كشف المعانى فى المتشابه من المثانى سورة الفرقان
305 - مسألة:
قوله تعالى: (وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا
نَفْعًا)
وفى الرعد: (نَفْعًا وَلَا ضَرًّا) وقد تقدم جوابه في سورة
الرعد.
306 - مسألة:
قوله تعالى: (لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا) وقال تعالى في
سبأ:
(1/273)
(بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ) . ذكر الأول وأنث
الثاني؟ .
جوابه:
أن التذكير تارة يكون باعتبار اللفظ وتارة باعتبار معناه كقوله
تعالى: (السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ) ، وقال تعالى: (إِذَا
السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ (1) . وأيضا فإن ما لا روح فيه يقال
فيه ميت، وما فيه روح يقال له ميتة.
307 - مسألة:
قوله تعالى: (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا
يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ) ؟ .
جوابه:
قد يقال زائدا على ما قدمناه في يونس عليه السلام وغيرها أنه
لما كان النفى بالإثبات أنسب لأنه مطلوب مطلقا، والضر من باب
النفى لأنه يطلب نفيه عند حصوله فالنفي فيه أنسب. ولما تقدم في
أول السورة: (لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ) قدم
النفى على الإثبات فكان تقديم ما يناسب النص أنسب لتناسب
الجملتين.
(1/274)
وههنا، وفى الرعد لم يتقدم جملة تقدم نفيها
على إثباتها فكان
تقديم ما هو من باب الإثبات أنسب مما هو من باب النفى.
فإن قيل: فقد قدم الضر على النفع في سورة يونس عليه السلام؟ .
قلنا: قد أجبنا ثَمَّ عن الموضعين.
308 - مسألة:
قوله تعالى: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ)
وقال
في الشعراء: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) .
جوابه:
أنه أشار ههنا إلى الصفة التي يدوم معها نفع المتوكل عليه
وهي في دوام الحياة، لأن من يموت ينقطع نفعه.
وأشار في آية الشعراء إلى الصفتين اللتين ينفع معهما
التوكل، وهي العزة التي يقدر بها على النفع، والرحمة التي
بها يوصله إلى المتوكل وخص آية الشعراء بختمها بذلك مع ما
ذكرناه أي (عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الذي تقدم وصفه
مرة بعد مرة في إنجاء الرسل وإهلاك أعدائهم.
309 - مسألة:
قوله تعالى: (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا
صَالِحًا)
(1/275)
الآية. ثم قال تعالى: (وَمَنْ تَابَ
وَعَمِلَ صَالِحًا) ما معناهما حتى تكرر ذلك؟ .
جوابه:
أنه من تاب فإنه يرجع إلى الله وإلى ثوابه رجوعا أي رجوع
310 - مسألة:
قوله تعالى: (فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ
حَسَنَاتٍ) وقال تعالى في مريم: (فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ
الْجَنَّةَ) . "
جوابه:
أنه ذكر هنا السبب في دخول الجنة وهي الحسنات. وذكر في مريم
المسبب عن ذلك وهو دخول الجنة.
(1/276)
سورة الشعراء
311 - مسألة:
قوله تعالى: (وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ)
وفى
الأنعام والأنبياء (مِنْ رَبِّهِمْ) و (فَسَيَأْتِيهِمْ) و
(فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ) ؟ تقدم ذلك في الأنعام.
وأيضا: فتقدم قوله تعالى هنا: (لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ)
ناسب
فسيأتيهم، أي: لا تقتل نفسك فسيأتيهم أنباء ذلك.
312 - مسألة:
قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ
أَنْبَتْنَا فِيهَا) الآية.
وفى الأنعام: ((أَلَمْ يَرَوْا) بحذف الواو؟ .
(1/277)
جوابه:
أن ذلك بالواو أشد إنكارا، فلما كان المرئى ثمة إهلاك من
قبلهم وهو أمر غائب غير مشاهد، وكان المرئى هنا إحياء
الأرض وإنبات أصناف النبات والشجر، وهو مرئي كل أوان مشاهد
بالحس كان الإنكار بترك الاعتبار هنا أشد، فأتى بالواو الدالة
على شدة الإنكار.
313 - مسألة:
قوله تعالى: (فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ
(20) .
جوابه:
المراد: الضالين عن الصواب فيها لا الضلال في الدين.
