غريب القرآن لابن قتيبة ت أحمد صقر سورة الحاقة
(1)
1- {الْحَاقَّةُ} القيامة؛ [لأنها] حَقَّتْ (2) . فهي حاقة
وحَقَّةٌ.
قال الفرّاء: (3) "إنما قيل لها حاقةٌ: لأن فيها حَوَاقَّ
الأمور [والثوابَ. و "الحَقَّةُ": حقيقة الأمر] . يقال: لمَّا
عرفتَ الحقَّةَ مني هربتَ. وهي مثل الحاقة".
5- {فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ} أي بالطغيان.
7- {حُسُومًا} تِباعًا. ويقال: هو من "حَسْمِ الداء" [إذا
كُويَ صاحبه] : لأنه يُكوَى (4) مرة بعد مرة، يُتابَعُ عليه
الكيُّ.
{أَعْجَازُ نَخْلٍ} أصولُ نخل.
{خَاوِيَةٍ} باليةٍ.
8- {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ} أي أثرٍ (5) .
ويقال: هل ترى لهم من بقاء؟ (6) .
9- {بِالْخَاطِئَةِ} أي بالذنوب.
__________
(1) مكية بالإجماع على ما في القرطبي 18/256، والشوكاني 5/270،
والبحر 8/320.
(2) أي ثبتت على ما في القرطبي، والكشاف 2/484، ومختصر البحر
8/319. وذكر الفخر 8/208 نحوه، ثم قال: "قال الليث: الحاقة
النازلة التي حقت بالجارية لها فلا كاذبة. وهذا معنى قوله
تعالى: (ليس لوقعتها كاذبة) [سورة الواقعة 2] ". وفي البحر:
"لأنها حقت لكل عامل عمله". ولعله محرف عن قول قتادة -المذكور
في الطبري 29/30، والدر 6/258-: "أحقت ... ".
(3) اللسان 11/338 ببعض اختلاف. والزيادة عنه. وقال الواحدي
-على ما في الشوكاني- والزمخشري والقرطبي والطبري نحوه.
(4) بالأصل: "يكون" ولعله مصحف عنه. وهذا الكلام قد روي نحوه
عن الفراء: في القرطبي 18/258، والشوكاني 5/272، والبحر
8/318-319. وعن بعض أهل العربية في الطبري 29/33. وذكر في
اللسان 15/24 التفسير بالتباع عن الفراء، وما بعده عن الأزهري.
وورد ذلك في الفخر 8/209.
(5) كما قال ابن جريج. على ما روي عنه: في الفخر 8/210،
والقرطبي 18/261.
(6) اختاره الطبري 29/33، وشرحه القرطبي.
(1/483)
10- {أَخْذَةً رَابِيَةً} عالية مذكورة.
12- {وَتَعِيَهَا} من "وعت الأذن" (1) .
17- {وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا} أي على جوانبها
[ونواحيها] .
19- {فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} يقال: "بمعنى
هاكُمُ اقرءُوا كتابيهْ"؛ (2) أبدلتْ الهمزةُ من الكاف (3) .
23- {قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ} ثمرها. واحدها: "قِطْفٌ".
27- {يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ} أي المَنِيَّة.
36- {إِلا مِنْ غِسْلِينٍ} وهو "فِعْلين" من غَسَلت؛ كأنه
غسالة.
ويقال: "هو: ما يسيل من صَدِيد أجسامِ المعذَّبين" (4) .
40- {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} لم يُرد أنه قول
الرسول؛ وإنما أراد: أنه قول رسول عن الله جل وعز. وفي
"الرسول" ما دل على ذلك؛ فاكتفى به من أن يقول: عن الله (5) .
45- {لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} مفسر في كتاب "تأويل
المشكل" (6) .
46- و {الْوَتِينَ} نِيَاطُ القلب؛ وهو: عِرق يتعلق به القلب،
إذا انقطع مات صاحبه (7) .
__________
(1) راجع الكلام عن ذلك: في القرطبي 18/263-264، والفخر
8/210-211.
(2) كما حكاه قتادة عن أكيس الناس، على ما في الطبري 29/ 38.
وانظر المشكل 420.
(3) ذكره في البحر 8/ 319 عن ابن قتيبة. وقال: "وهذا ضعيف. إلا
إن كان عن أنها تحل محلها في لغة من قال: هاك وهاك وهاكما
وهاكم وهاكن؛ فيمكن أنه بدل صناعي". وراجع الفخر 8/ 213،
والقرطبي 18/ 269، واللسان 20/372.
(4) روي عن ابن عباس في القرطبي 18/ 273 والطبري 29/ 41 والبحر
8/ 326، وعن الكلبي في الفخر 8/ 216، وعن الفراء وسيبوية
والسيرافي: في اللسان 14/7 واختاره الطبري. وانظر المشكل 48.
(5) ذكره القرطبي 18/ 274 بأوضح مما هنا، عن الكلبي وابن
قتيبة. وانظر الشوكاني 5/ 277، والفخر 8/ 216-217، والطبري 29/
41-42.
(6) ص 117-118. وانظر هامشه، والقرطبي 18/ 275، والفخر 8/
217-218.
(7) المشكل 118، والفخر 8/ 218 نقلا عن ابن قتيبة. وذكره
القرطبي 18/ 276 وحكاه عن ابن عباس وأكثر الناس. كالضحاك وابن
زيد على ما في الطبري 29/ 42-43. كما ذكره صاحب البحر 8/ 319.
(1/484)
سورة المعارج
مكية (1)
1- {سَأَلَ سَائِلٌ} سأل سائل (2) . أي دعا داع.
1-2-3 {بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ
* مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ} يريد: معارج الملائكة.
وأصل "المعارج": الدَّرَج؛ وهو من "عَرَج": إذا صَعِد.
8- (الْمُهْل) ما أذيب من الفضة والنُّحاس (3) .
9- {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ} أي كالصوف (4) . وذلك:
أنها تُبَسُّ.
10-11- {وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا} أي لا يسأل ذو قرابة
عن قرابته؛ ولكنهم {يُبَصَّرُونَهُمْ} أي يُعَرَّفُونهم (5) .
10-11- {وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا} أي لا يسأل ذو قرابة
عن قرابته؛ ولكنهم {يُبَصَّرُونَهُمْ} أي يُعَرَّفُونهم (6) .
13- {وَفَصِيلَتِهِ} عشيرته الأدْنَوْن.
__________
(1) بالاتفاق كما في القرطبي 18/278، والشوكاني 5/279.
(2) كذا بالأصل. وهما قراءتان: أولاهما قراءة الجمهور،
وثانيتهما قراءة نافع وابن عامر. وهي لغة قريش على ما قيل.
راجع القرطبي 18/ 278-280، والطبري 29/43، والفخر 8/218-219؛
والبحر 8/332، والكشاف 2/487، واللسان 13/338. وانظر المشكل
51.
(3) والرصاص. كما في الشوكاني 5/ 281، وفيما تقدم ص 267. وهو
قول ابن مسعود على ما في القرطبي 18/ 403، وأبي عبيدة على ما
في اللسان 14/156. وانظر هامش ما تقدم ص 403.
(4) كما قال مجاهد وقتادة، واختاره الطبري 29/ 46، وقيده بعضهم
بالمصبوغ أو بالأحمر أو بذي الألوان على ما في القرطبي
284-285، والفخر، واللسان 17/170. وقال الفخر 8/ 221-222:
"وإنما وقع التشبيه به: لأن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها
وغرابيب سود؛ فإذا بست وطيرت في الجو: أشبهت العهن المنفوش إذا
طيرته الريح".
(5) أي يعرف الله الحميم الحميم حتى يعرفه. على ما في الفخر 8/
222. وقد روي نحوه عن قتادة في الطبري 29/ 46. وإن كان هناك
قراءة بكسر الصاد مخففة، حكاها الزمخشري 2/ 488، ونسبها في
البحر 8/ 334 إلى قتادة. وانظر القرطبي 18/ 285-286.
(6) أي يعرف الله الحميم الحميم حتى يعرفه. على ما في الفخر 8/
222. وقد روي نحوه عن قتادة في الطبري 29/ 46. وإن كان هناك
قراءة بكسر الصاد مخففة، حكاها الزمخشري 2/ 488، ونسبها في
البحر 8/ 334 إلى قتادة. وانظر القرطبي 18/ 285-286.
