غريب القرآن لابن قتيبة ت أحمد صقر

سورة الممتحنة
مدنية كلها (1)
1- {تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} أي تُلقون إليهم المودة (2) .
وكذلك: {تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ}
4- {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} أي عبرةٌ (3) وائْتمامٌ.
{إِلا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ} قال قتادةُ: (4) "ائْتَسُوا بأمر إبراهيمَ كلِّه إلا في استغفاره لأبيه: فلا تأتسُوا به في ذلك؛ لأنه كان عن موعدة منه له (5) ".
10- {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} أي بحبالهن. واحدتها: "عِصمة" (6) . أي لا ترغبوا فيهن.
{وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ} أي سلُوا أهل مكةَ أن يردُّوا عليكم مهورَ النساء اللاتي يخرجْنَ إليهم مرتدَّاتٍ.
__________
(1) بلا خلاف. على ما في القرطبي 18/49، والفخر 8/135، والبحر 8/252، والدر 6/202، والشوكاني 5/204.
(2) فالباء زائدة كما في المشكل 193-194، والقرطبي 18/52. وهو رأي الكوفيين على ما في البحر 8/252. وانظر الطبري 28/37. وراجع فيه 28/38-40 وفي المشكل 276، والفخر 8/135-136، وأحكام الشافعي 2/46-47، وأسباب الواحدي 314- الكلام عن هذه الآية وسبب نزولها.
(3) كذا بالأصل. ولا تبعد صحته: لأن الأسوة قد تطلق على ما يأتسي الحزين ويتعزى به. كما في اللسان 18/37-38. وفي الطبري 28/41: القدوة. وهو الأنسب. و "أسوة" قرئ بالضم وبالكسر. وهما لغتان مشهورتان. فراجع أيضا: الفخر 8/137، والقرطبي 18/56، والبحر 8/254، والشوكاني 5/206.
(4) كما في الطبري. ورواه القرطبي 18/57 والفخر عن مجاهد. ورواه أبو حيان عنهما وعن عطاء الخراساني. كما رواه السيوطي في الدر 6/205 عن ابن عباس.
(5) وقال في المشكل 277: "يريد أن إبراهيم عاداهم وهجرهم في كل شيء إلا في قوله لأبيه: لأستغفرن لك". وقد ذكره الفخر مع تعقيب لابن الأنباري عليه، بنحو قول قتادة.
(6) كما في الطبري 28/47، والقرطبي 18/65، واللسان 15/298.

(1/461)


{وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا} وليسألوكم مهورَ من خرج إليكم من نسائهم (1) .
11- {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ} يقول: إن ذهبت امرأة من نسائكم فلحقتْ بالمشركين بمكة {فَعَاقَبْتُمْ} أي أصبتم [منهم] عُقْبَى (2) أي غنيمةً من غزوٍ.
ويقال: "عَاقَبْتُمْ": غزوتم معاقِبين غزوًا بعد غزو (3) .
[فآتوا] : فأعطوا المسلمين.
{الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ} إلى مكةَ {مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا} -يعني: المهر- من تلك الغنيمة قبل الخُمُس (4) .
وتُقرأ: (فَعَقَّبْتُمْ) (5) من "تعقيب الغزو".
وتقرأ: (فَأَعْقَبْتُمْ) (6) .
12- {وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ} ؛ [أي لا يُلْحِقْن (7) بأزواجهن غير أولادهم] .
__________
(1) راجع الكلام عن أحكام هذه الآية وسبب نزولها: في أحكام الشافعي 1/185-187 و 2/67-70، والطبري 28/44-49، والقرطبي 18/61-68، والفخر 8/140، والبحر 207، وأسباب الواحدي 8/317.
(2) كما قال أبو عبيدة، على ما في الفخر 8/141. واختاره الطبري 28/49، وأبو إسحاق النحوي على ما في اللسان 2/110. وانظر: البحر 8/258. وهو قريب مما حكاه الواحدي عن المفسرين -على ما في الشوكاني 8/210-: "فغنتم". وهو قول مسروق والنخعي، على ما في الطبري 28/50 واللسان.
(3) كما حكاه الفخر عن المبرد بزيادة، ونسبه القرطبي 18/69 إلى ابن قتيبة.
(4) هذا رأي ابن عباس ومجاهد وقتادة ومسروق والنخعي، على ما في الطبري 28/50، والقرطبي والدر 6/207-208. وقال الشافعي في الأحكام 2/71: "كأنه يعني من مهورهم؛ إذا فاتت امرأة مشرك أتتنا مسلمة، قد أعطاها مائة في مهرها؛ وفاتت امرأة مشركة إلى الكفار، قد أعطاها مائة-: حسبت مائة المسلم بمائة المشرك. فقيل: تلك العقوبة". وروي نحوه عن الزهري، واختاره الزمخشري. انظر: الطبري 28/49، والبحر 8/258، والدر 6/206.
(5) بالتشديد كما قرأ علقمة والنخعي وحميد وغيرهم. وقرئت أيضا: بفتح القاف وبكسرها مع التخفيف: وكلها لغات بمعنى واحد، كما قال القرطبي. وراجع: الطبري والبحر 8/257، والفخر، واللسان.
(6) قرأ مجاهد بذلك، وقال: "صنعتم كما صنعوا بكم". كما في القرطبي. وحكاها عنه في البحر. وذكرت في الفخر غير منسوبة.
(7) كما روي عن ابن عباس في الطبري 28/51، والدر 6/210، والفخر 8/142. واختاره الطبري، والجمهور على ما في القرطبي 18/72، والبحر 8/258.