314 - مسألة:
قوله تعالى: وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (58) وفى الدخان:
(وَزُرُوعٍ) .
جوابه:
أن كلا الأمرين تركوه، لأن مصر ذات زروع، والكنوز، قيل: ما
كانوا يدخرونه من الأموال، وقيل: هي كنوز في
(1/278)
جبل المقطم، وفيه نظر. والله أعلم.
315 - مسألة:
قوله تعالى: (كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ
(59)
وفى الدخان: (وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ (28) .
جوابه:
أنه حيث قال: بنى إسرائيل " فلعله لما سكنوها بعد مدة طويلة من
غرق فرعون، وذلك لما تهود ملك مصر، وقيل: إن الضمير في ":
أورثناها " راجع إلى النعم المذكورة، أي: أورثهم إياها في
الشام لا في مصر. وحيث قال: (قَوْمًا آخَرِينَ) فهم قوم ملكوا
مصر بعد فرعون وقومه. هذا هو الجواب الظاهر، فإنه لم ينقل قط
أنهم بعد غرق فرعون رجعوا إلى مصر بل دخلوا في التيه، ثم دخلوا
الأرض المقدسة. وقيل: إنه لما بسط ذكر القصة هنا وسمى موسى
وهارون عليهما السلام ناسب تعيين بنى إسرائيل وتسميتهم في
وراثة مصر.
ولما اختصر القصة في الدخان ولم يسم موسى عليه السلام فيها بل
قال تعالى: (جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ (13)
فأتى باسمه مبهما، ناسب ذلك الإتيان بذكر بنى إسرائيل مبهما
بقوله تعالى: (قَوْمًا آخَرِينَ) وهذا على رأى من يجعل الضمير
(1/279)
"لجنات " مصر وزروعها وكنوزها، وفيه نظر
كما تقدم (1) .
316 - مسألة:
قوله تعالى: إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ
(70)
وفى الصافات: (مَاذَا تَعْبُدُونَ) ؟ .
جوابه:
أن (مَاذَا) أبلغ في الاستفهام من (مَا) ، فقوله هنا:
(مَا تَعْبُدُونَ) له خارج مخرج الاستفهام عن حقيقة
معبودهم، فلذلك أجابوه بقولهم: (نَعْبُدُ أَصْنَامًا)
وأما آية الصافات فهو استفهام توبيخ وتقريع بعد معرفته
لمعبودهم ولذلك تمم كلامه بما يدل على الإنكار عليهم، فقال:
(أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (86) الآيات،
ولذلك لم يجيبوه في آية الصافات لفهم قصد الإنكار عليهم.
317 - مسألة:
قوله تعالى: (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) كرر
"هو" في: " يَهْدِينِ، ويطعمنى، ويسقين، ويشفين " ولم يكرره
في: مرضت، ويميتنى"؟ .
جوابه:
من وجهين:
(1/280)
أحدهما سلوك الأدب في إضافته المحبوب
والنعمة إلى الله تعالى وسكوته عن المكروه من المرض والموت
وإضافته إلى نفسه.
والثاني: أن الإطعام والسقى والشفاء قد يضاف إلى الإنسان،
فيقال: فلان يطعم فلانا ويسقيه، فأراد أن الله هو الفعال
لذلك، وأكد الحصر بقوله: هو.
318 - مسألة:
قوله تعالى في قصة نوح عليه السلام: (فَاتَّقُوا اللَّهَ
وَأَطِيعُونِ) كرره دون سائر القصص في السورة؟ .
جوابه:
لعله والله أعلم لطول مدة تبليغهم وأمرهم بالإيمان والتقوى،
فقرر ذلك لذلك.
319 - مسألة:
قوله تعالى في قصة صالح عليه السلام: (مَا أَنْتَ إِلَّا
بَشَرٌ مِثْلُنَا) وفى قصة شعيب عليه السلام: (وَمَا أَنْتَ)
(1/281)
بزيادة الواو.
جوابه:
أن قولهم لصالح (مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا) هو بدل
من قولهم: (إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ)
فلم يغلظوا له، ولا اقترحوا عليه آية
وقوم شعيب في خطابهم غلظ عليه وشطط، واقتراح ما اشتهوه من
الآيات، فقولهم: (وما) جملة ثانية معطوفة على ما قبلها، فعابوه
بأنه من المسحرين، وبأنه بشر مثلهم، وأنه من الكاذبين،
واقترحوا الآية عليه، فناسب كلام صالح أوله، وأول كلام قوم
شعيب وآخره.
