غريب القرآن لابن قتيبة ت أحمد صقر

سورة الشورى (1)
مكية كلها (2)
5- {يَتَفَطَّرْنَ} يَتَشَقَّقن من جلال الله تعالى وعظمته.
7- {وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ} أي تنذرهم بيوم الجمع، هو يوم القيامة. كما قال عز وجلّ: {لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا} (3) ؛ أي ببأس شديد.
11- {جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} يريد: الإناث.
{وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجًا} يريد: جعَلَ للأنعام منها (4) أزواجًا أي إناثًا.
{يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ} أي يخلقكم في الرحم أو في الزوج (5) .
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} أي ليس كَهُو شيء (6) . والعرب تُقيم المِثل مُقام النفْس، فتقول: مثلي لا يقال له هذا؛ أي أنا لا يقال لي.
12- {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} أي مفاتيحُها. ومالك المفاتيح: مالك الخزائن. واحدها: "إقليد"؛ جُمع على غير واحد (7) كما قالوا: "مذاكير" جمع ذكَر. وقالوا: "محاسن" جمع حُسْنٍ.
__________
(1) في المخطوطة: (حم عسق) .
(2) في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر. كما في تفسير القرطبي 16/1، والبحر 7/507.
(3) سورة الكهف 2. وانظر: تفسير القرطبي 16/6، والطبري 25/7.
(4) كذا بالأصل؛ يعني من مطلق الأنفس. والذي في تفسير الطبري 8: "وجعل لكم من الأنعام أزواجا: من الضأن اثنين.. " وذكر سائر الأصناف الثمانية المذكورة في سورة الأنعام: 143-144. وهو الظاهر الذي اقتصر عليه القرطبي 16/8.
(5) أي في بطون الإناث، كما نقله القرطبي عن ابن قتيبة، أو فسر به كلامه. وراجع فيه استبعاده للرأي الأول.
(6) كما قال ثعلب. على ما في القرطبي. وهو أحد رأيين ذكرهما الطبري 25/9، ثانيهما: أن الكاف زائدة. وهو الذي اقتصر عليه في تأويل المشكل 195. وانظر: البحر 7/510.
(7) من لفظه، أي على غير قياس. كما قال القرطبي 16/9. قال الأصمعي - كما في اللسان 4/368-: المقاليد لا واحد لها. وانظر: ما تقدم ص 384 وهامشه.

(1/391)


17- {اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ} أي العدل.
18- {مُشْفِقُونَ مِنْهَا} أي خائفون.
20- {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ} أي عمل الآخرة.
يقال: فلان يحرُث للدنيا؛ أي يعمل لها ويجمع المال.
ومنه قول عبد الله بن عمرو (1) : "احرُثْ لدنياك كأنك تعيش أبدًا واعمَلْ لآخرتك كأنك تموت غدًا".
ومن هذا سمّي الرجل: "حارثًا".
وإنما أراد: من كان يريد بحرثه الآخرةَ، أي بعمله.
{نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ} أي نضاعفْ له الحسناتِ.
{وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا} أي أراد بعمله الدنيا آتيناه منها.
21- {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ} وهم: الآلهة. جعلها شركاءهم: لأنهم جعلوها شركاء الله عز وجل؛ فأضافها إليهم: لادعائهم فيها ما ادعَوا.
وكذلك قوله
{هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ} (2) أي من الشركاء الذين ادَّعيتموهم لي.
{شَرَعُوا لَهُمْ} أي ابتدعوا لهم.
{وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ} أي القضاء السابق الفصل: بأن الجزاء يوم القيامة.
{لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ} في الدنيا.
{قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}
__________
(1) أو عمر، كما في القرطبي 16/18. وقد ورد مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: في النهاية 1/212، واللسان 2/439-440.
(2) سورة الروم 40.

(1/392)