(1/462)


وكانت المرأة تلتقطُ المولود فتقولُ للزوج: هذا ولدي منك (1) .
{وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} أي في أمرٍ تأمُرهن به. وأمرُ رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كلُّه معروفٌ.
13- {كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ} أن يبعثوا؛ كذلك يئس أولئك من الآخرة أن تكون (2) .
ويقال: "أراد كما يئس الكفار الموتى من الآخرة؛ أي يئس المشركون من الآخرة كما يئس أسلافهم الكفار المقبورون (3) ".
و"المَقْبُورون" هم: أصحاب القبور.
__________
(1) كما قال الفراء على ما في الفخر. وذكر في القرطبي والبحر.
(2) كما قال ابن عباس وقتادة والحسن والضحاك وغيرهم. على ما في الطبري 28/53-54، والقرطبي 18/76، والدر 6/112، والفخر 8/142.
(3) أن يرجعوا إلى الدنيا، أو أن يرحمهم الله في الآخرة. كما روي عن مجاهد وعكرمة والكلبي على ما في القرطبي والطبري والفخر. وانظر: البحر 8/259.

(1/463)


سورة الصَّف
مدنية كلها (1)
4- {بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} أي يثبتُون في القتال ولا يبرَحون؛ فكأنهم بناء قد رُصَّ (2) .
14- {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} ؟ أي مع الله (3) .
{قَالَ الْحَوَارِيُّونَ} شيعة عيسى عليه السلام. يقال: كانوا قَصَّارين [يُحَوِّرُون الثيابَ] . (4) و "التَّحْوير" للثياب وغيرها: تبييضُها.
{فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ} غالبين عالِين عليهم. من قولك: ظهرتُ على فلان؛ إذا علوته. وظهرتُ على السطح: إذا صرت فوقَه.
__________
(1) في قول الجميع أو الجمهور. وقيل: مكية. وروي القولان عن ابن عباس ومجاهد. انظر القرطبي 18/77، والبحر 8/261، والدر 6/112، والفخر 8/143، والشوكاني 5/213.
(2) كما قال المبرد والليث. وقال الفراء ومنذر بن سعيد: مرصوص بالرصاص. على ما في الفخر 8/144، والقرطبي 18/81، والبحر 8/260. وانظر الطبري 28/56، واللسان 8/ 307.
(3) كما تقول: الذود إلى الذود إبل؛ أي مع الذود. كما في القرطبي 18/90. وانظر الفخر 8/148.
(4) كما في الفخر. وانظر القرطبي، والطبري 28/60، واللسان 5/299-300.

(1/464)


سورة الجمعة
مدنية كلها (1)
5- {يَحْمِلُ أَسْفَارًا} أي كتبًا. واحدها: "سِفْر".
يريد: أن اليهود يحملون التوراة ولا يعملون بها؛ فمثلُهم كمثل حمَار يحمل كتبا من العلم: وهو لا يعقلُها (2) .
6- {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} أي ادْعُوا على أنفسكم به.
وفي الحديث: "لو دَعَوْا على أنفُسِهم بالموت، لماتُوا جميعًا"؛ هذا أو نحوُه من الكلام (3) .
و"التَّمَنِّي": القول والتلاوة، والتخَرص بالكذب (4) وليس يعرف عوامُّ الناس منه إلا الوَدَادة (5) .
9- {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} بادروا بالنية والجد. ولم يُرد العَدْو، ولا الإسراعَ في المشي (6) .
__________
(1) بالإجماع على الصحيح. وقيل: مكية. وهو خطأ: لأن أمر اليهود وانفضاض الناس في يوم الجمعة، لم يكن إلا بالمدينة. كما قال في البحر 8/266. وانظر القرطبي 18/91، والفخر 8/148، والدر 6/215، والشوكاني 5/218.
(2) كما في الطبري 28/63، والقرطبي 18/64. وانظر الفخر 8/150، والمشكل 378.
(3) أي روي هذا اللفظ أو نحوه. فابن قتيبة شاك في اللفظ. والحديث بمعناه في القرطبي 18/96.
(4) عبارة الأصل: "واهجرهن كذب"!! والقرطين: "والتخرص للكذب". وأصلها ما أثبتنا. فراجع اللسان 8/186 و 20/164، وما تقدم ص 55.
(5) انظر اللسان 4/468.
(6) كما هو رأي الحسن وغيره. على ما في القرطبي 18/101، والطبري 28/65-66، والفخر 28/152، والبحر 8/268، والدر 6/219. وهو الذي اختاره الشافعي في أحكامه 1/93 وأيده. وفسره في المشكل 390 بالمشي. وهو رأي مذكور في الفخر والقرطبي.

(1/465)


10- {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ} أي فُرغ منها.
11- {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا} يقال: "قدِم دِحْيَةُ الكلبيُّ -رضي الله عنه- بتجارة له من الشام، فضَرب بالطبل: لِيُؤْذِنَ الناسَ بقدومه".
{انْفَضُّوا إِلَيْهَا} أي تفرَّقوا عنك إليها. وقال (إليها) ، ولو قال: "إليهما" أو "إليه" لكان جائزا (1) .
{وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} تخطبُ.
يقال: "إن الناس خرجوا إلا ثمانيةَ نفَرٍ" (2) .
__________
(1) انظر المشكل 222، والقرطبي 18/111، والفخر 8/154، والبحر، والشوكاني 5/221.
(2) كما في البحر. وقد ورد في رواية عن ابن عباس في القرطبي 18/109. وقيل: إلا إحدى عشر، أو اثني عشر. وهو الصحيح. فراجع أيضا: أحكام الشافعي 1/94-95، والطبري 28/67-68، والدر 6/221، والفخر، والشوكاني 5/222، وأسباب الواحدي 319.

