غريب القرآن لابن قتيبة ت أحمد صقر

سورة القصص (1)
3- {مِنْ نَبَإِ مُوسَى} أي من خَبَرِه.
{وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا} أي فِرَقًا وأصْنافًا في الخدمة.
{يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ} يعني: بني إسرائيلَ (2) .
5- {وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} للأرض.
7- {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى} أي ألقَيْنا في قلبها. ومثله: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ} (3) .
{فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ} أي في البحر.
8- {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} لم يلتقطوه في وقتهم ذاك لهذه العلةِ. وإِنَّما التقطوه: ليكونَ لهم ولدًا بالتَّبَنِّي؛ فكان عدوًّا وحُزْنًا فاختُصر الكلامُ.
10- {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا} قال أبو عبيدة: "فارغًا من الحزن لعلمها أنه لم يُقتل"؛ أو قال: لم يَغْرَق (4) .
وهذا من أعجب التفسير. كيف يكون فؤادُها من الحزن فارغًا في وقتها ذاك، واللهُ سبحانه يقول: {لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا} ؟! وهل يُربَطُ إلا على قلب
__________
(1) راجع الكلام عن كونها مكية كلها أو معظمها: في تفسير القرطبي 13/246 والبحر المحيط 7/104.
(2) كما في تفسير القرطبي 13/248، والطبري 20/19.
(3) سورة المائدة 111، وانظر: تفسير الطبري 20/20، والبحر 7/105.
(4) كما في القرطبي 13/255، والبحر 7/107. وانظر: الطبري 20/24.

(1/328)


الجازع والمحزون؟! والعربُ تقول للخائف والجبان: "فؤاده هواء". لأنه لا يَعِي عزمًا ولا صبرًا. قال الله {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} (1) . وقد خالفه المفسرون إلى الصواب (2) فقالوا أصبح فارغًا من كل شيء إلا من أمر موسى؛ كأنها لم تهتمَّ بشيء -مما يهتم به الحيُّ- إلا أمْرَ ولدِها.
11- {وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ} أي قُصِّي أثرَه واتَّبعيهِ.
{فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ} أي عن بُعدٍ منها عنه وإعراضٍ: لئلا يَفْطُنوا لها. و"المجانبةُ" من هذا.
{وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} بها.
12- {وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ} أي منعناه أن يرضع [منهن] و"المراضع": جمع "مُرْضِع".
{يَكْفُلُونَهُ} أي يَضُمُّونه إليهم.
14- {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ} قد تقدم ذكره (3) .
{وَاسْتَوَى} أي اسْتَحْكَم وانتهى شبابُه واستقرَّ: فلم تكن فيه زيادةٌ.
15- {وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا} يقال: نصفُ النهار.
{هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ} أي من أصحابه. يعني: بني إسرائيلَ.
{وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ} أي من أعدائه. و "العَدوُّ" يدل على الواحد، وعلى الجمع (4) .
__________
(1) سورة إبراهيم 43، وراجع: اللسان 20/247.
(2) وقال الطبري: "وهذا قول لا معنى له، لخلافه قول جميع أهل التأويل" كما قال أبو حيان: "وهذا فيه بعد، وتبعده القراءات الشواذ التي في اللفظة".
(3) راجع: صفحة 215 و254، وتفسير القرطبي 13/258، والطبري 20/27-28.
(4) يطلق على الذكر والأنثى. وانظر: اللسان 19/259 و262-263.

(1/329)