سورة النمل
320 - مسألة:
قوله تعالى: (تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ) ، والجان صغار
الحيات.
وقال تعالى في الأعراف: (فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (107)
والثعبان أكبر الحيات؟ .
جوابه:
معناه كأنها جان في سرعة حركتها لا في عظمها، ولذلك قال
(1/282)
تعالى: (تَهْتَزُّ) وحيث قال تعالى:
(ثُعْبَانٌ) إشارة إلى
عظمها فكانت في الحركة كالجان، وفى العظم ثعبان.
321 - مسألة:
قوله تعالى: (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ) وفى
الزمر: (فَصَعِقَ)
جوابه:
أن آية النمل في نفخة البعث، ولذلك قال تعالى: (وَكُلٌّ
أَتَوْهُ دَاخِرِينَ) وآية الزمر في نفخة الموت، ولذلك قال
تعالى: (ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى) .
322 - مسألة:
قوله تعالى: (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ
تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ) وقال تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ
الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (105)
فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (106) لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا
وَلَا أَمْتًا (107) ؟ .
جوابه:
أن ذلك باختلاف أحوال:
(1/283)
ففي أول الأمر تسير سير السحاب وترى
كالواقفة لعظمها كسير الشمس والقمر في رأى العين ثم بعد ذلك
تتضاءل فتكون كالعهن المنفوش ثم تنسف فتكون الأرض قاعا صفافا،
والنسف هو تفريق الريح الغبار فيصير كالهباء. والله أعلم.
سورة القصص
323 - مسألة:
قوله تعالى: (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى)
تقدم في سورة يوسف عليه السلام.
324 - مسألة:
قوله تعالى: (وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ
يَسْعَى) وفى يس: (وَجَاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ
يَسْعَى) ؟ .
جوابه:
أن الرجل هنا: قصد نصح موسى عليه السلام وحده لما وجده والرجل
في يس: قصد من أقصا القرية نصح الرسل ونصح
(1/284)
قومه، فكان أشد وأسرع داعية فلذلك قدم
قاصدا (مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ) لأنه ظاهر صريح في قصده ذلك
من أقصا
المدينة.
325 - مسألة:
قوله تعالى: قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا) وبقية السورة (إِنِّي
آنَسْتُ نَارًا) ؟
جوابه:
لما تقدم هنا: (وَسَارَ بِأَهْلِهِ) ناسب (امْكُثُوا) أي: عن
السير.
326 - مسألة:
قوله تعالى: (وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا
قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) ظاهره جواز عذابهم بما قدمت أيديهم قبل
إرسال الرسل، وقد قال تعالى: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ
حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15) ؟ .
جوابه:
أن جواب لولا مقدر محذوف تقديره: لولا أنا إذا عذبناهم
(1/285)
بمعاصيهم قبل الرسل يقولون ذلك لعذبناهم
بها قبل الرسالة لكن يؤخر العذاب إلى ما بعد إرسال الرسل لأن
لا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، وقوله تعالى: (لَوْلَا
أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا) أي: بعد إبراهيم كما أرسلت إلى
بنى إسرائيل وفرعون، فألزمهم الحجة بقوله: أو لم يكفر الذين
أرسل إليهم موسى به، وقالوا ساحران والله أعلم.
327 - مسألة:
قوله تعالى: (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا)
وفى حم عسق: (فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) ؟ .
جوابه:
أن آية القصص، تقدمها ذكر الكفار وهم المغترون بزينة
الدنيا من مساكن وأموال وخدم وناسب ذلك
ذكر الزينة وختمها بقوله تعالى: (أَفَلَا تَعْقِلُونَ) وآية
حم تقدمها آيات نعمه على عباده المؤمنين، وهم لإيمانه
بالآخرة لا يغترون بزينة الدنيا فناسب عدم الزينة، وختم الآية
بقوله تعالى: (وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)
328 - مسألة:
قوله تعالى: (إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ
سَرْمَدًا)
(1/286)
الآيتين. قدم " الليل " على " النهار" وختم
الأول
ب: (تَسْمَعُونَ) ، والثانية ب: (تُبْصِرُونَ) ؟ .
