غريب القرآن لابن قتيبة ت سعيد اللحام وَالطُّورِ (1)
وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3) وَالْبَيْتِ
الْمَعْمُورِ (4) وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (5) وَالْبَحْرِ
الْمَسْجُورِ (6) إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (7) مَا
لَهُ مِنْ دَافِعٍ (8) يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (9)
وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا (10)
سورة الطور
مكية كلها
1- الطُّورِ «1» : جبل بمدين، كلم عنده موسى عليه السلام.
2- و 3- وَكِتابٍ مَسْطُورٍ أي مكتوب «2» . فِي رَقٍّ
مَنْشُورٍ.
يقال: هي الصحائف التي تخرج يوم القيامة إلى بني آدم.
4- وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ: بيت في السماء حيال الكعبة.
5- وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ يعني: السماء.
6- وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ: المملوء «3» . قال النمر بن
تولب- وذكر وعلا-:
إذا شاء طالع مسجورة ... ترى حولها المنبع والساسما
أي عينا مملوءة.
9- يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً: تدور بما فيها.
10- وَتَسِيرُ الْجِبالُ عن وجه الأرض.
__________
(1) قال مجاهد: الطور: الجبل بالسريانية.
(2) هو قول قتادة.
(3) قال الحسن: تسجر حتى يذهب ماؤها فلا يبقى فيها قطرة.
(1/366)
يَوْمَ يُدَعُّونَ
إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (13) هَذِهِ النَّارُ الَّتِي
كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (14) أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ
أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ (15) اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ
لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا
كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (16) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ
وَنَعِيمٍ (17) فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ
وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (18) كُلُوا
وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (19)
مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ
بِحُورٍ عِينٍ (20) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ
ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ
وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ
امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21) وَأَمْدَدْنَاهُمْ
بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (22) يَتَنَازَعُونَ
فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ (23)
وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ
مَكْنُونٌ (24) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ
يَتَسَاءَلُونَ (25) قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي
أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا
وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (27) إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ
نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28) فَذَكِّرْ
فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ
(29) أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ
الْمَنُونِ (30)
13- يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ
دَعًّا أي يدفعون. يقال: دععته أدعه دعّا، أي دفعته. ومنه:
الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ [سورة الماعون آية:
2] .
18- فاكِهِينَ بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ أي ناعمين بذلك.
وفَكِهِينَ معجبين بذلك «1» .
21- وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ أي ما
نقصناهم.
23- يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً أي يتعاطون. قال الأخطل:
وشاربه مربح بالكأس نازعني ... لا بالحصور ولا فيها بسوار
اي عاطاني.
لا لَغْوٌ فِيها [وَلا تَأْثِيمٌ] أي لا تذهب بعقولهم، فيلغوا
او يرفثوا، فيأثموا. كما يكون ذلك في خمر الدنيا.
26- إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ أي خائفين.
29- فَذَكِّرْ فَما أَنْتَ- بِنِعْمَةِ رَبِّكَ- بِكاهِنٍ وَلا
مَجْنُونٍ كما تقول:
ما أنت- بحمد الله- بجاهل.
30- نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ أي حوادث الدهر
وأوجاعه ومصائبه.
و «المنون» : الدهر، قال ابو ذؤيب:
أمن المنون وريبه تتوجع ... والدهر ليس بمعتب من يجزع؟
هكذا كان الأصمعي يريه: «وريبه» ، ويذهب الى أنه الدهر، قال:
وقوله: «والدهر ليس بمعتب» يدل على ذلك، كأنه قال: «أمن الدهر
وريبه
__________
(1) قال الطبري: عندهم فاكهة.
(1/367)
أَمْ عِنْدَهُمْ
خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (37) أَمْ
لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ
بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (38) أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ
الْبَنُونَ (39) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ
مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (40) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ
يَكْتُبُونَ (41) أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ
كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ (42) أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ
اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (43) وَإِنْ
يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ
مَرْكُومٌ (44) فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ
الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (45)
تتوجع، والدهر لا يعتب من يجزع!؟» .
قال الكسائي: «تقول العرب: لا أكلمك آخر المنون، اي آخر الدهر»
.
37- أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ! اي الأرباب. يقال: تسيطرت
علي، أي اتخذتني خولا [لك] .
38- أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ!؟ أي درج. قال
ابن مقبل:
لا تحرز المرء أحجاء البلاد، ولا ... تبني له في السموات
السلاليم
44- وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً قد تقدم
ذكره «1» .
سَحابٌ مَرْكُومٌ أي ركام: بعضه على بعض.
والمعنى انهم قالوا للنبي صلّى الله عليه وسلّم: إنا لا نؤمن
لك حتى تسقط السماء علينا كسفا، فقال الله: لو أسقطنا عليهم
كسفا من السماء، قالوا: هذا سحاب مركوم، ولم يؤمنوا.
45- يُصْعَقُونَ: يموتون.
__________
(1) قال الطبري: وإن ير هؤلاء المشركون قطعا من السماء ساقطا
عليهم.
(1/368)
وَالنَّجْمِ إِذَا
هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا
يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى
(4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى
(6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى
(8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى
إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا
رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12)
سورة النجم
مكية كلها
1- وَالنَّجْمِ إِذا هَوى. يقال: «كان القرآن ينزل نجوما،
فأقسم الله بالنجم منه إذا نزل» .
وقال مجاهد: «أقسم بالثّريّا إذا غابت» والعرب تسمى الثّريا-
وهي ستة أنجم ظاهرة- نجما.
[و] قال أبو عبيدة: «أقسم بالنجم إذا سقط في الغور» . وكأنه لم
يخصّص الثّريّا دون غيرها.
5- عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى: جبريل عليه السلام. وأصله من
«قوي الحبل» ، وهي طاقاته. الواحدة: قوة.
6- و 7- ذُو مِرَّةٍ، أي ذو قوة. وأصل «المرّة» : الفتل.
ومنه
الحديث «1» : «لا تحلّ الصدقة لغنى، ولا لذي مرة سوى» .
وقوله: فَاسْتَوى [وَهُوَ] ، أي استوى هو وجبريل- صلوات الله
عليهما بِالْأُفُقِ الْأَعْلى.
__________
(1) وهو قول مجاهد.
(1/369)
إِذْ يَغْشَى
السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى
(17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18)
أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ
الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ
الْأُنْثَى (21) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (22) إِنْ هِيَ
إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا
أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ
إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ
مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى (23)
8- و 9- ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى، فَكانَ
قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى «1» أي قدر قوسين عربيتين.
وقال قوم: «القوس: الذراع، أي كان ما بينهما قدر ذراعين» .
والتفسير الأول اعجب إليّ،
لقول النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم: «لقاب قوس أحدكم من
الجنة، او موضع قدّه- خير له من الدنيا وما فيها» .
و «القدّ» : السوط.
10- فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى
عن الله عز وجل.
11- ما رَأى يقول بعض المفسرين. «إنه أراد: رؤية بصر القلب» .
12- أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى: أفتجادلونه. من «المراء» .
ومن قرأ: أفتمرونه، أراد: أفتجحدونه.
16- إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى: من امر الله تعالى.
17- ما زاغَ الْبَصَرُ أي ما عدل، وَما طَغى: ما زاد، ولا
جاوز.
19- 20-
21- أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى «2» ، وَمَناةَ
الثَّالِثَةَ الْأُخْرى؟ أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ
الْأُنْثى؟! كانوا يجعلونها بنات الله، فقال: ألكم الذكور من
الولد، وله الإناث؟!
__________
(1) أخرج البخاري قال: حدثنا عبد الواحد، حدثنا الشيباني قال:
سمعت زر عن عبد الله: فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده
ما أوحى قال: حدثنا ابن مسعود أنه رأى جبريل له سبعمائة جناح.
(2) أخرج البخاري قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا أبو
الأشهب حدثنا أبو الجوزاء عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله:
اللات والعزى، كان اللات رجلا يلت سويق الحاج.
