غريب القرآن للسجستاني

 (بَاب الذَّال)

( [فصل] الذَّال الْمَفْتُوحَة)
[ذَلِك الْكتاب: هَذَا الْكتاب. قَالَ الشَّاعِر:
(أَقولُ لَهُ والرُّمْحُ يَأْطُرُ مَتْنُهُ ... تَأَمَّلْ حُفافاً إِنَّنِي أَنَا ذَلِكَا)
مجازه: إِنَّنِي أَنا هَذَا] . ذَلُول: تثير الأَرْض: أَي مذللة للحرث.

(1/227)


ذكيتم: قطعْتُمْ أوداجه، ونهرتم دَمه، وذكرتم اسْم الله جلّ وَعز عَلَيْهِ إِذا ذبحتموه. وأصل الذَّكَاة فِي اللُّغَة تَمام الشَّيْء، وَمن ذَلِك ذكاء السن، وَهُوَ تَمام السن، أَي النِّهَايَة فِي الشَّبَاب. والذكاء فِي الْفَهم، أَن يكون فهما تَاما سريع الْقبُول. وذكيت النَّار: أتممت إشعالها. وَقَوله جلّ وَعز: {إِلَّا مَا ذكيتم} إِلَّا مَا أدركتم ذبحه على التَّمام. قَالَ أَبُو عمر: سَأَلت الْمبرد عَن قَوْله {إِلَّا مَا ذكيتم} فَقَالَ: أَي مَا خلصتم بفعلكم من الْمَوْت إِلَى الْحَيَاة، فَسَأَلَهُ الهدهد - وَأَنا أسمع - عَن قَوْلهم (فلَان ذكي الْقلب) فَقَالَ: مخلص من الْآفَات وَالْبَلَاء، وَكَذَلِكَ ذكيت النَّار إِذا أخرجتها من بَاب الخمود إِلَى بَاب الإشعال بالوقود. قَالَ ابْن خالويه: سَأَلت أَبَا عمر عَن معنى نهرت الدَّم، فَقَالَ أسلت، وَمِنْه قَول ابْن عَبَّاس: أنهر الدَّم بِمَا شِئْت بفالية أَو بخار أَو بمروة.

(1/228)


[قَالَ] الفالية: القصبة الحادة والخار: شجر والمروة حجر [أَبيض] مفلطح خشن، فَكَذَلِك [قَالَ] ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي. ذَات الصُّدُور: حَاجَة الصُّدُور. ذَا الكفل: لم يكن نَبيا، وَلَكِن كَانَ عبدا صَالحا تكفل بِعَمَل رجل صَالح عِنْد مَوته. وَيُقَال تكفل لنَبِيّ بقَوْمه أَن يقْضِي بَينهم بِالْحَقِّ، فَفعل، فَسُمي ذَا الكفل. ذَا النُّون يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام، لابتلاع النُّون إِيَّاه فِي الْبَحْر وَالنُّون: السَّمَكَة، وَجمعه نينان. ذرأكم: خَلقكُم، وَكَذَلِكَ: {ذرأنا لِجَهَنَّم} أَي خلقنَا [لِجَهَنَّم] .

(1/229)


[ذنوبا: أَي نَصِيبا] ز وأصل الذُّنُوب: الدَّلْو الْعَظِيمَة، وَلَا يُقَال لَهَا ذنُوب إِلَّا وفيهَا مَاء. وَكَانُوا يستقون، فَيكون لكل وَاحِد ذنُوب، فَجعل [الله] الذُّنُوب فِي مَكَان النَّصِيب. ذرعها سَبْعُونَ ذِرَاعا: أَي طولهَا إِذا ذرعت.
( [فصل] الذَّال المضمومة)
/ دلل: جمع ذَلُول، وَهُوَ السهل اللين الَّذِي لَيْسَ بصعب. وَقَوله جلّ وَعز: {فاسلكي سبل رَبك ذللا} أَي منقادة بالتسخير. ذُرِّيَّة: أَوْلَاد، وَأَوْلَاد الْأَوْلَاد وَقَالَ بعض النَّحْوِيين ذُرِّيَّة تقديرها فعلية من الذَّر، لِأَن الله تبَارك وَتَعَالَى أخرج الْخلق من صلب آدم عَلَيْهِ السَّلَام كالذر، وأشهدهم على أنفسهم: {أَلَسْت بربكم. قَالُوا