(1/485)
16- {نَزَّاعَةً لِلشَّوَى} يريد: جلود
الرءوس. واحدها: "شواة" (1) .
19- (الْهَلُوعُ) الشديد الجزَعِ (2) . والاسم: "الهُلاع".
ومنه يقال: ناقة هِلْوَاعٌ؛ إذا كانت ذكيَّةً حديدةَ النفَس.
ويقال: "الهَلُوعُ": الضَّجُور (3) .
37- {عِزِينَ} جماعاتٍ (4) .
43- {كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ} و "النُّصُب": (5) . حجر يُنصب
ويُذبح عنده؛ أو صنمٌ يقال له: نَصْبٌ ونُصْبٌ ونُصُب (6) .
{يُوفِضُونَ} يُسرعون (7) . و"الإيفاض": الإسراع.
__________
(1) ذكر في البحر 8/ 330، والطبري 29/ 48. وهو قول الجوهري على
ما في القرطبي 18/ 288 وانظر اللسان 19/178، والفخر 8/ 233. و
"نزاعة" قرئ بالفتح وبالضم.
(2) روى في البحر 8/ 330 عن أبي عبيدة، وفي القرطبي 18/ 290
والشوكاني 5/ 284 عن ثعلب، وفي الطبري 29/ 49 عن ابن عباس
وقتادة وابن زيد. وذكر في اللسان 10/253.
(3) هذا قول عكرمة وابن عباس على ما في الطبري والقرطبي والدر
6/ 266، وقول الفراء والمبرد على ما في الفخر 8/ 223 واللسان
254. وروي بمعناه عن أبي عبيدة في القرطبي والشوكاني.
(4) روي عن أبي عبيدة بزيادة: "في تفرقة"؛ كما في القرطبي 18/
293، والبحر 8/ 330 وهو الوارد في الطبري 29/ 53 والفخر 8/
235. والواحد: "عزة" بفتح الزاي مخففة. على ما في الفخر
والقرطبي 18/ 294، واللسان 19/282، والنهاية 3/94.
(5) كما في اللسان 2/257 بهذا الضبط، نقلا عن ابن قتيبة.
(6) كما قال الجوهري على ما في اللسان 256، والقرطبي 18/ 296،
والشوكاني 5/ 286. و"نصب" قرأته العامة بفتح النون وجزم الصاد،
وابن عامر وحفص بضمهما، وعمرو بن ميمون وأبو رجاء بضم فسكون.
على ما في القرطبي. وراجع الفخر 8/ 226، والبحر 8/ 336،
والطبري 29/ 55-56.
(7) كما في المشكل 337، والقرطبي18/ 297، والفخر. وهو رأي ابن
عباس وقتادة على ما في البحر، والفراء على ما في اللسان 9/119.
(1/486)
سورة نوح
(1)
13- {مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} أي لا تخافون
له عظمة (2) .
14- {وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا} أي ضروبًا؛ يقال: نُطفةً،
ثم عَلَقة، ثم مُضغة، ثم عَظْمًا (3) .
ويقال: بل أراد اختلافَ الأخلاق والمناظر (4) .
22- {وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا} أي كبيرًا. يقال: كبير
وكُبَار وكُبَّار؛ كما يقال: طويل وطُوَال وطُوَّال (5) .
23- و (وُدٌّ) (6) صنم. ومنه كانت تسمِّي العربُ عبدَ وُدٍّ.
وكذلك: (يَغُوثَ) ومنه سمي: عبدُ يغوثَ.
و (سُوَاع) و (يَعُوقُ) و (نَسْر) كلها: أصنام كانت لقوم نوح
عليه السلام، ثم صارت في قبائل العرب (7) .
__________
(1) مكية بلا خلاف. على ما في القرطبي 18/298، والشوكاني
5/287، والدر 6/267، والبحر 8/338.
(2) هذا رأي ابن عباس ومجاهد وعطاء والضحاك، على ما في القرطبي
18/ 303 والطبري 29/59، والدر 6/ 268. وقول الفراء على ما في
اللسان 7/154، وأبي عبيدة على ما في البحر 8/ 339. ولم يرتضه
الفخر 8/229. وارتضى تفسير الكشاف 2/491 له بالتعظيم.
(3) روي عن ابن عباس وغيره في القرطبي والطبري 29/ 60. وذكر في
الفخر. وهو رأي الفراء على ما في اللسان 6/179.
(4) ذكر نحوه في اللسان والقرطبي 18/ 304، وحكاه الفخر عن ابن
الأنباري.
(5) ذكر في القرطبي 18/ 309. وانظر الشوكاني 5/ 291، واللسان
6/439 و 443.
(6) بضم الواو كما في الأصل. وهي قراءة نافع على ما في القرطبي
18/ 309 واللسان 4/469. ورويت أيضا عن شيبة وأبي جعفر على ما
في البحر 8/ 342.
(7) راجع فيما تقدم كله: الطبري 18/ 62، والدر 6/ 269، والكشاف
2/ 492، والفخر 8/ 231-232، والبحر 8/ 341-342، والشوكاني 5/
292، والقرطبي 18/ 307-310، واللسان 2/480 و 7/60-61 و 10/34 و
12/154 أيضا.
(1/487)
{مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ} أي من خطيئاتهم؛ و
"ما" زائدة.
26- {دَيَّارًا} أي أحدًا. ويقال: ما بالمنازل ديارٌ؛ أي ما
بها أحدٌ.
وهو من "الدار"؛ أي ليس بها نازلُ دار (1) .
28- {إِلا تَبَارًا} أي إلا هلاكًا. ومنه قوله: {وَكُلا
تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا} (2) .
__________
(1) ذكر هذا باختصار عن ابن قتيبة: في القرطبي 18/ 313، والفخر
8/ 233. وانظر الطبري 29/ 63، والبحر 8/ 343، واللسان 5/385.
(2) سورة الفرقان 39، وانظر القرطبي 18/ 314، والفخر 8/ 234،
وما تقدم.
(1/488)
سورة الجن
(1)
1- {نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} يقال: "النفر" ما بين الثلاثة إلى
العشرة (2) .
3- {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ} قال
مجاهد (3) جلالُ ربنا.
وقال قتادةُ (4) عظمته.
وقال أبو عبيدةَ (5) مُلكُه وسلطانُه.
4- {يَقُولُ سَفِيهُنَا} جاهلُنا.
{عَلَى اللَّهِ شَطَطًا} أي جَوْرًا في المقال (6) .
6- {فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} أي ضلالا.
وأصل "الرَّهَقِ": العيب. ومنه يقال: يُرَهَّقُ في دِينه (7) .
8- (والشُّهُبُ) جمع "شِهاب"، وهو: النجم المضيء.
9- و (الشَّهَابُ الرَّصَدُ) : الذي قد أُرصِد به للرَّجْم.
__________
(1) مكية كلها بالإجماع. على ما في القرطبي 19/1، والشوكاني
5/293.
(2) ذكره الشوكاني 5/ 294. وهو قول الخليل والليث على ما في
القرطبي 19/ 7، واللسان 7/83.
(3) كما في الطبري 29/65، واللسان 4/78. ورواه الطبري عن عكرمة
أيضا.
(4) كما في الطبري. وهو رأي الجمهور على ما في البحر 8/347،
وابن عباس على ما في الدر 6/271. وهو وما قبله سواء على ما في
اللسان. وانظر القرطبي 19/ 8، والفخر 8/239، والمشكل 230،
والشوكاني 5/ 295.
(5) كما في القرطبي والشوكاني، والبحر 8/ 344. وانظر الكشاف
2/493، واللسان 4/77.
(6) انظر المشكل 331. وهو قول أبي مالك وأبي إسحاق، على ما في
القرطبي 19/ 9، واللسان 9/207.
(7) أي يتهم فيه. على ما في اللسان 11/420.
(1/489)
11- {كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا} أي كنا
فِرَقًا مختلفةً أهواؤنا.
و"القِدَد": جمع "قِدة"؛ وهي بمنزلة قطعة وقِطَع [في التقدير
والمعنى] (1) .
12- {وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ} أي
اسْتَيْقَنَّا.
13- {فَلا يَخَافُ بَخْسًا} أي نقصًا من الثواب.
{وَلا رَهَقًا} أي ظلمًا.