{فَوَكَزَهُ مُوسَى} أي لَكَزَهُ. يقال وَكَزْتُهُ ولَكَزْتُهُ [ونَكَزْتُهُ ونَهَزْتُهُ] ولَهَزْتُهُ؛ إذا دَفَعته.
{فَقَضَى عَلَيْهِ} أي قتله. وكلُّ شيء فَرَغتَ منه: فقد قضَيتَه، وقضيتَ عليه.
18- {خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} أي ينتظرُ سوءًا ينالُه منهم.
{فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ} أي يستغيثُ به. يعني: الإسرائيليَّ.
{قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ} يجوز أن يكون هذا القولُ للإسرائيليّ (1) . أي أغْوَيْتَنِي بالأمس حتى قتلتُ بنُصرتِك رجلا. ويجوز أن يكون لعدوِّهما (2) .
{يَسْعَى} أي يُسرِعُ [في مشيه] (3) .
{قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ} يعني: الوُجوهَ من الناس والأشراف (4) .
{يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ} قال أبو عبيدة: (5) "يتشاورون فيك ليقتلوك". واحتَج بقول الشاعر:
أحارُ بنَ عمرٍو! كأنِّي خَمِرْ ... ويَعْدُو على المرءِ ما يَأْتَمِرْ (6)
وهذا غلط بيّنٌ لمن تدبر، ومضادَّةٌ للمعنى. كيف يعدو على المرء ما شاور فيه،
__________
(1) كما قال ابن عباس واختاره الطبري 20/31.
(2) القبطي. كما قال الحسن، على ما في تفسير القرطبي 13/265.
(3) كما في تأويل المشكل 390، وانظر تفسير الطبري 20/33.
(4) كما تقدم: ص 171. وانظر: البحر المحيط 7/111.
(5) اللسان 5/89. وراجع: تفسير الطبري 20/32-33، والقرطبي 13/266.
(6) ورد البيت في اللسان 5/90 منسوبا لامرئ القيس. وهو مطلع قصيدة في ديوانه 77، كما ورد في اللسان 5/89 منسوبا للنمر بن تولب بلفظ: "فؤادي قمر".

(1/330)


والمشاورةُ بركة وخير؟! وإنما أراد: يعدو عليه ما همّ به للناس من الشر. ومثله: قولهم: "مَن حفر حفرة وقع فيها".
وقوله: {إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ} أي يَهِمُّون بك. يَدُلُّك على ذلك قولُ النَّمِر بن تَوْلَب:
اعْلَمَنْ أنْ كلَّ مُؤْتَمَرٍ ... مُخْطِئٌ في الرَّأي أحْيَانَا (1)
فإذَا لم يصِبْ رَشَدًا ... كانَ بعضُ الَّلومِ ثُنْيَانَا
يعني: أن كل من ركب هواهُ وفعل ما فعل بغير مشاورة فلا بد من أن يخطئَ أحيانًا. فإذا لم يُصبْ رُشْدًا لامَهُ الناسُ مرتَيْن: مرةً لركوبه الأمرَ بغير مشاورة، ومرةً لغلطه.
ومما يدلك على ذلك أيضا قولُه عز وجل: {وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ} (2) لم يُرِد تَشاوَرُوا، وإنما أراد: هُمُّوا به، واعتَزِموا عليه. وقالوا في تفسيره: هو أن لا تُضِرّ المرأةُ بزوجها، ولا الزوجُ بالمرأة.
ولو أراد المعنى الذي ذهب إليه أبو عُبيدةَ، لكان أوْلَى به أن يقول: "إن الملأََ يَتَآمَرُون فيك" أي يَسْتَأمِرُ بعضُهم بعضًا.
22- {تِلْقَاءَ مَدْيَنَ} أي تِجَاهَ مدينَ ونحوها. وأصله: "اللِّقاءُ". زيدتْ فيه التاءُ. قال الشاعر:
فالْيَوْمَ قَصَّرَ عن تِلْقَائهِ الأَمَلُ (3)
__________
(1) البيت في اللسان 5/89. وقد ورد فيه كلام ابن قتيبة باختصار. ونقله كذلك الأزهري في التهذيب.
(2) سورة الطلاق 6، وفي البحر 7/111: "وقال ابن قتيبة: يأمر بعضهم بعضا بقتله، من قوله تعالى ... ". وانظر تفسير القرطبي.
(3) عجز بيت للراعي، كما في اللسان 20/120-121 وصدره:
أملت خيرك هل تأتي مواعده

(1/331)