قال قتادةُ (1) : "لا أسألكم أجرًا على هذا الذي جئتكم به إلا أن تَوَدُّوني في قرابتي منكم. وكلُّ قريش بينهم وبين رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قرابةٌ".
قال مجاهد: "لم يكن من قريش بطنٌ إِلا وَلَدَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم" (2) .
وقال الحسن (3) : "إِلا أن تتودَّدُوا إلى الله عز وجل بما يقرِّبُكُم منه"
{وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً} أي يكتسبْ.
26- {وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا} أي يجيبهم؛ كما قال الشاعر:
وَدَاعٍ دَعَا: يَا مَنْ يُجِيبُ إلى النَّدَى ... فَلَمْ يَسْتَجِبْهُ -عِنْدَ ذَاكَ- مُجِيبُ (4)
29- {وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ} أي نشر.
32- {وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ} يعني: السفن.
{كَالأَعْلامِ} أي الجبال. واحدها: عَلَم.
33- {فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ} أي سواكنَ على ظهر البحر.
34- {أَوْ يُوبِقْهُنَّ} يُهْلِكْهُنَّ. يقال: فلان قد أوبقَتْه ذنوبه. وأراد: أهل السفن.
38- {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} أي يَتَشاورون فيه.
__________
(1) تفسير الطبري 25/16. وقد روى نحوه عن ابن عباس وعكرمة. انظر الطبري 25/15، وتأويل المشكل 349، والقرطبي 16/21، والبحر 7/516، والدر 6/5-6.
(2) أخرج الطبري 25/15 عن أبي مالك والسدي، نحو هذا بزيادة مفيدة.
(3) الطبري 25/17، والقرطبي 16/22، والبحر. وروي نحوه عن مجاهد وقتادة أيضا.
(4) البيت لكعب بن سعد الغنوي من مرثيته المشهورة في أخيه أبي المغوار. وورد فيما تقدم ص 74 وفي تأويل المشكل 177 غير منسوب أيضا. وانظر هامشهما. وقد ورد عجزه في البحر 7/518.

(1/393)


45- {يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ} أي قد غَضُّوا أبصارهم من الذلِّ.
50- {أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا} أي يجعلُ بعضَهم بنينَ وبعضَهم بناتٍ. تقول العرب: زوَّجت إبلي؛ إذا قرنت بعضها ببعض (1) . وزوَّجت الصغار بالكبار: إذا قرنت كبيرًا بصغير.
51- {أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا} فِي الْمَنَامِ.
{أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} كما كلَّم موسى عليه السلام.
{أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا} أي ملَكًا [ {فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} ] فيكلمَه عنه بما يشاء (2) .
__________
(1) في تفسير القرطبي 16/18 منقولا عن ابن قتيبة بتصرف. وانظر اللسان 3/117، والطبري 25/27-28، والبحر 7/525-526.
(2) راجع في ذلك: تأويل المشكل 78 و82-83 و373، وتفسير القرطبي 6/53، والطبري 25/28، والبحر 7/526-527.

(1/394)


سورة الزخرف (1)
مكية كلها
4- {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ} أي في أصل الكتب عند الله.
5- {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا} أي نُمسك عنكم فلا نذكركم صفحًا، أي إعراضًا. يقال: صفحت عن فلان؛ إذا أعرضت عنه. والأصل في ذلك: أنك تُولِّيه صفحةَ عنقك. قال كُثير يصف امرأة:
صَفُوحًا فما تَلْقَاكَ إِلا بحيلةٍ ... فَمَن مَلَّ منها ذلك الوصلَ مَلَّتِ (2)
أي معرضةً بوجهها.
ويقال: ضربت عن فلان كذا؛ أي أمسكته وأضربت عنه.
{أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ} أي لأنْ كنتم قومًا مُسرفين.
13- {وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} أي مطيقين. يقال: أنا مُقْرِن لك؛ أي مطيق لك.
ويقال: هو من قولهم: أنا قِرْن لفلان؛ إذا كنت مثله في الشدة.
وإن فتحت - فقلت: أنا قَرْن لفلان. - أردتَ: أنا مثله في السنّ (3) .
__________
(1) في المخطوطة: (حم الزخرف) .
(2) البيت له: في اللسان 3/347، والبحر 8/6. وفي القرطبي 16/23 غير منسوب. وفيها: "بخيلة"!.
(3) راجع في ذلك كله: اللسان 17/214 و218، وتفسير القرطبي 16/66، والطبري 25/33-34، والبحر 8/7.

(1/395)