وأصل "الرَّهَقِ": ما رَهِقَ الإنسانَ من عيب أو ظلم.
14- و {الْقَاسِطُونَ} الجائرون. يقال: قسط؛ إذا جار. وأقسط:
إذا عدل.
{فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا} أي تَوَخَّوْهُ وأمُّوه.
16- {وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ} يقال:
طريقةُ الكفر.
{لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا} و "الغدق": الكثير. وهذا
مِثلُ "لَزِدناهم في أموالهم ومواشيهم".
ومثلُه: {وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً} (2) أي
كَفَرَةً كلُّهم. هذا بمعنى قول الفراء (3) .
وقال غيره: "وأن لو استقاموا على الهُدَى جميعا: لأَوْسَعْنا
عليهم" (4) .
__________
(1) كما في المشكل 334. وانظر القرطبي 19/ 14-15، والفخر 8/
242، واللسان 4/342، والبحر 8/ 344 و 350، والشوكاني 5/ 297.
(2) سورة الزخرف 33، وقد تقدم ص 397 آية 33 من سورة الزخرف.
(3) هذا الرأي روي عن الكلبي والضحاك وأبي مجلز والربيع بن أنس
وزيد بن أسلم وغيرهم. على ما في القرطبي 19/ 17-18، والشوكاني
5/ 299، والبحر 8/ 352، والطبري 29/ 72-73. وذكر في الفخر 8/
243. كما ذكر مختصرا في المشكل 335.
(4) ذكر نحوه في المشكل 334، وروي عن ابن عباس والحسن ومجاهد
وقتادة وابن جبير. وهو اختيار الطبري 29/ 71. وذكر في الفخر
والقرطبي أيضا. وانظر الدر 6/ 274.
(1/490)
17- {لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} أي لنختبرَهم،
فنعلم كيف شكرُهم.
{يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا} أي عذابًا شاقًّا. يقال:
تصعّدني الأمر؛ إذا شق عليّ.
ومنه قول عمرَ: "ما تَصَعَّدَنِي شيءٌ ما تصعَّدَتْنِي (1)
خِطْبَةُ النِّكاح".
ومنه قوله: {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} (2) أي عقبةً شاقةً.
ونرى (3) أصلَ هذا كلِّه من "الصُّعود": لأنه شاقٌّ؛ فكُنِّي
به عن المشقات.
18- {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} أي السُّجود لله. هو جمع
"مَسجَد"؛ يقال: سجدت سجودًا ومَسجَدًا؛ كما يقال: ضربت في
البلاد ضربًا ومَضرَبًا. ثم يجمع فيقال: المساجدُ لله. كما
يقال: المضاربُ في الأرض لطلب الرزق (4) .
19- {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ} أي لما
قام النبي-صلى الله عليه وسلم- يدعو إليه (5) .
{كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا} أي يَلْبُدون به
[ويَتَراكبُون] : (6) رغبةً في القرآن، وشهوةً لاستماعه.
وهو جمع "لِبْدَة"؛ يقال: غَشِيَتْه لِبدةٌ من الحِرَام (7) أي
قطعةٌ لَبَدتْ به.
__________
(1) كذا في القرطبي 19/ 18، والكشاف 2/ 495، والفخر 8/ 243،
والنهاية 2/263، واللسان 4/239. وفي الأصل: "تصعدني". وذكر قول
عمر في البحر 8/ 352 باختلاف.
(2) سورة المدثر 17، وانظر المشكل 335، والفخر 8/ 244، واللسان
4/ 238.
(3) بالأصل: "ويروى"! والذي في النهاية واللسان أن كلام عمر من
"الصعود" بالفتح: العقبة الشاقة. وانظر كلام أبي عبيدة المذكور
في القرطبي 19/ 19، وما روي عن ابن عباس فيه وفي الفخر.
(4) ذكر في المشكل 335 مختصرا. وحكي كذلك في القرطبي 19/ 20،
والبحر 8/ 352، والكشاف 2/ 495. ورواه الفخر 8/ 244 عن الحسن.
(5) أي إلى الله كما قال ابن جريج. على ما في القرطبي 19/ 22.
وفي المشكل 235: "يدعو الله"؛ أي يعبده وحده. على ما في
القرطبي والفخر 8/ 244-245.
(6) كما في المشكل. أي يركب بعضهم بعضا، كما قال القرطبي
والأزهري على ما في اللسان 4/392. وقال الضحاك -كما في القرطبي
والطبري 29/ 74-: " ... يركبونه ... ".
(7) كذا بالأصل غير مضبوط. والظاهر أن المراد منه الشياه، أي
صوفها. واحدتها: "حرمي" بفتح فسكون. على ما في اللسان
15/15-16. وعبارة القرطين: "الجن"!.
(1/491)
22- {وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ
مُلْتَحَدًا} أي مَعْدِلا ومَوْئلا (1) .
23- {إِلا بَلاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ} هذا استثناء من
{لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا} إلا أن أُبَلِّغَكُم
(2) .
25- {أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا} أي غاية.
26-27- {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ
أَحَدًا * إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} أي اصطفَى للنبوة
والرسالة: فإنه يُطلعه على ما شاء من غيبه؛ {فَإِنَّهُ
يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ} أي يجعل بين
يديه وخلفه {رَصَدًا} من الملائكة: يدفعون عنه الجن أن يسمعوا
ما ينزل به الوحي، فيُلقُوه إلى الكَهَنة قبل أن يخبِر [به]
النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- الناسَ (3) .
28- {لِيَعْلَمَ} محمد أن الرسل قد بلَّغتْ عن الله عز وجل،
وأن الله حفظها ودَفَعَ عنها، وأحاط بما لَدَيها (4) .
ويقال: ليعلم محمد أن الملائكة -يريد جبريلَ- قد بلَّغ رسالاتِ
ربه (5) .
ويُقرأ: (لِتَعْلَمَ) بالتاء. (6) يريد: لتعلم الجنُّ أن الرسل
قد بلَّغتْ [عن] إلهِهم بما وَدُّوا (7) من استراق السمع.
__________
(1) أي ملجأ كما قال قتادة وغيره. على ما في القرطبي 19/ 24،
والطبري 29/ 76. وهو قول الفراء على ما في اللسان 4/394-395.
وانظر الفخر 8/ 245.
(2) هذا قول الفراء على ما في القرطبي 19/ 25، والفخر 8/ 245.
وانظر الكشاف 2/ 496، والبحر 8/ 354، والطبري 29/ 76.
(3) انظر المشكل 336، والقرطبي 19/ 26-28، والطبري 29/ 76-77،
والكشاف 2/ 497، والفخر 8/ 247-248، والبحر 8/ 355-357.
(4) هذا قول قتادة والكلبي على ما في القرطبي 19/ 29، والفخر
8/ 249، والبحر 8/ 357، والشوكاني 5/ 203 وهو اختيار الطبري
29/ 78.
(5) هذا قول ابن عباس وابن جبير ببعض اختلاف. على ما في
القرطبي والبحر والطبري 29/ 77 والشوكاني. وذكره الفخر. وانظر
المشكل 336.
(6) كذا بالأصل والقرطين 2/187. ولم نعثر على هذه القراءة.
ولكن عثرنا على قراءة أخرى لابن عباس ومجاهد وحميد ويعقوب: بضم
الياء. ولعل الأصل: "ليعلم بضم الياء". ويؤيد ذلك أن القرطبي
والشوكاني نقلا عن ابن قتيبة أنه قال: "ليعلم الجن أن الرسل قد
بلغوا ما أنزل عليهم، ولم يكونوا هم المبلغين باستراق السمع
عليهم".
(7) بالأصل: "لما ردوا". وهو تصحيف. وفي القرطين: "بما رجوا".
(1/492)
سورة المزمل
(1)
1- {الْمُزَّمِّلُ} المُتَلَفِّف في ثيابه. وأصله:
"المُتَزَمِّل"؛ فأدغمتْ التاء في الزاي (2) .
2-3-4- وقوله: {إِلا قَلِيلا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ
قَلِيلا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ} ؛ مفسر في كتاب "المشكل" (3) .
{وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا} قد ذكرناه في سورة بني
إسرائيل (4) .
5- {قَوْلا ثَقِيلا} أي ثقيلَ الفرائضِ والحدود.