جوابه:
أن الليل هو الأصل السابق على الضياء بالشمس لزواله
لطلوعها. ولأن عموم منافع النهار أعظم من منافع الليل فقدم
المنة بالنعمة العظمى. وقوله تعالى في الأولى:
(تَسْمَعُونَ) لأن عموم المسموعات في النهار لسبب كثرة
الحركات والكلام والمخاطبات والمعاش أكثر من الليل فناسب ذكر
السمع. وقوله تعالى في الثانية: (تُبْصِرُونَ) لأن
ظلام الليل يغشى الأبصار كلها فناسب ختمها بذكر البصر.
329 - مسألة:
قوله تعالى: (وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ
(78) .
وقال
تعالى: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92)
عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93) ؟ .
جوابه:
أن ذلك في مواطن القيامة، ففي موطن يسألون وتقام الحجة
(1/287)
عليهم، وفى موطن "لا ينطقون ولايؤذن لهم
فيعتذرون وقد تقدم مستوفى في الحجر.
سورة العنكبوت
330 - مسألة:
قوله تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ
حُسْنًا) هنا وفى الأحقاف. ولم يذكر في لقمان (حُسْنًا) ؟ .
جوابه:
أن هنا: (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا
يَعْمَلُونَ) ، وبر الوالدين من أحسن الأعمال. فناسب ذكر "
الإحسان " إليهما، وآية الأحقاف نزلت فيمن أبواه مؤمنان فناسب
وصيته بالإحسان إليهما.
وآية لقمان: لما تضمنت ما ينبه على حقهما والإحسان إليهما
بقوله تعالى: (حَمَلَتْهُ) و (وضعته) وشدة ما تقاسيه في حمله
وتربيته، وحمل أبيه أعباء حاجتها وحاجته، وقوله: (أَنِ اشْكُرْ
لِي وَلِوَالِدَيْكَ) أغنى ذلك عن ذكر "حسنا"
(1/288)
المذكور ههنا وفى الأحقاف.
331 - مسألة:
قوله تعالى: (وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ
وَلَا فِي السَّمَاءِ) وفى حم عسق: (وَمَا أَنْتُمْ
بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ)
جوابه:
أن الخطاب هنا لقوم إبراهيم عليه السلام ومن في زمانهم من
الكفار، ومنهم نمروذ الذي كان يعتقد أنه يصعد إلى السماء، فقال
تعالى: (وَلَا فِي السَّمَاءِ) للذين يعتقدون القدرة على
صعودها.
وفى حم عسق: الخطاب للمؤمنين، والمؤمنون لا يعتقدون
القدرة على ذلك، فناسب ترك ذكره.
332 - مسألة:
قوله تعالى: (فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي
ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (24)
وقال تعالى بعد ذلك: (خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً
لِلْمُؤْمِنِينَ (44)
جمع الآيات فى الأولى،
(1/289)
وأفرد في الثانية؟ .
جوابه:
أن المراد هنا قصة إبراهيم عليه السلام وما فيها من تفاصيل
أحواله مع أبيه وقومه.
وفى الثانية: المراد خلق السموات والأرض فقط لا تفاصيل ما فيها
من الآيات وأيضا: يحتمل أن المراد "بقوم يؤمنون "
العموم لتنكيره، فيدخل فيه كل مؤمن من الصحابة وغيرهم،
ومعناه: إنه آية لكل قوم مؤمنين، والذي بعده بالتعريف
للمتصفين بالإيمان حال نزول الآية وهم الصحابة.
333 - مسألة:
قوله تعالى: (وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ) الآية. فقدم
قارون هنا، وأخره في سورة المؤمن؟ .
جوابه:
لما قال وكانوا مستبصرين، وكان قارون أشدهم بصيرة لحفظه
التوراة، وقرابة موسى، ومعرفته ناسب تقديم ذكره.
وفى المؤمن: سياق الرسالة وكانت إلى قارون ومخالفته وعداوته
بعد فرعون وهلاكه.
(1/290)
334 - مسألة:
قوله تعالى: (نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (58)
تقدم في آل عمران جوابه.
335 - مسألة:
قوله تعالى: (يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ
عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ) وفى القصص: (يَبْسُطُ الرِّزْقَ
لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ) وفى موضع آخر:
(يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ) .
جوابه:
أن أحوال الناس في الرزق ثلاثة:
الأول: من يبسط رزقه تارة ويضيق عليه أخرى، وهو يفهم من آية
العنكبوت بقوله تعالى: "له ".