(1/466)


سورة المنافقون
مدنية كلها (1)
2- {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً} أي استتروا بالحلف: كلّما ظَهَر [النبيُّ] على (2) شيء منهم يوجب معاقبتهم، حلفوا كاذبين.
ومن قرأ: (إِيمَانَهُم) بكسر الألف؛ (3) ؛ أراد: تصديقهم بالله جُنةٌ [ووِقاية] (4) من القتل.
4- {كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ (5) مُسَنَّدَةٌ} جمع "خَشَبة". كما يقال: بَدَنَةٌ وبُدْنٌ، وأَكَمَةٌ وأُكْمٌ، ورَحْمَةٌ ورُحْمٌ. ومن المعتل: قادة وقُود (6) .
__________
(1) بالإجماع على ما في القرطبي 18/120، والبحر 8/271، والفخر 8/154، والدر 6/222، والشوكاني 5/222.
(2) كذا بالأصل. أي اطلع عليه. قال في اللسان 6/200: "يقال: أظهرني الله على ما سرق مني؛ أي أطلعني عليه".
(3) كالحسن على ما في البحر. والأولى قراءة الجمهور التي اقتصر عليها الطبري والفخر والقرطبي.
(4) فالجنة تطلق على الوقاية، كما تطلق على السترة. كما في اللسان 16/246-247.
(5) بسكون الشين. وهي قراءة قنبل عن ابن كثير والكسائي وأبي عمرو وغيرهم، واختيار أبي عبيد وأبي حاتم. على ما في القرطبي 18/125، والبحر 8/272. وانظر الكشاف 2/461، والطبري 28/70، والشوكاني 5/224. وراجع اللسان 1/340 و 14/286 و 15/121 و 16/193.
(6) كذا بالقرطين 2/170. وفي الأصل: "فأر وثور"!! و "القود" جمع الجمع، والمفرد: قائد. على ما قد يؤخذ من اللسان 4/372، والقاموس 1/330. وقد ضبط فيهما: بتشديد الواو. وسكت عنه شارح القاموس 2/477. وهو ضبط يخرج المثال عن صحة الاستشهاد به. نعم قد ورد في اللسان 374: "خيل قود" بضم القاف وتسكين الواو؛ وإن ورد في القاموس بفتح الواو. فلو صح هذا وثبت أن يطلق على الخيل قادة، كان المثال صحيحا في الجملة. ولو ثبت أن العادة والغادة يجمعان على عود وغود، لكان ما في الأصل مصحفا عن أحدهما. لكن لم يثبت ذلك على ما في اللسان 4/309 و 323، والتاج 2/436 و 447.

(1/467)


ومن قرأ: (خُشُبٌ) ؛ (1) ؛ جعله جمعا لـ "خَشَب"؛ [وخَشَبٌ جمع "خشبة] ". مثل ثَمَرة وثَمَر وثُمُر (2) .
{يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ} أي كلّما صاح صائح، ظنُّوا أن ذاك أمرٌ عليهم: جُبْنًا [منهم] . كما قال الشاعر:
ولو أنَّها عُصفُورةٌ لَحَسِبْتَها ... مُسَوَّمَةً تَدْعُو عُبَيْدًا وأَزْنَمَا (3)
أي لو طارت عصفورة لحسبتَها -من جبنك- خيلا تدعو هاتَيْن القبيلتَيْن.
ثم قال: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ} أي فهم الأعداء (4) .
__________
(1) بضمتين. وهي قراءة الجمهور. وهناك قراءة ثالثة: بفتح الخاء والشين. وهي جمع خشبة، كمدر ومدرة. وقد رويت عن ابن المسيب وابن جبير، ونسبت في الكشاف لابن عباس.
(2) حكاه الأزهري سماعا عن أبي الهيثم، على ما في اللسان 5/176. وقال سيبويه -على ما نقله عنه القرطبي-: إن "خشب" على هذه القراءة، جمع "خشاب" بالكسر، وهو جمع خشبة؛ مثل ثمرة وثمار وثمر (بالضم) .
(3) ورد البيت في المشكل 6 والقرطبي 18/126 غير منسوب، وفي اللسان 15/169 منسوبا للعوام بن شوذب الشيباني. وفيهما: "فلو ... لحسبتها" بضم التاء. وهو خطأ. وانظر: هامش المشكل. و "أزنم": بطن من بني يربوع.
(4) المشكل 219. وذكر نحوه في الكشاف 2/461، والفخر 8/156، وانظر الطبري 28/70، واللسان 19/263.