ويقال: "أراد قولا ليس بالخفيف ولا السَّفْساف؛ لأنه كلام الله
عز وجل" (5) .
6- {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ} ساعاتِه الناشئةَ. من
"نشأَتْ": إذا ابتدأتْ.
{هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا} أي أثقل على المصلِّي من ساعات النهار.
{وَأَقْوَمُ قِيلا} لأن الأصواتَ تهدأُ فيه، ويتفرغُ القلب
للقرآن، فيُقِيمه القارئُ.
ومن قرأ: (وِطَاءً) (6) ؛ فهو مصدر "واطأْت". وأراد: مواطأةَ
السمعِ واللسان والقلب على الفهم له، والإحكامِ لتأويله.
__________
(1) مكية كلها في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر. واستثنى ابن
عباس وقتادة والثعلبي بعضها. انظر القرطبي 19/30، والشوكاني
5/305، والبحر 8/360، والدر 6/276.
(2) كما في المشكل 283، والقرطبي، والفخر 8/249، والكشاف
2/497.
(3) ص 283. وانظر هامشه.
(4) ص 262. يعني ذكر معناه. وانظر القرطبي 19/ 36، والطبري
29/80.
(5) هذا قول الفراء، والأول قول قتادة. على ما في القرطبي 19/
37، والطبري، والفخر 8/ 252 وانظر اللسان 13/ 90-91.
(6) كأبي العالية ومجاهد وأبي عمرو وابن عامر. راجع القرطبي
19/ 29، والفخر 8/ 253، والبحر 8/ 363، والمشكل 284 وهامشه،
واللسان 1/194.
(1/493)
7- {إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا
طَوِيلا} أي تصرُّفًا في حوائجك، وإقبالا وإدبارًا، [وذهابًا
ومجيئًا] .
8- {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ} أي انقطع إليه. من قولك: بَتَلْتُ
الشيء؛ إذا قطعته.
12- (الأنكال) القيود (1) . واحدها: "نِكْل".
{وَجَحِيمًا} أي نارًا.
13- {وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ} تَغَصُّ به الحُلوقُ.
14- {وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلا} أي رملا سائلا.
ومثله: {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا * فَكَانَتْ هَبَاءً
مُنْبَثًّا} (2) .
16- {أَخْذًا وَبِيلا} أي شديدًا (3) . وهو من قولك:
"اسْتَوْبَلْتُ البلدَ": [إذا استَوْخمتَها] . ويقال: كَلأ
مُستَوْبَل؛ أي لا يُستمرأُ.
17- {فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ
الْوِلْدَانَ شِيبًا} المعنى: فكيف تتقون يوما يجعل الولدان
شيبا، إن كفرتم.
18- {السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ} أي منشقٌّ فيه (4) .
{فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا} أي طريقًا
ووجهةً.
20- {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} لن تطيقوه (5) .
__________
(1) هو قول الحسن ومجاهد وعكرمة وغيرهم. على ما في القرطبي19/
45، والطبري29/ 85. وانظر الفخر8/ 256، والكشاف 2/ 500،
واللسان 14/201.
(2) سورة الواقعة 5، 6، وانظر ما تقدم ص 312 و 445.
(3) كما في اللسان 14/246. وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة على
ما في القرطبي 19/ 47، والطبري 29/ 86. وانظر الفخر 8/ 257.
(4) لشدته كما قال القرطبي 19/ 49. وهو تقدير الفراء على ما في
الفخر 8/ 258. وذكرت "السماء": لأن العرب تذكرها وتؤنثها. كما
قال الطبري 29/ 87.
(5) أي لن تطيقوا معرفة حقائق ذلك اليوم، ولا القيام فيه. على
ما في المشكل 283، والقرطبي 19/ 51 وانظر الفخر 8/ 259.
(1/494)
سورة المدثر
(1)
1- {الْمُدَّثِّرُ} المُتَدثر ثيَابه إذا نام. فأدغم التاءَ في
الدال.
4- {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} أي طهِّر نفسك من الذنوب. فكنَّى
عنه (2) بثيابه: [لأنها تشتمل عليه] .
قال ابن عُيَيْنَةَ (3) : "لا تَلْبَسْ ثيابَكَ على كذب، ولا
فجور، ولا غدر، ولا إثم. البَسْها: وبدنُك طاهرٌ. (قال) : وقال
الحسن: يُطيِّب أحدُهم ثوبه، وقد أَصَلَّ ريحُه! وقال ابن
عباس: أمَا سمعتَ قول الشاعر:
إنِّي - بحمدِ الله - لا ثَوْبَ غَادِرٍ ... لَبِسْتُ, ولا مِن
خَزْيَةٍ أَتَقَنَّعُ" (4)
وقال بعضهم: "ثيابَك فقصِّر؛ فإن تقصيرَ الثياب طُهرٌ لها" (5)
.
5- {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} يعني: الأوثان (6) . وأصل "الرجز"
العذاب. فسمِّيتْ الأوثانُ رجزًا: لأنها تؤدِّي إلى العذاب.
__________
(1) مكية كلها بالإجماع. على ما في القرطبي 19/58، والشوكاني
5/314، وتفسير ابن عطية. ونقل في البحر 8/370 عن مقاتل: أنه
استثنى الآية الحادية والثلاثين.
(2) أي عن النفس، كما روي عن ابن عباس في القرطبي 19/ 62.
وعبارة المشكل 107: "عن الجسم". أي عن المعاصي الظاهرة، كما
قال القرطبي في بيان قول آخر. وانظر الفخر 8/262، واللسان
1/239.
(3) كما في القرطبي 19/ 63 باختصار، وبدون ذكره لكلام الحسن
وابن عباس.
(4) البيت في اللسان 1/238 والشوكاني 5/ 315. وورد في الطبري
29/91، والقرطبي 19/ 62، والبحر 8/ 371، والدر 6/ 281- منسوبا
إلى غيلان بن سلمة الثقفي. وفي رواية: "وإني ... غدرة".
(5) ذكر في اللسان والفخر، والكشاف 2/501، والبحر. وهو رأي
الزجاج وطاوس والفقهاء، ومروي أيضا عن ابن عباس. على ما في
القرطبي 19/ 64 والشوكاني. وحكى الشافعي نحوه في الأم 1/47،
والأحكام 1/81.
(6) كما في المشكل 361. وهو قول مجاهد وعكرمة وقتادة وابن زيد،
وروي عن ابن عباس على ما في القرطبي 19/ 65، والطبري 29/ 93.
(1/495)
6- {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} يقول: لا
تُعطِ في الدنيا شيئًا، لتُصيبَ أكثر منه (1) .
8- {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} أي نُفخ في الصور أولُ
نفخةٍ.
11-12-13- {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا} أي فردًا: لا
مال له ولا بنينَ؛ ثم " جَعَلْتُ لَهُ مَالا مَمْدُودًا "
دائمًا {وَبَنِينَ شُهُودًا} وهو الوَليد بن المُغيرة: كان له
عشرة بنينَ (2) لا يغيبون عنه في تجارة ولا عمل.
16- {إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيدًا} أي معاندًا.
17- {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} أي سَأُغْشِيه مشقةً من العذاب.
و"الصَّعود": العَقبة الشاقة (3) . وكذلك "الكَؤُود".
18- {إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ} في كيد محمد - صلى الله عليه
وسلم - وما جاء به، فقال: "شاعرٌ" مرة، و "ساحرٌ" مرة، و
"كاهنٌ" مرة؛ وأشباهَ ذلك.
19-20- وقوله: {قُتِلَ} أي لُعن (4) . كذلك قيل في التفسير.
21- {عَبَسَ وَبَسَرَ} أي قطَّب وكرَّه (5) .
29- {لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ} أي مغيِّرةٌ لهم. يقال: لاحتْه
الشمسُ؛ إذا غيَّرتْه.
__________
(1) ذكر نحوه فيما تقدم ص 380. وانظر هامشه، والقرطبي 19/ 62،
والفخر 8/ 264، والطبري 29/ 93-94.
(2) هذا قول مجاهد وقتادة، وقيل: سبعة أو اثنا عشر أو ثلاثة
عشر. انظر القرطبي 19/ 70، والطبري 29/ 97، والفخر 8/ 267.
(3) كما في المشكل 335. وانظر ما تقدم ص 491، والقرطبي 19/ 72.