أي عن لقائه.
{سَوَاءَ السَّبِيلِ} أي قَصْدَه.
23- {وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ} أي جماعةً (1) .
{وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ} أي تكُفَّان غَنَمهما. وحُذِف "الغنمُ" اختصارًا.
وفي تفسير أبي صالح: "تحبسُ إحداهما الغنمَ على الأخرى". (2)
{قَالَ مَا خَطْبُكُمَا} أي ما أمرُكما؟ وما شأنُكما؟.
(يَصْدُرَ الرِّعَاءُ) (3) أي يرجعَ الرعاءُ. ومن قرأ: {يُصْدِرَ الرِّعَاءُ} ؛ أراد: يردَّ الرعاءُ أغنامَهم عن الماء.
27- {عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي} أي تُجازيَني عن التَّزْويج، والأَجرُ من الله إنَّما هو: الجزاءُ على العمل.
28- {أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوَانَ عَلَيَّ} قال المفسرون: لا سبيل عليَّ. والأصلُ من "التَّعدِّي"، وهو: الظلم. كأنه قال: أيَّ الأَجَلَيْنِ قضيتُ، فلا تعتدِ عليَّ بأن تُلزمَني أكثرَ منه.
29- {أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ} أي قطعةٍ منها. ومثلها الجِذْمة (4) وفي التفسير: "الجذوةُ عودٌ قد احترق".
__________
(1) في تأويل المشكل 345-346، كلام جامع عن معاني الأمة.
(2) تفسير القرطبي 13/268، والطبري 20/35-36، والبحر 7/113.
(3) هذه قراءة ابن عامر وأبي عمرو، والآتية قراءة الباقين. انظر: القرطبي 13/269، والطبري 20/37.
(4) كما قال أبو عبيدة على ما في القرطبي 13/281، أو أبو عبيد على ما في اللسان 18/150.

(1/332)


32- {اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ} أي أدْخِلْ يدَك، يقال: سَلَكتُ يدي وأسلكتُها (1) .
(الجَنَاحُ) الإبْطُ. والجَناح: اليد أيضا.
{الرَّهْبِ} والرَّهَبُ [والرُّهْبُ] (2) والرَّهْبةُ واحدٌ.
{بُرْهَانَانِ} أي حُجَّتان.
34- {فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا} أي مُعينًا. يقال: أردأْتُه على كذا، أي أعنْتُه.
35- {وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا} أي حُجَّةً.
38- {فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ} أي اصنعْ لي الآجُرَّ.
{فَاجْعَلْ لِي} منه {صَرْحًا} أي قصرًا عاليًا.
45- {وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ} أي مقيمًا. يقال: ثَوَيْتُ بالمكان؛ إذا أقمت به. ومنه قيل للضيف: الثَّوِيُّ.
48- (سَاحِرَانِ (3) تَظَاهَرَا) أي تَعاوَنَا.
51- {وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ} أي أتْبَعنا بعضه بعضًا، فاتَّصل عندهم. يعني: القرآن.
57- {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا} أي ألم نُسْكِنْهُم إيَّاه ونجعله مكانًا لهم؟!.
__________
(1) انظر تفسير الطبري 20 /46، وكلام أبي عبيد وابن الأعرابي: في اللسان 12/327.
(2) قرأ بهذه ابن عامر وشعبة وحمزة والكسائي وبالثانية نافع وابن كثير وأبو عمرو. وبالأولى حفص.
(3) هذه قراءة الجمهور. وقرأ الكوفيون ومنهم حفص "سحران": بالكسر. انظر: تفسير الطبري 20/53، والقرطبي 13/294، والبحر 7/124.

(1/333)


58- {بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا} أي أشِرَت. وكأن المعنى: أبْطَرَتْهَا معيشتُها. كما تقول: أَبْطَرَكَ مالُك، فَبَطِرتَ.
59- {فِي أُمِّهَا رَسُولا} أي في أعظَمِها.
61- {ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ} أي محضَرِي النارِ.
63- {الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ} أي وَجَبتْ عليهم الحُجةُ، فوجب العذابُ.
66- {فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الأَنْبَاءُ} أي عَمُوا عنها -من شدة الهول يومئذٍ- فلم يُجيبوا. و"الأنباءُ": الحُججُ هاهنا.
68- {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} أي يختارُ للرسالة.
{مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} أي لا يُرسل اللَّهُ الرسلَ على اختيارهم.
71- (السَّرْمَدُ) الدائمُ.
75- {وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا} أي: أحضَرْنا رسولَهم المبعوث إليهم.
76- {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ} أي تميلُ بها العصبةُ -إذا حملتْها- من ثقلها. يقال: ناءتْ بالعُصبة، أي مالتْ بها. وأناءَت العصبةَ: أمَالَتْها. ونحوه في المعنى قوله: {وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا} (1) أي لا يُثْقِله حتى يَؤُودَه، أي يُميلَه.
__________
(1) سورة البقرة 255، وانظر: تفسير الطبري 20/69-70 والقرطبي 13/312، والبحر 7/132، واللسان 1/169 و 4 /40، وتأويل المشكل 153و157، وما تقدم: ص93.