(1/468)


سورة التغابن
مكية إلا ثلاث آيات
من قوله: {إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ} إلى قوله: {فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (1) نزلت بالمدينة.
11- {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} يقال: (2) "إذا ابتُليَ صبرَ، وإذا أُنعِم عليه شكَر، وإذا ظُلم غفَر".
15- {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} أي إغرامٌ؛ كما يقال: فُتِنَ فلان بالمرأة وشُغِفَ بها (3) .
وأصل "الفتنة": البلوى والاختبار (4) .
16- {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ} قال ابن عُيَيْنةَ: "الشُّح: الظلم. وليس الشح أن تبخل بما في يدك؛ لأن الله تعالى يقول: {وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ} (5) .
__________
(1) 14-16. وفي الأصل: "فإن الله غفور رحيم". وهو خطأ قطعا. والمروي عن ابن عباس يفيد استثناء آيات من آخر السورة تبدأ بهذه الآية. فراجع: تفسير القرطبي 18/131، والشوكاني 5/228، والبحر 8/276، والدر 6/227.
(2) كما روي عن الكلبي، على ما في القرطبي 18/139، والشوكاني 5/231. وورد نحوه عن أهل المعاني وابن عباس، على ما في الفخر 8/162. وانظر الطبري 28/79-80. وهو اقتباس من حديث مرفوع أخرجه الطبراني في الكبير، والبيهقي في الشعب من طريق سخبرة، على ما في الفتح الكبير 3/145. وعبارة الأصل: "يقول".
(3) حكاه القرطبي 18/143 عن ابن قتيبة. وهو نحو ما ورد في اللسان 17/194: من تفسير الفتنة بالإعجاب.
(4) ثم تكون الكفر والإثم والعبرة، وغير ذلك مما بينه في المشكل 362.
(5) سورة محمد 38، وقد رواه القرطبي 18/30 والشوكاني 5/196 عنه مختصرا، في الكلام على آية الحشر التاسعة. كما روي نحوه عن ابن مسعود في الطبري 28/29 و 82، والدر 6/196، والقرطبي.

(1/469)


سورة الطلاق
مدنية كلها (1)
1- {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلمُ والمراد هو والمؤمنون (2) .
{وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} يريد: الحِيَض. ويقال: الأطهارُ (3) .
{لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} التي طُلِّقْنَ فيها؛ {وَلا يَخْرُجْنَ} من قِبَل أنفسِهن؛ {إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} فتُخرَجُ ليقامَ عليها الحدُّ (4) .
{لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} أي لعل الرجلَ يرغب فيها قبل انقضاء العدَّة، فيتزوجَها.
2- {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} أي منتهى العدَّة (5) -: فإمَّا أمسكتم عن الطلاق فكنَّ أزواجًا؛ أو فارقتم فراقًا جميلا لا إضرارَ فيه.
4- {إِنِ ارْتَبْتُمْ} أي شككتم.
__________
(1) بلا خلاف. على ما في القرطبي 18/147، والشوكاني 5/233، والبحر 8/281، والدر 6/229.
(2) الكشاف 2/465، والفخر 8/164، والبحر، والقرطبي 18/148. وقد ذكر في المشكل 209-211 شواهد مماثلة.
(3) هذا قول مالك والشافعي في الجديد. والأول قول أبي حنيفة والشافعي في القديم. وعن أحمد روايتان بكل منهما. والخلاف ناشئ عن تفسير القروء في آية البقرة 228: أهي الحيض، أم الأطهار؟ . فراجع الكلام عن ذلك كله: في الرسالة للشافعي 562-568، وأحكام القرآن 1/220-221 و 242-247، وتفسير الطبري 28/83-85، والفخر 8/165، والقرطبي 18/150-154؛ وآداب الشافعي 236؛ وما تقدم ص 86.
(4) كما روي عن ابن عباس وابن عمر والحسن والشعبي ومجاهد. على ما في القرطبي 18/156، والطبري 28/86 والفخر 8/166. وانظر أحكام الشافعي 1/255.
(5) وآخرها، كما في الكشاف 2/467. وقال الشافعي في الأحكام 1/226-227: "إذا قاربن بلوغ أجلهن. فلا يؤمر بالإمساك إلا من كان يحل له الإمساك في العدة". وهو اختيار الطبري 28/88، والقرطبي 18/157، والفخر 8/167، وصاحب البحر 8/282.

(1/470)


6- {مِنْ وُجْدِكُمْ} أي بقدر سعتكم (1) .
و"والوَُِجْد": المقدرة والغِنى؛ يقال: افتقر فلان بعد وجْدٍ.
{وَلا تُضَارُّوهُنَّ} قد بيناه في سورة البقرة (2) .
{وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ} أي هُمُّوا به، واعزموا عليه (3) .
ويقال: هو أن لا تُضرَّ المرأةُ بزوجها، ولا الزوجُ بالمرأة (4) .
{وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ} أي تضايقتم.
7- {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} أي ضُيِّقَ.
8- {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ} أي كم من قرية (5) .
{عَذَابًا نُكْرًا} أي منكرًا (6) .
9- {وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا} أي هَلَكة.
__________
(1) القرطبي 18/168، والطبري 28/94. وهو قول أبي عبيدة على ما في الفخر 8/169. وانظر الكشاف 2/469، والبحر 8/285، واللسان 4/458، والأم 5/216-217.
(2) ص 98. وانظر القرطبي والطبري والفخر.
(3) روى الطبري 28/96 أن السدي قال: "اصنعوا المعروف فيما بينكم".
(4) روى الفخر 8/169 عن المبرد نحوه. وانظر القرطبي 18/169.
(5) المشكل 396.
(6) القرطبي 18/173، وما تقدم ص 270.