(4) هذا رأي الطبري 29/ 98، والقرطبي 19/ 73. وذكر في البحر 8/
374. وهو رأي الفراء في آية عبس (17) الآتية على ما في اللسان
14/66.
(5) في الأصل: "وكرها"! وفي القرطين 2/191: "وكدر" ولعل أصله
ما ذكرنا. فقد ورد في اللسان 17/433: "رجل متكره" بكسر الراء
مشددة. وقال أبو إسحاق -على ما في اللسان 5/123-: "نظر بكراهة
شديدة". وراجع القرطبي 19/ 74، والطبري 29/ 98، والفخر 8/ 269.
(1/496)
30-31- {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ * وَمَا
جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلا مَلائِكَةً} روي: أن رجلا
(1) من المشركين - قال: أنا أكفِيكم سبعةَ عشرَ، واكفُوني
اثنين: فأنزل الله: {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلا
مَلائِكَةً} فمن يطيقهم؟.
{وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ} في هذه القِلَّة {إِلا
فِتْنَةً} ؛ لأنهم قالوا: "ومَا قدْرُ تسعة عشر؟ فيُطيقوا هذا
الخلق كله! ".
{لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} حين وافقتْ
عدَّةُ خَزَنَةِ أهل النار ما في كتابهم. هذا قول قتادة (2) .
(وَاللَّيْلِ إِذَا دَبَرَ) (3) . أي جاء بعد النهار، كما
تقول: خَلَفَه. يقال: دَبَرني فلان وخَلَفني؛ إذا جاء بعدي.
34- {وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ} أي أضاء.
35- {إِنَّهَا لإِحْدَى الْكُبَرِ} جمع "كُبرى". مثل الأولى
والأوَلُ، والصُّغْرَى والصُّغَر. وهذا كما تقول: إنها لإحدى
العظائم والعُظَم (4) .
__________
(1) هو الحارث بن كلدة على ما في القرطبي 19/ 79، أو أخوه أبو
الأشد على ما في الفخر 8/ 270 وانظر الطبري 29/ 100، والدر 6/
284، والشوكاني 5/ 320.
(2) كما في الطبري 29/ 101، والقرطبي 19/ 80، والدر وهو رأي
ابن عباس والضحاك ومجاهد.
(3) كذا بالأصل. وهي قراءة بعض قراء مكة والكوفة: كابن عباس
والكسائي وأبي عمرو وغيرهم. وقرأ نافع وحمزة وحفص: "إذ أدبر".
وقال الفراء والزجاج والواحدي: هما بمعنى واحد، كقبل وأقبل.
على ما في الفخر 8/ 273، واللسان 5/354. وهناك قراءة ثالثة:
"إذا أدبر". حكاها في البحر 8/ 378 عن ابن مسعود والأعمش
وغيرهما. كما حكى الفخر التفسير الآتي عن أبي عبيدة وابن
قتيبة. وانظر الطبري 29/ 102، والقرطبي 19/ 82، والكشاف 2/
505، واللسان 10/434.
(4) ورد بهامش الأصل: "جمع عظمى". وانظر القرطبي 19/ 83.
(1/497)
42- {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} ؟ أي ما
أدخلَكم النارَ؟
50- {كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ} مذعورة؛
اسْتُنْفِرَتْ فنَفَرَتْ.
ومن قرأ: (مُسْتَنْفِرَةٌ) بكسر الفاء (1) ؛ أراد: نافرة. قال
الشاعر:
ارْبُطْ حِمَارَكَ, إنّهُ مُسْتَنْفِرٌ ... في إثْرِ
أَحْمِرَةٍ عَمَدْنَ لِغُرَّبِ (2)
51- {فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ} قال أبو عبيدة: هو الأسد (3) .
وكأنه من "القَسْر" وهو: القهر. والأسدُ يقهر السِّباع.
وفي بعض التفسير: "أنهم الرُّماة" (4) .
وروى ابن عُيَيْنَة (5) . أن ابن عباس قال: "هو رِكْزُ
الناسِ"؛ يعني: حسَّهم وأصواتَهم.
52- {بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى
صُحُفًا مُنَشَّرَةً} قالت كفار قريش: "إن كان الرجلُ يذنبُ،
فيُكتب ذنبُه في رُقعة: - فما بالُنا لا نرى ذلك؟! " (6) .
54- {كَلا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ} يعني: القرآن.
__________
(1) كالكسائي وأبي عمرو والأكثر. والأولى قراءة نافع وابن عامر
والمفضل.
(2) البيت أنشده الفراء وابن الأعرابي. وهو في اللسان 7/82،
والطبري 29/ 106، والقرطبي 19/ 87، والبحر 8/ 380 ويروى:
"أمسك".
(3) روي عن جمهور من اللغويين، وعن الكلبي وابن عباس وأبي
هريرة. وزعم بعضهم -أو ابن عباس- أن ذلك في لغة الحبشة. وخالفه
عكرمة. راجع البحر 8/ 380، والفخر 8/ 275، والطبري 29/ 106،
والقرطبي 19/ 87-88، والدر 6/ 286، واللسان 6/402.
(4) روي عن أبي موسى ومجاهد وعكرمة والأزهري، وابن عباس أيضا.
(5) كما في الدر والطبري 29/ 107، وفي اللسان بلفظ: "نكر".
وروي عنه أيضا في القرطبي.
(6) ذكره في الفخر بمعناه. وهو قول الكلبي على ما في القرطبي
19/ 88.
(1/498)
سورة القيامة
(1)
1- قوله عز وجل: {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} ؛ "لا"
صلةٌ، (2) أريدَ بها تكذيبُ الكفار؛ لأنهم قالوا: لا قيامةَ.
2- (وَالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) أي تلومُ نفسَها يوم القيامة.
3، 4، 5 {أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ *
بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ * بَلْ
يُرِيدُ الإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ} هذا مفسر في كتاب
"تأويل المشكل" (3) .
6- {يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ} أي متى يومُ
القيامة (4) ؟ .
7- {فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ} إذا حارَ عند الموت (5) .
وأصل "البَرَق": الدهَش. يقال: بَرِقَ الرجل يبرقُ برقًا.
ومن قرأ: (بَرَقَ) ؛ (6) أراد: بريقَه إذا شخَصَ.
8- {وَخَسَفَ الْقَمَرُ} و "كُسِفَ" واحد (7) .
11- {كَلا لا وَزَرَ} أي لا ملجأَ.
__________
(1) مكية كلها بلا خلاف. على ما في القرطبي 19/89، والبحر
8/384.
(2) هذا رأي أبي عبيدة كما في الشوكاني 5/325 وحكاه القرطبي
19/ 90، والطبري 29/108. وضعفه الفخر 8/171.
(3) ص 269-270. وانظر هامشه، والقرطبي 19/ 91-93.
(4) انظر المشكل 270 و 397، والفخر 8/ 279.
(5) كما قال أبو عمرو والزجاج وغيرهما. على ما في القرطبي 19/
94، والطبري 29/ 112.
(6) كنافع وأبان عن عاصم. والسابقة قراءة الباقين. راجع أيضا:
اللسان 11/296-297، والبحر 8/ 382 و 385، والفخر 8/ 279-280،
والكشاف 2/508.
(7) هذا رأي أبي عبيدة وجماعة من أهل اللغة كالجوهري. على ما
في البحر 8/ 386، واللسان 10/414 ونص الآية قرأه الأعرج وابن
أبي إسحاق وزيد بن علي وغيرهم: بضم الخاء وكسر السين. وقرأه
الجمهور بالتحريك. راجع أيضا الفخر والقرطبي 19/ 95.
(1/499)
وأصل "الوَزَر": الجبل [أو الحِصن] الذي
يُمتنَع فيه.
13- {يُنَبَّأُ الإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ} من عمل
الخير والشر.
{وَأَخَّرَ} من سُنّة عُمل بها بعده.
14-15- {بَلِ الإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ
أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} أي شهيدٌ عليها بعملها بعدهُ ولو اعتذر.
يريد: شهادةَ جوارحه.
ويقال: "أراد: بل على الإنسان -من نفسه- بصيرةٌ" (1) .
17- {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} أي ضمَّه وجمْعَه.
18- {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ} أي جمعناهُ.
{فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} أي جَمْعه. و "القراءة" و "القرآن"
مصدران.