(1/334)


و"العُصْبة": ما بين العشرة إلى الأربعين.
وفي تفسير أبي صالح: {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ} يعني: الكنز نفسه وقد تكون "المفاتحُ": مكان الخزائن. قال في موضع آخر: {أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ} (1) أي ما ملكتُموه: من المخزون. وقال: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ} (2) نرى: أنها خزائنُه.
{لا تَفْرَحْ} لا تأشَرْ، ولا تَبْطَرْ. قال الشاعر:
ولستُ بمِفْرَاحٍ إذا الدهرُ سَرَّني ... ولا جازعٍ من صَرْفه المُتَحَوِّلِ (3)
أي لست بأَشِرٍ. فأمَّا السرورُ فليس بمكروه.
77- {وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} أي لا تترُك حظَّك منها.
78- {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} أي لفضلٍ عندي. وروي في التفسير: أنه كان أَقْرأَ بني إسرائيلَ للتوراة (4) .
{وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} قال قتادة (5) يدخُلُون النار بغير حساب. وقال غيره (6) يُعْرَفون بسيمَاهم.
__________
(1) سورة النور 61، وانظر: تأويل المشكل 258.
(2) سورة الأنعام 59.
(3) في تفسير القرطبي 13/313:
ولا ضارع في صرفه المتقلب
والبيت لهدبه بن خشرم. وهو في الكامل 2/304، وعيون الأخبار 2/176و 281، وحماسة البحتري 120 وابن الشجري 137، والبحر المحيط 7/132.
(4) تفسير القرطبي 13/315، والبحر 7/133.
(5) كما في تفسير الطبري 20/72، والقرطبي 13/316، والبحر 7/134.
(6) كمجاهد. ونسب في البحر إلى قتادة أيضا. وانظر: تأويل المشكل 46.

(1/335)


80- {وَلا يُلَقَّاهَا} أي لا يُوَفَّقُ لها. ويقال: يُرزَقُها.
82- {وَيْكَأَنَّ اللَّهَ} قال قتادةُ: هي "ألم تعلم! ". وقال أبو عبيدةَ: سبيلُها سبيلُ "أَلَمْ تَرَ؟ ".
وقد ذكرت الحرفَ والاختلاف فيه، في كتاب "تأويل المشكل" (1) .
85- {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ} أي أوجب عليك العمل به. وقال بعض المفسرين (2) أنزله عليك.
{لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} قال مجاهد: يعني مكةَ. وفي تفسير أبي صالح: "أنَّ جبريل -عليه السلام- أتى رسول الله صلى الله عليه وسلمُ فقال: أتشتاقُ إلى مولدِك ووطنِك، يعني: مكة؟ قال: نعم. فأنزل الله عز وجل هذه الآية: وهو فيما بين مكةَ والمدينةِ".
وقال الحسن والزُّهريُّ - أحدهما: "معادُه: يومُ القيامة"؛ والآخر: "معادُه: الجنة".
وقال قتادة: هذا مما كان ابن عباس يكتُمُه (3) .
__________
(1) راجع صفحة 401، وتفسير القرطبي 318-319، والبحر 7/135.
(2) الطبري 20/79، والبحر 7/136.
(3) تأويل المشكل 392، وتفسير القرطبي 13/321، والبحر 7/136.

