حجة القراءات

79 - سُورَة النازعات {أئذا كُنَّا عظاما نخرة}
قَرَأَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ وبو بكر عظاما ناخرة أَي بالية كَذَا قَالَ ابْن عَبَّاس وَقيل فارغة وَقَالَ آخَرُونَ الناخرة الْعظم المجوف الَّذِي تمر فِيهِ افريح فتنخر وَقَالُوا النخرة البالية وحجتهم فِي ذَلِك أَن رُؤُوس الْآيَات بِالْألف نَحْو الحافرة والرادفة والراجفة والساحرة فالألف أشبه بمجيء التَّنْزِيل وبرؤوس الْآيَات
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {عظاما نخرة} بِغَيْر ألف وحجتهم فِي ذَلِك أَن مَا كَانَ صفة منتظر لم يكن فَهُوَ بِالْألف وَمَا كَانَ وَقع فَهُوَ بِغَيْر ألف قَالَ اليزيدي يُقَال عظم نخر وناخر غَدا فَدلَّ على أَنهم قَالُوا إِذْ كُنَّا بعد موتنا عظاما نخرة قد نخرت وَقَالَ أَبُو عَمْرو نخرة وناخرة وَاحِد وَكَذَا قَالَ الْفراء مثل الطامع والطمع {إِذْ ناداه ربه بالواد الْمُقَدّس طوى} 16 {طوى} قد ذكرت فِي سُورَة طه {فَقل هَل لَك إِلَى أَن تزكّى} 18

(1/748)


قَرَأَ نَافِع وَابْن كثير إِلَى أَن تزكّى بِالتَّشْدِيدِ وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّخْفِيفِ وَالْأَصْل تتزكى فَمن ثقل أدغم التَّاء فِي الزَّاي وَمن خفف حذف إِحْدَى التَّاءَيْنِ
80 - سُورَة عبس {أَو يذكر فتنفعه الذكرى}
قَرَأَ عَاصِم {فتنفعه الذكرى} بِفَتْح الْعين على جَوَاب لَعَلَّ
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالرَّفْع نسقا على {يُزكي} الْمَعْنى لَعَلَّه يزكّى وَلَعَلَّه تَنْفَعهُ الذكرى وَمن نصب فعلى جَوَاب {لَعَلَّ} وَنَظِيره لَعَلَّ زيدا يقدم فيكرمني على قَوْلك لَعَلَّه يكرمني فَإِن قلت فيكرمني فَإِنَّمَا ترجيت قدومه وضمنت أَنه إِذا قدم أكرمك {أما من اسْتغنى فَأَنت لَهُ تصدى} 5 و 6
قَرَأَ نَافِع وَابْن كثير {فَأَنت لَهُ تصدى} بِالتَّشْدِيدِ وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّخْفِيفِ فِيهَا

(1/749)


وَالْأَصْل تتصدى تتعرض وَلَكِن حذفوا الثَّانِيَة لالثانية لاجتماعهما وَمن شدد أدغم التَّاء فِي الصَّاد لقرب المخرجين {فَلْينْظر الْإِنْسَان إِلَى طَعَامه أَنا صببنا المَاء صبا} 2524
قرا عَاصِم وَحَمْزَة وَالْكسَائِيّ {أَنا صببنا المَاء} بِفَتْح الْألف على الْبَدَل من الطَّعَام وَيكون {إِنَّا} فِي مَوضِع خفض الْمَعْنى فَلْينْظر الْإِنْسَان إِلَى أَنا صببنا المَاء صبا وَقَالَ إِلَى طَعَامه وَالْمعْنَى على كَونه وحدوثه وَهُوَ مَوضِع الِاعْتِبَار
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {إِنَّا} بِالْكَسْرِ على الِاسْتِئْنَاف وَيكون ذَلِك تَفْسِيرا للنَّظَر إِلَى طَعَامه
81 - سُورَة التكوير {وَإِذا الْبحار سجرت}
قَرَأَ ابْن كثير وَأَبُو عَمْرو وَإِذا الْبحار سجرت بِالتَّخْفِيفِ حجتهما قَوْله {وَالْبَحْر الْمَسْجُور} وَلم يقل المسجر وَاعْلَم أَن التَّخْفِيف يَقع على الْقَلِيل وَالْكثير نَظِير قَوْله {قتل الخراصون} و {قتل أَصْحَاب الْأُخْدُود} وهم جمَاعَة وَكَذَلِكَ {سجرت}
وقرا الْبَاقُونَ سجرت بِالتَّشْدِيدِ وحجتهم قَوْله وَإِذا الْبحار وَلَو كَانَ وَاحِدًا لَكَانَ تَخْفِيفًا كَمَا قَالَ {وَالْبَحْر الْمَسْجُور} وَالْعرب