قال قتادةُ (2) "اتبعْ حلاله، و [اجتنب] حرامَه".
22- {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} أي مُشرقةٌ.
24- {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ} أي عابسةٌ مقطِّبةٌ.
25- و (الْفَاقِرَةُ) الداهيةُ. يقال: إنها من "فَقَار الظهر"
كأنها تكسِره.
تقول: فَقَرتُ الرجل؛ إذا كسرتَ فَقَارَه. كما تقول:
رَأَسْتُه؛ إذا ضربتَ رأسَه؛ وبَطَنْتُه: إذا ضربتَ بطنَه.
ويقال: رجل فقير وفَقِرٌ.
وقال أبو عبيدة (3) "هو من الوَسْمِ الذي يُفْقَرُ به على
الأنف".
26-27- {كَلا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ} يعني: النفس؛ أي
صارت النفس
__________
(1) أي شاهد. كما حكاه القرطبي 19/ 95 عن بعض أهل التفسير.
وحكي الأول عن ابن قتيبة والفراء وابن عباس. وجمع بينها في
المشكل 148. وانظر الطبري 29/ 115-116، والفخر 8/ 281، والبحر
8/ 386.
(2) كما في الطبري 29/ 118، والدر 6/ 289، والفخر 8/ 283؛ وفي
القرطبي 19/ 105 بمعناه.
(3) كما في الفخر 8/ 287، والبحر 8/ 389 بمعناه. وذكر نحوه عن
الليث في اللسان 6/369، وعن الأصمعي في القرطبي 19/ 108،
والشوكاني 5/ 329. وهو رأي الطبري 29/ 121، والأول رأي ابن
المسيب ومجاهد. وقد ذكر الفخر بعض كلام ابن قتيبة السابق.
(1/500)
بين تراقيه. {وَقِيلَ: مَنْ رَاقٍ} ؟ أي هل
أحدٌ يرقِي؟
29- {وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ} أتاه أولُ شدةِ أمرِ
الآخرة، وأشدُّ آخرِ أمر الدنيا.
ويقال: "هو التفاف ساقَي الرجلِ عند السِّيَاقِ". [و] هو مثل
قولهم (1) "شمَّرت عن ساقها".
31- {فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى} أي لم يصدق ولم يصل (2) .
33- {يَتَمَطَّى} يَتَبَخْتَرُ. وأصله "يتمطّط"؛ فقُلبتْ
الطاءُ فيه ياء. كما يقال: يَتَظَنَّى؛ وأصله: يَتَظَنَّن.
ومنه "المِشْيَةُ المُطَيْطَاءُ".
وأصل الطاء في هذا كله: دال. إنما هو: مدُّ يدِه في المشي، إذا
تبختر.
يقال: مدَدتُ ومططتُ؛ بمعنى واحد.
35- {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} تهدُّدٌ ووعيدٌ (3) .
36- {أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} أي يُهْمَلَ: فلا يؤمَر، ولا
يُنهَى، ولا يُعاقَبَ (4) . يقال: أسديتُ الشيء؛ إذا أهملته.
__________
(1) بالأصل: "قوله"! و "السياق": نزع الروح. وهذا قول بعضهم
كالشعبي وقتادة. والأول قول ابن عباس ومجاهد وغيرهما. راجع
الطبري 29/ 122-123، والقرطبي 19/ 110، والفخر 8/ 288، والبحر
8/ 390، والدر 6/ 295-296، واللسان 12/34-35.
(2) كما في المشكل 417، والقرطبي 19/ 111. وانظر الفخر 8/
288-289.
(3) كما في المشكل 417 والقرطبي. وانظر الفخر 8/ 289.
(4) لم يختلف أهل العلم بالقرآن في ذلك، كما قال الشافعي في
الأحكام 1/36 و 2/123 وانظر هامشه والطبري والفخر، والقرطبي
19/ 114، والبحر 8/ 382، واللسان 19/98.
(1/501)
سورة الدهر
(1)
1- {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ} قال المفسرون: "أراد: قد
أتى على الإنسان" (2) .
2- {أَمْشَاجٍ} أخلاط؛ يقال: مَشَجْتُه فهو مَشِيجٌ. يريد:
اختلاطَ ماء الرجل بماء المرأة (3) .
{نَبْتَلِيهِ} نختبره. أي إنا جعلناه سميعًا بصيرًا، لنبتليه
بذلك (4) .
7- {كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} أي فاشيًا منتشرًا. يقال:
اسْتَطَار الحريقُ؛ إذا انتشر. واسْتَطَار الفجرُ: إذا انتشر
الضوء (5) .
10- {يَوْمًا عَبُوسًا} أي يومًا تَعْبِسُ فيه الوجوهُ. فجعل
عبوسًا من صفة اليوم؛ كما قال: (في يومٍ عاصفٍ) (6) ؛ أراد:
عاصف الريح.
و (الْقَمْطَرِيرُ) الصَّعب الشديد. [يقال] : يوم قَمْطَرِيرٌ
وقُمَاطِرُ (7) ؛ [إذا كان صعبًا شديدًا أشدَّ ما يكون من
الأيام، وأطولَه في البلاء] . ويُقال: المُعبِّسُ الوجه.
__________
(1) مدنية في قول الجمهور، ومكية في قول ابن عباس ومقاتل
والكلبي. وقيل غير ذلك. على ما في القرطبي 19/116، والبحر
8/393.
(2) كما في المشكل 410. وهو رأي سيبويه والكسائي والفراء وأبي
عبيدة. على ما في القرطبي. وقد حكى الفخر 8/290 الاتفاق عليه.
(3) كما قال ابن عباس وغيره على ما في الفخر 8/ 291، والقرطبي
19/ 119، والطبري 29/126، والبحر. وانظر أحكام الشافعي
2/188-189.
(4) كذا بالفخر والقرطبي 19/ 120. وفي الأصل: "نبتليه" وهو
تحريف.
(5) ذكر في القرطبي 19/ 126، والفخر 8/ 295. وانظر البحر 8/
392، والطبري 29/ 129.
(6) سورة إبراهيم 18، وانظر ما تقدم 232، والقرطبي 19/ 133،
والفخر 8/ 297-298.
(7) هذا قد ورد بالأصل بعد كلمة الوجه الآتية وهو إنما ذكر
لتأييد الرأي المختار لابن قتيبة والفراء وأبي عبيدة والمبرد
والكلبي؛ على ما في الفخر. فرأينا أن المناسب تقديمه وإضافة ما
يوضحه. والرأي الآتي للزجاج، ونسبه القرطبي 19/ 134 لمجاهد
وأبي عبيدة أيضا. فراجع أيضا اللسان 6/429، والطبري 29/ 131،
والبحر 8/ 392.
(1/502)
14- {وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلا} أي
أُدْنِيَتْ منهم. من قولك: حَائطٌ ذليلٌ؛ إذا كان قصير
السَّمْكِ (1) .
ونحوه قوله: {قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ} (2) . و "القطوف": الثمر؛
واحدها: "قِطْفٌ".
و (التَّذْلِيلُ) أيضًا: تسويةُ العُذوقِ (3) . يقول أهل
المدينة: ذُلِّلَ النخلُ؛ أي سُويَ عُذُوقُه.
15- و (الأكْوَابُ) كيزان لا عُرًى لها. واحدها: كُوب (4) .
16- {قَوَارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ} مفسر في كتاب "تأويل المشكل"
(5) .
{قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا} على قَدْر الرِّيّ.
17-18- {كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلا} يقال: هو اسم العين.
وكذلك (السَّلْسَبِيلُ) اسم العين (6) .
قال مجاهد (7) "السلسبيل: الشديد [ة] الجَرْيَة".
وقال غيره: "السلسبيل: السَّلِسَةُ اللَّيِّنَة" (8) .
وأمَّا "الزنجبيل": فإن العرب تضرب به المثل وبالخمر
ممتزِجَيْن. قال المُسيَّب بن عَلَس يصف فم المرأة:
وَكَأَنَّ طَعْمَ الزَّنْجَبِيلِ به ... - إذْ ذُقْتُه -
وَسُلافَةَ الخَمْرِ (9)
__________
(1) نقله في الفخر 8/ 299 عن ابن قتيبة. وهو رأي مجاهد على ما
في القرطبي 19/ 137.