15- {وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا} أي نصيبًا (1) . ويقال: شِبهًا ومِثًلا (2) ؛ إذ عبدوا الملائكة والجن.
وقال أبو إسحاقَ [الزجّاجُ] (3) "إن معنى (جُزْءًا) هاهنا: بنات. يقال: له جزء من عيال؛ أي بنات".
قال: وأنشدني بعض أهل اللغة بيتا يدل على أن معنى "جزء" معنى "إناث" - قال: ولا أدري: البيتُ قديم؟ أم مصنوع؟ (4)
إِنْ أَجْزَأَتْ حُرَّةٌ يومًا فلا عَجَبٌ ... قد تُجْزِئُ الحُرَّةُ المِذْكَارُ أحْيانا (5)
فمعنى "إن أجزأت" أي آنَثَتْ أي أتت بأنثى (6) .
وقال المفضَّل بن سَلَمَةَ: "حكى لي بعض أهل اللغة: أجزأ الرجلُ؛ إذا كان يولد له بناتٌ. وأجزأت المرأةُ: إذا ولدت البناتِ". وأنشد المفضل:
زُوِّجْتُها من بَناتِ الأوسِ مُجْزِئَةً ... للعَوْسَجِ اللَّدْنِ في أبياتِها زَجَلُ (7)
17-[ {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلا} يريد] :
__________
(1) وحظا. وهو قول العرب: الملائكة بنات الله على ما قال مجاهد. كما في البحر 8/8. وانظر تفسير الطبري 25/34.
(2) أي ندا وعدلا على ما قال قتادة. كما في البحر والطبري، والدر 6/15، والقرطبي 16/69.
(3) وكذلك أبو العباس المبرد، وأبو الحسن الماوردي. على ما في القرطبي.
(4) بل قال أيضا - على ما في اللسان 1/39 -: "ولم أجده في شعر قديم، ولا رواه عن العرب، الثقات". كما قال: "والمعنى في قوله: (وجعلوا له من عباده جزءا) ، أي جعلوا نصيب الله من الولد الإناث". وقد شنع الزمخشري على تفسير الجزء بالإناث، وصرح بأن البيتين الآتيين مصنوعان. على ما نقله عنه القرطبي وأبو حيان.
(5) البيت: في اللسان، وتفسير القرطبي، والبحر.
(6) كما في اللسان 2/417.
(7) كما أنشده أبو حنيفة الدينوري. على ما في اللسان 1/39. وذكر فيه ما يؤيد كلام هذا البعض. وصدر البيت: في تفسير القرطبي، والبحر.

(1/396)


جعلتم البناتِ للَّه: وأنتم إذا ولد لأحدكم بنتٌ {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} أي حزين؟!.
18- {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ} أي رُبِّيَ في الحُليّ، يعني البناتِ.
و (الْخِصَامُ) جمع "خصيمٍ". ويكون مصدرا لـ"خاصمت" (1) .
{غَيْرُ مُبِينٍ} للحجة.
19- {وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا} أي عبيده، يقال: عبد وعبيد وعباد.
22-23- {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} أي على دين واحد (2) .
22-23- {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} أي على دين واحد (3) .
28- {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} يعني: "لا إله إلا الله".
33- {وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} أي كفارًا كلهم.
و (المعارج) : الدَّرَج. يقال: عَرَج أي صعِد. ومنه "المِعراج"؛ كأنه سبب إلى السماء أو طريق.
{عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ} أي يعلون. يقال: ظهرت على البيت؛ إذا علوت سطحه.
35- و (الزخرف) : الذهب.
36- {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ} أي يُظْلم بصره. هذا قول أبي عبيدةَ (4) .
قال الفراء: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ} أي يُعرِضُ عنه. ومن قرأ:
__________
(1) وهو الذي ذهب إليه الطبري 25/35. ولم نعثر على كون الخصام جمعا في معاجم اللغة.
(2) تأويل المشكل 346، والطبري 25/36، والقرطبي 16/74.
(3) تأويل المشكل 346، والطبري 25/36، والقرطبي 16/74.
(4) والأخفش. على ما في القرطبي 16/90. وورد كلام ابن قتيبة هذا ومعظم ما يليه: في تهذيب الأزهري؛ على ما في اللسان 19/287. كما ورد بعض رده على الفراء: في القرطبي.

(1/397)