(1/471)


سورة التحريم
مدنية كلها (1)
2- {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} أي أوجب لكم الكفارة (2) .
4- {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} أي عَدَلَتْ ومالتْ (3) .
{وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ} أي تتعاونا عليه.
{فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ} أي وَلِيُّهُ (4) .
5- {قَانِتَاتٍ} مطيعات (5) .
{سَائِحَاتٍ} صائماتٍ (6) .
ويرى أهل النظر (7) "أنه إنما سميَ الصائمُ سائحًا: تشبيهًا بالسائح الذي لا زاد معه".
[و] قال الفراء: "تقول العرب للفرس -إذا كان قائمًا لا علَفَ بين يديه-: صائمٌ؛ وذلك: أن له قوتَيْن غُدوةً وعشية؛ فشُبِّه به صيامُ الآدميِّ بتسحُّرِه وإفطارِه".
__________
(1) بالإجماع على ما في القرطبي 18/177، والشوكاني 5/233.
(2) إذا حلفتم. كما في المشكل 364. وانظر: القرطبي 18/185.
(3) عن الحق. كما في الفخر 8/173، والقرطبي 18/188. وانظر الطبري 28/104، واللسان 19/194، والمشكل 218.
(4) كما تقدم 100 و 403 و 411. وانظر المشكل 352.
(5) القرطبي 18/193، والفخر. وانظر المشكل 350.
(6) كما قال ابن عباس والحسن وابن جبير وقتادة والضحاك. على ما في القرطبي، والطبري 28/106، والدر المنثور 6/244. وزعم الزجاج -على ما في اللسان 3/323- أن هذا قول أهل التفسير واللغة جميعا.
(7) كما حكى في اللسان بزيادة. وذكر نحوه القرطبي 18/154 وصاحب البحر 8/291 عن الفراء وابن قتيبة، والطبري 28/106 عن بعض أهل العربية. وذكره الزمخشري 2/471، والفخر 8/173 بدون عزو.

(1/472)


6- قوله: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} أي قوا أنفسَكم النارَ: بطاعة الله ورسوله؛ وقوا أهليكم النارَ: بتعليمهم وأخذِهم بما ينجيهم منها (1) .
8- {تَوْبَةً نَصُوحًا} أي تَنصَحون فيها لله، ولا تُدْهِنون (2) .
12- {وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} المطيعين لله عز وجل.
__________
(1) كما روي بمعناه عن علي وابن عباس وقتادة ومجاهد ومقاتل؛ وعن عمر مرفوعا. وصححه ابن العربي، واختاره الفخر والطبري. انظر القرطبي 18/194- 195، والطبري 28/106-107، والفخر 8/174، والدر 6/244، والبحر 8/292.
(2) راجع أقوال العلماء في التوبة النصوح وعلامتها: في القرطبي 18/197-199، والطبري 28/107-108، والفخر 8/175، والبحر 8/293، والدر 6/245، واللسان 3/456. وانظر أحكام الشافعي 2/181 و 186.

(1/473)


سورة الملك (1)
2- {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا} أي ليختبرَكم.
3- {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ} أي اضطراب واختلافٍ.
وأصله من "الفوت" (2) وهو: أن يفوت شيء شيئا، فيقعَ الخللُ ولكنه متصل بعضُه ببعض.
{هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ} ؟ أي من صُدوع. ومنه يقال: فَطَر نابُ البعير؛ إذا شَقَّ اللحم وظهر.
4- {خَاسِئًا} مبعَدًا. من قولك: خسأتُ الكلبَ؛ إذا باعدتَه (3) .
{وَهُوَ حَسِيرٌ} أي كَلِيلٌ (4) منقطعٌ عن أن يَلحق ما نظَر إليه.
8- {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ} أي تنشقُّ (5) غيظًا على الكفار.
11- {فَسُحْقًا} أي بُعدًا.
__________
(1) مكية كلها في قول الجميع كما قال القرطبي 18/205، وأقره الشوكاني 5/250.
(2) كما قال ثعلب على ما في البحر 8/298. وذكر في القرطبي 18/208.
(3) ذكره الفخر بنصه، والطبري بنحوه. وانظر القرطبي 18/209، واللسان 1/58.
(4) كما قال الفراء على ما في اللسان 5/262، والفخر 8/182.
(5) أي تتقطع. كما في المشكل 84، والقرطبي 18/212، والطبري 29/4، واللسان 7/280. وانظر الفخر 8/185.

(1/474)


15- {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا} أي جوانبها (1) . ومَنْكِبا الرجل: جانباه.
16- {فَإِذَا هِيَ تَمُورُ} أي تدور، كما يمور السحاب: إذا دار وجاء وذهب.
17- {فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ} (2) أي إنذاري.
18- وكذلك: {فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} أي إنكاري.
19- {صَافَّاتٍ} باسطاتٍ أجنحتَهن.
{وَيَقْبِضْنَ} يضربْن بها جنوبَهن.
22- {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ} لا يُبصرُ يمينًا ولا شمالا ولا ما بين يديه. يقال: أكبَّ فلان على وجهه (بالألف) ، وكبَّه الله لوجهه (3) . وأراد: الأعمى (4) .
27- {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً} أي قريبًا منهم. يقول: لما رأوا ما وعدهم الله قريبًا منهم؛ {سِيئَتْ} وجُوهُهم، {وَقِيلَ} لهم: {هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ} أي تَدْعون. وهو "تفتعلون" من الدعاء (5) . يقال: دعوت وادَّعيت؛ كما يقال: خبَرت واختبَرت، ودخَرت وادَّخرت.
__________
(1) كما هو قول الكلبي ومقاتل والفراء ومنذر بن سعيد، على ما في الفخر 8/188، والبحر 8/301، والقرطبي 18/215، واللسان 2/270. وقد ورد نحوه في بعض الروايات عن ابن عباس وغيره. وهو اختيار الطبري 29/5. وانظر الدر 6/248.
(2) عبارة الأصل: "فكيف نذير". وهو تحريف قد مر التنبيه على نحوه: ص 358. وانظر صفحة 432.
(3) فهذا متعد، والأول لازم. كما في القرطبي 18/219، والطبري 29/7.
(4) كما في رواية عن ابن عباس في القرطبي. وانظر الفخر 8/190.
(5) كما قال الفراء وأكثر العلماء على ما في القرطبي 18/220، والفخر 8/192، واللسان 18/286. وهو اختيار الطبري 29/8. وانظر البحر 8/303-304.