(1/750)


تَقول سجرت التَّنور لَا تَقول غَيره وسجرت التنانير بِالتَّشْدِيدِ وَمعنى سجرت أَي أفْضى بَعْضهَا إِلَى بعض فَصَارَت بحرا وَاحِدًا {وَإِذا الصُّحُف نشرت}
قَرَأَ نَافِع وَابْن عَامر وَعَاصِم {وَإِذا الصُّحُف نشرت} بِالتَّخْفِيفِ وحجتهم قَوْله {فِي رق منشور} فَرد مَا اختلوا فِيهِ إِلَى اأجمعوا عَلَيْهِ أولى
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ / وَإِذا الصُّحُف نشرت / بِالتَّشْدِيدِ قَالُوا إِنَّه ذكر الصُّحُف وَهِي جمَاعَة تنشره مرّة بعد مرّة وَالتَّشْدِيد للتكثير كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ {وغلقت الْأَبْوَاب} وحجتهم إِجْمَاع الْجَمِيع على قَوْله {صحفا منشرة} وَلم يقل منشورة {وَإِذا الْجَحِيم سعرت} 12
قَرَأَ نَافِع وَابْن عَامر وَحَفْص {وَإِذا الْجَحِيم سعرت} بِالتَّشْدِيدِ أَي أوقدت مرّة بعد مرّة وحجتهم قَوْله {كلما خبت زدناهم سعيرا} فَهَذَا يدل على كَثْرَة وَشَيْء بعد شَيْء فحقه التَّشْدِيد
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {سعرت} بِالتَّخْفِيفِ أَي أوقدت وحجتهم قَوْله {وَكفى بجهنم سعيرا} قَوْله سعيرا فَقيل فِي معنى مسعور وَهَذَا إِنَّمَا يَجِيء من فعل

(1/751)


{وَمَا هُوَ على الْغَيْب بضنين} 24
وَقَرَأَ ابْن كثير وَأَبُو عَمْرو وَالْكسَائِيّ {وَمَا هُوَ على الْغَيْب بضنين} بِمَعْنى مَا هُوَ بمتهم على الْوَحْي أَنه من الله لَيْسَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُتَّهمًا
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {بضنين} بالضاد أَي ببخيل يَقُول لَا يبخل مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ آتَاهُ الله من الْعلم وَالْقُرْآن وَلَكِن يرشد وَيعلم وَيُؤَدِّي عَن الله جلّ وَعز
82 - سُورَة الانقطار {الَّذِي خلقك فسواك فعدلك فِي أَي صُورَة مَا شَاءَ ركبك} 87
قَرَأَ عَاصِم وَحَمْزَة وَالْكسَائِيّ {فعدلك} بِالتَّخْفِيفِ قَالَ الْفراء وَجهه وَالله أعلم فصرفك إِلَى أَي صُورَة شَاءَ إِمَّا حسن أَو قَبِيح أَو طَوِيل أَو قصير وَعَن أبي نجيح قَالَ فِي صُورَة أَب أَو فِي صُورَة عَم وَلَيْسَت {فِي} من صلَة {فعدلك} لِأَنَّك لَا تَقول عدلتك

(1/752)