(وَمَنْ يَعْشَ) بنصب الشين (1) أراد: [من] يعم عنه. وقال في موضع آخر: {الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي} (2) .
ولا أرى القول إلا قولَ أبي عبيدةَ. ولم أر أحدًا يُجيز "عَشَوْتُ عن الشيء: أعرضتُ عنه؛ إنما يقال: "تَعاشَيْتُ عن كذا"؛ أي تغافلتُ عنه كأني لم أره. ومثله: "تعامَيْتُ".
والعرب تقول: "عَشَوْتُ إلى النار" إذا استدللتُ إليها ببصر ضعيف (3) قال الحُطَيْئة:
مَتَى تَأْتِهِ تَعْشُو إلَى ضَوْءِ نارِهِ ... تَجِدْ خَيْرَ نَارٍ عنْدَهَا خَيْرُ مُوقِدِ (4)
ومنه حديث ابن المسيّب: "أن إحدى عينَيْهِ ذهبتْ وهو يَعْشُو بالأخرى"؛ أي يبصر بها بصرًا ضعيفًا (5) .
44- {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} أي شرفٌ لكم؛ يعني القرآن (6) .
{وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} عن الشكر عليه.
__________
(1) كابن عباس وعكرمة ويحيى بن سلام البصري. على ما في القرطبي 16/89، والبحر 8/15-16. وانظر الطبري 25/44.
(2) سورة الكهف 101.
(3) قال أبو منصور الأزهري في التهذيب - على ما في اللسان 19/287 - بعد أن ذكر هذا: "أغفل القتيبي موضع الصواب، واعترض - مع غفلته - على الفراء يرد عليه. فذكرت قوله لأبين عواره، فلا يغتر به الناظر في كتابه. والعرب تقول: "عشوت إلى النار أعشوعشوا، أي قصدته مهتديا به وعشوت عنها، أي أعرضت عنها" فيفرقون بين "إلى" و"عن": موصولين بالفعل" ثم نقل عن أبي زيد وأبي الهيثم ما يثبت ذلك ويؤكده. وقال القرطبي 16/90: "والقول قول أبي الهيثم والأزهري". وقد انتصر الطبري 25/43-44 لرأي الفراء، ونقله عن قتادة.
(4) البيت له: في ديوانه 25، واللسان 19/286. وغير منسوب: في القرطبي 16/89. وبعجز آخر - هو:
*تجد حطبا جزلا ونارا تأججا*
- في الطبري. وهو بيت آخر مشهور.
(5) كما في اللسان 19/286، والنهاية 3/89.
(6) كما في تأويل المشكل 111، وتفسير القرطبي 16/93، والطبري 25/46 وما تقدم ص 376.

(1/398)


45- {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا} أي سَلْ من أرسلنا إليه رسولا - من رسلنا - قبلك؛ يعني: أهل الكتاب (1) .
52- {أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ} قال أبو عبيدةَ (2) "أراد بل أنا خير".
وقال الفراء: "أخبرني بعض المشيخة: أنه بلغه أن بعض القراء قرأ: (أمَا أنَا خَيْرٌ) وقال لي هذا الشيخ: لو حفظت (3) الأثر لقرأت به؛ وهو جيد في المعنى".
55- {فَلَمَّا آسَفُونَا} أي أغضَبونا (4) . و"الأسف": الغضب. يقال: أسِفتُ آسَفُ أسفًا؛ أي غضبتُ.
56- {فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا} قومًا تقدَّموا.
{وَمَثَلا} عبرةً.
وقرأها الأعرج: (5) (سُلَفًا) كأن واحدته: "سُلْفةٌ" [أي عُصبة وفرقة متقدمة] من الناس، مثل القِطعة. تقول: تقدمتْ سُلفةٌ من الناس.
وقرئت: (سُلُفًا) (6) ؛ كما قيل: خَشَب وخُشُب وثَمَر وثُمُر. ويقال (7) : هو جمع "سَلِيفٍ". وكله من التقدُّم.
__________
(1) كما في تأويل المشكل 209-210. وانظر القرطبي 16/95-96.
(2) والسدي. على ما في الطبري 25/49، والقرطبي 16/99، والبحر 8/22.
(3) كذا بالأصل. ولعل المراد: لو تأكدت من ثبوته واستفاضته. كما يدل عليه لفظ الطبري في روايته له: "ولو كانت هذه القراءة قراءة مستفيضة في قراءة الأمصار، لكانت صحيحة، وكان معناها حسنا ... " وهو: ألست خيرا؛ كما قال القرطبي 16/100. وانظر البحر 8/23.
(4) كما قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي وابن زيد. على ما في تفسير الطبري 25/50، والقرطبي 16/101، والدر المنثور 6/19.
(5) في إحدى قراءتيه. وكذلك علي وابن مسعود ومجاهد والنخعي وغيرهم.
(6) وقد قرأ بها حمزة والكسائي ويحيى بن وثاب والأعرج أيضا وآخرون.
(7) كما قال الزجاج والفراء. على ما في اللسان 11/59، وتفسير القرطبي 16/102. وراجع أيضا في ذلك كله: الطبري 25/51، والبحر 6/23-24.