(1/475)


30- {أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا} أي غائرًا؛ وُصِفَ بالمصدر (1) . يقال: ماءٌ غَوْر، ومياهٌ غَوْر. ولا يُجمع، ولا يُثَنَّى، ولا يؤنَّث. كما يقال: رجلٌ صَوْمٌ ورجالٌ صومٌ، ونساءٌ صومٌ.
{فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ} ؟! أي ظاهر. وهو "مفعول" من العَين؛ [كَمَبِيع من البيع] . وقد تقدم ذكر هذا (2) .
__________
(1) الطبري 29/9، والقرطبي 18/222، والفخر 8/192، واللسان 6/369. وهو للمبالغة كما قال القرطبي. على حد قولهم: محمد عدل ورضا.
(2) ص 297. وانظر الفخر والقرطبي والطبري، واللسان 17/178-179.

(1/476)


سورة القلم (1)
1- {ن} قال قتادةُ والحسن: (2) هي الدواة.
ويقال: الحوتُ تحت الأرض (3) .
وقد ذكرت الحروف المقطَّعة في كتاب "تأويل مشكل القرآن" (4) .
{وَمَا يَسْطُرُونَ} أي يكتبون.
3- {وَإِنَّ لَكَ لأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ} أي غير مقطوع [ولا منقوص] .
يقال: مَنَنْتُ الحبل؛ إذا قطعته.
6- {بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ} أي أيُّكم المفتونُ؟ [أي الذي فُتِن بالجنون] . والباء زائدة. (5) . كما قال الراجز:
__________
(1) مكية كلها في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر كما قال القرطبي 18/222، أو بلا خلاف بين أهل التأويل كما زعم ابن عطية على ما في البحر 8/307. وفي رواية عن ابن عباس وقتادة -حكاها الماوردي كما في القرطبي، والشوكاني 5/259-: أن بعضها مدني. وانظر الدر 6/249. وعبارة الأصل: "سورة ن".
(2) الطبري 29/10، والقرطبي 18/223، والفخر 8/193، والبحر، والدر 6/250. وهو قول الضحاك، ومروي عن ابن عباس.
(3) روي هذا عن مجاهد ومقاتل وعطاء الخراساني والسدي والكلبي وغيرهم. وهو المشهور عن ابن عباس.
(4) ص 230-239. وانظر هامشه.
(5) هذا قول قتادة وأبي عبيدة على ما في القرطبي 18/229، والبحر 8/309، والفخر 8/196، واللسان 17/195. ونسبه الفخر والقرطبي إلى الأخفش، كما نسبه الفخر إلى ابن قتيبة. وهو قريب في المعنى مما ذكره الطبري 29/13: من أن الباء بمعنى الفاء، أي في أي الفريقين المجنون. وحكاه عن مجاهد والضحاك. كما حكاه أبو حيان عن الحسن والأخفش، والزجاج عن النحويين على ما في اللسان. ونسبه أبو حيان والقرطبي إلى الفراء. وانظر الدر 6/251.

(1/477)


نَضْرِبُ بالسيفِ ونرجُو بالفَرَجْ (1)
أي نرجو الفرج.
وقال الفراء: (2) "و [قد] يكون (الْمَفْتُونُ) بمعنى: الفتنة؛ كما يقال: ليس له معقول -أي عقلٌ- ولا معقود، أي رأيٌ. وأراد: الجنونَ".
9- {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ} أي: تُدَاهن [وتَلين لهم] في دينك {فَيُدْهِنُونَ} [فيَلينون] في أديانهم (3) .
وكانوا أرادوه على أن يعبد آلهتَهم مدة، ويعبدوا الله مدة.
10- (الْمَهِينُ) الحقير الدنيء.
11- {هَمَّازٍ} عَيَّاب.
12- {مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ} بخيل.
{مُعْتَدٍ} ظلوم.
و (الْعُتُلُّ) الغليظ الجافي (4) . نراه من قولهم: فلان يُعْتَل؛ إذا غُلِّظَ عليه وعُنِّف به في القود: و (الزَّنِيمُ) : الدَّعِيُّ (5) .
__________
(1) أنشده أبو عبيدة كما في الفخر. وورد في الطبري 29/14 والقرطبي، والشوكاني 5/261، ومعجم البكري 3/1029، والخزانة (ش 789) - مسبوقا بهذا الشطر:
*نحن بنو جعدة أصحاب الفلج*
أو بني. وقد ورد هذا الصدر في معجم ياقوت 6/391 والتاج 2/17، منسوبا للنابغة الجعدي وورد في ياقوت بعده:
*نحن منعنا سيله حتى اعتلج*
و"فلج": مدينة بأرض اليمامة لبني جعدة وقشير وكعب بن ربيعة؛ أو مدينة قيس بن عيلان. كما قال ياقوت. وانظر اللسان 3/173.
(2) والمبرد كما في الفخر. وحكاه الزجاج عن النحويين أيضا. وذهب في الصحاح إلى نحوه: على أن الباء زائدة. ولم يرتضه ابن بري، وقال: إذا كانت زائدة فالمفتون الإنسان (لا الفتنة) كما في اللسان.
(3) المشكل 184. وهو قول الكلبي والفراء والليث، على ما في القرطبي 18/230، والفخر 8/197، والبحر 8/309، واللسان 17/9 وحكى الطبري 29/14-15 نحوه عن ابن عباس ومجاهد وقتادة، واختاره. وحكاه القرطبي هو وما بعده -بدون الزيادة- عن ابن قتيبة. وانظر الدر /6 251.
(4) هذا قول الزجاج كما في الفخر، وابن السكيت كما في القرطبي 18/232. وحكي في اللسان 13/449 واختار الطبري نحوه، ورواه عن ابن عباس. وانظر البحر 8/305.
(5) هذا قول الفراء كما في الفخر 8/198، واللسان 15/168. وهو اختيار الطبري 29/17 وروي عن ابن عباس على ما فيه وفي القرطبي 18/224، والبحر 8/310، والدر 6/252. واختاره في الكشاف 2/480، والبحر 8/305.