(1/230)


بلَى} . وَقَالَ غَيره: أصل ذُرِّيَّة [ذرورة] على وزن فعلولة، فَلَمَّا كثر التَّضْعِيف أبدلت الْأَخِيرَة يَاء فَصَارَت (ذروية) ثمَّ أدغمت الْوَاو فِي الْيَاء فَصَارَت ذُرِّيَّة. وَقيل ذُرِّيَّة فعلولة من ذَرأ الله جلّ وَعز الْخلق فأبدلت الْهمزَة يَاء، كَمَا أبدلت [فِي] نَبِي [أَصله نبيء] .
( [فصل] الذَّال الْمَكْسُورَة)
ذلة: صغَار. ذكري: ذكر. ذمَّة: عهد. وَقيل الذِّمَّة مَا يجب أَن يحفظ ويحمى. وَقَالَ أَبُو

(1/231)


عُبَيْدَة: الذِّمَّة: التذمم مِمَّن لَا عهد لَهُ، وَهُوَ أَن يلْزم الْإِنْسَان نَفسه ذماما، أَي حَقًا يُوجِبهُ عَلَيْهِ، يجْرِي مجْرى المعاهدة من غير معاهدة، وَلَا تحالف. ذبح عَظِيم: أَي كَبْش إِبْرَاهِيم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالذّبْح: مَا ذبح، وَالذّبْح الْمصدر. ذكر لَك وَلقَوْل: أَي شرف. [وَالذكر: الْقُرْآن. قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّا نَحن نزلنَا الذّكر وَإِنَّا لَهُ لحافظون} وَالذكر فِي قَوْله تَعَالَى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله} الصَّلَاة وَالدُّعَاء وَالثنَاء] ... فَيَقُولُونَ: سمعنَا فلَانا يذكر فلَانا، أَي يذكرهُ بقبيح ويعيبه. وَمِنْه قَوْله عنترة:
(لَا تَذْكُرِي مُهْرِي وَمَا أَطْعَمْتُهُ ... فيكونَ جِلْدُكِ مِثْلَ جِلْدِ الأَجْرَبِ)

(1/232)


أَي لَا تعيبي فرسي ومهري. وسمعناه يذكر فلَانا، أَي يذكرهُ بشر وَمِنْه قَوْله: {إِن يتخذونك إِلَّا هزوا} أَي مَا يتخذونك إِلَّا سخريا {أَهَذا الَّذِي يذكر آلِهَتكُم وهم بِذكر الرَّحْمَن هم كافرون} يَقُول جلّ وَعز: يعبجون يَا مُحَمَّد من نيل آلِهَتكُم بِسوء، وَهِي لَا تضر وَلَا تَنْفَع، وهم بِذكر الرَّحْمَن - الَّذِي خلقهمْ وأنعم عَلَيْهِم، وَمِنْه نفعهم، وَبِيَدِهِ ضرهم، وَإِلَيْهِ مرجعهم - بِمَا هُوَ [لَيْسَ] أَهله، أَن يذكروه [وهم] بِهِ كافرون. وَقَوله: {قَالُوا سمعنَا فَتى يذكرهم يُقَال لَهُ إِبْرَهِيمُ} . قَالَ: يعيبهم. وَقَوله: {وَلَقَد كتبنَا فِي الزبُور من بعد الذّكر} قَالَ: الذّكر، الَّذِي فِي السَّمَاء، وَقيل: الذّكر أم الْكتاب عِنْد الله الَّذِي فِيهِ كتب الْأَنْبِيَاء قبل ذَلِك وَيُقَال: كتبنَا فِي الْقُرْآن من بعد التَّوْرَاة.

(1/233)