(1/370)
الَّذِينَ
يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا
اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ
بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ
أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا
أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32) أَفَرَأَيْتَ
الَّذِي تَوَلَّى (33) وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى (34)
أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى (35) أَمْ لَمْ
يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) وَإِبْرَاهِيمَ
الَّذِي وَفَّى (37) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى
(38) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39)
وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ
الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (41) وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ
الْمُنْتَهَى (42) وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى (43)
وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا (44) وَأَنَّهُ خَلَقَ
الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (45) مِنْ نُطْفَةٍ
إِذَا تُمْنَى (46) وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى
(47) وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى (48) وَأَنَّهُ هُوَ
رَبُّ الشِّعْرَى (49)
22- تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى أي جائرة
«1» . يقال: ضزت في الحكم، أي جرت.
و «وضيزي» : فعلى، فكسرت الضاد للياء. وليس في النعوت «فعلى» .
23- ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ أي حجة.
32- اللَّمَمَ: صغار الذنوب «2» . وهو من «ألمّ بالشيء» : إذا
لم يتعمق فيه، ولم يلزمه. ويقال: «الّلمم: ان يلمّ [الرجل]
بالذنب، ولا يعود» .
34- وَأَعْطى قَلِيلًا وَأَكْدى أي قطع. وهو من «كدية
الرّكيّة» .
وهي: الصلاة فيها، وإذا بلغها الحافر يئس من حفرها، فقطع
الحفر. فقيل لكل من طلب شيئا فلم يبلغ آخره، او أعطى ولم
يتمّم-: أكدي.
35- أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرى أي يعرف ما غاب
عنه: من امر الآخرة وغيرها؟!
37- وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى أي بلّغ.
39- وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى أي ما عمل
لآخرته.
40- و 41- وَأَنَّ سَعْيَهُ: عمله سَوْفَ يُرى أي يعلم، ثُمَّ
يُجْزاهُ: يجزى به.
46- مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى أي تقدر وتخلق. يقال: ما تدري
ما يمني لك الماني، أي ما يقدّر لك الله.
47- وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى أي الخلق الثاني
للبعث يوم القيامة.
__________
(1) قاله الطبري.
(2) قاله الطبري.
(1/371)
وَالْمُؤْتَفِكَةَ
أَهْوَى (53) فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى (54) فَبِأَيِّ آلَاءِ
رَبِّكَ تَتَمَارَى (55) هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ
الْأُولَى (56) أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (57) لَيْسَ لَهَا مِنْ
دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ (58) أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ
تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (60)
وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (61)
48- وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى [أي
اعطى ما يقتني] : من القنية والنّشب. يقال: أقنيت كذا،
[وأقنانية الله] .
49- وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى: الكوكب [المضيء الذي
يطلع] بعد الجوزاء. وكان ناس في الجاهلية يعبدونها.
53- وَالْمُؤْتَفِكَةَ: مدينة قوم لوط، لأنها ائتفكت [بهم] ،
أي انقلبت. أَهْوى: أسقط. يقال: هوى، إذا سقط. وأهواه الله، أي
أسقطه.
54- فَغَشَّاها: من العذاب والحجارة، ما غَشَّى.
56- هذا نَذِيرٌ يعني: محمدا صلّى الله عليه وسلّم، مِنَ
النُّذُرِ الْأُولى يعني من الأنبياء المتقدمين.
57- أَزِفَتِ الْآزِفَةُ أي قربت القيامة.
58- لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ: ليس لعلمها كاشف
ومبين دون الله ومثله: لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ
[سورة الأعراف آية: 187] .
وتأنيث «كاشفة» كما قال: فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ
[سورة الحاقة آية 8] أي بقاء. و [كما قيل] : العاقبة، وليست له
ناهية.
61- وَأَنْتُمْ سامِدُونَ: لأهون «1» ، ببعض اللغات. يقال
للجارية: اسمدي لنا، أي غني لنا.
__________
(1) قاله الطبري.
(1/372)
اقْتَرَبَتِ
السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً
يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (2) وَكَذَّبُوا
وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (3)
وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ
(4) حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ (5) فَتَوَلَّ
عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ (6)
خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ
كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ (7) مُهْطِعِينَ إِلَى
الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (8)
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا
وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (9) فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي
مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (10) فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ
بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا
فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12)
وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13) تَجْرِي
بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ (14) وَلَقَدْ
تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (15)
سورة القمر
مكية كلها
1- اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ أي قربت.
2- سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ أي شديد قويّ. وهو من «المرّة» مأخوذ.
والمرة: الفتل، يقال: استمرت مريرته.
ويقال: هو من «المرارة» . [يقال] : امر الشيء واستمر [إذا صار
مرّا] .
4- ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ أي متّعظ ومنتهى.
6- إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ أي منكر.
8- مُهْطِعِينَ قال أبو عبيدة: مسرعين إِلَى الدَّاعِ.
وفي التفسير: «ناظرين قد دفعوا رؤوسهم إلى الداعي» .
9- وَازْدُجِرَ أي زجر. وهو: «افتعل» من ذلك.
11- بِماءٍ مُنْهَمِرٍ أي كثير سريع الانصباب. ومنه يقال: همر
الرجل، إذا اكثر من الكلام وأسرع.
(1/373)
وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا
أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (51)
12- فَالْتَقَى الْماءُ أي التقي ماء الأرض
وماء السماء.
13- و (الدسر) : المسامير، واحدها: «دسار» . وهي أيضا:
الشّرط التي تشدّ بها السفينة.
14- تَجْرِي بِأَعْيُنِنا أي بمرأي منا وحفظ، جَزاءً لِمَنْ
كانَ كُفِرَ يعني: نوحا- عليه السّلام- ومن حمله معه من
المؤمنين.
و «كفر» : جحد ما جاء به.
15-
و51- فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ أي معتبر ومتعظ «1» . وأصله
«مفتعل» من الذكر: «مذتكر» . فأدغمت الذال في التاء، ثم قلبتا
دالا مشدّدة.
16-،
18-،
21-،
30- فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ جمع نذير. و «نذير» بمعنى
الإنذار، أي فكيف كان عذابي وإنذاري. ومثله: «النّكير» بمعنى
الإنكار.
17-،
22-،
32-،
40- وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ أي سهلناه
للتلاوة.
ولولا ذلك: ما أطلق العباد ان يلفظوا به، ولا ان يستمعوا [له]
.
19- (الصرصر) : الريح الشديدة ذات الصوت.
فِي يَوْمِ نَحْسٍ أي في يوم شؤم مُسْتَمِرٍّ أي استمر عليهم
بالنحوسة.
20- تَنْزِعُ النَّاسَ أي تقلعهم من مواضعهم، كَأَنَّهُمْ
أَعْجازُ نَخْلٍ أي أصول نخل، مُنْقَعِرٍ: منقطع ساقط. يقال:
قعرته فأنقعر، أي قلعته فسقط.
24- إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ أي جنون. وهو من-
«تسعّرت
__________
(1) قال مجاهد: يسرنا هونا قرأته. [.....]
(1/374)
إِنَّا أَرْسَلْنَا
عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ
الْمُحْتَظِرِ (31)
النار» : إذا التهبت. يقال: ناقة مسعورة،
أي كأنها مجنونة من النشاط.
25-، 26- و (الأشر) : المرح المتكبر.
27-، 28- إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ، أي مخرجوها فِتْنَةً
لَهُمْ، فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ، وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ
الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ وبين الناقة: لها يوم، ولهم يوم.
كُلُّ شِرْبٍ أي كل حظ منه لأحد الفريقين مُحْتَضَرٌ: يحتضره
صاحبه ومستحقه.
29- فَتَعاطى أي تعاطى عقر الناقة، فَعَقَرَ أي قتل.
و «العقر» قد يكون: القتل،
قال النبي صلّى الله عليه وسلّم- حين ذكر الشهداء-: «من عقر
جواده، وهريق دمه» .
31- فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ و «الهشيم» : يابس النبت
الذي يتهشّم، أي تكسر.
و «المحتظر» صاحب الحظيرة. وكأنه يعني: صاحب الغنم الذي يجمع
الحشيش في الحظيرة لغنمه.
ومن قرأه الْمُحْتَظِرِ بفتح الظاء، أراد الحظار، وهو:
الحظيرة.
ويقال: (المحتظر) هاهنا: الذي يحظر على غنمه وبيته بالنبات،
فييبس ويسقط، ويصير هشيما بوطء الدوابّ والناس.
36- فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ أي شكوا في الإنذار.
43- أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ؟! أي يا اهل مكة!
أنتم خير من أولئك الذين أصابهم العذاب؟! أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ
من العذاب فِي الزُّبُرِ؟! يعني: الكتب المتقدمة. واحدها:
«زبور» .
45- سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ: يوم بدر، وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ.
(1/375)
وَكُلُّ صَغِيرٍ
وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ (53)
53- مُسْتَطَرٌ أي مكتوب: «مفتعل» من
«سطرت» : إذا كتبت. وهو مثل «مسطور» .
54- إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ. قال الفراء:
«وحّد: لأنه رأس آية، فقابل بالتوحيد رؤوس الآي» .
قال: ويقال: «النهر: الضياء والسعة، من قولك: أنهرت الطعنة،
إذا وسعتها. قال قيس بن الخطيم يصف طعنة:
ملكت بها كفى، فأنهرت فتقها ... يرى قائم من دونها ما وراءها
أي وسعت فتقها.
(1/376)
عَلَّمَهُ الْبَيَانَ
(4)
سورة الرحمن
مكية كلها
4- عَلَّمَهُ الْبَيانَ أي الكلام.
5- الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ أي بحساب ومنازل لا
يعدونها «1» .
6- وَالنَّجْمُ: العشب والبقل، وَالشَّجَرُ: ما قام على ساق،
يَسْجُدانِ.
قال الفراء: «سجودهما: أنهما يستقبلان الشمس إذا أشرقت، ثم
يميلان معها حتى نكسر الفيء» .
وقد بينت السجود في كتاب «تأويل المشكل» ، وأنه الاستسلام من
جميع الموات، والانقياد لما سخر له.
7- وَوَضَعَ الْمِيزانَ أي العدل في الأرض.
8- أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ: أي ألا تجوروا.
9- وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ أي بالعدل، وَلا
تُخْسِرُوا الْمِيزانَ، أي لا تنقصوا الوزن.
__________
(1) قال مجاهد: بحسبان كحسبان الرحى.
(1/377)
10- ولِلْأَنامِ: الخلق.
11- وذاتُ الْأَكْمامِ أي ذات الكفرّى قبل ان ينفتق. وغلاف كل
شيء: كمّه.
[و] «الكفرّى» : هو الجفّ، وهو الكم، وهو الكافور، وهو الذي
ينشق عن الطّلع.
12- والْعَصْفِ: ورق الزرع، ثم يصير، إذا جفّ ودرس- تبنا.
والرَّيْحانُ: الرزق، يقال: خرجت اطلب ريحان الله. قال النّمر
ابن تولب:
سلام الإله وريحانه ... ورحمته وسماء درر»
13- و (الآلاء) النعم. واحدها «ألي» إلى مثل قفا، و» إلي» مثل
معي.
14- صَلْصالٍ: طين يابس يصلصل، أي يصوت من يبسه كما يصوت
الفخار، وهو: ما طبخ.
ويقال: «الصلصال» : المنتن، مأخوذ من «صلّ الشيء» : إذا أنتن
مكانه فكأنه أراد: «صلّالا» ، ثم قلب إحدى الامين.
وقد قرىء: أئذا صللنا في الأرض [سورة السجدة آية: 10] ، أي
أنتنا.
__________
(1) العصف: بقل الزرع إذا قطع منه شيء قبل أن يدرك فذلك العضد
والريحان رزقه.
وقال الضحاك: العصف: التبن. وقال مجاهد: العصف: ورق الحنطة
والريحان الرزق.
(1/378)
مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ
يَلْتَقِيَانِ (19)
15- و (المارج) هاهنا: لهب النار، من قولك:
مرج الشيء، إذا اضطرب ولم يستقر «1» .
قال أبو عبيدة: مِنْ مارِجٍ: من خلط من النار.
19- مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ: خلّاهما. تقول: مرجت دابتي، إذا
خلّيتها ومرج السلطان الناس: [إذا اهملهم] . وأمرجت الدابة:
رعيتها.
20- بَيْنَهُما بَرْزَخٌ أي حاجز «2» : لئلا يحمل أحدهما على
الآخر، فيختلطان.