(1/399)


57- {إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} يَضِجُّون (1) . يقال: صددتُ أصُِدُّ صدًّا؛ إذا ضججتُ.
و"التَّصْدِيَةُ" منهُ وهو: التصفيق. والياء فيه مبدلة من دال؛ كأن الأصل فيه: "صدَّدْت" بثلاث دالات؛ فقُلبتْ الأخرى ياءً فقالوا: "صَدَّيتُ" كما قالوا: قَصَّيْت أظفاري؛ والأصل: قصَّصْت.
ومن قرأ: (يَصُدُّونَ) (2) ؛ أراد: يَعدلون ويُعرضون.
61- {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} ؛ أي نزول المسيح -عليه السلام- يُعلَم به قربُ الساعة.
ومن قرأ: (لَعَلَمٌ لِلسَّاعَةِ) (3) ؛ فإنه يعني: العلامة والدليل.
70- {تُحْبَرُونَ} أي تُسرون. و"الحَبْرةُ": السرور (4) .
71- (الأكواب) الأباريق لا عُرى لها؛ ويقال: ولا خراطيمَ. واحدها: "كُوب".
75- {وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ} أي يائسون من رحمة الله.
79- {أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا} أي أحْكموه.
__________
(1) كما روي عن ابن عباس وابن المسيب ومجاهد وقتادة والسدي.
(2) كالنخعي والأعرج ونافع وابن عامر والكسائي. وأنكر ابن عباس هذه القراءة؛ وحمل إنكاره على أنه قبل استفاضتها وبلوغه تواترها، ويرى الكسائي والطبري: أن لا فرق بين القراءتين من حيث اللغة؛ وإن فرق بينهما أبو عبيدة بما صنع ابن قتيبة. فراجع: تفسير الطبري 25/52، والقرطبي 16/103، والبحر 8/25، والدر 6/20، واللسان 4/232-233.
(3) كابن عباس وأبي هريرة والضحاك وقتادة ومالك بن دينار وغيرهم. وقال الطبري 25/55-56: إن القراءة الأولى هي الصواب، والتي اجتمع عليها قراء الأمصار. وانظر تفسير القرطبي 16/105، والبحر 8/26، واللسان 15/314.
(4) انظر تفسير القرطبي 16/111، وما تقدم ص 340.

(1/400)


81- {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} أي: أولُ من عبده بالتوحيد (1) .
ويقال: {أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} أول الآنفين الغِضابِ. يقال: عَبِدتُ من كذا أعبَدُ عَبَدًا فأنا عَبِدٌ وعابد. قال الشاعر:
وأَعْبَدُ أنْ تُهْجَى تَمِيمٌ بِدَارِمِ (2)
أي: آنَفُ.
89- {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ} أي أعرضْ عنهم.
__________
(1) تأويل المشكل 289، والطبري 25/60، والقرطبي 16/119، والدر المنثور 6/24، والبحر 8/28.
(2) عجز بيت للفرزدق كما في اللسان 4/265، والقرطبي 16/120، والبحر. والرواية: "أن أهجو كليبا" أو "أن تهجى كليب" وصدره:
* أولئك قوم إن هجوني هجوتهم*
أو ناس. وروي:
*أولئك أحلاسي فجئني بمثلهم*
أو آبائي. وانظر الطبري 25/61.

(1/401)


سورة الدخان (1)
مكية كلها (2)
4 - {يُفْرَقُ} أي يُفصَل.
10- {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} أي بجَدبٍ؛ يقال (3) : "إن الجائع فيه كان يَرى بينه وبين السماء دخانًا من شدة الجوع".
ويقال (4) : "بل قيل للجوع: دخان ليُبْسِ الأرض في سنة الجدب، وانقطاع النبات، وارتفاع الغبار. فشُبِّهَ ما يرتفع منه بالدخان. كما قيل لسنة المجاعة: غَبْرَاءُ؛ وقيل: جُوع أغْبَرُ وربما وضعت العرب الدخانَ موضع الشر إذا علا، فيقولون: كان بيننا أمر ارْتَفَع له دخان".
15- {إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} إلى شرككم. ويقال: إلى الآخرة (5) .
16- {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى} يعني: يوم بدر (6) .
20- {عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ} أي تقتلونِ (7) .
21- {وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ} أي دعوني كَفَافًا لا عليَّ ولا ليَ.
24- {وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا} أي ساكنًا (8) .
__________
(1) في المخطوطة سورة حم الدخان.
(2) بالاتفاق مع الأصح. على ما في القرطبي 16/125، والبحر 8/32، والدر المنثور 6/24.
(3) اللسان 17/5-6. وانظر القرطبي 16/131، والطبري 25/66-68، والدر 6/28، والبحر 8/34.
(4) اللسان أيضا. وقد نقل القرطبي بعضه بتصرف.
(5) تفسير القرطبي 16/133، والطبري 25/69-70.
(6) كما قال ابن مسعود وابن عباس وغيرهما. على ما في الطبري 25/67 و70، والقرطبي 16/134، والدر المنثور 6/29.
(7) تأويل المشكل 389. وانظر القرطبي 16/135، والطبري 25/72.
(8) كما قال قتادة ومجاهد في رواية عنه. على ما في الدر 6/29، والقرطبي 16/137. وهو المختار عند الطبري 25/73. وانظر اللسان 19/58.