(1/478)


وقد ذكرت هذا في كتاب "تأويل المشكل"، وتأويل قوله: {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ} (1) .
17- {إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلا يَسْتَثْنُونَ} أي حلفوا ليَجُذُّنَّ ثمرها صباحًا؛ ولم يستثنوا.
20- {فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} أي سوداءَ كالليل مُحْتَرِقَةً. و "الليل" هو: الصّريم؛ و "الصبح" أيضًا: صريم. لأن كل واحد منهما ينصرم من صاحبه. (2) .
ويقال: "أصبحت: وقد ذهب ما فيها من الثمر؛ فكأنه صُرِمَ" (3) أي قُطِع وجُذَّ.
23-24- {وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ} أي يتسارون: بـ {أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ} (4) .
25- {وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ} أي منعٍ (5) . و "الحَرْد" و "المُحَارَدة": المنع. يقال: حَارَدَتْ السَّنَةُ؛ إذا لم يكن فيها مطرٌ. وحاردت الناقةُ: إذا لم يكن لها لبَنٌ.
__________
(1) ص 25 و 118-121. وراجع القرطبي 18/236، والطبري 29/18، والفخر، والبحر 8/311.
(2) المشكل 143، وأضداد ابن الأنباري 8. وذكر في الفخر 8/200، واللسان 15/228-229. وحكاه الطبري 29/20 عن بعضهم -كابن عباس- باختصار. كما حكاه القرطبي 18/242 وصاحب البحر 8/312 عن شمر. وانظر الدر 6/254، وما نقل عن الفراء في القرطبي 18/241 والبحر واللسان.
(3) ذكر ذلك في الفخر أيضا. وحكي في اللسان عن قتادة مختصرا.
(4) كما قال قتادة على ما في الدر 6/254، والقرطبي 18/241، والطبري 29/20. وحكي عن عطاء في القرطبي، وابن عباس في الفخر والدر. وانظر البحر واللسان 2/335.
(5) هذا قول أبي عبيدة والمبرد على ما في الشوكاني 5/264، والقرطبي 18/243، والبحر 8/305. ونسبوه إلى ابن قتيبة أيضا. وذكر في الفخر، واللسان 4/121 و 125. وهو رأي الفراء على ما قال الأزهري. وحكاه الطبري 29/21 عن بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة، وذكر توجيهه، ثم قال: "وهذا قول لا نعلم له قائلا -من متقدمي أهل العلم- قاله".

(1/479)


و "الحَرْد" أيضًا: القَصْدُ. يقال للرجل: لئن حَرَدتَ حَرْدَك؛ أي قصدتَ قصدَك. (1) ومنه قول الشاعر:
أمَّا إِذا حَرَدَتْ حَرْدِي فمُجْرِيَةٌ (2)
أي إذا قصَدتْ قَصْدِي.
ويقال (3) : (عَلَى حَرْدٍ) أي على حَرْدِ. وهما لغتان (4) ؛ كما يقال: الدَّرَك والدَّرْك. قال الأشهب بن رُمَيْلة:
أُسُودُ شَرًى لاقَتْ أُسُودَ خَفِيَّةٍ ... تَساقَوْا على حَرْدٍ دِمَاءَ الأسَاوِدِ (5)
{قَادِرِينَ} أي مَنَعوا: وهم قادرون، أي واجدون.
28- {قَالَ أَوْسَطُهُمْ} أي خيرُهم [فعلا] ، وأَعْدلُهم قولا-: {أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ} أي هلا تسبحون (6) .
40- {أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ} أي كفيل (7) . يقال: زَعَمْتُ به أزعُم [زَعْمًا وزَعَامَةً] ؛ إذا كَفَلْت.
__________
(1) في القرطبي، والكشاف 2/481، والفخر 8/201. وهذا الرأي نقل في اللسان -مع ما سبق وغيره- عن ابن الأعرابي، وروي عن ابن عباس، واختاره الطبري وأبو حيان 8/312.
(2) صدر بيت لمنقذ الأسدي الملقب بالجميح. وعجزه -كما في اللسان 9/214 و 18/151، والتاج 5/175 و 10/71-:
*ضبطاء تسكن غيلا غير مقروب*
والرواية في الموضع الأول: "أحردت". وهو تشبيه للمرأة باللبؤة الضبطاء نزقا وخفة.
(3) يعني: يقرأ. وهي قراءة أبي العالية وابن السميقع، كما في القرطبي والشوكاني 5/265.
(4) فصيحتان حكاهما المفضل وابن السكيت، وإن كان التسكين أكثر كما قال ابن الأعرابي على ما في اللسان 4/122، والبحر 8/305.
(5) البيت له: في الطبري 29/21، والبحر 8/305، واللسان 4/122. وورد فيه 18/259 بلفظ: "على لوح". وورد عجزه غير منسوب في الشوكاني 5/265. كما ورد صدره في اللسان 19/160. وقد استشهد ابن قتيبة به على ورود لغة التسكين والتخفيف. كما استشهد به ابن بري وأبو حيان والطبري والشوكاني علي ورودها بمعنى الغضب.
(6) أي هلا تستثنون وتقولون: سبحان الله! وتشكرونه على ما أعطاكم. كما قال مجاهد وأبو صالح والجمهور. وقيل: هلا تستغفرونه من فعلكم، وتتوبون إليه من خبث نيتكم. انظر القرطبي 18/244، والطبري 29/22، والفخر 8/201، والبحر 8/313، والدر 6/254.
(7) كما قال ابن عباس وقتادة على ما في القرطبي 18/247، والطبري 29/23، والدر. وهو الذي قاله أهل اللغة على ما في اللسان 15/158.