والثاني: يوسع على قوم مطلقا ويضيق على قوم مطلقا، ويفهم من
سورة القصص.
والثالث: الإطلاق من غير تعيين بسط ولا قبض، فأطلق من غير ذكر
عباد وخصت العنكبوت بالحال الأول لتقدم قوله
(1/291)
تعالى: (وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا
تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ) ، ثم
فصل حالهم في بسطه تارة
وقبضه تارة. وأما آية القصص فتقدمها قصة قارون، فناسب
. الحال الثاني أنه يبسط الرزق لمن يشاء مطلقا لا لكرامته
كقارون، ويقبضه عمن يشاء لا لهوانه كالأنبياء الفقراء
منهم. وأما بقية الآيات فمطلق من غير تعيين كأنواع بعض
الحيوانات من الآدميين وغيرهم.
336 - مسألة:
قوله تعالى: (فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا)
وفى الجاثية والبقرة: (بَعْدَ) بحذف (مِنْ) ؟ .
جوابه:
أن الأرض يكون إحياؤها تارة عقيب شروع موتها، وتارة بعد تراخى
موتها مدة.
فآية العنكبوت: تشير إلى الحالة الأولى لأن (مِنْ) لابتداء
الغاية، فناسب ذلك ما تقدم من عموم رزق الله تعالى خلقه. وآية
البقرة والجاثية: في سياق تعداد قدرة الله تعالى، فناسب ذلك
ذكر إحياء الأرض بعد طول زمان موتها لدلالته.
(1/292)
337 - مسألة:
قوله تعالى: (وَلِيَتَمَتَّعُوا) وقوله (وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ
يَكْفُرُونَ) ؟
تقدم في النحل.
سورة الروم
338 - مسألة:
قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا
كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا
أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً) الآية. وفى فاطر: (وكانوا) بزيادة "
واو " وفى أول المؤمن: (كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً
وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ) وفى الأخيرة: (كَانُوا أَكْثَرَ
مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ) ؟ .
وكذا الآية هـ من هرة الجاثية وتمامها مع ماقبلها: توفى خلقكم
وما يبث من دابة
آيات لقوم يوقنون واختلاف الليل والنهار وما أنزل أفه من الماء
من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتمويف. الرياح آيات لقوم
يعقلون.
(1/293)
جوابه:
أن آية الروم لم يتقدمها قصص من تقدم ولا ذكرهم،
فناسب إجمالها، ولذلك قال تعالى: (وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ)
وأية
المؤمن الأولى: تقدمها ذكر نوح ـ عليه السلام ـ والأحزاب،
وهمُّ كل أمة برسولهم فناسب ذلك بسط حالهم وإعادة لفظ (كانوا)
و (هم) توكيدا وإشارة إلى ثانية من تقدم
ذكر هم.
وأما ثانية سورة المؤمن فإنها جاءت على الاختصار
وأما آية فاطر: فوردت بعد قوله تعالى (مَا زَادَهُمْ إِلَّا
نُفُورًا (42) اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ)
ثم قال تعالى: (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا
(43) ، فناسب
ذكر الواو العاطفة بخبر إن لمزيد حولهم في الدنيا من الشدة
في القوة ولم تغن عنهم شيئا ولذلك أعقب ذلك بقوله تعالى:
(وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي
السَّمَاوَاتِ) الآية
فكيف بهؤلاء؟ .
339 - مسألة:
قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ
الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ"
وفى الزمر: (يَعْلَمُوا) ؟ .
(1/294)
جوابه:
أن بسط الرزق وقبضه مما يرى ويشاهد، فجاء هنا عليه. وأية الزمر
جاءت بعد قوله تعالى: (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى
عِلْمٍ)
فناسب (أَوَلَمْ يَعْلَمُوا) مع فصاحة التفنن.
340 - مسألة:
قوله تعالى: (وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ) وفى الجاثية
(لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ) ؟ .
جوابه:
أن السياق هنا لذكر الرياح، ولم يذكر البحر. وفى فاطر: لما
تقدم ذكر البحر رجع الضمير إليه.
341 - مسألة:
قوله تعالى: (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ
(47) وفى آل عمران: (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ)
الآية؟ .
(1/295)
جوابه:
تقدم في سورة الحج، وأن المراد به أن العاقبة لهم وإن تقدم وهن
فلتمحيصهم وأجورهم. |