالَ سِيبَوَيْهٍ
65 - سُورَة النِّسَاء القصوى وَهِي سُورَة الطَّلَاق {إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة} 1
بِفَاحِشَة مبينَة و {مبينات} قد ذكرنَا فِي سُورَة النُّور {إِن الله بَالغ أمره} 3
قَرَأَ حَفْص {إِن الله بَالغ أمره} مُضَافا وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بَالغ أمره أَي سيبلغ أمره فِيمَا يُرِيد فِيكُم فَهَذَا هُوَ الأَصْل وَمن أضَاف حذف التَّنْوِين اسْتِخْفَافًا وَالْمعْنَى معنى ثبات النُّون {إِنَّا مرسلو النَّاقة} قد ذكرنَا {وَمن يُؤمن بِاللَّه وَيعْمل صَالحا يدْخلهُ جنَّات} 11
قَرَأَ نَافِع وَابْن عَامر / ندخله جنَّات / إِخْبَار الله عَن نَفسه وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْيَاءِ وحجتهم قَوْله {وَمن يُؤمن بِاللَّه وَيعْمل صَالحا}

(1/712)


66 - سُورَة التَّحْرِيم {فَلَمَّا نبأت بِهِ وأظهره الله عَلَيْهِ عرف بعضه وَأعْرض عَن بعض}
قَرَأَ الْكسَائي {عرف بعضه} بِالتَّخْفِيفِ وَقَرَأَ الْبَاقُونَ عرف بِالتَّشْدِيدِ من قَوْلك عرفتك الشَّيْء أَي أَخْبَرتك بِهِ فَالْمَعْنى عرف حَفْصَة بعض الحَدِيث وَأعْرض عَن بعض فَلم يعرفهُ إِيَّاهَا على وَجه التكرم والإغضاء وَألا يبلغ أقْصَى مَا كَانَ مِنْهَا وَجَاء فِي التَّفْسِير أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ أخْبرهَا بِبَعْض مَا أعلمهُ الله عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت وحجتهم قَوْله {فَلَمَّا نبأها} بِهِ أَي خَبَرهَا فَهَذَا دَلِيل على التَّعْرِيف وَيُقَوِّي ذَلِك قَوْله {وَأعْرض عَن بعض} يَعْنِي أَنه لم يعرفهَا إِيَّاه وَلَو كَانَ عرف لَكَانَ الْإِنْكَار ضِدّه فَقيل وَأنكر بَعْضًا وَلم يقل وَأعْرض عَنهُ
وَوجه التَّخْفِيف لقِرَاءَة الْكسَائي {عرف بعضه} أَي جازى عَلَيْهِ وَغَضب من ذَلِك وحجته فِي ذَلِك أَن جَاءَ فِي التَّفْسِير أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ جازى حَفْصَة بِطَلَاقِهَا قَالَ الزّجاج وَتَأْويل هَذَا حسن بَين معنى عرف بعضه أَي جازى عَلَيْهِ كَمَا تَقول لمن تتوعده قد علمت مَا عملت وَقد عرفت مَا صنعت تَأْوِيله فسأجازيك عَلَيْهِ لَا أَنَّك تقصد إِلَى أَن تعرفه أَنَّك قد علمت فَقَط وَمثله قَوْله تَعَالَى {وَمَا تَفعلُوا من خير يُعلمهُ الله} فتأويله يُعلمهُ الله ويجازي عَلَيْهِ وَالله يعلم كل مَا يعْمل فَقيل إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ طلق حَفْصَة تَطْلِيقَة فَكَانَ ذَلِك

(1/713)