22- واللُّؤْلُؤُ: كبار الحب. والْمَرْجانُ: صغاره.
24- (الجواري) : السفن. والْمُنْشَآتُ: اللواتي أنشئن، أي
ابتدئ بهن فِي الْبَحْرِ.
ومن قرأ: المنشئات: جعلهن: اللواتي ابتدأن. يقال أنشأت السحابة
تمطر، أي ابتدأت. وأنشأ الشاعر يقول.
و (الأعلام) : الجبال. واحدها: «علم» .
33- أَقْطارِ السَّماواتِ وأقتارها: جوانبها.
لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ أي إلا بملك وقهر.
35- و (النحاس) : الدخان. قال الجعدي:
تضيء كضوء سراج السّليط لم يجعل الله فيه نحاسا
37- فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ أي حمراء في لون الفرس
الوردة. و «الدّهان» : جمع «دهن» .
__________
(1) المارج: اللهب الأصفر والأخضر الذي يعلو النار إذا أوقدت.
(2) وهو قول ابن عباس.
(1/379)
يُعْرَفُ
الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي
وَالْأَقْدَامِ (41)
ويقال: «الدهان» : الأديم الأحمر.
41- يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ أي بعلامات فيهم،
يقال: سواد الوجوه، وزرقة العيون، ونحو ذلك.
44- وقوله: حَمِيمٍ آنٍ و «الحميم» : الماء المغلي. و «الآني»
:
الذي قد انتهت شدة حرة.
46- وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ: بستانان في
الجنة.
قال الفراء: «وقد تكون في العربية جنة واحدة. (قال) : انشدني
بعضهم:
ومهمهين قذفين مرتين ... قطعته بالسّمت لا بالسمتين
يريد: مهمها واحدا، وسمتا واحدا.
(قال) وانشدني آخر:
يسعى بكبداء وفرسين ... قد جعل الأرطاة جنّتين
(قال) : وذلك للقوافي، والقوافي تحتمل- من الزيادة والنقصان-
ما لا يحتمله الكلام» .
وهذا من اعجب ما حمل عليه كتاب الله. ونحن نعوذ بالله من أن
نتعسف هذا التعسف، ونجيز على الله- جل ثناؤه- الزيادة والنقص
في الكلام، لرأس آية.
وإنما يجوز في رؤوس الآي: أن يزيد هاء للسكت، كقوله: وَما
أَدْراكَ ما هِيَهْ [سورة القارعة آية: 10] ، وألفا كقوله:
وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا [سورة الأحزاب آية: 10] .
او يحذف همزة من الحرف، كقوله:
أَثاثاً وَرِءْياً [سورة مريم آية: 74] او ياء كقوله:
وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ [سورة الفجر آية: 4] لتستوي رؤوس
الآي، على مذاهب العرب في
(1/380)
مُتَّكِئِينَ عَلَى
فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ
دَانٍ (54)
الكلام: إذا تم، فآذنت بانقطاعه وابتداء
غيره. لأن هذا لا يزيل معنى عن جبهته، ولا يزيد ولا ينقص. فأما
ان يكون الله عز وجل وعد جنتين، فيجعلها جنة واحدة من أجل رؤوس
الآي-: فمعاذ الله!.
وكيف يكون هذا: وهو- تبارك اسمه- يصفهما بصفات الاثنين، فقال:
ذَواتا أَفْنانٍ، ثم قال: فِيهِما ... ، فِيهِما ... ؟!.
ولو ان قائلا قال في خزنة النار: إنهم عشرون، وإنما جعلهم تسعة
عشر لرأس الآية- كما قال الشاعر:
نحن بنو أم البنين الأربعة وإنما هم خمسة، فجعلهم للقافية
اربعة-: ما كان في هذا القول إلا كالفراء.
54- بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ.
قال الفراء: «قد تكون البطانة ظهارة، والظهارة بطانة. وذلك: ان
كل واحد منهما [قد] يكون وجها، تقول العرب: هذا ظهر السماء،
وهذا بطن السماء- ل [ظاهرها] الذي تراه. (قال) : وقال ابن
الزّبير- وذكر قتلة عثمان رضي الله عنه-:: «فقتلهم الله كل
قتلة، ونجا من نجا منهم تحت بطون السماء والكواكب» ، يعني:
هربوا ليلا» .