فِي كَذَا إِنَّمَا تَقول عدلتك إِلَى كَذَا أَي صرفتك إِلَيْهِ وَإِنَّمَا هِيَ مُتَعَلقَة ب {ركبك} كَأَن الْمَعْنى فِي أَي صُورَة شَاءَ أَن يركبك وَقَالَ آخَرُونَ فعدك فسوى خلقك قَالَ مُحَمَّد بن يزِيد الْمبرد فعدك أَي قصد بك إِلَى الصُّورَة المستوية وَمِنْه الْعدْل الَّذِي هُوَ الْإِنْصَاف أَي هُوَ قصد إِلَى الاسْتوَاء فقولك عدل الله فلَانا أَي سوى خلقه فَإِن قيل فَأَيْنَ الْبَاء الَّتِي تصْحَب الْقَصْد حَتَّى يَصح مَا تَقول قلت إِن الْعَرَب قد تحذف حُرُوف الْجَرّ قَالَ الله جلّ وَعز {وَإِذا كالوهم أَو وزنوهم} فَحذف اللامين فَكَذَلِك {فعدلك} بِمَعْنى فَعدل بك
وقرا الْبَاقُونَ {فعدلك} التَّشْدِيد يَعْنِي فقومك جعل خلقك معتدلا بِدلَالَة قَوْله {لقد خلقنَا الْإِنْسَان فِي أحسن تَقْوِيم} أَي معتدل الْخلق لَيْسَ مِنْهُ شَيْء بزائد على شَيْء فيفسده وَقَالَ قوم مَعْنَاهُ حسنك وجملك {ثمَّ مَا أَدْرَاك مَا يَوْم الدّين يَوْم لَا تملك نفس لنَفس شَيْئا} 1918
قَرَأَ ابْن كثير وَأَبُو عمر {يَوْم لَا تملك نفس لنَفس} بِالرَّفْع جَعَلُوهُ صفة لقَوْله {يَوْم الدّين} وَيجوز أَن يكون خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف لما قَالَ {وَمَا أَدْرَاك مَا يَوْم الدّين} قَالَ {يَوْم لَا تملك نفس لنَفس}

(1/753)


وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالنّصب على معنى هَذِه الْأَشْيَاء الْمَذْكُورَة تكون {يَوْم لَا تملك نفس لنَفس شَيْئا}
83 - سُورَة المطففين {كلا بل ران على قُلُوبهم مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} 14
قَرَأَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ وَأَبُو بكر {بل ران على قُلُوبهم} بالإمالة وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِغَيْر الإمالة
وَإِنَّمَا جَاءَت الإمالة لِأَن الْألف منقلبة من يَاء وَترك الإمالة أحسن لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا يَاء فِي لَفظهَا وَلَا كسرة بعْدهَا وَلَا قبلهَا
وَقَرَأَ حَفْص {بل ران} بِإِظْهَار اللَّام عِنْد الرَّاء قَالَ لِأَن {بل} من كلمة و {ران} من كلمة أُخْرَى
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْإِدْغَامِ لقرب المخرجين {ختامه مسك} 26
قَرَأَ الْكسَائي خَاتمه مسك بِالْألف بَين الْخَاء التَّاء وَفتح التَّاء
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {ختامه مسك} بِكَسْر الْخَاء وَبعد التَّاء ألف وحجتهم أَن الْمَعْنى فِي ذَلِك آخِره مسك كَأَنَّهُ إِذا شرب أحدهم الكأس وجد آخر شرابه مسكا وختام كل شَيْء آخِره أَي آخر مَا يجدونه رَائِحَة الْمسك وَهُوَ مصدر خَتمه يختمه ختما وختاما

(1/754)