(2) سورة الحاقة 23، وقد تقدم 484. وانظر الطبري 29/133،
واللسان 13/274.
(3) كما قال أبو حنيفة الدينوري على ما في اللسان. وانظر أيضا
12/109 منه.
(4) انظر ما تقدم 400 و 447 وهامشه، والقرطبي 19/ 128.
(5) ص 23 و57. وانظر القرطبي والفخر، والبحر 8/ 397، والطبري
29/ 133-134.
(6) كما قال الزجاج على ما في القرطبي 19/ 140 والفخر 8/ 300
واللسان 13/366، أو بعض نحويي البصرة كما في الطبري 29/ 135.
وتفسير الزنجبيل روي عن مجاهد وقتادة وغيرهما. وانظر البحر 8/
398.
(7) كما في الطبري والقرطبي بلفظ "حديدة". وروي نحوه عن ابن
عباس.
(8) ذكر في اللسان بمعناه. ورواه الطبري عن مجاهد أيضا.
(9) البيت له: في الكشاف 2/512 (أو شواهده 69) ، والقرطبي 19/
140، والبحر 8/ 392، وديوانه الملحق بديوان الأعشى 352. وانظر
اللسان 13/332.
(1/503)
21- و (السُّنْدُسُ) و (الإسْتَبْرَقُ) قد
تقدم ذكرهما (1) .
28- {وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ} أي خَلْقَهُم (2) . يقال: امرأةٌ
حسنةُ الأسْرِ؛ أي حسنة الخَلْقِ: كأنها أُسِرت، أي شُدَّتْ.
وأصل هذا من "الإسار" وهو: القِدُّ [الذي يُشَدُّ به
الأقْتَابُ] . يقال: (3) ما أحسَنَ ما أسَرَ قَتَبَهُ! أي ما
أحسن ما شَدَّه [بالقِدِّ] ! وكذلك: امرأةٌ حسنة العَصَب، إذا
كانت مُدْمَجَةَ الخَلْقِ: كأنها عُصِّبَتْ، أي شُدَّتْ.
__________
(1) ص 267 و 403. وانظر هامشه والقرطبي 19/ 144، والفخر 8/
302.
(2) كما قال ابن عباس ومجاهد وقتادة ومقاتل وغيرهم. على ما في
القرطبي 19/ 149، والطبري 29/ 139. وذكر في اللسان 5/77.
(3) كما قال الأصمعي على ما في اللسان 5/ 76. وانظر القرطبي.
(1/504)
سورة المُرْسَلات
مكية (1)
1- (الْمُرْسَلاتُ) الملائكة؛ {عُرْفًا} أي متتابعة. يقال: هم
إليه عُرْفٌ واحدٌ. ويقال: أُرسِلَتْ بالعُرْف؛ أي بالمعروف
(2) .
2- و (الْعَاصِفَاتُ) الرياح.
3- و (النَّاشِرَاتُ) الرياح التي تأتي بالمطر؛ من قوله:
{وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ
رَحْمَتِهِ} (3) .
4- {فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا} [هي] : الملائكةُ تنزل، تَفْرُقُ
ما بين الحلال والحرام.
5- {فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا} هي: الملائكة أيضًا، تُلقي
الوحيَ إلى الأنبياء.
6- {عُذْرًا أَوْ نُذْرًا} إعذارًا من الله وإنذارًا (4) .
8- {فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ} أي ذهب ضوءها: كما يُطمَسُ
الأثرُ حتى يذهبَ.
9- {وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ} أي فُتِحَتْ.
__________
(1) كلها في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر. واستثنى ابن عباس
وقتادة ومقاتل منها الآية الثامنة والأربعين. على ما في
القرطبي 19/151، والبحر 8/403.
(2) كما في المشكل 126. وانظر القرطبي والطبري 29/141، والفخر
8/308.
(3) سورة الأعراف 57، وانظر ما تقدم 169، والقرطبي 19/ 153،
والطبري 29/ 142.
(4) فـ "أو" بمعنى واو النسق، كما في المشكل 414. وقد قرأ بها
إبراهيم التيمي وقتادة. على ما في القرطبي 19/ 154، والبحر 8/
405.
(1/505)
11- {وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ} جُمعت
لوقتٍ، وهو: يوم القيامة.
12- {لأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ} [استفهام] على التعظيم لليوم
(1) ؛ كما يقال: ليومٍ أيِّ يوم! و (أُجِّلَتْ) : أُخِّرت.
20- {مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} أي حقير.
23- {فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ} ! بمعنى "قدَّرنا"
مشدَّدةً (2) . يقال: قدَرتُ كذا وقدَّرتُه.
ومنه قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الهلال: "إذا غُمَّ
عليكم فاقْدُرُوا له"؛ (3) . أي فقدِّرُوا له المسيرَ
والمنازلَ.
25- {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا} أي تضمُّكم فيها.
و"الكَفْتُ": الضمّ. يقال: أَكْفِتُ إليك كذا؛ أي أضُمُّه
إليك.
وكانوا يسمون بقيعَ الغَرْقَدِ: "كَفْتَةً"؛ لأنها مَقْبَرَةٌ
تضمُّ الموتى (4) .
26- {أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا} يريد: أنها تضم الأَحياءَ
والأَمواتَ (5) .
27- {شَامِخَاتٍ} [جبالا] طوالا. ومنه يقال: شَمخَ بأنفِه؛
[إذا رفعه كِبْرًا] .
{مَاءً فُرَاتًا} أي عذبًا.
__________
(1) كما في القرطبي 19/ 156. أو التعجب كما في المشكل 216،
والفخر 8/ 312.
(2) كما في القرطبي 19/ 158 هو وسائر ما بعده، نقلا عن ابن
قتيبة. وهو قول الكسائي والفراء. وبالتشديد قرأ نافع والكسائي
على ما في القرطبي والفخر 8/ 314، وعلي -كرم الله وجهه- على ما
في البحر 8/ 466. وحكاها الفراء عنه على ما في القرطبي واللسان
6/386. وانظر الطبري 29/ 144، والكشاف 2/515.
(3) كذا باللسان والنهاية 3/233. وفي القرطبي: "فأقدروا". وكل
صحيح. وهذا بعض حديث مشهور في كتب الفقه والحديث.
(4) كما في القرطبي 19/ 159، والبحر 8/ 402، واللسان 2/385.
(5) راجع شرح ذلك وتفصيله: في الطبري 29/ 145، والفخر 8/
314-315، والقرطبي 19/ 160 والبحر 8/ 406 واللسان 2/ 284 أيضا.
(1/506)
30- {انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ
شُعَبٍ} مفسر في "تأويل مشكل القرآن" (1) .
32- {بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ} من البناء.
ومن قرأه: {كَالْقَصْرِ} (2) ؛ أراد: أصولَ النخل المقطوعة
المقلوعة.
ويقال: أعناق النخل [أو الإبل] ؛ شَبَّهَها بقَصَرِ الناس، أي
أعناقِهم.
33- (جِمَالاتٌ) جُمَالات (3) .
{صُفْرٌ} أي إبلٌ سود. واحدها: "جِمَالَةٌ". والبعير الأصفر
هو: الأسود؛ لأن سواده تَعْلُوه صُفْرةٌ.
[و] قال ابن عباس (4) "الجِمَالات الصُّفر: حِبالُ السُّفن
يُجمعُ بعضُها إلى بعض، حتى تكون كأوساط الرجال".
39- {فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ} أي حيلةٌ: {فَكِيدُونِ} أي
فاحتالوا.
__________
(1) ص 245 وانظر القرطبي والطبري 29/ 146، والفخر 8/ 315.
(2) كابن عباس ومجاهد وحميد والسلمي. وقرأ ابن مسعود: بضمتين.
وهناك قراءتان: بكسر ففتح، وبالعكس. انظر القرطبي 19/ 162،
والبحر 8/ 407، والفخر 8/ 316، والطبري 29/ 146-147، والكشاف
2/ 516، واللسان 6/412-413، والمشكل 246.
(3) بالأصل: "جمالات حمالات" وهو تصحيف. والأول قراءة الجمهور
وعمر بن الخطاب. والثانية قراءة ابن عباس وقتادة وغيرهما. وقرأ
حفص وحمزة والكسائي: "جمالة" بالكسر وقرأ الأعمش وغيره:
"جمالة" بالضم. انظر البحر والفخر والكشاف، والقرطبي 19/ 163،
والطبري 29/ 148، واللسان 13/130-131.