(1/402)


29- {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ} مبيّن في كتاب "تأويل المشكل" (1) .
33- {وَآتَيْنَاهُمْ مِنَ الآيَاتِ مَا فِيهِ بَلاءٌ مُبِينٌ} أي نِعَمٌ بَيِّنَة عظام (2) .
35- {وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ} أي بِمُحْيَيْنَ.
41- {يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا} أي وليٌّ عن وليِّه بالقرابة أو غيرِها (3) .
44- {طَعَامُ الأَثِيمِ} أي طعام الفاجر.
45- {كَالْمُهْلِ} قد تقدّم تفسيره (4) .
46- و (الْحَمِيمُ) الماء الحارُّ.
47- {خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ} (5) أي فرُدُّوه بالعنف. وتقرأ: {فَاعْتِلُوهُ} يقال: جيء بفلان يُعْتَلُ إلى السلطان؛ أي يُقاد.
{إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ} وسط النار.
53- و (الإِسْتَبْرَقُ) ما غلُظ من الديباج. و (السُّنْدُسُ) ما رقَّ منه.
__________
(1) ص 127. وراجع القرطبي 16/139-142.
(2) تأويل المشكل 360. وانظر القرطبي 16/142، والطبري 25/76.
(3) تأويل المشكل 352، والقرطبي 16/148، والطبري 25/77.
(4) ص 267. وانظر الطبري 25/78، والقرطبي 16/149، والبحر 8/39.
(5) بضم التاء كما في الأصل. وهي قراءة ابن كثير ونافع وابن عامر ويعقوب وزيد بن علي. ورويت عن أبي عمرو والأعرج وغيرهما. والقراءة الآتية: بالكسر. وهي قراءة الجمهور والكوفيين وأبي عمرو في الأصح. فراجع تفسير القرطبي 16/150، والطبري 25/80، والبحر 8/40، واللسان 13/450.

(1/403)


54- {كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} أي قَرَنَّاهم بهن (1) .
56- و [قوله] : {لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلا الْمَوْتَةَ الأُولَى} ؛ مبين في كتاب "تأويل المشكل" (2) .
59- {فَارْتَقِبْ} أي انتظر.
{إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ} أي منتظرون.
__________
(1) تأويل المشكل 327 و380. وانظر ما تقدم ص 370.
(2) ص 22 و55-56. وقد نقل القرطبي 16/155 بعض كلام ابن قتيبة عن هذا. وراجع: تفسير الطبري 25/82-83.

(1/404)


سورة الجاثية (1)
مكية كلها (2)
10- {مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ} أي أمامهم (3) .
18- {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ} أي على مِلَّة (4) ومذهب. ومنه يقال: شَرَعت لك كذا، وشَرَع فلان في كذا: إذا أخذ فيه. ومنه "مَشارِعُ الماء" [وهي] : الفُرَض التي يَشْرَع فيها الناس والواردة.
21- {اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ} أي اكتسبوها. ومنه قيل لكلاب الصيد: جوارحُ.
24- {وَمَا يُهْلِكُنَا إِلا الدَّهْرُ} مرور السنين والأيام.
28- {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً} [باركةً] (5) على الرُّكَب. يراد: أنها غير مطمئنة.
{تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا} أي إلى حسابها.
29- {هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ} يريد: أنهم يقرءُونه فيَدُلُّهم ويُذكِّرُهم؛ فكأنه ينطق عليهم.
__________
(1) في المخطوطة سورة حم الجاثية.
(2) في قول الحسن وجابر وعكرمة؛ كما في القرطبي 16/156. وقال ابن عطية -على ما في البحر 8/42- بلا خلاف. وانظر الدر المنثور 6/34.
(3) كما قال ابن عباس. على ما في القرطبي 16/159 وهو اختيار الطبري 25/85.
(4) في اللسان 10/41 -وقد ذكر معظم الكلام الآتي، نقلا عن ابن قتيبة- "مثال". وانظر الطبري 25/88، والقرطبي 16/163، والبحر 8/46.
(5) كما قال الحسن ومجاهد والضحاك وابن زيد. على ما في تفسير الطبري 25/92، والقرطبي 16/174، والدر 6/26. واللسان 18/143 وانظر البحر 50.