جزاءها عِنْده وَكَانَت صَوَّامَة قَوَّامَة فَأمر الله عز وَجل أَن يُرَاجِعهَا فَرَاجعهَا {وَإِن تظاهرا عَلَيْهِ فَإِن الله هُوَ مَوْلَاهُ} 4
قرأعاصم وَحَمْزَة وَالْكسَائِيّ {وَإِن تظاهرا عَلَيْهِ} بِالتَّخْفِيفِ وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّشْدِيدِ أَرَادوا تتظاهرا فأدغموا التَّاء فِي الظَّاء وَمن خفف أسقط التَّاء مثل {تذكرُونَ} {عَسى ربه إِن طَلَّقَكُن أَن يُبدلهُ أَزْوَاجًا خيرا مِنْكُن}
قَرَأَ نَافِع وَأَبُو عَمْرو أَن يُبدلهُ بِالتَّشْدِيدِ من بدل يُبدل وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّخْفِيفِ من أبدل يُبدل وَقد ذكرت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا تُوبُوا إِلَى الله تَوْبَة نصُوحًا} 8
قَرَأَ أَبُو بكر {تَوْبَة نصُوحًا} بِضَم النُّون جعله مصدرا من نصح ينصح نصحا ونصاحة ونصوحا مثل شكرت شكُورًا وَجَلَست جُلُوسًا وَقَعَدت قعُودا الْمَعْنى ينصحون فِيهَا نصُوحًا يُقَال نصح الشَّيْء نصُوحًا أَي خلص
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {نصُوحًا} بِالْفَتْح جَعَلُوهُ صفة للتَّوْبَة وَمَعْنَاهُ تَوْبَة بَالِغَة فِي النصح لِأَن فعولًا لَا يسْتَعْمل إِلَّا للْمُبَالَغَة فِي الْوَصْف كَمَا تَقول رجل صبور وشكور وَجَاء فِي التَّفْسِير أَن التَّوْبَة النصوح الَّتِي لَا ينوى مَعهَا معاودة

(1/714)


وَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن زيد نصُوحًا صَادِقَة وَقيل خَالِصَة وَإِنَّمَا قيل {نصُوحًا} وَلم يقل نصوحة لِأَن فعولًا يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذكر والمؤنث فَتَقول أَرض طهُور وَمَاء طهُور وَرجل صبور وَامْرَأَة صبور {وصدقت بِكَلِمَات رَبهَا وَكتبه وَكَانَت من القانتين} 12
قَرَأَ أَبُو عَمْرو وَحَفْص {وَكتبه} جمَاعَة وحجتهما أَنَّهَا صدقت بِجَمِيعِ كتب الله فالجمع أولى وَأحسن
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ / وَكتابه / أَرَادوا الْجِنْس كَمَا تَقول كثر الدِّرْهَم فِي ايدي النَّاس تُرِيدُ الْجِنْس وكما قَالَ جلّ وَعز {وَإِن تعدوا نعْمَة الله لَا تحصوها} المُرَاد الْكَثْرَة فَكَذَلِك قَوْله / وَكتابه /
67 - سُورَة الْملك {مَا ترى فِي خلق الرَّحْمَن من تفَاوت} 3
قَرَأَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ / من تفوت / وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْألف
قَالَ سِيبَوَيْهٍ فَاعل وَفعل بِمَعْنى وَاحِد تَقول ضاعف وَضعف وتعاهد وتعهد فعلى هَذَا الْقيَاس يكون تفَاوت وتفوت بِمَعْنى يُقَال تفَاوت الشَّيْء تَفَاوتا وتفوت تفوتا إِذا اخْتلف وَالْمعْنَى مَا ترى فِي خلقه السَّمَاء اخْتِلَافا وَلَا اضطرابا قَالُوا وتفاوت أَجود لأَنهم يَقُولُونَ تفَاوت الْأَمر وَلَا يكادون يَقُولُونَ تفوت الْأَمر

(1/715)


{فَاعْتَرفُوا بذنبهم فسحقا لأَصْحَاب السعير} 11
قَرَأَ الْكسَائي {فسحقا لأَصْحَاب السعير} بِضَم الْحَاء وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِإِسْكَان الْحَاء وهما لُغَتَانِ مثل الرعب والرعب والسحت والسحت وسقحا مَنْصُوب على الْمصدر الْمَعْنى سحقهم الله سحقا أَي باعدهم من رَحمته مباعدة {وَإِلَيْهِ النشور أأمنتم} 15 و 16
وَقَرَأَ ابْن كثير فِي رِوَايَة القواس / وَإِلَيْهِ النشور وأمنتم / بواو فِي اللَّفْظ أَصله أأمنتم إِذا حقق الهمزتين فَإِذا خفف الْهمزَة الأولى قَلبهَا واوا لانضمام مَا قبلهَا وَهَذَا فِي الْمُنْفَصِل نَظِير قَوْلهم فِي الْمُتَّصِل مثل جؤن إِذا خففت قلبت واوا فَتَقول جون
وَقَرَأَ نَافِع وَأَبُو عَمْرو والبزي {آمنتم} فَهُوَ أَن تحقق الأولى وتخفف الثَّانِيَة وَقد ذكرت الْحجَّة فِي سُورَة الْبَقَرَة
وَقَرَأَ أهل الشَّام وَأهل الْكُوفَة بهمزتين {فستعلمون من هُوَ فِي ضلال مُبين} 29
قَرَأَ الْكسَائي {فسيعلمون من هُوَ} بِالْيَاءِ وحجته أَن ذكر الْغَيْبَة قد تقدم فِي قَوْله {فَمن يجير الْكَافرين من عَذَاب أَلِيم}
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {فستعلمون} بِالتَّاءِ أَي قل لَهُم وحجتهم قَوْله {قل أَرَأَيْتُم إِن أهلكني الله وَمن معي} 28