وهذا أيضا من عجب التفسير. كيف تكون البطانة ظهارة، والظهارة
بطالة- والبطانة: ما بطن من الثوب وكان من شأن الناس إخفاؤه،
والظهارة:
ما ظهر منه وكان من سأن الناس إبداؤه؟!.
وهل يجوز لأحد ان يقول لوجه مصلي: هذا بطانته، ولما ولي الأرض
منه: هذا ظهارته؟!.
وإنما أراد الله جل وعز ان يعرفنا- من حيث نفهم- فضل هذه الفرش
(1/381)
فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ
الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ
(56)
وأن ما ولي الأرض منها إستبرق، وهو: الغليظ
من الديباج. وإذا كانت البطانة كذلك: فالظّهارة أعلى وأشرف.
وكذلك
قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لمناديل سعد بن معاذ «1» -
في الجنة- احسن من هذه الحلّة «2» » .
فذكر المناديل دون غيرها: لأنها أخشن من الثياب. وكذلك
البطائن: أخشن من الظواهر.
وأما قولهم: ظهر السماء وبطن السماء، - لما ولينا-: فإن هذا قد
يجوز في ذي الوجهين المتساويين، إذا ولي كلّ واحد منهما قوما.
تقول في حائط بينك وبين قوم- لما وليك منه-: هذا ظهر الحائط،
ويقول الآخرون لما وليهم: هذا طهر الحائط. فكلّ واحد- من
الوجهين-: ظهر وبطن. ومثل هذا كثير.
كذلك السماء: ما ولينا منها ظهر، وهو لمن فوقها- من الملائكة-
بطن.
56-،
74- لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ قال ابو عبيدة: لم
يمسسهن.
ويقال: ناقة صعبة لم يطمثها محل قط، أي لم يمسسها.
وقال الفراء: «لم يطمثهن» : لم يفتضّهن. و «الطمث» : النكاح
بالتدمية. ومنه قيل للحائض: طامث.
64- مُدْهامَّتانِ: سوداوان من شدة الخضرة والرّيّ. «3» قال ذو
الرّمة- وذكر غيثا-:
كسا الأكم بهمي غضة حبشية ... تؤاما ونقعان الظهور الأقارع
جعلها حبشية من شدة الخضرة.
__________
(1) هو سيد الأوس، توفي في السنة الخامسة للهجرة.
(2) أخرجه الشيخان والترمذي والنسائي وأحمد.
(3) قال الزجاج: يعني أنهما خضراوان تضرب خضرتهما إلى السواد.
(1/382)
فِيهِمَا عَيْنَانِ
نَضَّاخَتَانِ (66)
66-ضَّاخَتانِ
: تفوران بالماء «1» . و «النّضخ» أكثر من «النّضح» . ولا يقال
منه: فعلت.
66- خَيْراتٌ حِسانٌ: نساء خيرات «2» ، فخفف. ما يقال:
هين ولين.
72- حُورٌ: شديدات البياض، وشديدات سواد المقل واحدها:
حوراء» ومنه قيل: حواري.
مَقْصُوراتٌ أي محبوسات مخدرات. والعرب تسمى الحجلة:
«المقصورة» قال كثير: لعمري! لقد حببت كل قصيرة ... إليّ، وما
تدري بذاك القصائر
عنيت قصيرات الحجال، ولم أراد ... قصار الخطي، شرّ النساء
البحائر
و «البحاتر» : القصار.
76- مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ يقال: رياض الجنة.
وقال ابو عبيدة: «هي الفرش والبسط أيضا، وجمعه: رفارف» .
ويقال: هي المحابس.
و (العبقري) : الطنافس الثّخان «3» .
قال ابو عبيدة: «يقال لكل شيء من البسط: عبقريّ. ويذكر ان
عبقر» : ارض كان يعمل فيها الوشي، فنسب إليها كلّ شيء جيد» .
__________
(1) قاله الطبري.
(2) قاله الطبري: في هذه الجنان الأربع نساء خيرات الأخلاق
حسان الوجوه.
(3) قاله الطبري.
(1/383)
|