(1/336)


سورة العنكبوت
2- {وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ} أي لا يُقْتَلُون و [لا] يعذَّبُون.
3- {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} أي ابتليناهم.
5- {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ} أي يخافُه.
12- {اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا} أي: دينَنا.
{وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} أي: لِنحملْ عنكم ذنوبَكم. والواو زائدة.
13- {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ} أي: أوْزارَهم.
{وَأَثْقَالا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} أوزارًا مع أوزارِهِم. قال قتادة: "من دعا قومًا إلى ضلالة، فعليه مثلُ أوزارِهم من غير أن ينْقُصَ من أوزارِهم شَيْءٌ" (1) .
14- {الطُّوفَانُ} المطر الشديد.
17- (الأَوْثَانُ) واحدها: وَثَنٌ. وهو: ما كان من حجارة أو جَصٍّ.
{وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا} أي: تَخْتَلِقُونَ كَذِبًا (2)
21- {وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ} أي: تُرَدُّون.
__________
(1) روي نحوه مطولا عن الحسن. وهو موافق لحديث مسلم المشهور. انظر: تفسير القرطبي 13/331، والبحر 7 44.
(2) راجع: تأويل المشكل 387 وهامشه، والقرطبي، وما تقدم ص319.

(1/337)


22- {وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ} أي: ولا من في السماء [بمعجزٍ] (1) .
27- {وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا} بالولد الطَّيِّبِ، وحُسن الثناء عليه.
29- {وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ} و"النادي": المجلسُ. و"المنكر" مَجْمَعُ الفواحش من القول والفعل. وقد اخْتُلِفَ في ذلك المنكرِ.

40- {فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا} يعني: الحجارةَ. وهي: الحَصْباءُ أيضا. يعني: قومَ لوطٍ.
45- {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} قالوا: المُصلِّي لا يكون في منكرٍ ولا فاحشةٍ ما دام فيها (2)
{وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} يقول: ذِكرُ اللهِ العبدَ -ما كان في صلاته- أكبرُ من ذكرِ العبدِ للهِ.
ويقال: (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ) أي التسبيحُ والتكبيرُ أكبرُ وأحْرَى بأن يَنْهى عن الفحشاء والمنكر.
48- {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ} يقول: هم يجدُونك أُمِّيًّا في كتبهم فلو كنتَ تكتبُ لارْتابُوا.
58- {لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا} أي لنُنزلَنَّهم.
ومن قرأ: (لَنُثْوِيَنَّهُمْ) (3) ،فهو من "ثَوَيْتُ بالمكان" أي أقمتُ به.
__________
(1) تأويل المشكل 168. والبحر 147، والقرطبي 337، والطبري 20/90.
(2) راجع ما رواه الطبري 99 عن ابن عون، في ذلك. وانظر: تفسير القرطبي 348.
(3) وهم عامة أهل الكوفة -حمزة والكسائي وخلف- والقراءتان متقاربتا المعنى، كما قال الطبري 21 /8. وراجع: البحر 157، والقرطبي 359.

(1/338)


60- {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ} أي كم من دابةٍ {لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا} لا ترفَعُ شيئًا لغدٍ؛ {اللَّهُ يَرْزُقُهَا} قال ابن عُيَيْنَةَ: "ليس شيءٌ يَخْبَأُُ إلا الإنسانَ والنملةَ والفأْرةَ".
64- {وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ} يعني: الجنةُ هي دارُ الحياة؛ أي لا موتَ فيها.

(1/339)


سورة الروم
مكية كلها
1-2- {الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ} مفسر في كتاب "تأويل مشكل القرآن" (1) .
9- {وَأَثَارُوا الأَرْضَ} أي قَلَبُوها للزراعة. ويقال للبقرة: المثيرةُ؛ قال الله تعالى: {إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ} (2) .
10- (ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوءَى) وهي: جهنم -و {الْحُسْنَى} الجنَّةُ؛ في قوله: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى} (3) - {أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ} أي كانت عاقبتُهم جهنمَ بأن كذَّبوا بآيات الله.
15- {فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ} أي يُسَرُّون. و "الحَبْرَة": السُّرُورُ. ومنه يقال: "كلُّ حَبْرَةٍ تَتْبَعُهُا عَبْرَةٌ".
18- {وَحِينَ تُظْهِرُونَ} أي تَدخُلون في الظَّهِيرةِ وهو وقتُ الزَّوال.
26- {كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} أي مُقِرُّون بالعبوديَّة (4) .
27- {وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} قال أبو عبيدةَ (5) "وهو هيِّنٌ عليه؛ كما يقال:
__________
(1) ص 328.
(2) سورة البقرة 71، وانظر ما تقدم ص54، وتفسير القرطبي 14/9.
(3) سورة يونس 26، انظر ما تقدم ص 195.
(4) تأويل المشكل 350. وانظر تفسير القرطبي 14/20، والطبري 21/23، والبحر 7/169.
(5) تفسير القرطبي 14/21 باختلاف وزيادة. وذكر نحوه في تفسير الطبري 21/24-25، واللسان 17/329. وانظر البحر 7/169.