(1/405)


{إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} أي نكتب.
32- {قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ} أي ما نعلم ذلك إلا ظنًّا وحَدْسًا وما نستيقنه.
و"الظن" قد يكون بمعنى "العلم"؛ قال: {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا} (1) ؛ وقال دُرَيْدٌ:
فقلت لهم: ظُنُّوا بأَلْفَيْ مُدَجَّجٍ ... سرَاتُهُمُ في الفارِسِيِّ المُسَرَّدِ (2)
أي أيقنوا [بإتيانهم إيَّاكم] .
33-[قوله: {وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} ؛ هو مثل قوله] : {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} (3) ؛ يعيَّرون أنهم عملوا في الدنيا أعمالا كانوا يظنون أنها تنفعهم، فلم تنفعهم مع شركهم.
34- {وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ} أي نتركُكم.
__________
(1) سورة الكهف 53. أي علموا، كما تقدم ص 269.
(2) البيت من مرثيته المعروفة في أخيه عبد الله. وقد ورد في اللسان 17/143 وتأويل المشكل 144، وما ورد بهامشه.
(3) سورة الزمر 47 وقد تقدم ما يأتي ص 384.

(1/406)


سورة الأحقاف (1)
مكية كلها (2)
4- {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} أي بقية من علم تؤثرُ عن الأولين.
ويقرأ: (أَثَرَةٍ) (3) ؛ اسم مبني على "فَعَلَةٍ" من ذلك. والأول على "فَعَالَةٍ".
9- {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ} أي بَدْءًا منهم ولا أوَّلا.
15- {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا} أي مشقة.
{وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا} أي مشقة.
{حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ} قد ذكرناه فيما تقدم (4) .
{قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي} أي ألهمْني. والأصل في "الإيزاع": الإغراء بالشيء؛ يقال: فلان مُوزَعٌ بكذا ومُولَعٌ (5) .
21- {إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ} واحدها: "حِقْف" وهو من الرمل ما أشرَفَ من كُثْبانه واستطال وانحنَى.
22- {أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا} لتصرفَنا.
24- {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا} و "العارض": السحاب.
__________
(1) في المخطوطة: سورة حم الأحقاف.
(2) بالإجماع على الصحيح. انظر تفسير القرطبي 16/178، والبحر 8/54، والدر المنثور 6/36.
(3) راجع: تفسير الطبري 26/3، والقرطبي 16/182، والبحر 8/55، واللسان 5/61-62.
(4) ص 215 و 254. وانظر هامش صفحة 329، وتفسير الطبري 26/11-12، والقرطبي 16/194.
(5) كما تقدم ص 323.

(1/407)


26- {وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ} أي: فيما لم نمكنْكم (فيه) و "إن" بمعنى "لم" (1) .
ويقال: بل هي زائدة؛ والمعنى: مكنَّاهم فيما مكنَّاكم فيه (2) .
28- {فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً} أي اتخذوهم آلهةً يتقرَّبون بهم إلى الله.
29- {فَلَمَّا قُضِيَ} أي فَرَغ [رسول الله صلى الله عليه وسلم] من [قراءة القرآن و] تأويله.
__________
(1) وهو يتفق في المعنى مع قول المبرد -المذكور في القرطبي 16/208-: إن "ما" بمعنى الذي، و "إن" بمعنى ما، والتقدير: ولقد مكناهم في الذي ما مكناكم فيه.
(2) زعم القرطبي أن هذا الوجه هو المختار عند ابن قتيبة. ولعله قد تأثر بأنه قدمه في الذكر في تأويل المشكل 196. مع أنه قد حكاه هو والثاني عن بعضهم.

(1/408)


سورة محمد صلى الله عليه وسلم
مدنية كلها (1)
1- {أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} أبطلها و [أصل "الضَّلال": الغَيْبُوبة] . يقال: ضل الماء في اللبن؛ إذا [غاب] وغُلب عليه؛ فلم يُتبيَّن.
{كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ} أي سترها.
{وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} أي حالَهم.
4- {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} أي يضعَ أهل الحرب السلاحَ (2) . قال الأعشى:
وأعْدَدْتُ للحرب أوْزَارَها ... رِماحًا طِوالا وَخَيْلا ذُكُورَا
ومِن نَسْجِ داودَ يُحْدَى بها ... على أثَرِ الحيِّ, عِيرًا فعِيرَا (3)
وأصل "الوِزْر" ما حملته؛ فسمي السلاح "أوزارا" لأنه يُحمل.
6- {وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ} يقال في التفسير (4) : "بيَّنها لهم، وعرَّفهم منازلهم منها".
__________
(1) عند الأكثر، أو عند الجميع كما قال الماوردي وابن عطية. على ما في تفسير القرطبي 16/223، والبحر 8/72. وانظر الدر المنثور 6/46.
(2) تأويل المشكل 129. وروي عن قتادة بمعناه، على ما في تفسير الطبري 26/28. وانظر القرطبي 16/229، والدر المنثور 6/47.
(3) البيتان في ديوانه 71، وتفسير القرطبي. وأولهما في اللسان 7/145. ونسبه ابن عطية -على ما في البحر 6/74- إلى عمرو بن معديكرب. وثانيهما في اللسان 17/342. والرواية فيه:
" ... داود موضونة ... يساق بها ... . وفي الديوان: "موضونة تساق مع".
(4) كما روي بمعناه عن أبي سعيد الخدري والحسن وقتادة ومجاهد. على ما في تفسير القرطبي 16/231، والطبري 26/29، والبحر 8/75، والدر 6/28. وهو قول الفراء، على ما في اللسان 11/145.