(4) كما في الطبري والقرطبي والبحر واللسان، والدر 6/304 وذكر
في الفخر.
(1/507)
سورة النبأ
(1)
1-2- {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ}
يقال: القرآنُ. ويقال: القيامةُ (2) .
6- {مِهَادًا} أي فِراشًا.
7- {وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا} أي أوتادًا للأرض.
8- {وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا} أي أصنافًا وأضدادًا.
9- {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} أي راحةً لأبدانكم. وأصل
"السَّبْت": التمدُّد (3) .
10- {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا} أي سِترًا لكم.
13- {وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا} أي وَقَّادًا؛ يعني:
الشمسَ.
14- {وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ} يعني: السحابَ.
يقال: "شُبّهتْ بمَعَاصِير الجواري. والمُعْصِرُ: الجاريةُ
التي دَنت من الحيض" (4) .
ويقال: "هن ذواتُ الأعاصير، أي الرياحُ" (5) .
{مَاءً ثَجَّاجًا} أي سَيَّالا.
__________
(1) مكية بلا خلاف على ما في القرطبي 19/167، والبحر 8/410.
وفي الأصل: "سورة عم يتساءلون".
(2) هذا قول قتادة وابن زيد. والأول قول مجاهد، وروي عن ابن
عباس. على ما في القرطبي 19/ 168، والطبري 30/2-3. وانظر الفخر
8/323، والمشكل 216.
(3) كما في القرطبي 19/ 169، والمشكل 56. وانظر صفحة 23 منه،
واللسان 2/342. ونقل رأي ابن قتيبة: في الفخر 8/ 325، والبحر
8/ 409.
(4) حكاه في اللسان 6/254 عن الفراء، وفي البحر عنه وعن ابن
قتيبة أيضا. وذكر نحوه في القرطبي 19/ 170، والفخر 8/ 326،
والطبري 30/ 4.
(5) هذا رأي مجاهد وقتادة والأول رأي الضحاك وأبي العالية
وغيرهما ورويا عن ابن عباس. انظر أيضا البحر 8/ 411، والدر
6/306، والكشاف 2/518.
(1/508)
16- {وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا} أي
مُلْتَفَّةً. قال أبو عبيدةَ: واحدها: "لِفٌّ" (1) .
ويقال: هو جمع الجمع؛ كأن واحده: "أَلَفُّ" (2) . و "لَفَّاء"؛
وجمعه: "لُفٌّ"؛ وجمع الجمع: "ألفافٌ".
23- {لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا} يقال: "الْحُقْبُ (3)
ثمانون سنة. وليس هذا مما يدلُّ على غايةٍ، كما يظن بعض الناس
(4) . وإنما يدُلُّ على الغاية التوقيتُ: خمسة أحقاب أو عشرة.
وأراد: أنهم يَلْبَثُون فيها أحقابًا، كلَّما مضى حُقْبٌ
تَبِعه حقبٌ آخرُ".
24- {لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا} أي نَوْمًا. قال الشاعر:
وإن شِئْتِ حَرَّمْتُ النِّسَاءَ سِوَاكُمُ ... وإن شِئتِ لمْ
أَطْعَمْ نُقَاخًا ولا بَرْدَا (5)
و"النُّقاخ": الماء؛ و "البرد": النوم.
ويقال: "لا يذوقون فيها برد الشراب" (6) .
__________
(1) ولفيف أيضا. وقد حكى القرطبي 19/ 172 الأول عن الكسائي،
والثاني عنه وعن أبي عبيدة. وحكى الثاني في اللسان 11/230 عن
أبي إسحاق. وحكى الأول في المفردات -على ما في البحر 8/ 412-
عن جمهور أهل اللغة. وانظر الطبري 30/ 6.
(2) كذا بالأصل! وقد حكى في الكشاف كلام ابن قتيبة بدونه.
وحكاه القرطبي عن الكسائي بلفظ "لف": بالكسر والفتح. وانظر
أيضا الفخر 8/ 327، والبحر 8/ 409، والشوكاني 5/354، والقاموس
3/196.
(3) كما حكاه في اللسان 1/316 عن الفراء بزيادة. وانظر ما تقدم
269 وهامشه، والقرطبي 19/ 176، والطبري 30/ 8، والدر
6/207-208.
(4) كابن زيد ومقاتل بن حيان. على ما في القرطبي 19/ 177،
والطبري 30/ 9. وقد زعما: أن هذه الآية منسوخة بآية (فذوقوا
فلن نزيدكم إلا عذابا) : 30 وقد رد عليهما الطبري والقرطبي
والفخر 8/ 329-330.
(5) البيت للعرجي: فيما تقدم 146، وفي ديوانه 109، وشواهد
الكشاف 34. وغير منسوب في القرطبي 19/ 178، والبحر 8/ 414.
ويروى: "فإن"، "فلو"، "ولو"، "أحرمت" وانظر الطبري، والفخر 8/
330.
(6) روي عن ابن عباس: في القرطبي والبحر، وفي اللسان 1/ 52
بزيادة: "ولا الشراب".
(1/509)
25- {إِلا حَمِيمًا} وهو: الماء الحار.
{وَغَسَّاقًا} أي صديدًا. وقد تقدم ذكره (1) .
26- {جَزَاءً وِفَاقًا} أي وفاقًا لأعمالهم.
27- {إِنَّهُمْ كَانُوا لا يَرْجُونَ حِسَابًا} أي لا يخافون.
31- {مَفَازًا} موضع الفَوْز (2) .
32- {حَدَائِقَ} بساتينَ نخل. واحدها: "حديقة".
33- {وَكَوَاعِبَ} نساءً قد كَعَبَتْ ثُدِيُّهن.
{أَتْرَابًا} على سنٍّ واحدٍ (3) .
34- {وَكَأْسًا دِهَاقًا} أي مُتْرَعَةً مَلأى.
36- {عَطَاءً حِسَابًا} أي كثيرًا. يقال: أعطيتُ فلانًا عطاءً
حِسابًا؛ وأحْسَبْتُ فلانًا، أي أكثرتُ له (4) . قال الشاعر:
ونُقْفِي وَلِيدَ الحَيِّ إنْ كان جائعًا ... ونُحْسِبُه إن
كان ليس بِجائعِ (5)
ونرى أصلَ هذا: أن يُعطيَه حتى يقولَ: حسبِي (6) .
__________
(1) ص 381. وانظر هامشه، والطبري والقرطبي والفخر.
(2) كما في القرطبي. وانظر ما تقدم 117 و 384، والمشكل 142،
والكشاف 2/ 519، والفخر 8/ 333.
(3) كما تقدم 381 و 449. وانظر القرطبي 19/ 181، والفخر 8/
335.
(4) كما في الفخر 8/ 335 والشوكاني 5/358 نقلا عن ابن قتيبة
باختصار. وانظر المشكل 393، والبحر 8/ 415. والرأي المذكور
لقتادة على ما في الطبري 30/ 14، والقرطبي 19/ 182، والدر 6/
209.
(5) البيت غير منسوب في الفخر والقرطبي والشوكاني. ونسب في
اللسان 2/302 لامرأة من بني قشير. ويروى: "ونعطي".
(6) نقله القرطبي 19/ 183 والشوكاني عن ابن قتيبة. وانظر
اللسان 2/ 303.
(1/510)
38- {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ
وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا} أي صُفُوفًا. ويقال ليوم [العيد:
يومُ] الصف (1) . وقال في موضع آخر: {وَجَاءَ رَبُّكَ
وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} (2) ؛ فهذا يدل على الصُّفوف.
39- {فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا} أي مرجعًا
إلى الله [بالعمل الصالح] : كأنه إذا عمل خيرًا ردَّه إلى
الله، وإذا عمل شرًّا باعده (3) منه.
__________
(1) ذكره القرطبي 19/ 185، ناقلا ما بعده عن ابن قتيبة وغيره.
(2) سورة الفجر 22، وانظر المشكل 371 وهامشه، والفخر 8/ 336.
(3) كذا بالأصل والشوكاني 5/ 359. وفي القرطبي 19/ 186: "عده"
وهو تحريف.
(1/511)
|