(1/340)


الله أكبرُ أي كبيرٌ. وأنتَ أوحدُ أي واحدُ الناس. وإني لأوْجَلُ أي وَجِلٌ. وقال أوْس بن حَجَر:
وقد أُعْتِبُ ابنَ العمِّ إن كنتُ ظالمًا ... وأغفِرُ عنه الْجهلَ إن كان أجْهَلا (1)
أي إن كان جاهلا".
وفي تفسير أبي صالح: {وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} أي على المخلوق. لأنه يقاله له يوم القيامة: كن، فيكونُ. وأولُ خَلْقِه نطفةٌ، ثم عَلَقةٌ، ثم مُضْغةٌ (2) ".
28- {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلا مِنْ أَنْفُسِكُمْ} مفسَّرٌ في كتاب "تأويل المشكل" (3) .
30- {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} أي خِلْقَة الله التي خَلق الناسَ عليها؛ وهي: أنْ فَطَرهم جميعًا على أن يعلموا أن لهم خالقًا ومدَبِّرًا (4) .
{لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} أي لا تغييرَ لما فَطَرهم عليه من ذلك. ثم قال عز من قائل: {ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}
31- {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ} أي مُقبِلين إليه بالطاعة. ويقال: أنابَ يُنِيبُ؛ إذا رجع عن باطلٍ كان عليه.
35- {أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا} ؟ أي عذرًا. ويقال: كتابًا. ويقال:
__________
(1) البيت له: في ديوانه 31، وحماسة البحتري 178، وعيون الأخبار 1/34 و 3/29، وتفسير الطبري 1/239.
(2) تأويل المشكل 297 وهامشه، وتفسير القرطبي 14/22.
(3) 297 و 410. وتفسير القرطبي 14/23.
(4) راجع اختلاف العلماء في تفسير الفطرة: في القرطبي 14/25، والطبري 21/26.

(1/341)


برهانا.
{فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ} فهو يَدُلُّهُم على الشركِ. وهو مجاز (1) .
36- {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً} أي نعمةً.
{وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ} أي مصيبةٌ.
39- {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ} أي ليزيدَكم من أموال الناس.
{فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ} قال ابن عباس: "هو الرجلُ يُهدِي الشيءَ يُريدُ أن يُثابَ أفضلَ منه. فذلك الذي لا يَرْبُو عند الله" (2) .
{وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ} أي من صدقة.
{تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} أي الذين يجدون التضعيف والزيادة (3) .
41- {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} أي أجْدَب البرُّ وانقطعتْ مادَّةُ البحر بذُنوب الناس.
44- {فَلأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ} أي يعملون ويُوَطِّئُون. و"المِهادُ": الفراش.
48- {فَتَرَى الْوَدْقَ} أي المطرَ.
{يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ} أي من بين السحاب.
49- {لَمُبْلِسِينَ} أي يائسين. يقال: أبلَسَ؛ إذا يئس.
__________
(1) تأويل المشكل 82، والقرطبي 14/33، والطبري 21/28-29.
(2) انظر: تفسير القرطبي 14/37، والبحر 7/174، والطبري 21/30-31.
(3) أي يثابون الضعف، كما نقله في اللسان 11/107 عن الأزهري. وانظر: تفسير الطبري 21/29-30، والقرطبي 14/39، وتأويل المشكل 223.

(1/342)


50- {فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ} يعني: آثارَ المطر.
54- {خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ} أي من مَنِيٍّ.
55- {مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ} يحلِفُون -إذا خرجوا من قبورهم-: أنهم ما لبثوا فيها غير ساعة.
{كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ} في الدنيا. أي كَذَبوا في هذا الوقتِ كما كانوا يكذِبُون من قبلُ. ويقال: أُفِكَ الرجلُ؛ إذا عُدِل به عن الصدق وعن الخير. وأرضٌ مأْفوكةٌ، أي محرومةُ المطرِ.
56- {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ} أي لبثتم في القبور -في خَبَرِ الكتابِ- إلى يوم القيامة.

(1/343)