وَحجَّة الْكسَائي أَن الْخَاتم الِاسْم وَهُوَ الَّذِي يخْتم بِهِ الكأس بِدلَالَة قَوْله قبلهَا {يسقون من رحيق مختوم} ثمَّ أخبر عَن كيفيته فَقَالَ مختوم بِخَاتم من مسك وَقَالَ قوم خَاتمه أَي آخِره كَمَا كَانَ من قَرَأَ {وَخَاتم النَّبِيين} بِالْفَتْح كَانَ مَعْنَاهُ آخِرهم
وَكَانَ عَلْقَمَة يَقُول خَاتمه وَقَالَ أما رَأَيْت الْمَرْأَة تَأتي الْعَطَّار وتشتري مِنْهُ الْعطر فَتَقول اجْعَل لي خَاتمه مسكا قَالَ الْفراء الْخَاتم والختام متقاربان فِي الْمَعْنى إِلَّا أَن الْخَاتم الِاسْم والختام الْمصدر {وَإِذا انقلبوا إِلَى أهلهم انقلبوا فكهين} 31
قرا حَفْص انقلبوا فكهين بِغَيْر ألف وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْألف قَالَ الْفراء فاكهين وفكهين لُغَتَانِ مثل طمعين وطامعين وبخلين وباخلين وَمعنى فاكهين معجبين بِمَا هم فِيهِ يتفكهون بِذكر أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
84 - سُورَة انشقت الانشقاق {وَيصلى سعيرا}
قَرَأَ أَبُو عَمْرو وَعَاصِم وَحَمْزَة {وَيصلى سعيرا} بِفَتْح الْيَاء وَسُكُون الصَّاد أَي يصلى هُوَ أَي يصير إِلَى النا رمن صلي يصلى فَهُوَ صال وحجتهم إِجْمَاع الْجَمِيع على قَوْله {يصلى النَّار الْكُبْرَى} و {إِلَّا من هُوَ صال الْجَحِيم} فَرد مَا اخْتلفُوا فِيهِ إِلَى مَا أَجمعُوا عَلَيْهِ أولى وَمعنى

(1/755)


يصلى أَي أَنه يقاسي حرهَا من صليت النَّار أَي قاسيت حرهَا
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {وَيصلى} بِالتَّشْدِيدِ من قَوْله صليته أصليه تصلية وَالْمعْنَى أَن الْمَلَائِكَة يصلونه بَحر النَّار
وجتهم {ثمَّ الْجَحِيم صلوه} وَقَوله {وتصلية جحيم} وروى خَارِجَة عَن نَافِع وَيصلى بِضَم الْيَاء وَإِسْكَان الصَّاد من أصلاه وَهُوَ يصليه مثل عظمت الْأَمر وأعظمته وصليته النَّار وأصليته وَالْمعْنَى وَاحِد لِأَنَّهُ إِذا أُصَلِّي فقد صلي وَإِذا صلي فَإِنَّمَا صلي وَصلي {لتركبن طبقًا عَن طبق فَمَا لَهُم لَا يُؤمنُونَ} 2019
قَرَأَ ابْن كثير وَحَمْزَة وَالْكسَائِيّ {لتركبن طبقًا} بِفَتْح الْبَاء أَي لتركبن يَا مُحَمَّد حَالا بعد حَال يذكر حالات النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ من يَوْم أُوحِي إِلَيْهِ إِلَى يَوْم قَبضه الله وَقد رُوِيَ أَيْضا لتركبن يَا مُحَمَّد سَمَاء بعد سَمَاء يَعْنِي فِي لمعارج وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُم ابْن عَبَّاس لتركبن أَي لتصيرن الْأُمُور حَالا بعد حَال بتغيرها وَاخْتِلَاف الْأَزْمَان يَعْنِي الشدَّة ف الْأُمُور فاعلة وَتَكون التَّاء لتأنيث الْجمع
وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُم ابْن مَسْعُود وَأَنه قَرَأَ لتركبن السَّمَاء حَالا بعد حَال تكون وردة كالدهان وَتَكون كَالْمهْلِ فِي اخلاتف هيأتها فَتكون التَّاء لتأنيث السَّمَاء

(1/756)