(1/716)


سُورَة ن {ن والقلم وَمَا يسطرون}
قَرَأَ ابْن عَامر وَالْكسَائِيّ وَأَبُو بكر وَابْن اليزيدي {ن والقلم} بإخفاء النُّون وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِإِظْهَار النُّون
فَمن أظهر قَالَ هُوَ حرف هجاء وَحكمه أَن ينْفَصل عَمَّا بعده فَبنِي الْكَلَام فِيهِ على الْوَقْف لَا على الْوَصْل وَالْبَاقُونَ بنوا الْكَلَام على الْوَصْل قَالَ الزّجاج وَالَّذِي أخْتَار إدغام النُّون فِي الْوَاو كَانَت النُّون سَاكِنة أَو متحركة لِأَن الَّذِي جَاءَ فِي التَّفْسِير يباعدها من الإسكان والتبيين لِأَن من أسكنها وَبَينهَا فَإِنَّمَا يَجْعَلهَا حرف هجاء وَالَّذِي يدغمها فَجَائِز أَن يدغمها وَهِي مَفْتُوحَة وَجَاء فِي التَّفْسِير أَن نون الْحُوت الَّتِي دحيت عَلَيْهَا الأرضون السَّبع وَجَاء فِي التَّفْسِير أَن نون الدواة {أَن كَانَ ذَا مَال وبنين}
قَرَأَ ابْن عَامر آن كَانَ بِهَمْزَة مُطَوَّلَة وَقَرَأَ حَمْزَة وَأَبُو بكر أأن الْهمزَة الأولى توبيخ وَالثَّانيَِة ألف أصل وَمن مد كره الْجمع بَينهمَا فلين الثَّانِيَة تَخْفِيفًا
قَالَ الْفراء من قَالَ / أأن كَانَ ذَا مَال / بهمزتين فَإِنَّهُ وبخه

(1/717)


ألأن كَانَ ذَا مَال وبنين تُطِيعهُ أَي لَا تطعه ليساره وعدده قَالَ وَإِن شِئْت قلت ألأن كَانَ ذَا مَال وبنين إِذا تليت عَلَيْهِ آيَاتنَا قَالَ أساطير الْأَوَّلين أَي جعل مجازاة النِّعْمَة الَّتِي خولها الله من المَال والبنين الْكفْر بِآيَاتِنَا كَمَا تَقول أأن أَعطيتك مَالِي سعيت عَليّ قَالَ الزّجاج إِذا جَاءَ ألف الِاسْتِفْهَام فَهَذَا هُوَ القَوْل لَا يصلح غَيره
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {أَن كَانَ ذَا مَال} بِهَمْزَة وَاحِدَة على الْخَبَر عَنهُ وتأويله لِأَن كَانَ ذَا مَال وبنين وَقيل فِي التَّفْسِير وَلَا تُطِع كل حلاف مهين أَن كَانَ ذَا مَال وبنين أَي لَا تطعه ليساره وعدده {وَإِن يكَاد الَّذين كفرُوا ليزلقونك بِأَبْصَارِهِمْ} 51
قَرَأَ نَافِع {ليزلقونك} بِفَتْح الْيَاء وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {ليزلقونك} بِضَم الْيَاء وَالْمعْنَى يصرعونك وهما لُغَتَانِ يُقَال أزلق يزلق وزلق يزلق وَالْمعْنَى وَاحِد