(1/480)


42- {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} أي عن شدةٍ من الأمر (1) .
قال الشاعر:
في سَنةٍ قد كشَفَتْ عن ساقِها ... حمراءَ تَبْرِي اللَّحْمَ عن عُرَاقِها (2)
"عُرَاقِها": جمع "عَرْق". والعُراقُ: العظام.
ويقال: "قامت الحرب على ساق" (3) .
وأصل هذا مُبَيَّن في كتاب "تأويل المشكل" (4) .
43- {تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ} تغشاهم.
44- {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ} أي نأخذُهم قليلا قليلا ولا نُباغِتُهم (5) .
45- {وَأُمْلِي لَهُمْ} أي أُطيلُ لهم وأُمهلُهم.
{إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} أي شديد. و "الكيد": الحيلةُ والمكر.
48- {وَهُوَ مَكْظُومٌ} من الغَمِّ (6) . و "كظِيمٌ" مثله.
49- (العَرَاءُ) الأرض التي لا تُواري مَن فيها بجبل ولا شجر (7) .
__________
(1) كما قال قتادة على ما في المشكل 103، والطبري 29/24. وروي نحوه عن ابن عباس ومجاهد وابن جبير. على ما في الفخر 8/203، والقرطبي 18/249، والدر 6/255 وهو اختيار أبي عبيدة وأهل اللغة، على ما في البحر 8/316، واللسان 12/34، والكشاف 2/482.
(2) البيت غير منسوب: في القرطبي 18/248، والشوكاني 5/267، والبحر 8/316. وفي الفخر: "شمرت". وورد عجزه في اللسان 12/115.
(3) وهو على المثل، كما في اللسان 12/34 و 35.
(4) ص 103-104 وقد نقل الفخر بعضه.
(5) المشكل 126. وحكي في القرطبي 18/251. وانظر الفخر 8/205، والشوكاني 5/268.
(6) كما هو رأي ابن عباس على ما في القرطبي 18/253، والطبري 29/28، والدر 6/258. وانظر الشوكاني 5/269، واللسان 15/424.
(7) انظر القرطبي 18/254.

(1/481)


51- {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ} قال الفراء: "يَعْتانونك أي يصيبونك بأعينهم" (1) ؛ وذكر: "أن الرجل من العرب كان يَمْثُل (2) على طريق الإبل -إذا صَدَرَتْ عن الماء- فيُصيبُ منها ما أراد بعينه، حتى يُهلِكَه". هذا معنى قوله، وليس هو بعينه.
ولم يرد الله جلّ وعزّ -في هذا الموضع- أنهم يصيبونك بأعينهم، كما يُصيبُ العائن بعينه ما يَسْتَحْسِنُه ويَعجَب منه.
وإنما أراد: أنهم ينظرون إليك -إذا قرأتَ القرآن- نظرًا شديدًا بالعداوة والبغضاء، يكاد يُزلِقك، أي يُسقطك. كما قال الشاعر:
يَتَقَارَضُون - إذا الْتَقَوْا في مَوْطِنٍ - ... نظَرًا يُزِيلُ مَوَاطِئَ الأقْدَامِ (3)
__________
(1) حكاه في اللسان 12/10 عن بعض المفسرين بمعناه، ثم نقل نحو ما بعده عن الفراء. وهو نحو ما حكي عن بني أسد: في الفخر 8/207، والقرطبي 18/254-255، والكشاف 2/484 وحكى الكلبي نحوه على ما في البحر 8/317-318.
(2) أي ينتصب قائما. كما في اللسان 14/136. وعبارة الأصل: "يميل عن".
(3) المشكل 129-130 و 325 باختصار. وذكر كذلك عن ابن قتيبة: في اللسان 12/10، والشوكاني 5/269. والبيت ورد أيضا: في اللسان 9/83، والكشاف 2/483 (أو شواهده 141) ، والقرطبي 18/256، والفخر 8/207، والبحر 8/317. وانظر هامش المشكل 8/129. وفي بعض الروايات: "يزل مواطن". وراجع الطبري 29/29-30.

(1/482)