وَقَرَأَ الْبَاقُونَ لتركبن بِرَفْع الْبَاء وحجتهم فِي ذَلِك أَنه يُخَاطب النَّاس فِي ذَلِك لِأَنَّهُ كرّ من يُؤْتى كِتَابه بِيَمِينِهِ وبشماله ثمَّ ذكر ركوبهم طبقًا عَن طبق ثمَّ قَالَ فمالهم لَا يُؤمنُونَ الْمَعْنى لتركبن حَالا بعد حَال من إحْيَاء وإماتة وَبعث حَتَّى تصيروا إِلَى الله عَن الْحسن قَالَ لتركبن حَالا بعد حَال ومنزلا عَن منزل وَعَن مُجَاهِد لتركبن أمرا بعد أَمر
85 - سُورَة البروج {ذُو الْعَرْش الْمجِيد}
قَرَأَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ ذُو الْعَرْش الْمجِيد بالخفض وقر الْبَاقُونَ بِالرَّفْع جعلو صفة ل {ذُو} وَالْمجد هُوَ الشّرف فَأَسْنَدُوهُ إِلَى الله تَعَالَى إِذْ كَانَ أولى أَن يكون من أوصفاهه وَمن خفض فَإِنَّهُ جعله صفة للعرش وَأَنه أجراه مجْرى قَوْله {رب الْعَرْش الْكَرِيم} فوصف الْعَرْش بِالْكَرمِ كَمَا وَصفه بالمجد {بل هُوَ قُرْآن مجيد فِي لوح مَحْفُوظ} 2212
قَرَأَ نَافِع {فِي لوح مَحْفُوظ} بِالرَّفْع جعله نعتا لِلْقُرْآنِ بل هُوَ قُرْآن مجيد مَحْفُوظ فِي لوحه قَالَ وَمعنى حفظ الْقُرْآن أَنه يُؤمن من تحريفه وتبديله وتغييره فَلَا يلْحقهُ فِي لَك شَيْء

(1/757)


86 - سُورَة الطارق {إِن كل نفس لما عَلَيْهَا حَافظ}
قَرَأَ ابْن عَامر وَعَاصِم وَحَمْزَة {إِن كل نفس لما} بِالتَّشْدِيدِ أَي مَا كل نفس إِلَّا عَلَيْهَا حَافظ ف إِن بِمَعْنى مَا و {لما} بِمَعْنى إِلَّا وَالْعرب تَقول نشدتك الله لما فعلت الْمَعْنى إِلَّا فعلت
وقرا الْبَاقُونَ لما بِالتَّخْفِيفِ مَا تكون زَائِدَة على هَذِه الْقِرَاءَة العنى إِن كل نفس لعليها حَافظ
87 - سُورَة الْأَعْلَى {وَالَّذِي قدر فهدى}
قَرَأَ الْكسَائي {وَالَّذِي قدر فهدى} بِالتَّخْفِيفِ وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّشْدِيدِ الْمَعْنى قدر خلقه فهدى كل مَخْلُوق إِلَى مصْلحَته وَيُقَال

(1/758)


هدى الذّكر لمأتى الْأُنْثَى من سَائِر الْحَيَوَان وحجتهم قَوْله {وَخلق كل شَيْء فقدره تَقْديرا} وَقد أَجمعُوا على تَشْدِيد هَذَا فَرد مَا اخْتلفُوا فِيهِ إِلَى أما اجْمَعُوا عَلَيْهِ أولى {بل تؤثرون الْحَيَاة الدُّنْيَا} 16
قَرَأَ ابو عَمْرو بل يؤثرون بِالْيَاءِ وحجته قَوْله {ويتجنبها الأشقى الَّذِي يصلى النَّار الْكُبْرَى} 1211 أَي بل يُؤثر
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {بل تؤثرون} بِالتَّاءِ أَي بل انتم تؤثرون وحجتهم أَن فِي قِرَاءَة أبي / بل أَنْتُم تؤثرون /
88 - سُورَة الغاشية {تصلى نَارا حامية}
قَرَأَ أَبُو عَمْرو وَأَبُو بكر {تصلى نَارا حامية} بِضَم التَّاء وحجتهما ذكرهَا اليزيدي فَقَالَ كَقَوْلِه بعْدهَا {تسقى من عين آنِية} فَجعل اليزيدي {تصلى} بِلَفْظ مَا بعده إِذْ أَتَى فِي سِيَاقه ليأتلف الْكَلَام على نظام
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {تصلى} بِفَتْح التَّاء وحجتهم أَن الصلى مُسْند إِلَيْهِم فِي كثير من الْقُرْآن مثل {يصلونها يَوْم الدّين} وَقَوله {يصلى النَّار الْكُبْرَى} وسيصلى نَارا فَرد مَا اخْتلفُوا فِيهِ إِلَى مَا أَجمعُوا عَلَيْهِ أولى