(1/409)


وقال أصحاب اللغة (1) : "عَرَّفَهَا لَهُمْ": طَيَّبَها. يقال: طعام معرَّف؛ أي مطيَّب. قال الشاعر:
فَتَدْخُلُ أيْدٍ فِي حَنَاجِرَ أُقْنِعَتْ ... لِعَادتِهَا من الخَزِيرِ المُعَرَّفِ (2)
8- {وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ} من قولك: تعَستُ؛ أي عثَرت وسقطت.
11- {مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا} أي وليُّهم.
{وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ} لا وَلِيَّ لهم (3) .
12- {وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} أي منزلٌ لهم.
13- {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ} أي كم من أهل قرية: {هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ} يريد: [أخرجك] أهلها (4) .
15- {مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ} أي غير متغيِّر الريح والطعم و "الآجن" نحوه.
{وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ} أي: لذيذة. يقال: شراب لَذٌّ إذا كان طيبًا.
18- {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً} أي هل ينظرون؟!
{فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} أي علاماتُها.
__________
(1) اللسان. وهو مروي عن ابن عباس، كما في القرطبي.
(2) البيت في اللسان 5/319، و 11/145. وهو للأسود بن يعفر يهجو عقال بن محمد. و "أقنعت": مدت ورفعت إلى الفم. و "الخزير": الحساء من الدسم. وقد ورد في القرطبي 2/131 مصحفا بلفظ: "الحرير". وورد فيه بعده: "ويروى: "المغرف" بالغين. ومعناه: مصبوغ بالمغرف! ". وهي زيادة مقحمة ليست من الأصل، وناشئة عن التصحيف المذكور. وليس في اللسان ما يدل عليها.
(3) تأويل المشكل 352. وانظر تفسير القرطبي 16/234، والطبري 26/30.
(4) تأويل المشكل 162، والقرطبي 16/235، والطبري.

(1/410)


{فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ} ؟ فكيف لهم منفعةُ الذكرى إذا جاءتْ والتوبةُ -حينئذٍ- لا تُقبل؟!
20-21- {وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ} هذا مفسر في كتاب "تأويل المشكل" (1) .
{فَأَوْلَى لَهُمْ} وعيدٌ وتهدُّد؛ تقول للرجل -إذا أردت به سوءًا ففاتك-: أوْلَى لك.
ثم ابتدأ فقال: {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ} قال قتادةُ (2) : "يقول: لطاعةُ اللَّهِ وقولٌ بالمعروف -عند حقائق الأمور- خيرٌ لهم".
25- {سَوَّلَ لَهُمْ} زيَّن لهم.
{وَأَمْلَى لَهُمْ} أطال لهم الأملَ.
30- {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} في نحو كلامهم ومعناه (3) .
35- {فَلا تَهِنُوا} أي لا تضعُفوا. من "الوهْن".
{وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ} أي الصلح.
{وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} أي لن يَنقُصَكم ولن يظلمَكم (4) . يقال: وتَرْتَني حقي؛ أي بخَستنِيه.
37- {إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ} أي إن يُلحَّ عليكم بما يوجبه في أموالكم.
{تَبْخَلُوا} يقال: أحْفَاني بالمسألة وألْحَف وَأَلَحَّ.
__________
(1) ص 325. وراجع: تفسير القرطبي 16/243، والدر المنثور 6/63-64.
(2) كما في الدر 6/64. وذكر مطولا في تفسير الطبري 26/35. وراجع: تأويل المشكل 325 و 417، وتفسير القرطبي 16/243-244، والبحر 6/81.
(3) كما في الطبري 26/38، واللسان 17/265. أو في فحواه ومعناه، كما ورد في اللسان أيضا وفي القرطبي 16/252. وانظر البحر 8/71.
(4) كما روي عن ابن عباس وقتادة ومجاهد. على ما في تفسير الطبري 26/40، والقرطبي، والدر المنثور 6/67. وانظر اللسان 7/136.

(1/411)