(1/759)


{لَا تسمع فِيهَا لاغية} 11
قَرَأَ ابْن كثير وابو عَمْرو {لَا يسمع} بِضَم الْيَاء {لاغية} رفع على مَا لم يسم فَاعله قَالُوا لِأَن الْخطاب لَيْسَ بمصروف إِلَى وَاحِد وَإِنَّمَا ذكرُوا واللاغية مُؤَنّثَة لِأَن تَأْنِيث اللاغية غير حَقِيقِيّ أَي لَغْو قَالَ اليزيدي الْمَعْنى لَا يسمع فِيهَا من أحد لاغية قَالَ أَبُو عُبَيْدَة {لاغية} أَي لَغوا وَيجوز أَن يكون صفة كَأَنَّهُ قَالَ لَا تسمع كلمة لاغية
وحجتهما أَنَّهَا مُوَافقَة لإعراب رُؤُوس الْآيَات قبلهَا وَبعدهَا من قَوْله {خاشعة} {عاملة ناصبة} وَبعدهَا {عين جَارِيَة} 12 {مَرْفُوعَة} 13 {مصفوفة} 15 فَجرى على ذَلِك
وَقَرَأَ نَافِع {لَا تسمع} بِضَم التَّاء {فِيهَا لاغية} رفع على مَا لم يسم فَاعله وَأَتَتْ لَا تسمع على لفظ اللاغية دون الْمَعْنى
وَقَرَأَ أهل الشَّام والكوفة {لَا تسمع} بِفَتْح التَّاء {لاغية} نصب وحجتهم أَنَّهَا تَنْصَرِف إِلَى وَجْهَيْن يجوز أَن تسند السماع إِلَى الْوُجُوه الْمَذْكُورَة لِأَن ذَلِك أَتَى عقيب الْخَبَر على الْوُجُوه الناعمة إِذْ لم يعْتَرض بَين ذَلِك وَبَين الْوُجُوه شَيْء يصرف إِلَيْهِ عَنْهَا وَالْمعْنَى لأَصْحَاب الْوُجُوه وَالْوَجْه الآخر أَن يكون على مُخَاطبَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا تسمع يَا مُحَمَّد فِي الْجنَّة لاغية بِدلَالَة قَوْله {وَإِذا رَأَيْت ثمَّ رَأَيْت نعيما وملكا كَبِيرا}

(1/760)


89 - سُورَة الْفجْر {وَالشَّفْع وَالْوتر وَاللَّيْل إِذا يسر} 43
قَرَأَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ {وَالشَّفْع وَالْوتر} بِكَسْر الْوَاو وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بالفتحح وهما لُغَتَانِ مثل الجسر والجسر
قَرَأَ نَافِع وَابْن كثير وَأَبُو عَمْرو / وَاللَّيْل إِذا يسري / بِالْيَاءِ فِي الْوَصْل وأثبتها ابْن كثير فِي الْوَقْف لِأَن الْيَاء لَام الْفِعْل من سرى يسري مثل قضى يقْضِي فَوقف على الأَصْل وَمن أثبت الْيَاء فِي الْوَصْل وَحذف فِي الْوَقْف تبع الْمُصحف فِي الْوَقْف وَالْأَصْل فِي الْوَصْل وحذفها أهل الشَّام والكوفة والكسرة تنوب عَن الْيَاء {وَأما إِذا مَا ابتلاه فَقدر عَلَيْهِ رزقه فَيَقُول رَبِّي أهانن} 16
قَرَأَ ابْن عَامر {فَقدر عَلَيْهِ} بِالتَّشْدِيدِ أَي ضيق وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّخْفِيفِ وَهُوَ الِاخْتِيَار وحجتهم قَوْله {يبسط الرزق لمن يَشَاء وَيقدر} وهما لُغَتَانِ وَالْمعْنَى ضيق عَلَيْهِ رزقه وَلم يوسعه لَهُ

(1/761)


{بل لَا تكرمون الْيَتِيم وَلَا تحاضون على طَعَام الْمِسْكِين وتأكلون التراث أكلا لما وتحبون المَال} 20 - 17
قَرَأَ أَبُو عَمْرو / كلا بل بِلَا يكرمون وَلَا يحضون ويأكلون وَيُحِبُّونَ / بِالْيَاءِ وحجته أَنه أَتَى عقيب الْخَبَر عَن النَّاس فَأخْرج الْخَبَر عَنْهُم إِذْ أَتَى فِي سِيَاق الْخَبَر عَنْهُم ليأتلف الْكَلَام على نظام وَاحِد
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّاءِ على المخاطبة أَي قل لَهُم وَقَالُوا إِن المخاطبة بالتوبيخ أبلغ من الْخَبَر فَجعل الْكَلَام بِلَفْظ الْخطاب
قَرَأَ عَاصِم وَحَمْزَة وَالْكسَائِيّ {وَلَا تحاضون} بِالْألف أَي لَا يحض بَعضهم على ذَلِك بَعْضًا وحجتهم قَوْله {وَتَوَاصَوْا بِالصبرِ وَتَوَاصَوْا بالمرحمة} أَي أوصى بَعضهم بَعْضًا وَالْأَصْل تتحاضون فحذفت التَّاء الثَّانِيَة للتاء الأولى

(1/762)


وَقَرَأَ الْبَاقُونَ / تحضون / أَي لَا تأمرون بإطعام الْمِسْكِين وحجتهم قَوْله {إِنَّه كَانَ لَا يُؤمن بِاللَّه الْعَظِيم} وَلَا يحض على طَعَام الْمِسْكِين قَالَ مُحَمَّد بن يزِيد قَوْله / لَا يحضون / أَي لَا يحض الرجل غَيره فها هُنَا مفعول مَحْذُوف مُسْتَغْنى عَن ذكره كَقَوْلِه {تأمرون بِالْمَعْرُوفِ} أَي تأمرون غَيْركُمْ وَحذف الْمَفْعُول هَا هُنَا كالمجيء بِهِ إِذْ فهم مَعْنَاهُ {فَيَوْمئِذٍ لَا يعذب عَذَابه أحد وَلَا يوثق وثَاقه أحد} 2625
قَرَأَ الْكسَائي {فَيَوْمئِذٍ لَا يعذب عَذَابه أحد} بِفَتْح الذَّال {وَلَا يوثق} بِفَتْح الثَّاء الْمَعْنى لَا يعذب أحد يَوْم الْقِيَامَة كَمَا يعذب الْكَافِر
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ لَا يعذب عَذَابه أحد وَلَا يوثق بِكَسْر الذَّال والثاء الْمَعْنى لَا يعذب عَذَاب الله أحد وَلَا يوثق وثاق الله أحد أَي لَا يعذب أحد فِي الدُّنْيَا مثل عَذَاب الله فِي الْآخِرَة قَالَ الْحسن قد علم الله أَن فِي الدُّنْيَا عذَابا ووثاقا فَقَالَ فَيَوْمئِذٍ لَا يعذب عَذَابه أحد فِي الدُّنْيَا وَلَا يوثق وثَاقه أحد فِي الدُّنْيَا
قَالَ الزّجاج من قَرَأَ {يعذب} فَالْمَعْنى لَا يتَوَلَّى يَوْم الْقِيَامَة عَذَاب الله أحد الْملك يَوْمئِذٍ لَهُ وَحده

الياءات
قَرَأَ ابْن كثير وورش / بالوادي / بِالْيَاءِ فِي الْوَصْل وَابْن كثير فِي الْوَقْف بِالْيَاءِ أَيْضا وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِحَذْف الْيَاء فِي الْوَصْل وَالْوَقْف

(1/763)


قَرَأَ نَافِع والبزي عَن ابْن كثير / أكرمني / 15 و / أهانني / 16 بِالْيَاءِ فيهمَا فِي الْوَصْل واثبت البزي فِي الْوَقْف ايضا وَقد ذكرت الْحجَّة فِي غير مَوضِع من الْقُرْآن